صمت: حالة طوارئ قانونية في ظل عمليات الإبادة
نبذة مختصرة: 

تعرض هذه المقالة سلسلة التعديلات القانونية التي شهدتها "حالة الطوارىء" التي أعلنتها دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 حتى بداية كانون الأول / ديسمبر 2023، وتركز بصورة خاصة على التعديلات القانونية المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين على امتداد فلسطين التاريخية. وتشكل هذه التعديلات القانونية والقضائية والأوامر العسكرية مخالفات واضحة لكل من القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، اللذين يشكلان الإطار القانوني الواجب تطبيقه في الأراضي المحتلة الفلسطينية، لا القوانين المدنية للسلطة القائمة بالاحتلال، أي إسرائيل، التي لا تراعي المعايير الدولية والمعاهدات الخاصة لضمان كرامة المعتقلين وحقوقهم الجوهرية.

النص الكامل: 

كثيراً ما شكلت القوانين والأوامر العسكرية جزءاً أصيلاً من نظام الاستعمار والفصل العنصري لدولة الاحتلال، وكانت من أهم الأدوات التي تُستخدم في عمليات القمع الواسعة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده. وقد أدى الجهاز القضائي بمختلف مستوياته وفروعه دوراً بارزاً في شرعنة الممارسات العنصرية وتبريرها في حقّ الفلسطينيين من مواطني الدولة (فلسطينيي 1948)، أو الواقعين تحت الاحتلال (في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة منذ سنة 1967). فحتى لو ظهر هذا الجهاز أحياناً كنظام ليبرالي يحترم حقوق الإنسان من خلال قراراته في بعض القضايا الجوهرية، إلّا إن قرارات المحكمة العليا تحديداً غالباً ما تضفي صبغة قانونية على قرارات تنفيذية للحكومة الإسرائيلية تنتهك بشكل منهجي حقوق الفلسطينيين بموجب القانون الدولي، في عدة قضايا، منها: مصادرة الأراضي؛ هدم المنازل؛ سحب الجنسية أو الإقامة؛ منع لمّ الشمل؛ التعذيب؛ وغيرها.[1]

لن نعرض في هذه المقالة للتاريخ الحافل من تطويع القوانين والأوامر العسكرية لخدمة أغراض ومصالح سياسية وعسكرية، بل يكفي أن نذكر أن القائد العسكري للأراضي المحتلة قام بتعديل الأوامر العسكرية الخاصة بالاعتقال الإداري في مرحلة الانتفاضة الأولى ليسمح باعتقال الفلسطينيين لعام كامل استناداً إلى مواد سرّية من دون إبراز البيِّنات والشبهات. وقد تكررت هذه الممارسة خلال انتفاضة الأقصى، وتحديداً مع اجتياح المدن الفلسطينية في آذار / مارس 2002، إذ عُدّلت الأوامر العسكرية الخاصة بتمديد الاعتقال، وخصوصاً فترة الاحتجاز قبل عرض المعتقل على المحكمة العسكرية، واستُبدلت الأيام الثمانية إلى 18 يوماً،[2] كما عُدّلت إجراءات المراجعة القضائية لأوامر الاعتقال الإداري أيضاً لتصبح 18 يوماً من تاريخ توقيع الأمر بدلاً من 8 أيام.[3] وتم اختراع مصطلح "اعتقال في أثناء عملية حربية"، واستغلال إعادة احتلال مدن الضفة الغربية الرئيسية، من أجل اعتقال الآلاف من الفلسطينيين خلال فترة وجيزة، واحتجازهم من دون إجراءات قانونية، ومن دون السماح للمعتقلين بلقاء محاميهم لـ 18 يوماً، في ظروف قاسية في معسكر عوفر وأنصار 3 (سجن النقب).[4]

منذ انتفاضة الأقصى في سنة 2000، تسعى قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعديل الأوامر العسكرية والإجراءات القانونية في المحاكم العسكرية في الأرض المحتلة، وتعمل على تبنّي جميع الإجراءات والقوانين التي يتم تشريعها داخل دولة الاحتلال تحت شعار "محاربة الارهاب". وهذا طبعاً، مع الإبقاء على الصبغة التمييزية الصارخة والمجحفة بحقوق المعتقلين الفلسطينيين. فعلى الرغم من إصدار الأمر العسكري رقم 1651، وهو "الأمر بشأن تعليمات الأمن (صيغة مدمجة، 2009)"، والذي أصبح الإطار القانوني للإجراءات كلها، وتعريف المخالفات والعقوبات أمام المحاكم العسكرية، فإنه تم إجراء أكثر من 80 تعديلاً على الأمر منذ إصداره في سنة 2009، بحيث أُدرجت الإجراءات والمخالفات كلها التي سنّها الكنيست في هذه السنوات بشأن "قانون منع الإرهاب، 2016"، وقوانين الاعتقال وتعريف الجرائم. ونذكر، على سبيل المثال، التعديل رقم 67، وهو الأمر رقم 1827 الذي أضاف على الأمر 1651 تعريفاً جديداً لماهية المواد الضارة شمل كل سلاح كيماوي وبيولوجي وإشعاعي، كما أضاف مخالفة جديدة هي ترؤس "منظمة معادية" لتصبح العقوبة في حالة هذه المخالفة 25 عاماً، وإذا قامت المنظمة بعمليات قتل، تصبح العقوبة سجناً مؤبداً. علاوة على ذلك، أُضيفت مخالفات جديدة لها علاقة بالتصرف وحيازة أملاك تابعة لمنظمة محظورة، أو أملاك استُخدمت لتنفيذ مخالفة.[5] وهذه التعديلات كلها هي عبارة عن استدراج لـ "قانون مكافحة الإرهاب، 2016"، وفُرضت على الأرض المحتلة من دون أي اعتبار لحقيقة أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان هما الإطاران القانونيان الواجب تطبيقهما على الأرض المحتلة، لا القوانين المدنية للسلطة القائمة بالاحتلال، أي إسرائيل.

وسنعرض في هذه المقالة المختصرة كيف استُغلّت أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لفرض واقع قانوني واحد على جانبَي الخط الأخضر مع الحفاظ على سياسات التمييز العنصري، إذ طُبّقت هذه الإجراءات على الفلسطينيين بصورة متفاوتة من ناحية المدد الزمنية وبعض الإجراءات ما بين الأرض المحتلة وفلسطين التاريخية، وأصبح إعلان الحكومة بشأن حالة الطوارىء الخاصة في جميع أرجاء الدولة في 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023، هو الأساس القانوني لهذه التعديلات والإجراءات كافة. 

التعديلات القانونية فيما يتعلق بمعتقلي قطاع غزة

تطبق دولة الاحتلال قوانينها المدنية على المعتقلين من قطاع غزة منذ انسحابها من داخل القطاع في سنة 2005. وهذا يشمل: "قانون المقاتل غير الشرعي، 2002"؛ "قانون الإجراءات الجزائية (صلاحيات التنفيذ - اعتقالات)، 1996"؛ "قانون منع الإرهاب، 2016"؛ وغيرها من القوانين التي تسمح بمحاكمة الفلسطينيين أمام محاكم الاحتلال المدنية. ومنذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، هناك حمّى قانونية لضمان توسيع صلاحيات الاعتقالات، وإطالة أمد فترات التحقيق، ومنع لقاء المحامين، وفرض أقسى العقوبات.

لقد أعلن وزير الأمن يوآف غالانت" معسكر "حقل اليمن" كمكان احتجاز للمعتقلين الذين سيُعتبرون غير شرعيين، وذلك اعتباراً من 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023، ولمدة 10 أسابيع من تاريخه.[6] وهذا المعسكر يقع بالقرب من مدينة بئر السبع، ولم يسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر، ولا للمحامين، بزيارته، ولهذا لا نعلم عدد الأسرى الذين احتُجزوا هناك ولا في أي ظروف، وهل هم مقاتلون أم مدنيون أم من العمال الذين كانوا موجودين في الداخل الفلسطيني في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023. وتكشّف لاحقاً أن مئات من المدنيين وأكثر من 4000 من العمال اعتُقلوا، وأن العمال، في معظمهم، احتُجزوا بشكل غير قانوني من دون عرضهم على أي محكمة، ليتم بعدها ترحيل أكثر من 3000 منهم عبر معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة بعد ثلاثة أسابيع. وتحدث العديد منهم عن ظروف احتجاز لاإنسانية رافقها كثير من التعذيب والمعاملة المهينة بالكرامة، وأن بعضاً من هؤلاء العمال ما زال محتجزاً في مراكز اعتقال وسجون، وتجري محاكمته على مخالفات بحجة الدخول من دون تصريح بموجب "قانون الدخول إلى إسرائيل، 1952". ولاحقاً، أصدرت الحكومة أوامر موقتة تخوّل السلطات احتجاز "المقيمين غير القانونيين" من سكان قطاع غزة إلى حين ترحيلهم إلى القطاع وسط العمليات الحربية هناك، واتُّخذ هذا القرار للتغطية على حقيقة احتجاز العشرات من المعتقلين من دون إجراءات قانونية واضحة.[7]

منذ سنة 2005، تقوم سلطات الاحتلال بالتعامل مع المعتقلين من قطاع غزة الذين لا تتوافر بيّنات في حقّهم بموجب "قانون المقاتل غير الشرعي، 2002"، وهو اعتقال شبيه بالاعتقال الإداري، مبني على ملف سرّي من دون تهمة واضحة، ومدته غير محددة.[8] وكانت الحكومة أصدرت في 26 تشرين الأول / أكتوبر 2023 "أوامر ساعة الطوارىء" للتعامل مع "المقاتلين غير الشرعيين"،[9] وبموجب هذه الأوامر أصبحت سلطة إصدار أمر اعتقال بيد ضابط أقل درجة من القائد العام لجيش الاحتلال ومَن يخوّله هو للقيام بذلك، بهدف تسهيل عملية إصدار أوامر الاعتقال. كما تم تمديد موعد إصدار أمر الاعتقال بعد الاحتجاز لـ 30 يوما بدلاً من 7 أيام، ويمكن إجراء المراجعة القضائية للأمر بعد 45 يوماً من إصداره، وليس 14 يوماً مثلما كان في السابق. وهذا يعني، بطبيعة الحال، أنه بات في الإمكان احتجاز الشخص مدة تصل إلى 75 يوماً قبل عرضه على أي جهة قضائية للبتّ في أمر اعتقاله، ويمكن منعه من لقاء محاميه لـ 45 يوماً ربما تُجدَّد لـ 60 يوماً. وممّا لا شك فيه أن هذه تُعتبر سياسة إخفاء قسري للمحتجزين من خلال القانون، فحتى اليوم لا نعلم عدد المعتقلين من القطاع الذين اعتُبروا "مقاتلين غير شرعيين"، ولم يُسمح بزيارتهم.

أمّا فيما يتعلق بالمعتقلين من قطاع غزة الذين حُوّلوا إلى مراكز التحقيق، فيتم احتجازهم بموجب "قانون الإجراءات الجزائية (صلاحيات التنفيذ - اعتقالات) 1996"، و"قانون منع الإرهاب، 2016". وقد حدّدت هذه القوانين فترة التحقيق قبل تقديم لائحة اتهام بمدة 35 يوماً، ويستطيع القاضي تمديد التوقيف لأول مرة لـ 20 يوماً.[10] غير أن الحكومة أصدرت أوامر جديدة في 7 تشرين الثاني / نوفيمبر 2023،[11] تسمح باحتجاز المعتقل لـ 45 يوماً قابلة للتجديد 45 يوماً إضافية، علماً بأن الحكومة كانت عدّلت سابقاً "قانون الاعتقالات، 1996" بشكل يمنع المعتقل من لقاء محاميه لفترة تصل إلى 90 يوماً.[12] إن هذه التعديلات تعيد إحياء إجراءات الاعتقال والتحقيق بموجب الأوامر العسكرية السابقة التي سمحت باحتجاز المعتقل 3 أشهر من دون مراجعة قضائية حقيقية، وفي عزلة تامة عن العالم الخارجي، وتركه عرضة للتعذيب الشديد. فالتعذيب والاعتقال التعسفي هما جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الجنائي الدولي.[13] 

تعديلات الأوامر العسكرية في الضفة الغربية المحتلة

فور إعلان "حالة الطوارىء الخاصة"، قام القائد العسكري للأراضي المحتلة مباشرة بإجراء تعديلات على الأوامر العسكرية لضمان تسهيل عمل المحاكم العسكرية، ومنح قوات الاحتلال الأدوات القانونية لتنفيذ حملات اعتقالات واسعة النطاق، وتعديل شروط الاحتجاز وأماكنه ليصبح في الإمكان استيعاب أكبر عدد من المعتقلين، حتى لو عوملوا بطريقة مجحفة تمسّ بحقوقهم الجوهرية. وجاء أول تعديل من خلال "الأمر العسكري رقم 2141"، ليعلن إجراء جلسات تمديد التوقيف والمراجعة القضائية لأوامر الاعتقال الإداري من خلال تقنية الفيديو (زووم).[14] وعُلّقت جميع الإجراءات في الملفات التي كان قد قُدّم بها لوائح اتهام سابقاً، كما جرى لاحقاً تعديل هذا الأمر ليشمل جلسات تقديم لوائح الاتهام وافتتاح المحاكمة من خلال تقنية الفيديو، وتم التعديل من خلال "الأمر رقم 2151" في 24 تشرين الأول / أكتوبر 2023.

وتسمح إجراءات الاعتقال استناداً إلى" الأمر العسكري رقم 1651"، وتحديداً بموجب المادة 31، باعتقال الشخص 96 ساعة قبل عرضه على سلطة قضائية، وهذا ما كان يحدث يومياً منذ سنة 2012. غير أن سلطات الاحتلال أبقت على الإجراء الذي يسمح باعتقال الشخص 8 أيام مباشرة من دون عرضه على أي سلطة قضائية إذا ما ادّعت أن الاعتقال جاء في سياق "عملية عسكرية" أو "حرب على الإرهاب"، ويُمنع المعتقل مباشرة من لقاء محاميه ليومين من تاريخ اعتقاله.[15] وجرى لاحقاً تعديل المادة 33 لتوضيح أن مدة 8 أيام تعني 192 ساعة كاملة من موعد توقيع قرار الاعتقال،[16] الأمر الذي أتاح مزيداً من الوقت لاحتجاز المعتقلين قبل عرضهم على سلطة قضائية.

لقد طالت التعديلات إجراءات الاعتقال قبل إصدار أمر اعتقال إداري، وأيضاً إجراءات المراجعة القضائية، وستُطبَّق التعديلات على المعتقلين الإداريين الذين اعتُقلوا قبل هذا الموعد إذا ما جُدّد أمر اعتقالهم خلال فترة تطبيق هذه التعديلات. وجاءت "تعليمات الساعة"[17] لتستبدل فترة التوقيف بهدف إصدار أمر اعتقال إداري من 72 ساعة إلى 144 ساعة كاملة. وفي حال كان المعتقل رهن التوقيف بغرض تقديم لائحة اتهام أو التحقيق وقرر القاضي إطلاق سراحه، فيمكن عندها للنيابة العسكرية طلب توقيفه لـ 144 ساعة لفحص إمكان إصدار أمر اعتقال إداري. وإذا صدر أمر اعتقال إداري، فبموجب هذا التعديل يجب إحضار المعتقل لإجراء عملية المراجعة القضائية لأمر الاعتقال خلال 12 يوما بدلاً من 8 أيام مثلما كان سابقاً. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 حتى منتصف تشرين الثاني / نوفمبر 2023، اعتُقل أكثر من 2800 شخص أغلبيتهم رهن الاعتقال الإداري، إذ صدر نحو 1700 أمر اعتقال إداري، إمّا لمعتقلين جدد، وإمّا لمعتقلين انتهت فترة اعتقالهم خلال هذه المدة.

أمّا على صعيد العقوبات، وخصوصاً تلك التي تهدف إلى ملاحقة الناشطين والصحافيين والطلاب وكل مَن يجرؤ على التعبير عن رأيه، وفرض الترهيب والسيطرة على جميع أفراد المجتمع الفلسطيني، فقد جرى تعديل عقوبة مخالفات التحريض ومساندة "منظمة معادية" لتكون سجناً لعامَين شرط ألّا تقل فترة السجن الفعلي عن نصف هذه المدة، ويسري هذا التعديل حتى بداية العام المقبل.[18]

وكي تكتمل منظومة القمع والسيطرة، كان لا بد من إجراء تعديلات أيضاً على قوانين مصلحة السجون في دولة الاحتلال، من أجل شرعنة القدرة على استيعاب آلاف المعتقلين الجدد، واحتجازهم في ظروف قاسية مهينة بكرامتهم. ونحن في هذه المقالة لن ندخل في تفصيلات ظروف الأسرى والمعتقلين وما واجهوه من عنف وتنكيل وتعذيب أدت إلى استشهاد 6 أسرى حتى تاريخ كتابة هذه السطور، بل سنكتفي فقط بذكر "قانون تعديل أوامر مصلحة السجون" الذي أُقرّ في 18 تشرين الأول / أكتوبر 2023،[19] فاسحاً المجال أمام "وزير الأمن القومي" المعروف بعنصريته وحقده على الأسرى الفلسطينيين، كي يعلن حالة طوارىء اعتقالية. وهذه الحالة تسمح باحتجاز الأسرى من دون توفير أَسرّة للنوم، وبأعداد أعلى في كل غرفة، الأمر الذي يجعل غرف الاعتقال مكتظة ولا تفي بشروط المساحة اللائقة لكل معتقل، والتي كانت قد فرضتها المحكمة العليا سابقاً. 

خاتمة

في ظل غياب المساءلة والمحاسبة الجدية لدولة الاحتلال على ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين لعقود من الزمن، فإنها ستستمر في سياسة توظيفها للقانون كأداة للقمع والسيطرة والتعذيب، ولن تراعي المعايير الدولية والمعاهدات الخاصة لضمان كرامة المعتقلين وحقوقهم الجوهرية. فالمحاسبة فقط من خلال محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم، أو فرض العقوبات على الدولة، وتفكيك النظام العنصري، هي التي ستضع حدّاً لهذه الجرائم.

 

المصادر:

[1] يشرح دافيد كريتشمر باستفاضة في كتابه "احتلال العدالة" دور المحكمة العليا الإسرائيلية في عملية تفسير المادة 43 من اتفاقية "هاج" في عدة قرارات أتاحت للحكومة الإسرائيلية مساحة واسعة للتشريع وفرض سياسات لا تنطبق تماماً مع مبدأ الحفاظ على مصلحة السكان المدنيين، ويُظهر كيف تطور موقف المحكمة العليا خلال الأعوام في تفسير مفاهيم كالضرورة والأمن العام وغيرهما، بصورة تتماشى مع مصلحة الدولة أكثر. انظر:

David Kretzmer, The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories (New York: SUNY Press, 2002), pp 57-72.

[2] يتم التوقيف الإداري بموجب الأمر العسكري في ذلك الحين، المعنون: "الأمر بشأن تعليمات الأمن" (يهودا والسامرة) (378)، 1970. وكانت المادة 78 تسمح باحتجاز المعتقل 8 أيام قبل عرضه على المحكمة، من خلال تعديل رقم 19 لـ "لأمر العسكري 378"، و"الأمر العسكري رقم 1500"، وهو "الأمر بشأن الاعتقالات في وقت الحرب" (تعليمات موقتة) (يهودا والسامرة) (رقم 1500)، والذي صدر في 5 / 4 / 2002. وبعد ثلاثة أشهر تم تقصير المدة إلى 12 يوماً، ومع نهاية سنة 2002 قُصرت مرة أُخرى لتصبح 8 أيام.

[3] من تلك التعديلات: "الأمر بشأن اعتقالات إدارية" (تعليمات موقته) (تعديل رقم 19)، "الأمر 1499" الذي صدر في 1 نيسان / أبريل 2002.

[4] قدمت مؤسسة "عدالة" ومؤسسات حقوقية أُخرى التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد "الأمر العسكري 1500" والتعديلات التي تمت على إجراءات الاعتقال (التماس 02 / 3239 إياد إسحق مرعب وآخرين ضد قائد قوات جيش الدفاع في منطقة يهودا والسامرة وآخرين). انظر: "التماس للعليا ضد الأمر العسكري الذي يمنع معتقلين فلسطينيين من لقاء محاميهم: إياد محمد إسحق مرعب ضد ضابط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية"، "المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل / عدالة".

[5] "الأمر رقم 1827"، وهو بشأن تعليمات الأمن (تعديل رقم 67) (يهودا والسامرة)، الذي صدر في 9 شباط / فبراير 2020.

[6] صدر "أمر احتجاز مقاتلين غير شرعيين" (تحديد مكان الاحتجاز) (تعليمات موقته)، في 8 / 10 / 2023.

[7] صدرت تعليمات ساعة الطوارئ (السيوف الحديدية) (احتجاز وإبعاد المقيمين غير القانونيين من سكان قطاع غزة)، في 9 / 11 / 2023.

[8] للمزيد عن هذا القانون وإجراءاته، انظر: "الاعتقال الإداري في الأراضي الفلسطينية المحتلة: تقرير تحليل قانوني" (رام الله: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، 2016).

[9] أوامر ساعة الطوارىء (مواعيد التعامل مع المقاتلين غير الشرعيين في زمن الحرب او العمليات العسكرية) (تعديل) 2023، صالحة لـ 9 كانون الثاني / يناير 2024.

[10] زذلك بموجب المادة 47 من قانون "منع الارهاب 2016".

[11] "أوامر ساعة الطوارىء" (السيوف الحديدية) (تمديد اعتقال لمشتبه بمخالفات أمنية)، 2023,

[12] "أوامر ساعة الطوارىء" (السيوف الحديدية) (لقاء مع محامي لمعتقل بمخالفات أمنية)، والتي صدرت في 24 / 10 / 2023.

[13] تُعتبر هذه الإجراءات جرائم حرب بموجب اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب (12 آب / أغسطس 1949)، المادة 147، ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17 تموز / يوليو 1998، المادة 8.

[14] "الأمر رقم 2141"، بشأن عقد جلسات عبر تقنية الفيديو بمشاركة الأسرى، المعتقلين والمحتجزين في حالة الطوارىء (تعليمات موقته) (يهودا والسامرة)، 2023.

[15] بموجب المادة 33 من "الأمر العسكري 1651".

[16] بموجب "الأمر بشأن تعليمات الأمن" (تعديل رقم 80) (يهودا والسامرة) (رقم 2146)، والذي صدر في 17 تشرين الأول / أكتوبر 2023.

[17] بموجب "الأمر بشأن تمديد مواعيد الاعتقال الإداري" (السيوف الحديدية) (تعليمات موقته) (يهودا والسامرة) (رقم 2148)، والذي صدر في 20 تشرين الأول / أكتوبر 2023.

[18] "الأمر بشأن تشديد عقوبة مخالفات التحريض ودعم منظمة معادية" (السيوف الحديدية) (تعليمات موقتة) (يهودا والسامرة) (رقم 2153)، والذي صدر في 27 / 10 / 2023.

[19] قانون تعديل "أوامر مصلحة السجون" (رقم 64 / تعليمات موقته / السيوف الحديدية) (حالة طوارىء اعتقالية)، 2023.

السيرة الشخصية: 

سحر فرنسيس: مديرة مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان".