تعود هجرة الفلسطينيين، من مسلمين ومسيحيين، من أرضهم إلى تقليد طويل تبلور في نهاية القرن التاسع عشر، وخضع لأسباب اقتصادية في المقام الأول. وإذا كانت ظاهرة الهجرة هذه ملحوظة، بصورة أكبر، بين صفوف المسيحيين الفلسطينيين، فلعل ذلك يرجع إلى مستوى عالٍ من التعليم والتعددية اللغوية وروح المبادرة التي تميّزهم. ثم صارت الأسباب السياسية هي التي تحفز الهجرة، إذ تسببت النكبة الفلسطينية في سنة 1948، ثم الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، في هجرة نحو 50 ألفاً من المسيحيين الفلسطينيين، أو نحو 35 % من المسيحيين الذين عاشوا في فلسطين الانتدابية. وبينما شهدت سنوات الانتفاضة الأولى هجرة أعداد من الخريجين الجامعيين المسيحيين الذين سدت في وجههم الآفاق الاقتصادية، شهدت السنوات التي أعقبت التوصل إلى "اتفاق أوسلو" عودة عدد كبير من المثقفين ورجال الأعمال المسيحيين إلى وطنهم، ثم استؤنفت حركة الهجرة خلال سنوات الانتفاضة الثانية. وقد شملت هذه الهجرات على الخصوص العائلات المسيحية الثرية و/ أو أولئك الذين لديهم شبكة من الأقارب في الخارج، وكذلك الطلاب الذين لم يتمكنوا من مواصلة دراستهم في فلسطين[1].واليوم، يعيش في فلسطين التاريخية 182000 مسيحي فلسطيني، من مواطني دولة إسرائيل، بحسب إحصاء أجراه مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل في أواخر سنة 2021، يتركزون في الغالب في الشمال، وخصوصاً في مدينتي الناصرة وحيفا. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد المسيحيين في الضفة الغربية المحتلة يبلغ نحو 50 ألفاً، يتوزعون على مدن القدس الشرقية، وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، ورام الله، وعلى بلدات وقرى بيرزيت، والطيبة، وجفنا والزبابدة، بينما يبلغ عدد المسيحيين في قطاع غزة الخاضع للحصار الإسرائيلي نحو 1200.
إسرائيل تريد القضاء على المجتمع المسيحي في فلسطين
في 31 تشرين الأول/اكتوبر 2019، نشر رمزي بارود، الزميل الباحث في "مركز أورفاليا للدراسات العالمية والدولية بجامعة كاليفورنيا"، مقالاً أرجع فيه تناقص عدد السكان المسيحيين في فلسطين "بمعدل ينذر بالخطر"، إلى السياسات التي تنتهجها إسرائيل، متوقفاً، في هذا الصدد، عند ما حصل في مدينة بيت لحم، فأشار إلى أنه "قبل 70 عاماً، كانت بيت لحم، مسقط رأس المسيح، تضم 86٪ من المسيحيين، لكن التركيبة السكانية للمدينة تغيّرت بصورة جذرية، لا سيما بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في حزيران/يونيو 1967 وبناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي غير القانوني منذ سنة 2002، الذي يهدف جزء منه إلى عزل بيت لحم عن القدس وعزلها عن باقي المدن في الضفة الغربية"؛ فهذا الجدار الذي يحيط ببيت لحم شرقاً وغرباً، "لم يبقِ للاستخدام الفلسطيني سوى 13 % من محافظة بيت لحم". وهكذا، "تم طرد المسيحيين الفلسطينيين في بيت لحم بأعداد كبيرة من مدينتهم التاريخية، تحت الحصار المتزايد"، وتبيّنت، بصورة واضحة، "العلاقة بين تقلص عدد السكان المسيحيين في فلسطين والاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري".ويستشهد بارود بدراسة أجرتها جامعة دار الكلمة في بيت جالا ونشرت في كانون الأول/ديسمبر 2017، استندت إلى مقابلات مع ما يقرب من 1000 فلسطيني، نصفهم من المسيحيين ونصفهم الآخر من المسلمين، وكان أحد أهدافها الرئيسية هو فهم سبب الاختفاء التدريجي للسكان المسيحيين في فلسطين، وهي الدراسة التي خلصت إلى أن "ضغط الاحتلال الإسرائيلي، والإكراه الدائم، والسياسات التمييزية، والاعتقالات التعسفية، ومصادرة الأراضي تزيد من الشعور العام باليأس لدى المسيحيين الفلسطينيين"، وتدفع بعضهم إلى الهجرة. أما الادعاءات بأن المسيحيين الفلسطينيين "يغادرون بسبب التوترات الدينية بينهم وبين إخوانهم المسلمين فليس لها أساس".وينهي الباحث نفسه مقاله بالإشارة إلى أن استراتيجية إسرائيل تقوم "على فكرة أن مجموعة من العوامل - الصعوبات الاقتصادية الهائلة، والحصار الدائم ونظام الفصل العنصري، وانهيار الروابط المجتمعية والروحية - ستؤدي في النهاية إلى طرد جميع المسيحيين من وطنهم، فلسطين"، بما يمكنها "من تصوير الصراع في فلسطين على أنه نزاع ديني حتى تتمكن من تصوير نفسها على أنها دولة يهودية محاصرة وسط سكان مسلمين مهيمنين إلى حد كبير في الشرق الأوسط"[2].
شواهد على معاناة المسيحيين الفلسطينيين
في مقال نشره في أيار/مايو 2021، تناول الصحافي لوك بالبون (Luc Balbont) معاناة المسيحيين الفلسطينيين خلال العدوان الذي شنته إسرائيل في ذلك الشهر على قطاع غزة، فاستشهد بما ورد في حديث الأب الشاب فراس عبد ربه، سكرتير المطران بيير باتيستا بيتسابالا مطران القدس للاتين، الذي قال: "نعيش هذه الحرب مثل مواطنينا المسلمين في خوف، مع شعور عميق بأن هذا العالم قد هجرنا"، وصار "الضحايا يوصفون بالإرهابيين والمحتل بالضحية". كما استشهد بما قاله له في اتصال هاتفي الأب غابرييل رومانيلي، راعي الكنيسة الكاثوليكية للعائلة المقدسة، وهو مستعرب من أصل أرجنتيني، ومما جاء فيه: "لقد تم قصف العديد من منازلنا، واضطرت العائلات إلى الفرار للاحتماء في المدارس الثلاث التي لدينا؛ هذه هي الحرب الثالثة التي نشهدها منذ سنة 2014، وألاحظ بقلق أن مجتمعنا يتقلص كل عام. عندما أتيت إلى هنا من أجل رسالتي قبل 15 عاماً، كان في غزة 3500 مسيحي، ويبقى اليوم 1077 شخصاً بينهم 133 كاثوليكياً". وعندما سئل عن مستقبل هؤلاء المسيحيين في غزة، أجاب بحزن "أنه في كل عام يرى أسراً قلقة على أطفالها، بالنسبة لهم لا يوجد مستقبل. لذلك يهاجرون. إنه أمر مفجع حقاً لأن الوجود المسيحي في غزة يلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على التنوع والسلام الداخلي".
كما استشهد الصحافي نفسه بشواهد أخرى على معاناة المسيحيين الفلسطينيين جراء السياسات الإسرائيلية، فأشار إلى مثال جورج من بيت لحم، حيث يعيش مع زوجته وأطفالهما الأربعة، والذي يحتاج أحياناً إلى ثلاث ساعات وأكثر، للوصول إلى القدس حيث يعمل، بينما المسافة بين المدينتين لا تتجاوز الكيلومترات الثمانية، "لكن هذا المسيحي الأرثوذكسي يجب أن يجتاز الجدار العازل الخرساني الكبير الذي يبنيه الإسرائيليون" ويمر على "نقطة تفتيش، حيث يتم استقباله في أغلب الأحيان بازدراء. وعندما يقرر الأمن إغلاق المعبر، يستدير جورج عائداً إلى بيت لحم ويفقد راتبه اليومي".
هل يتحلى المسيحيون الفلسطينيون بالصبر لانتظار أيام أفضل؟ " كل يوم يغادر الشباب البلاد لبناء مستقبل في مكان آخر؛ هذا خوفي" ، تقول نائلة، وهي مسيحية في الستينيات من عمرها، وتضيف: "قريباً، ستكون هناك كنائس فقط، لكن من دون مؤمنين، ومن دون معمودية؛ باختصار كنائس الصمت والأحجار الميتة". أما نورا كرمي، المولودة في القدس سنة 1947، وهي "مقاومة سلمية وحازمة للاحتلال الإسرائيلي"، فقد ردت عن سؤال بشأن موقفها من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بقولها: "من خلال طرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس - وهو نوع من التطهير العرقي- واقتحام المسجد الأقصى، وهو موقع مقدس للإسلام، أشعلت الشرطة الإسرائيلية ثورة الشباب غير المتوقعة، ثم في غزة، جاءت حماس لتقديم دعمها من خلال الصواريخ التي تريح نتنياهو، للأسف، والأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة العنصرية والمناهضة للعرب". وتابعت تقول إنها لا تشعر بالقلق، ذلك "إننا كنا هنا منذ أكثر من 2000 عام، ونحن، بتاريخنا وكنائسنا ومدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا وخدماتنا الاجتماعية، نشارك بصورة كبيرة في حياة البلد، ونناضل من أجل بناء مجتمع عادل، حيث لا يتم التعامل مع غير اليهود كمواطنين من الدرجة الثانية، هذا هو سبب الكفاح الذي أخوضه بحب، ولكن بحزم"[3].
ومن الشواهد على معاناة المسيحيين الفلسطينيين جراء الاستراتيجية التي تنتهجها إسرائيل إزاءهم التقييدات التي تفرضها الشرطة الإسرائيلية على المشاركة في الصلاة والوصول إلى الكنائس في البلدة القديمة من القدس أو في بيت لحم خلال الأعياد، والعنف ضد المؤمنين الذين يصرون على ممارسة حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية. ففي 11 نيسان/ أبريل 2022 ، رفضت بطريركية القدس للروم الأرثوذكس أوامر الشرطة الإسرائيلية بتحديد عدد المصلين في احتفالات عيد الفصح بـ 1000 مصلٍ، بما في ذلك احتفالات سبت النور، يومي 23 و 24 من ذلك الشهر، وأصدرت بياناً جاء فيه: "نؤكد التزامنا القوي والمتجدد بحقنا الطبيعي في الاحتفال بأعيادنا مع مجتمعاتنا وعائلاتنا والمشاركة معاً في الصلاة في كنائسنا في البلدة القديمة في القدس"[4]. أما في قطاع غزة، فقد صارت السلطات الإسرائيلية لا تسمح سوى لعدد قليل من المسيحيين بالاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم؛ ففي سنة 2019، تقدم نحو 900 فلسطيني بطلب للحصول على تصاريح الخروج من القطاع والمشاركة في احتفال عيد الميلاد في بيت لحم، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل شديدة، إذ لم تسمح إسرائيل سوى لنحو 200 مسيحي منهم بالمشاركة في ذلك الاحتفال[5].
شركاء في الحفاظ على الهوية الفلسطينية وفي البناء الوطني
رغم أن تقلص عدد المسيحيين الفلسطينيين هو حقيقة لا جدال فيها، فإن مكانتهم في المجتمع الفلسطيني لا يمكن تقويمها بالأرقام وحدها؛ فهم اضطلعوا، من خلال صمودهم وارتباطهم العميق بالأرض ومساهماتهم الثقافية والفنية ومعرفتهم العلمية، بدور مهم في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، وفي عملية البناء الوطني.ففي مطلع أيلول/ سبتمبر 2014، اعترف جدعون ساعر، وزير الداخلية الإسرائيلي آنذاك، بالهوية "الآرامية" بصفتها فئة رسمية في سجلات الدولة، بما يسمح للمسيحيين الراغبين في الانفصال رسمياً عن هويتهم العربية الفلسطينية بتبنيها، في الوقت الذي شنت فيه الحكومة الإسرائيلية حملة غير مسبوقة لتجنيد المواطنين الفلسطينيين المسيحيين في إسرائيل. بيد أن جزءاً هامشياً من الطوائف المسيحية أعرب عن رغبته في التجرد من عروبته وتقديم نفسه بصفته "آرامياً"، والانخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي، وذلك على الرغم من الحملة المسعورة التي شنها الأب الأرثوذكسي جبرائيل نداف لإقناع المسيحيين بتبني الهوية الآرامية، والتجند في صفوف الجيش الإسرائيلي. وبحسب الباحث كميل ليفي، يعود السبب الرئيسي وراء إخفاق حملته تلك إلى "التعبئة الفورية لجزء كبير من النخب الفلسطينية المسيحية والمسلمة ضد ما يعتبرونه سياسة دولة استعمارية وطائفية إلى حد كبير"، وإلى "ثبات السلوك السياسي للمسيحيين الفلسطينيين في إسرائيل"، ورغبتهم "المتجددة والمؤكدة في الانتماء إلى الأقلية القومية العربية الفلسطينية - وبشكل أوسع إلى الشعب الفلسطيني". كما يعود إلى دروس تجربة المواطنين العرب الدروز الذين "ظلوا، على الرغم من تجنيدهم الإلزامي في الجيش الإسرائيلي، مواطنين غير يهود في دولة أولويتها هي الحفاظ على طابعها العرقي؛ بعبارة أخرى، لم تعفهم الخدمة العسكرية من العنف أو سياسات الدولة التمييزية"[6].وعلى صعيد البناء الوطني، يؤكد الباحث نفسه أن المدارس المسيحية، على وجه الخصوص، "رعت جيلاً جديداً من المواطنين المسيسين الواعين بفلسطينيتهم، والملتزمين على المستوى المحلي والوطني في الأحزاب وفي مؤسسات المجتمع المدني"، حتى أن عدد المسؤولين المنتخبين في هذه الأحزاب والمؤسسات "أعلى بصورة عامة من نسبة المسيحيين في المجتمع العربي". كما يشير إلى أن انتخابات الكنيست لسنة 2015، التي شهدت تشكيل "القائمة المشتركة"، لم تشهد "ظهور تصويت مسيحي، بل تصويت عربي موحد نسبياً يعارض النظام الاجتماعي والسياسي لدولة إسرائيل"، بحيث كان "السلوك الانتخابي للأقلية المسيحية شبيهاً بسلوك المجتمع العربي ككل"[7].ويرى عدد من الباحثين أن بعض رجال الدين المسيحي اضطلع بدور مهم في ضمان تمسك المسيحيين الفلسطينيين بهويتهم ومشاركتهم الفعالة في البناء الوطني، ومن أبرزهم الأب الدكتور نعيم عتيق، مؤسسة مركز "السبيل" في القدس، الذي صاغ "لاهوت التحرير الفلسطيني" (1989) ، وهو لاهوت متجذر في السياق الفلسطيني. وترى فيوليت خوري الصيدلانية من الناصرة، التي شاركت في تأسيس مركز "السبيل"، أن "العدل قبل السلام لأن كل شيء يبدأ بالعدالة، والعدل على أساس الحقيقة؛ والحقيقة في حالة فلسطين يجب أن تكون معلومة ومكشوفة؛ يتحدث معظم المراقبين عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وكأن هناك صراعاً بين طرفين متساويين، ولكن أين نجد طرفين متساويين؟ أحدهما له كل الحقوق، وكل السلطة ويتحكم في كل شيء، والآخر لا يملك شيئاً، ويعاني؛ إنه ليس صراعاً، إنه ظلم بين ظالم ومظلوم .. إذا رفع المظلوم صوته وقام برد فعل يصبح إرهابياً، وإذا ظلم الظالم فيقال له لك الحق في الدفاع عن النفس". ومن رجال الدين الذين دعوا إلى مشاركة المسيحيين الفلسطينيين في عملية البناء الوطني، البطريرك ميشيل صباح، الذي شغل منصب البطريرك اللاتيني من كانون الثاني /يناير 1988 إلى آذار/ مارس 2008، والذي كان يؤكد "أن الدونية العددية للمسيحيين الفلسطينيين لا تعني التهميش، بل على العكس من ذلك"، وهو كان يحث المسيحيين على القيام "بدورهم الفاعل في بناء المجتمع الفلسطيني الذين هم جزء لا يتجزأ منه"[8].والواقع، أن المثقفين المسيحيين شاركوا في الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ولادتها في مطلع القرن العشرين، وشغلوا مواقع قيادية عديدة في فصائل الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان دورهم بارزاً، خلال سنوات الانتفاضة الأولى، إذ أصبحت بلدة بيت ساحور التي يقطنها عدد كبير من المسيحيين رمزاً لانتفاضة الضرائب التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. كما شارك المسيحيون في مؤسسات السلطة الفلسطينية، وفي المجلس التشريعي.طبعاً، لا يتعلق الأمر بإخفاء التوترات التي تحدث أحياناً بين المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين، وخصوصاً من جانب عدد قليل من المتطرفين، كما حصل مثلاً عند وقوع انفجار في إحدى الكنائس في قطاع غزة سنة 2014 تبنته جماعة إسلامية أصولية مرتبطة بـ " داعش"؛ وبحسب الأب مانويل مسلم، "فإن مثل هذه الأحداث تدينها حركة "حماس" بصورة منهجية، وترسل قوات الأمن لحماية الكنائس عند حدوث توترات "[9].
[1] https://www.cairn.info/revue-confluences-mediterranee-2008-3-page-59.htm
[2] https://www.chroniquepalestine.com/israel-veut-faire-disparaitre-communaute-chretienne-palestine/
[3] https://www.cath.ch/newsf/israel-palestine-des-chretiens-dans-la-guerre/
[4] https://www.cath.ch/newsf/paques-orthodoxe-1000-personnes-autorisees-au-saint-sepulcre/
[5] https://www.lemonde.fr/blog/filiu/2019/12/25/la-verite-sur-israel-et-les-chretiens-de-gaza/
[6] https://journals.openedition.org/remmm/14266?lang=en (2020)
[7] https://www.reforme.net/monde/2021/05/27/israel-nest-pas-letat-de-tous-ses-citoyens-une-chretienne-palestinienne-temoigne/
[8] https://www.cairn.info/revue-confluences-mediterranee-2008-3-page-59.htm
[9] https://blog.sens-public.org/maram/les-chretiens-de-gaza/