مقتطفات من تقرير اللجنة التي ترأسها رئيس المحكمة العليا مئير شمغار للنظر في المجزرة التي ارتكبت داخل الحرم الإبراهيمي في الخليل، في 25/2/1994، وذهب ضحيتها أكثر من 50 مصلياً فلسطينياً. وجاء في التقرير أن باروخ غولدشتاين تصرف بمفرده، وحتى زوجته لم تكن مطلعة على هذا الأمر. ونفى التقرير وجود شخص أخر اشترك في المجزرة، كما أفاد شهود، من بينهما جنديان إسرائيليان كانا يتولان الحراسة بالقرب من المكان. وتضمن بعض اللوم بشأن التنسيق بين الشرطة والجيش. واشتمل فصل "التوصيات" على ترتيبات للصلاة والأمن في المكان.
[.......]
الفصل الثامن: الاستنتاجات
2 - المسؤولية عن القتل وما إذا كان للمهام شريك
... تشير الأدلة المقدَّمة لنا إلى أن [الدكتور باروخ غولدشتاين] تصرف بمفرده... ولم تكن زوجته أيضاً مطلعة على هذا الأمر. كما أن السرية التامة لعمله وكونه عملاً مستقلاً بصورة حاسمة ينسجمان مع شخصية هذا المهاجم وسلوكه...
وقد ورد ذكْر لشخص مجهول، يحمل بندقية غليلون [من نوع سلاح الجريمة]، كان الجنديان كوبي ونيف، المولجان بالحراسة قرب البوابة الشرقية، قد شهدا أنهما رأياه... ولما كان وجهه غير مألوف، فقد ظهر عند التأمل فيما حدث الشك في إمكان أنه كان شريك غولدشتاين... [غير] أن استجواب شهود آخرين لم يُظهر أنهم رأوا شخصاً يحمل سلاحاً على النحو الذي وصفه كوبي ونيف: فالشخص لم يشاهَد من قِبل أي شخص آخر كان في المغارة في ذلك الصباح، بمن في ذلك حراس الوقف... وعلاوة على ذلك، فإن تصريحـ[هم] بأن الشخص الموصوف أعلاه شوهد [قبل] وصول إيلي غَنُون إلى المغارة وبعد وصول غولدشتاين، يناقض المعلومات القائلة إن إيلي غَنُون وصل في الساعة 4:45 تقريباً، في حين أن غولدشتاين لم يصل إلا في الساعة 5:20. ...
النقطة هي أن لا أحد رأى شخصاً مجهولاً، كما ورد أعلاه، شارك في أي عمل يمكن أن يُفهم أنه مساعد لغولدشتاين، ولا وجِد أي ظرف فارغ يدل على إمكان أن الأعيرة أُطلقت من سلاح إضافي...
إن أولئك المصلين المسلمين الذين التفتوا عقب بدء إطلاق النار رأوا بوضوح مسلحاً واحداً فقط في القاعة... والمصلون الذين هاجموا غولدشتاين قبل أن يُقتل لم يدّعوا حينذاك أن مسلحاً آخر كان موجوداً في القاعة...
وقليلون من المصلين المسلمين شهدوا فعلاً أنهم سمعوا طلقات نارية من مصدر آخر، أو كان لها صوت مختلف... غير أن استجواب الشهود أو أولئك الذين أدلوا بإفادات... لم يقنعنا بصدقية هذا الزعم وصحته؛ كما أنه لم يقنعنا بعكس ذلك...
5 - حرس الحدود
أ - إن مستوى انضباط المجموعات العاملة بالتنسيق مع الجيش، والتي يعتمد الجيش على تعاونها... جديرة باهتمام مركّز ومكثف. والصورة التي ظهرت وجدنا أنها غير مرضية كلياً...
إن وحدة من حرس الحدود دمت في مغارة المخبيلاه*... قد استُبدلت بسبب افتقار إلى الانضباط وتخلّف عن قبول سلطة ضباط الجيش الإسرائيلي الذين يتولون أمر مناوبات الحرب... وتصرف الوحدة التي حلت محلها مثير للقلق: توزيع رديء مسبق للمسؤوليات والمناوبات، واستيقاظ في وقت متأخر، والتحاق بالمهمة في وقت متأخر، ومركبة بحاجة إلى تصليح، وتناقضات في التعليمات الصادرة عن الضباط...
وبالإضافة إلى ذلك... فإن المسؤولين في مغارة المخبيلاه [الجيش الإسرائيلي] قبلوا ضمناً بتأخر مدة دقائق قليلة في الصباح (كما حدث في الأيام التي سبقت يوم 25 شباط/فبراير 1994) ولم يبلّغوا هذا الأمر، أو لم يخطروا أحداً بشأنه. وقادة حرس الحدود لم يكونوا شديدي العناية في التحقق من حُسن سير التحاق حرس الحدود بمهماتهم. ولذلك، فقد ساهم قادة في الجيش وحرس الحدود في إضعاف الانضباط، وهو أمر عبَّر عنه، في اليوم الحرج، التأخر في الوصول مدة نصف ساعة تقريباً. وأي شخص لا يضع حداً للوصول المتأخر مدة خمس دقائق يمكنه أن يفترض أن الانضباط في الالتحاق بالمهمة سيسوء. فالتباطؤ الطفيف يقود حتماً إلى تأخير كبير، والأمر ليس سوى مسألة وقت قبل وقوع حدث خطر. ليس هناك شيء اسمه انضباط جزئي.
... كما جرى القول المأثور: "إذا أصدرت أمراً ولم تتأكد من أنه نُفِّذ، فكأنك لم تصدر الأمر قط." فالأمور لا يمكن أن يتوقَّع أن تنجز نفسها بنفسها، ولا كل شيء سيكون "على ما يرام"..
باختصار، إن على المسؤولين عن الانضباط التصرف - وبسرعة - ومعالجة جذر المشكلة، التي أدت إلى واقع أن التحاق حرس الحدود بمهماتهم في الوقت المناسب أمر لم يكن في الوسع الركون إليه...
6 - الشرطة الإسرائيلية والتنسيق مع الجيش الإسرائيلي
... في 31 كانون الثاني/يناير 1994، كتب قائد اللواء العقيد مئير كليفي إلى رئيس مركز الشرطة في الخليل... وأكد واقع أن شرطياً لم يلتحق بخدمته [في المغارةٍ. وتوحي البيّنة بأن هذه الرسالة، التي قُدمت إلى مساعد مفوض الشرطة، لم يجر الرد عليها قط. وباختصار، فإن الشرطة تبنّت أسلوب عمل مختلفاً [إيقاف سيارة دورية قرب المغارة]، بدا لها أنه يفي بطلب وجود شرطي في المكان. وقد تم هذا من دون تنسيق طريق التنفيذ مع الجيش، ومن دون أن يُخطر بوضوح أي ضابط مسؤول من ضباط الجيش في موقع القيادة... وهذا يعكس وضعاً غير مقبول؛ فتخلّف مركز الشرطة عن الرد على رسالة قائد اللواء... لم يكن أمراً فظاً فحسب، بل كان أيضاً، وهو الأهم، مؤشراً على نقص في التعاون الفعال.
ومن ناحية أُخرى، كان يتعين على الجيش الإسرائيلي، من جانبه، ملاحقة شأن رسالته التي لم يُرد عليها؛ إذ إنها لم تكن مجرد رسالة روتينية، بل كانت معنية بخطأ في الترتيبات الأمنية كان تصحيحه أمراً بالغ الأهمية. ولذلك، كان ينبغي للجيش الإسرائيلي التحقق وإعادة التحقق للوصول إلى جذر المشكلة، إلى أن يتلقى رداً واضحاً.
كما أشرنا سابقاً، فإن لا أحد من العسكريين المتمركزين عند المغارة قام بالإبلاغ عن تخلف الشرطة عن الحضور، على الرغم من أن هذا قد حدث تكراراً بين يوم 31 كانون الثاني/يناير ويوم 24 شباط/فبراير 1994... إن افتراض الشرطة أنها ليست خاضعة لسلطة قائد القيادة الوسطى (بحسب قائد الشرطة)، أو أنها هي وحدها تقرر كيفية قيامها بمساهمتها في الترتيبات الأمنية، من دون إشعار الجيش (بحسب قائد المنطقة)، إن هذا الافتراض لا يشكل تنسيقاً أو تعاوناً، بل إنه يمثل عملاً متوازياً على امتداد خطوط لا تلتقي أبداً.
8 - تقويم أوّلي للموقف
أ - إننا لا نعتقد أن أي أحد يمكن أن يلام على عدم استشراف واقع أن يهودياً يمكن أن يخطط لمجزرة وينفذها في مسلمين في مغارة المخبيلاه. فالذين هم مسؤولون عن الأمن في المغارة لم تُقدَّم لهم تقارير استخبارية تفيد بأن هجوماً يشنه يهودي ضد مصلين مسلمين يمكن أن يكون متوقعاً، ولا سيما أن تقارير استخبارية حذرت من حدوث العكس: هجوم من قِبل "حماس". لذلك كان هناك قلق من هجوم يشنه العرب ضد اليهود. ففي كل مرة يكون ثمة مسلمون فقط يصلّون، ويكون هناك مجرد حفنة من المصلين اليهود الذين يبكرون في الحضور إلى قاعة إبراهيم المجاورة - وكثير منهم ليس صغير السن - فإن خوفاً من هجوم ضد المصلين المسلمين لم ينشأ، ولم يكن هناك داع [بالنسبة إلى أي شخص] إلى نشوئه.
... ينبغي أن يؤخذ في الحسبان أنه على الرغم من أن خلافات وقعت خلال سنوات ماضية، وكانت تدور أحياناً حول الدخول في أثناء الصلاة إلى هذه القاعة أو تلك، فإنه لم يحدث طوال الأعوام السبعة والعشرين الماضية، أي منذ سنة 1967، أن استُخدم سلاح [هناك] من قِبل اليهود ضد العرب.
في ضوء الاستنتاج الذي يظهر من هذا الواقع، فإننا لم نعتبر أن من الملائم أن نعزو إهمالا إلى أي مستوى من مختلف مستويات القيادة العسكرية المسؤولة عن الأنشطة داخل المغارة.
9 - حمل السلاح في مغارة المخبيلاه والترتيبات الخاصة بطقوس المصلين
... عموماً، يجدر عدم السماح بوجود أسلحة في مكان للصلاة. لكن حمل أسلحة داخل المغارة كان بسبب الوضع الأمني في المنطقة. فحتى قبل الانتفاضة، لا منذ بدايتها فقط، كان هناك هجمات مهلكة على الإسرائيليين (جرائم قتل في بيت هداسا، وجريمة قتل أهارون غروس، إلخ.)، أدت إلى قيام معظم اليهود الذين كانوا يتنقلون داخل الخليل وحولها بحمل أسلحة على أساس منتظم. فالتنقل من دون سلاح أنشأ حالة من المخاطرة الشخصية. وفي حين أن القوة الأمنية في مغارة المخبيلاه لم تشمل بعملها جميع القاعات وأماكن أُخرى في المغارة، وذلك نظراً إلى محدودية عدد عناصرها، فقد حدث أكثر من مرة أن تداخلت مواقيت صلاة المسلمين مع مواقيت صلاة اليهود، ولم يُمنع المسلمون من دخول المغارة خلال أداء الطقوس اليهودية. ولذلك كان أمراً معقولاً ألاّ يجرَّد اليهود من أسلحتهم عند دخولهم إلى المغارة كيلا يُتركوا عرضة للأذى...
إن وجود أشخاص مسلحين في المغارة قد أدى فعلاً إلى نشوء خطر إمكان استخدام الأسلحة في حال انفجار غضب، حين يكون الشخص المسلح غير عقلاني في سلوكه.
لكن، كما ذُكر سابقاً، كان يوجد مخاطرة شخصية [بالنسبة إلى اليهود] في التنقل في أنحاء المدينة والمغارة من دون سلاح. وفيما مضى، مالت الموازين في مصلحة إضافة أهمية أكبر إلى مسالة المخاطرة الشخصية... ولذلك، سُمح بإدخال أسلحة إلى المغارة.
ب - ومع ذلك، فإن الدرس المستفاد من المجزرة هو أنه عند إعادة فتح المغارة، يجدر عدم السماح بإدخال أسلحة. ويجب إيجاد وسائل بديلة لتأمين السلامة الشخصية للمصلين اليهود والمسلمين على السواء، وهذا أمر يمكن تحقيقه بزيادة عدد أفراد القوة الأمنية الداخلية في المغارة وبوسائل أُخرى...
والجدير بالإضافة هو أن الترتيبات التي كانت تسمح لسكان كريات أربع أو لمواطنين يهود آخرين بالدخول إلى مغارة المخبيلاه مع أسلحتهم ليست هي التي أتاحت لغولدشتاين ارتكاب المجزرة. فغولدشتاين لم يعتمد على هذا الإذن، بل إنه ارتدى بزته العسكرية مع شارة رتبة، مظهراً نفسه ضابط احتياط يؤدي خدمة فعلية. وكشخص كان يخدم في اللواء، لم يكن هناك ما يمنعه من حمل سلاح داخل المغارة، حتى لو مُنع مواطن عادي من فعل ذلك...
... حين يعاد فتح مغارة المخبيلاه، سيكون ضرورياً اعتماد ترتيبات... تمنع المواطنين والجنود، الذين ليسوا من الذين يخدمون في هيئة المغارة أو ليسوا في مناوبة حراسة، من حمل أسلحتهم داخل المغارة.
ولإزالة كل شك، يجب أن يكون واضحاً أن أفراد الجيش - باستثناء هيئة مغارة المخبيلاه وحراسها - لن يسمح لهم أيضاً بحمل أسلحة داخل المغارة.
ج - ... إن شعائر [صلاة المسلمين وصلاة اليهود] كانت تودَّى في وقت واحد في قاعات مختلفة. ومع ذلك... لم يكن هناك حاجز ذو فعالية يحول دون المرور بين القاعات أو فتح الأبواب...
تجدر الإشارة هنا إلى أن السلطات العسكرية كانت قد طلبت في الماضي وضع أقفال على الأبواب الفاصلة بين القاعات، بل كان هناك، في مرحلة معينة، قرار باستخدام أبواب تُقفل إلكترونياً، لكن الأوقاف عارضت ذلك.
ثمة درس من المجزرة، وكذلك من التجربة السابقة، يدل على أن منع الاحتكاك والخلافات يقتضي فصلاً فعالاً بين مصلّي كلا الديانتين...
د - ... سيكون من الملائم أيضاً تبنّي سياسة حاسمة - سبق أن اتبعت إلى مدى محدود - تمنع من حيث المبدأ أن يدخل المغارة أي شخص يهدد الأمن والنظام بسلوك استفزازي. وليس هناك مجال لتسوية في أية مسألة تتعلق بالسماح بدخول عناصر عنيفين وعدوانيين. فأي شخص لا يسلّم بسلطة الجيش كلياً، أو يعطل الطقوس المعترف بها، أو يؤذي مصلين آخرين ويتصرف على نحو استفزازي، يجب أن يمنع من دخول المغارة كتدبير أمني احترازي، وأن يقدَّم إلى المحاكمة إذا اقتضت الظروف ذلك.
هـ - إن هذه الاستنتاجات تقود مباشرة إلى القضية التالية: إن الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية أو الذين هم في الخدمة الاحتياطية الفعلية ويأتون إلى مغارة المخبيلاه للخدمة فترات محددة غالباً ما يجدون صعوبة في مواجهة المشكلات التي تنشأ في مكان حساس كهذا المكان. وإلى ذلك، فإن الأوامر التي كان من الممكن تنفيذها بيسر قبل المجزرة يصبح تنفيذها أصعب بعد المجزرة... وللأسباب المذكورة أعلاه، سيكون ضرورياً في المستقبل الانتشار المكثف للحراس في جميع قاعات مغارة المخبيلاه، سواء خلال إقامة الشعائر الدينية أو حين لا يكون في المغارة مصلون.
وفي الوقت عينه... يجب أن تتحلى مفرزة الحراس بالتفهم [و] الخبرة في التعامل مع المصلين والزائرين، ومن ذلك: التعاطي السمح، والسلوك الحسن، والقدرة على معالجة المواقف الحساسة، والمظهر الجدير بالاحترام... ولذلك، سنقترح في توصياتنا فكرة "حراس المغارة" الدائمين الذين سيشرفون على الأمن داخل مغارة المخبيلاه، مع منح هذه القوة الاستقرار وتمكينها من الاعتماد على ضباط متمرسين ذوي خبرة أكبر في الإشراف على الذين يأتون للصلاة والزيارة.
10 - أنظمة إطلاق النار
.. كان قصد أولئك الذين يضعون الأنظمة [منع الجنود من إطلاق النار على اليهود]... أن يشملوا أوضاعاً يكون فيها يهود متورطين في أعمال شغب (تظاهرات، إغلاق مفارق الطرق، استيطان من دون موافقة الجيش الإسرائيلي، إلخ.). ولا يوحي الدليل بأن أحداً أراد منع عناصر الأمن من إطلاق النار على شخص كان يرتكب جريمة خطرة. وفي الأوضاع الأخيرة، تنطبق التعليمات العامة بشأن إطلاق النار في حالة وجود خطر على الحياة أو وجود جريمة خطرة. وفي حالات كهذه، فإن إطلاق النار مسموح إذا كان هناك قلق مبرر من أن الإخفاق في اتخاذ هذا الإجراء الاستثنائي... سينتج منه خطر الموت أو الأذى الجسدي...
إن التعليمات الخاصة المشدَّدة بشأن إطلاق النار على اليهود... كانت مطلوبة أيضاً بفعل الظروف الموضوعية في يهودا والسامرة. فالعرب محظور عليهم حمل أسلحة؛ والإسرائيليون مسموح لهم بحمل أسلحة، وهذا أمر ضروري بصورة خاصة، نظراً إلى الوضع الأمني السائد في المنطقة. وحين يظهر جندي في موقع الحدث ويرى يهودياً يصوب سلاحه ليطلق النار، فإنه عادة لا يستطيع أن يعلم فوراً - من دون أي تفسير - ما إذا كان هذا الشخص يطلق النار رداً على شيء ما آخر، دفاعاً عن النفس ضد هجوم إرهابي، أو ما إذا كان يطلق النار عن سابق تصميم...
ومن جهة أُخرى، إذا رأى جندي مقيماً عربياً يحمل سلاحاً ويطلق النار، فإن التقدير الواقعي للموقف هو أنه يطلق النار ليشن هجوماً.
لقد شكلت الفوارق في هذه الأوضاع المحتملة قاعدة للتعليمات؛ لكن طريقة إيصال ذلك إلى الجنود، بل أكثر من ذلك، التفسير الذي أُعطي للجنود، كانا ناقصين. إذ إنهما أحدثا إرباكاً بين حالات أعمال الشغب العامة والحالات التي ارتُكبت فيها أعمال إجرامية.
... إن التعليمات التي تحكم إطلاق النار لا يمكن أن تكون غامضة، أو عرضة لتفسيرات مختلفة. وحين يغدو بيّناً أن التعليمات غير واضحة يجب تعديلها على الفور...
الفصل التاسع: التوصيات
1 - ترتيبات للصلاة والأمن عند ضريح البطاركة
... استرشدنا في توصياتنا بالمبادئ التالية: أولاً، من الحكمة أن يُمنع احتكاك بين اليهود والمسلمين ناشئ، من بين أسباب أُخرى، عن أن الصلوات تقام في الأماكن نفسها بالتناوب، وان المصلين اليهود والمسلمين يحتكون ببعضهم بعضاً... إذ أدى ذلك في أوقات إلى نزاعات شديدة ينبغي منع حدوثها. ثانياً، يتعين أيضاً أن يؤخذ في الحسبان إمكان قيام يهود بمهاجمة مصلين مسلمين، لا العكس فقط، كما كان الأمر سابقاً، بل لعل خطر مثل هذه الهجومات قد ازداد...
استناداً إلى هذه المقدمات، إننا نوصي، أولاً وقبل كل شيء، بأن يتم تبنّي الترتيبات المقصود بها إحداث فصل كامل بين المصلين المسلمين والمصلين اليهود، لضمان سلامة المصلين، ولمنع الاحتكاك، والنزاعات، وأعمال العنف.
إننا لا نعتقد أن لجنة التحقيق تستطيع، أو ينبغي لها في هذه الحالة، وضع اقتراح مفصَّل... إذ إن خطة مفصَّلة كهذه يجب وضعها ميدانياً، عقب محاولات لإجراء حوار مع الهيئات الدينية المعنية. ونحن هنا لن نبيّن إلا الخطوط الإرشادية...
1 - أ) سيتم توفير بوابات دخول منفصلة للمصلين المسلمين واليهود.
ب) سيتم تركيب أجهزة كشف وإشراف متطورة عند بوابات الدخول إلى المغارة لمراقبة كل من يدخل من المصلين والزائرين، مسلمين ويهوداً.
ج) سيتم الفصل بين المصلين اليهود والمسلمين، ولن يسمح لأحد من هذه الديانة أو تلك بدخول مكان تقام فيها شعائر الديانة الأُخرى وقت عزمه على الدخول.
2 ـ... لقد طرح الاقتراحان البديلان التاليان خلال مناقشات اللجنة... إننا نوصي بدرس كلٍ منهما، واختيار الاقتراح الأكثر ملاءمة والذي يؤمن اكبر قدر ممكن من السلامة للمصلين كافة.
أ) يرتكز البديل الأول على إقامة الصلوات في أوقات متباعدة لضمان عدم قيام صلوات المسلمين في إبان قيام صلوات اليهود. وعلاوة على ذلك، لن يكون في وسع أعضاء إحدى الديانتين دخول المغارة في أثناء قيام صلوات الديانة الأُخرى في أي من قاعات الصلاة. وبكلمة أُخرى، لن يكون اليهود والمسلمون موجودين في المغارة في وقت واحد.
ب) يرتكز البديل الثاني على إمكان إقامة صلوات الديانتين في وقت واحد، لكن في قاعات منفصلة ويتم ضمان الانفصال بتطبيق القواعد التالية:
(1) منع وجود أحد أعضاء إحدى الديانتين في قاعة تقام فيها صلوات الديانة الأُخرى.
(2) تركيب أجهزة إلكترونية تحول دون المرور من قاعة إلى أُخرى... وتُضاف أبواب إذا لزم الأمر...
(3) نشر قوة أمن داخلية ملائمة...
ج)... [يجب] أن يكون هناك فاصل مدة ساعة واحدة على الأقل بين نهاية شعائر إحدى الديانتين وبداية شعائر الديانة الأُخرى.
المصدر: نص جزئي، The Jerusalem Post, June 27, 1994.
* الحرم الإبراهيمي. (المحرر)