في الذكرى الثلاثين للانتفاضة الفلسطينية الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي في أواخر عام ١٩٨٧ اندلعت في غزة والضفة الغربية موجة من المظاهرات الشعبية العارمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، سرعان ما تحولت إلى انتفاضة شعبية منظمة ذات زخم غير مسبوق وقابلية للاستدامة. كانت محاولات القمع الاحتلالية تزيد الجماهير الفلسطينية صلابة، واستطاع الأهالي بناء آليّات تساعدهم على التأقلم والصمود وابتدعوا طرقاً خلاقة، سياسية واجتماعية وثقافية، لمواجهة أشكال للتعبير عن توقهم العميق للحرية، مما نقل معاناتهم إلى العالم وخلق تعاطفا أمميا شعبيا معهم. شكلت الانتفاضة مفاجأة كبيرة للمراقبين، وقادة الاحتلال الإسرائيلي، والرأي العام العربي والعالمي، وكذلك القيادة الرسمية الفلسطينية، واحتلت حيّزا واسعا على صعيد التغطية الإعلامية الدولية. أسقطت الجماهير الفلسطينية ورقة التوت التي كانت إسرائيل تحجب بها ممارساتها الاحتلالية والقمعية لتظهر كمحتل بريء. ويعتقد الكثيرون أن الانتفاضة أرغمت قيادة الاحتلال على قبول مبدأ التفاوض والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. بعد مرور ثلاثة عقود على ذلك الحدث الهام، وأعوام طويلة من النضال السياسي واخفاقات المسار التفاوضي، وفي ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية للفلسطينيين ونشوء موجات وأساليب جديدة من المقاومة، يطرح اليوم السؤال عن معنى وتفرد الانتفاضة، وعن الدروس والعبر التي يمكن أو يجب الاستخلاص منها. سيلقي المؤتمر الضوء على أسئلة عديدة، منها: كيف نفهم الانتفاضة بعد ثلاثين عاما؟ ماذا نعرف عنها وكيف حفظت الذاكرة الجمعية الفلسطينية الحدث؟ ما هي العوامل التي أنتجت الانتفاضة كحالة شعبية واسعة؟ وما الأثر الذي تركته في الثقافة والسياسة والمجتمع الفلسطيني وعلى صورة الفلسطيني في العالم؟ هل للانتفاضة فرادة وخصوصية تاريخية استثنائية من حيث العوامل والفواعل التي أنتجتها؟ وهل لحدث مثيل أن يحصل مجددا؟
