المواطنون الفلسطينيون في دولة إسرائيل: أزمة الأقلية القومية في دولة إثنية
كلمات مفتاحية: 
الفلسطينيون في إسرائيل
الأقليات
العلاقات العنصرية
التمييز العنصري
حل الدولتين
إسرائيل
نبذة مختصرة: 

تتناول الدراسة أزمة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل باعتبارهم أقلية في دولة إثنية وذلك من خلال اعتماد منهج بديل من "منهج التطور الطبيعي" الذي اعتمدته الأبحاث التي تناولت الفلسطينيين والذي يفترض أن الأقلية العربية في مجال: علاقتها بإسرائيل كدولة، وعلاقاتها بسائر أجزاء الشعب الفلسطيني، وأوضاعها على الصعيد الداخلي تمر بمسار طبيعي سيؤدي إلى حالة من الوعي الذاتي كونها أقلية فلسطينية في دولة يهودية، وإن معالم هويتها الفلسطينية ستتوضح عندما تقام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتستند الدراسة إلى "منهج التطور المأزوم" الذي تقول فرضيته الرئيسية: بما أن دولة إسرائيل دولة يهودية إثنية، تعرف مسؤولياتها التاريخية بخدمة أهداف اليهود ومصالحهم أولاً، حتى لو كان ذلك على حساب مواطنيها الفلسطينيين، فإنها تدفع الأقلية الفلسطينية إلى حالة التأزم المتعدد الجوانب، الأمر الذي قد يتطور إلى أزمة خطرة، وذلك في ظل ظروف ترتبط بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ، وبالإشكالات الاجتماعية الداخلية في المجتمع العربي نفسه. وتركز الدراسة على عرض "منهجية الأزمة" التي تفترض أن تطور الأقلية الفلسطينية ترسمه تناقضات بنيوية تنبع من الأيديولوجيا ومن بنية الدولة، ونتيجة ذلك تسير الأقلية الفلسطينية في اتجاه أزمة. وتخلص الدراسة إلى أن ضائقة العرب في إسرائيل في جوانبها المتعددة ولا سيما على صعيد العلاقات بالدولة، قد تتفاقم وتنمو لتصبح أزمة، وهذا قد يدفع إلى إدراج البنية الإثنية للدولة في رأس جدول الأعمال السياسي للعرب في إسرائيل، وفي هذه النقطة ستكون هناك حاجة إلى التفاوض على طبيعة الدولة كدولة إثنية، وعلى جوهر العلاقات بها. وحول كيفية الخروج من الأزمة ترى الدراسة أن من المفيد ربط الأزمة وسبل الخروج منها بالحلول الاستراتيجية الممكنة للقضية الفلسطينية. وتلحظ أن حل الدولتين يعمق أزمة العرب في إسرائيل، فيما تقدم الدولة ثنائية القومية أو الدولة العلمانية في فلسطين التاريخية حلولاً مقبولة للخروج من المأزق.

النص الكامل: 

 

 

يفترض الباحثون، ضمن إطار التحليل المركزي المعتمد في العلوم الاجتماعية في إسرائيل، أن الأقلية الفلسطينية الموجودة في إسرائيل مرت، حتى يومنا هذا، بعملية تطور حثيثة وطبيعية. تنص الفرضية على أنه عقب حرب 1948 وتجربة الصدمة الأولية، التي نجمت عن تفكك النبى السياسية والاجتماعية الفلسطينية، بدأت الأقلية الفلسطينية السير في مسلك طبيعي من التطور في مجالات الحياة كافة. ولذلك نطلق على المنهجية الأساسية في الأبحاث التي تناولت الفلسطينيين، مواطني دولة إسرائيل، اسم: "منهجية التطور الطبيعي".

إن الادعاء الرئيسي لدى أصحاب "منهجية التطور الطبيعي" هو أن الأقلية العربية، في المجالات الأساسية الثلاثة التالية: علاقتها بإسرائيل كدولة، وعلاقتها بسائر أجزاء الشعب الفلسطيني، وأوضاعها على الصعيد الداخلي، تمر بمسار تطور طبيعي سيؤدي إلى حالة من الوعي الذاتي كونها أقلية فلسطينية في دولة يهودية. وستتوضح معالم هويتها الفلسطينية عندما يقام كيان سياسي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن أهم هذه المعالم أن الفلسطينيين في إسرائيل سيسلمون بدورهم الهامشي في الحركة الوطنية الفلسطينية، وحينها ستتميز علاقاتهم بإسرائيل بعملية "أسرلة" تتمثل خلاصتها في طلبهم حقوقاً إضافية ضمن إطار بنية الدولة القائمة، من دون الحاجة إلى تغيير الصبغة الصهيونية – اليهودية لدولة إسرائيل. إضافة إلى ذلك، إن المنظمات السياسية ستحث على ترسيخ التعددية والسلوك الديمقراطي، الأمر الذي سيشجع بدوره العرب على الاندماج في دولة إسرائيل.

وسنعرض فيما يلي منهجاً بديلاً، سنطلق عليه اسم "منهجية التطور المأزوم"، لفهم تطور الفلسطينيين في إسرائيل. والفرضية الرئيسية في هذا المنهج هي: بما أن دولة إسرائيل دولة يهودية/ إثنية، تعرّف مسؤوليتها التاريخية بخدمة أهداف ومصالح اليهود أولاً، حتى لو كان ذلك على حساب مواطنيها الفلسطينيين، فإنها تدفع بالأقلية الفلسطينية إلى حالة التأزّم المتعدد الجوانب، الأمر الذي قد يتطور إلى أزمة خطرة، وذلك في ظل استمرار أداء الدولة لمهماتها على أساس إثني، وفي ظل ظروف ترتبط بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وبالإشكالات الاجتماعية الداخلية في المجتمع العربي نفسه.

إسرائيل كدولة إثنية

نجد إسرائيل، فيما لو اعتبرنا البنية القومية لمواطنيها فقط، أنها دولة ثنائية القومية. إذ كان فيها في نهاية سنة 1996، نحو 922,000 مواطن غير يهودي (أكثر من 90% منهم عرب)، يشكلون 16,6% من مجموع عدد السكان، وذلك من دون المواطنين العرب في القدس الشرقية وهضبة الجولان. وأكثر من نصفهم يبلغ من العمر 19 عاماً فأقل (مكتب الإحصاء المركزي، 1997). وبحسب مكتب الإحصاء المركزي، سيبلغ عدد المواطنين "غير اليهود"، في سنة 2003، نحو 1,100,000 نسمة. إن التكاثر الطبيعي لدى الأقلية العربية أدى إلى نشوء مدن فلسطينية كبرى. وثمة بين 124 مجلساً محلياً في إسرائيل لبَلدات يبلغ عدد سكانها أكثر من 5000 نسمة، 47 مجلساً محلياً عربياً. ويبلغ عدد سكان 21 بلدة أكثر من 10,000 نسمة. وتحظى ثمانية مجالس منها بلقب مدينة، بينما كان هناك عقب حرب 1948 مدينتان فلسطينيتان فقط (شفا عمرو والناصرة). وتشكل المدن العربية في بعض المواقع في أنحاء البلد منطقة جغرافية متواصلة قد تتطور بمرور الزمن لتشكل منطقة مشتركة يشكل فيها الفلسطينيون أغلبية ساحقة. ونقصد منطقة سخنين، ووادي عارة، ومنطقة مجد الكروم. أضف إلى ذلك أن عدد الفلسطينيين الذين يقطنون بالمدن المختلطة هو في ازدياد مطّرد، ونعني بهذه المدن: عكا، وحيفا، واللد، والرملة، وتل أبيب. وقد بدأ بعض الفلسطينيين مؤخراً الانتقال للسكن في مدن خُططت، من البداية، لسكنى اليهود فقط، مثل: رحوفوت، وكرميئيل، والناصر العليا.

مع ذلك، فإن إسرائيل، وعلى الرغم من بنيتها الديموغرافية، تظل دولة إثنية حينما يختص الأمر بالبنية الفوقية. لقد قامت إسرائيل كدولة للشعب اليهودي فقط. ولذلك عندما نستعمل تعبير "دولة يهودية" لوصفها، فإن هذا التعبير لا يقتصر على الجانب الوصفي فقط، بمعنى أن إسرائيل ذات أغلبية يهودية أو بمعنى أن ثقافتها تحددها هذه الأغلبية. إن هذا التعبير لا يُستخدم للإشارة فقط إلى أن اليهود مفضلون على العرب في عدد من قوانين الدولة وأنظمتها، بل يستخدم أيضاً للقول إن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، بمعزل عن المواطنة أو الجنسية. ولذلك فإن الاندماج في هوية الدولة وتعريفها يتم من خلال الانتماء إلى الشعب اليهودي لا إلى مجمل مواطنيها. إن إسرائيل تجسد خصوصية عرقية نظرياً وأيديولوجياً وتطبيقياً. أضف إلى ذلك أن القانون يرسخ الخصوصية الإثنية بصورة صريحة في قوانين الدولة الأساسية. فالتعديل الذي أُجري في القانون الأساسي للكنيست، والذي أُقر سنة 1985، يعرّف دولة إسرائيل بأنها دولة للشعب اليهودي فقط، ويستثني بذلك مواطنيها العرب.

في المقابل، هناك من يدّعي أن إسرائيل دولة قومية، وأن الدول القومية جميعها تفضل القوم المنسوب إليها. ولذلك فإن التمييز الأفضل الذي يعطى لليهود على غير اليهود، والخصوصية في البنية الفوقية للدولة، يمكن اعتبارهما تفضيلاً مبرراً تمنحه الدولة القومية لأفرادها وتضن به على غيرهم. وكما تمنح الدول القومية أفرادها حقوقاً إضافية، كذلك تفعل إسرائيل مع أبناء الشعب اليهودي. وإذا قبلنا تعريف الدولة القومية الغربية الديمقراطية بأنها دولة لكل مواطنيها، فإن إسرائيل تشذ عن هذا التعريف بشكلين أساسيين: بما أن إسرائيل تعرّف، رسمياً من خلال القوانين الأساسية، الانتماء اليهودي لا المواطنة الإسرائيلية كمعيار للانضواء تحت تعريف الدولة، فإنها لا تشمل في تعريف هويتها المواطنين غير اليهود. وفي الوقت نفسه، تشمل في تعريفها يهوداً ليسوا مواطنين فيها، من دون علاقة بالالتزام الأيديولوجي، أو الصلة العاطفية، أو الوعي القومي، وحتى من دون رغبة هؤلاء اليهود في أن يكونوا جزءاً من الدولة. وكل ذلك استناداً إلى معيار واحد فقط هو التلاؤم مع تعريف الدولة لمصطلح: "من هو اليهودي"، وهو تعريف مستمد من مبادىء دينية يهودية.

تعرِّف إسرائيل نفسها بأنها دولة ديمقراطية. وفعلاً، تشكل الديمقراطية حجر أساس في الوعي السياسي الذاتي لإسرائيل. وما دام الأمر يتعلق بالمواطنين اليهود فإن إسرائيل تحرص على إطار ديمقراطي ليبرالي، حتى لو كان هذا الإطار يعاني بعض النواقص. تؤكد الديمقراطية الإسرائيلية المركّب الشكلي وتقلل أهمية مركّب القيم الليبرالية. وعندما يتعلق الأمر بالمواطنين العرب فإن إسرائيل تستخدم عدداً كبيراً من الإجراءات الديمقراطية، إلاّ إنها تنقض، بصورة صريحة عن طريق سلسلة قوانين وتشريعات مركزية، مبدأ المساواة، وتفضل في تشريعات أُخرى اليهود على العرب، لكن بصورة غير مباشرة.

على وجه العموم، كان هناك، طوال أعوام كثيرة، تجاهل لمسألة التناقض بين الديمقراطية والبنية الفوقية للدولة الإثنية. وعندما اتضح هذا التناقض تجاهل اصحاب منهجية التطور الطبيعي الآثار التي تنعكس نتيجة هذا التناقض على تطور الأقلية العربية الفلسطينية، وعلى علاقاتها بالدولة. ويفترض هذا المنهج أنه بغض النظر عن المشكلات والتناقضات والتخبطات التي تواجهها الأقلية الفلسطينية، إلا إنها في نهاية الأمر ليست سوى المشكلات نفسها التي تواجهها الأقليات الأخرى في دول ديمقراطية ليبرالية في الغرب. ولكن إذا ما أخذنا في الحسبان التناقضات بين الديمقراطية والبنية الإثنية لدولة كنقطة انطلاق للتحليل، يصبح من الواضح أن الأقلية العربية وجدت نفسها في مشكلة صعبة، ومعقدة، ومتعددة الجوانب. وهذه الدراسة ستضع على المحك ثلاثة مجالات منفردة لهذا الإشكال وهي: المجال الإسرائيلي الذي يتناول علاقات الأقلية الفلسطينية بباقي أجزاء الشعب الفلسطيني، وبالمؤسسات السياسية الفلسطينية؛ المجال الداخلي الذي يتناول التطور الاجتماعي والسياسي داخل هذه الأقلية. إن الفرضية الأساسية، استناداً إلى التناقض بين الديمقراطية والبنية الإثنية لدولة إسرائيل، كنقطة انطلاق للبحث، هي أن الأقلية الفلسطينية لا تمر بعملية "تطور طبيعي"، وإنما، على العكس، تمر بعدة إشكالات قد تتطوّر فيما بعد إلى أزمة.

تفترض "منهجية الأزمة" أن تطور الأقلية الفلسطينية في المجالات الثلاثة، الداخلي والإسرائيلي والفلسطيني، ترسمه تناقضات بنيوية تنبع، في الأساس، من الأيديولوجيا ومن بنية الدولة. ونتيجة ذلك تسير الأقلية الفلسطينية في اتجاه أزمة المجالات الثلاثة. وتركز هذه الدراسة على عرض منهجية "الأزمة".

منهجية الأزمة – ضائقة متعددة الجوانب

على النقيض من منهجية التطور الطبيعي، نقول إن الفلسطينيين في إسرائيل يواجهون ضائقة بمعنيين: الأول أن كل إمكانات الخيار المتاحة لهم في علاقاتهم بالدولة وبالشعب الفلسطيني لا يرضى بها معظم العرب؛ الثاني أنه لا توجد خيارات بديلة معقولة واردة في الحسبان، في المستقبل القريب.

إن أية أقلية قومية في دولة إثنية تجابه إشكالات سياسية ووجودية تنبع من البنية الإثنية للدولة. فالدولة الإثنية، من حيث تعريفها، تستثني الجماعات الإثنية والقومية، التي لا تنتمي إلى الجماعة الإثنية المتسلطة، من مجمل الأهداف القومية للدولة، وتخصّ الجماعة المتسلطة بمعاملة مميزة تقرها منظومة قوانين الدولة. إن الوضع القاسي الناجم عن التمييز ضد جماعة إثنية مَنبعُه الرفض الاستراتيجي للدولة في أن تستجيب لمطالب المساواة والانتماء من خلال إطار مؤسسات الدولة. إن كل جماعة إثنية تسعى لأن تكون جزءاً من الدولة، وتطلب – بطبيعة الحال – أن تتمتع بالمساواة وبالانتماء وبالهوية، كون هذه الأمور حاجات إنسانية أساسية غير قابلة للتفاوض، وليس في الإمكان تجاهلها أو كبتها بصورة مستديمة. كما تسعة كل أقلية قومية لأن تتمتع بفرص متساوية على جميع المستويات، ولأن يتاح لها الحصول على الموارد والمشاركة النسبية في شؤون الدولة. وعلى هذا النمط، تطلب الأقلية العربية كذلك الحصول على المساواة داخل إسرائيل. إن المطالبة بالمساواة هي أحد المبادىء القليلة التي تجمع عليها الأحزاب العربية كافة. لكن بسبب الطبيعة الإثنية للدولة، ونتيجة سياستها التي تحول، بواسطة القوانين الأساسية، دون إمكان الحصول على المساواة، تواجه الأقلية العربية إشكالاً وجودياً يتغلغل في مجالات أُخرى. ويشمل هذا الإشكال جوانب متعددة من تطور الأقلية الفلسطينية، وينسحب كذلك على علاقاتها بالدولة وبالشعب الفلسطيني، ويدفعها كما يدفع المجتمع اليهودي – وإن كان بصورة أقل – إلى فحص نقدي للمكانة التي يجب أن تتمتع بها الأقلية الفلسطينية، ولبنية العلاقات من جهتها حيال الدولة.

سنتناول فيما يلي ضائقة الأقلية العربية في ثلاثة مجالات: المجال الإسرائيلي، والمجال الفلسطيني، والمجال الداخلي، وسنميّز في كل من هذه المجالات بين مستويين: المستوى اليومي – العملي، والمستوى العام – الاستراتيجي. كما سنستكشف كيف تنعكس هذه الضائقة على كل واحد من المجالات في الحياة اليومية، وكيف تتحول إلى ضائقة على المستوى الاستراتيجي، من دون أي إمكان لإيجاد حل واضح في إطار المعايير الموجودة داخل بنى القوى في الدولة.

أولاً: الضائقة على المستوى الإسرائيلي

أ) الصعيد اليومي

على الرغم من أن اليهود والعرب يعترفون بمكانة العرب كمواطنين في إسرائيل، فإن الضائقة تنبع، على المستوى اليومي، من عدم التماثل المزدوج: الأول هو أن الطرفين على وعي، وإن كان متفاوتاً، بوجود تمييز منهجي في مستويات متعددة لمصلحة المواطنين اليهود، وهو تمييز تؤيده أغلبية الجمهور اليهودي. أمّا عدم التماثل الثاني فهو الاختلاف الجوهري القائم في علاقة اليهود والعرب برموز الدولة وقيمها. وهكذا تفقد هذه الرموز، في الواقع، وظيفتها الموحِّدة لكل المواطنين. في الحالتين، وعلى الصعيد اليومي، تنبع هذه الضائقة من التمييز المستمر في السياسة، ومن التنفيذ الذي يمارس يومياً على مستويات متعددة من التفاعل بين العرب والجمهور اليهودي، وبين العرب ومؤسسات الحكم في إسرائيل.

يتم استثناء العرب بصورة منهجية من مراكز القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية في الدولة. وفي أحيان نادرة فقط يتولى العرب مناصب رفيعة المستوى في المكاتب الحكومية، أو في المشاريع الصناعية، أو في المشاريع الزراعية التابعة للحكومة. ولم يكن هناك قط وزير عربي، أو مدير عام في ديوان حكومي، أو مدير لواء عربي، أو قاض في محكمة العدل العليا. وفي معظم دوائر وزارات الحكومة لا نجد عربياً واحداً.[1] وكذلك هو الحال أيضاً في القطاع الخاص الذي يشغل فيه عدد قليل من العرب مناصب رفيعة المستوى. ولأن معظم العرب لا يطالَب ولا يسمح له بالخدمة العسكرية، فإنه لا يسمح له، بصورة منهجية، بالعمل في الصناعات العسكرية الكبرى والمتطورة.

كما أن الثقافة والتراث العربيين الفلسطينيين لا يتمتعان بمقدار متكافىء من الرعاية والتقدير من قبل المؤسسات المعنية بذلك. وعلى الرغم من أن اللغة العربية ذات مكانة رسمية إلى جانب اللغة العبرية، فإن هذه المكانة تظل حبراً على ورق ولا نجد تطبيقاً لها فعلاً، وعلى وجه العموم يتم تجاهلها تماماً. تُضعف الدولة والجمهور اليهودي الثقافة والتراث العربيين والهوية الفلسطينية، وفي أحيان كثيرة يقومان بقمعها، وتتمتع الجذور اليهودية في البلاد بالعناية والاهتمام، أمّا التاريخ العربي فنصيبه التجاهل عن عمد. ومن الأمثلة البارزة لذلك، مدى اهتمام المناهج التعليمية لليهود والعرب باللغة العبرية والأدب العبري من جهة، وقلة الاهتمام باللغة العربية والتاريخ العربي من جهة أُخرى.

ويتم التمييز ضد العرب على صعيد الرموز والقيم السائدة في الدولة ومؤسساتها أيضاً. وقياساً باليهود الذين يرون في رموز وقيم مؤسسات الدولة ملكاً لهم، ويعتبرونهما جزءاً من تراثهم ومصدراً للتعريف الذاتي، نجد أن العرب يتنكرون للرموز اليهودية والصهيونية هذه. كما ليس في قدرتهم تعريف أنفسهم على أساس الكثير من رموز الدولة التي هم مواطنون فيها، لأن معظم هذه الرموز متأصل في التراث الديني والأيديولوجي للأغلبية.

وتزداد الضائقة سوءاً في هذا المجال نتيجة الخلاف الواضح بين اليهود والعرب في البلد في كل ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والسياسية المهمة التي تتصل بسياسة إسرائيل في المنطقة، وفي سياستيها الخارجية والداخلية. إن هذا الخلاف يزيد في حدة الشعور السائد لدى الأقلية العربية بأن من الصعب الوصول إلى أرضية مشتركة مع الجمهور اليهودي.

لقد تمت مأسسة التمييز بواسطة تفويض صلاحيات معالجة قضايا العرب وتحديد السياسة تجاههم إلى جهات أوكل إليها أمر الاهتمام بهم، إمّا عن طريق جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، وذلك بصورة خفية، وإمّا عن طريق مكتب مستشار رئيس الحكومة في الشؤون العربية،[2] وذلك بصورة جلية، وإمّا عن طريق لجان موقتة لمهمات محددة ذات وظيفة خاصة.[3] وفي كثير من الأحيان، كانت نظرة أعضاء هذه اللجان إلى الأقلية العربية تتم من خلال المنظور الأمني، وكانوا يستندون في احتمالات التهديد الأمني القائمة إلى اعتبارات إثنية فقط.

إن أصحاب منهجية التطور الطبيعي يشيرون عادةً إلى التحسن الذي طرأ في الأعوام الأخيرة في مجال الموارد المخصصة للعرب، كدليل على أن حكومة حزب العمل التي تولت الحكم في الفترة 1992 – 1996 انتهجت سياسة تسعى لمعالجة التمييز ضد العرب. وقد اعترف الكثيرون من الوزراء، ومن ضمنهم رئيسا هذه الحكومة (يتسحاق رابين وبعده شمعون بيرس)، بأن هناك سياسة تمييز وإهمال حيال المواطنين العرب. إن هذا النهج في تخصيص موارد كثيرة للعرب، في رأي أصحاب منهجية التطور الطبيعي، ليس سوى علامة على أن هناك استجابة لضائقة العرب، وأن الفجوة القائمة بين المجموعتين العرقيتين في الدولة سيتم ردمها بالتدريج.

لكن واقع أن الفلسطينيين في إسرائيل نجحوا في الأعوام الأخيرة في طرح قضايا التمييز ضدهم على جدول الأعمال العام، وبصورة ما على جدول أعمال الحكومة،[4] ربما يكون ضاعف من دلالة هذه الضائقة بسبب عدم جدوى هذا "النجاح". ومن وجهة نظر المجتمع العربي كانت الظروف مواتية لإيجاد تغيير في منتهى الأهمية في سياسة الدولة تجاهه. فمن ناحية شكلت الأحزاب العربية في الكنيست سنة 1992 "الكتلة المانعة" التي مكنت حكومة العمل من البقاء في الحكم عن طريق ائتلاف مكون من أقل من 60 عضو كنيست. ومن ناحية أُخرى، أثارت الاتفاقية بين إسرائيل وم.ت.ف. سنة 1993، والسلام مع الأردن بعد ذلك، لدى الكثيرين من العرب الشعور بأن هناك في عصر المصالحة الإقليمية احتمالاً لإجراء تغيير جوهري في السياسة المتبعة تجاههم. لكن على الرغم من ذلك، فإن التغييرات الفعلية تجاه الأقلية العربية في كل ما يتعلق بتخصيص الموارد، وإتاحة فرص العمل، كانت محدودة للغاية. وتلخص جمعية "سيكوي" التي تسعى لدمج العرب في المجتمع العام في الدولة، ولتعزيز المساواة، هذا الوضع باختصار: "أقل مما يجب وأبطأ مما يجب."

لقد تم منح المزيد من الميزانيات، لكن على الرغم من ذلك، وباستثناء المساواة في مخصصات التأمين الوطني للأولاد من العرب واليهود. فإن هذا النهج لم يرافقه أي تغيير في منظومة القوانين القائمة التي تعطي التمييز المتبع شرعية. كما أن ليس هناك أي بادرة وعد تقطعه الحكومة لمواطنيها العرب بأنها تعتبرهم من اليوم فصاعداً مواطنين متساوين في جميع النواحي. وكذلك ليس هناك بوادر نهج يشير إلى نية إلغاء القوانين والتشريعات المعقدة التي تفضل بصورة خفية وجلية المواطنين اليهود. إضافة إلى ذلك، لم تنتهج أية مؤسسة من المؤسسات الحكومية نهجاً يشير إلى أن الدولة ستصبح في المستقبل دولة مواطنيها العرب بالدرجة نفسها التي هي دولة مواطنيها اليهود.

خلاصة الأمر أن التغير البطيء، وإن كان ملموساً، في توجه سياسة الحكومة السابقة لم يكن كافياً لإقناع العرب بأن مشكلاتهم اليومية ستحظى بحل قريب، بل على العكس منذ لك، إذ ازدادت بين أوساط كثيرة في المجتمع العربي مشاعر الغبن. وإذا لم تتخذ الحكومة خطوات استراتيجية للرفع من مكانة العرب في إسرائيل وبنائها على أسس من المساواة، ستزداد الضائقة على مستوى العلاقة بإسرائيل على الصعيد اليومي سوءاً، فضلاً عن أن الضائقة على الصعيد اليومي تنطوي على ضائقة أشد خطورة على الصعيد الاستراتيجي.

ب) الصعيد الاستراتيجي

ينبع جوهر الضائقة على الصعيد الاستراتيجي، بصورة خاصة، من الطابع اليهودي – الصهيوني للدولة الذي يجعل مسألة مساواة العرب هدفاً غير قابل للتحقيق. إن إمكان انخراط العرب في حياة المجتمع والدولة بصورة فعلية على أساس المساواة غير مقبول من الدولة نفسها. أضف إلى ذلك أن ليس في قدرة العرب أن يتخذوا لأنفسهم هوية إسرائيلية تامة لأن هذه الهوية متشابكة في الهوية اليهودية للدولة. ويزداد الأمر خطورة نتيجة وجود مواقف متعددة من الإجماع في المجتمعين العربي واليهودي على كيفية حل القضية الفلسطينية.

لقد أقيمت إسرائيل سنة 1948 كدولة للشعب اليهودي، سواء في أهدافها، أو رموزها، أو خطوطها السياسية التي تنبع من هذه الأهداف. وفي الوقت نفسه، تجاهلت أن ما تبقى من الشعب الفلسطيني على أرضه يشكل أقلية قومية. إن الهدف الأساسي وتجاهل الصفة القومية للأقلية الفلسطينية معاً تم التعبير عنهما مجدداً من خلال تعديل القانون الأساسي للكنيست في سنة 1985، ومن خلال النقاش الذي دار في الكنيست بشأن التعديل المقترح. لقد اقترح هذا التعديل منع أي حزب من المشاركة في الانتخابات للكنيست "إذا كان يتنكر بصورة خفية أو بصورة جلية لوجود دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي." أمّا عضو الكنيست ماتي بيليد، من الحركة التقدمية للسلام والمساواة، فقد اقترح إجراء التعديل على النحو التالي: "إذا كان الحزب ينكر دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي ودولة مواطنيها." وقد تم رفض اقتراح بيليد بأغلبية ساحقة، وأُقر القانون الذي يقضي بأنه كي يسمح لحزب بالمشاركة في الانتخابات للكنيست فعليه الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي. ومعنى التعديل هو أن الدولة تتنكر في منظور القانون للمواطنين العرب كأفراد وكجماعة. بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على أنه ينبغي للمواطنين العرب الذين يرغبون في خوض الانتخابات للكنيست (في الدولة التي هم مواطنون فيها)، الامتناع من طرح مطلبهم أن على إسرائيل أن تكون دولة كل مواطنيها. ونتيجة لذلك، فإن الفلسطينيين في إسرائيل يعيشون وضعاً مبهماً في كل ما يتعلق بمغزى الانتماء إلى الدولة – كيف يستطيعون أن يكونوا مواطنين مثل المواطنين اليهود؟ وما هو الاحتمال لتحقيق المساواة في دولة تعرّف نفسها بهذه الصورة؟

إن تعديل القانون الأساسي للكنيست ليس سوى مثال من سلسلة قوانين تمنح اليهود تمييزاً واضحاً من العرب عن طريق استخدام مصطلح "يهودي". ونقصد القوانين التي تتناول عدداً من القضايا المركزية مثل: الهجرة؛ نيل حق المواطنة؛ ملكية الأراضي؛ عدد كبير من الموارد التي تمنح للجمهور. إضافة إلى وجود منظومة كاملة من القوانين المعقدة التي تفضل المواطنين اليهود من دون استخدام مصطلح "يهودي" بصورة مباشرة، وإنما من خلال التمييز من قبل المؤسسات.

إن الجزء الأكبر من الجمهور اليهودي والجمهور العربي، سواء في المجتمع أو بين الزعماء، يقرّ بحقيقة أن العرب مواطنون في الدولة، ويعي أيضاً أن هناك تمييزاً قائماً بين المواطنين العرب واليهود. وتستند سياسة التمييز إلى التوجه الرسمي لمؤسسات الحكم، وتتمتع بتأييد الرأي العام اليهودي. يتألف تبرير هذه السياسة وما تتمتع به من تأييد لدى الرأي العام اليهودي من عدة نقاط تتلخص فيما يلي:

  • إن العرب أقلية معادية ويجب وضعها تحت المراقبة.
  • على العرب أن يكونوا شاكرين للتقدم الذي حصلوا عليه منذ سنة 1948.
  • إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وهي دولة يهودية – صهيونية، وعلى العرب أن يقنَعوا بالحقوق المحدودة لكل فرد وألاّ يطالبوا بالاعتراف بهم كأقلية قومية.
  • إن العرب أقلية لا صلة لها بالشعب الفلسطيني.
  • على العرب قبول حقيقة وجودهم خارج أطر السلطة وصنع القرارات في الدولة.

هذه التبريرات يرفضها معظم العرب، ويمارس نضالاً في الكنيست وخارجه لتغيير هذا التوجه ولتغيير السياسة الناجمة عنه.

إضافة إلى ذلك، هنالك فجوة هائلة بين العرب واليهود، سواء في أوساط الجمهور أو القيادة، في إدراك كل منهما لحقيقة جوهر الصراع فيما بينهما، وأسبابه، ومسيرة تطوره، والحلو المرغوب فيها لإنهائه. وهناك خلال بين اليهود والعرب فيما يتعلق بمسألة الحق التاريخي في الأرض. وتوجد لدى العرب واليهود صيغتان مختلفتان لإيضاح أسباب الصراع. ولا يتسع المجال هنا للخوض في أمور هذا الخلاف، ونكتفي بالنسبة إلى الحلول بالقول إن الحل المقبول من العرب هو إرجاع الأراضي العربية التي احتلت سنة 1967 إلى الدول العربية، وإقامة دولة فلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.

إذاً، فإن الوضع الخطر للمواطنين العرب متأصل على الصعيد الاستراتيجي في البنية القانونية الموجودة، ويتمثل جوهره في عدم وجود إمكان للتوصل إلى منح العرب المساواة كأفراد أو كجماعة، في ضوء موقفهم السياسي وآرائهم التي تتناقض كلياً مع آراء الجمهور اليهودي في كل ما يتعلق بالقضايا السياسية المهمة. ويتضح للمواطنين العرب في معظمهم أن من المتعذر عليهم الحصول على المساواة، سواء لهم أو للأجيال القادمة إذا ظلت الدولة على بنيتها الحالية، وأنهم لن يكونوا مواطنين متساوين في وطن واحد مشترك. إن الدولة التي يعيشون فيها ليست معرّفة كدولة لكل مواطنيها، والأبعاد السياسية والنفسية لهذه الضائقة شديدة الأثر كما سنثبت فيما بعد.

من الصعب أن نرى في المستقبل القريب أي تغيير، سواء أكان كبيراً أم صغيراً، قد يؤدي إلى بعض الأمل بأن يقدروا على تخليص أنفسهم من هذا الإشكال. إن حكومة العمل التي كانت أكثر الحكومات المتعاقبة على إسرائيل استجابة لمطالب العرب، والتي حكمت في الفترة 1992 – 1996، لم تُبق أي مجال للشك في أنه يجب ألاّ يتطلع العرب إلى تغيير ملموس فيما يتعلق بالطابع اليهودي وباقتصار الدولة على اليهود. بل على العكس من ذلك، فقد تعمق الطابع اليهودي – الصهيوني للدولة نتيجة تنازل إسرائيل عن بعض المناطق وما ستتنازل عنه في المستقبل من أجل إقامة العلاقات السلمية المرجوة مع الدول العربية ومع الشعب الفلسطيني. وقد عرض اليسار الإسرائيلي مسألة تعزيز الهوية اليهودية والطابع اليهودي للدولة بصفتها المكسب الكامن والدافع إلى التسوية التاريخية مع الفلسطينيين.

ثانياً: الضائقة على المستوى الفلسطيني

إن مشكلة العرب في إسرائيل التي بدأت بعد قيام دولة إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية بمفهومها الواسع. لقد كانت منظومة العلاقات بين الفلسطينيين في إسرائيل وبين الشعب الفلسطيني ومؤسساته دائماً ذات حساسية بالنسبة إليهم كأفراد وكمجموعة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ العداء بين الحركة الصهيونية والحركة الوطنية الفلسطينية وجدنا أن الهوية الفلسطينية للعرب في إسرائيل كانت دوماً مصدر تهديد بالنسبة إلى السلطات وإلى الجمهور اليهودي الواسع في إسرائيل. وبما أن م.ت.ف. اعتُبرت تنظيماً إرهابياً فإن كل صلة بينها وبين مواطني إسرائيل كانت تعتبر مخالفة للقانون. وعلى الرغم من أن بعض الفلسطينيين في إسرائيل أقام علاقات بـ م.ت.ف. قبل توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، فإن العملية السلمية أتاحت إقامة علاقات وثيقة أكثر مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع السلطة الفلسطينية.

تتمثل الضائقة، على صعيد العلاقات بين م.ت.ف. والفلسطينيين في إسرائيل، في الفجوة بين الوعي الذاتي لكونهم فلسطينيين وبين الانتماء إلى الشعب الفلسطيني بقيادة م.ت.ف. وعلى الرغم من أن م.ت.ف. تُعتبر لدى الشعب الفلسطيني، بمن في ذلك العرب في إسرائيل، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإنه لم يزعم أحد، لا منظمة التحرير ولا العرب في إسرائيل، أن المنظمة تمثل العرب في إسرائيل أيضاً. لذلك لم تكتمل قط صيغة الاستنتاج القياسي: (أ) م.ت.ف. هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. (ب) العرب في إسرائيل هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. (ج) وبالتالي، فإن م.ت.ف. تمثل العرب في إسرائيل. وبعد أن بدأت إسرائيل المفاوضات العلنية مع م.ت.ف. برزت من جديد مسألة العلاقات بين العرب في إسرائيل والحركة الوطنية الفلسطينية كأمر مركب أكثر مما كان متوقعاً.

أ) على الصعيد اليومي

تنبع الضائقة في الحياة اليومية من عدة عوامل. على الرغم من أن مكانة العرب في إسرائيل هي جزء من القضية الفلسطينية، فإن العملية السلمية بين إسرائيل وم.ت.ف. تجاهلت تماماً هذا الجانب. إن هذا التجاهل يكمل النهج الذي اعتمدته م.ت.ف. تجاه الفلسطينيين في إسرائيل طوال السنين، والذي يعبّر عن مدى التفاعل المتدني بين الطرفين. إذ إن العرب في إسرائيل لم يكونوا شركاء في إقامة المؤسسات الوطنية والسياسية للفلسطينيين التي أنشئت في المهجر خلال الستينات. كما أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تر في همومهم الوطنية موضوعاً رئيسياً على جدول الأعمال الوطني. وتعاملت إسرائيل دائماً مع كل ضائقة محتملة للأقلية العربية في إسرائيل على أنها مسألة إسرائيلية داخلية، وحذت حذوها م.ت.ف. التي لم تطرح قضايا تتعلق بالعرب في إسرائيل على طاولة المفاوضات مع إسرائيل. كما أن المواطنين العرب في إسرائيل لم يمارسوا ضغطاً من أجل اتخاذ خطوات كهذه، ربما لأنهم أدركوا أن أي خطوة في مثل هذه الحساسية قد تؤدي إلى تعطيل العملية السلمية برمتها ومس علاقاتهم بالدولة. إن هذا الاتفاق الضمني بين كل الأطراف: م.ت.ف. وإسرائيل والفلسطينيين في إسرائيل، حوّل هذه المجموعة ومشكلاتها إلى جزء خاف عن العيان على الصعيد الفلسطيني. وأصبح من الواضح تماماً للعرب في إسرائيل أن مشكلاتهم مع الدولة هي مشكلات خاصة بالعرب كأقلية وتتعلق بهم فقط.

من ناحية أُخرى، لوحظ مع مرور السنين تدخلاً متزايداً للقيادة الفلسطينية في شؤون الفلسطينيين من مواطني إسرائيل. بدأ هذا الأمر عندما كانت م.ت.ف. بحاجة إلى اعتراف متبادل من جانب إسرائيل، وخصوصاً بعد مؤتمر مدريد الذي عقد سنة 1991، حينما طلبت م.ت.ف. أن تكون شريكة شرعية في المفاوضات مع إسرائيل. وبصورة عكسية حاولت قيادة م.ت.ف. أن تستغل إسرائيلية "عرب 48" لمصلحة أهداف المنظمة. ولذلك شجعت المنظمة الزعماء العرب المقربين من حزب العمل على دعم الحزب في الانتخابات أو الائتلاف الحكومي. لقد عارض هذا التوجه أكثر من قوة وطنية واحد بين الفلسطينيين في إسرائيل رأت في فلسطينيتها بالذات مصدراً أيديولوجياً لحركتها السياسية. مثال واضح لهذا التوجه لدى م.ت.ف. كان الضغط الذي مارسته المنظمة على زعماء الحركة التقدمية للسلام كي يتعاونوا مع الحزب الديمقراطي العربي في انتخابات سنة 1992، وذلك من أجل دعم الائتلاف المرجو مع حزب العمل. لقد فهم الكثيرون خطوة المنظمة هذه كرغبة من جانب م.ت.ف. في التضحية بمصالح بعض العناصر الوطنية بين العرب في إسرائيل لمصلحة الأهداف السياسية الخاصة بالمنظمة. وهذا ما تتبعه القيادة الفلسطينية اليوم أيضاً بعد إقامة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ بدأت القيادة الفلسطينية تشجيع صلات وطيدة أكثر ببعض العناصر المحافظة والتقليدية من الفلسطينيين في إسرائيل، ربما بسبب الاعتبارات الانتخابية والائتلافية نفسها، وبالتأكيد ليس اكتراثاً للمصالح الحقيقية للفلسطينيين في إسرائيل.

 اتضح تعبير آخر عن الوضع المتأزم للعرب في إسرائيل على هذا الصعيد عندما أصبح بعض الخطوات اللاديمقراطية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية مصدراً للقلق لدى الكثيرين ممن كانوا يأملون بأن تقوم السياسة الفلسطينية على قيم وممارسات ديمقراطية، بعكس الأنظمة القائمة في معظم أرجاء العالم العربي. وللأمر أهمية خاصة لأن الكثيرين من الفلسطينيين يستخدمون الديمقراطية استخداماً مكثفاً باعتبارها أهم وسيلة متاحة لديهم على الصعيد المبدئي والسياسي والخلقي حينما يطالبون بتغيير الأسلوب الإسرائيلي إلى أسلوب ديمقراطي أكثر شمولاً وأكثر مساواة. وهم يعلمون أن كثيرين من الإسرائيليين سيجدون صعوبة في الاقتناع بعدالة مطالبتهم بالديمقراطية الكاملة، بينما تنقض الدولة الفلسطينية المجاورة القيم الديمقراطية الأساسية. إن هذه الأسس للوضع القائم تعكس ضائقة أكثر عمقاً على الصعيد الاستراتيجي فيما يتعلق بالعلاقات بين العرب في إسرائيل والحركة الوطنية الفلسطينية بصورة عامة.

ب) على الصعيد الاستراتيجي

مع مرور الوقت، اتضح للعرب في إسرائيل أنه لا يوجد أمامهم أي إمكان عملي لأن يكونوا جزءاً من الحركة الوطنية الفلسطينية في الظروف الراهنة، على أساس المساواة مع الفئات الفلسطينية الأُخرى. لقد تطور مركز الحركة الوطنية الفلسطينية في الشتات، ثم في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، حيث أُنشىء وتطور مختلف المؤسسات التابعة للحركة الوطنية الفلسطينية. أمّا الفلسطينيون في إسرائيل فقد كانوا على هامش هذه التطورات. إن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ستشكّل، عملياً، قيادة الكيان السياسي في الضفة والقطاع، الذي من المحتمل أن يكون ملجأ للفلسطينيين في الشتات الراغبين في العودة إلى الوطن. هناك، في حدود السلطة الفلسطينية، سينشأ المركز السياسي للفلسطينيين، كما ستواصل الحركة الوطنية تطورها وإنشاء مؤسساتها في هذا الإطار. وحيال ذلك ستشتد أزمة الفلسطينيين في إسرائيل، إذ لن يتمكنوا من أن يصبحوا جزءاً من هذا المركز، أو شركاء في إقامة المؤسسات الوطنية. وقد يصح الافتراض أن الحركة الوطنية الفلسطينية ومركز الكيان الفلسطيني لن يشاءا، هما أيضاً، استيعاب الفلسطينيين في إسرائيل شركاء متساوين في الحركة الوطنية الفلسطينية، حتى لو لم يكن ذلك إلا خشية تعقيد العلاقات بين هذا الكيان ودولة إسرائيل، علماً بأن كلاً من الأغلبية اليهودية ومؤسسات الدولة ستعارض هذه الخطوة. وسيواصل الفلسطينيون في إسرائيل، إذاً، العيش في فلسطين التاريخية، وسيبقون على هامش التطورات الفلسطينية المركزية، ولن يكون لهم من مناص في هذه الظروف إلا إعادة صوغ هويتهم كفلسطينيين كي يتمكّنوا من التغلّب على هذه الضائقة.

ثالثاً: الضائقة على الصعيد الداخلي للعرب في إسرائيل

على الصعيد الداخل تتغلغل الضائقة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للأقلية العربية، وأيضاً في هويتها الجماعية. ويتداخل في هذا البعد المستويان اليومي والاستراتيجي – العام للضائقة. ويجد كل من علامات الضائقة التي سنتناولها فيما بعد تعبيراً له في كلا المستويين. ومع ذلك، ومن باب المحافظة على الاستمرارية، حاولنا التمييز، وإن كان ذلك مفتعلاً، في وصفنا لكل ظاهرة في المستوى الذي تبرز فيه عن الآخر.

ففي الحياة اليومية تجد الضائقة تعبيراً لها في التباين بين التزايد السكاني وتوسّع أماكن وجوده، وبين التمثيل الضئيل للعرب في تركيبة القوى في الدولة، وأيضاً في وجود قيادات سياسية ولّى عهدها، وفي ضعف التطور الاقتصادي للوسط العربي. أمّا على الصعيد الاستراتيجي فتجد الضائقة تعبيراً لها في مشكلة الهوية، وفي تغير ثقافي واجتماعي عشوائي، وفي تضاربات جوهرية ترافق عملية الدمقرطة، وفي انعدام رؤية متفق عليها لمستقبل جماعي.

أ) على الصعيد اليومي

إن التغيرات الاجتماعية والديموغرافية الجمّة التي مرّ بها العرب في إسرائيل وتوسّع دائرة معيشتهم لا ترافقها زيادة ملحوظة في مدى تأثيرهم في مكانتهم في الدولة. إن تعداد الفلسطينيين في إسرائيل سيتعدى المليون نسمة في نهاية القرن الحالي، وهو عدد ذو أهمية سيكولوجية عميقة، على الرغم من أن مكانتهم ما زالت هامشية، وتأثيرهم في مجرى الحياة السياسية في إسرائيل ما زال معدوماً. وعلى الرغم من ثقلهم الديموغرافي، فإنهم لا يزالون خارج المجتمع الإسرائيلي كما يراه الجمهور اليهودي والدولة.

إن غياب قيادة وطنية منتخبة للجمهور الفلسطيني هو علامة مميّزة أُخرى على ضائقتهم. ففي الخمسينات والستينات، حظر الحكم العسكري على الجمهور العربية انتخاب ممثليه بحرية. وحتى نهاية الثمانينات، استُخدمت قوانين الطوارئ لإفشال قيام أي قيادة قومية متعارف عليها. وكما سبق أن ذكرنا، فإنه منذ تعديل القانون الأساسي للكنيست في سنة 1985، يخاطر أي حزب ينادي بالمساواة التامة للعرب في الأمور الجوهرية بإخراجه على القانون فيما إذا قرّر خوض الانتخابات للكنيست. وأحد أبعاد هذا الوضع هو التصويت العربي المشتت في الانتخابات، الذي كان من نتائجه أن أي حزب عربي لم يحظ بأكثر من 23% من أصوات العرب. وعلى الصعيد الوطني، فإن الهيئة الممثّلة الوحيدة للجمهور العربي هي لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب. لقد قادت اللجنة الجهود السياسية للعرب ابتداءً من السبعينات، وبلغ نشاكها ذروته سنة 1987 عند إعلان إضراب عام في حزيران/يونيو إعلاناً لـ"يوم المساواة"، وفي كانون الثاني/يناير إعلاناً لـ"يوم السلام". وقد رمى الإضراب الأول إلى التعبير عن الإجماع الوطني العربي فيما يتعلق بمساواة مكانة العرب في إسرائيل. أمّا الإضراب الثاني فكان هدفه الإعراب عن الدعم العربي لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومنذ ذلك الوقت، تداعت مكانة لجنة المتابعة بالتدريج، وفقدت الكثير من مساندة الجمهور العربي وأعضائها لها، وذلك في الأساس بسبب انعدام نجاعتها الداخلية وصراع القوى بين مختلف الفئات الأيديولوجية الممثّلة فيها. ولم تقُم لجنة المتابعة بأي دور ذي أهمية في التسعينات، وقد نحّتها مؤسسات الدولة جانباً. وكانت إحدى الصعوبات الجوهرية في عمل اللجنة أن الجمهور العربي لم ينتخبها ديمقراطياً كي تمثله على المستوى الوطني. ويعتمد عمودها الفقري على رؤساء السلطات المحلية العربة، الذين يتم انتخابهم بانتخابات محلية. إضافة إلى ذلك، فإن الانتخابات للسلطات المحلية وإن كانت تجري بطريقة ديمقراطية، إلا إنها تعتمد، في أغلب الأحيان، على الروابط العائلية والدينية.

وأخيراً، لم يحدث تطور اقتصادي كبير في الوسط العربي، إذ فقد هذا الوسط الأسس الزراعية نتيجة سلسلة من مصادرات الأراضي التي نقلت إلى الوسط اليهودي. هذا إضافة إلى أن الدولة لم تشجّع أو تبادر إلى تطوير بنية صناعية في الوسط العربي. نتيجة لذلك يسافر الكثيرون من العمال العرب يومياً للعمل في المدن اليهودية. وتدل البحوث التي أجريت في الأعوام الأخيرة فيما يتعلق بالتطور الاقتصادي على وجود تقدم ما في هذا الشأن، إلا إن الهوة العميقة بين الوسطين آخذة في التوسّع. إن أسباب المشكلة الاقتصادية والتي يغذّي الواحد منها الآخر هي غياب بنية زراعية أو صناعية داخلية والاعتماد المطلق على الوسط اليهودي الناجم عن هذا الغياب.

لقد ارتفع المستوى المعيشي للعرب بصورة مستمرة على مرّ السنين، لكن الهوة بينهم وبين الوسط اليهودي ما زالت عميقة ولم تقلّص. فمعدّل دخل العائلة العربية في سنة 1980 كان بنسبة 77٪ من معدّل دخل العائلة اليهودية. وفي سنة 1985، انخفضت هذه النسبة إلى 70٪ واستقرّت في سنة 1993 على 72٪. كما أن نسبة العائلات العربية التي عاشت تحت خط الفقر في سنة 1993 بلغت 2’26 ضعف العائلات اليهودية. وحقيقة كون العائلات العربية أكبر من العائلات اليهودية بمعدّل يفوق ضعفين، تزيد في أثر هذا الفارق الإحصائي.

ب) على الصعيد الاستراتيجي

لقد تم تحليل أزمة الهوية الجماعية للمواطنين العرب في دراسات سابقة. وإذا عرّفنا الهوية بأنها تتضمن انتماء عاطفياً وجوانب اجتماعية وسياسية، فإن لا الهوية الإسرائيلية ولا الهوية الفلسطينية للمواطنين العرب ستكون متكاملة وتامة في ظل الظروف الراهنة. وهي هي خلاصة أزمة الهوية الجماعية للمواطنين العرب.

يتفق معظم الباحثين على أن المركّب الفلسطيني في هوية العرب في إسرائيل راسخ وبارز وغالب. لكن ليس في قدرة هذا المركّب أن يكون تاماً ما دامت الحركة الوطنية الفلسطينية تنشىء وطناً فلسطينياً في مكال آخر. إن قوة المركّب الإسرائيلي في هوية العرب موضوع جدال في أدبيات البحث. إن الفلسطينيين في إسرائيل، بحسب التعريف الرسمي، مواطنون في الدولة، لكن هويتهم الإسرائيلية مبتورة إذا اعتبرنا أن خلاصة الهوية الجماعية هي الشعور بالانتماء والتأييد العاطفي. إن الإشكال في هذا الوضع لا يكمن في التضاد بين الهويتين الكاملتين، الإسرائيلية والفلسطينية، وإنما في النقص الجاري بصورة مختلفة في الهويتين.

 تتصل أزمة الهوية بالضائقة التي تزداد يوماً بعد آخر في القيم التربوية والاجتماعية، على الأقل بين أوساط النخبة من المواطنين العرب. لقد وجد الفلسطينيون أنفسهم عقب حرب 1948 منعزلين رغم أنفهم عن الثقافة الفلسطينية وعن العالم العربي. وأدت الحرب كذلك إلى هدم تام لمراكزهم المدنية، وللطبقة الوسطى والنخبة التي كان في قدرتها مواصلة تنمية الثقافة العربية الفلسطينية. ظل السكان العرب تحت هذه الظروف بلا بنية تحتية قادرة على تنمية واستحداث ثقافة عربية، وبلا قنوات تصلهم بالثقافة العربية الأم. لقد فُتحت الكوة الأولى على العالم العربي بعد الهزيمة العربية أمام إسرائيل سنة 1967، لكن على الرغم من ذلك فإن الثقافة الفلسطينية التي كانت تسودها شعارات مقاومة ومحاربة إسرائيل ظلت محظورة. وعندما فتحت، بمرور الزمن، قنوات على العالم العربي، في إثر اتفاقية السلام المبرمة مع مصر، ومع الأردن فيما بعد، كان العالم العربي يعاني أزمة ثقافية مصيرية. لقد قدمت إسرائيل في مقابل ذلك مؤسسات ونشاطات ثقافية، لكن بما أن هذه المؤسسات تسودها شعارات يهودية – صهيونية، ظل للعرب إمكان تبني القشور الخارجية للثقافة الإسرائيلية الغربية من دون صلة بجذورهم الأصلية الخاصة بهم.

إلا إن الديمقراطية الإسرائيلية، على الرغم من نواقصها، تركت أثرها في آراء أوساط واسعة في الجماعة الفلسطينية، في كل ما يتعلق بالديمقراطية وبتجربتها وقيمها الخاصة. لكن التحولات الديمقراطية الأساسية طرأت على صعيد الإجراءات الخارجية؛ أي في الخضوع للقواعد والإجراءات الديمقراطية من دون تحول متزامن في منظومة القيم المساندة للقواعد المعلنة. لقد حظيت الإجراءات الديمقراطية التي فرضتها الدولة بتقدير أوساط واسعة في المجتمع، وساندتها تحولات في المجتمع الفلسطيني، مثل مستوى أرفع من التعليم، وتصدع البنية الأبوية للعائلة، وزيادة نسبة النساء العاملات.

ومع ذلك، هناك علامات قوية على أن القيم الديمقراطية لم تُستوعب بدرجة كافية في المجتمع الواسع. فلقد قاومت منظومة القيم، التي من شأنها أن تمنح الممارسة الديمقراطية دعماً اجتماعياً، أية تغيرات جذرية. ولذلك، تبرز أحياناً ظواهر تنقض القواعد الديمقراطية التي مصدرها قيم طائفية وغير ديمقراطية. ولعل أفضل مثال لهذه التناقضات هو الانتخابات التمهيدية التي يقوم بها الكثير من الحمائل لانتخاب مرشح عائلي للسلطة المحلية، التي ما زالت تسيطر عليها ولاءات عائلية وطائفية. وخلاصة التناقض أن مؤسسات الدولة عاجزة عن تشجيع قيم ديمقراطية حقيقية لأن هذه القيم تتناقش مع بنية الدولة ذاتها التي لا تتيح مساواة تامة بين العرب واليهود. وفي الوقت نفسه، تستطيع الأقلية العربية أن تقاوم البنية الإثنية للدولة فقط من خلال استيعاب عميق للقيم الديمقراطية.

وتتجلى الضائقة كذلك في غياب رؤية واضحة لمستقبل العرب في إسرائيل كجماعة. فالعملية السلمية، التي بدأت في أوسلو سنة 1993 بين إسرائيل والفلسطينيين، ما زالت تتجاهل العرب في إسرائيل، بالإضافة إلى أن الفلسطينيين أنفسهم لم يقوموا بأي تفحص جذري لمستقبلهم مع الأخذ في الحسبان المعطيات الحديثة للعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين. وباستثناء أفراد قليلين، لم يقترح زعماء الأحزاب المتعددة ولا النخبة العربية المثقفة رؤية مستقبلية للعلاقات بين الأقلية العربية والدولة التي أنشئت لتكون دولة الشعب اليهودي، أو لعلاقة هذه الأقلية بالدولة الفلسطينية التي ما زالت في طور التكوين.

عوامل أُخرى تساهم في الضائقة

في الإمكان تفسير الأبعاد المتعددة لضائقة العرب في إسرائيل في ضوء مكانتهم كأقلية في دولة إثنية. ونحن نذهب إلى أن البنية الإثنية والدستورية والسياسية والثقافية لإسرائيل هي التي تدفع الأقلية العربية إلى ضائقة في كل المجالات التي وضعناها حتى الآن.

بالإضافة إلى البنية الإثنية للدولة هناك عاملان إضافيان يساهمان، ولربما يوضحان، ماهية الضائقة لدى العرب وهما: البنية الداخلية للأقلية، والصراع العربي – الإسرائيلي، اللذان سنعالجهما باقتضاب.

أ) عوامل داخلية

على الرغم من التحولات التي طرأت على المجتمع العربي في إسرائيل، فقد ظل هناك بنى مهمة قاومت كل تغيير اجتماعي أو سياسي. فلا تزال البنية الاجتماعية المتفسخة، بما في ذلك العائلة والطائفة، قادرة بصورة كبيرة على تفسير السلوك الاجتماعي والسياسي للعرب. وهنالك ما يشير إلى أن الدولة شجّعت، بتدخّلها النشيط وسياستها، على تفسخ المجتمع إلى عائلات وطوائف ومناطق؛ أي أن سياسة الدولة الإثنية عملت، جنباً إلى جنب مع البنية الاجتماعية القائمة، على عرقلة التطور الاجتماعي والسياسي المجرد من الولاءات التقليدية.

ليس في قدرة القيم الاجتماعية والسياسية النابعة من البنية الاجتماعية المتفسخة إيجاد بيئة تحفز على نمو مجتمع ديمقراطي معاصر. فالولاء للحمولة والاعتبارات الطائفية والتمييز بين الجنسين، كلها تتجلى بصورة سافرة في السياسة المحلية في معظم القرى والمدن العربية.

لقد ساهمت البنية الاجتماعية المبتورة للمجتمع العربي في إسرائيل بعد سنة 1948، كبقايا من المجتمع الفلسطيني، باعتبارها عائدة لبقايا أكثر أجزاء هذا المجتمع فقراً وشظفاً، في نصيبها في التطور الاجتماعي المشوه. إن الوقت الطويل الذي احتاج إليه المجتمع لإنشاء طبقة وسطى صغيرة منه، تقوم على أصحاب المهن الحرة، وكذلك التفاعل المحدد مع العالم العربي، وسياسة الدولة التي لم تشجع أي تعبير حضاري أصيل للفلسطينيين؛ كل ذلك عرقل نمو قيم محلية أصيلة. وقد سُدَّ هذا الفراغ بتبني الكثير من ظواهر المجتمع الغربي السطحية.

إن الصعوبة في صوغ الشكل المطلوب للعلاقات بالدولة، والفجوات السياسية والاجتماعية، والفشل في استيعاب القيم الديمقراطية بصورة تامة، والأزمة الثقافية نفسها، ازدادت جميعها خطورة نتيجة البنية الداخلية للمجتمع. ولكن ما أدى إلى هذا الواقع الإشكالي هو التفاعل بين هذه العوامل والسياسة الإثنية.

ب) عوامل تتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلية

كمان التطور الاجتماعي والثقافي والسياسي للمجتمع الفلسطيني قبل سنة 1948 يتم من خلال التفاعل المشترك مع المجتمعات العربية الأُخرى. فلقد تأثر المجتمع الفلسطيني كثيراً بالبيئة العربية الواسعة، ولعله تأثر أكثر من أي مجتمع عربي آخر، وذلك بسبب الموقع المركزي لفلسطين في العالم العربي. وقد غذّت الثقافة العربية الثقافة الفلسطينية، وكانت الأولى مصدراً للقيم الاجتماعية والثقافية والسياسية. أمّا بالنسبة إلى المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، فقد انقطع التواصل بين فلسطين والعالم العربي بصورة فجائية سنة 1948.

جرى التطور الاجتماعي والثقافي للعرب بمعزل عن العالم العربي، وبتأثير كبير من المجتمع اليهودي – الإسرائيلي. وعرقلت المكانة الاجتماعية – الاقتصادية المتدنية للعرب أي تطور حقيقي في الحياة الثقافية. وقد أدت العزلة عن العالم العربي إلى القضاء على إمكان المتابعة والتأثر بالتغيرات الاجتماعية والثقافية الحقيقية التي حدثت في المجتمعات العربية.

لقد حوّل الصراع بين إسرائيل والعالم العربي بشأن مستقبل فلسطين مسألة مكانة العرب في إسرائيل إلى مسألة هامشية لدى كل الأطراف. واستحوذت على اهتمام إسرائيل ضرورة بناء المجتمع اليهودي وحماية الدولة اليهودية، وشغلت الأقلية العربية في إسرائيل حيزاً ضئيلاً من الفكر السياسي الذي يتناول الصراع. وقد أعطى الفلسطينيون في إسرائيل أنفسهم حل القضية الفلسطينية المستقبلي الأولوية، وذلك على حساب مسألة مكانتهم داخل إسرائيل. وظل نضالهم السياسي داخل إسرائيل مسألة هامشية قياساً بمطالبتهم بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى ما يبدو ليس في قدرتهم صوغ علاقاتهم بدولة إسرائيل قبل صوغ اتفاق ملزم مع الفلسطينيين.

أثار الصراع العربي – الإسرائيلي المخاوف الأمنية لدى إسرائيل من المواطنين العرب، لكن إسرائيل استخدمت هذه المخاوف الأمنية الحقيقية لتغطية سياسة السيطرة والتمييز ونقل موارد العرب إلى سيطرة يهودية. وقد حالت ضخامة المخاوف الأمنية لدى الجمهور اليهودي دون إقناع العرب للمواطنين اليهود بأن مصدر الكثير من الخطوط السياسية للدولة هو السياسة الإثنية، لا الدواعي الأمنية. وساهمت هذه الصعوبات في تعميق الإحساس بالضائقة لدى العرب. وسواء كانت هذه المخازف حقيقية أو أنها استخدمت كتبريرات، إلا إن المخاوف الأمنية لدى الدولة والجمهور اليهودي عرقلت تطور العرب في مجالات حياتية كثيرة.

من ضائقة إلى أزمة

إن ضائقة الفلسطينيين في إسرائيل بكل جوانبها قد تتطور، عملياً، في عدة اتجاهات: في اتجاه ضائقة مزمنة، أو في اتجاه انفراج متدرج، أو في اتجاه أزمة. وكما ذكرنا أعلاه، يذهب بعض الباحثين إلى أن صعوبات العرب في إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من مكانتهم كأقلية في دولة إثنية، وأن مكانتهم غير المتساوية هي أمر حتمي ومزمن في إطار ما يسميه أولئك الباحثون "الديمقراطية الإثنية"، أي أن عدم المساواة مع تحسين ظروفهم قدر الإمكان في إطار الدولة اليهودية هما إحدى السمات المميزة لمكانتهم في الديمقراطية الممكنة التي تقدّمها إسرائيل. بينما يذهب باحثون آخرون إلى أن التحسن المتدرج في الظروف الحياتية للعرب سيؤدي إلى انفراج، بالتدريج، في ضائقتهم من خلال تكوين ديمقراطية مشاركة بصورة بطيئة. ووفقاً لهذا الزعم، فإن الدولة سترضخ بالتدريج، لمطالب العرب بالمساواة وتستجيب لمطالبهم الجماعية، ولا سيما في ضوء أهميتهم المتزايدة في الانتخابات. وهكذا سيتمتع العرب، بصورة متدرجة، بكامل المساواة في الحقوق أفراداً وجماعة.

وفي رأينا أن الإمكان المحتمل بين سائر الإمكانات، على المدى البعيد، هو تكور في اتجاه الأزمة، وذلك إذا ما أخذنا في الاعتبار التطورات في إسرائيل، وعلى الساحة الفلسطينية، وعلى الصعيد الداخلي للعرب في إسرائيل. وسيحفز على تفاقم هذه الضائقة عمليات أوجدتها اتفاقية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. على صعيد العلاقات بالدولة، قد تقوم الدولة بتحسين الظروف الاقتصادية ومستوى الخدمات الحكومية المتاحة للعرب، وقد يحظى هذا التحسين بالتعزيز مدفوعاً بالمطالب التي تصدر عن المجموعة نفسها نتيجة ازدياد أهمية العرب في الانتخابات، وكذلك من خلال استمرار عملية السلام في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن زيادة الموارد للعرب وتحسين مستوى الخدمات كانا ولا يزالان موجهين نحجو رفاهية الفرد، لا نحو مستوى الحقوق الجماعية القومية في دولة ثنائية القومية. قد يرتفع مستوى المعيشة، وربما تمنح ميزانيات أُخرى لإقامة بنى تحتية في السلطات المحلية، لكن هذه التحسينات لن تغيّر جوهر العلاقات بإسرائيل كدولة إثنية. وهكذا، على سبيل المثال، فإن الضرورات الأساسية في الهوية والأمن والمساواة لن تتحقق، وستبقى هوية الدولة إثنية بصورة قطعية، ولن يتم ضمان الأمن الجماعي للعرب بإعطاء حقوق جماعية تمنحها الدولة ذاتها، ولن يتم إحراز المساواة في دولة ذات بنية إثنية. وهذا النهج قد يؤدي، فعلاً، إلى زيادة الشعور بالتأزم في العلاقات بالدولة، إلا إذا كان في قدرتنا الاعتقاد أن الجماعات الإثنية – القومية تستطيع أن ترضى بمكانة متدنية دائمة يتم فيها تحسين الظروف الفردية وتُهضم فيها الحقوق الجماعية.

أمّا بالنسبة إلى العلاقات بالحركة الوطنية الفلسطينية فإن هذه، على ما يبدو، نقلت مركز الثقل في السياسة الفلسطينية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، مع اهتمام ضئيل للغاية بالجماعات الفلسطينية الأُخرى. إن عملية بناء الدولة التي تجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، والجهود الهائلة المطلوبة لذلك، تتركز على السكان الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وتتجاهل جماعات فلسطينية أُخرى، ومن ضمنها العرب في إسرائيل. ويبدو أن الدور التاريخي للحركة الوطنية الفلسطينية أعيد تعريفه بحيث لا يبقى مجالاً للفلسطينيين في إسرائيل. وهناك عناصر في م.ت.ف. والسلطة الفلسطينية معنيون بأن يحظوا بدعم العرب في إسرائيل، لكن بصفتهم مواطنين إسرائيليين، لا بصفتهم فلسطينيين. قد يستمر هذا النهج على الأرجح لأن مستقبل الدولة الفلسطينية سيظل منوطاً بإسرائيل، ولذلك سيظل الفلسطينيون في الضفة والقطاع بحاحة إلى دعم العرب في إسرائيل لتحقيق أهدافهم السياسية. إن الضائقة على هذا المستوى ستتمخض عن أزمة في العلاقة بالحركة الوطنية الفلسطينية. وحتى لو وافقت الدولة على قبول العرب كمواطنين متساوين، فإنهم سيضطرون إلى تعريف هويتهم الفلسطينية من جديد وذلك من خلال تأكيد أهمية الأبعاد التاريخية والثقافية وتقليص أهمية المستقبل السياسي المشترك مع سائر الفلسطينيين. لكن إذا وصلت العلاقات بالدولة إلى طريق مسدود، فإنهم قد يضطرون إلى تعريف هويتهم الفلسطينية من جديد وإلى تأكيد وجود مستقبل سياسي مشترك مع سائر الفلسطينيين تأكيداً قوياً. وفي هذه الحالة، سيواجهون معارضة من الحركة الوطنية الفلسطينية التي تكثف جهودها في بناء الدولة في المناطق المخصصة لذلك، كما تقتضي الاتفاقيات مع إسرائيل.

وعلى الصعيد الداخلي، سيحفّز التحسن في مستوى المعيشة على عملية التحديث على المستوى الفردي، وهي عملية ملحوظة بصورة كبيرة في الميدان وقد تظل عملية سطحية. وفي الوقت نفسه، وإذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقات المتبادلة والمتزايدة مع الأغلبية اليهودية في ظل ظروف سياسية واجتماعية محسنة، فإن بعض الأوساط العربية في إسرائيل سيتبنى الكثير من عناصر الثقافة الإسرائيلية وجزءاً من القيم الاجتماعية وأنماط الحياة، ولا سيما في أوساط الجيل الناشئ. لكن بما أن الثقافة الإسرائيلية ممتزجة بالأيديولوجيا الإثنية للدولة، وفيها العربي هو شريك مقبول على مضض، فإن التماهي مع هذه الثقافة واستيعاب قيمها هما أمر غير ممكن لأن الثقافة التي تسودها أفكار إثنية يهودية وأيديولوجيا صهيونية ليس في قدرتها أن تكون بديلة من ثقافة داخلية حقيقية وأصيلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحداثة الفردية، التي تولدها ظروف محسنة وصلات بالمجتمع الإسرائيلي، تستحدث في حد ذاتها قوى في قدرتها أن تحل محل القيم المركزية التقليدية التي ترتبط بالحمولة وبالانتماء الديني والعلاقات بين الجنسين. فيجب ألاً نأمل بأن ترافق التغير الحثيث على أرض الواقع تغيرات مماثلة في أسس القيم الاجتماعية. وفي الواقع، إذا ظل الحراك السياسي للعرب في إسرائيل مغلقاً بسبب بنية الدولة الإثنية، فقد تستمر الروابط العائلية والانتماء الديني في تشكيل قوالب سهلة للتنافس في موارد السلطة المحلية كما كان الأمر عليه إلى اليوم. وعلى هذا النمط سيزداد التنافر بين الحداثة السطحية وبين القيم التقليدية. وتحسن الظروف الاقتصادية والحداثة الشخصية لن ترافقهما السيطرة على القضايا الجماعية المهمة.

وخلاصة القول: إن ضائقة العرب في إسرائيل في جوانبها المتعددة، ولا سيما على صعيد العلاقات بالدولة، قد تتفاقم وتنمو فتصبح أزمة. وهذا ربما يدفع إلى إدراج البنية الإثنية للدولة في رأس جدول الأعمال السياسي للعرب في إسرائيل. وفي هذه النقطة ستكون هناك حاجة إلى التفاوض بشأن طبيعة الدولة كدولة إثنية، وبشأن جوهر العلاقات بها.

يبقى السؤال المركزي: ما هي السبل الممكنة للخروج من هذه الأزمة السياسية الوجودية؟ إذا ما طرحنا هذا السؤال في سياق الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وأخذنا التطورات الأخيرة في الحسبان، فقد يكون من المفيد ربط هذه الأزمة وسبل الخروج منها بالحلول الاستراتيجية الممكنة للقضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، يجب ملاحظة أن حل الدولتين يعمق أزمة العرب في إسرائيل، بينما قد تقدم حلول أُخرى مخرجاً من هذه الأزمة. فمثلاً، ربما تقدم الدولة ثنائية القومية أو الدولة العلمانية في فلسطين التاريخية حلولاً مقبولة للخروج من هذا المأزق، إلا إن من الواضح أن الواقع السياسي كان يسير – حتى مؤخراً – في اتجاه الدولتين.

لكن يبدو أن نوع الدولة الذي قد تأتي به العملية السلمية الحالية لن يكون مقبولاً من أكثرية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وفي الشتات. وأصبح واضحاً أن صعوبة الفصل بين إسرائيل والمناطق المحتلة تزداد باستمرار، وفي ميزان القوى الحالي ربما تقود المفاوضات إلى حل يتراوح بين دويلة ممسوخة تفتقد إلى المقومات الأساسية للدولة الحديث وبين مناطق حكم ذات مكتظة سكانياً ومحاصرة جغرافياً. لذلك قد يصبح حل الدولة ثنائية القومية هو البديل الممكن الوحيد في ضوء أزمة هذه الحركة. وفي ضوء الأزمة التي ستواجهها الحركة الوطنية الفلسطينية، في حالة سقوط إمكان قيام دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بالمقومات الحقيقية للاستقلال والسيادة على الأراضي الفلسطينية، قد تتلاقى التجمعات الفلسطينية المتعددة في مصلحة استراتيجية مشتركة تأخذ في حساباتها حل الدولة ثنائية القومية كحل استراتيجي بعيد المدى يجب أن يفكر كل الفلسطينيين فيه بصورة جدية.

المراجع

باللغة العبرية

بنزيمان، ع. وع. منصور (1992). "مستأجرون ثانويون: العرب في إسرائيل، مكانتهم والسياسة

تجاههم". القدس: كيتر.

الحاج، ماجد وهنري روزنفلد (1990). "الحكم المحلي لدى العرب في إسرائيل". غفعات حفيفا: معهد دراسات السلام.

حلبي، أ. (1987). "تفرقة على أساس الانتماء القومي في المجتمع الإسرائيلي". أطروحة لشهادة

اللقب الثاني، مدرسة الحقوق، القدس: الجامعة العبرية.

خمايسي، ر. (1994). "تطور الاقتصاد في المدينة العربية"، في "تقرير سنوي عن التقدم: مساواة ودمج". إعداد أ. هارئيفن. القدس: سيكوي.

سموحا، سامي (1995). "علاقات العرب واليهود في إسرائيل في عهد السلام". مقال ضمن

"المواطنون العرب في إسرائيل نحو القرن الـ 21"، العدد الخاص من "همزراح هيحداش". إعداد: ي. لنداو، و أ. غانم و أ. هارئيفن. القدس: مطبعة ماغنس، ص 117 – 122.

غانم، أ. (1996). "معلومات مقارنة بين العرب واليهود في إسرائيل". القدس: سيكوي.

لنداو، ي. م. (1971). "العرب في إسرائيل: بحث سياسي". وزارة الدفاع.

____ (1993). "الأقلية العربية في إسرائيل، 1967 – 1991: أبعاد سياسية". تل أبيب: عام

عوفيد.

هارئيفن، أ. (1994). "تقرير سنوي عن التقدم: مساواة ودمج". القدس: سيكوي.

يهوشوع، أ. ب. (1987). "أنا إسرائيلي". "مفغاش"، مسرح ثقافي عبري – عربي، العدد 7 – 8،

 خريف 1987.

باللغة الإنكليزية

Al-Haj, M. Education Empowerment, and Control: The Case of the Arabs in Israel.

 Albany, NY: State University of New York Press.

Connet, W. (1994). Ethnonationalism: The Quest for Understanding. New Jersey: Princeton University Press.

Ghanem, A. (1998). “The Limits of Parliamentary Politics: the Arab Minority in Israel and the 1992 and 1996 Elections.” Israeli Affairs, Vol. 4, No. 2 (Winter), pp. 69-90.

Ginat, J (1989). “Israeli Arabs: Some Recent Social and Political Trends.” Asian and

African Studies 23, 2 & 3, pp. 183-204.

Haidar, A. (1991). Social Welfare Services for Israel’s Arab Population. Boulder, Colo.: Westview Press.

Jiryis, S. (1976). The Arabs in Israel. New York: Minority Review Press.

Khalidi, R. J. (1988). The Arab Economy in Israel. London: Croom Helm.

Kretzmer, D. (1990). The Legal Status of the Arabs in Israel. Boulder, Colo.: Westview Press.

Lewin-Epstein, N. and M. Semyonov (1993). The Arab Minority in Israel’s Economy:

 Patterns of Ethnic Inequality. Boulder, Colo,: Westview Press.

Lustick, I. (1980). Arabs in the Jewish State: Isralel’s Control of a National Minority.

 Austin, Texas: University of Texas Press.

Peres, Y. (1970). “Modernization and Nationalism in the Identity of the Israeli Arabs.”

The Middle East Journal 24, pp. 479-492.

Reiss, N. (1991) The Health Care of the Arabs in Israel. Boulder, Colo.: Westview Press.

Rouhana, N. N. (1993). “Accentuated Indentities in Protracted Conflicts: The Collective Identity of the Palestinian Citizens in Israel.” Asian and African Studies 27, pp. 97-127.

_____ (1997). Identities in Conflict: Palestinian Citizens in an Ethnic Jewish State. New Haven: Yale University Press.

Rouhana, N. N. and A. Ghanem (1993). “The Democratization of a Traditional Minority in an Ethnic Democracy: The Palestinians in Israel.” In Democracy, Peace and the Israeli-Palestinian Conflict. Eds. E. Kaufman S. Abed and R. Rothsein. Boulder, Colo.: Lynne Rienner Publishers.

Smooha, S. (1989). Arabs and Jews in Israel: Conflicting and Shared Attitudes in a Divided Society. Vol. 1. San Francisco: Westview Press.

_____ (1990). “Minority Status in an Ethnic Democracy: The Status of the Arab Minority in Israel.” Ethnic and Racial Studies 13, 3 pp. 389-413.

_____ (1992). Arabs and Jews in Israel: Change and Continuity in Mutual Intolerance. Vol. 2 San Francisco: Westview Press.

_____ and D. Peretz (1993). “Israel’s 1992 Elections: Are the Critical?” The Middle East Journal 47, 3, pp. 444-463.

Yiftachel, O. (1996). “The Political Geography of Ethnic Protest: Nationalism,

Deprivation, and Regionalism among Arabs in Israel.” Transactions 22, 1.

 

[1] حتى في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية التي يتوقع أن نجد فيها حرية أكبر لمشاركة العرب، لا نجد فيها أثراً لذلك. إذ لا يتجاوز عدد المحاضرين العرب في كل جامعات البلد الثلاثين محاضراً، بين آلاف المحاضرين. وقد عينت مؤخراً سكرتيرة عربية واحدة، من قبل محاضر عربي، وهي أول سكرتيرة ضمن طاقم السكرتارية في جامعات البلد.

[2] أُلغي مكتب "مستشار رئيس الحكومة في الشؤون العربية" سنة 1992، وعُيِّن بدلاً منه موظف في مكتب رئيس الحكومة يحمل لقب: "مدير قسم الأقليات".

[3] كان معظم رؤساء وأعضاء هذه اللجان الخاصة المتعددة، بصورة عامة، يهوداً عالجوا مختلف القضايا العربية.

[4] أجرت الحكومتان السابقتان، ومن ضمنهما حكومة الليكود برئاسة يتسحاق شمير، نقاشات كثيرة بشأن تخصيص ميزانيات متساوية للأقلية العربية. وقد اتخذت حكومة حزب العمل التي تولت الحكم في الفترة 1992 – 1996، قراراً بالمساواة بين الميزانيات العربية واليهودية في السلطات المحلية خلال أعوام معدودة، لكن هذه القرارات لم تنفذ.

السيرة الشخصية: 

نديم روحانا: مركز الدراسات الدولية، جامعة هارفرد، ماساتشوستس، أسعد غانم: معهد دراسات السلام، غفعات حفيفا، قسم العلوم السياسية، جامعة حيفا، حيفا.