حديث متلفز للرئيس حسني مبارك يؤكد فيه ضرورة عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط، ويستعيد تطورات أزمة الخليج، 19/5/1991
Full text: 

أكد الرئيس حسني مبارك في حديث لمحطة التليفزيون الإيطالي "تلي مونت كارلو" أنه من الضروري جداً عقد المؤتمر الإقليمي أو الدولي للسلام حتى يمكن أن نبدأ المفاوضات لنصل إلى حل عادل للنزاع العربي الإسرائيلي. وبدون موافقة إسرائيل على مبدأ الأرض مقابل السلام، أعتقد أن المفاوضات تقودنا إلى المجهول، ومصر على استعداد للمساعدة في عقد المؤتمر وبذل أقصى جهد مع كل الأطراف حتى يمكن أن نحقق السلام، وعلى الرغم من ذلك فإننا نحتاج بعد المؤتمر إلى طريق طويل للتوصل إلى سلام حقيقي [....]

وقال الرئيس مبارك إن مصر ترحب باستضافة مؤتمر السلام، وإن موقف شمير رئيس الوزراء في إسرائيل يجب أن يتغير لأننا نريد السلام وكل أوروبا وأميركا تريد أن يسود السلام في الشرق الأوسط.. وأكد الرئيس مبارك أن إصرار شمير على مبادىء غير مقبولة يعتبر ضد إرادة العالم كله.. وقال: إن الأرض مقابل السلام مبدأ أعلنه جورج بوش عدة مرات فلا يمكن الحديث عن السلام بدون أرض لأن المشكلة هي الأرض، فلا يمكن القول: لا أرض مقابل السلام.

[.......]

وحول ما يقوله بعض الفلسطينيين من أنه في حالة اختفاء صدام حسين من على المسرح السياسي فلا بد أن يمضي وقت طويل قبل أن يجد العرب صدّاماً آخر قال الرئيس مبارك: قبل الحرب العراقية ـ الإيرانية قال لي صدام إنني لست في موقف يسمح لي بمحاربة إسرائيل تحت أي ظرف من الظروف، إلا في حالة قيام مصر والأردن بشن هجوم على إسرائيل، وقال لي أنه يعرف ظروف الأردن وأن مصر قد وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل، وأنه ليست لديه النية لشن هجوم على إسرائيل ولكن هذه القصة الجديدة بعد غزو الكويت كانت للاستهلاك ولن يكون هناك صدّام آخر يخلق مشاكل في العالم العربي مرة أخرى.

ورداً على سؤال حول موقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأنه ومنظمة التحرير الفلسطينية حققا تقدماً كبيراً قبل تأييدهما لصدام، قال الرئيس مبارك لقد ارتكب عرفات خطأً كبيراً بتأييده للغازي لقد أيد صدام في غزوه للكويت التي كانت تمول وتؤيد المشكلة الفلسطينية ولكن منظمة التحرير ليست فقط عرفات.

وما يقال من أن عرفات يجب أن يتغير فذلك ليس من شأننا فهذا شأن الفلسطينيين أنفسهم وعليهم أن يختاروا قيادتهم ويقولوا نعم أو لا لعرفات وليس لدينا الحق في تغيير عرفات لأنه يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية للفلسطينيين.

وقال الرئيس: أعتقد أن عرفات قد يكون نادماً ولكنه لن يعلن ذلك صراحة، وإلقاء الصواريخ من العراق على إسرائيل لا يعني أنه كان ينوي تحرير الأراضي المحتلة، ولكنه كان ينوي إشراك إسرائيل في حرب الخليج وليقول للمسلمين انظروا إنها حرب بين اليهود والمسلمين، والحمد لله أن هذا لم يحدث.. وعلى أي حال فإن بإطلاق عدة صواريخ كسبت إسرائيل عدة مليارات من الدولارات.

وحول ما يقوله شمير من أن المفاوضات يجب أن تكون بين الأطراف المعنية مباشرة، قال الرئيس مبارك: سنبدأ بالمؤتمر الدولي، هذا هو السيناريو الذي يمكنني تخيله، ثم بعد ذلك فإن المؤتمر الدولي لن يمكنه فرض أي حلول على الأطراف، ولكن بعد عقد المؤتمر لا بد أن نصل إلى المرحلة التي تتفاوض فيها سوريا مع إسرائيل من أجل الجولان، والأردنيون والفلسطينيون يتفاوضون مع الإسرائيليين. وسوف تكون هناك مفاوضات مباشرة.. بالتأكيد سوف تكون هناك مفاوضات مباشرة، إنهم لن يتفاوضوا من خلال الإذاعة أو من خلال الوسطاء إنهم لا بد أن يجلسوا سوياً مثلما فعلنا نحن. ليس هناك من سبيل آخر إلا المفاوضات المباشرة ولكن لا بد أن تكون على أسس قوية.

ورداً على سؤال حول مهمة بيكر بالرغم من تشدد شمير قال الرئيس يمكنني القول إن الوزير بيكر يبذل أقصى ما في وسعه ويقوم بجهد رائع، ولكن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، والسيد شمير لا بد أن يستجيب، ولا بد أن يوافق على مبدأ الأرض مقابل السلام، ولا يجب أن يخلق مشاكل حول التمثيل الفلسطيني.. إننا على استعداد للمساعدة ولكنه لا يجب أن يتشدد في هذه النقاط.. لا بد أن يكون هناك نوع من المرونة.

وحول مشاركة المجموعة الأوروبية في المؤتمر، قال الرئيس إننا مع مشاركة هذه المجموعة في المؤتمر الدولي أو في مؤتمر السلام، وإذا كانت العصبية تصيبهم من كلمة المؤتمر الدولي فسوف نسميه مؤتمر السلام، لا يمكن أن نتجاهل السوفيات والأميركيين والأوروبيين، خاصة أنهم يساعدون إسرائيل كثيراً ولا يجب أن يرفضوا مشاركتهم.

وقال الرئيس إن الأميركيين يقدمون أفضل ما في وسعهم خاصة الإدارة الحالية، إن جورج بوش وبيكر وتشيني يفعلون أقصى ما يمكنهم عمله وأعتقد أن ما قاموا به لم يحدث من قبل، لذا فهذه فرصة ذهبية للشرق الأوسط لا بد أن ينتهزها الجميع.

[.......]

 

المصدر: "الأهرام" (القاهرة)، 20/5/1991. وقد أدلى الرئيس مبارك بهذا الحديث إلى التلفزة الإيطالية التي بثته في 19/5/1991.