The Palestinians in Lebanon: A Painful Reality and an Uncertain Future
Keywords: 
اللاجئون الفلسطينيون
فلسطينيو لبنان
الأحوال المعيشية في مخيمات اللاجئين
مخيمات اللاجئين في لبنان
الحقوق المدنية
توطين اللاجئين الفلسطينيين
العلاقات الفلسطينية - اللبنانية
منظمات غير حكومية
Full text: 

أولاً: خلفية سياسية

منذ البداية نظرت الدولة اللبنانية، ومعظم الطبقة السياسية، إلى وجود اللاجئين الفلسطينيين على أنه عبء جائر وتهديد لنظام لبنان السياسي ولوجوده.[1] وبسبب الدعم الأميركي لرفض إسرائيل إعادة اللاجئين إلى ديارهم، كان الأمل بإنقاص عددهم بهذه الوسيلة ضئيلاً. ومن وقت إلى آخر، كان بعض السياسيين يدعو إلى إعادة توزيع اللاجئين (تجدّدت هذه الدعوات بعد الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982)، لكنه لم يلقَ تجاوباً من الدول العربية الأخرى. وأمل كثيرون من السياسيين بأن تحلّ هجرة الفلسطينيين إلى الدول المنتجة للنفط المشكلة، لكن دول الخليج جنّست أقلية فقط؛ وفي أية حال تسبب الركود، في نهاية السبعينات، بتقليص الوظائف وأذونات الدخول. ولأن الدولة اللبنانية أُجبرت على احتواء عدد متزايد من اللاجئين، فقد طورت نهجها الخاص لمعالجة المشكلة، بدءاً بغياب الأنظمة والقوانين التي تحدّد وضع اللاجئين وحقوقهم، مروراً بمطلب إجازات العمل، وانتهاء بسيطرة الجيش اللبناني على المخيمات في الستينات. وفي المقابل، خاض الفلسطينيون صراعاً عنيداً للحصول على اعتراف لبناني بحقوقهم الوطنية والمدنية.

وبما أن وضع الفلسطينيين كان، على الدوام، القضية المركزية في العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، فإن من المفيد البدء بإلقاء نظرة سريعة على هذه المسألة. ففي سنة 1962، أي بعد أربعة عشر عاماً من النكبة، صنّف مرسوم صادر عن وزارة الداخلية الفلسطينيين، ضمنياً، فئةً خاصة من الأجانب. ونتيجة ذلك، اضطر الفلسطينيون إلى طلب بطاقات إقامة. واضطروا أيضاً، وهذا أمر أخطر، إلى طلب إجازات عمل لممارسة أي عمل عدا الأعمال الموقتة.[2]  وفي سنة 1969 اعترفت الحكومة، بتوقيعها اتفاق القاهرة، بالحقوق المدنية والوطنية للفلسطينيين،[3] لكن مجلس النواب اللبناني لم يصادق قط على هذا الاتفاق، وتم إلغاؤه من جانب واحد في حزيران/ يونيو 1988. وفي نيسان/ أبريل 1991، عندما استؤنفت العلاقات اللبنانية – الفلسطينية في سياق الخطوات التي نفذت بعد اتفاق الطائف لنزع سلاح الميليشيات، أثار الفلسطينيون مرة أخرى مسألة وضعهم وحقوقهم. لكن ما أن بدأت المفاوضات حتى تم تجميدها من قبل الجانب اللبناني.

صرّح أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة التعامل مع الفلسطينيين، والتي أُلّفت سنة 1991، أن الحكومة مستعدة لمناقشة مسألتي الإقامة وحقوق العمل فقط، وذلك في إطار المصالح اللبنانية العليا.[4]  ويستبعد مثل هذا التحديد مطالب الفلسطينيين السياسية كلها، ومنها: فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، والإدارة الذاتية للمخيمات، وحرية الإعلام، والحق في الكفاح الوطني.[5]  ولا شيء يوحي، حتى الآن، بتخفيف حدة الموقف الرسمي اللبناني، إنما العكس هو الصحيح؛ فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 1992، وهو تاريخ تأليف حكومة الرئيس رفيق الحريري، ظهرت إشارات تصلب، ولا سيما إزاء مسألتي العمالة وإجازات العمل؛ وهما مسألتان حرجتان. ومن الخطوات التي اتخذت مؤخراً: تنبيه الفلسطينيين مجدداً إلى أنهم يحتاجون إلى إجازات عمل لممارسة كل الأعمال، بما فيها المهن الحرة؛ وإقصاؤهم عن مجالات واسعة من الوظائف والأعمال.[6]  وقامت قوات الشرطة، مؤخراً، بالتحقيق في الأبنية ومحطات الوقود لكشف الذين يعملون من دون إجازة عمل. وثمة إشارات أخرى تدل على سياسة رسمية هدفها زيادة الضغط على الفلسطينيين لحملهم على الهجرة، مثل منع إقامة مواقع جديدة للمخيمات، بدل تلك التي دمرتها الحرب، ومنع  "التوسع الأفقي" (أي البناء على أرض خالية في محيط المخيمات). كما تم مؤخراً إزالة أسماء الفلسطينيين الحاصلين على جنسية ثانية من القائمة التي تشمل أسماء أولئك الذين يتمتعون بحقوق الإقامة.

من الأسباب الرسمية المعطاة لتجميد المفاوضات اللبنانية – الفلسطينية التي بدأت في نيسان/ أبريل 1991، وجوب الانتظار لمعرفة ما سينجم عن "محادثات السلام" العربية – الإسرائيلية التي بدأت في مدريد في تشرين الأول/ أكتوبر 1991. ويعكس تطور هذه المحادثات السياق الدولي – الإقليمي غير المؤاتي، نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي وحرب الخليج، وهو السياق الذي شجّع الضغوط الأميركية لتسوية النزاع العربي – الإسرائيلي. إن تزامن الاهتمام الدولي والإقليمي [بعدد اللاجئين] يفسِّر شكوك الفلسطينيين وغضبهم عندما باشرت "الأونروا"، في أيلول/ سبتمبر 1992، إصدار بطاقات هوية جديدة. وبينما يصرّ المسؤولون في "الأونروا" على أن قرار إصدار البطاقات الجديدة اتخذ قبل بدء محادثات السلام، ويهدف فقط إلى التنظيم الإداري، وتطبيق ما طُبّق في مناطق العمليات الأخرى على لبنان أيضاً،[7]  فإن توقيت هذه الخطوة سيؤدي حتماً إلى تسييسها. فمن ناحية، اتخذت العملية طابع الإحصاء لأن على رب العائلة أن يتسلم هذه البطاقة شخصياً. ومن ناحية أُخرى، وبسبب العقبات التي تعترض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإن هذه الخطوة تبدو مرتبطة بتوطين الفلسطينيين في المنفى خارج فلسطين.

إن معارضة التوطين توحّد، على الأقل لفظياً، بين الحكومة اللبنانية وكل الأحزاب والطوائف اللبنانية، كما الهيئات الفلسطينية كافة. وقد أعلن هذه المعارضة بقوة رئيس الحكومة السابق الصلح،[8]  وأعلنها أيضاً وزير النقل السابق فاخوري باسم اللجنة الوزارية لشؤون الفلسطينيين، قائلاً إن توطين الفلسطينيين "خطر حقيقي علينا النضال ضده مهما يكن الثمن."[9]  كما أعلن كل القادة اللبنانيين على اختلافهم، الروحيون منهم والسياسيون، في خضم العاصفة التي أثارها شبح التوطين، رفضهم المطلق لتوطين الفلسطينيين.[10] لكن بعض الفلسطينيين يعتقد أن المعارضة اللبنانية قد تذعن للضغوط الدولية والإقليمية. ويجب الإشارة إلى ملاحظة ذات دلالة أدلى بها، في سياق حملة الانتخابات النيابية في  كسروان في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وزير الخارجية السابق والمرشح للانتخابات بويز، عندما قال إنه يجب النظر توطين 50.000 - 100.000 فلسطيني في لبنان بصورة دائمة كأمر مقبول.[11]  ويمثل بويز، كونه صهر الرئيس الهراوي، اتجاهاً معيناً في السياسة المارونية.

إن مقاومة الفلسطينيين للتوطين الدائم خارج فلسطين هي النقطة الوحيدة الأكيدة في السيناريوهات الغامضة لمستقبل الفلسطينيين في لبنان. فرفض التوطين كان النقطة الرئيسية بالنسبة إلى الحركة الوطنية في المنفى، والمحرك الأول لنضال أودى بحياة الآلاف من الأشخاص. لكن عوامل كثيرة – إقليمية وسياسية داخلية واقتصادية – تتضافر للحد من المجال المفتوح أمامهم للمقاومة. فالهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط أحدثت تحولاً جذرياً في المناخ العربي المحيط بالكفاح الفلسطيني. ومشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في "محادثات السلام" تعني ضمناً موافقتها – مهما تكن كارهة لذلك – على إعادة توطين فلسطينيي الشتات خارج فلسطين. وليس في قدرة فلسطينيي لبنان الاعتماد على مساندة منظمة التحرير  الفلسطينية في مقاومة هذا المصير. وفي أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 1992، أشار رئيس القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، السيد صلاح صلاح، إلى الخلاف المتنامي بين قيادة المنظمة وكادرات حركة المقاومة [الفلسطينية] في لبنان. وهنا اتهم المنظمة بالتعاون مع "الأونروا" والدولة اللبنانية لتحجيم الفلسطينيين في لبنان إلى وضع يصبحون فيه غير قادرين على الاختيار إلا بين "السيئ والأسوأ".[12]

قبل البحث في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين في لبنان اليوم، لا بد من إبراز النقص في المعلومات المتعلقة بالسكان. ففي سياق "محادثات السلام"، اتخذ الحجم الإجمالي ومختلف الأوضاع القانونية للتجمعات السكانية الفلسطينية طابعاً سياسياً.[13]  وتفيد إحصاءات الأونروا" أن هناك 317.376 لاجئاً مسجلاً (آذار/مارس 1992)، وهذا الرقم أقل كثيراً من ذاك الذي أعطاه الوزير فاخوري في المقابلة التي ذكرناها سابقاً (400 ألف إلى 500 ألف)، أو من رقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني (نحو 600 ألف، منهم 70 ألفاً في الخارج).[14] أما مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، فتقدر عدد الفلسطينيين المقيمين حالياً بـ 350 ألفاً. ويعود سبب هذا الالتباس الديموغرافي إلى التمزق الذي أحدثته الحرب، والاختلاط السكاني بين الفلسطينيين واللبنانيين، والافتقار إلى إحصاء شامل، وغياب سجلات الهجرة. يضاف إلى ذلك أنه كان هناك، منذ البداية، فئات مختلفة جداً من الفلسطينيين في لبنان. فبالإضافة إلى أولئك المسجلين لدى "الأونروا"، هناك غيرهم قدموا سنة 1948 ولم يسجلوا أسماءهم قط. وهؤلاء  يملكون أذونات إقامة، وتعتبر إقامتهم "قانونية، وثمة فئة أخرى من المبعدين، أو اللاجئين بعد حرب 1967، لا تملك أذونات إقامة أو وثائق سفر، وتُعتبر إقامتها "غير قانونية". ولا يستفيد الفلسطينيون المنتمون إلى أية من هاتين الفئتين، والذين يقدر أحد مسؤولي الإعانة الدولية عددهم بـ 70 ألفاً، من خدمات "الأونروا".[15] 

ثانياً: الوضع الاقتصادي والاجتماعي

إن قضية الحقوق المدينة لجمهرة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قضية ملحّة نشأت بفعل وضعهم الاقتصادي والاجتماعي المتزايد القساوة. ولفهم هذه النقطة يجب وضعها في إطار اقتصاد لبناني يتسم بالتضخم من جهة، وبالبطالة ذات الأسباب البنيوية بين الفلسطينيين من جهة أُخرى. فخلال الأشهر الستة الأولى من سنة 1992، ارتفعت أسعار السلع الأساسية والخدمات الصحية 68.8% وانخفضت قيمة العملة الوطنية 60.4% في مقابل الدولار.[16]  وبما أن أكثر المواد الغذائية والوقود والدواء والحاجات الأساسية الأخرى مستورد، فإن الناس العاديين الذين يكسبون عيشهم بالليرة اللبنانية يضطرون إلى شراء البضائع بحسب قيمة صرف الدولار. ومع أن هبوط مستوى المعيشة أصاب شرائح السكان المتوسطة والمنخفضة الدخل، إلا إنه أصاب الفلسطينيين بصورة أقسى بسبب القيود القانونية المحيطة باستخدامهم، والناشئة عن تصنيفهم "غرباء".

ويعطي مسح أجراه مكتب الإحصاء الفلسطيني في دمشق في 1988/1989، فكرة أولية عن مستويات البطالة بين الفلسطينيين. فقد تبين أن 33.1% فقط من القوة العاملة النشيطة مستخدمة. ومع أن هذا البحث لم يغطِّ الفئات كلها، وقد يكون أغفل أنواعاً عدة من الأعمال الطارئة أو التي تعمل جزءاً من الوقت. إلا إنه أشار بدقة إلى السمات البنيوية الرئيسية التي تميز عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ومن هذه السمات انحصار المشاركة الفلسطينية في الاقتصاد اللبناني في الأعمال الزراعية والبناء، وانحصار الأعمال المهنية المدفوعة الأجر المتاحة للفلسطينيين في لبنان في نطاقي "الأونروا" و"القطاع الوطني"، أي منظمة التحرير الفلسطينية وحركة المقاومة والمؤسسات الاجتماعية المستقلة. وتأتي أجور هذا القطاع، الذي يشكل الأساس الاقتصادي للتجمعات الفلسطينية، من خارج لبنان.[17]  أما مسؤولية الخلل الراهن فتقع على تدني خدمات هذا القطاع، وعلى السياسات المتشددة التي تتبعها الحكومة اللبنانية تجاه استخدام الفلسطينيين. وثمة عامل آخر يساعد في تفشي البطالة، وهو عدم الأمان؛ فالهجمات التي تعرض العمال الفلسطينيون لها، منذ سنة 1982، أدت إلى حصر معظم النشاط الاقتصادي في المخيمات.

تقليدياً، كانت "الأونروا" بمثابة مستخدِم كبير للفلسطينيين. وبموجب عقدها الأصلي مع الدولة اللبنانية، تم إعفاؤها من القانون الذي يفرض أن تكون نسبة العمال اللبنانيين إلى غير اللبنانيين أربعة إلى واحد. وحتى الآن كان المعلمون، وهم يؤلفون الفئة المهنية الأوسع في "الأونروا"، دائماً فلسطينيين.[18]  لكنْ قبل سنة 1982 كانت منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة هي المستخدِم للقسم الأكبر من القوة العاملة الفلسطينية (65% وفقاً لتقدير موثوق به)، وذلك من خلال الخدمات الإنتاجية الاجتماعية والثقافية، وأيضاً من خلال المكاتب السياسية والقوات المقاتلة التابعة لها. ومن المستحيل معرفة حجم الاستخدام الذي لا يزال قائماً من خلال منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة، لكن من الواضح أنه يتقلص على صعيدي الكمية ودفع الأموال. وغالباً ما تتأخر منظمة التحرير الفلسطينية عدة أشهر في دفع الأجور. أما المصدر الثالث للاستخدام المهني المدفوع الأجر، فمكوَّن من عدد صغير من مؤسسات اجتماعية، لبنانية وفلسطينية، تعمل في المخيمات وحولها.[19]

أظهر مسح عيني أجرته "اليونيسيف" مؤخراً على 1600 عائلة في ثمانية مخيمات وخمسة مراكز للمهجرين، أن 37% فقط من الرجال الذين تتراوح أعمارهم  بين 15 عاماً و49 عاماً مستخدمون، و8% فقط من النساء. وبيّن المسح أيضاً أن أكثرية المستخدمين تعمل في المخيمات أو على أطرافها، وأن أرباب العمل هم في الأغلب جمعيات فلسطينية.[20] وتشكل المخيمات أيضاً قواعد لنشاط اقتصادي واسع النطاق، يتخذ طابع حرف وتجارة صغيرة. ولم يتطلب هذا النشاط إجازات عمل في الماضي.[21]  لكن المستوى العالي لدمار الحرب، والمستوى المنخفض لتراكم رأس المال، يعنيان أن هذه النشاطات لا تولد دخلاً كبيراً. ولا وجود عملياً لبرامج المساعدات التقنية والإدارية.[22]

إن استخدام الفلسطينيين ليس منخفضاً فحسب، بل يتفاوت من مكان إلى آخر أيضاً. ويعتمد الأمر على المكان، وعلى درجة التصدع التي خلفتها الحرب. فنسبة البطالة عالية بصورة خاصة في منطقة صيدا حيث يقع أكبر مخيم، مخيم عين الحلوة (تعداد سكانه نحو 35 ألفاً)، وحيث يوجد نحو 50% من كل العائلات التي هجّرتها الحرب. وخلفت الاعتداءات الإسرائيلية و"حرب المخيمات" تأثيراً سيئاً في الجنوب، وهو تقليدياً منطقة زراعية. أما في الشمال والبقاع، فكانت أضرار الحرب أخف، مع أن فرص العمل هناك ليست مؤاتية أكثر.

ومع أن في معظم الأُسر الفلسطينية ذات الدخل المنخفض فرداً واحداً في الخارج على الأقل، فإن هذا لا يعتبر مصدراً لتحويلات بالعملة الصعبة إلا في حال كون الفرد المهاجر متمكناً مادياً. وتلت سنة 1982 موجة واسعة من الهجرة تسبب بمعظمها شعور بعدم الأمان. وكان النجاح في تسفير الشباب إلى الخارج مبعث رضى العائلات، التي لم تتوقع منهم إيجاد عمل أو إرسال المال. والمهاجرون حديثاً يعانون في معظمهم البطالة، ويعيشون على مساعدات برامج الرعاية الاجتماعية. وأعرف امرأة في متوسط العمر من مخيم شاتيلا تمارس عملين لدفع الأقساط المدرسية والجامعية لأولادها المراهقين الأربعة، ولإرسال نقود إلى زوجها المهاجر والعاطل عن العمل.

إن الاقتصاد اللبناني مغلق أمام الفلسطينيين إغلاقاً تاماً تقريباً. ويتوافق الآن هذا الاتجاه المعمول به منذ أمد طويل مع أربعة تطورات أخرى سلبية، هي: تقلص الوظائف والخدمات المجانية والمعونات التي كانت توفرها منظمة التحرير الفلسطينية والمقاومة؛ انخفاض المعونة والخدمات التي كانت توفرها "الأونروا".[23] انخفاض المساعدات التي كانت تقدمها المنظمات غير الحكومية الدولية والحكومات الأجنبية التي رأت أن النزاع في لبنان قد انتهى؛ توقف التحويلات الخاصة والعامة، بعد حرب الخليج، من الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في الخليج. إن أخطر الأمور، من دون شك، هو انخفاض عدد الوظائف والخدمات المقدمة من منظمة التحرير الفلسطينية، لأن تأثيره يطال عدداُ كبيراً من الناس، ولأنه ليس مرفقاً بأية خطة وطنية لإعادة تأهيل المقاتلين المسرَّحين، أو لإنشاء مشاريع منتجة للدخل.

ضمن هذا الإطار ليس مستغرباً، وفقاً لأحد إداريي برامج الرعاية الاجتماعية، أن يكون نحو 60% من الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت مستوى "خط فقر" كما تحدده الأمم المتحدة. ومن غير الممكن إعطاء معلومات ثابتة فيما يتعلق بمستويات الدخل، لكن في إمكاننا تكوين صورة تقريبية من خلال سجلات المؤسسات الاجتماعية التي تتعامل مع "حالات العسر الشديد". ابتداء من تموز/ يوليو 1992 صنفت "الأونروا"، وهي أكبر هذه المؤسسات، 9483 عائلة ضمن "حالات العسر الشديد"، أي نحو 12% من اللاجئين المسجلين. ولا يبدو هذا الرقم كبيراً، لكن علينا أن نتذكر أن سجلات "الأونروا" لا تشمل اللاجئين كلهم، وأن المعيار المستخدم لتحديد الأهلية يستثني – مثلاً – الأرملة التي لها ولد فوق سن الـ 18، وأن ثمة سقفاً للميزانية المخصصة لذلك، وأخيراً أن المساعدات المالية لا تصل إلى "الحالات الخاصة".[24]

إن المؤسسات الأخرى التي تساعد المحتاجين تقدم صورة جزئية فيما يتعلق بالإحصاءات والإعانات. فعلى سبيل المثال: إن مؤسسة الشؤون الاجتماعية وأُسر الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي يفترض بها أن تقدم مخصصات لكل عائلات الرجال الذين قُتلوا في الحرب، سواء أكانوا مقاتلين أم مدنيين، ترفض الكشف عن عدد العائلات التي تساعدها. لكن من المعروف أن الفئة الأكبر (تختلف المخصصات بحسب الرتبة) تحصل على 45 ألف ليرة لبنانية شهرياً (ما يساوي 19.5 دولاراً)، وهو مبلغ لا يكاد يكفي شراء الخبز. وتعترف مؤسسة "بيت أطفال الصمود"، وهي مؤسسة أُخرى تساعد أيتام العائلات المحتاجة، بأن الأيتام الـ 1272 الواردة أسماؤهم في لائحة مساعداتها ليسوا كل الأيتام (ابتداء من آذار/ مارس 1992)، بينما لا تتجاوز المساعدة 18 دولاراً للطفل الواحد في الشهر.

في الماضي، كان يمكن بطريقة ما استيعاب الأرامل والأيتام من خلال تقاليد الدعم التي تميز العائلة الأبوية. لكن بعد عشرين عاماً من الحرب، وما رافقها من خسائر وتمزق، تعرضت تلك البُنى والتقاليد للتآكل. وإذا كان الرجال لا يكادون يقدرون على إعالة عائلاتهم، فكم بالحري يمكنهم إعالة أخت أرملة؟

إن الأجور هي بمثابة مؤشر تقريبي لمستويات الدخل، لكن علينا في تعاملنا معها  الحصول على معلومات أخرى، وخصوصاً حجم العائلة وعدد أصحاب الدخل فيها. وانطلاقاً من هذا الشرط، سنلقي نظرة على الأجور في قطاعات أربعة، مع الأخذ في الاعتبار أن الحد الأدنى الرسمي للدخل في لبنان يبلغ 97 دولاراً في الشهر. واليوم يبلغ دخل طبيب في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني 83 دولاراً في الشهر، ومساعد مختبر 47 دولاراً، وعاملة تنظيف 33 دولاراً (عاملات التنظيف في الهلال الأحمر هن عادة أرامل الشهداء). وتدفع مؤسسات اجتماعية مستقلة رواتب أفضل قليلاً من الرواتب التي يدفعها الهلال الأحمر: فقد يبلغ دخل المحاسب 260 دولاراً، والقابلة القانونية المتخصصة 130 دولاراً. ويبدأ خريجو مدرسة إدارة الأعمال التابعة لهيئة المساعدات النرويجية الشعبية (NPA)، الذين يعملون في القطاع الخاص، بأجر قدره 83 دولاراً. أما موظفو "الأونروا"، فإن وضعهم أفضل نسبياً، إذ يتراوح دخل الموظف من الفئة العليا بين 800 و 1000 دولار شهرياً، ويصل دخل المدرّس المهني إلى 450 دولاراً، والمدرّس العادي إلى 365 دولاراً، والعامل ذي المرتبة الدنيا إلى 275 دولاراً. لكن حتى رواتب "الأونروا" لا تكفي بسبب غلاء المعيشة والإيجارات الجديدة. وعند تقويم هذه الأرقام، ينبغي لنا أن نتذكر أن الفلسطينيين، بعكس الأُجراء اللبنانيين، لا يستفيدون من الضمان الاجتماعي (تعويضات نهاية الخدمة، تأمينات، معونات استشفاء)، وأنهم يعملون بدخل أقل للوظيفة عينها، وأخيراً أنهم – بعكس اللبنانيين – نادراً ما تسنح لهم الفرصة للقيام بوظيفتين معاً. أما العائلات اللبنانية المتوسطة، فإنها تتدبر معيشتها بهذه الوسائل.

لكن ثمة عامل خطِر يزيد في حدة المعاناة الاقتصادية الناتجة من قلة العمالة، وتدني مستويات الأجور؛ وهو يتمثل في تقلص جميع مصادر الإعانات الخارجية التي مكنت، في الماضي، شرائح منخفضة الدخل في تجمعات اللاجئين من تدبر أمرها. إن المنح المدرسية والجامعية، والمعالجة الطبية المجانية، وتعويضات البناء ونهاية الخدمة، والمساعدة المقدمة للمشاريع المنتجة للدخل، والتقديمات الخيرية الدولية والمحلية – هذه الأمور كلها تقلصت إلى الصفر تقريباً. لكن تبقى الفكرة عند كثيرين من اللبنانيين أن "الأونروا" "تعتني" باللاجئين، على الرغم من تقليص القيمة الحقيقية لتقديماتها. وتوضح حالة طفلة ابتعلت مؤخراً كمية من الديمول، هذه النقطة. فقد أسرع والداها بها إلى مستشفى المقاصد، وأوشك المدير على توقيع المعالجة المجانية للطفلة عندما قيل له إنها فلسطينية. فتوقف بحجة "أن الفلسطينيين لديهم 'الأونروا'". لكن من النادر أن تساعد "الأونروا" حالات طوارئ في المستشفيات (للتفصيلات، أنظر تحت عنوان الصحة).

التهجير: يشكل المهجرون فئة خاصة ضمن اللاجئين. فقد أظهر مسح أنجزته منظمة غير حكومية سنة 1988، أن ما مجموعه 4468 عائلة (نحو 25,334 شخصاً) مبعثر في 87 موقعاً.[25]  وقد تهجر أكثر هذه العائلات خلال ما عرف بـ"حرب المخيمات" (1985 – 1987). لكن بعض الحالات يعود إلى أوائل السبعينات. وأظهر المسح أن 75.2% من العائلات هجر أكثر من مرة، و19.7% هجر أكثر من ثلاثة مرات. كما أظهر مسح أحدث منه، أجرته "الأونروا"، أن هناك نحو ستة آلاف عائلة مهجرة، 50.4% منها في صيدا أو بالقرب منها، و28.1% في بيروت. ويعيش معظم هذه العائلات في أكواخ على أراض خالية أو في أبنية متداعية أو غير مكتملة البناء. ويتسلط فوق رؤوس جميع المهجرين خطر الإجلاء في نهاية المطاف. ومع أن خطط الحكومة لعودة جميع مهجري الحرب بقيت "مجمدة" حتى الآن، فإن هذا الأمر لن يدوم إلى الأبد؛ وبالتالي سيواجه الفلسطينيون أزمة، لأن لا بيوت لديهم ليعودوا إليها، كما أنهم لا يستطيعون تحمل قيمة الإيجار.

على الرغم من التطمينات الأخيرة لوزير الداخلية، فقد تم إجلاء الفلسطينيين عن مناطق على الساحل، مثل دير الناعمة والناعمة. وصدرت تهديدات بالإجلاء ضد الفلسطينيين في مبان كثيرة في بيروت الغربية، منها "فدرال أوتيل"، وبناية جمّال، وعرب المسلخ. ولم تتقدم أية هيئة مسؤولة – سواء كانت دولية أو لبنانية أو فلسطينية – بخطط لإعادة إسكان هؤلاء الناس.

تتنوع أوضاع المهجرين المادية والاجتماعية، لكن بالتأكيد يمكن القول إنها أسوأ من أوضاع المخيمات، وفي أثناء زيارتي لعائلات من مخيم شاتيلا، مشتتة في بيروت الغربية، وجدتها تقطن في أبنية عالية من دون مصاعد، ومن دون كهرباء وماء وصرف صحي صحيح. وفي بناية غزة، وهي إحدى أكبر مراكز المهجرين، هناك حيطان ونوافذ غير مكتملة، ولا وجود لمطابخ ودورات مياه منفصلة. وقبل سنة 1985، سكن معظم مهجري بناية غزة في المنطقة المحيطة بمخيم شاتيلا – الداعوق، الحرش، حي فرحات. الحي الغربي – ومن غير الممكن أن يعودوا إليها لأسباب سياسية.

إن خدمات "الأونروا" لا تصل إلى مراكز المهجرين، وقد تولت هيئات مثل اليونيسيف" وجمعية "المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية" (PARD) (انظر هامش رقم 19) تزويدها بالحاجات الأساسية، مثل: المياه، ورفع النفايات، والإسعافات الأولية. وبينما تمت تغطية معظم مراكز المهجرين، وجد مؤخراً أحد عمال الإغاثة الدولية مجموعة من عشرين عائلة من مخيم النبطية (الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية سنة 1974) في وسط منطقة البقاع، من دون مياه أنابيب أو  آبار، ومن دون تسهيلات صرف صحي أو كهرباء.

 إن بعد المسافة التي تفصل مراكز المهجرين عن المخيمات، حيث يوجد أكثر المدارس والعيادات التابعة لـ"الأونروا" ولمنظمة التحرير الفلسطينية، يثير صعوبات بسبب تكلفة وسائل النقل. كما أن البعد عن الأصدقاء والأقرباء يمزق الروابط العائلية التي ساهمت في الحفاظ على تجمعات اللاجئين.

إن تأثير التهجير في الصحة ومستويات التعليم والعلاقات العائلية يظهر بوضوح للعاملين في حقل الإغاثة، مع أن من المستحيل معرفة أبعاده الحقيقية بسبب غياب المعلومات الميدانية. وتتزايد عند الأمهات بصورة خاصة حالات مرتبطة بالإجهاد – اضطرابات القلب، الربو، مشكلات الكلى والغدد. وتؤدي الكثافة السكانية إلى تزايد التهابات البشرة والجهازين التنفسي والهضمي عند الأولاد. وبيّن مسح جزئي، أجرته "اليونيسيف" مؤخراً، أن حوادث الإسهال والالتهابات التنفسية الحادة عند الأطفال دون خمسة أعوام أعلى في مراكز المهجرين مما هي في المخيمات.[26]   وتعيش عائلات كثيرة في أوضاع غير طبيعية، من ملجأ إلى آخر، منذ "حرب المخيمات". ويتحدث رئيس اللجان الشعبية في المخيمات في لبنان عن "تفكك أُسري" نتيجة هذه الأوضاع. ويلفت النظر، بصورة خاصة، إلى تدهور معنويات المراهقين الذين يعيشون من دون مدارس، ومن دون برامج تدريبية، ومن دون عمل.

الصحة والمرض والعجز: تظهر تأثيرات الوضع الاقتصادي القاسي في قطاع الصحة بصورة مأساوية، بسبب التكلفة الباهظة والمتزايدة باستمرار للعناية الطبية في لبنان. فلا وجود لقطاع صحي عام. وسببت تكلفة المستشفيات الخاصة وأجور الجراحين أزمة رئيسية لدائرة الصحة في "الأونروا"، إذ إن "الأونروا" أدارت حتى الآن العناية الصحية من خلال عياداتها، ووفرت المعونات للمرضى الذين تتطلب حالاتهم علاجاً في المستشفيات، لكنها خفضت هذه المعونات تخفيضاً كبيراً خلال سنة 1991. وفي الوقت الحاضر، يمكن تلخيص الوضع كالآتي: يتم علاج المرضى في المستشفيات القليلة التجهيز فقط، وتغطي المساعدة جزءاً من التكلفة اليومية للمستشفى ولمدة عشرين يوماً فقط. ويتم تقديم مساعدة جزئية للجراحة في ثلاث حالات فقط: جراحة القلب المفتوح، والسرطان، وأورام الدماغ. وفي حالة حديثة تطلبت إجراء جراحة القلب المفتوح، كانت أجرة الجرّاح 15 ألف دولار، قدمت "الأونروا" منها 2700 دولار فقط.

أما جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فلها بنية تحتية واسعة – عشرة مستشفيات و46 عيادة – لكن بما أنها تعاني نقصاً فادحاً في الأموال فإن معظم منشآتها غير عامل. ومنذ عدة أشهر، تعاني عيادات الهلال الأحمر فقدان الأدوية.

بالإضافة إلى "الأونروا" والهلال الأحمر الفلسطيني، هناك هيئات أخرى توفر الخدمات الطبية للمخيمات، منها: هيئة المساعدات الشعبية النرويجية (Norwegian People’s Aid/NPA) التي تدير مركزاً للعلاج بالوسائل البدنية والميكانيكية في مخيم مار الياس في بيروت؛ هيئة الإعانة الطبية للفلسطينيين (Medical Aid for Palestinians/MAP)، الناشطة مع الهلال الأحمر في الجنوب؛ هيئة المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية (Popular Aid for Relief and Development/PARD)، التي تملك عيادة في بناية غزة، كما تملك فريقاً طبياً متنقلاً لخدمة المهجرين. لكن ما ينقص حتى الآن هو مسح طبي عام للسكان. ويتحدث الأطباء العاملون في أوساط الفلسطينيين عن أمراض خطِرة (مثل: اضطرابات القلب، والسرطان) بدأت تظهر عند الفئات الشابة. ويقال إن الأمراض المرتبطة بالإجهاد، وحالات الانهيار العصبي، وإدمان المخدرات، هي في ازدياد.

أما بالنسبة إلى المعاقين، فقد بدأت عملية مسح لأوضاعهم، والمعلومات المتوفرة عنها كثيرة. لقد تركت أعوام من القتال أنواعاً عديدة من الإصابات الدائمة، بالإضافة إلى تشوهات الولادة. وقد أظهر مسح مفصّل لمخيم برج البراجنة (بيروت)، أجرته هيئة المساعدات الشعبية النرويجية و"الأونروا"، وجود 97 حالة إعاقة جسدية أو نفسية خطِرة بين سكان يبلغ عددهم 12 ألف نسمة. وسبب نحو نصف هذه الحالات (46) إصابات من جراء الحرب. وهناك 16 حالة فقدان أطراف، و13 حالة لأولاد دون سن الـ 15.[27]  ويظهر الاهتمام بالمعاقين في عدد من المشاريع الصغيرة في المخيمات، مثل، التدريب على الحرف (هيئة المساعدات الشعبية النرويجية، مار الياس)؛ مراكز لإعادة تأهيل الأطفال ("الأونروا"، مخيم نهر البارد)؛ دمج الأولاد المتخلفين عقلياً في حضانات تديرها مؤسسة كنفاني الثقافية؛ مشاريع تدريب للأولاد المعاقين في صيدا، تمولها مؤسسة غوث الأولاد (Save the Children).

إن الصحة والمرض مرتبطان بالدخل ارتباطاً وثيقاً؛ وعليه فمزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية سيرتد، أولاً، على حقل الصحة. وقد أصبح الوضع الآن يتاخم الكارثة. ويقصد أناس المؤسسات الاجتماعية باستمرار بحثاً عن المساعدة لدفع فواتير الأطباء والمستشفيات. وفي أثناء إجراء هذا البحث تناهى إلى سمعي حالة امرأة في مخيم مار الياس تسعى لجمع مبلغ 2400 دولار لاستعادة طفلها الوليد من المستشفى، الذي حجزه لعدم دفعها نفقات الولادة التي اشتملت على وضع الوليد في حاضنة صناعية.

التعليم: في الماضي، مكنت مستويات التعليم العالية الفلسطينيين من التنافس للحصول على عمل، على الرغم من العائق المتمثل في كونهم غير لبنانيين. كما أن الإنجاز في مجال اكتساب العلم كان مصدراً للفخر الجماعي وحافزاً للأفراد، وبمثابة بديل موقت من الوطن وجواز السفر. واليوم، بعد عشرين عاماً من الدمار والتمزق، يواجه الفلسطينيون في لبنان أزمة تعليمية. ومن عوارض هذه الأزمة: انخفاض مستويات التعليم، وانخفاض حاد في عدد طلاب المدارس الثانوية، وارتفاع عدد الطلاب الذين يهجرون الدراسة. لكن أكثر ما يقلق الناس هو خشيتهم أن يفشل أولادهم في الحصول على عمل، حتى لو نجحوا في الحصول على مؤهلات مهنية. فلأزمة التعليم، إذاً، وجهان: أحدهما مدرسي، والآخر اقتصادي.

إن الحرب هي أحد أسباب هبوط المستوى العالي الذي اشتهرت "الأونروا" به في مجال التعليم المجاني، وذلك نتيجة الأضرار التي لحقت بالأبنية، وضياع أوقات الدراسة، والإخلال بتدريب المعلمين، وتأثير الصدمات في قدرة التركيز لدى الأولاد. ولقد كلفت أحداث، مثل "حرب المخيمات"، الأولاد في مناطق القتال ثلاثة أعوام دراسية. ويلوم الكثيرون أيضاً حركة المقاومة على فقدان الحوافز لدى كل من المعلمين والتلاميذ. وقد يكون المعلمون اليوم أكثر أهلية، لكن الناس يقولون أن ضميرهم ليس حياً مثل المعلمين المنتمين إلى جيل النكبة.

إن انخفاض مستويات مدارس "الأونروا" هو أكثر خطورة اليوم، لأن الضغط الاقتصادي يرغم عائلات كثيرة، كانت قادرة سابقاً على إرسال أولادها إلى مدارس خاصة ودفع أقساطها، على إرسالهم إلى مدارس "الأونروا". ومع هذا، فإن عدد مدارس "الأونروا" كان سنة 1991 أقل منه في سنة 1981 (77 في مقابل 87). وفي الأشهر القليلة الأخيرة، كان هناك انخفاض متزايد في عدد الصفوف والمدارس والمعلمين. وتتبع المدارس تقريباً نظاماً ثنائي الدوام، ويبلغ معدل عدد التلاميذ في كل صف نحو الخمسين تلميذاً. وترد "الأونروا" فشلها في تحسين نظامها التعليمي، أو في توسعه، إلى العجز في ميزانيتها. ويتذمر الأهلون والمعلمون من أبنية مثل "السجون"، مفرغة من كل ما يسهل التعليم. ويقول المعلمون في مدارس "الأونروا" إن القدرة على الإدراك وتعلّم اللغات قد تدنت، وهذا ما أكدته النتائج المتدنية التي أسفرت الامتحانات عنها.[28]

ليس ممكناً التأكد من عدد الأولاد في سن الدراسة، الذين لا يذهبون إلى المدرسة بسبب جهل الجميع للحجم الحقيقي للاجئين المقيمين. لكن المسح العيني، المشار إليه سابقاً، أظهر نسبة عالية من المنكفئين عن الدراسة في ثلاثة عشرة منطقة من مناطق الدخل المنخفض التي شملها المسح. ففي المراحل الإعدادية (سن 13 عاماً إلى 15 عاماً) كانت نسبة الذين يهجرون الدراسة 36.6%، وهي أعلى بصورة مذهلة من نسبة 6.2% التي سجلت سنة 1978. والنسبة لدى الصبيان أعلى منها لدى البنات (43.1% في مقابل 29.6%)، الأمر الذي يشير بوضوح إلى الضغوط الاقتصادية. ونسبة الذين يهجرون الدراسة أعلى بين المهجّرين مما هي بين سكان المخيمات (48% في مقابل 33%)، كما أنها في مناطق الحرب (بيروت والجنوب) أعلى منها في الشمال والبقاع. ثمة عدد قليل من الأولاد (2.4%) لم يدخل المدرسة قط.[29]

ومن الأمور التي تزيد الوضع خطورة ارتفاع تكلفة التعليم الخاص، وعدم فتح أبواب التعليم الرسمي والتدريب المهني اللبنانيين أمام اللاجئين الفلسطينيين. وبالنسبة إلى هؤلاء، كان التعليم الثانوي الخاص ضرورياً على الدوام لسدّ الثغرة بين تعليم "الأونروا" المجاني وبين تعليم الجامعات ذات الأقساط المنخفضة. وفي سنة 1991 كان معدل الأقساط في المدارس الثانوية الخاصة في بيروت 550 دولاراً في السنة، من دون احتساب المصاريف الأُخرى (كتب مدرسية، وسائل النقل، ثياب، إلخ). ويقدر ارتفاع أقساط المدارس الخاصة بين سنة 1985 وسنة 1991 بخمس عشرة مرة.[30]  وتدير منظمة التحرير الفلسطينية مدارس ثانوية في طرابلس وصيدا والبقاع، لكن ليس في بيروت.

غير أنه إلى جانب كل هذه الأسئلة عن التكاليف والإمكانات هناك أسئلة أكبر: مهما تكن الشهادة التي يحصل فلسطينيو لبنان عليها، أين وبأية صفة سيسمح لهم بالعمل؟ وأي نوع من التعليم يتطلبه وضعهم؟ لا يبدو أن أية هيئة مسؤولة، فلسطينية أو دولية أو عربية، تفكر في هذه الأمور.

المنظمات المحلية غير الحكومية: تؤدي المؤسسات الاجتماعية الفلسطينية/ اللبنانية دوراً خاصاً في تطوير مجتمعات المخيمات، الأمر الذي يجعلها فئة مختلفة عن وكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى التي تهتم باللاجئين؛ وهذا عائد إلى كونها مستقلة ذاتياً، وموجهة إلى الحاجات المحلية، وهادفة – بصورة خاصة – إلى توفير عمل وتدريب لفلسطينيي المخيمات. وتمكن بعض هذه المنظمات المحلية غير الحكومية، والتي اقترن اسمها أصلاً بحركة المقاومة، من الاستمرار بعد سنة 1982، بينما أُنشىء عدد آخر بصورة مستقلة وأُخضع باكراً للقانون اللبناني؛ كما تم إنشاء القليل منها منذ سنة 1982 لمواجهة الوضع الجديد. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض المؤسسات الاجتماعية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية – مثل: جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، واتحاد المرأة، ومؤسسة صامد – لا يزال على الرغم من شلله الآن قادراً على القيام بدور في تطوير التجمعات السكانية. وتعمل المنظمات المحلية في مناطق ذات دخل محدود في المخيمات ومحيطها، ولا تميّز بين الفلسطينيين واللبنانيين، لكن توجهها فلسطيني وقوة دفعها فلسطينية؛ وهذا أمران يعرفهما الجميع. أما وزارة الداخلية اللبنانية، فقد أعلنت أنها تنوي التحقق من كل المؤسسات التي تقوم بعمل تطوعي. وقد تلجأ حكومة غير ودودة إلى التشدّد في تطبيق بعض القوانين، مثلاً: يفرض قانون العمل اللبناني أن تكون أكثرية المستخدَمين في المؤسسات والشركات لبنانية؛ وأن يساهم أرباب العمل في صندوق الضمان الاجتماعي (الذي لا ينتفع الفلسطينيون منه)؛ كما يمكن إعادة توجيه هذه الخدمات من خلال فرض حصة منها لمنفعة اللبنانيين. وقد يؤدي أي من هذه التغييرات إلى الإخلال بالأهداف الأساسية والميزانيات المضغوطة أصلاً.

الهجرة: منذ سنة 1982، ولا سيما بعد "حرب المخيمات"، تزايدت هجرة الفلسطينيين من لبنان على الرغم من وجود عوائق متعددة، وعلى الرغم من الغموض السائد. ولا تحتفظ أية هيئة رسمية بسجل عن الهجرة الفلسطينية التي كان لها طابع موقت حتى سنة 1982؛ إذ كان المهاجرون يعودون بانتظام لزيارة عائلاتهم، ولم يتمكنوا جميعهم من دخول الدول التي قصدوها، وانتهى الأمر بعدد غير معروف منهم إلى السجن. لهذه الأسباب جميعها، وللحساسية السياسية المحيطة بهذا الموضوع، فإن لا أحد من المسؤولين الفلسطينيين يُقْدم على التخمين، حتى فيما يتعلق بعدد المهاجرين الإجمالي. لكن يمكن القول بكل تأكيد إن موجة الهجرة التي تلت سنة 1982 تختلف جذرياً عن الفترة التي سبقتها؛ فمع إغلاق الدول العربية المنتجة للنفط (باستثناء ليبيا) أبوابها أمام الهجرة حتى قبل حرب الخليج، اتجه المهاجرون الفلسطينيون من لبنان نحو ألمانيا والدول الاسكندنافية. وبينما اقتصرت الهجرة في السابق على طلاب وعمال غير متزوجين، اشتملت الموجات الحديثة على عائلات بكاملها وعلى أزواج حديثي السن. وبينما كانت نية المهاجرين سابقاً إيجاد عمل أو الحصول على شهادة جامعية، بهدف العودة إلى لبنان في النهاية، فإن معظم الطامعين بالهجرة منذ سنة 1982 يحلم باقتناء جواز سفر أجنبي.

كان الشعور بعدم الأمان، وتفشي البطالة في لبنان، القوة الدافعة الرئيسية وراء موجة الهجرة التي تلت سنة 1982. واستعد الأهل لبذل أية تضحية من أجل إبعاد الخطر عن أولادهم المراهقين، وشعر الشبان الفلسطينيون بأن "لا مستقبل لنا في هذا البلد." أما الطامعون بالهجرة، فدفعوا مبالغ طائلة وخاطروا بالسفر عبر طرق غير قانونية، أي عبر التهريب. لكن حتى لو نجحوا في الوصول إلى بلد جديد يستضيفهم، فإن بقاءهم فيه ليس مضموناً بالضرورة. وتتفاوت الحظوظ من حالة إلى أخرى. ففي بعض الحالات ينجح المهاجرون في تعلّم لغة البلد واكتساب تدريب مهني بمعونات حكومية، وفي الحصول على إجازات عمل والجنسية. لكن في حالات أُخرى – وهي تشكل الأكثرية – يعيش المهاجرون في مراكز خاصة، ويعتمدون على الحكومة. ويتسلط خطر الإبعاد فوق رؤوس أولئك الذين تخضع أوراقهم للتحقيق.

تشكل موجة الهجرة الجديدة هذه من لبنان تهديداً لتماسك العائلة والمجتمع أكثر خطورة من المنفى الأول سنة 1948. وفي دراسة حديثة عن العائلات الفلسطينية، يشير باسم سرحان إلى تصدع أعمق تسببت الهجرة الحديثة به.[31]   وبالنسبة إلى الأهل في لبنان، فإن آلام الفراق تتعمق مع تكلفة المكالمات الهاتفية والسفر. وقالت لي أرملة هاجر أولادها الأربعة،ـ وبقيت هي وابنتها في لبنان: "ما يعذبني هو غياب أولادي." ويواجه المسنون بازدياد إمكان أن يموتوا وحيدين خلال غياب أولادهم.

لكن مع الازدياد الذي تشهده أوروبا "القلعة" على صعيد العنصرية، والقيود المفروضة على الهجرة من العالم الثالث، فثمة إمكان ضئيل في أن تستمر الهجرة الفلسطينية بالوتيرة نفسها، أو في أن تخفض هذه الهجرة جذرياً حجم تجمعات اللاجئين في لبنان. ومن وجهة نظر لبنانية وأُخرى فلسطينية، لا تبدو الهجرة قادرة حتى على تقديم حل ثابت وبعيد المدى. 

ثالثاً: احتمالات مستقبلية

تواجه الجالية الفلسطينية في لبنان مستقبلاً غامضاً، لا يبعث أي من البدائل فيه على التفاؤل. فهناك ثلاث نتائج محتملة لمفاوضات السلام الحالية في الشرق الأوسط: الأولى، الحكم الذاتي لفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة كمرحلة تمهد للسيادة النهائية؛ الثانية، انهيار المفاوضات أو التباطؤ فيها من دون حسم؛ الثالثة، الحكم الذاتي للأراضي المحتلة مع قيود تفرض على السيادة، كالتقليص الحاد لحق العودة أو التجنس لفلسطينيي الشتات. إن الاحتمال الأول هو الأفضل، لكنه يبدو الآن بعيد المنال، ويتيح منح الحق في الجنسية الفلسطينية لفلسطينيي لبنان وإنهاء وضعهم كلاجئين. والاحتمال الثاني يعني استمرار الوضع الحالي بمشكلاته ومخاطره. أما بالنسبة إلى الاحتمال الثالث، فمع استبعاد عودة فلسطينيي لبنان إلى ديارهم، سيتم فرض التوطين على الفلسطينيين على الرغم منهم وعلى الرغم من الدول المضيفة. وفي لبنان، يمكن أن تمنح الجنسية لعدد محدود من اللاجئين؛ أما الأكثرية فستتحول إلى فئة مبعثرة ومحرومة ومعرضة لضغوط التهجير، لكن مع عدم وجود مكان تذهب إليه. ويلخص وضع المبعدين الآن هذا المصير بصورة ظاهرة للعيان وبصورة درامية.

 

* ستظهر نسخة مختلفة قليلاً عن هذه الدراسة في كتاب عن لبنان سيصدر عن دار نشر Lynne Rienner Publishers Inc. في بولدر، كولورادو (Boulder, Colorado).

 

المصادر:

[1]  تتراوح التقديرات لعدد اللاجئين الذين قدموا إلى لبنان خلال 1948/1949 بين 110 آلاف و130 ألفاً. ويمثل هذا الرقم نسبة 1 إلى 12 من عدد اللاجئين جميعهم، وهي نسبة أعلى من نسبة أية دولة أُخرى مضيفة، وذلك نظراً إلى حجم لبنان وقدرته الاقتصادية (نسبة الأردن فقط أعلى، نتيجة ضمّه الضفة الغربية). ونسبة اللاجئين إلى سكان لبنان هي تقريباً 1 إلى 10.

[2]  س. الناطور، "الوضع القانوني للفلسطينيين في لبنان"، نسخة مصورة، 1984، ص 12.

[3]   اعترفت المادة الأولى من اتفاق القاهرة بــ"حق العمل والإقامة والتنقل" للفلسطينيين. وسمحت المادة الثانية بتأليف "لجان محلية" في المخيمات. أنظر:

W. Khalidi, Conflict and Violence in Lebanon (Cambridge MA: Harvard University Center for International Affairs, 1979), Appendix 1, p. 185.        

[4]  مقابلة مع عضو اللجنة الوزارية لشؤون اللاجئين، شوقي فاخوري، في:

L’Orient/ Le Jour, 29 Septembre, 1992.       

[5]  تلخصت هذه المطالب في مذكرة عن "الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان"، قدمت إلى الحكومة اللبنانية في أيلول/ سبتمبر 1991.

[6]  أنظر المرسومين اللذين أصدرهما وزير العمل، عبد الله الأمين في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1992، و12 كانون الثاني/ يناير 1993. وهما يحددان الوثائق التي يجب إبرازها، والشروط التي يجب تلبيتها من قبل جميع العمال وأصحاب العمل الأجانب. هناك أكثر من 70 وظيفة يستثنى منها غير اللبنانيين، لا يتطلب أكثرها مهارات، وكان الفلسطينيون يشغلونها حتى الآن.

[7]  مقابلة مع مدير "الأونروا"، سيرفيرا، في: L’Orient / Le Jour, 9 Septembre, 1992.  وبتاريخ 1 شباط/ فبراير 1993، كرر السيد سيرفيرا، في سياق الاحتجاجات الفلسطينية المتجددة، الطابع الإداري البحت للبطاقات الجديدة.

[8]  L’Orient / Le Jour, 21 Septembre, 1992.

[9]  مقابلة مع L’Orient / Le Jour, 29 Septembre, 1992

[10]  فيما يلي عينة من الاحتجاجات: النائب الماروني حرب (5/9/1992)؛ وزير الداخلية الخطيب (9/9)؛ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى (23/9)؛ رئيس الحكومة الأسبق الحص (25/9)؛ السفير شماس في الأمم المتحدة (3/10). (تشير التواريخ إلى تقارير في صحيفة L’Orient / Le Jour

[11]  مقابلة مع L’Orient / Le Jour, 2 Octobre, 1992

[12]  مقابلة مع "السفير"، 5/10/1992.

[13]  يقال إنه عندما زار الرؤساء الثلاثة (الهراوي، والحسيني، وكرامي) الرئيس بوش في أيلول/ سبتمبر 1991، سأل بوش عن عدد الفلسطينيين في لبنان، وكان الجواب صمتاً محرجاً. وعند عودة الرئيس الهراوي من الولايات المتحدة، أمر مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين بتزويده أرقاماً عن هذا الموضوع.

[14]  أنظر: PRCS Medical Services Past, Present and Future in Lebanon (Beirut: PRCS, 1992), p. 38.                                                                                                          

[15]  يحتوي سجل "الأونروا" على عدد غير معروف من اللبنانيين، سكان القرى الحدودية الذين عملوا في فلسطين قبل سنة 1948. ويعود هذا إلى اعتماد الوكالة تعريفاً أولياً للاجئين على أساس اقتصادي، لا وطني.

[16]  "السفير" 14/8/1992.

[17]  سهيل الناطور، "حول بعض جوانب الوضع الاقتصادي المرير للفلسطينيين في لبنان"، "الحرية" (بيروت)، العدد 188، 7 – 13/2/1993، ص 17-19.

[18]  يعمل لدى "الأونروا" 2312 مستخدماً محلياً، ليسوا كلهم فلسطينيين، ومنذ سنة 1988 هناك اتجاه لإشغال المراكز العالية باللبنانيين.

[19]  بعض المنظمات المحلية غير الحكومية المستقلة: إنعاش المخيم (تطريز، حضانات)؛ مؤسسة غسان كنفاني الثقافية (حضانات)؛ جمعية النجدة (تطريز، تدريب مهني، حضانات)؛ بيت أطفال الصمود (إعانة ورعاية اجتماعية لأيتام الأُسر المحتاجة)؛ جمعية التنمية المهنية والاجتماعية (تدريب مهني وتقني)؛ جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية (خدمات طبية وصحية وفي قطاع النقل للمهجرين)؛ مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية (تدريب منتجي ومعلمي الفنون والحرف).

[20]  "اليونيسيف" والمكتب المركزي للإحصاء التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، النتائج الأولية لمسحين اثنين أُجريا سنة 1992.

[21]  في الماضي كانت الإجراءات الحكومية المتعلقة بإجازات العمل تطبَّق على العمالة المحترفة والمنتمية إلى "الياقات البيض". ثم اتسع التطبيق ليشمل الأعمال الطارئة والحرة.

[22]  تدير "الأونروا" مشروعاً لتدريب وتجهيز "حالات العسر الشديد" يتمتع بالاكتفاء الذاتي. ويقدم المشروع أيضاً بعض القروض.

[23]  أوقفت "الأونروا" سنة 1984 الإعانات الأساسية، عدا "حالات العسر الشديد" وخلال جولات القتال. وفي سنة 1991 أوقفت الوجبات المجانية للأولاد، والقرطاسية المجانية للمدارس. وفي سنة 1992 خفضت تخفيضاً حاداً مساعدات الاستشفاء. ويقال إن ميزانية "الأونروا" لسنة 1993 أقل 10% من ميزانية السنة التي سبقتها.

[24]  يتسلم الذين يعانون "حالات العسر الشديد" حصصاً شهرية، وألبسة للأطفال، وبطانيات، وتعويضات بناء في المخيمات، ولديهم إمكان تلقي المساعدة في مجال "الاكتفاء الذاتي".

[25]  أجرته منظمتان غير حكوميتين: جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية، وجمعية التنمية المهنية والاجتماعية.

[26]  "اليونيسيف"، منظمة التحرير الفلسطينية – المكتب المركزي للإحصاء، النتائج الأولية لمسوحات أُنجزت سنة 1992.

[27]  "وضع المعاقين في مخيم برج البراجنة"، لا تاريخ.

[28]  أظهرت المسوحات التي أجرتها "اليونيسيف" ومنظمة التحرير الفلسطينية أن نسبة النجاح في امتحان "البريفيه" (الصف الإعدادي الأخير) لسنة 1991 كانت 16.1% . وكانت أعلى نسبة في الشمال (34%)، وأدنى نسبة في الجنوب (5.7%). "النتائج الأولية"، ص 6.

[29]  "النتائج الأولية" لمسوحات "اليونيسيف" ومنظمة التحرير الفلسطينية، ص 5.

[30]  "الفلسطينيون في لبنان والتعليم: أزمة الثمانينات"، تقرير غير منشور (بيروت، 1991).

[31]  ب. سرحان، "التغير البنيوي في العلاقات الأسرية الفلسطينية"، "الكاتب الفلسطيني" (دمشق)، العدد 22، كانون الثاني – شباط – آذار، 1991، ص 15 – 29.

Author biography: 

روز ماري صايغ: كاتبة وباحثة مستقلة.