Not a Unilateral Peace Until Now
Keywords: 
العلاقات الإسرائيلية – الأردنية
العلاقات الفلسطينية – الأردنية
معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية 1994
عملية السلام
Full text: 

بدأ التحول في موقف الأردن من المسار السياسي يظهر بعد اتفاق أوسلو مباشرة. فقد فوجىء الأردن واضطرب حيال الاتفاقات التي تم التوصل إليها سراً بين إسرائيل وم. ت. ف. ومجرد توقيع تلك الاتفاقات أثار قلقاً كبيراً في البلاط الهاشمي؛ وذلك لسببين رئيسيين: أولهما، أن الأردن مرتبط بصورة وثيقة بالقضية الفلسطينية، نتيجة لعوامل تاريخية وجيوسياسية وسكانية. واليوم نصف سكانه، بل ربما أكثر من ذلك قليلاً، من أصل فلسطيني. ومن هنا فإن لكل حل للقضية الفلسطينية انعكاساته المتوقعة على الأردن واستقراره. لقد سعى الأردن سابقاً، ولا يزال يسعى، للوصول إلى موقف يتمكن معه من التأثير في تقرير المستقبل السياسي للفلسطينيين وفي مجمل العلاقات بين ضفتي الأردن.

وثانياً، خلال نحو نصف قرن، ونتيجة لعدم وجود اتفاق بين إسرائيل والحركة الوطنية الفلسطينية، علقت حكومات إسرائيل أهمية كبيرة على الأردن فيما يتعلق بأي حل فلسطيني، بل كان هناك من رأى في الأردن عاملاً إيجابياً لأمن إسرائيل على الجهة الشرقية. وهذا الموقف الإسرائيلي منح الأردن شعوراً نسبياً بالأمن في المنطقة.

لكن اتفاق أوسلو أثار في الأردن مخاوف من أنه لا يُدفع إلى هامش المسألة الفلسطينية فحسب، بل إنه حتى إسرائيل، في اتفاقها مع م. ت. ف.، ربما تكون قد تخلت عن موقفها التاريخي المؤيد لاستقرار المملكة الهاشمية.

لقد كان من الممكن الوقوف بوضوح على الشعور بضرورة التحرك بسرعة الذي انتاب القيادة الأردنية بعد توقيع الاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني. ولذلك اتخذت هذه القيادة قراراً حاسماً باتباع أسلوب أكثر نشاطاً، كي تتمكن من تأمين المصالح الحيوية للأردن، ومن دون انتظار موافقة الأطراف العربية الأخرى أو التنسيق معها.

وفوراً راح الأردن ينشط في مجالين: المجال الإسرائيلي والمجال الفلسطيني. ففي الأول، وبحسب ما نقلته وسائل الاتصال، جرت لقاءات بين الملك حسين وقادة إسرائيل، أراد الملك خلالها أن يسمع ما يمكن أن يهدىء روعه بشأن مكانة الأردن لدى إسرائيل. ولا شك في أن تصريحات وزير الخارجية شمعون بيرس، في الأيام الأخيرة، المؤيدة لاستقرار الأردن و"أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين"، قوبلت بالاستحسان لدى الزعامة الأردنية. أما على المستوى الفلسطيني، فلم تنجح محاولات الأردن في فرض تفاهم سياسي واقتصادي على م. ت. ف. فقد فضلت المنظمة تنفيذ اتفاق غزة – أريحا، والتوصل إلى اتفاق اقتصادي مع إسرائيل من دون تنسيق حقيقي مع الأردن، وذلك لإفشال الزعامة الأردنية وتأمين استقلالية م. ت. ف.

والآن جاء دور الأردن لتقوية زخم المحادثات مع إسرائيل في المجالات الثنائية، ذات الأهمية الرمزية أو الحقيقية، كالحدود والمياه والأمن والمشاريع الاقتصادية المشتركة ومعالجة قضايا مهجّري 1967. ويمكن الوقوف على مدى جدية الأردن في تأييده للاتفاق مع إسرائيل من الاستعداد لعقد لقاء تاريخي علني، هو الأول في نوعه، بين الملك حسين ورئيس الحكومة رابين في واشنطن... وحقاً، يوجد في هذه المسارات ما يمكن أن يشق الطريق نحو تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والحصول على مساعدات عسكرية، وكذلك اقتصادية للأردن، الذي يعاني اقتصاده ديوناً خارجية من الصعب تحملها. لكن يبدو أيضاً أنه، إضافة إلى ذلك كله، هنالك سعي للوصول إلى تفاهم جديد مع إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية وصوغ مجمل العلاقات المستقبلية في المثلث الإسرائيلي – الفلسطيني – الأردني (والصراع حول نفوذ الهاشميين في القدس دليل على ذلك). ويريد الأردن أيضاً أن يستغل تقدم مباحثاته مع إسرائيل ليضغط على م. ت. ف. من أجل تنسيق مواقفها معه، بحيث لا يجد الأردن نفسه أمام أمر واقع في المستقبل، في كل ما يتعلق بمجمل العلاقات بين ضفتي الأردن.

إن الأردن لا يتجاهل سوريا، ولا المعارضة الداخلية، مع أن خطرهما تقلص خلال الأعوام الأخيرة، ولم يعد في استطاعتهما منع حسين من انتهاج الطريق التي يختارها، وهو لذلك لا يريد التحرش بهما. إنه يسعى للتقدم وفق الخطوات التي قررها لنفسه، لكن إذا أردنا الحكم وفق نياته المعلنةن فهو لا يريد، حتى الآن على الأقل، الوصول إلى صلح منفرد. إنه يريد الوصول إلى المرحلة النهائية مع السوريين.

 

المصدر: "يديعوت أحرونوت"، 19/7/1994.

Author biography: 

آشر سيسار: رئيس مركز دايان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب.