A Policy of Discrimination: Land Expropriation, Planning and Building in East Jerusalem
Keywords: 
التمييز العنصري
الحكومة الإسرائيلية
القدس
الفلسطينيون
مصادرة الأرض
الوضع القانوني لمدينة القدس
القدس الشرقية
القانون الدولي
الإحصاءات السكانية
Full text: 

أهم نتائج التقرير

1 -منذ ضم القدس الشرقية سنة 1967، انتهجت الحكومة الإسرائيلية سياسة تمييز منهجي مقصود ضد السكان الفلسطينيين المحليين في جميع الأمور المتعلقة بمصادرة الأراضي والتخطيط والبناء.

2 - بيَّن تفحص وثائق بلدية القدس وتصريحات الذين يضعون السياسة المتعلقة بالمدينة أن إعمار القدس يقوم، أولاً وقبل كل شيء، على اعتبارات سياسية - قومية. وقد أملت غاية مركزية واحدة سياسة التخطيط البلدي: تعزيز السيطرة الإسرائيلية في المدينة كلها. وقد تم ذلك من خلال إيجاد واقع ديموغرافي وجغرافي من شأنه أن يحبط أية محاولة مستقبلية للطعن في السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية.

3 - وبينما تسهِّل السلطات الإسرائيلية الإعمار المكثف والاستثمارات الضخمة في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية وتشجع اليهود على الاستيطان فيها، فإن هذه السلطات بما تفعله أو تمتنع من فعله تخنق الإعمار والبناء بالنسبة إلى السكان الفلسطينيين الذين يعدُّون بمثابة "خطر ديموغرافي" يهدد السيطرة الإسرائيلية على المدينة.

4 - والوسائل المستخدمة لذلك تضم، فيما تضم:

- مصادرة الأراضي: معظم الأراضي المصادرة منذ سنة 1967 هو من ممتلكات العرب الخاصة. وقد أنشئت نحو 500,38 وحدة سكنية على هذه الأراضي للسكان اليهود، لكن لم تبن وحدة سكنية واحدة للفلسطينيين.

- مخططات التنظيم البلدي: وضعت السلطات المسؤولة عن التخطيط مخططات للتنظيم البلدي تحدُّ من الإعمار والمناطق المخصصة للبناء بالنسبة إلى السكان الفلسطينيين المحليين، وتعزز السيطرة اليهودية على المدينة كلها بدلاً من المساهمة في إعمار الأحياء الفلسطينية والتخفيف من حدة الضائقة السكنية التي يعانونها.

5 - وتؤثر هذه السياسة تأثيراً حاداً في الضائقة السكنية التي يعانيها السكان الفلسطينيون الذين يشكلون 28% من سكان المدينة.

ففي مجال البناء:

- تشكل 870,64 شقة تقريباً نحو 88% من جميع الوحدات السكنية التي أنشئت للسكان اليهود (أنشئ نصف العدد تقريباً بتمويل رسمي)؛

- تشكل 8890 شقة تقريباً 12% من جميع الوحدات السكنية التي أنشئت للسكان الفلسطينيين (معظمها بتمويل من الاستثمار الخاص).

منذ سنة 1990، لم تزل الفجوة بين عدد المباني المنشأة لكل من فئتي السكان آخذة في الاتساع.

وفي مجال كثافة الإسكان:

- في نهاية سنة 1993كان متوسط كثافة الإسكان بالنسبة إلى السكان اليهود 1,1 شخص لكل غرفة، بينما كان متوسط كثافة الإسكان بالنسبة إلى السكان الفلسطينيين 2,2 شخص لكل غرفة. إن هذا التفاوت الذي يمثل 100% يشكل ضعفي التفاوت في كثافة الإسكان الذي كان قائماً سنة 1967.

وفي مجال الحاجة إلى المساكن:

- تبين تقديرات المخططين والمهندسين الخبراء بتخطيط الأحياء الفلسطينية في المدينة أن النقص في المساكن الذي يعانيه السكان الفلسطينيون ينوف على 000,20 وحدة سكنية.

الوضع القانوني للقدس الشرقية

بعد حرب الأيام الستة ضمت إسرائيل 000,70 دونم من القدس الشرقية والقرى المجاورة لها إلى بلدية القدس الغربية. وفي 27 حزيران/يونيو فرضت السلطات الإسرائيلية قانون الدولة وولايتها القضائية وإدارتها على تلك الأراضي.

ووفقاً للقانون الدولي لا يحق للبلد المحتل أن يضم الأراضي التي احتلها إلا إذا تم ذلك بموجب معاهدة سلام، لأن مسألة ضم الأراضي لا تتوقف، طبعاً، على الإرادة التحكمية المطلقة لكل دولة.([1])

ولذلك شددت السلطات الإسرائيلية في المحافل الدولية على أنه لم يجر أي ضم، وعرضت مسألة القدس باعتبارها مسألة تنتظر الحل. وقد جاء في البند الخامس من إعلان المبادئ، الموقع بين الإسرائيليين والفلسطينيين في أوسلو يوم 13 أيلول/سبتمبر 1993، أن وضع القدس النهائي لم يحدد بعد وأنه سيحدد في مرحلة لاحقة من المفاوضات بين إسرائيل وم.ت.ف.

لكن الحكومة الإسرائيلية قدمت إلى الجمهور الإسرائيلي موقفاً مختلفاً عن ذلك تماماً. ففي النقاشات المتعلقة بوضع القدس القانوني، والتي كانت تدور في الكنيست، كان الوزراء على اختلافهم يحجمون عن الكلام على "الضم"، لكنهم كانوا يعلنون صراحة موقفاً يدل على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من إسرائيل.

وفي أية حال، فقد تصرفت إسرائيل حيال القدس الشرقية كما لو أنها ضمتها. يضاف إلى ذلك أن البند السابع والأربعين من اتفاقية جنيف الرابعة ينص صراحة على أنه في حال الضم من طرف واحد، فإن مبادئ القانون الدولي المعمول بها في أوضاع الاحتلال العسكري تظل سارية المفعول. ولذلك فإن بتسيلم توافق على دعوى المجتمع الدولي بأن القدس الشرقية أرض محتلة، وأن وضعها هو وضع باقي الضفة الغربية نفسه.

يتفحص هذا التقرير شرعية أفعال الحكومة الإسرائيلية في القدس الشرقية في مجال التخطيط والإعمار في ضوء مبادئ القانون الدولي. ولمّا كان القانون الإسرائيلي معمولاً به، فعلاً، في القدس الشرقية، فإن سياسة الحكومة وأنشطتها في القدس الشرقية ستكون موضع اختبار أيضاً من ناحية انسجامها مع القوانين الإسرائيلية. 

القانون الدولي

استناداً إلى النظام رقم 43 من أنظمة لاهاي الصادرة سنة 1907، يجب على القوة المحتلة أن تستمر في تطبيق المبادئ القانونية التي كانت مرعية الإجراء قبل بداية الاحتلال. وينافي فرض القانون الإسرائيلي وولاية المحاكم الإسرائيلية والإدارة الإسرائيلية على القدس الشرقية هذه القاعدة من قواعد القانون الدولي المتعارف عليه.

يقضي القانون الدولي بأن يكون كل فعل تفعله القوة المحتلة موقتاً، ولا يجوز لها بالتالي أن تقوم بأية تغييرات تكون ذات مضامين بعيدة الأجل أو من شأنها تغيير الأوضاع القائمة. ولا شك في أن بناء الحكومة الإسرائيلية آلاف الوحدات السكنية في القدس الشرقية من أجل إسكان أعداد كبيرة من السكان اليهود قد غيَّر خريطة المدينة، وخلق وضعاً سكانياً ومادياً واقتصادياً واجتماعياً يتناقض تناقضاً تاماً مع مفهوم التغيير الموقت.

يسمح القانون الدولي للقوة المحتلة باستعمال موارد الأراضي المحتلة من أجل حاجات سكان الأراضي المحتلة حصراً. ولا يسمح بالخروج عن هذا المبدأ إلا عند وجود مصلحة أمنية تقتضي الحماية. إن أنشطة البناء والإسكان وعملية إحلال اليهود في الأحياء اليهودية منذ سنة 1967 لم تخدم حاجات السكان الفلسطينيين ولم تنشأ عن اعتبارات أمنية. بل كان القصد من هذه الأفعال خدمة المصالح القومية والاقتصادية والاجتماعية لدولة إسرائيل، ولذلك فهي تعد انتهاكاً واضحاً للمبدأ المذكور.

إن أفعال الحكومة الإسرائيلية الموصوفة في هذا التقرير، بما فيها فرض القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية ومصادرة الأراضي من أجل بناء الأحياء اليهودية وتضافر جهود الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على إسكان أكبر عدد ممكن من اليهود في القدس الشرقية، تنتهك القانون الدولي. وهذه الأفعال تنافي المبادئ المقصود بها تنظيم علاقة القوة المحتلة بالسكان المقيمين في الأراضي المحتلة والتزاماتها حيال هؤلاء السكان.

إحصاءات

منذ أن ضمت إسرائيل القدس الشرقية في سنة 1967، لم تتقلص الفجوة في أوضاع السكن بين اليهود والفلسطينيين، ولم تُبذل أية جهود لتقليصها. بل العكس هو الصحيح، لأن الفجوة باتت تتسع أكثر فأكثر نتيجة سياسات الحكومة الإسرائيلية.

بناء المساكن

شهدت القدس منذ سنة 1967 موجة من بناء المساكن أكبر من أية موجة عُرفت من قبل. ففي شباط/فبراير 1995 كان قد تم بناء 151,76 وحدة سكنية في المدينة، وهي زيادة تبلغ نسبتها 6,108% من عدد الوحدات السكنية. إلا إن هذا الإعمار مخصص لسكان المدينة اليهود على نحو يكاد يكون حصرياً.

بين تشرين الثاني/نوفمبر 1967 وشباط/فبراير 1995 كان تقاسم الوحدات السكنية بين الفريقين كما يلي:

- بُني في الأحياء اليهودية نحو 870,64 وحدة سكنية، تشكل 88% تقريباً من جميع الوحدات السكنية.

- بُني في الأحياء الفلسطينية نحو 8890 وحدة سكنية، تشكل 12% من جميع الوحدات السكنية.

وقد ازداد التباين فيما يخص الوحدات السكنية المبنية لكل من الفريقين منذ سنة 1990:

- فمن بين الـ 9070 وحدة سكنية التي أُنجز بناؤها بين سنة 1990 ونهاية سنة 1993 لم يبن في الأحياء الفلسطينية سوى 463 وحدة، تشكل 1,5% من إجمالي الوحدات المبنية في هذه المدة.

- البناء في القدس الشرقية:

في سنة 1993 وحدها، وهي السنة الأخيرة التي نُشرت إحصاءات عنها، كان التباين أكبر من ذي قبل: فمن بين 2720 وحدة سكنية أُنجزت في هذه السنة، لم يبن إلا 103 وحدات سكنية في الأحياء الفلسطينية، وهذا يشكل 8,3% من مجموع الوحدات السكنية التي بنيت في هذه السنة.

lتركَّز معظم حركة البناء في القدس منذ سنة 1967 في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية. وفي شباط/فبراير 1995، كان عدد الوحدات السكنية في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية يقارب ضعف نظيره في الأحياء الفلسطينية. فكانت الأحياء الفلسطينية تضم 000,20 وحدة سكنية بينما كانت الأحياء اليهودية في القدس الشرقية تضم 500,38 وحدة. وكما أشرنا من قبل، فإن إسكان اليهود في القدس الشرقية مخالف للقانون الدولي.

كثافة الإسكان

[.......]

في الفترة الممتدة بين سنة 1967 وآخر سنة 1993، اتسع حجم الفجوة في كثافة الإسكان (housing density) بين الفريقين بمقدار الضعف، من 50% إلى 100%.

[.......]

وفي صفوف السكان اليهود حدث انخفاض واضح في عدد الأُسر التي تعيش في مثل كثافة الإسكان هذه، بينما ظل الانخفاض في النسب المئوية فيما يتعلق بالسكان الفلسطينيين ضئيلاً.

- في سنة 1972 كانت 4 أُسر فلسطينية تعيش بكثافة 3 أشخاص أو أكثر في الغرفة الواحدة، في مقابل أُسرة يهودية واحدة تعيش في أوضاع مماثلة.

- في سنة 1993 كانت 5,13 أُسرة فلسطينية تعيش بكثافة 3 أشخاص أو أكثر في الغرفة الواحدة، في مقابل أُسرة يهودية واحدة تعيش في أوضاع مماثلة.

السياسة

إن الضائقة السكنية التي يواجهها السكان الفلسطينيون في القدس، والتباين في كثافة الإسكان بين السكان اليهود والسكان الفلسطينيين، ليسا ناتجين من إهمال سلطات التخطيط، وإنما هما النتيجة المتراكمة للتمييز المقصود والمنظم الذي لم يزل يسم سياسة الحكومة الإسرائيلية حيال التخطيط والإعمال والإسكان في القدس منذ سنة 1967.

فالوثائق الرسمية لبلدية القدس، والتصريحات التي أدلى بها القيّمون على وضع السياسة بالنسبة إلى المدينة، تظهر أن إعمار مدينة القدس كان يصدر عن اعتبارات قومية - سياسية يقصد منها تعزيز السيطرة الإسرائيلية في سائر أنحاء المدينة. وعلى مرِّ السنين، ركَّزت السلطات المسؤولة عن التخطيط في القدس أنظارها على هدف مركزي واحد: إيجاد واقع جغرافي وديموغرافي يحول دون أية محاولة مستقبلية لوضع السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية موضع تساؤل.

في سنة 1973 قررت الحكومة الإسرائيلية وجوب الحفاظ على "توازن ديموغرافي" بين السكان اليهود والسكان الفلسطينيين في القدس. وعلى مرِّ السنين، أكدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هذا الهدف مبدأً يسترشد به في صوغ سياسة التخطيط في القدس، كما أنه لم يزل أساساً للخطط الديموغرافية والمدينية التي وضعتها مختلف الوزارات. والقصد من تحديد هذا الهدف هو التغلب على نسبة النمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين، التي تعتبر "مشكلة ديموغرافية" في مصطلح المعنيين بوضع السياسة التخطيطية للمدينة.

[.......]

لذلك، فإن عبارة "توازن ديموغرافي" عبارة خادعة؛ فالتوازن الديموغرافي يستلزم سياسة تسعى للحفاظ على التوازن بين الفريقين من سكان المدينة، بينما السياسة المطبَّقة في الواقع هي الحفاظ على التفوق الديموغرافي لمصلحة اليهود في القدس.

ومن أجل ضمان السيطرة الإسرائيلية في القدس الشرقية، تسعى سياسة التخطيط والإعمار لأكثر من مجرد الحفاظ على التفوق الديموغرافي للسكان اليهود في المدينة؛ إذ يتجه الجهد أيضاً للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي القسم الشرقي من المدينة ولتوطين اليهود فيه. وهذا هو السبب في كون جهود التخطيط والإعمار التي بذلتها السلطات في القدس منذ سنة 1967 تركزت على إنشاء أحياء يهودية في القسم الشرقي من المدينة تحديداً، وعلى إيجاد تواصل في الاستيطان اليهودي في سائر أنحاء المدينة.

وتُبلور وثيقة صادرة عن بلدية القدس سنة 1978 الاعتبارات التي تسترشد سلطات التخطيط بها في اختيار المناطق لإقامة الأبنية الجديدة فيها:

كل منطقة من المدينة لا يقيم فيها اليهود عرضة لخطر الانسلاخ من إسرائيل والانتقال إلى السيطرة العربية. لذلك فإن المبدأ الإداري المتعلق بمنطقة ولاية بلدية المدينة يجب أن يترجم إلى ممارسة فعلية من خلال إقامة الأبنية في أنحاء هذه المنطقة كافة، مع البدء بأقصاها أولاً.([2])

[.......]

كما أثّرت مصالح إسرائيل الجغرافية - السياسية في القسم الشرقي من المدينة تأثيراً ملحوظاً أيضاً في سياسة التخطيط المتعلقة بالسكان الفلسطينيين. فالسلطات المسؤولة عن التخطيط تتجاهل بصورة منتظمة الضائقة السكنية التي يعانيها الفلسطينيون في القدس، وتهمل واجباتها في تأمين السكن اللائق لهم.

في سنة 1973، أوصت لجنة غافني الحكومة ببناء نحو 000,10 وحدة سكنية للسكان الفلسطينيين خلال عشرة أعوام. لكن اللجنة اختارت ألاَّ تتعامل البتة مع تنفيذ توصيتها، وانصرفت إلى معالجة مسألة تنظيم البناء للسكان اليهود [....]

لقد مرَّ قرابة 22 عاماً على ذلك [....] وارتفع عدد السكان الفلسطينيين من 000,88 نسمة إلى 000,160 نسمة. ومع ذلك، لم يُبن حتى اليوم أكثر من 5700 وحدة سكنية.([3])

وحتى عندما تتظاهر سلطات التخطيط بالاستجابة لحاجات السكان الفلسطينيين، فهي لا تسترشد دائماً باعتبارات مهمة تكون الغاية منها تلبية حاجات هؤلاء السكان. ففي سنة 1986، نشر قسم سياسة التخطيط التابع للبلدية وثيقة عنوانها "إعمار القطاع العربي"، تحدد مشاريع للبنى التحتية والمؤسسات للسكان الفلسطينيين. وحدد مبدأ الأولويات لتنفيذ هذه المشاريع استناداً إلى معايير عدة، منها "درجة الظهور":

القصد من إعمار القطاع العربي توليد أثر شبيه بأثر "واجهة الفرص"، ولذلك فقد تقرر أن كل ما يشاهده عدد كبير من الناس (السكان، السياح... إلخ.) مهم وبارز ويعطى خمس علامات، أمّا المشاريع التي لا تخلف أثراً كهذا فتعطى علامة واحدة.([4])

وفي مقابلة مع رئيس بلدية القدس آنذاك، تيدي كوليك، في إثر وقوع مجزرة الحرم الشريف في تشرين الأول/أكتوبر 1990، قال كوليك صراحة إن رفاه السكان الفلسطينيين لم يكن في جملة الاعتبارات التي استرشدت البلدية بها في إعمار الأحياء الفلسطينية:

[كوليك]: كنا نقول أشياء لا نعنيها، كما أننا لم ننفذها، فقد قلنا مراراً وتكراراً إننا سنساوي حقوق العرب في المدينة بحقوق اليهود - كلام فارغ [....] ليفي إشكولومناحم بيغن كلاهما وعد العرب أيضاً بالمساواة، وكلاهما أخلف الوعد [....] لم نمنحهم قط الشعور بالمساواة أمام القانون. فقد كانوا، ولا يزالون مواطنين من الدرجتين الثانية والثالثة.

[سؤال]: وهذا يقوله رئيس بلدية القدس الذي فعل الكثير من أجل عرب المدينة، الذي شق لهم الطرق وعبَّدها وعمّر أحياءهم؟ [كوليك]: هراء! خرافات! لم يطور رئيس البلدية شيئاً ولم يبن شيئاً. للقدس اليهودية فعلت شيئاً خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، أمّا للقدس الشرقية؟ فلم أفعل شيئاً! ماذا فعلت؟ لا شيء. أرصفة؟ لا شيء. مؤسسات ثقافية؟ ولا واحدة. نعم، أنشأنا شبكة مجارير وحسَّنا شبكة المياه. هل تعلمون لماذا؟ هل تظنون أننا فعلنا ذلك لمصلحتهم، لرفاههم؟ دعكم من هذا! ظهرت بضع إصابات بالكوليرا هناك، فخاف اليهود من أن تلحقهم العدوى، ولذلك أنشأنا شبكة المجارير والمياه لمكافحة الكوليرا [....]([5])

مصادرة الأراضي

من أصل السبعين ألف دونم من الأراضي التي ضمت إلى القدس بعد حرب الأيام الستة، نجد أن 500,23 دونم (أي أكثر قليلاً من الثلث) صودرت بموجب قانون الأراضي (استملاك الأراضي للمقاصد العامة) الصادر سنة 1943. وكان معظم الأراضي المصادرة ملكيات خاصة للعرب.

بحلول شباط/فبراير 1995، كان نحو 500,38 وحدة سكنية قد بنيت على الأراضي المصادرة من أجل نحو 000,160 يهودي. ولم يبن منزل واحد على هذه الأراضي للسكان الفلسطينيين.

[.......]

واليوم أيضاً، تنتهج السلطات الإسرائيلية سياسة المصادرات نفسها التي تزيد في حرمان الفلسطينيين بتجاهل حاجاتهم تجاهلاً تاماً، على الرغم من وجود ضائقة سكنية أشد عسراً على الفلسطينيين منها على اليهود.

إن كثيراً من المناطق التي طاولتها المصادرة في الفترة المبكرة بُعَيْد الضم لم يُستخدم للبناء إلا بعد أعوام كثيرة لاحقاً. لذلك، يبدو أن المصادرات كانت تهدف أيضاً إلى حرمان السكان الفلسطينيين من إمكان إعمار هذه الأراضي، وحجزها كإجراء على نحو احتياطي من أجل بناء أحياء يهودية في المستقبل [....]

مخططات التنظيم البلدي

إن سياسة التخطيط للأحياء الفلسطينية في القدس عنصر مهم في السياسة العامة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، التي ترمي إلى توطيد سيطرتها الجغرافية على سائر أنحاء المدينة والحفاظ على التفوق الديموغرافي للسكان اليهود. ولتحقيق هذين الهدفين، استخدمت الحكومة على مدى الأعوام إجراءين تخطيطيين متكاملين. فمن جهة، لم توضع منذ أعوام أية مخططات تنظيم بلدي للأحياء الفلسطينية، كما أن الموافقة على الخطط الموجودة لم تزل تؤجل بصورة شبه دائمة. وفي الوقت نفسه، وضعت السلطات مخططات تنظيم بلدي تُستخدم كأدوات إضافية - قانونية وفعالة - في يد الحكومة للحد من الإعمار [في المناطق الفلسطينية] وتقليص المساحات المخصصة للبناء فيها، وتعزيز السيطرة اليهودية على سائر أنحاء المدينة، وذلك بدلاً من المساهمة في إعمار الأحياء الفلسطينية والتخفيف من الضائقة السكنية التي يعانيها الفلسطينيون.

تحاشي وضع مخططات تنظيم بلدي

لقد حُظر البناء في معظم المناطق الباقية في أيدي الفلسطينيين في القدس الشرقية على أساس أنه لم تتم الموافقة بعدُ على مخططات تنظيم بلدي خاصة بها. ففي سنة 1974، أصدرت لجنة التخطيط المحلي والبناء في القدس مرسوماً تخطيطياً يعتبر منطقة القدس في حدودها البلدية اللاحقة لسنة 1967 منطقة تخطيط محلي. وتبعاً للمادة 62 (ب) من قانون التخطيط والبناء، يلزم هذا المرسوم اللجنة المحلية أن تقدم للجنة قضاء القدس مخططات تنظيم بلدي للمنطقة كلها التابعة للبلدية خلال ثلاثة أعوام من إعلان المرسوم.

حتى اليوم، أي بعد مرور 21 عاماً على صدور المرسوم، لم يجر وضع أية مخططات تنظيم بلدي للقدس الشرقية بأسرها. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 1994، لم تتم الموافقة إلا على 13 مخططاً، بينما بُذلت خلال هذه الفترة جهود مكثفة لبناء أحياء يهودية في المناطق الشرقية من المدينة من أجل ضمان السيطرة اليهودية على جميع أنحاء القدس.

في غياب أية خطة مصدَّقة، يتعذر الحصول على رخصة بناء. ونتيجة ذلك، لا يتوفر لآلاف السكان الفلسطينيين أي إمكان قانوني للبناء، وهكذا اضطر كثير منهم إلى البناء بصورة غير قانونية. وقد جاء حل موقت للضائقة السكنية عن طريق إصدار رخص بناء تبعاً للمادة رقم 78 من قانون التخطيط والبناء، تلك المادة التي تسمح بمنح هذه الرخص للأشخاص المقيمين في مناطق لا توجد لها مخططات تنظيم بلدي.([6])

تأجيل الموافقة على مخططات التنظيم البلدي

في سنة 1983 طرأ تغير على سياسة التخطيط للأحياء الفلسطينية في القدس. ففي هذه السنة، على ما تبيَّن من إحدى وثائق بلدية القدس سنة 1986، "[اتخذ] قرار بإنجاز مخططات تنظيم بلدي ومواصفات تفصيلية للقدس الشرقية كلها، بنيّة تطبيق إجراءات البناء نفسها المعمول بها في القطاع اليهودي على القطاع العربي أيضاً، مع إجراءات تطبق تبعاً لقانون التخطيط والبناء في سائر أنحاء المدينة."([7])

إن تفحص إجراءات التخطيط والموافقة على مخططات التنظيم البلدي في الأحياء الفلسطينية يبين أنها تتأخر تأخراً مفرطاً. من ذلك أن إجراءات الموافقة على برنامج مخططات التنظيم البلدي لحي بيت صفافا بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر 1977، ولم تحظ بالموافقة إلا في كانون الأول/ديسمبر 1990.

والظاهر أن التأخير في إعداد مخططات التنظيم البلدي وتنفيذها مقصود في بعض الحالات. مثال ذلك ما كان في مناقشة جرت داخل لجنة التخطيط المحلي والبناء في آب/أغسطس 1987 بصدد الموافقة على الخطة رقم "3000 - أ" لبيت حنينا وشعفاط؛ عندما صرَّح أبراهام كاهيلا، نائب رئيس البلدية آنذاك ورئيس اللجنة المحلية، قائلاً:

اليوم، هذا أيضاً مخطط عام لا خطة مفصَّلة. عندما تحدَّث المخطط الأصلي عن 000,18 وحدة سكنية ظن البعض أن البناء سيكون فورياً، بينما تحدث المخطط عن تخطيط للأعوام الخمسين أو الأعوام المئة القادمة.([8])

استخدام مخططات التنظيم البلدي للحدِّ من الإعمار في الأحياء الفلسطينية

[....] إن تفحص مخططات التنظيم البلدي التي أُعدت للفلسطينيين يُظهر أنها تتجاهل النمو السكاني في صفوف الفلسطينيين، وأن الغاية منها منع الفلسطينيين من استخدام باقي الأراضي القليلة المتاحة لهم. ويتم بلوغ هذه الغاية عبر عدد طرق:

1 - سعة المواقع السكنية

[....] إن التفاوت [في عدد الوحدات السكنية القائمة والمخطط لها في منطقة معينة] فاضح إذا ما قورنت الأحياء الفلسطينية بالمناطق اليهودية المتاخمة لها. من ذلك أن منطقة المخطط رقم "2302 - أ" لكل من حي صور باهر وحي أم طوبى، والذي لم تتم الموافقة عليه، تمتد على مساحة 3600 دونم. وقد حُدِّدت السعة الممكنة للمواقع السكنية بـ 2350 وحدة، ومعنى هذا أن متوسط الكثافة المخطط لها هو 6,0 وحدة سكنية في الدونم الواحد. في المقابل، نصَّت الخطة الموضوعة لحي هار حوما اليهودي المجاور على تغطية 1850 دونماً، وحُدِّدت السعة الممكنة للمواقع السكنية بـ 6500 وحدة. ومعنى هذا أن متوسط كثافة الوحدات السكنية هو 5,3 وحدات في الدونم الواحد.

2 - تقليص حدود المخططات

[....] تبين دراسة ساره كامينكر أن 14% فقط من المساحة الإجمالية للقدس الشرقية مخصصة لإعمار الأحياء الفلسطينية. أما أكثرية الأراضي الاحتياطية التي يمكن للفلسطينيين أن يعمروها فقد أزيلت من المخططات أو أنها ظُلّلت باللون الأخضر في الخريطة المرافقة لها. والمناطق الخضر هي تلك التي يحظر البناء فيها بقصد الحفاظ على جمال المشهد أو إبقائها مساحات خالية.

إن المناطق الخضر ضرورة في كل مخطط تنظيم بلدي، وذلك للمحافظة على نوعية البيئة. غير أن استخدام السلطات الإسرائيلية للمناطق الخضر في القدس، إضافة إلى قراءة متمعنة لوثائق البلدية، يظهران أن تلوين المناطق بالأخضر في مخططات التنظيم للأحياء الفلسطينية لا يعدو كونه مجرد استغلال مخادع للاعتبارات التخطيطية. فالغرض الفعلي من ذلك إنما هو حرمان الفلسطينيين من حق البناء على أرضهم، وإبقاء هذه المناطق احتياطياً للبناء فيها من أجل إسكان اليهود.

وقد نص "مخطط التنظيم البلدي للقدس، 1975" على أن بلدية القدس قررت أن من مبادئ إعمار المدينة الاحتفاظ، على سبيل الاحتياط، بأكبر مساحة ممكنة للاستفادة منها مستقبلاً في مجال الإعمار. ونتيجة ذلك، عُيِّنت مساحات واسعة من الأرض مناطق خضراً...

3 - نسبة البناء

إضافة إلى تقليص المساحة المتاحة للبناء تقليصاً بالغاً، فإن مخططات التنظيم البلدي المتعلقة بالأحياء الفلسطينية تحدد نسبة مئوية يُسمح بالبناء فيها تقل عن النسب المحددة للأحياء اليهودية بصورة ملحوظة.

إن طيف النسب المئوية للبناء الذي تمت الموافقة عليه واسع جداً، ويتراوح بين 10% و120%. والنسب المتدنية، 10% إلى 50%، تعني طبقة واحدة أو طبقتين فحسب، وهي المحددة لمناطق البناء الفلسطيني في القدس الشرقية. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن نسب البناء في المناطق اليهودية ربما بلغت 200% وثماني طبقات [....].

 

* مقتطفات من التقرير الذي أصدرته بتسيلم في القدس بتاريخ 14/5/1995، نقلاً عن:

Journal of Palestine Studies, Vol. XXV, No. 1 (Autumn 1995).

 

المصادر:

([1])  YoramDinstein, “Zion in International Law Will be Redeemed,” op. cit., 3, p. 319.

([2])  Jerusalem Municipality, City Planning Department, Local Town Planning Scheme for Jerusalem - 1978: Explanatory Remarks for the Discussion by the District Planning and Building Committee (author: YosefSchweid, in charge of the Town Planning Scheme), p. 16.

([3])  في سنة 1973 كان ثمة 200,15 وحدة سكنية متاحة للسكان الفلسطينيين (أنظر: Kimchi, [sic] p. 57, Table 41). وفي شباط/فبراير 1995، كان هناك 900,20 وحدة متاحة.

([4])  Jerusalem Municipality, City Planning Department, Planning Policy Section, Transportation Master Plan, Greater Jerusalem, Development Plan for the Arab Sector (Jerusalem, 1986), p. 12.

([5])  "معاريف"، 10/10/1990. الواقع أنه على الرغم من زعم كوليك أن البلدية أنشأت شبكة مجارير لخدمة السكان الفلسطينيين في المدينة، فإنها لم تنجز منها إلا شيئاً يسيراً.

([6])  بين سنة 1968 وسنة 1974 لم يصدر إلا 58 رخصة بناء لسكان المدينة من الفلسطينيين.

Jerusalem Municipality, City Planning Department, Planning and Research Policy Section, The Scope of Building in East Jerusalem from 1968-1974, ed. By GadiIzreich, May 1975, p. 3.

خلال المدة نفسها زاد عدد السكان الفلسطينيين نحو 000,24 نسمة. ففي أواخر سنة 1967 كان عدد سكان القدس الفلسطينيين 600,68 نسمة، وبلغ 600,92 نسمة في أواخر سنة 1974. أنظر: Ibid., p. 4.

([7])  Jerusalem Municipality, Development Plan for the Arab Sector, op. cit., p. 2.

([8])  Jerusalem Municipality, Local Planning and Building Committee, Form for Discussing Deposition of City Planning Program (Plan No. 3000 a), August 17, 1987, p. 8.