The Rights of Arab Citizens and Their Status in Israel
Keywords: 
الدولة اليهودية
المساواة في الحقوق
الحقوق المدنية والسياسية
الفلسطينيون في إسرائيل
الهوية القومية
التمييز
القوانين الإسرائيلية
الصهيونية
Full text: 

أولاً: مدخل

    ليس سراً أن إسرائيل دولة بلا دستور مكتوب. وعليه، ليس ثمة وثيقة قانونية تبيّن علاقة الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل بالأقلية العربية أو بحقوق هذه الأقلية ومكانتها. إن الوثيقة الوحيدة التي يمكن الرجوع إليها في هذا الصدد هي "وثيقة الاستقلال" التي يمكن اعتبارهها وثيقة تاريخية تبيّن، في الظاهر على الأقل، موقف "الدولة اليهودية" من سكانها "غير اليهود"، مذكّرين بأنه ليس لهذه الوثيقة وزن قانوني ملزم، ولا يمكن فرض ما جاء فيها على أي مواطن أو أية سلطة في إسرائيل.[1]

لقد نصت "وثيقة الاستقلال" على أن دولة إسرائيل "... تقيم المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لمواطنيها جميعاً، دونما فرق في الدين، العرق والجنس، وتؤمّن حرية الدين، الضمير، اللغة، التربية والثقافة..."[2]

السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل قصد صاغة "وثيقة الاستقلال" فعلاً إعطاء النص الوارد أعلاه معنى حقيقياً، أم أنه جاء من باب التكتيك وتخفيف أو منع ضغط متوقع من قبل الرأي العام العالمي على دولة حديثة العهد في مسألة صعبة لم يفكروا جدّياً في وضع حل لها، وهي: التعامل مع وجود أقلية قومية عربية داخل "البيت القومي" اليهودي؟ أو لعل صاغة الوثيقة لم يروا في "غير اليهود" الين لم يبرحوا بلدهم أقلية قومية أصلاً، وعدم ذكر كلمة "قومية" في النص الوارد أعلاه مؤشر يقود إلى هذا الاستنتاج؟ وتقوم هذه الأسئلة إلى سؤال آخر لا يقل أهمية، وهو: هل يمكن أصلاً لدولة أعلنت نفسها دولة يهودية أقيمت لتكون "بيتاً قومياً" للشعب اليهودي أن تمنح المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع مواطنيها في الوقت ذاته؟ أوليس هنالك تناقض داخلي (inherent) بين هذين الأمرين؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة المترابطة، لا بد من العودة إلى مواقف الحركة الصهيونية ممثلة في قادتها وزعمائها قبل إقامة دولة إسرائيل، والمتعلقة بموضوع المساواة بين العرب واليهود في نطاق الدولة اليهودية المنوي إقامتها. ولا بد كذلك، وبطبيعة الحال، من مراجعة الواقع الذي عاشه ويعيشه المواطنون العرب في إسرائيل خلال أكثر من أربعين عاماً مرت منذ إقامتها وإعلان استقلالها، آخذين بعين الاعتبار السياسة التي انتهجتها السلطة تجاههم والقوانين التي سنتها و/ أو طبقتها في المجالات المختلفة والتي تبيّن، في رأينا، وجود المساواة أو عدم وجودها.

ثانياً المساواة بين العرب واليهود:

تكتيك ذكي مارسته الصهيونية

    في العشرينات وحتى أواسط الثلاثينات من القرن الحالي، طرحت الحركة الصهيونية فكرة المساواة بين اليهود والعرب في نطاق الدولة التي عملت وخططت لإقامتها في فلسطين (أرض إسرائيل)، وذلك كردة فعل على رفض "الجانب العربي" لفكرة الصهيونية. وقد رفعت قيادة الحركة الصهيونية في الفترة المذكورة شعارات مثل: "المساواة في القوى"؛ "ثنائية القومية"؛ "الفدرالية"؛ "عدم السيطرة على الآخرين"؛ وذلك لوصف العلاقات المستقبلية بين العرب واليهود "ضمن إطار الكيان الصهيوني المزمع إقامته، كي تنال إعجاب الرأي العام الليبرالي السائد في بريطانيا،  وتليّن الموقف العربي – من دون أن تتنكر لأهدافها النهائية بخصوص السيادة اليهودية على أرض إسرائيل."[3]

وليس من الصعب رؤية الطابع التكتي للاقتراحات الصهيونية المتعلقة بمكانة العرب في الدولة اليهودية المزمع إقامتها، بما في ذلك موضوع المساواة إذا قابلنا التفسيرات التي أعطاها زعماء الحركة الصهيونية لمصطلح المساواة في بداية الثلاثينات بالتفسيرات التي أُعطيت لهذا المصطلح بعد سنة 1935. لقد اقترحت المساواة في البداية "كخطة تشريعية وكمبدأ سياسي للدفاع عن حق الاستيطان اليهودي في التوسع، ولاستيعاب القادمين في الوقت الذي كان لا يزال أقلية في فلسطين. كان معنى المساواة منع الأغلبية العربية من وضع حد 'بصورة ديمقراطية' لتطور بيت قومي يهودي."[4]

لقد تحدث بن – غوريون في مؤتمر حزب مباي، سنة 1934، عن إقامة دولة فدرالية تجمع بين كنتونات. وأكد أن ذلك نابع "ليس من اعتبارات سياسية تكتية وإنمما لأن هذا هو الواقع السياسي لصهيونيتنا: عدم سيطرة اليهود على العرب، وعدم سيطرة العرب على اليهود... سوف نطال بالتغيير بإدخال يهود وعرب بعدد متساو في حكومة البلد ليكونوا جزءاً من القوة المشرِّعة والقوة المنفذة."[5]  لكن سرعان ما بانت حقيقة الوقف الصهيوني وأن الحديث عن فكرة المساواة ليس سوى تكتيك نابع من التفاوت الكبير بين رغبة وأهداف الصهيونية في إقامة "بيت قومي" وبين قدرة اليهود في فلسطين على تحقيقها. فمع قدوم موجات الهجرة وازدياد نسبة عدد السكان اليهود من 17% سنة 1931 إلى 32 % سنة 1940، نجد زعماء الحركة الصهيونية يتخلّون عن فكرة المساواة بين اليهود والعرب كبرنامج سياسي طويل الأمد، ويتحدثون عن "المساواة" في فترة الانتداب فقط كتكتيك، ولا يعترفون بالعرب في فلسطين كأمة.[6]  وأوضح بن – غوريون في خطابه أمام لجنة بيل المليكة سنة 1937، موقفه الذي "بشر" برفض فكرة المساواة أو أية صورة أخرة لثنائية القومية داخل إطار الدولة اليهودية المنوي إقامتها نهائياً من قِبَل التيار الرئيسي في الحركة الصهيونية، فأعلن أن اليهود هم المجموعة الوحيدة التي يمكن اعتبارها مجموعة قومية في فلسطين ولها حقوق تاريخية كاملة على "ارض إسرائيل"، و"ليس هنالك أي عرف أو أمة أخرى – كوحدة واحدة – ترى في هذا البلد موطنها."[7]

يمكن القول إن الحركة الصهيونية قد لجأت إلى مسألة المساواة بين اليهود والعرب في الدولة المنوي إقامتها كمناورة تسهّل عليها تحقيق هدف إقامة "بيت قومي" لليهود. وحين اعتقدت أن اليهود قد أصبحوا أغلبية، تخلت عن الفكرة وأعلنت موقفها الحقيقي: عدم اعترافها بالسكان العرب في فلسطين "كأمة عربية فلسطينية" أو "كمجموعة قومية" لها حقوق في هذا البلد. ويبدو أن الزعامة اليهودية لم تغير موقفها هذا، ولم تعترف بالأقلية العربية التي بقيت في وطنها سنة 1948 أقلية قومية، بل أنها آمنت حتى مرحلة متأخرة من سنة 1948 بأن مشكلة الأقلية العربية قد حُلَت نتيجة الحرب وترْك السكان العرب للبلد في أثناء المعارك، وبأن إسرائيل قد أصبحت دولة متجانسة السكان تقريباً، وبأن "ثقافة الدولة يهودية، والإدارة الحكومية يهودية، والجيش وجميع مؤسساتها المهمة يهودية بصورة تامة تقريباً.[8]

بناء على ما تقدم، يمكننا القول إن الحديث عن "المساواة التامة" في الحقوق الاجتماعية والسياسية، في "وثيقة الاستقلال"، لم يتعد كونه ضريبة كلامية دفعتها دولة إسرائيل حديثة العهد لتكسب ود أكبر عدد من دول العالم، وتحظى باعترافها بها. وفي رأينا، فإن موقف القيادة الصهيونية من مسألة المساواة – كما ورد أعلاه – يفسر عدم ذكر كلمة "قومية" عند الحديث عن الحقوق في "وثيقة الاستقلال". ويؤكد هذه الاستنتاجات الصعبة الواقعُ الذي يعيشه المواطنون العرب منذ قيام الدولة، كما سنرى فيما يلي.

ثالثاً التمييز القومي حقيقة ناجزة في إسرائيل

    سواء أكاد عدم ذكر "الحقوق القومية" لـ"غير اليهود" في سياق الحديث عن "المساواة التامة" في "وثيقة الاستقلال" مقصوداً أم عفوياً، فقد اثبت الواقع أن المواطنين العرب لم يُحرموا المساواة في الحقوق  الاجتماعية والسياسية فحسب بل أيضاً أن التمييز القومي الذي تمارسه السلطة ضدهم – من دون أن تعترف بذلك طبعاً – سواء من خلال السياسة الحكومية التي تتبعها الوزارات المختلفة أو من خلال القوانين والأنظمة سارية المفعول في إسرائيل – قد أصبح حقيقة واقعة وناجزة في هذا البلد، ولم يعد وجود هذا التمييز أمراً يتطلب البرهان؛ فالأبحاث والدراسات التي تثبت ذلك غير قليلة.[9]

    ولا ينكر أرباب السلطة في إسرائيل وجود هذا التمييز ونتائجه. فبعضهم يتجنب التسمية ويتحدث عن "الفارق" بين وضع السكان العرب ووضع السكان اليهود في المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وهو "فارق" نابع من إهمال استمرّ أعواماً طويلة.[10]   والبعض الآخر يعترف بالواقع وبوجود التمييز ضد المواطنين العرب، لكنه يحاول تعليلهما وإسباغ مصداقية عليهما باللجوء إلى الادعاء المعروف أن المساواة التامة في الحقوق لا يستحقها إلا من أدى واجباته كاملة. والقصد من وراء ذلك الإشارة إلى أن المواطنين العرب لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولذلك فهم لا يؤدون واجباتهم كاملة؛ وعليه، هنالك تبرير لعدم مساواتهم بالمواطنين اليهود مساواة تامة.[11]   هذا مع العلم أن "وثيقة الاستقلال" لم تشترط ذلك لمنح مواطني الدولة المساواة "دون فارق في الدين، العرق والجنس"، وأن عدم تجنيد المواطنين العرب – عدا الدروز – لم يكن لأسباب إنسانية تتعلق بحالة الحرب التي تعيشها دولة إسرائيل مع الشعوب والدول العربية المحيطة، ولأسباب "أمنية" تتلخص بعدم الثقة بمواطنيها العرب.[12]   وقد أثبت الواقع أن ليس للتمييز ضد المواطنين العرب علاقة بموضوع الخدمة في الجيش، إذ يعانيه المواطنون العرب الذين "يؤدون واجباتهم كاملة" (نقصد الدروز) تماماً كما يعانيه المواطنون العرب الذين لا يخدمون في الجيش.[13]   ويبدو أن مرده إلى الانتماء القومي الذي يشكّل العامل الأساسي لتحديد موقف السلطة من المواطن: فالمواطن اليهودي يعيش في دولة أقيمت كبيت قومي له، وحقه التاريخي فيها أمر لا نقاش فيه، ومصلحته ومصلحة شعبه من أهم أهدافها. أما المواطن العربي، الذي لم يتوقع زعماء الحركة الصهيونية ومؤسسو الدولة بقاءه فيها، فيعيش في دولة تعرّف نفسها بأنها دولة شعب آخر: "دولة الشعب اليهودي". وطبيعي أن يكون لمثل هذا الوضع تأثير في حقوقه القومية والمدنية، كما سنرى من خلال الأمثلة التالية لوجود التمييز القومي ضده.

رابعاً أمثلة للتمييز القومي

    فيما يلي بعض الأمثلة التي تبيّن تأثير الصبغة اليهودية للدولة، تلك الصبغة التي تقود في حالات غير قليلة إلى التمييز القومي ضد المواطنين "غير اليهود".

  • قانون العودة وقانون الجنسية

يمكن اعتبار هذين القانونين مثالاً بارزاً للتمييز القومي الظاهر للعيان ضد المواطنين العرب، وضد أبناء القومية العربية الفلسطينية ككل. وهذا التمييز نجده في مستويين: الأول، تمييز بين اليهود و"غير اليهود" الراغبين في الهجرة والقدوم إلى إسرائيل؛ والثاني تمييز بين المواطنين اليهود والمواطنين العرب المقيمين في إسرائيل.

  • التمييز في المستوى الأول: يشتمل قانون العودة على "الحق التوراتي": أرض إسرائيل تعود لشعب إسرائيل. وعليه، فلهذا الشعب الحق في "العودة" إلى أرضه، إذ نصت المادة الأولى من هذا القانون على ما يلي: "لكل يهودي الحق في القدوم إلى البلد."

وترجم قانون الجنسية هذا "الحق التاريخي" إلى حقوق مدنية ملموسة، أهمها الحق في الحصول على الجنسية الإسرائيلية أوتوماتيكياً بناء على حق العودة فور وصوله إلى إسرائيل أو حتى قبل وصوله إليها (المادة 2)، وذلك بمجرد تعبيره عن رغبته في الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ومن دون التنازل عن الجنسية التي يحملها. وقد أوضع بن غوريون هذا الأمر في أثناء طرح مشروعي قانون العودة وقانون الجنسية في الكنيست، إذ قال:

... ويتمم قانون الجنسية قانون العودة ويقرر بأن اليهودي يصبح مواطناً في وطنه بناء على حقيقة هجرته إلى إسرائيل، وهو لا يحتاج إلى أية حقيقة أو شكليات أخرى أو إلى أي شرط آخر سوى رغبته في العيش في الدولة.[14]

 أمّا "غير اليهودي" الذي يرغب في القدوم إلى إسرائيل ويصبح مواطناً فيها، فليس أمامه – نظرياً – سوى أن يطلب التجنس بعد أن تتوفر فيه ستة شروط مجتمعة، أهمها: أن يكون له حق الإقامة الدائمة في إسرائيل، وأن يتنازل عن جنسيته السابقة، أو أن يثبت أنه لن يبقى مواطناً أجنبياً بعد حصوله على المواطنة الإسرائيلية، وأن يلم إلماماً ما باللغة العبرية (المادة 5). إلاّ إن توفر الشروط المذكورة أعلاه لا يؤمّن حصوله على الجنسية الإسرائيلية، إذ إن الصلاحية المطلقة هنا تعود إلى وزير الداخلية الذي يمنحه الجنسية "إذا ارتأى ذلك"، وبعد أن يصرّح الشخص المعني أنه سيكون مواطناً وفيّاً لدولة إسرائيل (المادة 5 (جـ) ).

وحيث أننا في صدد الحديث عن التمييز القومي ضد المواطنين العرب في إسرائيل بتأثير من الصبغة اليهودية للدولة، فإننا نكتفي هنا بالتساؤل عن تعارض الوضع القانون المشروح أعلاه مع تعليمات معاهدة 1965 المتعلقة بالقضاء على جميع أنواع التمييز العرقي، والتي تنص على أن لكل دولة الحق في وضع قوانين في مجالات الجنسية أو المواطنة أو التجنس شريطة ألاّ تميز هذه القوانين ضد أية قومية محددة،[15]   حيث يمكن الادعاء أنه في الأوضاع التي أقيمت دولة إسرائيل فيها، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن هنالك شعباً واحداً آخر ذا قومية واحدة أخرى يقول بحقه في هذا البلد وفي العودة إليه – الشعب العربي الفلسطيني – فإن مواد القوانين المذكورة موجهة في الأساس ضد "قومية محددة"، وهي بالتالي تتعارض مع تعليمات المعاهدة المذكورة.

  • التمييز في المستوى الثاني: إن حق الحصول على الجنسية الإسرائيلية أوتوماتيكياً ومن دون قيد أو شرط بناء على حق العودة، لم يُمنح فقط لليهود المهاجرين إلى إسرائيل بعد قيامها بل أُعطي أيضاً بأثر رجعي لليهود الذين هاجروا إلى فلسطين أو الذين ولدوا فيها قبل قيام الدولة.[16] وعليه، فإن اليهود الذين كانوا موجودين في البلد قبل سن القانون قد حصلوا جميعاً على الجنسية الإسرائيلية بناء على "حق العودة". أما السكان العرب الذين كانوا موجودين في فلسطين قبل قيام الدولة ولم يغادروها سنة 1948، فقد توجّب عليهم إثبات توفر ثلاثة شروط مجتمعة فيهم للحصول على الجنسية الإسرائيلية:

أولاً – أن يكون الشخص المعني مسجلاً في سجل السكان بتاريخ 1 آذار/مارس 1952.

ثانياً – أن يكون الشخص المعني مقيماً في إسرائيل يوم بدء سريان قانون الجنسية، أي في 14 تموز/يوليو 1952.

ثالثاً – أن يكون الشخص المعني موجوداً في إسرائيل أو في منطقة أصبحت جزءاً من إسرائيل بعد إقامتها، أو أن يكون قد دخل إسرائيل بصورة قانونية في الفترة ما بين إقامة دولة إسرائيل (15 أيار/مايو 1949) وبدء سريان قانون الجنسية.[17]

حالت هذه الشروط الثلاثة، في كثير من الأحوال، دون حصول سكان البلد العرب على الجنسية الإسرائيلية. وقد قاسى السكان العرب جرّاء ذلك في الأعوام الأولى لإقامة دولة إسرائيل، ووجد الكثيرون أنفسهم عرضة للإبعاد عن وطنهم نتيجة عدم استطاعتهم إثبات أحد الشروط المذكورة، وخصوصاً الشرط الثالث منها.[18]

تعتبر الولادة في إسرائيل إحدى طرق الحصول على الجنسية الإسرائيلية، شريطة أن يكون أحد الوالدين مواطناً إسرائيلياً.[19]   وعليه، فإن المولود العربي الذي لم يحصل والداه على الجنسية الإسرائيلية بموجب المادة 3 من القانون، أي بناء على الإقامة في إسرائيل، لا يحصل هو أيضاً على الجنسية الإسرائيلية بناء على ولادته في إسرائيل. أما المولود اليهودي، فيحصل على الجنسية الإسرائيلية استناداً إلى "حق العودة" لا بناء على ولادته، ومن دون شروط؛ إذ تنص المادة 2 (ب) (3) على أن الجنسية تمنح، بناء على "حق العودة"، "لمن وُلد في إسرائيل بعد إقامتها منذ ولادته."

  • التمييز بين المقيمين في إسرائيل ما زال قائماً وإنْ خفّت حدته: لقد خفّت حدّة التمييز بين اليهود والعرب المقيمين في إسرائيل بعد تعديل القانون في سنة 1980 وإضافة المادة 3 أ. لكن مبدأ التمييز بين اليهود الذين يحصلون على الجنسية الإسرائيلية بناء على "حق العودة"، وبين العرب الذين يطلب منهم إثبات توفر شروط معينة للحصول على الجنسية الإسرائيلية، ما زال قائماً. فالمادة 3 أ تنص على أنه يجب توفر خمسة شروط في من يرغب في الحصول على الجنسية الإسرائيلية بناءعلى إقامته في إسرائيل:

أولاً – ألا يكون قد حصل على الجنسية الإسرائيلية بناء على مادة أخرى من القانون.

ثانياً – كان مواطناً في فلسطين (أرض إسرائيل) قبيل إقامة الدولة.

ثالثاً – كان مقيما في إسرائيل ومسجلاً في سجل السكان بتاريخ 14 تموز/يوليو 1952.

رابعاً – كان مقيماً في إسرائيل ومسجلاً في سجل السكان يوم تعديل القانون سنة 1980.

خامساً – ليس مواطناً في إحدى الدول المذكورة في المادة 2 أ من قانون منع التسلل (مخالفات ومحاكمات) لسنة 1954. وهذه الدول هي: لبنان، سوريا، مصر، الأردن، العراق، اليمن، "أو كل جزء من أرض إسرائيل يقع خارج حدود إسرائيل."[20]

إن التمييز بين اليهود والعرب المقيمين في إسرائيل، في مجال الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ليس هنالك ما يبرره سوى رغبة السلطة الإسرائيلية في تأكيد الصبغة اليهودية للدولة و"حق العودة" حتى خارج إطار قانون العودة، وعند الحديث عن حقوق مدنية كالحق في الحصول على الجنسية. ونحن نرى أن هذا التمييز يتناقض مع نصوص معاهدة 1965 المتعلقة بالقضاء على جميع أنواع التمييز العرقي، والتي تمنع التمييز ضد "قومية محددة" في مجال الجنسية والتجنس. ولا شك في أن قانون الجنسية الإسرائيلي يميّز ضد "قومية محددة" هي القومية العربية التي ينتمي 17% من سكان إسرائيل إليها.

  • الأمر بشأن ضريبة الشراء (إعفاء) لسنة 1975

  لقد أصدر وزير المال هذا الأمر بموجب صلاحيته وفق قانون ضريبة الشراء لسنة 1952.[21]   ويتعلق هذا الأمر بموضوع منح الإعفاء من ضريبة الشراء على الحاجات التي يحضرها معه المسافر الإسرائيلي العائد من الخارج أو التي يأتي بها السائح من الخارج إلى إسرائيل. ويمكن أن يكون المسافر الإسرائيلي العائد من الخارج، بموجب هذا الأمر، واحداً من ثلاثة: "طالب عائد"، أو "مقيم عائد"، أو "مواطن عائد". ويمنح الأمر حقوقاً متساوية لـ"الطالب العائد" ولـ"المقيم العائد" – بعد أن يمضيا عامين خارج البلد – بالنسبة إلى الإعفاء من ضريبة الشراء على الحاجات التي يحضرانها معهما عند عودتهما.[22]  أما "المواطن العائد" فيحصل على إعفاءات وتسهيلات أكبر كثيراً من تلك التي تمنح لـ"الطالب العائد" أو لـ"المقيم العائد".[23]  وقد عُرِّف "المواطن العائد" في المادة 1 (20) من الأمر كما يلي:

   المواطن العائد – من دخل إسرائيل وأثبت بشكل يرضي المدير [مدير الجمارك] توفر الشروط التالية فيه:

  • غادر إسرائيل قبل 1 نيسان 1975 ولم يعد إليها في الفترة ما بين كانون ثاني 1978 و31 آب 1979.
  • عند مغادرته إسرائيل وعودته إليها كان مواطناً إسرائيلياً.
  • لو لم يكن مواطناً إسرائيلياً لسرى عليه قانون العودة.
  • عند دخوله [إسرائيل] كان عمره 17 عاماً على الأقل.
  • .....
  • حصل على شهادة من وزارة الاستيعاب.

  هذه الشروط الستة يجب أن تتوفر مجتمعة في الشخص المعني حتى يعتبر "مواطناً عائداً". وعليه، فإن الشرط الثالث المذكور أعلاه: "لو لم يكن مواطناً إسرائيلياً لسرى عليه قانون العودة"، يحول دون اعتبار المواطن العربي "مواطناً عائداً" بموجب الأمر المذكور، لأن قانون العودة لا يسري إلا على اليهود من دون غيرهم. ووجود هذا الشرط، بصيغته المذكورة، لا يترك شكاً في أن  الوزير الذي أصدر الأمر الذي نحن في صدده، قد قصد استثناء المواطنين العرب فلجأ إلى "حق العودة" وقانون العودة لتحقيق ذلك. إن أمامنا هنا تمييزاً ضد المواطنين العرب على أساس انتمائهم القومي، وهو تمييز تولّد بتأثير الصبغة اليهودية للدولة و"حق العودة" في مجال كان من المفروض أن يبقى بعيداً عن مثل هذا التأثير.

  • قانون التعليم الرسمي لسنة 1953

  يتناول هذا القانون، فيما يتناوله، ويحدّد أهداف التعليم الرسمي في إسرائيل، وهي أهداف لا يمكن لمناهج التعليم – التي تضعها وزارة المعارف والثقافة للمدارس الرسمية – تجاهلها. وحيث أن هنالك شعبين يعيشان في هذا البلد، وحيث أن "وثيقة الاستقلال" قد وعدن بمنح المساواة التامة في الحقوق وبتأمين "حرية اللغة، التربية والثقافة"، فقد يتوقع البعض أن يأخذ هذا القانون في الحسبات وجود الشعبين، تاريخهما وتراثهما ومتطلباتهما التعليمين والثقافية (والقومية؟) على نحو متساو، أو على الأقل أن يكون لبعض هذه الأمور – بالنسبة إلى المواطنين العرب – انعكاس في أهداف التعليم الرسمي كما يحددها هذا القانون. لكن الأمر ليس كذلك.

  لقد نصّت المادة 2 من القانون المذكور على ما يلي:

إن أهداف التعليم الرسمي هي إرساء التعليم في الدولة على قيم حضارة إسرائيل [شعب إسرائيلٍ] وإنجازات العلم، على حب الوطن والإخلاص للدولة ولشعب إسرائيل، على وعي الكارثة والبطولة، على الإيمان بالعمل الزراعي وبالحرف، على تحضير طلائعي، على التوق إلى مجتمع مبني على الحرية والمساواة والتسامح والمساعدة وحب الإنسان.[24]

  الواضح في نص المادة 2 التشديد على وجود الشعب اليهودي وعلى تراثه وتاريخه وحضارته. وتتجاهل هذه المادة وجود الشعب الفلسطيني وتاريخه وتراثه وحضارته، أو أنها – على أقل تقدير – تتجاهل تجاهلاً تاماً وجود المواطنين العرب كأبناء أقلية لها تراثها وتاريخها وانتماؤها القومي والحضاري، وكأنه لا يعيش في هذا البلد سوى شعب واحد هو الشعب اليهودي. ولا يغير من هذه الحقيقة – تجاهل وجود المواطنين العرب – الحديث عن "مجتمع مبني على الحرية والمساواة والتسامح...". بل إننا نرى أن شعباً يتجاهل المشرّع الإسرائيلي وجوده، لا يقصده هذا المشرع عندما يتحدث عن مثل هذا المجتمع.

  وهنالك من يدعي أن المادة 4 من قانون التعليم الرسمي تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الخاصة لـ"غير اليهود"، ويرى فيها تمييزاً إيجابياً يصب في مصلحتهم،[25]  وكأن هذه المادة تزيل الغبن اللاحق بالمواطنين العرب كما شرحنا أعلاه. إن هذا الادعاء غير صحيح وغير مقبول في رأينا، كما سنبيّن فيما يلي. لقد نصّت المادة 4 على ما يلي:

إن [وزير المعارف والثقافة] مخوّل برامج التعليم في كل مؤسسة تربوية رسمية؛ في المؤسسات التربوية غير اليهودية تُلاءم برامج التعليم لظروفها الخاصة.

  إن الواقع يثبت أن برامج التعليم في المدارس العربية لم تخرج عن نطاق أهداف التعليم الرسمي كما حددتها المادة 2 من القانون، والادعاء القديم بوجود تمييز مقصود ضد المواطنين العرب في مناهج التعليم ومحتوياتها ما زال صحيحاً.[26]   فمراجعة هذه المناهج تقود إلى نتيجة أنها تتجاهل المطالب والحاجات الحقيقية للمواطنين العرب كأبناء أقلية لها تراثها وانتماؤها القومي. فهي تشتمل على تدريس تاريخ الشعب اليهودي القديم والحديث بصورة موسعة، بما في ذلك تاريخ الحركة الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين، في حين أُفرغت موضوعات التاريخ والأدب العربي من كل العناصر والرموز التي تعطي الطالب العربي شعور الاعتزام بتراثه وتاريخه القومي. ولا تنكر وزارة المعارف والثقافة أن السبب هو خشيتها أن تثير هذه الموضوعات والعناصر والرموز الشعور القومي لدى المواطنين العرب.[27]

  إن مراعاة "الظروف الخاصة" لغير اليهود، كما تفهمها وزارة المعارف والثقافة، قد ولّدت منهاج تعليم "خاصاً" في مدارس القرى الدرزية في إسرائيل؛ إذ إنه يشتمل على تعليم "التراث الدرزي" وموضوعات مثل "التاريخ للدروز" و"العبرية للدروز" و"العربية للدروز"... إلخ. والهدف من هذا المنهاج تقوية ما يسمى الوعي الدرزي الإسرائيلي" وترسيخه لدى الطلاب. وبكلمات أخرى، تأكيد كون الدروز مجموعة منفصلة عن القومية العربية.[28]   إن مثل هذه "المراعاة" التي تؤكد كون الأقلية العربية في إسرائيل "أقليات" قومية، لا يخدم بالتأكيد مصالح هذه الأقلية، بل يثبت النهج الذي تتبعه السلطات الإسرائيلية تجاه الأقلية والمتضمّن التمييز القومي ضدها.

  • التمييز في مجال مصادرة الأرض

  لقد رأت الحركة الصهيونية في فلسطين "أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض"، ورأت في اليهود القومية الوحيدة صاحبة الحق في هذا البلد الذي ترى فيه "بيتها القومي". وتجاهلت الصهيونية وجود القومية العربية في فلسطين وحقوقها. وبدا هذا التجاهل واضحاً من خلال استعمالها للوسائل والمصطلحات التي أوجدتها في هذا الخصوص: فأقامت شركات ومؤسسات تعمل خصيصاً على تحقيق هدف السيطرة على الأرض في فلسطين، مثل شركة "صندوق أراضي إسرائيل" التي أقيمت بهدف "إنقاذ الأرض" من أيدي "غير اليهود" ونقلها إلى أيد يهودية – ملكية يهودية، لتصبح جزءاً من "أرض الشعب" التي ستعرف، فيما بعد، بـ"أراضي إسرائيل".[29]

  وانعكس توجه الصهيونية المذكور في السياسة التي اتبعتها دولة إسرائيل، بعد قيامها وفي القوانين التي سنتها في مجال الأراضي عامة، ومصادرة الأراضي خاصة، لتُضاف إلى قائمة القوانين والأنظمة التي وضعتها سلطات الانتداب البريطاني في هذا المجال. وتشتمل قائمة القوانين التي استخدمتها حكومة إسرائيل من أجل مصادرة الأراضي العربية والسيطرة عليها، سواء كأداة رئيسية أو كأداة مساعدة، القوانين التالية:

  • قانون الأراضي (الاستملاك للمنفعة العامة) لسنة 1943.
  • أنظمة الطوارىء بشأن فلاحة الأراضي البور واستعمال مصادر المياه غير المستغلة لسنة 1948.
  • أنظمة الطوارىء لسنة 1945. (المادة 125 استعملت لإغلاق مناطق معينة ومنع السكان العرب من دخول أراضيهم ثم مصادرتها بحجة أنها غير مستغلة أو أنها ليست تحت التصرف الفعلي لأصحابها).[30]
  • قانون وضع اليد على الأراضي في حالات لطوارىء لسنة 1950.
  • قانون أملاك الغائبين لسنة 1950.
  • قانون سلطة التطوير (نقل أملاك) لسنة 1950.
  • قانون أملاك الدولة لسنة 1951.
  • قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويضات) لسنة 1953.
  • قانون صندوق أراضي إسرائيل لسنة 1953.
  • قانون وضع اليد على الأراضي (تعليمات موقتة) لسنة 1956.
  • قانون التقادم الزمني لسنة 1958.
  • قانون أراضي إسرائيل لسنة 1960.
  • قانون أساسي: أراضي إسرائيل لسنة 1960.
  • قانون الغابات لسنة 1962.
  • قانون تسوية الحقوق في الأراضي لسنة 1969.
  • قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر) لسنة 1980.

  لقد استعملت القوانين المذكورة استعمالاً متفاوتاً للسيطرة على الأراضي العربية ونقلها إلى أيد يهودية، تحقيقاً للمبدأ الصهيوني القائل بـ"إنقاذ الأرض" وتطبيقاً لسياسة التوسع والاستيطان اليهودي المتمثلة في تطوير (تهويد) مناطق مختلفة في الدولة، كالجليل والنقب. فمنذ قيام الدولة، صادرت الحكومة الإسرائيلية عشرات الآلاف (إن لم يكن مئات الآلاف) من الدونمات باعتبارها "أملاك غائبين"،[31] وصادرت مسطّحات وأراضي جميع القرى العربية التي نزح سكانها عنها في سنة 1948،[32]   وما لا يقل عن 70,000 دونم من الأراضي والأملاك الموقوفة، وذلك بموجب قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويضات).[33]   وفي سنة 1953، صادرت الحكومة ما لا يقل عن 1200 دونم للمنفعة العامة لسنة 1943، بحجة إقامة مكاتب ودوائر حكومية عليها تعود بالفائدة على المدينة العربية.[34]   ثم تبيّن، فيما بعد، أن المساحة المطلوبة لبناء هذه المكاتب لا تزيد عن 80 دونماً، في حين استعملت بقية الأراضي المصادرة لبناء بضعة آلاف من الوحدات السكنية كانت نواة لإقامة مدينة الناصرة العليا.[35]  وفي سنة 1962، قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة 5100 دونم من أراضي قرى دير الأسد والبعنة ونحف، وذلك تحضيراً لإقامة مدينة كرميئيل. ولقد اشتملت الأراضي المصادرة على كسّارات ومحاجر وكروم كان الأهالي يعتاشون منها، فطالبوا السلطات بأن تصادر أراضي أخرى تابعة لهم حتى لا يضطروا إلى التفتيش عن رزقهم في المدن اليهودية، لكن مطلبهم رفض وبقي قرار المصادرة على ما كان عليه.[36]  وفي سنة 1965 صودر 3000 دونم من أراضي سهل البطوف تعود ملكيتها إلى أشخاص من سكان قريتي عرابة وسخنين، وتعتبر من أخصب الأراضي الزراعية. وقد صودرت هذه الأراضي لتمرير أنابيب "المشروع القطري" لنقل مياه بحيرة طبريا إلى النقب. وعندما تبين للسلطات أن المشروع سيمر بأراض يفلحها مواطنون يهود قامت بتمرير الأنابيب بأنفاق تحت الأرض وعملت على ألاّ يشمل المشروع الأراضي الخصبة منعاً لإلحاق الضرر بها، وصادرت الأراضي العربية التي وصل عرضها إلى 93 متراً في حين أن عرض المشروع نفسه لم يزد عن 4 أمتار.[37]   كما صادرت الحكومة الإسرائيلية 9000 دونم تقريباً في الجليل الأعلى، وقامت بترحيل قبيلة عرب العرامشة عنها في بداية الستينات، ثم أقامت عليها مستعمرة يهودية هي مستعمرة "أدميت".[38] 

  واستمرت مصادرة الأراضي العربية بصورة كثيفة في أواخر السبعينات وبداية  الثمانينات، إذ قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة ووضع اليد على آلاف الدونمات التي كانت في تصرف بدو النقب بواسطة قانون استملاك الأراضي في النقب (اتفاقية السلام مع مصر) لسنة 1980، وذلك بحجة استعمالها لإقامة مطارات ومناطق تدريبات عسكرية بدل تلك التي أعيدت إلى مصر كجزء من سيناء بعد توقيع اتفاقية السلام.

  لم تكتف السلطات الإسرائيلية بمصادرة الأراضي العربية، بل لجأت أيضاً إلى فرض تقييدات على أصحاب الأراضي العربية التي لم تصادر، نتيجة استعمالها "لأغراض أمنية" (للرماية وللتدريبات العسكرية) كما كان الحال في منطقة "الملّ" التي بلغت مساحتها ما بين 17,000 و 18,000 دونم، والتي تعود إلى قرى سخنين وعرابة ودير حنا.[39]   والمنطقة التي تضم أراضي واسعة عائدة إلى مدينة أم الفحم.

  ونتيجة عمليات المصادرة الكثيفة، تجمع في يد كل من الدولة (التي وضعت يدها على جميع الأراضي التي "لم يكن لها أصحاب" أو التي كانت مسجلة باسم المندوب السامي البريطاني بموجب قانون أملاك الدولة لسنة 1951)، و"الكيرين كاييمت" (الذي أصبح شركة مسجلة في إسرائيل بموجب قانون الكيرين كاييمت لسنة 1953)، و"سلطة التطوير" (التي انتقل إليها جميع الأراضي والعقارات التي صودرت على أنها "أملاك غائبين"، وأقيمت بموجب قانون خاص هو قانون سلطة التطوير (نقل أملاك) لسنة 1950)، مساحات شاسعة من الأرض تبلغ 92% من مساحة الأراضي في دولة إسرائيل[40]  ويضمها اليوم مجمع هائل يعرف باسم "أراضي إسرائيل". ولضمان بقاء هذه الأراضي في أيد يهودية إلى الأبد سنّ الكنيست، سنة 1960، ما عرف بـ"قانون أساسي: أراضي إسرائيل". وقد نصّت المادة الأولى منه على أن الملكية في "أراضي إسرائيل" لا تنتقل بالبيع أو بأي طريقة أخرى. وسنَّ الكنيست، سنة 1967، قانوناً آخر يمنع نقل التصرف في هذه الأراضي إلى ايدي مزارعين عرب، حتى لو كان ذلك لفترة محدودة وبموجب اتفاق إيجار وفي مقابل مادي. هذا القانون هو قانون الاستيطان الزراعي (تقييدات على استعمال الأرض الزراعية والمياه) لسنة 1967.[41]  لقد سُنّ هذا القانون بعد أن تبين للسلطات الإسرائيلية "ظاهرة مقلقة" في الستينات، وهي أن قرى زراعية يهودية وكيبوتسات تؤجر أراضي زراعية لمزارعين عرب. لقد كانت هذه الظاهرة مقلقة إلى درجة الحديث عن "صندوق أراضي اسماعيل"، بدلاً من "صندوق أراضي إسرائيل".[42]  وخلال مناقشة مشروع القانون في الكنيست، أبدى أعضاء الكنيست من الأحزاب المختلفة استياءهم من هذه الظاهرة، وأكد وزير الزراعة أن "الأرض والمياه هي ملك للقومية [اليهودية] وللدولة"، وبالتالي لا يمكن للقرى الزراعية والكيبوتسان التي حصلت عليها بعد "إنقاذها" و"اقتنائها بأموال يهودية" أن تتصرف فيها على هذا النحو.[43]

  واضح مما تقدم وجود تمييز قومي ضد المواطنين العرب في مجال مصادرة الأراضي. وهذا التمييز مردّه إلى التوجّه الصهيوني القائل بالسيطرة على الأرض و"إنقاذها" من أيدي "غير اليهود" لخدمة المصالح اليهودية في دولة أقيمت "كدولة الشعب اليهودي". ولإعطاء صورة أوضح تؤكد هذا الادعاء، نتناول فيما يلي – ببعض التوسع – قانون "أملاك الغائبين" لسنة 1953 مثالاً لقانون يحتوي على التمميز المبطن ضد المواطنين العرب.

  قانون أملاك الغائبين: يعتبر هذا القانون من أهم الوسائل التي أوجدتها دولة إسرائيل للاستيلاء على الأراضي العربية، وأفضل مثال لقانون سُنّ كي يطبق على العرب فقط وفي غير مصلحتهم.[44]

  إن التعريف الواسع لمصطلح "الغائبين" في المادة الأولى من القانون، أوجد خمس مجموعات من "الغائبين":

  الأولى مواطنون فلسطينيون غادروا فلسطين إلى مكان يقع خارج "أرض إسرائيل" ولم يعودوا إليها. وبكلمات أخرى، مواطنون غادروا فلسطين بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 1948 ولم يعودوا بعده إلى إسرائيل. هذه المجموعة تمثل "الغائبين الحقيقيين".

  الثانية سكان المثلث الذي ضُم إلى إسرائيل بموجب معاهدة رودس يوم 3 نيسان/ أبريل 1949. لقد كان لهؤلاء السكان أراض داخل حدود إسرائيل منذ قيامها سنة 1948، واعتُبروا منذ قيامها سنة 1948، واغتُبروا "غائبين" بالنسبة إلى هذه الأراضي قبل ضم المثلث، وصودرت أراضيهم، وبقوا كذلك بعد ضمه، فلم تعد أراضيهم المصادرة إليهم.

  الثالثة مواطنون عرب تركوا مكان سكناهم الأصلي وانتقلوا للسكن في مدينة أو قرية كانت في أيدي "قوات الإنقاذ" وأصبحت، فيما بعد، جزءاً من إسرائيل.

  الرابعة مواطنون تركوا فلسطين قبل 1 أيلول/سبتمبر 1949 وعادوا إليها متسللين، ثم حصلوا على هويات إسرائيلية في إطار لمّ شمل، وأصبحوا مواطنين في إسرائيل.

  الخامسة جميع  اليهود الذين هاجروا من الدول العربية إلى إسرائيل، بموجب المادة 1 (ب) (أ).

  إن القانون يتحدث، للوهلة الأولى، عن الغائبين من دون تحديد قوميتهم، بل أن تعريف "الغائب" يشمل اليهود، لكن نظرياً ليس إلا. أما في الواقع، فالغائبون هم العرب فقط، سواء "الغائبون الحقيقيون" أو "الغائبون الحاضرون"، الذين تشملهم المجموعات الثانية والثلاثة والرابعة أعلاه.

  قُدر عدد "الغائبين الحاضرين" سنة 1948 بـ 81,000 نسمة من مجموع 160,000 نسمة هو عدد المواطنين العرب الذين بقوا في البلد.[45]  وقد فقد هؤلاء أملاكهم، بموجب القانون لاعتبارها "أملاك الغائبين"،[46]  ول ينجحوا في تغيير الوضع حتى  حين لجأوا إلى القضاء.[47]   وتقدر قيمة الأملاك التي تمّ الاستيلاء عليها بموجب قانون أملاك الغائبين، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، 100,383,784 جنيها استرلينياً، بالنسبة إلى الأراضي والعقارات. وبلغت قيمة الأملاك المنقولة 19,100,000 جنيه استرليني.[48]  وقد اشتملت هذه الأملاك على 40,000 دونم كرمة، و 95% من أشجار الزيتون، و 100,000 دونم من البساتين، وعشرات الآلاف من الأبنية والعقارات.[49]

  يحمل قانون أملاك الغائبين في طياته تمييزاً مضاعفاً: فلقد سُن هذا القانون ليطبّق على العرب من دون الهيود، وهذا واضح مما تقدم. لكن هذا التمييز لا يقف عند هذا الحد؛ إذ أن هذا القانون قد ضمن نقل الأراضي العربية المصادرة، بحجة أنها أملاك غائبين، إلى أيد يهودية وملكية يهودية كي يحرم السكان العرب الاستفادة منها مستقبلاً. فالمادة 19 من قانون أملاك الغائبين فتحت الطريق القانونية أمام انتقال "أملاك الغائبين" إلى ملكية "سلطة التطوير"، وذلك وفق تخطيط مسبق جرى الإعداد له قبل إقامة "سلطة التطوير" بموجب قانون التطوير لسنة 1950 بنحو خمسة أشهر.[50]  وفعلاً، تم في 30 أيلول/سبتمبر 1953 انتقال أغلبية الأملاك غير المنقولة من القيم على أملاك الغائبين إلى "سلطة التطوير"، ومنها 69,000 وحدة سكنية نُقل منها 64,000 وحتى سنة 1958 إلى أيدي عائلات يهودية.[51] وفي سنة 1954، سكن أكثر من ثلثي "القادمين الجدد" في أملاك وعلى أراض اعتُبرت "أملاك غائبين".[52]  ولم يحرر من "أملاك الغائبين" بعد تعديل القانون سنة 1965 سوى جزء صغير، وأعيد بعض الأوقاف الإسلامية إلى تصف "لجان أمناء" تعيّن الحكومة أعضاءها من فترة إلى أخرى.

  لقد رأينا أن أراضي "سلطة التطوير" تعتبر جزءاً من "أراضي إسرائيل"، وبالتالي لا يجوز انتقال ملكيتها إلى آخرين. لكن كان لهذه القاعدة استثناء واحد، ولو نظرياً؛ إذ صدرت في سنة 1963 أنظمة أراضي إسرائيل (قواعد بشأن نقل المليكة للغائبين). وقد سمحت هذه الأنظمة بإعطاء "الغائب" أرضاً بديلة إذا توفر شرطان: الأول، إذا كانت أرض الغئاب قد انتقلت إلى "سلطة التطوير"؛ والثاني، إذا كان القيّم على أملاك الغائبين قد ألغى، بموجب صلاحيته، مكانت (status) الغائب، وبالتالي لم يعد صاحب الأرض أو العقار غائباً. لكن هذه الأنظمة حظرت إعطاء الشخص ذي العلاقة أرضاً زراعية بدلاً من أرضه المصادرة، إلا إذا أثبت أن معيشته كانت تعتمد على الزراعة قبل أن يصبح "غائباً".

وتوقف العمل بالأنظمة المذكورة بعد فترة، إذ سُن قانون أملاك الغائبين (تعويضات) لسنة 1973. ونصّ هذا القانون على دفع التعويضات عن أملاك صودرت على أساس أنها "أملاك غائبين"، شريطة أن يقدم الشخص المعني دعوى إلى لجنة خاصة أقيمت بموجب هذا القانون، وذلك خلال فترة 15 عاماً من بدء سريان القانون (1 تموز/يوليو 1973) أو خلال عامين من إقامته في إسرائيل إذا بدأت إقامته بعد تاريه سريان القانون المذكور.[53]

وعلى الرغم من عدم توفر المعطيات الرسمية عن عدد الذين حصلوا على أرض بديلة أو على تعويض مادي، فإننا نعتقد أن عددهم قليل، وذلك لأن القيّم على أملاك الغائبين واللجنة المذكورة انتهجا سياسة معادية للمواطنين العرب في هذا الشأن.[54]  وكذلك، لأن مساحة الأراضي البديلة التي عرضت على المواطنين العرب كانت أصغر من مساحة الأراضي التي صودرت منهم كـ"أملاك غائبين". كما أن المبالغ التي عرضت على المتضررين كتعويض لم تعكس القيمة الحقيقية للأملاك المصادرة.[55]  ناهيك بالموقف المبدئي الرافض لتسلم التعويض المادي عن هذه الأملاك.

  بقي أن نذكر أن الفترة التي حددها قانون أملاك الغائبين (تعويضات) لسنة 1973، والأنظمة التي سُنت بموجبه – للمطالبة بالتعويض – قد انتهت في شهر تموز/ يوليو 1988.

  • قانون أساسي: الكنيست (تعديل رقم 9)[56]

  في سنة 1984، قررت لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الحادي عشر، بأغلبية الأصوات، شطب اسم "القائمة التقدمية للسلام" وإلغاء حقها في خوض الانتخابات البرلمانية بحجة أنها تؤمن بمبادىء تشكل خطراً على كيان دولة إسرائيل وميزتها كدولة يهودية. كما ألغت اللجنة ترشيح قائمة "كاخ" العنصرية بزعامة الحاخام كهانا. واستأنفت القائمتان قرار اللجنة أمام المحكمة العليا، فقُبل استئنافهما وسمح لهما بخوض الانتخابات بعد أن قررت المحكمة أن قانون الانتخابات لا يمنح اللجنة صلاحية إلغاء ترشيح أية قائمة إذا توفرت فيها جميع الشروط الشكلية (مثل عدد تواقيع التزكية، تقديمها في التاريخ المحدد... إلخ) التي ينص القانون المذكور عليها، وأنه لا يوجد بين هذه الشروط ما يمنع ترشيح أية قائمة من القائمتين.[57]  أما بالنسبة إلى القائمة التقدمية، فقد أوضحت المحكمة أنه لم يثبت أمامها أن هذه القائمة تنكر وجود دولة إسرائيل أو تهدد سلامتها.[58]

  أدى قرار المحكمة العليا المتعلق بالسماح للقائمتين بخوض الانتخابات البرلمانية إلى تعديل "قانون أساسي: الكنيست"، وإضافة المادة 7 أ التي تنص على ما يلي:

   لا تشارك قائمة مرشحين في الانتخابات للكنيست إذا تضمّنت أهدافها أو أعمالها بشكل واضح أو مؤوَّل واحداً من الأمور التالية:

  • رفض وجود دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي [التشديد من عندنا]
  • رفض الصبغة الديمقراطية للدولة.
  • تحريض للعنصرية.

  إن الربط بين القائمة التقدمية وقائمة "كاخ" يثير أكثر من استغراب. وقد تبيّن أن القصد من وراء ذلك، هو "الحفاظ على التوازن" بين أعضاء الكنيست من الائتلاف الذين نادوا بعدم السماح للقائمة التقدمية بترشيح نفسها للانتخابات مرة أخرى من جهة، وبين أعضاء الكنيست الذين نادوا بعدم السماح لقائمة "كاخ" بخوض الانتخابات من جهة أخرى، إذ ربط عدد كبير من أعضاء الكنيست من الائتلاف تصويته على التعديل، القاضي بمنع القوائم العنصرية، بإدخال بند يمنع "قوائم لا تعترف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي" من الاشتراك في الانتخابات.

  إن نص المادة 7 أ (1) يتجاهل تجاهلاً تاماً وجود شعب آخر، أو قومية أخرى في إسرائيل؛ ومعنى ذلك "أن تقول لـ 16 % من مواطني إسرائيل إنه ليس لهم دولة، وأن دولة إسرائيل هي دولة مواطنيها اليهود فقط، وأن المواطنين العرب يعيشون فيها بمنّة، وليس لهم حقوق متساوية مع حقوق المواطنين اليهود."[59]  ولقد حاول أعضاء الكنيست من كتل اليسار إدخال بعض التغييرات أو الإضافات على المادة المذكورة، أو استبدالها، كأن يُكتب مثلاً "رفض وجود الدولة وصبغتها الديمقراطية" بدلاً من النص الحالي،[60]  أو تشطب الكلمات "كدولة الشعب اليهودي" ويُكتفى بـ"رفض وجود دولة إسرائيل"،[61]  أو إضافة كلمتي "ومواطنيها العرب" بعد عبارة "كدولة الشعب اليهودي".[62]   لكن هذه المحاولات كافة باءت بالفشل.

  وعلاوة على تجاهل وجود المواطنين العرب وتوكيد أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي فقط، فإن هذا القانون يحمل في طياته خطراً جدياً على الأحزاب والقوائم التي تدخل في نطاق ما يسمى "تلإجماع القومي" في إسرائيل، ويمكن استغلال هذا القانون "أداة غير ديمقراطية وقسرية لمحاربة أعداء سياسيين لا يعترفون بالأيديولوجية الصهيونية لكنهم يحترمون الكيان المستقل لدولة إسرائيل."[63]  وقد تحققت تخوفات أعضاء الكنيست الذين حذروا سنة 1988 من استغلال هذا القانون، إذ قامت لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الثاني عشر بإلغاء ترشيح قائمة "كاخ" العنصرية، وكذلك إلغاء ترشيح القائمة التقدمية للسلام بحجة أن أهدافها تتعارض مع المادة 7 أ (1) من "قتانون أساسي: الكنيست". وأبقت المحكمة العليا على قرار اللجنة بالنسبة إلى قائمة "كاخ" وقبلت استئناف القائمة التقدمية بأغلبية ثلاثة قضاة في مقابل قاضيين. وقد أوضح القاضي شلومو ليفين أن أهداف القائمة تتعارض مع المادة 7 أ (1)، وذلك لأنها تنادي بالمساواة التامة في الحقوق، وكل من ينادي بمساواة المواطنين العرب مساواة تامة في الحقوق مع المواطنين اليهود لا يتسطيع خوض الانتخابات البرلمانية لأن ذلك يتعارض مع كون إسرائيل دولة يهودية أقيمت لإعطاء أفضليات وامتيازات لكونهم يهوداً.[64]

  إن قرار القاضي ليفين الذي فحص تعارض أهداف القائمة التقدمية مع المادة 7 أ (1)، وإنْ يكن قرار أقلية، يبيّن الأسباب الحقيقية – التي قلّما تعلنها السلطة – للحيلولة دون منح المواطنين العرب المساواة التامة في الحقوق مع المواطنين اليهود، ولبقاء ما جاء في "وثيقة الاستقلال" في هذا الخصوص حبراً على ورق لا أكثر.

  • الخدمة في الجيش ليست ضماناً للمساواة

    إن وضع المواطنين العرب من أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، يثبت عدم صحة وعدم جدية الادعاء السلطوي القائل إن من يؤدي واجباته كاملة يحصل على المساواة التامة في الحقوق. ونكتفي هنا بإيراد مثل يؤكد الادعاء أن "غير اليهود" في إسرائيل، مهما يكن انتماؤهم الديني، لا ينعمون بالمساواة الحقة مع المواطنين اليهود، وسيواجهون دائماً الحقيقة المعلنة أن دولة إسرائيل هي "دولة الشعب اليهودي" فقط: في بداية سنة 1989، قامت مجموعة من الجنود الدروز المسرحين الذين يعانون ضائقة سكنية من سكان قرية جت في الجليل، بالطلب إلى السلطات الإسرائيلية السماح لهم بـ"الاستيطان في منطرة جيته التي تبعد عن قريتهم مسافة 2 كلم، والتي كانت قد اقيمت على أرض سبق أن صودرت من قريتهم، وذلك بعد أن غادرها سكانها اليهود نتيجة صعوبات اقتصادية. فكان الجواب الرفض؛ أما السبب فهو أن "الوكالة اليهودية هي المسؤولة عن سكان هذه المناطر، والدروز ليسوا يهوداً." ولم يشفع لهذه المجموعة كون رئيسها ضابط احتياط برتبة عالية ومن مؤسسي "الحلقة الدرزية الصهيونية".[65]

خامساً كلمة أخيرة

  إن مراجعة السياسة الحكومية والقوانين الإسرائيلية تقود إلى الاستنتاج أنها ترى وجود فئتين من السكان : سكان "يهود" و"سكان غير يهود". أما السكان اليهود، فهم أصحاب الحق "الطبيعي" في هذا البلد الذي يُعتبر "بيتهم القومي" ولهم كل الحقوق التي تمنحها دولة لمواطنيها. وأما المواطنون العرب فهم سكان "غير يهود" يعيشون في دولة تعلن نفسها دولة شعب آخر – الشعب اليهودي. وعليه، ليس هنالك مجال لتحقيق المساواة التامة في الحقوق كما جاء في "وثيقة الاستقلال". ولا يختلف – في هذا الخصوص – وضع السكان العرب الذين "يؤدون واجباتهم كاملة"، أي الذين يخدمون في الجيش، عن وضع المواطنين العرب الذين لا يخدمون في الجيش.

  إن الواقع يثبت أن مفتاح باب الانتماء إلى الدولة (من وجهة نظرها) والحصول على الحقوق الكاملة كمواطنين في إسرائيل نتيجة ذلك، هو الانتماء القومي فقط. وعليه، فانتماء المواطن إلى القومية اليهودية يؤمن له الحقوق التي تقدمها دولة لمواطنيها ولشعبها، وانتماء المواطن إلى القومية العربية يبقيه خارج "الخانة" اليهودية ويضعه – نتيجة توجه السلطات – في منزلة أقل من تلك التي خصصت للمواطن اليهودي. 

[1]   عدل عليا 10/48، زيف ضد جوبرنيك، قرارات المحكمة العليا، المجلد ب، ص 2.

[2]   النص مترجم عن العبرية كما يفهمه كاتب هذه السطور.

[3]    إ. لوسْتك، "العرب في الدولة اليهودية" (حيفا: إصدار :مفراس"، 1985)، (الترجمة العبرة)، ص 46 – 47.

[4]   المصدر نفسه، ص 47.

[5]   المصدر نفسه، ص 48، الذي يوجه إلى:

Susan Lee Hattis, The Bi-National Idea in Palestine during Mandatory Times (Israel: Shikmona Pub, Co., 1970).                                                                                       

[6]   المصدر نفسه، يورد أقوال بن – غوريون في خطاب في خريف سنة 1936.

[7]   المصدر نفسه، ص 48.

[8]   المصدر نفسه، ص 65.

[9]    صبري جريس، "العرب في إسرائيل" (حيفا: مطابع الاتحاد، 1966)، (بالعبرية)؛ أ. حلبي، "التمييز على أساس الانتماء القومي في القوانين الإسرائيلية"، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، الجامعة العبرية، القدس 1987؛ لوسْتِك، مصدر سبق ذكره؛

  1. Kretzmer (assisted by Osama Halabi), The Legal Status of the Arabs in Israel (Intl. Center for Peace in the Middle East, 1987); E. Zureik, “Crime, Justice and Underdevelopment: the Palestinians under Israeli Control,” Intl. J. Middle East Studies, 20, (1988), pp. 411-442.

[10]   مقابلة مع شمير أذيعت في التلفزة الإسرائيلية، 23/2/1990.

[11]   خطاب وزير شؤون الأقليات إيهود أولمرت في الكنيست، 10/1/1990.

[12]   راجع: حلبي، مصدر سبق ذكره، ص 40.

[13]   أ. حلبي، "الدروز في إسرائيل: من طائفة إلى شعب؟" (القدس: 1989)، ص 67 – 79.

[14]   "وقائع جلسات الكنيست" (1950)، ص 2037.

[15]   راجع المادة (3) من المعاهدة.

[16]   المادة 2 (ب) (1) من قانون الجنسية.

[17]   المادة 3 من قانون الجنسية.

[18]   راجع، على سبيل المثال، القضايا التي بحثت في: عدل عليا 174/52، فهد حسين نيابة عن حسين أو داهود ضد قائد سجن عكا وآخرين، قرارات المحكمة العليا، المجلد 6، جـ 2، ص 897؛ عدل عليا 8/52، بدر ضد وزير الداخلية، قرارات المحكمة العليا، المجلد 7، جـ 1، ص 366.

[19]   المادة 4 من قانون الجنسية.

[20]   نشر في "مجموعة الأنظمة"، 2/12/1975، ص 36.

[21]   نشر في "كتاب القوانين لسنة 1952"، ص 334.

[22]   راجع المادة 7 من الأمر.

[23]   راجع المادة 7 أ من الأمر.

[24]   نشر في "كتاب القوانين لسنة 1953"، ص 137.

[25]   أ. روبنشتاين، "القانون الدستوري في إسرائيل" (تل أبيب: إصدار شوكين، 1980)، ص 157؛ ب. براخا، "مساواة الجميع أمام القانون" (1988)، (بالعبرية)، (لم ينشر).

[26]   جريس، مصدر سبق ذكره، ص 138.

[27]   "واحد من كل ستة إسرائيليين: العلاقات المتبادلة بين الأقلية العربية والأغلبية اليهودية في إسرائيل" (القدس: مؤسسة فان لير، 1981)، ص 117 – 118 (بالعبرية).

[28]   أ. حلبي، "الدروز في إسرائيل..."، مصدر سبق ذكره، ص 23 – 43.

[29]   راجع: دستور شركة "صندوق أراضي إسرائيل"؛ روت كرك، "الأرض والاستيطان في أرض إسرائيل"، مجلة "في الجامعة" (القدس)، عدد 3، كانون الأول/ديسمبر 1989، ص 30؛ لوسْتِك، مصدر سبق ذكره.

[30]   راجع: حلبي، "التمييز القومي..."، مصدر سبق ذكره، ص 85. هذا هو أحد الشروط التي يجب توفرها بموجب المادة 2 من قانون استملاك الأراضي (تصديق الإجراءات والتعويض).

[31]   سنتناول قانون أملاك الغائبين بتوسع فيما يلي.

[32]   "الوقائع الإسرائيلية"، رقم 298 (25/6/53)، ص 1153 – 1159؛ رقم 307 (27/8/53)، ص 1419 – 1421؛ رقم 309 (3/9/53)، ص 103 فصاعداً.

[33]   محسن صبري، "المكانة القانونية للعرب في إسرائيل"، مجلة "عيوني مشباط"، مجلد 3، ص 556، 568.

[34]   عدل عليا 30/55، لجنة الدفاع عن أراضي الناصرة المصادرة ضد وزير المالية، قرارات المحكمة العليا، المجلد 9، ص 1261.

[35]   عدل عليا 18/57، أحمد قاسم ضد وزير المالية، قرارات المحكمة العليا، المجلد 12، ص 1986.

[36]   لوسْتك، مصدر سبق ذكره، ص 180 – 181.

[37]   المصدر نفسه، ص 180.

[38]   راجع: ملف رقم 346/67 (المحكمة المركزية، حيفا)، دولة إسرائيل ضد أحمد جبر، قرارات المحكمة المركزية، المجلد 60، ص 71.

[39]   في سنة 1986 أعيد 3000 دونم لأصحابها، وبقيت تقييدات على قسم آخر منها، في حين ضم قسم كبير من هذه المنطقة إلى المجلس الإقليمي اليهودي "مسغاف" على الرغم من أنها تابعة لأهالي القرى المذكورة.

[40]   كرك، مصدر سبق ذكره، ص 30.

[41]   نشر في "كتاب القوانين لسنة 1967"، ص 108.

[42]   "هآرتس"، 14/10/1966.

[43]   "وقائع جلسات الكنيست"، المجلد 47، ص 155.

[44]   روبنشتاين، مصدر سبق ذكره، ص 187.

[45]   لوسْتِك، مصدر سبق ذكره، ص 137.

[46]   المصدر نفسه. وكذلك: ران كسليف، "هآرتس"، 25/7/1976.

[47]   راجع على سبيل المثال: استئناف مدعي رقم 25/55، 145/55، 148/55، حارس أملاك الغئابين ضد سمارة وآخرين، قرارات المحكمة العليا، المجلد 10، ص 1825.

[48]   لوسْتِك، مصدر سبق ذكره، ص 72.

[49]   Don Peretz, Israel and the Palestinian Arabs (Washington, D.C.: Middle East   Institute, 1958), pp. 404-408.                                                                                                         

[50]   "وقائع جلسات الكنيست"، 27/2/1950، ص 869.

[51]   "تقرير مراقب الدولة رقم 9، (57/58)"، ص 52؛ "الكتاب السنوي للحكومة، 1955"، المجلد 6، ص 49.

[52]    لوسْتِك، مصدر سبق ذكره، ص 70 – 71.

[53]   المادة 4 من القانون.

[54]   روبنشتاين، مصدر سبق ذكره، ص 188.

[55]   راجع الجداول الملحقة بأنظمة أملاك الغائبين (تعويضات) لسنة 1973.

[56]   نشر هذا القانون في "كتاب القوانين لسنة 1985"، ص 196.

[57]   استئناف انتخابات رقم 302/84، نئمان (باسم "كاخ") وأوري أفنيري (باسم القائمة التقدمية للسلام) ضد رئيس لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ 11، قرارات المحكمة العليا، المجلد 39، جـ 2، ص 225.

[58]   المصدر نفسه، ص 275 – 276، 307.

[59]   "وقائع جلسات الكنيست"، 31/7/1985، ص 3899 – 3900، أقوال عضو الكنيست توفيق طوبي.

[60]   المصدر نفسه، 14/5/1985، ص 2452 (شولاميت ألوني).

[61]   المصدر نفسه، 31/7/1985 (توفيق طوبي).

[62]   المصدر نفسه، ص 3906 (ماتي بيليد).

[63]   المصدر نفسه، 14/5/1985، ص 2448 (توفيق طوبي).

[64]   استئناف انتخابات رقم 2/88، القائمة التقدمية للسلام ضد رئيس لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ 12 (لم ينشر بعد).

[65]   أخبار التلفزة الإسرائيلية باللغة العبرية (مباط)، 2/4/1989؛ "هآرتس"، 3/4/1989 (مقابلة مع الضابط المسرح مزيد عباس)؛ "هآرتس"، 7/4/1989 (مقال الصحافي أبراهام طل).