Reviewing Rabah Halabi’s "Education as a System to Form and Control an Israeli-Druze Identity"
Date: 
February 08 2022
Author: 

نشرت مجلة "جيلوي داعت" باللغة العبرية مقالة للدكتور رباح الحلبي في سنة 2017، تخوض في قضية سيطرة الدولة على الجهاز التربوي، وفرض الرقابة على الطائفة الدرزية، والسعي لخلق هوية تتلاءم مع رؤية دوائر صنع القرار الإسرائيلي إزاء أبناء الطائفة، وترجمها إلى العربية مهند أبو غوش، بمبادرة من حراك "ارفض، شعبك بيحميك". وأقدم هنا مراجعة للمقالة.

يخوض د. رباح الحلبي في مقالته الأكاديمية "الجهاز التربوي بصفته منظومة تشكيل الهوية الدرزية- الإسرائيلية والسيطرة عليها" بحثاً معمّقاً في قضية سيطرة الدولة على الجهاز التربوي في المدارس الدرزية، من أجل خلق وعي وهوية وأفعال تتلاءم مع دوائر صنع السياسات في إسرائيل، والانصياع إليها وتطبيقها. ففي سنة 1976 تم فصل المنهاج التدريسي في المدارس الدرزية عن نظيره العربي، وتمت إعادة صوغ جهاز تربوي كامل طُبّق في المدارس الدرزية، ويهدف إلى تجهيز التلميذ الدرزي للخدمة العسكرية، وتقليص المعضلات المتعلقة بذلك، وأيضاً من أجل خلق هوية درزية- إسرائيلية تتماهى مع الدولة، رموزها وسياساتها من جهة، وإبعاد التلميذ الدرزي عن هويته وبيئته العربية الطبيعية من جهة أُخرى.

يتطرق د. رباح الحلبي إلى الممارسات التي حققت المؤسسة الإسرائيلية غرضها من خلالها، كاستبدال المعلمين العرب بمعلمين دروز، والمضامين القائمة في كافة الموضوعات بمضامين تُبرِز القواسم المشتركة بين الدروز واليهود وإدخال موضوع "التراث الدرزي" الذي أدى الدور الأكبر في إعادة تصميم الهوية الجديدة المتماهية مع اليهود وإسرائيل.

 

 

في هذه المقالة يكشف د. الحلبي العملية التي أدت إلى فصل المدارس الدرزية عن الجهاز التربوي العربي سنة 1976، ويحلل المناهج التدريسية الجديدة التي تم إدخالها إلى المدارس الدرزية بدلاً من تلك التي كانت مُعتمَدة في المدارس العربية. كما يحاول، من خلال بحثه، فهم الآلية التي تم وضعها لتنفيذ هذه السياسات، وكيفية استخدام الدولة نظام التعليم في القرى الدرزية كخطوة تكميلية لتطبيق قانون التجنيد الإجباري على الدروز سنة 1956 من أجل فصلهم عن سائر العرب.

يستهل د. رباح الحلبي المدخل إلى بحثه، مُستخدماً هذا الاقتباس الذي يتطرق إلى مكانة ودور التعليم والجهاز التربوي حين تستخدمهما المجموعات المهيمِنة: "يُعدّ كلّ من التعليم والجهاز التربوي وسيلة للسيطرة الاجتماعية والسياسية. إذ تخلق المجموعة المهيمِنة، بواسطة مؤسسة المدرسة والمنهاج الدراسي، رواية خاصة بها تتيح لها حفظ مكانتها الاقتصادية وتفوّقها الثقافي والأخلاقي المفترض. تسيطر هذه المجموعة على مجمل العملية التربوية: من خلال الفصل بين المعرفة الشرعية وتلك غير الشرعية، في مسح معرفة "الآخر" أو في إقصائها إلى خارج الحيز المدرسي، وفي تقديم المعرفة التي تعتبرها المؤسسة شرعية، بوصفها معرفة محايدة. (Apple, 2013; Giroux, 1987; Freire, 1997; Freire & Macedo, 1995)."

ثم يتطرق د. رباح الحلبي فيما بعد إلى سياسات أُخرى مورست قبل فصل المناهج التدريسية، مثل الاعتراف بالطائفة الدرزية، بصفتها طائفة دينية مستقلة سنة 1957، وقد شُكّل مجلس ديني درزي ومحاكم شرعية درزية. كما تم استبدال توصيف عربي بـ "درزي" في فئة القومية في كل من بطاقات هوية وميلاد الدروز. فمنذ تلك اللحظة لم يعد يُنظر إلى الدروز بصفتهم عرباً من ناحية رسمية.

ولأن خطوة فصل المناهج التدريسية جاءت كخطوة تكميلية لتطبيق قانون التجنيد الإجباري، يستعرض د. رباح الحلبي حقيقة معارضة أبناء الطائفة الدرزية الكبيرة لأوامر التجنيد وتعامُل المؤسسة مع الرافضين بصرامة، وإرسال العشرات منهم إلى السجون، وتجاهُل تجمّعات معارضة التجنيد ومئات الرسائل المطالبة بإلغاء هذا التجنيد الإلزامي، والتي أُرسلت إلى كل من وزير الدفاع ورئيس الحكومة، لكن بالتوازي مع ذلك، أُطلقت حملة دعائية في أوساط الشبان لكي تُكسَر المعارضة، حتى أصبح يُنظَر إلى التجنيد على أنه أمر واقعي، بيْد أن المعارضة لم تهدأ قط.

أمّا فيما يخص موضوع "التراث الدرزي"، يقوم د. رباح الحلبي بفحص دقيق لكتب التراث التي تم إدخالها إلى المدارس الدرزية، ويُظهر أن مَن كتبوا هذه الكتب تجاهلوا الاتفاق المعقود بين اللجنة القائمة على تحديد المضامين وبين الزعماء الدينيين برئاسة الشيخ أمين طريف، كما تجاهلوا نتائج الدراسة التي كانت وزارة التربية والتعليم طلبتها بنفسها. وما توضّح أن هدف هذه الكتب هو تطبيق لتوصيات لجنة شخطرمان فيما يتعلق ببناء هوية ووعي درزي إسرائيلي، من خلال التركيز على حلف الدم والشراكة في المصير بين الدروز واليهود، ويلخص د. رباح الحلبي: "كان السبب المعلن لإدراج مساق التراث الدرزي يتمثل في انعدام وجود حصص تربية دينية في المدارس الدرزية، على العكس مما هو حاصل في المدارس العربية التي فيها حصص تربية دينية يُدرَّس فيها الإسلام والمسيحية. وعملياً، فقد تحوّل التراث الدرزي إلى وسيلة لفرض الهوية الدرزية- الإسرائيلية حسبما حددها المسؤولون في وزارة التربية والتعليم، في تعارُض مع رأي غالبية أبناء الطائفة الدرزية، كما تم التعبير عنها في بحث أيدن، وولف، وعزام (1979)، ورجال الدين كما اتضح في بحث الحلبي (1997)."

أمّا فيما بعد، فيتم التطرق إلى أربع موضوعات وبحث في كيفية استبدالهم أو تغيير مضامينهم: التاريخ، والعربية، والعبرية، والتربية الاجتماعية. يُظهر البحث أن الكتب لا تحتوي على أي نصوص كُتبت على يد كُتّاب أو أدباء أو شعراء دروز، والذين يُعتبرون من أهم وأشهر الكُتّاب الفلسطينيين، بل كان هدف الكتب أن تتمثل المعرفة فيها من خلال نصوص تشدد على انعزال واختلاف الدروز عن العرب، والتعرف إلى التعاون بين الدروز واليهود، وإدراك أهمية الخدمة العسكرية.

في النهاية، تُبيّن هذه المقالة كيفية استغلال إسرائيل للجهاز التربوي لغرض خدمة أهدافها التي تتعلق بالسكان الدروز فيها، والمتمثلة أساساً في فصل الدروز عن هويتهم العربية وتحويلهم إلى مواطنين خاضعين وجنود مطيعين. وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المناهج التعليمية، وبواسطة طاقم المعلمين والطواقم المهنية في المدارس التي اختيرت لغرض تطبيق هذه السياسة. هذه الممارسة معروفة تمارسها الدول القومية لمحاصرة الطلاب بوعي مقبول من الدولة، وتتلاءم مع مصالحها.

للاطلاع على مقالة د. رباح الحلبي كاملة: https://bit.ly/3H3Rmty

Read more