رؤية المخيم في قراءة لتجهيز عبد الرحمن قطناني
التاريخ: 
03/12/2019

عند رؤية التجهيز الفني  للفنان عبد الرحمن قطناني الذي جهزّ مخيماً، يتبادر إلى الذهن سؤال هو: كيف عبّرت رؤية المخيم (أو طريقة تخطيط المخيم) عن نفسها في هذا التجهيز الفني؟

أربعة أبعاد

في هذه القراءة للعمل الفني، هناك أربعة أبعاد متصلة للتعبير عن المخيم – بعيداً عن النقد الفني الجمالي. قبل وصولنا إلى تجهيز بيوت المخيم، تظهر منحوتات أناس متنوعين علقت على الجدران مثل طفل يصفق، نُحت من الزنكو (صفيح مموّج) أساساً ويلبس بنطالاً قصيراً أخضر، نُحت من حديد برميل نفط أيضاً، وظِلُّ الطفل الكبير من حديد برميل نفط ملون بالكحلي. وعندما نترك تجهيز بيوت المخيم، تقابلنا منحوتات أناس أيضاً، مثل طفل من الزنكو يحمل طائرة ورقية ويظهر ظله الكبير، ويمسك الطفل بطائرته الورقية من خلال خيط هو عبارة عن سلك شائك. وقد نُحت الطفل من الزنكو وهو يرتدي بنطالاً قصيراً أحمر نُحت من حديد برميل نفط أيضاً، ونُحتت الطائرة الورقية من صفيح تنك صفائح الجبن أو الزيت. ويظهر هذا البعد الناس أنفسهم في أحلامهم وظروفهم الحياتية.

 في البعد الثاني للعمل، يحتجب تجهيز المخيم خلف جدار أبيض علقت عليه ما يبدو أنه دروع مستديرة نحتت فيها ملامح وجوه قادة تاريخيين من المنطقة العربية ومحيطها. وتراوحت انتماءات هؤلاء القادة ما بين من ربط نفط منطقة الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، ومن أبدى  مقاومات متباينة لهذا المشروع. ومن ضمن الوجوه يظهر وجه قائد راديكالي هو (كارلوس)، الذي خطف ذات مرّة 11 وزير نفط في اجتماع منظمة أوبك سنة 1975. وقد حفرت وجوه هؤلاء الزعماء على الأغطية المستديرة لبراميل نفط شركات عالمية، مثل توتال وإلف وغيرها بألوانها الحمراء والرمادية.

والبعد الثالث، يتمثل في تجهيز بيوت المخيم الذي يحتجب خلف الجدار الأبيض. هو مخيم فلسطيني لأننا نتوقع ذلك، وهو أي مخيم أيضاً حيث نعيش اليوم انفلاش المخيمات السورية والعراقية والليبية وغيرها وسط احتلالات جديدة أو ديكتاتوريات قديمة. وقد باتت المنطقة العربية مصدراً مهماً للاجئين حول العالم، الذين تخطى عددهم 65 مليون لاجئ، وهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها عدد اللاجئين إلى هذا الحد منذ الحرب العالمية الثانية.

ثم بعد الانتهاء من المخيم، نخرج إلى تجهيز موجة كبيرة صنعها الفنان من أسلاك شائكة، وهو البعد الرابع الذي يجري نقاشه هنا كرمز لبعد التحرر الذي يلازم المخيم ومحيطه.

صلات المخيم

في الأبعاد الأربعة هذه، يتصل المخيم بما في داخله فهو ليس تجريداً بلا ناس يقطنونه، ويتصل بما في خارجه فهو ليس جزيرة معزولة. ليس المخيم مكاناً منعزلاً عن محيطه، أو عن مسبباته والصراعات التي أنتجته. المخيم جزء من هذه الصراعات ويتفاعل معها، ويقاوم ويُضحِّي ويُضَحَّى به أيضاً في صراعات زعماء بمن فيهم أولئك الذين ظهروا على الجدار الأبيض في التجهيز الفني.

هذا مدخل مباشر إلى سبب رئيسي لما حدث ويحدث للمنطقة العربية ومحيطها، بما فيها فلسطين، والتي صارت ولاّدة مخيمات ولاجئين. تتمثل الأسباب بهذا العنف والحروب ومحاورها والتسلط، المتفلت من العقال، الذي يميز المنطقة العربية ومحيطها، والتي شارك بها المخيم وكان ضحية لها أيضاً.

وهذا النفط معطوف على الطابع الاستراتيجي للمنطقة، هما مدخل يقترح علينا جزءاً أساسياً من الإجابة عن سؤال: لماذا أنشئت إسرائيل في المنطقة واستمر دعمها، ولماذا بات هناك عشرات المخيمات الفلسطينية ولماذا تعيش هذه المخيمات معلقة ومهمشة لنحو 70 عاماً. وهو يمثل جانباً مهماً من البنية التي تحكم المنطقة، والتي تنعكس بشكل مباشر ليس على طبيعة المخيم فحسب، وإنما على وجوده أيضاً. ومن أمثلة هذا الانعكاس، برميل النفط الذي يملك خاصية التحول إلى برميل حاجز حول المخيم، إلى جانب جدار يفصل المخيم عن محيطه وعن الناس.

نقرأ أبحاثاً عن المخيمات، أو تقام مشاريع من قبل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية في المخيمات، وتتعامل كثير من هذه الأبحاث أو المشاريع مع المخيمات كجزر معزولة عما يحيط بها. غير أن التجربة التاريخية للمخيمات، بالفعل اليومي، هي تجربة تواصل مع محيطها. فمخيم نهر البارد اتصل تاريخياً بعكار في شمال لبنان، واتصل مخيم  تل الزعتر بالدكوانة وكل الأحياء العمالية المحيطة به. واتصل شاتيلا بصبرا وبالطريق الجديدة وحرش شاتيلا، ومخيم عين الحلوة متصل بصيدا.

لا يطال هذا الأمر مخيمات لبنان فحسب، وإنما أيضاً مخيمات الدول العربية الأخرى. إذ شكّل مخيم اليرموك امتداداً سكنياً واقتصادياً واجتماعياً حيوياً لدمشق ومناطق سورية متعددة، والأمر كذلك في مخيم الوحدات في عمّان أو كثير من مخيمات الداخل الفلسطيني. باتت المخيمات امتدادات اجتماعية واقتصادية (كأن تكون سوقاً شعبياً رئيسياً) وسياسية للأحياء وللمدن نفسها، إلى أن يقام الحاجز الذي يُصرّ على فصل المخيم عن محيطه بالأسلاك الشائكة وحواجز البراميل والجدران الفاصلة أحياناً.

كما لا يمكن عزل المخيم عن أناسه، أي كمكان يوصف بالسلبية (أو حتى بالإيجابية في أدبيات للمقاومة)، من دون رؤية الناس أنفسهم التي تكسر الرؤى النمطية عنه.

وثمة ما هو تاريخي على ما يبدو في العمل الفني، فهو يتحرك مع الزمن. فعدا عن تاريخ الزنكو والتنك المستخدم في بناء البيوت أو في نحت الأشخاص، وهي مواد عاشت مع الناس في المخيم منذ إنشائه، ونالها ما نال الناس كما يقول قطناني، وباتت ظلالاً لهم، تبدو هناك محاولة الانتقال من زمن إلى آخر مثل الانتقال من زمن قادة عرب تاريخيين وصراعاتهم إلى موجة ضخمة صنعت من أسلاك شائكة في الجزء الأخير من التجهيز الفني.

في صورة معبّرة التقطها الفنان سروان باران من الأسفل لهذه الموجة في التجهيز الفني، تظهر نهاية الموجة كأنها رذاذ ماء موجة ينقض على الأسلاك الشائكة (نشرت على موقعه في فيسبوك). وقد أعطى باران تفسيراً لهذه الموجة بأنها تمثل الثورات التي هبّت على لبنان والعراق. لا يبتعد هذا التفسير عن دعوة غاليري صالح بركات، التي احتضنت التجهيز، لافتتاح هذا العمل إذ ورد: "في سياق الاحتجاجات المستمرة في لبنان، يفتح معرض صالح بركات أبوابه مرة جديدة كي تستنطق، عبر الفن، القضايا الراهنة التي تؤثر بالبلد. ندعوكم لزيارة التجهيز الهائل الذي أنتجه الفنان عبد الرحمن قطناني، والذي يطرح السؤال: أي مستقبل ينتظرنا؟". وجدير بالذكر في هذا السياق، أن هذه الموجة الاحتجاجية في لبنان ودول عربية تخللتها أيضاً موجة انتفاضة المخيمات الفلسطينية في لبنان في تموز/يوليو 2019. فالسعي نحو الحرية هي سمة مستمرة للمنطقة كما للمخيم.


المخيم يشاغب على تصنيفه

في نظريات التخطيط المديني، سادت لفترة طويلة- ولا تزال- نظريات تنطلق من مركزية التخطيط في المدينة والأحياء بحيث تكون هناك معايير مركزية واضحة للبناء، مثل معايير نسبة تراجع المبنى عن حدود الأرض العقارية، وارتفاع المبنى، ومسافة تباعد المباني عن بعضها البعض، وصولاً إلى طبيعة مواد البناء، خصوصاً تلك المستخدمة في الشكل الخارجي. وعادة، ما تضع هذا التخطيط المركزي سلطة مركزية كي يتقيّد الناس بهذا التخطيط خلال البناء. ويشيع هذا التخطيط المركزي ثقافة تنظر إلى الأحياء الشعبية غير النظامية بنوع من التعالي، مثلما فعلت هذه الرؤية تاريخياً عندما هجرت فئات من الناس بيوتها وأحياءها في وسط المدن القديم، لتبني بيوتاً في أحياء حديثة للمدينة. وعادة ما تسمى هذه الأماكن غير النظامية "عشوائيات"- أو "أحزمة بؤس" بأحسن الأحوال- حيث تطغى النظرة السلبية على هذه الأماكن. 

وعندما تكون هذه الأحياء غير النظامية مخميات لاجئين، بما فيها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، فإن هذه السلبية في النظرة السائدة إلى المكان تنطوي على مزيد من السلبية. فضلاً عما سبق، يزيد من النظرة السلبية تجاه المخيم الارتياب من الغرباء، واحتمال أن يصبح المخيم مكاناً اعتيادياً وسط أحياء "نظامية" أو إلى جانبها، أو يعمّ الخوف من أن ينتفض المخيم ليتحرر.

ما يقترحه تجهيز المخيم الذي أعدّه قطناني هو أن هذا المكان يتسم بعشوائية ما (مثل خشبة شباك ليست مستقيمة تماماً، أو طاقة صغيرة تبدو للوهلة الأولى خارج صف الشبابيك المعتاد)، إلا أنه ليس عشوائيا تماماً. فالتخطيط جزء من المكان أيضاً عبر بيوت يتكئ أحدها على الآخر، وتأخذ نسقاً في النهاية (قد يكون باتباع قاعدة مثل "لا ضرر ولا ضرار" بدل قواعد بناء معدّة سلفاً كالتراجعات). إنه تخطيط عضوي ويومي يختلف عن التخطيط المركزي ويشترك معه أيضاً.

وينتج عن هذا التخطيط اليومي شوارع وزواريب يلعب بها أطفال، وقد بدت في التجهيز الفني مستقيمة. وهؤلاء الأطفال يعرفهم الجيران عادة ويهتمون بهم، بعيداً عن خطر السيارات أو الضياع وسط بيئة تتسم أيضا باهتمام جماعي بالأطفال في الزاروب (وإن لا يخلو الأمر من عنف أيضاً). وتنطوي الألوان على انسجام في النهاية، مثل ألوان براميل النفط المستخدمة في البناء، وألوان الخشب والزنكو وغيرها، وتتناسق فيما بينها، بحيث تجعل لون برميل النفط الفاقع يتآلف مع غيره من ألوان المواد الخام. إنه تآلف داخل القسوة ورغماً عنها. إنه تخطيط، ضمن ظروف بالغة القسوة، ينطلق من الناس أنفسهم وحاجاتهم الأساسية وعلاقاتهم بعضهم  ببعض.

تطويع القسوة

حتى في ظلّ القسوة والتهميش التي ينشأ المخيم داخلها، يظلّ نقيض المستعمرة الإسرائيلية المخططة بشكل مركزي تماماً وتبدو متعالية على كل ما حولها. يشبه المخيم بهذا المعنى وسط البلد القديم في مدينة عربية، ولكنه بني ضمن ظروف تهميش، وربما وسط حصار وسرعة في البناء تجعل الأشكال تخرج عن الإغلاق المحكم. فليس المربع مربعاً مكتملاً - مثلما يصعب إحكام احتواء المخيم. يدعو معرض قطناني إلى تأمل هذا النمط من البناء، لا إلى نفيه من تصور العمران، بل إلى الاعتراف به كمكان فيه حياة واختلاف عن النمط السائد، ولكنه ضمن المشترك الإنساني، حيث السكن والعمل ولعب الأطفال والحلم والتحرر.

يبدو تجهيز قطناني دعوة إلى إعادة الاعتبار إلى شرعية المخيم، وحتى إلى الاعتراف بنواح جمالية فيه، لكنه يحتاج إلى أن يتحسن ويتحرر من هذه القسوة الواضحة في العمل الفني. وهذا يتماشى مع أبحاث نقدية حديثة، تذهب في هذا الاتجاه وفي ضرورة الاعتراف بالأحياء غير النظامية وفك الحصار عنها (المعماري والحياتي والسياسي)، وفي ضرورة دعمها وتحسينها، علماً أن ما يقارب نصف مدن عربية رئيسية كالقاهرة ودمشق تتصف أحياؤها بالطابع غير النظامي. ويظهر معماريون سوريون أن حرفة معمار البيوت للبيوت غير النظامية في المدن العربية، لذي يعمّر سقفاً في ليلة وضمن تكلفة قليلة، هي واحدة من الحِرف التاريخية التي تتميّز عن مهنة المهندس المعماري الحديث.

وعلى الرغم من هذا التطويع المقاوم، فإن المخيم لا يدعو بسهولة إلى الحنين، فالسلك الشائك وبرميل النفط ينتظران هذا الحنين الرومانسي ليصفعانه. فهو بحاجة إلى أن يتحرر من البنية القاسية المفروضة عليه، بما فيها بنية المستعمَرَة التي أنتجته وشكّلت نقيضه، وأن يرتاح. ويبدو تجهيز المخيم الفني ضيّقاً، فشبابيكه وأبوابه صغيرة، بينما منحوتات ناس المخيم أكبر حجماً.

وإلى جانب القسوة الكبيرة التي يعيشها المخيم، والتي تتجلى في التجهيز من خلال الأسلاك الشائكة أو المعادن الحادة، والصدأ الذي يطغى على هذه المعادن، أو آثار الحروق على الأشخاص في التجهيز، فإن هذا المخيم هو للعب الأطفال وللأحلام، وللسعي اليومي نحو حياة كريمة. فالتجهيز يقترح النظر إلى ناس المخيم، لا إلى المخيم بلا شخوصه.

وتلتصق بهذا المخيم صفة المقاومة اليومية، عبر تطويعه لكل هذه البنية الصعبة مثل براميل النفط (التي هي سبب في إنتاجه) إلى مواد تؤمن له سكناً، أو بحسب ما نَحتَ قطناني فإن الطفل يُطوِّع السلك الشائك ليصبح خيط طائرة ورقية.

إذن المخيم "عشوائي" وهو "حزام بؤس"، ولكنه مخيم للمقاومة في الآن ذاته. إنه مكان يقاوم حتى التصنيفات المتعالية عليه.

الفنان من المخيم

قد يضيء خروج الفنان من المخيم على جديد. لا شك في أن رفض عزل المخيم كغيتو والإصرار على ارتباطه بمحيطه هو انعكاس، إلى حد ما، لتجربة الفنان، الذي ولد سنة 1983 في مخيم صبرا وشاتيلا، في البرزخ بين مجزرة وحصار. نشأ قطناني في مكان يشعر أن العالم الخارجي للمخيم مكاناً لا يأتي منه إلا الخطر لينقض على المخيم كما قال في لقاء معه. ثم في مرحلة متأخرة، تفاعل الفنان مع مدينة بيروت ومدن أخرى وبات له علاقة وثيقة بها، على عكس ما يُراد للمخيم بأن يتقوقع على نفسه. ففي أعماله الفنية، تواصل مستمر بين داخل المخيم والعوالم الأخرى.

كما أن استخدام الفنان للمواد التي يستخدمها الناس في المخيم مثل الزنكو والتنك وحديد البراميل وغيرها له علاقة بخروج الفنان من هذا المكان. وفهمه للمكان من الداخل، وللعلاقات المعقدة التي أنتجب المكان وتحاصره، له انعكاسه في العمل الفني هذا. هناك تخطيط مركزي في زمن الحداثة لا يعترف بمثل هذه الأماكن ويصفها بشكل سلبي، فيما يقاوم المخيم، ومثل هذه الأماكن، كي يجري الاعتراف بها كأحياء فيها بيوت وشوارع، ولها طابعها المختلف وسط قسوة كبيرة وأحلام بالتحرر. ومثلما يمكن أن يمانع ما ساد من الفن الحديث - مثل كلية للفنون الجميلة كما عايش التجربة قطناني- باستخدام مواد وألوان من المكان في إنتاج لوحة أو عمل فني، فإن ارتباط الثقافة والفن بالمكان يمكن أن يُظهر طرق تعبير مختلفة أكثر التصاقاً بالمكان وعلى علاقة مع العالم في الوقت نفسه.

 

المراجع

"63 سنة من الزينكو- عبدالرحمن قطناني- TEDxRamallah Abedalrahman Katanani "، موقع يوتيوب، نيسان 2011،على الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=J12IzWVk9Y8

"حوار مع عبد الرحمن قطناني"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 15 تشرين الثاني 2018، على الرابط:

https://www.palestine-studies.org/events/conversation-palestinian-artist-abdul-rahman-katanani

Al Asali, M. Wesam,  Malo, Majida and Shahin, Iyass, “Informality for Reconstruction: A Study of Informal Damascus”. Presentation at the Arab Council for Social Sciences Conference titled “Power, Borders and Ecologies in Arab SocietiesPractices and Imaginaries”, Beirut, Lebanon, April 2018.

Bayat, Asef. “Middle Eastern Cities and the grassroots”, In Sites of Recovery: Architecture’s [Inter] Disciplinary Role, eds. Ghandour, M, Labban, M. and Lozanovska, M., Beirut: in the proceedings of the conference: Sites of Recovery, 1999.

Escobar, Arturo, “Culture sits in places: reflections on globalism and subaltern strategies of localization”, Political Geography 20 (2001): 139–174.