حديث صحافي لزعيم حزب العمل الإسرائيلي عن إمكانات السلام الإقليمي، تل أبيب
Full text: 

س ـ السيد رابين، إن كونك الشخص الذي ينافس رئيس الحكومة شمير [في رئاسة الحكومة] يجعل فرص هزيمة كتلة الليكود الحاكمة أفضل من أي وقت منذ خسارة حزب العمل السلطة سنة 1977. إذا أصبحت رئيساً للحكومة في حزيران/ يونيو، هل يكون حينئذ السلام في متناول اليد؟

ج ـ أعتقد وآمل بأن أكون مرشحاً جيداً. سأبذل كل جهد لإحداث تغيير. إذا أصبحت رئيس الحكومة المقبل، فسأناضل قبل كل شيء لإحداث تغييرين: الأول، في سياسة السلام والأمن. يصح القول، بالنسبة إلى إسرائيل، إننا لا نستطيع التمييز بين الأمن والسلام.

س ـ ألا تجدر المجازفة من أجل السلام؟

ج ـ لا فائدة من السلام الذي لا يخلق الأمن. أما التغيير الثاني، فيتعلق بتبديل الأولويات في بلدنا. إذ بدلاً من استثمار الأموال في مشاريع إسكان أعتبرها مستوطنات سياسية، يجب استخدام المبالغ المتوفرة لمحاربة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الملحة ـ والبطالة فوق كل شيء؛ إنها سرطان يهاجم مجتمعنا.

س ـ بسبب ماضيك العسكري، يرى كثيرون من الإسرائيليين أنك السياسي الوحيد من جهة اليسار الذي يمكنه التفاوض في شأن السلام مع العرب، من دون المجازفة بأمن إسرائيل. فكيف يبدو هذا السلام؟

ج ـ يكمن أفضل التوقعات، بالنسبة إلى هذا الأمر، في الحوار بيننا وبين الفلسطينيين...

س ـ بمن في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية؟

ج ـ عندما أتحدث عن الفلسطينيين أعني بذلك ممثلين عنهم من المناطق [المحتلة]. أنا أتمسّك بأساس الدعوات التي صدرت إلى مؤتمر السلام في مدريد: وافق الجميع على أن الخطوة الأولى يجب أن تكون إقامة حكم ذاتي أو إدارة ذاتية، كي يتمكن الفلسطينيون من إدارة شؤونهم بأنفسهم.

س ـ لكن هذا غير كاف للفلسطينيين.

ج ـ إن هذا سيكون اتفاقاً موقتاً لفترة انتقالية تمتد خمسة أعوام. بعد ثلاثة أعوام على أبعد تقدير، تبدأ المفاوضات في شأن حلّ نهائي. لا يمكن التوصل إلى تسوية سلمية نهائية بخطوة واحدة انطلاقاً من الوضع الراهن.

س ـ هل يوافق الفلسطينيون على هذه الخطوة الأولى من دون معرفة ما سينجم عنها في النهاية؟

ج ـ على الرغم من كل شيء، فسيحصل الفلسطينيون على ما لم تجرؤ قط الدول العربية الأخرى، التي عاشوا تحت احتلالها في الماضي ـ الأردن في الضفة الغربية، ومصر في غزة ـ على تقديمه لهم.

س ـ لقد تبنى حزبكم، خلافاً لحزب الليكود الحاكم، معادلة "الأرض في مقابل السلام". فماذا يعني ذلك بالتحديد؟ وأي شكل من الحل الوسط الإقليمي تقبلون به؟

ج ـ لم يتغير موقفي الأساسي منذ نهاية حرب الأيام الستة سنة 1967: أريد أن تتمكن إسرائيل من العيش في سلام وأمن، وأن تبقى ـ مع ذلك ـ دولة يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه. هذا التعريف يعني، في نظري، أن على ثمانين في المائة من المواطنين أن يكونوا يهوداً.

س ـ هذا يعني أن لا مكان في إسرائيل كهذه للفلسطينيين من المناطق المحتلة.

ج ـ أنا أؤمن بحق الشعب اليهودي في كامل أرض إسرائيل. لكن المشكلة الفعلية تكمن في وجود 1,7 مليون فلسطيني في المناطق [المحتلة]؛ وهؤلاء يؤلفون مجموعة سكانية مختلفة عنا اختلافاً كلياً ـ دينياً وثقافياً وفي أشكال التعبير السياسي. إذاً، مع أنني أعترف بحق اليهود في إسرائيل كلها، إلا إنني لا أريد ضمّ 1,7 مليون فلسطيني رغماً عنهم، لأن هذا سيجعل إسرائيل دولة ثنائية القومية.

س ـ هذا يعني أنك ستكون مستعداً للتخلي، على الأقل، عن أجزاء من أراضي اليهودية والسامرة التوراتية، الأراضي التي أنت نفسك احتلّيتها سنة 1967؟

ج ـ أنا على استعداد لفعل هذا. لكنني لا أستطيع ببساطة الاعتماد على معاهدة سلام أو اتفاق دولي. المعاهدات في الشرق الأوسط ليست مقدسة مثل الوصايا العشر، أو الإنجيل، أو القرآن. إنني حقاً أعتبر معاهدات السلام وسيلة أساسية من أجل إلغاء متدرج للاستعداد للحرب، لكن هذه عملية طويلة. لذلك فإننا نحتاج أيضاً، إلى جانب المعاهدات، إلى حدود نستطيع الدفاع عنها.

س ـ خلال حرب الخليج أظهرت هجمات الصواريخ أن إسرائيل أصبحت عرضة للهجوم، حتى من جانب معتدين بعيدين عنها. فهل هناك حدود آمنة مطلقاً؟

ج ـ لقد أُطلقت صواريخ سكود العراقية على مراكزنا السكنية بهدف جرّنا إلى النزاع. لكن علينا، عندما نخطط لسياستنا الدفاعية، ألا نفكر في هجوم بالصواريخ فحسب. إن الحروب تُشن بجميع أنواع أنظمة الأسلحة. إسأل من تريد: العمق الاستراتيجي مهم للدفاع.

س ـ ما قيمة التنازلات الإقليمية التي ستقدم عليها إذا كنت لا تزال تصرّ على وجود عسكري على نهر الأردن؟

ج ـ أنا أميّز بين المستوطنات اليهودية التي تقيمها الحكومة الحالية لأسباب سياسية، وبين المواقع التي تخدم الدفاع عن إسرائيل. وتشمل هذه الأخيرة مستوطنات استراتيجية في وادي الأردن، وعلى مرتفعات الجولان.

س ـ وهل تشمل المواقع الاستراتيجية، التي لا يمكن الاستغناء عنها، القطاع الشرقي من القدس الذي ضمته إسرائيل؟

ج ـ القدس مسألة أخرى، ولا تدخل تحت عنوان الأمن. إنها قلب وروح الشعب اليهودي ودولة إسرائيل. القدس يجب أن تبقى عاصمتنا، موحدة إلى الأبد وخاضعة لسيادة إسرائيل ـ مع حرية الوصول، وحرية ممارسة المعتقد للديانات الأخرى.

س ـ هل عندك استعداد لوقف تشييد مستوطنات جديدة على الأقل؟

ج ـ معارضتي للمستوطنات السياسية تعود إلى أكثر من عشرين عاماً. وخلال فترة رئاستي للحكومة، حاولت منع هذه المستوطنات قدر الإمكان.

س ـ كم من الأراضي المحتلة تنوي الاحتفاظ بها؟

ج ـ لم نوافق قط على التراجع إلى حدود سنة 1967. سياستنا واضحة: نعم للتنازلات الإقليمية، لا مطلقة للتراجع إلى حدود 1967. كيف يجب أن يكون الحل النهائي؟ إن مناقشة هذا الأمر الآن لن تؤدي إلى نتيجة.

س ـ إن سياسة الاستيطان التي تتبعها حكومة الليكود تهدف، أيضاً، إلى جعل التخلي عن الأراضي المحتلة مستحيلاً. ماذا سيحل بالمستوطنين اليهود الذين تعتبر أن لا أهمية استراتيجية لهم بعد انسحاب إسرائيل؟

ج ـ خلال مرحلة الإدارة الذاتية سيتمكن الفلسطينيون من إدارة شؤونهم كلها بأنفسهم ـ باستثناء السياسة الخارجية والأمن والمسؤولية عن المستوطنات الإسرائيلية.

س. هل يعني ذلك أن تلك المستوطنات ستبقى جيوباً إسرائيلية داخل منطقة إدارة ذاتية للفلسطينيين؟

ج ـ لم أستخدم هذا المصطلح. أنا شرحت الخطوط العريضة للفترة الانتقالية فقط.

س ـ بعد تحقيق السلام مع مصر تمّت إزالة كل المستوطنات الإسرائيلية في سيناء. هل في الإمكان تصور حدوث أمر مشابه في الضفة الغربية أيضاً؟

ج ـ إن اتفاق كامب ديفيد يعدّ بمثابة اختراق تاريخي في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وقد دفع رئيس حكومة إسرائيل الراحل، مناحم بيغن، ثمناً صعباً ومؤلماً بسببه. في أية حال، أعتقد أن من غير الضروري اقتلاع المستوطنات، حتى لو كان القصد التوصل إلى تسوية سلمية نهائية.

س ـ إن المستوطنين الإسرائيليين لن يرغبوا في العيش تحت السيادة الفلسطينية.

ج ـ في سنة 1967، كان يعيش نحو 120,000 فلسطيني في المنطقة التي جعلناها القدس الموحدة تحت سيادتنا في ذات الوقت. عرضنا الجنسية الإسرائيلية عليهم، لكنهم رفضوها. يحق لهم المشاركة في الانتخابات المحلية بصفتهم مواطنين من القدس، لكنهم لا يستطيعون المشاركة في انتخابات الكنيست. لا أريد القول إنه يجب تطبيق حلّ مشابه على المستوطنين اليهود. لكن ربما نشأ وضع تفصل فيه حدود نهائية واضحة بين اليهود والفلسطينيين.

س ـ إن هذا لا يبدو حقاً مشروعاً سخياً للسلام. لماذا يثق الفلسطينيون بك أكثر مما يثقون برئيس الحكومة شمير؟ إنهم لم ينسوا أنك، كرئيس للحكومة في بداية الانتفاضة، أقسمت على إحباطها بـ "العنف والعزم والضرب".

ج ـ موقفي اليوم هو نفسه كما كان في ذلك الوقت: يجب ألا تتراجع إسرائيل ملّيمتراً واحداً بسبب العنف ـ سواء أكان ذلك صادراً عن جيوش الدول العربية، أم عن جماعات إرهابية فلسطينية، أم عن الانتفاضة. يجب أن نقاوم العنف بكل قوانا، ضمن الحدود التي يفرضها القانون علينا.

س ـ هذا لا يقرّب إسرائيل خطوة واحدة نحو السلام.

ج ـ في الوقت نفسه، أوضحت دائماً أن ليس في إمكاننا حلّ المشكلة بالقوة العسكرية وحدها. وتكراراً قلت للقادة الفلسطينيين ـ وقد التقيت كثيرين منهم: لا تظنوا أنكم ستدفعونا إلى الاستسلام من خلال الطعنات والزجاجات الحارقة، أو بواسطة الحجارة. إذا أردتم التوصل إلى حلّ، تفاوضوا معنا، ونحن جاهزون.

س ـ بالنسبة إلى الفلسطينيين، إنهم يوافقون على مفاوضات كهذه بشأن الإدارة الذاتية إذا رأوا فيها خطوة أولى على درب إنشاء دولتهم الخاصة بهم.

ج ـ هذا ما يريدونه، لكننا ضد ذلك. لا أطالبهم بالتخلي صراحة عن هذا الموقف ما دام مطلبهم هذا لا يعوق المفاوضات في شأن الحكم الذاتي.

س ـ مع ذلك، ألا ينبغي لك أن تأخذ في الاعتبار إمكانات قيام دولة فلسطينية؟

ج ـ كلا. الجواب كلا.

س ـ هل هناك، في رأيك، شعب فلسطيني يحق له أن يطالب بحقه الوطني في تقرير المصير؟ لقد اعتادت غولدا مئير أن تنكر تماماً وجود شعب فلسطيني.

ج ـ هل لكل شعب دولة خاصة به؟ هناك أكثر من مائة شعب على أراضي الاتحاد السوفياتي سابقاً. هل يجب أن يحصل كل شعب، يعرّف نفسه هكذا، على دولة خاصة به.

س ـ ألا تخدع إسرائيل نفسها إذا اعتقدت أنها ستكون، في المدى الطويل، قادرة على حرمان الفلسطينيين من حقهم الوطني في تقرير المصير؟

ج ـ الذين يصرون على هذه المسألة سيخلقون فقط صعوبات تحول بيننا وبين إنجاز ما هو ممكن الآن.

س ـ هذا لا يغيّر من حقيقة أن الفلسطينيين لا يريدون التخلي عن هذا الهدف البعيد.

ج ـ اسمع، أنا لا أمنع الفلسطينيين من التفكير في هدفهم البعيد. لكن يجب الآن أن يتعاملوا مع المسائل المقبلة المتعلقة بالحكم الذاتي.

س ـ لقد رفضت إسرائيل حتى الآن أن تقبل بمنظمة التحرير الفلسطينية شريكاً سياسياً في عملية السلام. ألم يصبح هذا الموقف بلا معنى منذ زمن بعيد؟ بالمقارنة مع الأصوليين الإسلاميين من حركة "حماس" أو آخرين من المتطرفين السياسيين في المناطق المحتلة، أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية عملياً، وبمرور الوقت، عقلانية ومعتدلة.

ج ـ إن محاورينا في المفاوضات بشأن الحكم الذاتي هم فلسطينيون من المناطق [المحتلة].

س ـ لقد اعتقدت الحكومات في إسرائيل دائماً أن الوقت يعمل في مصلحتها. لكن كلما طالت عرقلة السلام تعاظم الإحباط لدى الفلسطينيين، وزاد خطر الهجمات الإجرامية والعمليات الانتحارية المسلحة.

ج ـ من الصعب الحكم على المستقبل على أساس أحداث الماضي. حتى الآن عمل الوقت في مصلحتنا. لكن هذا لا يعني أنه يجب ألا نبذل كل الجهد لتحقيق سلام يوفّر لنا الأمن ـ الأمن لدولة إسرائيل ولمواطنينا على السواء.

س ـ إن انتخابات حزيران/ يونيو ليست ذات أهمية حاسمة بالنسبة إلى إسرائيل فقط. إذ يجري مراقبتها بانتباه في الخارج ـ في الولايات المتحدة قبل كل شيء ـ لأن استمرار محادثات السلام يعتمد على نتيجتها. لو كانت الكلمة لواشنطن، لكنت أنت رئيس الحكومة المقبل على الأرجح. كيف ستعمل على إصلاح العلاقات بالولايات المتحدة التي أضرّت بها الخلافات في شأن سياسة الاستيطان وضمانات القروض؟

ج ـ لقد اعتبرت على الدوام العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة مسألة حيوية. ولا تنس أنني شغلت ذات مرة منصب السفير في واشنطن. وخلال السنوات السبع الماضية فقط حصلنا على نحو 21 مليار دولار، أكثرها لتحسين قدرتنا الدفاعية وقوتنا العسكرية. لكن يجب ألا تصبح إسرائيل بلداً خاضعاً لإملاءات الولايات المتحدة. نحن دولة مستقلة وحرة وديمقراطية، والقرارات في شأن مصالحنا الحيوية يجب أن تتخذ في إسرائيل.

س ـ إن الضغط الأميركي مؤلم. هل ستضطر إلى الإصغاء إلى واشنطن بانتباه أكثر؟

ج ـ لا شك في أننا بمفردنا سنواجه صعوبة كبيرة في معالجة هذه المشكلات ومشكلة البطالة المتزايدة. إن البطالة تؤثر الآن سلبياً في تدفق المهاجرين من الاتحاد السوفياتي سابقاً. وطبعاً، نستطيع أن نستوعب عدداً أكبر من اليهود إذا تلقينا مساعدة من الولايات المتحدة وأوروبا.

س ـ لم يسبق أن أحرز أي حزب كبير في تاريخ إسرائيل أكثرية مطلقة بمفرده. وحتى الآن، أرغمت كل حكومة على التعاون مع الأحزاب الدينية التي رجّحت كفة الميزان. ألا تخشى أن تصبح مجدداً عرضة لمحاولات ابتزاز من جانب تلك الأحزاب؟

ج ـ ثمة خياران فقط: إما التحالف مع اليسار والأحزاب الدينية، وإما تأليف حكومة وحدة وطنية مع الليكود. وواضح أن الخيار الثاني هو الحل الأسوأ.

س ـ يؤدي المواطنون الجدد من الاتحاد السوفياتي سابقاً، أول مرة، دوراً مهماً. فكيف تنوي كسب أصواتهم؟

ج ـ ينصبّ اهتمام الروس، الذين يصوّتون أول مرة، بصورة رئيسية على إرضاء حاجات أساسية: العمل، والسكن، والأمن. وعلى الرغم من كل الإغراءات التي قدمتها حكومة الليكود، فقد استوطن نفر قليل في المناطق [المحتلة]. وهذا يدعو إلى الأمل بأن تصوت أكثريتهم لنا.

س ـ حتى لو حققت تقدماً حاسماً في المفاوضات مع الفلسطينيين، هل يعتبر هذا كافياً حقاً لتحقق مصالحة بين إسرائيل وجيرانها العرب؟ أم هل هو قدر إسرائيل أن تكون أبداً وباستمرار دولة مهدَّدة، ومحاطة بأعداء يعتبرونها غريبة وصهيونية، ولا يعترفون بشرعيتها؟

ج ـ إن عملية السلام ستكون مؤلمة، وتتطلب وقتاً طويلاً جداً. ولسوء الحظ، ليس هناك طرق مختصرة أو وسائل مثل "افتح يا سمسم".

س ـ بدأت مهنتك ضابطاً في حرب 1948. وحقّقت شهرة عالمية كمنتصر في حرب الأيام الستة سنة 1967. والآن، بعد 25 عاماً، تريد تتويج مهنتك السياسية باتفاق سلام تاريخي. هل حقاً تحول يتسحاق رابين "الصقر" إلى "حمامة"؟

ج ـ لا أستخدم تعابير مشتقة من علم الحيوان عندما يتعلق الأمر بشعب إسرائيل. أريد السلام لأنني رأيت كثيراً من الحروب. أعرف ماذا تعني الحرب، أعرف ماذا يعني العذاب والضحايا والألم والحداد ـ لدى الطرفين. من ناحية أخرى، نحن نعيش في منطقة تتسم بعدم استقرار شديد وأحداث لا يمكن التنبؤ بها، ولا وجود فيها لنظم أو تقاليد ديمقراطية، بل تحكمها أنظمة توتاليتارية مستبدة. ولذلك، فإن القوة العسكرية هي الضمانة الوحيدة للسلام، ويجب أن نفاوض بشأن السلام من موقع قوة.

س ـ إذاً، لن يكون الشرق الأوسط مكاناً لنزع السلاح، حتى بعد انتهاء الحرب الباردة؟

ج ـ أتمنى أن يكون هكذا. لكنْ إذا نظرنا بواقعية فإن نزع السلاح ـ ربما باستثناء الحد من أسلحة الدمار الشامل ـ أمر لا يمكن إنجازه في الوقت الحاضر. إن سباق التسلّح سيستمر ما دام هناك معسكرات يناصب بعضها البعض العداء. 

س ـ قال ياسر عرفات، في مناسبة ما، أنه ينتظر ظهور ديغول إسرائيلي. في سنة 1962، سحب ديغول الجيش الفرنسي من الجزائر، وأعطى البلد استقلاله. هل تكون أنت ديغول الشرق الأوسط؟

ج ـ لا نية لدي لعمل ما يتوقعه عرفات من زعيم إسرائيلي.

 

المصدر:  Der Spiegel (Hamburg), April 20, 1992, pp. 173-182. وقد أجرى المقابلة رومان ليك وستيفان سايمونز.

* زعيم حزب العمل الإسرائيلي: يتسحاق رابين.