إرهاب المستوطنين بغطاء وحماية حكومية
التاريخ: 
20/04/2024
المؤلف: 

شكلت هجمات المستوطنين في الأيام الماضية على المواطنين في بلدات شمال شرق رام الله وجنوبي نابلس علامة فارقة وخطرة من حيث آلية الاعتداءات وعددها وتنظيمها. إذ تأتي هذه الاعتداءات وفق نهج دموي إرهابي ترعاه حكومة الاحتلال الاستيطانية بزعامة بنيامين نتنياهو وبتحريض متواصل من الوزيرين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين وفرا الأسلحة والحماية للمستوطنين. ونتيجة هذا استشهد أربعة فلسطينيين، وأصيب أكثر من 140 بجروح، بالإضافة إلى الخسائر التي تقدر بملايين الشواقل جرّاء الاعتداءات على المنازل والأملاك، منذ صباح 12 نيسان/أبريل الجاري. 

أرقام صادمة

ففي صباح الجمعة، ومنذ أن أعلن الاحتلال اختفاء أحد المستوطنين من رعاة الأغنام بالقرب من بلدة المغير شمال شرق رام الله، حتى بدأت مجموعات المستوطنين على شبكات التواصل الاجتماعي بالتحريض والدعوة إلى الهجوم على البلدات والقرى المحيطة ببلدة المغير، تبع هذا تحريض من وزراء حكومة الاحتلال ودعوات إلى الانتقام من المواطنين الفلسطينيين الآمنين في تلك القرى.

ووفقاً لمدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود، فقد تعرضت 36 قرية وبلدة منذ صباح الجمعة الماضي حتى اليوم (18 نيسان/أبريل) لهجمات واعتداءات دامية من عصابات المستوطنين استهدفت بلدات المغير وأبو فلاح وعقربا ودوما وبيتين، وأسفرت عن سقوط 4 شهداء و143 إصابة بين طفيفة ومتوسطة وحرجة.

وقال داود إن الخسائر المادية كانت كبيرة جداً، وتمثلت في إحراق 49 منزلاً بصورة كاملة، و59 بصورة جزئية، و92 سيارة، و4 شاحنات، و5 جرافات، و5 جرارات زراعية، و3 أماكن لتجميع قطع السيارات القديمة، و21 بركس للأغنام، وشبكتَي كهرباء، بالإضافة إلى سرقة 120 رأساً من الأغنام وقتل 110 رؤوس أُخرى.

وأشار داود إلى مشاركة آلاف المستوطنين في الهجمات الدموية في ظل دور فاعل لضباط جيش الاحتلال والشاباك وجنود الاحتلال الذين وفروا الحماية لعصابات المستوطنين لارتكاب جرائمهم. 

شهادات

لم يهنأ المواطن جهاد النعسان من بلدة المغير في بيته الجديد سوى بضعة أشهر قبل أن يحرقه المستوطنون بصورة شبه كاملة، إذ كانوا قد حاصروا أبناءه داخله، وقاموا بإحراقه باستخدام أسطوانة الغاز الموجودة على شرفة المنزل.

ويشرح النعسان أن عناية الله حالت دون فقدانه لأبنائه الذين تعرضوا لإصابات متفاوتة نتيجة اختناقهم بعد اندلاع النيران في المنزل في أثناء غيابه عنه. ويشير إلى أنه تلقى اتصالاً من ابنته يفيد بهجوم المستوطنين، وبأنها وإخوتها محاصرون داخل المنزل، قبل أن يتمكن ومجموعة من الشبان في البلدة من إنقاذهم.

وبالقرب من بلدة المغير وصف المواطن ثائر دوابشة من بلدة دوما جنوبي نابلس ثلاث ساعات من الرعب الحقيقي عاشها وأفراد عائلته وإخوته، بعد ان اندلعت النيران في مخازن بيته وبيوت إخوته وسط منع قوات الاحتلال والمستوطنين سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول لإنقاذهم. وصاحب ذلك إطلاق نار كثيف في اتجاه فرق الإسعاف والإنقاذ من قبل قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين.

وأضاف دوابشة أن أكثر من 400 مستوطن هاجموا منزله ومنازل إخوته على مدخل بلدة دوما، وأشعلوا النيران فيها، وأن النيران كادت أن تأتي على البيوت وساكنيها، مشيراً إلى أن الخسائر المادية كبيرة جداً، وتراوحت بين 400 و450 ألف شيقل، إذ فقد وعائلته 3 سيارات وشاحنتين وثلاث مركبات زراعية، عدا عن الأضرار الكبيرة في المنازل الأربعة ومحتوياتها.

بدوره، أكد فؤاد كنعان من بلدة بيتين في شهادته على استشهاد الفتى عمر حامد أن أكثر من 60 مستوطناً مسلحاً اقتحموا المدخل الغربي لبلدة بيتين بنية مهاجمة منازل المواطنين وإحراقها، على غرار ما جرى في المغير ودوما.

وأضاف كنعان أنهم تفاجأوا بإطلاق كثيف للرصاص من جانب المستوطنين في اتجاه مجموعة من أبناء البلدة الذين توجهوا لصد هجومهم، ما أدى إلى إصابة الفتى حامد الذي فارق الحياة في مركز عين يبرود الطبي قرب بلدة بيتين. 

نوع مختلف من الاعتداءات

وعلى الرغم من تعدد هجمات المستوطنين منذ فترة طويلة على البلدات والقرى الفلسطينية، فإن الاعتداءات الأخيرة كانت مغايرة، وفقاً لرئيس مجلس تنسيق شبكة المنظمات الأهلية محمد العبوشي، الذي أكد أن ما شهدته بلدة المغير هو استهداف لعشرات البيوت بصورة مباشرة ومختلفة عن الإطار السابق والمعهود لهجمات المستوطنين، وخصوصاً بعد أن أمّن رئيس حكومة الاحتلال ووزراؤه المتطرفون، بصورة شخصية، غطاء وحماية للمستوطنين.

وقال العبوشي إن الهدف هو ترويع المواطنين من أجل تهجيرهم من أراضيهم لضم مزيد من الأراضي إلى المستوطنات وشرعنة بؤر أُخرى موجودة، وأضاف أن الحاجة إلى توفير الحماية للفلسطينيين وتعزيز صمودهم قد أصبحت ملحة، ذلك بأنهم أصبحوا ضحية في وضح النهار لسياسات بن غفير الذي يفاخر بتسليح أكثر من 100 ألف مستوطن بعد السابع من أكتوبر لتسهيل قتل الفلسطينيين، وتابع أن المشاهد الدامية والمروعة يجب أن تحفز المجتمع الدولي بحكوماته ومؤسساته القانونية والإنسانية للضغط على حكومة الاحتلال، ووضع حد لعصابات المستوطنين، واتخاذ إجراءات عقابية ضدهم، مشيراً إلى ضرورة تفعيل لجان الحماية في القرى بصورة أكبر، وتوسيع صلاحياتها لوقف توحش عصابات المستوطنين. 

المصادر والمراجع: 

  • أمير داود، مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مقابلة عبر الهاتف في 16/4/2024.
  • ثائر دوابشة، مواطن من بلدة دوما، مقابلة عبر الهاتف في 16/4/2024.
  • جهاد النعسان، مواطن من بلدة المغير، مقابلة عبر الهاتف في 16/4/2024.
  • فؤاد كنعان، مواطن من بلدة بيتين، مقابلة عبر الهاتف في 16/4/2014.
  • الدكتور محمد العبوشي، رئيس مجلس تنسيق شبكة المنظمات الأهلية، مقابلة عبر الهاتف في 16/4/2024.
عن المؤلف: 

محمد علوي: صحافي فلسطيني.