يعتقد الكاتب أن ثمة طموحات كثيرة سقطت بمرور الزمن، وأهدافاً كثيرة باتت بلا أساس، مثل التحرير الكامل والعودة الشاملة وإنهاء الوجود الصهيوني في فلسطين. وهذا الكتاب محاولة لنقد التجربة التاريخية للصراع العربي - الصهيوني من أجل فهم جديد لمعنى التحول نحو السلام. وفي هذا السياق يأخذ الكاتب على الفلسطينيين أنهم لم يغيروا هدفهم الأبرز أي إقامة الدولة الفلسطينية على الرغم من تغير المعطيات، ويأخذ على السوريين أيضاً سعيهم لاستعادة الجولان وبناء توازن جغرافي وعسكري وسياسي، في حين أن الأحوال والوقائع المتغيرة تفترض تغير مثل هذه الأهداف.
ويدّعي هذا الكتاب لنفسه صفة التفكير بصوت مرتفع، ويدعو إلى فتح الحوار وإطلاق النقاش في أمور الصراع والسلام، وهو يأمل بالمساهمة في إرساء فكر أكثر موضوعية في التعامل مع الشأن العربي - الإسرائيلي، كما يأمل الكاتب بأن يكون كتابه بداية البحث عن مستقبل يخفف شبح الحرب ويأخذ الجميع، بهدوء، إلى حقائق التنمية والمنافسة الاقتصادية والسياسية في ظل السلام.
إن التفكير الحر هو، بديهياً، حق أصلي من حقوق الأفراد والجماعات يجب ألا يقيده أي قيد أو عائق. إلا إن نقد مثل هذا التفكير ونقضه هو، في الوقت نفسه، حق لا يمكن منازعته أبداً. ونظن أن هذا الكتاب، بالأفكار التي فشت في صفحاته، ينتمي إلى موجة الكتابة شبه الكيدية لا النقدية، وهي تلك التي راحت تتصدى بالهجوم على التجربة السابقة للصراع العربي - الصهيوني بلا منهج أو عدة تحليلية متوازنة. إننا جميعاً معنيون بنقد جميع التجارب السياسية والفكرية والتنظيمية التي سادت المرحلة السابقة، منذ هزيمة 1948 فصاعداً، والتي من نتائجها هزيمة 1967 والهزائم اللاحقة بها. إلا إننا معنيون، أيضاً، بنقد الأفكار "الجديدة" التي نرى أنها لا تؤسس أي مدماك فكري جديد بقدر ما تمهد للهزائم المتوقعة وللانسحاق التام أمام سطوة الوقائع والأحداث الراهنة. وهذا الكتاب ينتمي، ولا شك، إلى هذا النمط من التفكير الذي نحرّض على نقده ونقضه إن أمكن الأمر.