نوع الخبر: 
خمسون عاماً على الاحتلال
التاريخ: 
03/07/2017

في الخامس من حزيران/يونيو 2017 ، يكون قد مرّ خمسون عاماً على الحرب المباغتة التي شنتها إسرائيل، بدعم سافر من الولايات المتحدة الأميركية، على كلٍ من مصر وسورية والأردن، وتمكنت خلالها من تحقيق هدفها في التوسع الإقليمي، الذي ظل هدفاً ثابتاً للقيادة الصهيونية التي لم ترَ في الحدود التي تحددت بعد حرب العام 1948 حدوداً دائمة، وبقيت تأمل في تعويض ما أفلت من أيديها خلال العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956 . فبعد ستة أيام فقط من المعارك، نجحت القوات الإسرائيلية في احتلال شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية لنهر الأردن، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.

وإذا كانت حرب حزيران قد مثّلت هزيمة قاسية للأنظمة العربية وجيوشها النظامية، فإنها أدت إلى انتشار ظاهرة العمل الفدائي الفلسطيني على نطاق واسع، وحررت العمل الفلسطيني من قيود الوصاية العربية ورسخت منطق الثورة المسلحة، المعتمدة على طاقات الشعب الفلسطيني، الأمر الذي ساعد في إعادة طرح القضية الفلسطينية، على بساط البحث الدولي، بصفتها قضية شعب يتطلع إلى ضمان حقه في العودة وتقرير مصيره بنفسه على أرض وطنه.

لقد شهد الشرق الأدنى، خلال السنوات الخمسين الفائتة، تغيّرات جذرية، غيّرت وجه هذه المنطقة. وعلى الرغم من أن مصر نجحت في استرجاع شبه صحراء سيناء، في مقابل سلام مع إسرائيل دفعت ثمناً سياسياً باهظاً لبلوغه، فإن إسرائيل استمرت في فرض سيطرتها على بقية الأراضي التي احتلتها في حزيران 1967 ، وفي خلق وقائع احتلالية واستيطانية تكرس هذه السيطرة وتحول دون التوصل إلى حل "عادل" للقضية الفلسطينية، ما يزيد من لهيب الحرائق المشتعلة في هذه المنطقة وقد يتسبب في اندلاع حروب جديدة فيها.

يتضمن هذا الملف، الذي تنشره مؤسسة الدراسات الفلسطينية في الذكرى الخمسين لحرب حزيران 1967 ، عدداً من المساهمات التي تستعيد ذكرى هذه الحرب وتحلل تداعياتها، وخصوصاً على الصعيد الفلسطيني.

يرى فيصل دراج، في مساهمته، أن الأنظمة العربية المهزومة في حزيران/ يونيو، هزمت "معطيات الحداثة الاجتماعية، قبل أن تنتج عقولاً قاصرة، ترى في هزيمة الحداثة واجباً مقدساً يحجب إسرائيل والحق الفلسطيني"، معتبراً أن تلك الهزيمة، والسياسات السلطوية المرتبطة بها، انطوت على "انتقام متأخر من طه حسين، الذي رفع راية العقل والعقلانية، ومن الشيخ محمد عبده الذي اعترف بالتطور وحاذر التكفير، ومن قسطنطين زريق الذي وحّد بين الديمقراطية والقومية، وساطع الحصري، الذي نظر إلى قومية عربية حديثة، تبنى على التربية والتعليم والانفتاح على تجارب البشرية المتحضرة". ويسترجع جهاد أبو مصطفى ذكرى الأحداث التي شهدها قطاع غزة عشية وقوع هزيمة حزيران وخلالها، وذلك استناداً إلى شهادات شهود عيان وأدباء. بينما يعالج ماهر الشريف دور هزيمة حزيران في نشوء حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة، ثم نجاحها في الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية بعد تحريرها من قيود الوصاية الرسمية العربية. ويدعو جميل هلال، بعد تحليله تجربة حركة المقاومة الفلسطينية خلال خمسين عاماً، إلى بلورة وعي جديد، يقوم على تأكيد الحاجة إلى إعادة بناء الحركة السياسية الفلسطينية على أسس ديموقراطية تمثيلية جامعة، ويتلمس حقوق جميع الفلسطينيين ومصالحهم، ويخاطب يهود إسرائيل ويقنعهم بأنهم لن يكونوا أحراراً ما دام الاحتلال والتشريد والتطهير العرقي والتمييز يمارس من طرفهم ضد الشعب الفلسطيني، ويفترض بناء وطن تعددي قائم على المساواة والإنصاف للجميع. ويسلط عماد الرجبي في تقريره الضوء على واقع الإقتصاد الفلسطيني القائم قبل سنة 1967 ووقوعه في أسر التبعية لإسرائيل إثر هزيمة حزيران، ويتوقف عند كيفية إستفادة عدّة شرائح فلسطينية من الواقع الإحتلاليّ الجديد. بينما يتطرق عبد الرؤوف أرناؤوط في تقريره إلى سياسات القضم والإبعاد والتهويد التي تنتهجها إسرائيل في القدس الشرقية المحتلة منذ 50 عاماً ، ملاحظاً أنه في حين تتقلص مساحة هذه المدينة أكثر فأكثر لحساب المستعمرات اليهودية ، فإن عدد الفلسطينيين فيها يستمر في الزيادة على نحو يؤشر إلى فشل سياسات التهويد الإسرائيلية. 

news Image: