إبادة غير مرئية: تقرير عن أحوال الأسرى الفلسطينيين خلال الحرب
النص الكامل: 

لم يكن تاريخ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 المحطة الأكثر توحشاً لآلة القمع الاستعمارية الإسرائيلية، المتمثلة في منظومة السجن، في حياة الأسرى الفلسطينيين، وإنما سبقه تاريخ طويل من التوحش الذي عاشوه في السجون الصهيونية. وبالتالي، فإن هذا التقرير الاستقصائي لا يقدم قراءة تاريخية ولا مقارنة بين زمنين أو مرحلتين مختلفتين على صعيد مستوى التوحش،[1] كتاريخ فرضِ تحوُّلٍ جذري ما دام تاريخ بداية الحرب يعيشه الأسرى اليوم كحاضر قائم، بما فيه من كثافة لسياسات التعذيب والتنكيل الممنهجة التي شكلت ولا تزال نهجاً ثابتاً في بُنية السجن. غير أن كثافة وتيرة هذه السياسات وصلت إلى ذروتها بعد بداية الحرب، إذ استعاد السجان الصهيوني أشكال التعذيب والتنكيل الجسدي بشكل أساسي إلى جانب التعذيب النفسي، بعد أن طغت أساليب التعذيب "الحديثة"[2] على أدواته في المرحلة السابقة. وربما كانت بداية هذه الاستعادة واضحة بعد هبّة أيار / مايو 2021 في مراكز التحقيق، وفي معتقل "المسكوبية" في القدس المحتلة بصورة خاصة.

يركِّز هذا التقرير على مسارين أساسيين يقدّم من خلالهما، في الجزء الأول، معطيات عن واقع حياة الأسرى الاعتقالية في سجون الاحتلال ومعسكراته، بينما يتناول في الجزء الثاني الاعتقال كسياسة ثابتة وممنهجة، إلى جانب معطيات عامة تتعلق بواقع الأسرى والمعتقلين خلال الحرب. ويستند هذا التقرير إلى الشهادات التي حملها المحررون من الأسر، وما تابعته المؤسسات المختصة، وكذلك العائلات التي تعرضت لعمليات اعتقال جماعية، مع تأكيد أن جميع الجرائم والسياسات التي سترد في هذا التقرير، هي سياسات قائمة في الأصل، وهي ممارسات ثابتة انتهجها الاستعمار الصهيوني منذ بداية نكبة 1948. ومع ذلك، فإن تاريخ بداية هذه الحرب جاء محملاً بكثير من الأسئلة المصيرية عن الواقع الفلسطيني. وبما أن الحركة الأسيرة شكلت أبرز الإفرازات التي نتجت من استمرار الاستعمار الصهيوني، وديمومة النضال ضده، فإن وقع هذا التاريخ كان مصيرياً على تجربة الأسرى الفلسطينيين الاعتقالية في السجون، وكذلك على مستوى المنظومة التي تتابع شؤون الأسرى عامة، ومسار تحرير الأسرى خاصة.

فمنذ بدء العدوان الشامل (2023) على شعبنا واندلاع حرب الإبادة المستمرة في غزة ومختلف أنحاء فلسطين، كثّفت الماكينة الاستعمارية الصهيونية حملات الاعتقال، مستهدفة من خلالها جميع شرائح المجتمع الفلسطيني في جغرافيات فلسطين كافة. وعمليات الاعتقال التي شكّلت النسبة الأعلى منذ انتفاضة الأقصى في سنة 2000، قياساً بالمدة التي نُفذت فيها، والتي طالت أكثر من 3400 فلسطيني وفلسطينية من الضفة الغربية بما فيها القدس، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير،[3] إلى جانب الآلاف من عمال غزة والمعتقلين منها، وكذلك المعتقلين من أراضي 1948، عكست مستوى عالياً من التوحش في ممارسة عمليات التعذيب الممنهجة، إذ إن الشهادات التي وثّقتها المؤسسات المختصة على مدار قرابة الشهرين منذ بداية عدوان سنة 2023، أعادتنا إلى مستوى غير مسبوق يظهر في الشهادات التي نقلتها لنا رموز الحركة الفلسطينية الأسيرة عن بداية التجربة الاعتقالية الفلسطينية في منظومة السجن الصهيونية في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات.[4] وقد هدفت تلك الممارسات إلى تصفية المعتقَل الفلسطيني، وكسره، وسلبه إنسانيته.

وعلى مدار نحو شهرين، وبحسب شهادات العشرات من المعتقلين الذين أُفرج عنهم أو تم تحريرهم لاحقاً، نفذت قوات الاحتلال اقتحامات للآلاف من منازل الفلسطينيين سواء بهدف الاعتقال، أو للقيام بعمليات الترهيب والتهديد التي عكست سياسة الانتقام الجماعية الممنهجة. وسنجد من خلال تتبّع المعطيات المتعلقة بالمئات من الأسرى لاحقاً، أن الهدف من هذه العمليات هو الانتقام بشكل أساسي، ومحاولة مستمرة لتقويض أي حالة نضالية متصاعدة ضد الاحتلال.[5] وكان من أبرز هذه الأساليب: اقتحام المنازل من خلال تفجير الأبواب، واستخدام الكلاب البوليسية، والاعتداء بالضرب المبرّح على المعتقل، أو على أحد أفراد العائلة، أو الاعتداء بشكل جماعي على العائلة كلها، وتنفيذ عمليات تخريب وتدمير واسعة داخل المنازل حيث قُدّرت الخسائر المادية بملايين الشواكل، إلى جانب احتجاز أفراد من عائلات المطاردين كرهائن، وتحديداً الأمهات والآباء والأشقاء، مع تنفيذ عمليات تعذيب وتنكيل في حقّهم، واستخدام ألفاظ نابية وتهديدات بالقتل واغتصاب النساء،[6] والاعتداء على الأطفال، هذا عدا مصادرة الأموال ومصاغ الذهب والسيارات من العائلات، وهدم منازل الأسرى والشهداء، وتنفيذ استدعاءات جماعية من العديد من البلدات، وإقامة معسكرات موقّتة أمام مداخل البلدات لعمليات التحقيق الميداني الذي طال النساء والأطفال كذلك. وشكلت عمليات الإعدام الميداني التي تصاعدت منذ مطلع سنة 2022 وبشكل غير مسبوق، نهجاً ثابتاً في الضفة الغربية خلال عمليات الاعتقال، وبلغت ذروتها مع اندلاع الحرب. كما أدت عمليات التنكيل والتعذيب في حقّ المعتقلين خلال الحرب إلى استشهاد 6 معتقلين اعتبرت المؤسسات القانونية المختصة بالأسرى أن ما جرى في حقّهم هو عمليات اغتيال ممنهجة.[7]

ففي الأيام الأولى على بدء معركة "طوفان الأقصى"، وبداية العدوان والإبادة الجماعية في غزة، احتجزت "إسرائيل" الآلاف من عمال غزة، إلى جانب اعتقال مقاومين ومدنيين. وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في مطلع كانون الأول / ديسمبر 2023، لم يتسنّ للمؤسسات المختصة معرفة أي معطى عن تفصيلات اعتقالهم، ومصيرهم، وأماكن احتجازهم، على الرغم من النداءات التي وجهتها المؤسسات إلى منظمة الصليب الأحمر الدولي بشكل أساسي، غير أن ذلك لم يُفضِ إلى أي معلومات عن مصيرهم، الأمر الذي دفع إلى وضع الصليب الأحمر في دائرة الاتهام،[8] ولا سيما أنه لم يعلن الجهة المعوَّقة، ولا أسباب عجزه عن متابعة قضية معتقلي غزة خاصة، والأسرى الفلسطينيين عامة،[9] علماً بأن اثنين من العمال الذين جرى احتجازهم بعد بدء الحرب استشهدا جرّاء عمليات التعذيب والتنكيل (أحدهما الأسير ماجد زقول من غزة، والذي استشهد في سجن "عوفر" قرب بيتونيا، والآخر شهيد من غزة أعلنه الاحتلال ولم يكشف عن هويته حتى تاريخ إعداد هذا التقرير). 

واقع الأسرى في السجون الصهيونية: إبادة غير مرئية

يقول أسير: "لحظة وصول البوسطة إلى مدخل السجن الداخلي... بعد دقائق من دخول النظارة حيث يصطف أكثر من 18 شرطياً من مدخل... وعليك أن تجتاز الممر الضيق بينهما، هذا يضربك بيده، وذاك بعصا، وثالث بكرباج. ما إن تسقط على الأرض حتى يستخدم رجليه، وينهضك خامس لتواصل المرحلة إلى... نهاية النفق."[10] ويقول آخر: "عند وصولي إلى سجن 'مجدو' تخيلت نفسي أنني في سجن 'أبو غريب'، ولولا إيماني لفقدت عقلي."[11]

يشير هذان الاقتباسان إلى ما قبل اليوم الأول للحرب وما بعده، فقد أدرك الأسرى أن ما هو قادم سيكون أشد وأصعب ممّا هو قائم فعلياً على الرغم من قتامة الواقع وصعوبته أصلاً. وفعلياً يمكن وصف ما جرى بعملية انقضاض على كل ما انتزعه الأسرى من حقوق بالنضال والدم والمواجهة على مدار عقود طويلة، إذ جُردوا من منجزاتهم التي هي في الأصل حقوقهم، والتي يطلق عليها الأسرى "المنجزات" لأنها انتُزعت فعلياً بالدم والنضال، وهو ما يَبرز بشكل واضح في الاقتباس الذي أوردته من نص من أحد رموز الحركة الوطنية الأسيرة (حافظ أبو عباية)، الذي كان شاهداً على ولادة الحركة من بين أنياب آلة القمع الصهيونية، وتحت سيف التعذيب الجسدي. لقد تحولت غرف الأسرى إلى زنزانات صارت كلها بمواصفات الزنزانة الانفرادية، من حيث مستوى العزل، وسلب الأسير مقتنياته كافة. وكان أول إجراء قامت به إدارة السجون بعد بدء الحرب، هو تجريد الأسرى من محطات التلفاز المحدودة التي كانوا ينظرون من خلالها إلى العالم الخارجي، ثم أوقفت زيارات عائلاتهم، وزيارات الطواقم القانونية، وأنهت "العلاقة"، التي فرضها واقع السجن مع البُنى التنظيمية للأسرى، وهكذا لم تعد إدارة السجن تتعامل مع أي تمثيل للمعتقلين.[12]

هذا كله يعني أن ثمة قراراً اتُّخذ للاستفراد بالأسرى، وكانت البداية في سجن النقب الصحراوي الذي كانت نشأته شهادة على ذروة عمليات التعذيب والقتل خلال أعوام انتفاضة الحجارة في سنة 1987،[13] ليكون هو البداية لأفظع الشهادات التي جرى توثيقها من المعتقلين والأسرى المحررين المُفرج عنهم منذ بداية العدوان. فبعد أن أعلنت سلطة السجون أن إدارة حياة الأسرى الاعتقالية اليوم، هي تحت إشراف "جيش" الاحتلال مباشرة، لم يعد هناك منظومة إدارة سجون، بل أصبح كل سجان كفرد يملك ضوءاً أخضر لابتكار أدوات التعذيب والانتقام من الأسرى. وكان ذلك بمثابة إشعار بتنفيذ عمليات إعدام، وتحويل ذلك إلى نهج من خلال القمع والتنكيل المتواصلَين على مدار الساعة. ونذكر هنا أن الشهيد ثائر أبو عصب[14] الذي استشهد مؤخراً في سجن النقب، اغتيل جرّاء الضرب المبرح، وتمكنت المؤسسات من جمع عدة شهادات على حادثة اغتياله. وقد نفذت قوات الاحتلال في أول أيام العدوان عمليات قمع جماعية وانتقامية استخدمت فيها جميع الأسلحة والضرب المبرح الذي أدى إلى إصابة المئات من المعتقلين والأسرى في سجن النقب - أكبر السجون من حيث عدد الأسرى اليوم، ففيه 3000 أسير. وبحسب جميع الشهادات التي وُثّقت في السجن، فإن الإصابات بالكسور كانت أبرز العلامات التي ظهرت على الأسرى بعد عمليات القمع، إذ صار الضرب المبرح جزءاً من حياة الأسرى اليومية، وتحديداً خلال إجراء ما يسمى "العدد" من أجل الفحص الأمني الذي يقوم به السجانون حين يدخلون إلى زنزانات الأسرى للتأكد من هوياتهم. وتلا ذلك شهادات بالمستوى نفسه في سجون مجدو و"جلبوع" و"عوفر"،[15] كما أن آلة القمع لم تستثنِ الأطفال والنساء في السجون التي يقبعون فيها. وفي سجن الدامون، المخصص للأسيرات، كانت عمليات التعذيب هي المشهد الأكثر وضوحاً في شهادات جميع المعتقلين من النساء والأطفال[16] الذين تحرروا مؤخراً من سجون الاحتلال.[17] وبرزت أيضاً سياسة التجويع التي تهدد اليوم مصير الآلاف من الأسرى. 

الاعتقال الإداري العنوان الأبرز لحملات الاعتقال المستمرة

شكلت جريمة الاعتقال الإداري إحدى أبرز السياسات التاريخية التي تستند إلى أنظمة الطوارىء التي ورثتها المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية عن الانتداب البريطاني، والتي تستهدف الفلسطينيين الفاعلين، في محاولة لتقويض دورهم النضالي، وسرقة أعمارهم. وقد تحولت هذه السياسة إلى حكم بالسجن (المؤبد)، فهناك بعض المعتقلين الإداريين الذين واجهوا الاعتقال الإداري عشرات المرات منذ أربعة عقود. ومنذ مطلع هذه السنة (2023) صعّدت المنظومة الاستعمارية الصهيونية من تنفيذها، بحيث إن نسبة أعداد المعتقلين الإداريين اليوم هي الأعلى منذ سنة 2003. فبعد أن كان عدد المعتقلين الإداريين في السجون نهاية العام المنصرم هو 580 معتقلاً إدارياً،[18] فإن عددهم قبل بدء الحرب وصل إلى 1319، بينما هو اليوم، حتى نهاية تشرين الثاني / نوفمبر 2023، يبلغ 2873 معتقلاً إدارياً.[19] وتعكس هذه الأعداد الكبيرة الهدف الأساسي من حملات الاعتقال، وهو عمليات الانتقام بذريعة وجود ما يسمى "الملف السري"، والتي استهدفت إلى جانب المئات من الأسرى السابقين والمحررين، النساء والأطفال، والمرضى، والصحافيين، والناشطين. وحتى بداية كانون الأول / ديسمبر 2023، بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري 1661، بين أوامر جديدة وأوامر تجديد. ولا بد من الإشارة هنا إلى تفعيل بعض الأوامر العسكرية، والتعديل عليها، بهدف تسهيل مهمة الاعتقال الإداري بعد اندلاع الحرب. 

المؤسسات المختصة وسقوط منظومة حقوق الإنسان

لقد كان أحد أبرز الإفرازات التي فرضها حدث 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، هو سقوط منظومة حقوق الإنسان ومؤسساتها، وفشلها في وقف الإبادة الجماعية أمام تواطؤ بعض القوى الدولية ودعمها لاستمرار الإبادة في غزة. وهذا السقوط لم يكن البداية، بل كان فعلياً النهاية بالنسبة إلى المختصين والعاملين في المؤسسات الحقوقية الدولية. وقد فرض هذا السقوط المدوي نقاشاً حقيقياً داخل المؤسسات المختصة بشأن البُنية والخطاب الحقوقي الذي تستند إليه المؤسسات بتشكلاتها كافة. وربما هذه النقطة تحديداً تحتاج إلى ورقة مختصة عن موقعية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية وموقفها بعد الإبادة في غزة من البُنية التي تستند إليها، إلّا إن خروج هذا النقاش على السطح أكثر من أي وقت مضى، يطرح تساؤلاً مهماً عن إمكان أن يكون هذا الأمر فرصة حقيقية لتصويب الخطاب الذي ساهم في بقاء المظلومية التاريخية في حقّ الشعب الفلسطيني. وقد شكلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قضية المعتقلين والأسرى النموذج الأهم والأكثر وضوحاً، وكنت أشرت إلى موقف المؤسسات المختصة من دور هذه اللجنة منذ بداية العدوان، غير أن هذا النقاش فرض تساؤلاً آخر عن البديل، وعن إمكان اقتناص الفرصة للتحرر من المنظومة الحقوقية الدولية، وطرح السؤال عمّا إذا كان هذا السقوط فعلياً سيدفع المؤسسات إلى إعلان موقف واضح وصريح من علاقتها مع هذه المنظومة. وعلى الرغم من التعقيدات المرتبطة ببُنية المنظومة العاملة تحت إطار السلطة الفلسطينية، فإنه يمكن، بالحد الأدنى، ملاحظة شكل النداءات التي اعتمدت عليها المؤسسات المختصة في مجال الأسرى، وكيف تحولت من نداءات للمؤسسات الحقوقية الدولية، إلى نداءات لأحرار العالم الذين ما زالوا يؤمنون بعدالة قضيتنا، والذين رفعوا صوت الشعب الفلسطيني في الميادين كي تستعيد المؤسسات بذلك خطاب الأسرى الفلسطينيين الذين استمروا على مدار عقود يرفعونه ويتوجهون به إلى أحرار العالم.[20] 

الحرية الحتمية تحققت

بقيت الحرية الحتمية هي الأمل القائم والدائم للأسرى الفلسطينيين على مدار عقود طويلة، وشكلت مطلباً دائماً لهم على الرغم من مرور 12 عاماً على آخر صفقة تبادل،[21] وهي صفقة "وفاء الأحرار" في سنة 2011، والتي تحرر فيها 1027 أسير وأسيرة. وقد تصاعد مطلب الحرية، وتوجيه رسائل واضحة من الحركة الأسيرة إلى الفصائل الفلسطينية، باستعادة مسار تحرير الأسرى بعد أن مر على اعتقال بعض منهم نحو أربعة عقود من الزمن. وهنا، يمكن تأكيد أن تصاعد هذا الخطاب ارتبط فعلياً بعملية "نفق الحرية" في 6 أيلول / سبتمبر 2021 من سجن "جلبوع" في بيسان المحتلة، والتي فرضت تحولاً مهماً على تاريخ الحركة الأسيرة كإحدى أبرز البطولات التي سطرها الأسرى تاريخياً. وبعد عملية "طوفان الأقصى" وأسر عدد كبير من الجنود والضباط الإسرائيليين، أدرك الأسرى أن شعار الحرية الحتمية أصبح واقعاً قريباً، ولم يعد مجرد أمل يساورهم داخل السجون. وفعلياً، تحرر ضمن سبع دفعات[22] تمت في إطار اتفاق الهدنة الذي بدأ تنفيذه في 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2023، واستمر سبعة أيام، ما مجموعه 240 أسيراً: 71 أسيرة، و169 طفلاً.[23] وعلى الرغم من الأعداد الهائلة للأسرى منذ بداية الحرب،[24] وسياسات القمع الوحشية التي نفذتها سلطات الاحتلال في حقّ الأسرى منذ بداية الحرب، فإن الآمال الكبيرة معقودة على الصفقة الكبرى لتبييض السجون في مقابل ما لدى المقاومة الفلسطينية من الجنود والضباط الأسرى من الجيش الصهيوني.

 

المصادر:

[1] يعكس العديد من أدبيات الحركة الأسيرة، توحّش منظومة السجن الاستعمارية الإسرائيلية. عن ذلك انظر كنموذج: حافظ أبو عباية، "الشمس في منتصف الليل: 18 عاماً في سجون الاحتلال" (رام الله: العودة للدراسات والنشر، 2004)؛ عائشة عودة، "أحلام بالحرية" (رام الله: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية/مواطن، 2004).

[2] وليد نمر دقة، "صهر الوعي، أو في إعادة تعريف التعذيب"، تقديم عزمي بشارة (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات؛ بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، ط 1، 2010).

[3] عدد الأسرى هذا هو وفقاً لإحصاءات صدرت عن "جمعية نادي الأسير الفلسطيني" و"هيئة شؤون الأسرى والمحررين"، في كانون الأول / ديسمبر 2023.

[4] أبو عباية، مصدر سبق ذكره.

[5] انظر: "نشرة خاصة صادرة عن مؤسسات الأسرى عن شهر تشرين الأول / أكتوبر 2023"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 3 / 11 / 2023.

[6] "أكثر من 60 حالة اعتقال سُجلت بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر من بينهن أم حامل بشهرها السابع"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 6 / 11 / 2023.

[7] انظر أسماء وتفصيلات شهداء الحركة الأسيرة بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر، في: "شهداء الحركة الأسيرة بعد السابع من أكتوبر في سجون الاحتلال الإسرائيلي"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 19 / 11 / 2023.

[8] "بيان صادر عن نادي الأسير الفلسطيني بشأن الدور المطلوب من اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 12 / 10 / 2023".

[9] انظر البيان الصادر عن مؤسسات الأسرى بشأن احتجاز معتقلين من غزة، في: "على خلفية المقاطع المصورة التي ينشرها جنود الاحتلال وهم يمارسون عمليات تعذيب بحقّ المعتقلين"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 1 / 11 / 2023.

[10] أبو عباية، مصدر سبق ذكره، ص 21.

[11] انظر شهادة لأحد الأسرى الذين أُفرج عنهم من سجن "مجدو"، وممّن اعتُقلوا بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر في: "نادي الأسير يستعرض شهادة أحد الأسرى الذين أُفرج عنهم مؤخراً من سجن 'مجدو' "، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 9 / 11 / 2023.

[12] "إدارة السجون تصعّد من إجراءاتها الانتقامية بوتيرة يومية وصلت إلى حد الاعتداء بالضرب وحرمان الأسرى من العلاج"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 6 / 10 / 2023.

[13] ناصر دمج، "أنصار شاهد على عصر الجريمة" (رام الله: مطبعة أبو غوش، 2005).

[14] الشهيد ثائر أبو عصب أسير فلسطيني من قلقيلية، اعتُقل في سنة 2005، وحُكم عليه بالسجن 25 عاماً.

[15] جمعية نادي الأسير الفلسطيني، "نادي الأسير يستعرض شهادة أحد الأسرى الذين أُفرج عنهم مؤخراً من سجن 'مجدو' "، مصدر سبق ذكره.

[16] استمع إلى شهادة الأسير الطفل المحرر محمد نزال، من جنين، وهو يروي معاناته في السجن والضرب الذي تعرّض له، في "قناة الجزيرة"، في "يوتيوب"، والتي أُجريت معه مباشرة بعد تحريره، في 28 / 11 / 2023، في الرابط الإلكتروني.

[17] استمع إلى شهادة الأسيرة ربا عاصي في هذا الشأن، في مقابلة مع "قناة الجزيرة" في 29 / 11 / 2023، في "يوتيوب"، في الرابط الإلكتروني.

[18] عدد المعتقلين مستقى من تقارير مؤسسات الأسرى في كانون الأول / ديسمبر 2022.

[19] عدد المعتقلين مستقى من تقارير مؤسسات الأسرى في تشرين الثاني / نوفمبر 2023.

[20] "نشرة خاصة صادرة عن مؤسسات الأسرى عن شهر تشرين الأول / أكتوبر 2023"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 3 تشرين الثاني / نوفمبر، في الرابط الإلكتروني.

[21] انظر عمليات التبادل التاريخية التي أُنجزت في: "عمليات تبادل الأسرى"، "وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية / وفا".

[22] "قائمة بأسماء الأسرى المُفرج عنهم ضمن الدفعات السبعة وهم 240 شبلاً وأسيرة"، "جمعية نادي الأسير الفلسطيني"، 3 / 12 / 2023.

[23] تنص الشروط التي تم التوافق عليها خلال مفاوضات صفقة التبادل، أن تكون أعمارهم تحت 19.

[24] تشمل المعلومات ذات الصلة بحالات الاعتقال في الضفة (من 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 حتى 1 كانون الأول / ديسمبر 2023) ممّن أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومَن أُفرج عنهم لاحقاً ما يلي: بلغت حصيلة حملات الاعتقال أكثر من 3400، أعلاها في محافظة الخليل، بينما بلغت حصيلة حملات الاعتقال بين النساء أكثر من 100، وبين الأطفال 245. وبلغ عدد الصحافيين المعتقلين 41، بقي منهم رهن الاعتقال 28. أمّا أوامر الاعتقال الإداري فبلغت 1661 أمراً ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد. كما استشهد في سجون الاحتلال مند بدء الحرب 6 معتقلين، هم: عمر دراغمة من طوباس؛ عرفات حمدان من رام الله؛ ماجد زقول من غزة؛ شهيد رابع لم تُعرف هويته؛ عبد الرحمن مرعي من سلفيت؛ ثائر أبو عصب من قلقيلية. وبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال أكثر من 7800، بينما بلغ عدد المعتقلين الإداريين 2873، وبلغ عدد النساء الأسيرات، بعد دفعات التحرر السبع، 33 أسيرة. ولم تتوفر أعداد واضحة عن الأطفال حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

السيرة الشخصية: 

أماني سراحنة: مسؤولة الإعلام في "نادي الأسير الفلسطيني".