حديث صحافي للرئيس ياسر عرفات بشأن قضية المبعدين وبشأن المقترحات الأميركية لتسويتها، تونس
Full text: 

س ـ كيف تنظرون إلى التطورات الأخيرة التي تدخل في إطار إيجاد حل لقضية المبعدين وما هو موقفكم منها؟

ج ـ في الحقيقة إن الموضوع لا يتعلق فقط بالمبعدين، الموضوع يتعلق بالقضية الفلسطينية ككل. وهذا ما عبرت عنه النقاط الست التي بحثت مع السيد وارن كريستوفر وأولها القدس والتي أعلن كريستوفر أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي) يتسحاق رابين وافق عليها موافقة كاملة وهي لا تختص فقط بالمبعدين بل بالإبعاد ككل، وتتعهد فيها أميركا بأنها تعتبر أن هذا الإبعاد غير قانوني وأن المفاوضات المقبلة يجب أن تنطلق من المرجعية التي انطلقت منها في البداية أي من القرارين 242 و338 ومن مبدأ الأرض في مقابل السلام والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني... والقدس. أضف إلى ذلك التعهدين الأخيرين اللذين وافق عليهما رابين ثم تراجع وهما الالتزام الكامل بعدم العودة إلى سياسة الإبعاد كعقوبة جماعية والامتثال للقرار 799. لا شك أننا نعتبر الآن أن الموضوع الأساسي هو موضوع القدس. والمبعدون موضوع آخر مهم، لكن تغييب القدس من النقاط الست هو أخطر عمل حدث بالنسبة إلينا، لأنه يجب أن ندرك أنه إذا كانت إسرائيل تعتبر القدس مهمة فيجب أن يكون مفهوماً أن القدس مهمة أيضاً للفلسطينيين وهي مهمة أيضاً للعرب وللمسلمين وللمسيحيين.

س ـ أي رابط تضعونه الآن لمعاودة المفاوضات. وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة بماذا تربطون معاودة المفاوضات تحديداً؟

ج ـ لقد وافقنا على النقاط الست بعدما أُعلمنا أن رابين وافق عليها. إن عودة رابين إلى الموافقة على النقاط الست ستفتح الباب أمام كل التسهيلات الأُخرى. عندئذ نستطيع أن ننطلق انطلاقة جديدة.

س ـ إذاً عودتكم إلى المفاوضات مرتبطة بالنقاط الست؟

ج ـ هذا ما تبحث فيه الآن القيادة الفلسطينية. وأمس واليوم حصلت اجتماعات مكثفة للإجابة عن هذا السؤال نحن قيادة جماعية والقرارات عندنا تصدر عن هذه القيادة.

س ـ أنتم متمسكون بهذا الموقف حتى لو عادت الأطراف العربية الأُخرى إلى المفاوضات؟

ج ـ حتى لو عاد العرب إلى المفاوضات... هذا موقفنا الذي نأمل بأن يتلاءم مع موقف إخواننا العرب. وسنبلغ هذا القرار إلى إخواننا العرب. نحن عندنا اجتماع لدول الطوق وندعو إلى عقده في أسرع وقت ممكن، لكن الإخوة في سوريا يرون أن من الأفضل تأجيله إلى ما بعد العيد (عيد الفطر المبارك) فيما نرى أنه من الأفضل عقده قبل ذلك. كذلك نرى أن يُبحث الأمر في اجتماع لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية وفي لجنة القدس التي يرئسها جلالة الملك الحسن الثاني وفي لجنة القدس في حركة عدم الانحياز. وإذا اقتضى الأمر في إطار المكتب الإسلامي.

[.......]

س ـ تحدثتم كثيراً في جولاتكم الأخيرة عن عودة التضامن العربي، وقد زار "أبو مازن" المملكة العربية السعودية. كيف تنظرون إلى هذه الزيارة وما أسفرت عنه؟

ج ـ نحن سعيدون جداً بهذه الزيارة ومجرد حصول الزيارة نظرنا إليه بارتياح. وأمس تلقيت ردين على رسالتين بعثت بهما إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد، وكانت الرسالة الأولى التي بعثت بها إليه خاصة بما يعانيه شعبنا في الأراضي المحتلة خصوصاً في قطاع غزة والإرهاب المنظم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني هناك والعقوبات الجماعية، والرسالة الأُخرى تتعلق بتهنئته في ذكرى توليه أمور البلاد في المملكة العربية السعودية ونحن نتطلع إلى مزيد من التقوية للعلاقات بيننا وبين الإخوة في السعودية وفي الخليج. نحن نتطلع إلى التضامن العربي. وأعتقد أن الوقت حان لكي نقفز على ما تركته حرب الخليج من جروح وآلام. كانت هناك حروب بين ألمانيا وفرنسا. والآن ألمانيا وفرنسا استطاعتا إقامة نوع من الوحدة الأوروبية وهناك حديث عن فرقة عسكرية مشتركة ألمانية ـ فرنسية. إننا نواجه تحديات مصيرية أي أن نكون أو لا نكون كأمة عربية. ولذلك سنظل نعمل في هذا الاتجاه ويجب أن يكون تركيزنا على الأخطار التي تحيط بمنطقة الخليج. تعرفون أن في هذه المنطقة أكبر احتياط نفطي في العالم.

س ـ كيف تنظرون إلى الدور الذي تلعبه إيران حالياً؟

ج ـ للأسف إن إيران تشجع القوى المتطرفة ليس في الساحة الفلسطينية فقط بل في المنطقة وتمدها بالسلاح والمال والتدريب والدعم السياسي. أصلاً نحن قاتلنا من أجل حرية قرارنا، من أجل القرار الفلسطيني المستقل، ولم نسمح لبعض الإخوة العرب بالتدخل في قرارنا الفلسطيني المستقل، وبالتالي لن نسمح بتدخل أعجمي في شؤوننا الداخلية. وأنا لا أعتقد أن هذا الموقف فلسطيني فقط بل هو موقف عربي. للأسف إن هذه ليست المرة الأولى التي تلعب إيران دوراً سلبياً على الصعيد الفلسطيني، هي منذ حرب الخليج الأولى حتى الآن تلعب هذا الدور. ثم لا تنسَ أنه حصل حديث لي طويل في هذا الشأن مع الرئيس رفسنجاني مرة في داكار ومرتين في جاكرتا حول هذا الموضوع. وقلت له مرحباً بك كصديق لكننا لا نوافق على تدخلكم في شؤوننا العربية أو شؤوننا الفلسطينية. يجب أن يكون مفهوماً أن أي تهديد لدولة عربية خليجية هو تهديد لفلسطين. موقفنا واضح وهذا ما أعلناه بالنسبة إلى جزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى. نحن مع أمتنا العربية.

س ـ هل نستطيع أن نعرف بعض الأمور عن زيارتكم الأخيرة للعراق؟

ج ـ ما أستطيع قوله هو إنها تأتي في صلب الموقف الذي نسعى إليه من أجل ترميم البيت العربي ونحن حريصون على ذلك. وكما قلت نحن نواجه نظاماً دولياً جديداً، فإما نكون أو لا نكون.

[.......]

س ـ وماذا عن توطين الفلسطينيين في لبنان وما هو موقفكم؟

ج ـ هذا كلام سخيف. نحن عرض علينا التوطين في سيناء ورفضناه وعرض علي التوطين في جنوب لبنان ورفضته، وعرض علي التوطين في الأزرق... نحن وطننا واحد وهو فلسطين. ولبنان ممر إلى هذا الوطن وسيظل لبنان ممراً فقط مثلما أن مصر ممر لهذا الوطن ومثلما أن سوريا والأردن ممر لهذا الوطن. وعاصمة هذا الوطن هي القدس الشريف، والعالم كله بالنسبة إلينا لا يساوي حجراً من حجارة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى النبي محمد صلوات الله عليه وسلم ومهد المسيح عليه السلام.

أريد أخيراً أن أكمل موضوع العراق، لقد بحثت مع الرئيس صدام شيئاً مهماً. تعرفون أن العراق حتى الآن هو البلد الوحيد غير المشترك في محادثات السلام وهو حجر زاوية في المنطقة العربية. لقد قال لي: على بركة الله يا أبو عمار، ما تقبل به القيادة الفلسطينية أوافق عليه. وهو كرر هذا الكلام في الصحف وفي حديث تلفزيوني.

[.......]

 

المصدر: "الحياة" (لندن)، 6/3/1993. وقد أجرى الحديث خير الله خير الله.