* فصل محدّث ومزيد من جانب أسامة حلبي استناداً إلى فصل موسى أبو رمضان الذي صدر في "دليل إسرائيل العام، 2011" (المحررون).
الهدف من هذا الفصل1 هو التعريف بالوضع الدستوري في إسرائيل، وبكل من النظام القانوني والنظام القضائي فيها.
لا يوجد في إسرائيل دستور مكتوب، وإنما «قوانين أساس» يتناول كل منها موضوعاً معيناً من الموضوعات التي تتناولها الدساتير المكتوبة عادة: نظام الحكم، والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، والحقوق، والحريات. وقد احتوى عدد من هذه القوانين قيماً استقيت من «إعلان إقامة دولة إسرائيل» الصادر في 14 أيار/مايو 1948، وترسخت، على الرغم من عدم اعتبار الإعلان وثيقة دستورية، لتكتسب قيمة دستورية تحت المبدأ القائل بأن «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية» الذي أصبح جزءاً من المادة 7أ من قانون أساس: الكنيست سنة 1958، وجرى تبنّيه كمبدأ دستوري سنة 1992 في المادة 1أ من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، وفي المادة 2 من قانون أساس: حرية العمل. لكن تراجعاً كبيراً في مكانة هذا المبدأ وصل إلى حد إلغائه، جرى سنة 2018 مع سن قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي الذي أعلن «أرض إسرائيل» وطناً تاريخياً للشعب اليهودي، ودولة إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، فقط مُسقِطاً أي ذكر لكونها «ديمقراطية» أو إشارة إلى «إعلان إقامة دولة إسرائيل» والقيم التي وردت فيه.2
وبالنسبة إلى النظامين القانوني والقضائي، فهما عبارة عن مجموعة من بقايا الأنظمة القانونية والقضائية التي سادت فلسطين في فترتي الحكم العثماني والانتداب البريطاني، مع التعديلات والتطويرات التي طرأت منذ سنة 1948 إلى اليوم. فبعد قيام دولة إسرائيل سنة 1948، صدر «أمر3 أصول الحكم والقانون»،4 الذي بموجبه تم الاستمرار في تطبيق القوانين التي كانت قائمة قبل قيام الدولة، وهذا يعني استيعاب الأنظمة التي كانت سائدة خلال تلك الفترتين؛ فبريطانيا بعد احتلالها فلسطين، ثم انتدابها عليها، أصدرت تشريعات تنص على استمرارية تطبيق القوانين العثمانية، بالإضافة إلى استيعاب القوانين البريطانية. ومع أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) سن كثيراً من القوانين في مجالات متعددة، الأمر الذي غير بصورة ملحوظة في الأنظمة القانونية الموروثة من فترتي الحكم العثماني والانتداب البريطاني، إلاّ إن كثيراً من القوانين الموروثة من تينك الفترتين السابقتين ما زال ذا أهمية، وذلك إمّا بسبب استمرار نفاذ القوانين كتلك المتعلقة بتنظيم الأحوال الشخصية، وإمّا بسبب اعتبارها مصدراً قانونياً لتفسير بعض المواد القانونية. وهذا التطور التاريخي هو السبب الرئيسي الذي جعل المجمل العام للنظامين القانوني والقضائي في إسرائيل عبارة عن لوحة فسيفساء تتكوّن من أنظمة متعددة. ولملاءة القوانين الموروثة للواقع السياسي والقانوني الجديد، منح «أمر أصول الحكم والقانون» في المادة 16 منه، المشرع الإسرائيلي صلاحية تجديد صوغ القوانين فأضيف إلى أسماء بعض القوانين بين قوسين («نص مُجدد»– «نوساح حداش»)، أو دمج قوانين، أو مواد قانونية في قانون واحد وأضيف إلى عنوان القانون الجاري بين قوسين أيضاً («نص مُدمج» – «نوساح مشولاف»).
سيتم تناول هذا الموضوع في أربعة أقسام: يبين الأول إصدار قوانين أساس بدلاً من دستور، ويتطرق الثاني إلى مكانة قوانين الأساس في هرم التشريعات، ويتناول الثالث المبدأ الدستوري: «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية.» ويعالج الرابع المبدأ الدستوري الجديد: «إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي.»
أ) إصدار قوانين أساس بدلاً من دستور
على الرغم من احتواء إعلان إقامة الدولة على فقرة تتضمن إقامة جمعية تأسيسية يكون دورها سن دستور للدولة، فإن الجمعية التأسيسية التي انتُخبت في كانون الثاني/يناير 1949 لم تستطع تبنّي دستور مكتوب، وإنما قامت بإصدار قانون الانتقال لسنة 1949 الذي بموجبه تحولت إلى الكنيست الأول مع صلاحيات مزدوجة: سن دستور للدولة الجديدة، وسن القوانين. وناقش الكنيست الأول الحاجة إلى دستور، لكن بسبب الخلافات الحادة في موضوعات مهمة، مثل الدين والقومية والحدود والحقوق الأساسية للمواطن وحقوق الأقلية العربية ومكانتها،5 لم يتم وضع دستور دائم لإسرائيل. وإنما تم في 13 حزيران/يونيو 1950 تبنّي القرار الذي دُعي على اسم عضو الكنيست يزهار هراري، والذي نص على أن «الكنيست الأول يلقي على لجنة الدستور والقانون والقضاء مسؤولية إعداد مشروع دستور لإسرائيل. ويكون الدستور مبنياً من فصول منفردة بحيث يصبح كل منها قانونَ أساسٍ بحد ذاته. وتقدم هذه الفصول إلى الكنيست. وعندما تنهي اللجنة عملها، توحد كل هذه الفصول لتصبح دستوراً للدولة.»
منذ سنة 1958 أصدر الكنيست 13 قانون أساس، كان آخرها سنة 2018، تناولت مسائل متعلقة بنظام الحكم والسياسات الاجتماعية والاقتصادية والحقوق والحريات وتعريف بجوهر الدولة، وهي على التوالي بحسب تواريخ صدورها:6
(1) قانون أساس: الكنيست لسنة 1958: يبيّن هذا القانون أن الكنيست هو مجلس النواب لدولة إسرائيل، ومقرّه القدس. كما يبيّن: طريقة الانتخابات، وحق الانتخاب والترشيح، وفترة ولايته، وفترة ولاية أعضائه، وحصانتهم، بالإضافة إلى مختلف نشاطاته هو ولجانه. وفي التعديل رقم 9 الذي أقره الكنيست سنة 1985، ورد في المادة 7أ نص يتعلق بمنع المشاركة في الانتخابات لأي قائمة، مهما تكن، إذا كان في أهدافها أو أعمالها أي من الشؤون التالية: نفي كيان دولة إسرائيل بصفتها دولة للشعب اليهودي، ونفي طابع الدولة الديمقراطي، أو التحريض أياً يكن على العنصرية.
(2) قانون أساس: أراضي إسرائيل لسنة 1960: يهدف هذا القانون إلى الحفاظ على ملكية الدولة للأراضي المسجلة باسمها أو باسم سلطة التطوير أو باسم الصندوق القومي اليهودي الدائم، وذلك بحظر التصرف فيها سواء بالبيع أو بأي طريقة أُخرى، باستثناء نوع الأراضي أو الصفقات التي ينص عليها القانون. وحدد القانون أن كلمة «أراض» تشمل الأرض والأبنية وأي منشآت ثابتة مقامة عليها.
(3) قانون أساس: رئيس الدولة لسنة 1964: ينظم هذا القانون بصورة رئيسية المسائل المتعلقة برئيس الدولة، أي مكانته، وطريقة انتخابه، ومؤهلاته وصلاحياته، وإجراءات عمله.
(4) قانون أساس: الحكومة لسنة 1968 وتعديلاته (1992، 2001): يبيّن هذا القانون أن الحكومة هي السلطة التنفيذية للدولة، وأن مقرها في مدينة القدس. وينظم مسائل متعددة، منها: علاقة الحكومة بالكنيست؛ تركيبتها؛ صلاحيات الوزراء ونوابهم وواجباتهم وفترة ولايتهم وأجورهم؛ إجراءات تأليفها، وفترة ولايتها، وحلها، وطريقة انتخاب رئيسها. وفي سنة 1992، جرى تعديل هذا القانون لجهة طريقة انتخاب رئيس الحكومة؛ فتم إلغاء أسلوب الانتخاب غير المباشر ليحل محله أسلوب الانتخاب المباشر. لكن، في سنة 2001، تم التراجع عن هذا الأسلوب في الانتخاب، واعتُمد ثانية أسلوب الانتخاب غير المباشر، مثلما كان في القانون الأصلي لسنة 1968.
(5) قانون أساس: اقتصاد الدولة لسنة 1975: يتناول هذا القانون موضوعات تتعلق بميزانية الدولة، ومسألة طباعة الأوراق النقدية، وصك العملات. ويمنع هذا القانون فرض الضرائب أو أي دفعات أُخرى إلزامية أو تغيير مقدارها إلاّ بواسطة قانون. وبموجبه، تكون الميزانية سنوية، تشمل مصاريف الدولة المتوقعة والمخطط لها وتحدد بقانون.
(6) قانون أساس: الجيش لسنة 1976: أهم ما يميز هذا القانون هو تنظيم علاقة الجيش بالحكومة من ناحيتين: من ناحية كونه خاضعاً للحكومة، ومن ناحية مكانة رئيس هيئة الأركان وخضوعه لوزير الدفاع. وينص القانون على مسائل أُخرى، كواجب أداء الخدمة وتعليمات الجيش وأوامره. ويحظر تشكيل أو تزويد أي قوة أُخرى غير الجيش الإسرائيلي إلاّ إذا ورد نص آخر في القانون. وقد أُخذ بعين الاعتبار، عند وضع هذا القانون، «أمر جيش الدفاع الإسرائيلي لسنة 1948»، الذي تضمن الأساس الدستوري والقانوني للجيش.
(7) قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل لسنة 1980: كان الهدف من هذا القانون ترسيخ مكانة القدس كعاصمة لدولة إسرائيل، وكمدينة موحدة. ويتناول القانون مسألة الأماكن المقدسة، وضمان حقوق أبناء الديانات، وإعطاء القدس أولوية خاصة من أجل تطويرها.
(8) قانون أساس: القضاء لسنة 1984: ينظم هذا القانون المسائل المتعلقة بالقضاء، مثل أنواع المحاكم ودرجاتها وصلاحياتها، وتعيين القضاة ومؤهلاتهم وفترة ولايتهم. كما ينص على مبدأ استقلال القضاء وعلانية المحاكمة.
(9) قانون أساس: مراقب الدولة لسنة 1988: يبيّن القانون صلاحيات مراقب الدولة ومهماته في مراقبة بعض الهيئات الحكومية، وأن عليه تقديم تقريره إلى الكنيست فقط.
(10) قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته لسنة 1992: في ضوء فشل الكنيست في التوصل إلى اتفاق على مشروع «قانون أساس: حقوق الإنسان»، وذلك بسبب معارضة الأحزاب الدينية لبعض بنوده، فقد تقرر إصدار أجزاء القانون التي لا تتضمن تبايناً جوهرياً في وجهات النظر. وبناء عليه، تم إصدار «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته لسنة 1992»، الذي نص في المادة 1 على أن حقوق الإنسان في إسرائيل تعترف بقيمة الإنسان وقدسية حياته وحريته، وأن هذه القيم سيتم احترامها من خلال المبادئ المتضمنة في وثيقة إعلان إقامة دولة إسرائيل. كما نص في المادة 1/أ على أن الهدف من قانون الأساس هذا إرساء قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. ونص القانون على عدة حقوق وحريات، كحرية التنقل من إسرائيل وإليها، بحيث يكون لكل شخص الحق في مغادرتها، ويحق لكل مواطن إسرائيلي دخولها، وعلى حماية الحرية الشخصية والملكية الخاصة من التفتيش، وعلى الخصوصية أو السرية في التعبير الشفوي والمكتوب. وقد منع هذا القانون انتهاك الحقوق المنصوص عليها فيه، إلاّ بواسطة قانون ملائم لقيم دولة إسرائيل، والذي يبغي نيل هدف نبيل، وبدرجة غير مبالغ فيها.
(11) قانون أساس: حرية العمل لسنة 1994 (حل محل القانون ذاته لسنة 1992): أكد قانون سنة 1994 ما ورد في قانون 1992 من ناحية حق كل شخص، مواطناً كان أو مقيماً، في القيام بأي عمل أو مهنة أو تجارة. وتضمن مواد جديدة مشابهة لتلك التي وردت في «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته». فقد نص في المادة 1 على أن حقوق الإنسان في إسرائيل تعترف بقيمة الإنسان وقدسية حياته وحريته، وأن هذه القيم سيتم احترامها من خلال المبادئ المتضمنة في وثيقة إعلان إقامة الدولة. ونص في المادة 2 على أن الهدف من القانون دعم حرية العمل من أجل إرساء قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية في قانون أساس. وقد منع هذا القانون انتهاك الحقوق المنصوص عليها فيه، إلاّ بواسطة قانون ملائم لقيم دولة إسرائيل، والذي يبغي نيل هدف نبيل، وبدرجة غير مبالغ فيها، أو بحسب تخويل مفصل للقانون.
(12) قانون أساس: الاستفتاء العام لسنة 2014
صادق الكنيست على هذا القانون في 12 آذار/مارس 2014 خلال دورته التاسعة. وينص هذا القانون على وجوب إخضاع كل اتفاقية توقّعها الحكومة، ويتوقف بموجبها سريان القضاء والقانون والإدارة الإسرائيليين (وهي مركبات سيادة بنظر إسرائيل أ.ح.) على منطقة تسري عليها، لاستفتاء عام إلاّ إذا أقرها الكنيست بأغلبية 80 عضواً (المادة 1 (أ)). وتسري الشروط نفسها على قرار حكومي لا يأخذ شكل اتفاقية ويؤدي إلى النتيجة نفسها (المادة 1 (ب)). ويتطلب أي تعديل على هذا القانون الحصول على تأييد أغلبية أعضاء الكنيست (المادة 5).
(13) قانون أساس: ميزانية الدولة لسنة 2017 وسنة 2018 (تعليمات خاصة) (قانون موقت)
صادق الكنيست على هذا القانون في 18 تموز/يوليو 2017. وجاء لتمكين الحكومة من طرح ميزانية لسنتين بدلاً من ميزانية سنوية، كما يُلزم قانون أساس: اقتصاد الدولة. وجرت العادة بدءاً من سنة 2009 أن يتم تعديل قانون أساس: اقتصاد الدولة بواسطة قانون موقت («هورآت شعاه») كهذا وللغرض نفسه.7 ولمّا كانت هذه المرة الخامسة التي يعدَل فيها قانون أساس: اقتصاد الدولة بقانون موقت، فقد تم تقديم التماس طالب بإلغائه. لكن المحكمة العليا استجابت للالتماس جزئياً فأبقت على القانون، وضمّنت قرارها الصادر بتاريخ 6/9/2017 تحذيراً أنه في حال تكرار النهج نفسه، فستلغي قانوناً موقتاً يجيز طرح ميزانية لسنتين بدلاً من سنة واحدة، ذلك بأن التعديل «الموقت» يلغي نصاً ورد في قانون أساس، ويجب تنفيذ القانون الأساس بحذافيره وإلاّ – ويفضل الامتناع من ذلك – وجب أن يُجرى التعديل بعد نقاش عام ومستفيض وأن يكون تعديلاً دائماً.8 وقد لا يتكرر سن مثل هذا القانون، لكننا ذكرناه لإتمام الصورة المعرفية.
(14) قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي لسنة 20189
عُرض مشروع قانون: إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي لأول مرة سنة 2011 من رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) سابقاً وعضو الكنيست أفي ديختر. وصادقت اللجنة الوزارية للتشريع على مشروع القانون سنة 2017 وأُحيل على القراءة التمهيدية في الكنيست. بعدها أُحيل القانون على لجنة مشتركة مكونة من لجنة الكنيست ولجنة الدستور والقانون والقضاء لمناقشته. وبتاريخ 13 آذار/مارس 2018 صادقت اللجنة المشتركة على إحالة مشروع القانون على القراءة الأولى بأغلبية 9 أعضاء ومعارضة 7.10 وبعد مناقشة طويلة بدأت بتاريخ 18 تموز/يوليو واستمرت حتى فجر اليوم التالي، صادق الكنيست في القراءتين الثانية والثالثة على هذا القانون في 19 تموز/يوليو 2018 خلال دورته العشرين بأغلبية أعضائه (62 مؤيداً في مقابل 55 معارضاً). ويعلن القانون في «المبادئ الأساسية» أن «أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي وفيها قامت دولة إسرائيل» (المادة 1 (أ))، وأن «دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي» (المادة 1 (ب))، وأن «ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي» (المادة 1 (ج)). وبعد تأكيد «رموز الدولة» (اسمها، علمها، شعارها ونشيدها الوطني) التي تبرز يهوديتها (المادة 2)، يشدد القانون على أن «القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل» (المادة 3). ثم يأتي إلى تحديد اللغة مؤكداً ما يتم على أرض الواقع: أن «اللغة العبرية هي لغة الدولة» (المادة 4 (أ)). ويخفض القانون مكانة اللغة العربية من لغة رسمية كما نصت المادة 82 من المرسوم الملكي بشأن فلسطين الصادر بتاريخ 10 آب/أغسطس 1922،11 والتي حددت الثلاث لغات الإنكليزية والعربية والعبرية لغات رسمية، إلى لغة «لها مكانة خاصة في الدولة» تاركاً تنظيم استعمالها في المؤسسات الرسمية ومخاطبتها لتكون «بموجب القانون» (المادة 4 (ب)). وهذه ضبابية بنيوية في نص شحيح، تدعم خفض المكانة رسمياً ودستورياً وتعكس أصلاً الممارسة الفعلية في الواقع المعاش، قبل سن القانون. ويستمر القانون في تأكيد العلاقة الخاصة بين الدولة اليهودية القومية ويهود الشتات فيشدد على أنها مفتوحة أمام قدومهم (المادة 5)، وعلى أنها ملزمة «بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها، الذين تواجههم مشكلات بسبب كونهم يهوداً أو مواطنين في الدولة» (المادة 6 (أ)) و«تعمل على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي لدى يهود الشتات» (المادة 6 (ب)). ويتناول القانون «الاستيطان اليهودي» ويصرح: «تعتبر الدولة تطوير استيطان يهودي قيمة قومية، وتعمل من أجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته» (المادة 7). ويؤكد القانون أن التقويم الرسمي في الدولة هو التقويم العبري ويعطيه الصدارة مضيفاً أن التقويم الميلادي يعتبر، «إلى جانبه»، تقويماً رسمياً (المادة 8). وتشديداً على يهودية الدولة واستقلالها وإقصاء «النكبة» وما تعنيه لـ «غير اليهود» من مواطنيها، يحدد القانون يوم الاستقلال كعيد قومي رسمي للدولة و«يوم ذكرى الجنود الذين سقطوا في معارك إسرائيل ويوم ذكرى الكارثة والبطولة هما يوما الذكرى الرسميين للدولة» (المادة 9). كما يؤكد القانون ما ورد في قوانين عادية سبقته، أي أن «يوم السبت وأعياد الشعب اليهودي هي أيام العطلة الثابتة في الدولة» ويحق لغير اليهود أيام عطلة في أعيادهم (المادة 10). ولا يمكن تعديل هذا القانون إلاّ بواسطة قانون أساس يحصل على دعم أغلبية مطلقة من أعضاء الكنيست (المادة 11).
ب) مكانة قوانين الأساس في هرم التشريعات
من المعروف أن للدساتير المكتوبة مكانة تسمو على القوانين العادية في هرمية التشريعات، وينجم عن هذه المكانة عدم جواز تعديل الدستور أو إلغائه إلاّ بآخر من درجته. فإذا عدل قانون عادي مواد في الدستور أو ألغاها أو تعارض معها، فإنه يمكن الطعن في مشروعية القانون المعدِّل أو اللاغي لأحكام الدستور أو المتعارض معها أمام المحكمة المختصة. فهل تتمتع القوانين الأساسية في إسرائيل بمكانة أعلى من القوانين العادية في هرم التشريعات؟
تطورت مكانة قوانين الأساس في إسرائيل من حالة عدم الاعتراف بسموها إلى حالة الاعتراف بذلك السمو، وذلك بعد أن أقرت محكمة العدل العليا سنة 1993 في قضية «بنك همزراحي»12 بأن للكنيست صلاحية سن قوانين ذات مكانة دستورية. وبالتالي يمكن توضيح مكانة قوانين الأساس في إسرائيل من خلال التمييز بين الفترة التي سبقت الحكم في قضية «بنك همزراحي» وبين الفترة التي أعقبت هذا الحكم. من هنا، سيتم عرض هذا الموضوع في قسمين: يتناول الأول فترة عدم سمو قوانين الأساس، ويعالج الثاني فترة سموها.
(1) فترة عدم سمو قوانين الأساس
كان الرأي السائد في هذه الفترة أن قوانين الأساس التي لم يتم تحصينها، أي لم يدرج نص فيها يحدد طريقة تعديلها بأغلبية خاصة، لا تتمتع بمكانة أعلى من مكانة القوانين العادية. فمثلاً، قيد «قانون أساس: الكنيست» تعديل أربعة من بنوده بتوفر شروط معينة عند التصويت على التعديل في الكنيست. فالمادة 4 التي تحدد أن الكنيست يشكَّل عن طريق انتخابات عامة ومباشرة وسرية ووفق مبدأ المساواة وبحسب النظام النسبي تنص على أنه: «لا يعدل هذا البند إلاّ بأغلبية أعضاء الكنيست»، أي من 61 عضو كنيست. وتقرر المادة 9/أ أنه لا يمكن إطالة مدة ولاية الكنيست المحددة بأربعة أعوام في المادة 8 إلاّ بأغلبية 80 عضو كنيست. أمّا المادة 44 فتحظر تغيير «قانون أساس: الكنيست» بواسطة أنظمة الطوارئ، وتنص المادة 45 على أنه: «لا يمكن تغيير المادة 44 أو المادة 45 إلاّ بأغلبية 80 عضو كنيست.» كما نصت المادة 56 من «قانون أساس: الحكومة» في صيغته الصادرة سنة 1992 على أنه: «لا يمكن تغيير هذا التشريع إلاّ بأغلبية أعضاء الكنيست»، أي من 61 عضواً. هذا وفي سلسلة من الأحكام القضائية، تقرر أن قانوناً مخلاً بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 4 من «قانون أساس: الكنيست»، والذي لا يتم إقراره في الكنيست بالأغلبية اللازمة، هو قانون ملغى.13
أمّا قوانين الأساس التي لا يتطلب تعديلها أغلبية خاصة، فلم تنل مكانة مميزة في هرم التشريعات. فقد قررت محكمة العدل العليا14 أنه على الرغم من أن المادة 21 في قانون المعايير لسنة 1953 تناقض المادة 31/د في «قانون أساس: الحكومة»، الذي لم يكن تغييره يتطلب أغلبية خاصة، فإنها لا تُعتبر ملغاة. وقد قال القاضي برنزون في هذا الحكم: «كون قانون المعايير محدداً وخاصاً، وكون ‹قانون أساس: الحكومة› قانوناً عاماً، يُعطى قانون المعايير أفضلية بسبب التحديد الذي فيه.»
ولا يقف الأمر عند إمكان تعارض قانون عادي مع قوانين الأساس فقط، بل يمتد أيضاً إلى إمكان أن يغير قانون عادي قوانين أساس. ففي قرار لمحكمة العدل العليا15 ورد: «لا يوجد أي دليل على أنه من غير الممكن تعديل قانون أساس إلاّ بواسطة قانون أساس، فالفارق بين الاثنين هو فارق لغوي بحت.» لهذا، لا توجد أي أفضلية قانونية لقوانين أساس على قوانين عادية إلاّ إذا كان قانون الأساس حصيناً. فالعلاقة بين قانون أساس وقانون عادي هي العلاقة نفسها بين قانونين عاديين. وعندما يتناقض قانون أساس غير حصين مع قانون عادي، يتم فحص أي القانونين أحدث، وأيضاً يتم فحص أي القانونين خاص وأيهما عام. وبحسب ذلك، فالقانون الأحدث هو الذي يفوق القانون الأقدم، والقانون الخاص هو الذي يفوق القانون العام. وتغير هذا المفهوم لقوانين الأساس مع إصدار الحكم القضائي بشأن «بنك همزراحي»، كما سنرى في القسم التالي.
تحوّل قرار المحكمة في قضية «بنك همزراحي» إلى سابقة في القانون الإسرائيلي تفيد بأن أي قانون أساس يكون غير قابل للتغيير إلاّ بواسطة قانون أساس آخر. فمحكمة العدل العليا اختارت بين معيارين: الأول، تعريف رسمي يأخذ بعين الاعتبار اسم القانون، والثاني، تعريف يأخذ في الحسبان جوهر القانون. وطرح المعيار الثاني السؤال التالي: هل مضمون القانون هو مضمون دستوري أم لا؟
يقول القاضي أهرون براك في قضية «بنك همزراحي» ما يلي: «لا يمكن تغيير قانون أساس إلاّ بواسطة قانون أساس.» ويضيف قائلاً: «أنا على علم بأنه في الماضي عُدلت قوانين أساس بواسطة قوانين عادية، ولا أطلب أن أنتقص من مكانة هذه التعديلات، التي صُدقت بواسطة أحكام صادرة عن هذه المحكمة. لذلك فالتعديلات السابقة تحافظ على مكانتها، لكن من الآن فصاعداً، لن يتم تعديل قانون أساس إلاّ بواسطة قانون أساس.»16 وقال الرئيس شمغار هو الآخر: «من الآن فصاعداً، من الأصح أن نتبنّى سياسة سلم التشريعات فيما يخص قوانين الأساس. وبحسب هذا السلم من غير الممكن تغيير قانون أساس إلاّ بواسطة قانون أساس.»17 هذه الآراء تسري على تغيير القوانين، إلاّ إنها لا تسري على الانحراف عن أحكام القانون، والفارق بين تغيير القانون بواسطة قانون، والانحراف عن أحكام القانون غير واضح.18 ومن هنا، نرى مدى أهمية قرار الحكم في قضية «بنك همرزاحي»، من ناحية الثورة الدستورية وبلورة نظام الحكم الدستوري في إسرائيل.
ج) المبدأ الدستوري: «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية»
تبين وثيقة إعلان إقامة الدولة أن إسرائيل دولة يهودية مفتوحة لليهود المقيمين بها، وبأي مكان آخر في العالم. وتم تجسيد هذا المبدأ في قانون العودة لسنة 1950، وفي قانون الجنسية لسنة 1952. فقد منح قانون العودة كل يهودي في العالم الحق في المجيء إلى إسرائيل، والاستقرار فيها والعمل والتملك فيها، وخُصِّص لكل وافد جديد مساعدات وتسهيلات تمكنه من الإقامة والتأقلم في البلد. كما تضمّن قانون الجنسية شروطاً ميسرة من أجل منح الجنسية الإسرائيلية لليهود الراغبين في الهجرة إلى إسرائيل.19 وتضمنت وثيقة إعلان إقامة الدولة أيضاً كثيراً من القيم التي تشكل، عادة، دعائم الديمقراطية، كالمساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية بين جميع المواطنين، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، وكضمان حرية الدين والضمير واللغة والتعليم والثقافة، إضافة إلى تبنّي المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة. وفي أوائل التسعينيات، تم دمج المبدأين: الدولة «اليهودية» والدولة «الديمقراطية» في مبدأ واحد: «دولة إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية»، ليتم العمل به في آن واحد، وذلك في «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته» (المادة 1/أ)، و«قانون أساس: حرية العمل» (المادة 2).
المصطلحان في مبدأ «دولة يهودية وديمقراطية» متناقضان. فإذا تم تفسير مصطلح «دولة يهودية» على أساس أن إسرائيل هي دولة دين يهودي، فستظهر مشكلة جدية فيما يتعلق بحقوق مَن هم من غير اليهود، لأن اليهودية تقوم بالتفريق بين أتباعها وسائر الشعوب.20 ويتعلق الأمر الأساسي بكيفية تفسير علاقة الدين بالدولة. فإذا تم تفسير مصطلح «دولة يهودية» كدولة صهيونية، يمكن أن يتكوّن تمييز ضد الأقليات غير اليهودية، وتحديداً الأقلية العربية. إذ إن هنالك تناقضاً غير قابل للجسر بين الصهيونية والمساواة.21 وحتى إذا أخذنا الصهيونية المقلصة إلى أدنى الحدود، فهي أيضاً، بدورها، تدعم قانون العودة وهو قانون يميز قومياً.
ومصطلح «ديمقراطية» غامض وقابل للتأويل بطرق متعددة، لكن ثمة مبدأً لا يمكن من دونه الحديث عن الديمقراطية، وهو مبدأ المساواة،22 إذ إنه يقف في مركز الآلية الديمقراطية.23 وبالإضافة إلى ذلك، ففي الديمقراطية لا يتم الاهتمام بحقوق الأكثرية فقط، بل أيضاً بأخذ حقوق الأقلية بعين الاعتبار.24 وإلاّ تكون هذه الديمقراطية أبارتهايداً (نظام الفصل العنصري، كما كانت الحال في جنوب أفريقيا قبل سنة 1994).
التناقض الموجود بين مصطلحي «يهودية» و«ديمقراطية» يدعو إلى التساؤل: كيف يُفسر مبدأ «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية» كي يُعمل بالمصطلحين في آن واحد من دون انتهاك لحقوق الإنسان، وبالتالي لمبدأ الديمقراطية؟ يعرض كل من «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته»، و«قانون أساس: حرية العمل» قاعدة متطابقة للتوفيق بين المصطلحين. وتتمثل هذه القاعدة في أن كلا القانونين يتضمن أحكاماً تسمح بتقييد الحقوق والمبادئ المدرجة فيهما، أو بعبارات أُخرى، بانتهاك هذه الحقوق والمبادئ، إذا توفرت شروط معينة. فقد نصت المادة 4 من «قانون أساس: حرية العمل» على التالي: «يمنع انتهاك الحقوق المنصوص عليها في قانون الأساس هذا، إلاّ بواسطة قانون ملائم لقيم دولة إسرائيل، والذي يبغي نيل هدف نبيل، وبدرجة غير مبالغ فيها، أو بحسب تخويل مفصل لقانون كالمذكور أعلاه.» أمّا المادة 8 من «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته»، فتضمنت النص ذاته ما عدا الجملة الخاصة بالتخويل. إذاً، كيف استفاد كل من الفقه والقضاء من هذا النص من أجل التوفيق بين مصطلحي الديمقراطية واليهودية؟
(1) موقف الفقه من تفسير المبدأ
يعتبر الفقه أن القانونين الأساسيَّين المتعلقين بحقوق الإنسان وضعا شروطاً متراكمة، على المشرِّع تحقيقها كلها إن كان يريد مس الحقوق الواردة فيهما. فإنْ لم يحقق أي شرط منها، مُنع من مس أي حق من الحقوق المحمية. وإذا صدر عنه تشريع لا يتوافق والمذكور أعلاه، فلمحكمة العدل العليا الصلاحية الكاملة في إعلان أن هذا التشريع ملغى. والشروط المتوجب على المشرع أن يحققها من أجل أن يملك الصلاحية القانونية الدستورية لمس الحقوق المحمية هي: 1) أن يتم الانتهاك في قانون ملائم لقيم دولة إسرائيل؛ 2) أن يكون هدف القانون نبيلاً؛ 3) ألاّ يكون الانتهاك مبالغاً فيه. فإذا انتهك قانون حقوقاً أساسية من دون أن يحقق أحد هذه الشروط، يُعتبر ملغياً.25 ومن الممكن أن يتم تقييد الحقوق أيضاً في تشريعات ثانوية، لكن في هذه الحالة يجب أن يكون تخويل صلاحية القيام بهذا الانتهاك مفصلاً، وأن يجيب على الشروط التي سبق ذكرها.
والمطلع على فحوى هذين القانونين يعتقد، أول وهلة، أنهما منسجمان مع روح المعاهدات الدولية والدساتير الديمقراطية. كذلك تقوم المراجع القانونية بهذا التشبيه، وخصوصاً بالوثيقة الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات في كندا. لكن، في فقرة التقييد الواردة في القانونين، هنالك شروطاً خاصة لا تظهر في الإعلانات والمواثيق العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا في الدساتير الديمقراطية، ولا حتى في وثيقة الحقوق والحريات الكندية التي أُدعي أن هذه الشروط مأخوذة عنها. فبحسب النصين المتضمنين في هذين القانونين، يمكن تقييد الحقوق الأساسية إذا تلاءم التقييد مع «قيم دولة إسرائيل». وتفسير هذه القيم لن يحيد بكل الأحوال عن القيم والأهداف التي وُجِد القانونان من أجل تطبيقها، وتم النص عليها في موادهما، سواء بصورة عامة في النص الذي فحواه أن حقوق الإنسان في إسرائيل تعترف بقيمة الإنسان وقدسية حياته وحريته، وأن هذه القيم سيتم احترامها من خلال المبادئ المتضمنة في وثيقة إعلان إقامة الدولة،26 أو بشكل أكثر تخصيصاً في النص الذي يربط الهدف من احترام الحقوق في القانونين بإرساء قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.27 إذ من الممكن أن ينتج من تطبيق هذه الشروط وضع فيه تمييز ضد الفلسطينيين. ففي تعريف القيم بهذه الطريقة يوجد انتهاك لوحدة الجنس البشري وعالمية حقوق الإنسان،28 لأن هذه الحقوق هي حقوق الإنسان اليهودي لا حقوق الإنسان بصورة عامة، أو على الأقل ليست حقوق جميع مواطني الدولة. في هذا الشأن، من الممكن اقتباس كلمات عضو الكنيست شولاميت ألوني، وبها تحفظت من الصفة اليهودية للدولة التي حُددت في المادة 1 من «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته»، إذ قالت: «لا يوجد مكان في العالم تقيد فيه حريات موجودة في معاهدات أو إعلان أو قانون أو دستور بسبب انتماء قومي أو عرقي. وفي هذه الأيام نشهد تمييزاً في القانون كما في الممارسات، تمييزاً بين إنسان وآخر، نحن نشهد وحشية الحكومة ضد المواطنين العرب.»29
(2) موقف القضاء من تفسير المبدأ
القضاء الإسرائيلي حافل بالقرارات التي تطبق مبدأ «الدولة اليهودية»، كقضية «بوركان».30 ففي هذه القضية قررت المحكمة تفضيل القيم اليهودية المتمثلة في إعادة الحي اليهودي كما كان قبل سنة 1948، على مبدأ عدم التمييز العنصري، عندما أيدت رفض شركة لإعادة تطوير الحي اليهودي في البلدة القديمة في القدس الطلب الذي قدمه لها بوركان (وهو عربي مسلم من سكان القدس) للحصول على بيت في مشروع تأجير طويل الأمد تقوم به الشركة، وذلك على أساس أن التأجير طويل الأمد خُصص لليهود فقط. وهناك قضية «وتد» التي تمحورت حول تخصيص موارد لليهود المتدينين الذين يدرسون في مؤسسات دينية، في حين أن المؤسسات الخاصة بالمسيحيين والمسلمين والدروز لا توجد لديها مثل هذه المخصصات.31
والسؤال الذي طرح نفسه بعد تبنّي مصطلح «دولة يهودية وديمقراطية» في قوانين الأساس التي تتعلق بالحقوق والحريات هو: كيف يوفق القضاء بين «اليهودية» و«الديمقراطية» في أحكامه؟
في قضايا حقوق الإنسان في إسرائيل، وبعد التأكد من أن للفرد حقاً تم انتهاكه، على القاضي أن يبحث عن التوازن بين الحقوق.32 ففي حالة التناقض فيما بينها، يقوم القاضي بفحص الآتي: إن كانت للحقوق مكانة قانونية متطابقة، يوازن القاضي بين هذه الحقوق مع محاولة تطبيق كلا الحقين المتنازعين. وإذا لم يستطع أن يجد هذا التوازن، عليه أن يقوم بتنازلات متبادلة في الحقوق. وفي حالة وجود حقين لا يتمتعان بالمكانة القانونية ذاتها، يقوم القاضي بمحاولة تطبيق الحقين، وإذا لم يستطع فعل ذلك، يعطي الحق ذا المكانة القانونية الأعلى الأولوية.33 وفي عملية موازنة المصالح، على القاضي أن يأخذ في الحسبان قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، فكيف يتم تفسير هذه القيم، علماً بأن عملية التفسير يمكن أن تحدث تمييزاً ضد مَن هم من غير اليهود؟
من المتفق عليه في القانون الإسرائيلي أن يتم استعمال طريقة التفسير المسماة «التفسير بحسب الغاية»،34 لا التفسير الكلامي البسيط والظاهر للعين، وإنما ذاك التفسير الذي يحاول إيجاد قصد المشرِّع كي يجد التفسير الصحيح والأكثر دقة للقانون الأساسي المتعلق بحقوق الإنسان. لكن إن وجد إجماع على طريقة التفسير (البحث عن الغاية)، فهنالك اختلاف بشأن الغاية ذاتها. على سبيل المثال، يقول القاضي أهرون براك إن غاية «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته» هي الحفاظ على كرامة الإنسان وحريته،35 وإن المادة المتعلقة بالهدف في القانون تدل على ذلك. وهي ليست غاية موقتة، أو وسيلة فحسب، وإنما غاية مركزية وأساسية. وبالتالي لا يعتقد القاضي براك أنه من الصحيح القول إن قانون الأساس هذا أعطى قيم دولة إسرائيل مكانة عليا، وبالتأكيد أنه لم يعطِ تلك القيم التي لا تتعلق بكرامة الإنسان وحريته مثل تلك المكانة. وجدير بالذكر أن ثمة مَن يعتقد، خلافاً لبراك، أن هدف «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته» هو «صوغ وترسيخ قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية»،36 وأن كرامة الإنسان وحريته هما وسيلة فقط لمثل هذا الترسيخ.
ويصرح القاضي براك أن «القيم اليهودية التي نتحدث عنها موجودة في محور التجربة العالمية، الذي يلائم طابع الدولة الديمقراطي. لذلك، بحسب هذه النظرية، لا مكان لربط قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية بالقانون الديني اليهودي. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن في إسرائيل أقلية غير يهودية كبيرة، وفعلاً أن قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية هي القيم العالمية نفسها المشتركة لجميع بني البشر والتي نمت من التقليد والتاريخ اليهوديين.»37 وفي الإمكان الاستنتاج من أقوال القاضي براك أنه يجب تفسير مصطلح «دولة يهودية» على أسس عالمية، لأن من الواجب أخذ بقية السكان الذين يعيشون في الدولة من غير اليهود بعين الاعتبار. فإذا أعطيت القيم اليهودية للدولة أفضلية مقارنة بكرامة الإنسان، فإن مثل هذا الفهم يناقض مفاهيم حقوق الإنسان التي تدّعي أن يكون الإنسان مركز النظام، والقانون ليس إلاّ وسيلة لتحقيق هدف المشرِّع.38
لكن في فترة متأخرة، تراجع القاضي براك عن موقفه هذا. ففي كتابه «تفسير قانوني»39 كتب أنه يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار القيم المشتركة للديمقراطية وللتاريخ والتقاليد اليهودية، كما شدد على التناغم والمزج فيما بين هذه القيم. وفي هذه الكلمات نجد تفسيراً آخر للعلاقة بين اليهودية والديمقراطية، والذي يحد أيضاً من العالمية.
من الواضح أنه يوجد اختلاف في الآراء بشأن الأهمية المعطاة للقيمة اليهودية والقيمة الديمقراطية؛ فهناك مَن يعتقد أن القيمة اليهودية تتغلب على القيمة الديمقراطية،40 وهناك مَن يعتقد أن ليس من الضروري أن تتصادم هاتان القيمتان. وفي حالة التصادم يجب، كما قال القاضي مناحم إلون، المحافظة على التمثيل الملائم للقيمتين ومحاولة التوصل إلى الجمع بينهما، لكن إذا تعذر التوصل إلى هذا المزيج، يجب تفضيل يهودية الدولة على ديمقراطيتها. ففي الإماتة الرحيمة، على سبيل المثال، يجب التدقيق في أصول الأنظمة الديمقراطية، وأيضاً في نظام القانون العبري، فإذا لم يتم العثور على أي دولة تكون شرائعها مطابقة للقانون العبري وتعتمد «المزج بين القيمتين» (اليهودية والديمقراطية)، يتوجب علينا أن نفسر قيمة الدولة الديمقراطية بحسب قيمة الدولة اليهودية.41
ومما سبق يقتضي أن يتحول عمل القاضي إلى بحث أكاديمي من أجل إثبات وجود دول ديمقراطية تسير على النحو الذي يمليه الدين اليهودي. وإذا لم يتم إيجاد مثل هذه الدول، فالأمر سيان. وفي هذا النهج النتيجة معروفة سلفاً، وعلى القاضي فقط أن يبحث عن إسناد في أنظمة أُخرى. وبالإضافة إلى ذلك فإن في نهج القاضي مناحم إلون تجاهلاً لبقية الأديان. ففي الحكم القضائي يعل شيفر،42 والذي يسمح بالإماتة الرحيمة، يفحص القاضي مناحم إلون أصول القانون العبري ويستنتج أنه يسمح بذلك. هذا الحكم يقوي التوجه الذي يهدف إلى تفضيل القيم اليهودية على القيم المشتركة لمواطني الدولة، وهو أخطر من بقية الأحكام السابقة لأنه يغض الطرف عن نتائج الحكم على غير اليهود في دولة إسرائيل. ويبدو أنه بدلاً من التوصل إلى تسوية43 ترضي جميع الأطراف عرباً ويهوداً، فإن «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته» هو عبارة عن تسوية بين اليهود المتدينين واليهود العلمانيين من دون ضم العرب في إسرائيل إلى هذا التجمع. لكن هذه تسوية لم تمنع استمرار الأحزاب اليهودية اليمينية والدينية في دفع عجلة التشريع في الكنيست الإسرائيلي نحو ضمان تغليب الصبغة اليهودية للدولة على الصبغة الديمقراطية وولادة مبدأ دستوري جديد في إسرائيل يعبّر عن ذلك.
د) المبدأ الدستوري الجديد: «إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي»
حتى تموز/يوليو 2018 كان المبدأ الدستوري «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية» هو السائد. وكما رأينا، كان هناك تساؤل مستمر عن ماهية هذا المبدأ ومحاولات متعددة للتوفيق بين قيمتين غير متجانستين يحتويهما وتمثلان بعدين فلسفيين مختلفين في مصدر نشأتهما وتبلورهما. ففي حين تشد الأولى نحو انغلاق ضمن مجموعة دينية/قومية محددة وحصر الانتماء إلى الدولة عليها، مع ميل إلى الخضوع لقيم دينية («حكم الدين»)، تشد القيمة الثانية نحو انفتاح وإعطاء الشعب بمجموعاته الإثنية المتنوعة حقوقاً متساوية («حكم الشعب»). وعلى الرغم من محاولات التوفيق المستمرة بين القيمتين من أكاديميين وقضاة، وإظهار إسرائيل كدولة توازن بين يهوديتها وديمقراطيتها، فإن التساؤل أي مِن القيمتين هي الغالبة، «يهودية» أم «ديمقراطية»، زاد حدة مع مرور الوقت. وبرز ادعاء قوي من جانب المواطنين العرب أن إسرائيل «دولة ديمقراطية تجاه اليهود» فقط، وأن التمييز القومي ضدهم مستمر ويتفاقم مع مرور الوقت، ويتم بواسطة قوانين تسنها وسياسات تتبناها وتطبقها الدولة على أرض الواقع وطالت حقوقهم الأساسية. وعلى سبيل المثال، المساس بحقهم في التعبير عن الرأي كأقلية أصلانية – إذ مُنعوا من إحياء «يوم النكبة» وفُرضت «عقوبات مالية» على الهيئات الممولة من ميزانية الدولة إذا لم تخضع لذلك.44 وكذلك المساس بحقهم في المسكن، إذ جرى هدم قرى «غير معترف بها» في النقب بكاملها، كقرية العراقيب، وتم تعديل قانون التنظيم والبناء سنة 2017، وخصوصاً الجزء المتعلق بالعقوبات المفروضة على الأبنية التي بنيت من دون ترخيص، فزادت العقوبات المفروضة شدة وصرامة، وأصبح في الإمكان فرض غرامات مالية إدارية من دون حاجة إلى فتح إجراء جنائي ومحاكمة.45
وفيما يلي تفصيل نقدي لمبادئ هذه القانون والمواقف منها:
(1) أرض إسرائيل «وطن تاريخي للشعب اليهودي» ودولة إسرائيل «دولته القومية»
وجاء قانون أساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي ليزيل أي شك في أن الدولة، في تعريفها لنفسها، تعطي القيمة اليهودية الأفضلية على القيمة الديمقراطية. ويبدو ذلك واضحاً من اسم القانون ومن نصوصه وأبرزها المادة الأولى منه وعنوانها «المبادئ الأساسية». وإذا كان الحديث قبل سن هذا القانون عن قوانين متفرقة وعن سياسات وممارسات سلطوية على أرض الواقع وظّفت للتمييز ضد المواطنين العرب في الداخل، ولإقصائهم عن الثروات العامة والاستفادة منها، وعن احتلال ألغى وهمش الحقوق الأساسية جميعها في المناطق المحتلة سنة 1967، وتطلب إثبات ذلك جهداً غير قليل بلفت النظر إلى نصوص قانونية متعددة وإلى تطبيقات فعلية على أرض الواقع،46 فقد أعلن هذا القانون مباشرة وعلى الملأ ولادة مبدأ دستوري جديد أن «أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل»، وأنها ليست دولة جميع مواطنيها، بل هي «دولة قومية للشعب اليهودي وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير.» وتُعدّ «ممارسة حق تقرير المصير فيها حصرية للشعب اليهودي» (المادة 1). إذاً، نحن أمام مبدأ دستوري جديد يحصر الحق في فلسطين التاريخية («أرض إسرائيل») في «شعب إسرائيل» ويقصر حق تقرير المصير في «دولة إسرائيل» على «الشعب اليهودي» فقط. ويُبرز هذا القانون من خلال سائر مواده السعي الإسرائيلي لتهويد فلسطين في جميع المجالات: أكد «رموز الدولة» (اسمها، علمها، شعارها، نشيدها الوطني) التي تمثل وتبرز يهوديتها (المادة 2)؛ حدد اللغة العبرية لغة رسمية وحيدة (المادة 4) ؛ أكد فتح الدولة أمام يهود الشتات (المادة 5)؛ جعل من الاستيطان اليهودي قيمة قومية (المادة 7). وتشديداً على يهودية الدولة واستقلالها وإقصاء «النكبة» وما تعنيه لـ «غير اليهود» من مواطنيها، يحدد القانون يوم الاستقلال كعيد قومي رسمي للدولة و«يوم ذكرى الجنود الذين سقطوا في معارك إسرائيل ويوم ذكرى الكارثة والبطولة هما يوما الذكرى الرسميين للدولة» (المادة 9). إنه إقصاء تام وشامل لكل مَن ليس يهودياً سواء أكان مواطناً في «دولة إسرائيل» أم مقيماً دائماً، أم قاطناً في أجزاء أُخرى من فلسطين التاريخية/«أرض إسرائيل».
وقد ساد في أوساط المبادرين إلى القانون والمؤيدين له شعور بالانتصار العارم بإعلان إسرائيل دولة يهودية فقط تعود إلى الشعب اليهودي فقط. بل إن المبادر الأول إلى القانون، عضو الكنيست ورئيس سابق للشاباك، أفي ديختر، قال في خطابه قبيل التصويت والمصادقة على «قانون أساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي»: «.... إسرائيل لم تكن يوماً وليست دولة ثنائية اللغة.... نحن نشرع اليوم قانون الأساس المهم هذا ونمرره في الكنيست كي نمنع أي فكرة أو أي محاولة لقلب إسرائيل دولة جميع مواطنيها. نُبقي في وعي المفهوم بحد ذاته وفي كتاب قوانين الأساس أيضاً (إسرائيل) الدولة القومية للشعب اليهودي.»47 (التشديد ليس في الأصل أ.ح.). أمّا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو فقال في خطابه قبل التصويت على القانون: «هذه لحظة مؤسِّسة في تاريخ الصهيونية ودولة إسرائيل. 122 عاماً بعد نشر هيرتسل لرؤياه، حددنا بقانونٍ المبدأ الأساس لوجودنا. إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي.... عندما أتحدث في العالم، أعود فأقول إن هذه دولتنا، دولة اليهود. في السنوات الأخيرة هناك مَن يحاول الاعتراض على ذلك.... على أسس وجودنا. لهذا شرّعنا اليوم بقانون بأن هذا نشيدنا وهذه لغتنا وهذا علمنا. عاشت دولة إسرائيل.»48
وتجدر الإشارة إلى أن المبادرين والمؤيدين للقانون في مناقشة مشروع القانون في اللجنة، رفضوا أن يتضمن مادة تشير إلى كون إسرائيل دولة «يهودية وديمقراطية» من خلال الإشارة إلى «وثيقة الاستقلال» التي ذكرت إلى جانب إقامة الشعب اليهودي لدولته، التزاماً بالحفاظ على مبدأ المساواة ومنع التمييز على أساس الانتماء الديني والعرقي والجنسي. وتم شطب مادة تضمنها مشروع القانون قبيل طرحه على الكنيست للقراءة الأولى وجاء فيها أن أحد أهداف قانون الأساس تضمينه «قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بروح المبادئ التي وردت في إعلان قيام دولة إسرائيل.»49 وهكذا استبُعدت نهائياً الإشارة إلى «مبدأ المساواة» وإلى «الديمقراطية» من نطاق قانون القومية.
(2) إقصاء «غير اليهود» خارج «الوطن التاريخي» و«الدولة القومية»
اعتبر أعضاء الكنيست العرب الممثلون في القائمة المشتركة، القانون عنصرياً ويؤسس للفصل العنصري، وفور انتهاء التصويت وإقرار القانون، لوح أحدهم بعلم أسود ومزق آخرون مسودة القانون.50 وشجبت مؤسسات حقوق الإنسان القانون الجديد، وعبّر عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، عن موقفه بأن «هذا القانون محاولة لتكريس التفوق العرقي من خلال الترويج لسياسات العنصرية.»51 في حين وصفه قياديون من عرب 48 بأنه يمثل نوعاً من الفصل العنصري، في إشارة منهم إلى التمييز العنصري الذي تعرضت له الأغلبية السوداء خلال حكم الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا.52 ولقد ولَّدت المعارضة الشديدة التي أبداها القياديون والمواطنون العرب في إسرائيل لقانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي نشاطات احتجاجية متعددة شملت تظاهرات في البلدات والقرى العربية وتظاهرة قطرية اشترك فيها عشرات الآلاف في وسط مدينة تل أبيب بتاريخ 12 آب/أغسطس 2018.53 وسبق ذلك تظاهرة أقيمت في الرابع من الشهر نفسه، بادر إليها ناشطون دروز ومعارضون يهود تحت شعار «المسيرة من أجل المساواة» شارك فيها عشرات آلاف المتظاهرين أيضاً.54 وتوّج هذه الفعاليات المناهِضة لقانون القومية إعلان إضراب عام بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018 شمل أراضي فلسطين التاريخية بأكملها وفي الشتات، دعت إليه الفصائل الفلسطينية ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل (فيما يلي: «لجنة المتابعة»).55 وقد جاء على لسان لجنة المتابعة ما يلي: «في تموز[يوليو] 2018 أقرّ الكنيست قانون دستوري(!): قانون القومية– قانون الأبارتهايد الإسرائيلي الذي يحاول أن يقذف بشعبنا خارج الجغرافيا وخارج التاريخ وخارج المستقبل وخارج الحقوق. حقوقنا في وطننا ليست منة من أحد إنما هي مشتقة من أننا أصحاب البلاد ولنا فيها ماضٍ وحاضر ومستقبل.»56
(3) فقهاء وساسة يهود ضد المبدأ الجديد
وقد واجه مشروع قانون أساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي والقانون بعد سنّه معارضة وانتقاداً شديدين لا من سياسيين وأكاديميين وناشطين عرب فقط، بل من سياسيين وأكاديميين يهود أيضاً، معللين ذلك أن القانون يلغي التوازن بين صبغة الدولة اليهودية وصبغتها الديمقراطية، ولا يشير إلى حقوق الإنسان الأساسية غير المذكورة مباشرة في قوانين الأساس الأُخرى، كحرية التعبير وحرية الدين ومبدأ المساواة.57 وحدد البروفسور مردخاي كرمنيتسر والدكتور عمير فوكس من المركز الإسرائيلي للديمقراطية، في رأي قانوني وجّهاه إلى أعضاء الكنيست، قبيل طرح مشروع القانون أمام الكنيست لمناقشته في القراءة الأولى، أن «النقطة الأكثر إشكالية في اقتراح القانون هي أنه يرفع إلى درجة دستورية عليا هوية الدولة كدولة يهودية ويحصّنها، من دون أن يشمل في ذلك هويتها الديمقراطية ومبدأ المساواة وبالمكانة نفسها.»58 وأكدا واجب إسرائيل بإنصاف مواطنيها العرب: «لأن في تعريف الدولة لنفسها كيهودية إقصاء لـ (غير اليهود) – الذين لا يستطيعون الانتماء إلى القومية اليهودية– على الدولة واجب مضاعف بمعاملة الأقليات التي بداخلها بإنصاف ومساواة.»59 كما حذر كرمنيتسر وفوكس من أن سن قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي بعد قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، يخلق أساساً للطعن بأنه يتغلب عليه.60 وأضافا أن سن القانون سيمنع أو يصعِّب عمل المحاكم في الحفاظ على حقوق الإنسان وإيجاد التوازنات بينها، إذ قد تُتهم بأنها تتصرف ضد الدستور.61
وحتى من أولئك الذين يرون في إسرائيل وطناً قومياً لليهود مَن عبّر عن رأيه في أن لا حاجة إلى قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي لتأكيد أن إسرائيل وطن لليهود ويعطي أعداء إسرائيل سلاحاً لمهاجمتها وإظهارها كدولة عنصرية. فرئيس الدولة رؤوبين ريفلين انتقد مشروع القانون سنة 2014 قائلاً : «ألا يثير ترويج هذا الاقتراح في واقع الحال شكوكاً في نجاح المشروع الصهيوني الذي يحق لنا جميعاً العيش في كنفه؟ ألا يشجع هذا الاقتراح فعلياً على البحث عن تناقض بين الطابع اليهودي لدولة إسرائيل وطابعها الديمقراطي؟ وبهذا ألا يُستَغل مشروع القانون من أولئك الراغبين في تدميرنا؟»62 كذلك انتقد وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي السابق موشيه أرنس مشروع القانون سنة 2014 واعتبره ضاراً ولا داعي له.63 وعاد فكرر موقفه هذا بعد سن القانون سنة 2018 مؤكداً تخوفه من الخطر الكامن في هذا القانون الذي يمس بالجمهور العربي في إسرائيل ويمنع اندماجه في الدولة.64
(4) موقف الأمم المتحدة من القانون
بعد أن أصبح قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي حقيقة دستورية ناجزة، تقدمت لجنة المتابعة، من خلال عضو الكنيست يوسف جبارين، بشكوى للأمم المتحدة من خلال المقرر الخاص لشؤون الأقليات القومية فيرديناند دي فارينيس من جهة، وتقدمت مع أعضاء الكنيست العرب، من خلال مركز عدالة، بالتماس لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، هاجمت فيه دستورية القانون وطالبت بإلغائه، من جهة أُخرى. ورداً على شكوى المتابعة، قام أربعة مقررين خاصين وهم: المقرر الخاص لشؤون الأقليات القومية فيرديناند دي فارينيس، والمقرر للحقوق الثقافية كريمة بنون، والمقرر الخاص لشؤون العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب، تندايي أشومي، بالاضافة إلى المقرر الخاص لشؤون حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، مايكل لينك، بتوقيع رسالة وجهوها إلى حكومة إسرائيل عبروا فيها عن بالغ قلقهم وتخوفهم من مضامين «قانون القومية»، ومن «خرق إسرائيل عبر سن قانون القومية التزامها بالمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية، والمعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تنص على حق جميع الشعوب بتقرير المصير.»65 كما عبّر المقررون الأربعة عن خشيتهم من أن يؤدي القانون إلى «تعزيز فوقية اليهود في إسرائيل على المواطنين غير اليهود، وخصوصاً مَن ينتمون إلى مجموعات إثنية وعرقية ودينية أُخرى، ويخلق أرضية خصبة، قانونياً وسياسياً، لتشريع مزيد من القوانين العنصرية والتمييزية، التي تتناقض مع التزامات إسرائيل الدولية في مجال حقوق الإنسان.»66
(5) في انتظار موقف القضاء من المبدأ الدستوري الجديد
بتاريخ 7/8/2018، قامت لجنة المتابعة، والقائمة المشتركة، ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية، ومركز عدالة، بتقديم التماس يطالبون فيه المحكمة العليا الإسرائيلية، بصفتها محكمة عدل عليا، «التدخل وإبطال قانون الأساس، كونه قانوناً عنصرياً ويمس بشكل كبير بحقوق الإنسان، ومخالفاً للمواثيق الدولية، خاصة تلك التي تنص على منع التشريعات التي تؤدي إلى نظام عنصري. كذلك، وعلى خلاف ما جاء في إعلان الأمم المتحدة، يلغي قانون القومية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وبفرضه على القدس المحتلة والجولان السوري يخالف القانون الدولي الإنساني الذي يسري مفعوله في الأراضي المحتلة.»67 كما ورد في الالتماس، بعد مراجعة دساتير دول عديدة أنه «لا يوجد دستور واحد حول العالم لا يشمل بنداً ينص على المساواة بين جميع مواطنيها وسكانها.»68 أمّا بشأن الحقوق الجماعية للمواطنين العرب في إسرائيل ومكانة لغتهم العربية، فقد أكد الملتمسون أن «قانون القومية، وبشكل مخالف للقانون الدولي، لا يعترف بأي حق جماعي للعرب كأقلية قومية، مقابل الاعتراف بعدد كبير من الحقوق الجماعية الحصرية لليهود، كما لو أن اليهود أقلية في الدولة ويحتاجون لحماية خاصة. بالإضافة لذلك، فإن هذا القانون ينتقص من مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، وبالتالي يسعى إلى الإعلان لأول مرة أن اللغة العربية لن تكون لغة رسمية في البلاد.»69 ويتطرق الملتمسون إلى البند السابع من قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي الذي جعل من تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، فيشيرون إلى أن «دولة إسرائيل تحولت بعد سن قانون القومية بشكل رسمي لجسم صهيوني ينافس صندوق أراضي إسرائيل، إذ تعلن بشكل واضح في دستورها أنها موجودة فقط لخدمة مصالح اليهود.» ويعتبر هذا البند أن «المواطنين العرب في الحيز العام هم (الآخر)، ولذلك سيتم التمييز ضدهم في عدة مجالات، مثل الأرض والمسكن والميزانيات والهبات المادية والتخطيط.»70
ولم تنظر المحكمة حتى كتابة هذه السطور في الالتماس المذكور،71 كما لم تنظر في 14 التماساً آخر قدمتها سلطات محلية عربية ومحامون وأفراد عرب إلى جانب التماسات قدمتها جهات يهودية شملت أعضاء كنيست ومثقفين يهوداً. هذه الالتماسات تختلف فيما بينها فمنها مَن يطالب بإلغاء القانون كلياً، ومنها مَن يطالب بتعديله. ومن هذه الالتماسات التماس قدمته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بتاريخ 23 كانون الأول/ديسمبر 2018، جاء فيه أن «القانون يُؤجج ويشرعن التمييز العنصري ضد المواطنين العرب ويحوله إلى قيمة عليا، إلى جانب المس السافر الذي يلحقه القانون بأسس الديمقراطية وعلى رأسها مبدأ المساواة.»72 وهناك التماس آخر لافت قدمه أربعون مثقفاً وفناناً إسرائيلياً بتاريخ 6 تشرين الأول/أكتوبر 2019.73 ويقترح الملتمسون إضافة عبارة في مقدمة قانون القومية فحواها أن «إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي ودولة كل الأقليات فيها»،74 معللين ذلك بعدم وجود إمكان لتعريف إسرائيل كدولة تابعة للشعب اليهودي في قانون أساس من دون ذكر حقوق الأقليات التي تقيم بها. ولتأسيس ادعائهم هذا يقارن الملتمسون بين قانون أساس: القومية الإسرائيلي وقانون الأساس في كرواتيا على سبيل المثال، الذي حدد بوضوح أنها دولة قومية للشعب الكرواتي ودولة اليهود والمسلمين وبقية الأقليات في البلاد في الوقت نفسه.75 والافت للنظر أيضاً أن فلسطينيي الداخل لم يتوحدوا عند التوجه إلى المحكمة العليا ضد قانون أساس يقصيهم جميعاً من دون تمييز خارج تعريف الدولة التي يخص بها الشعب اليهودي فقط. فنجد أن ضابطين بدويين قدما التماساً منفصلاً ضد القانون بتاريخ 7/8/2018.76 وقبل ذلك، وبتاريخ 22/7/2018، قدم ثلاثة أعضاء كنيست من العرب الدروز ورئيس منتدى السلطات الدرزية ورؤساء سلطات محلية عربية درزية التماساً ضد القانون.77 وتبعه التماس آخر قدمه 24 عربياً درزياً آخر، على رأسهم رفيق حلبي، رئيس المجلس المحلي في دالية الكرمل، بتاريخ 19 آب/أغسطس 2018.78 ويبرز في الالتماسات التي قدمها العرب البدو والدروز الربط بين الحقوق والواجبات، وخصوصاً واجب الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي والمطالبة بالمساواة وإلغاء التمييز الناجم عن «قانون القومية» على هذا الأساس.
ونُشر في وسائل الإعلام الرسمية أن رئيسة المحكمة العليا إستر حيوت أعلنت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 أن المحكمة ستنظر في 15 التماساً قدمت ضد قانون أساس: إسرائيل – دولة القومية للشعب اليهودي بطاقم يتألف من 11 قاضياً حتى موعد أقصاه منتصف حزيران/يونيو 2020.79 وبعد الاطلاع على ملف المحكمة، تبين أن الموعد كان مقرراً بتاريخ 3/5/2020، لكن رئيسة المحكمة قررت بتاريخ 17/3/2020 تأجيل الموعد المذكور بناء على طلب قدمه ممثل الحكومة والمستشار القضائي للحكومة، على أن يكون الموعد المقبل للنظر في الالتماسات كلها في الربع الأخير من السنة الحالية (2020).80
(6) هل ستجرؤ محكمة العدل العليا الإسرائيلية على إلغاء قانون القومية؟
بعد سن قانوني أساس: كرامة الإنسان وحريته، وحرية العمل، في بداية تسعينيات القرن الماضي، ألغت المحكمة العليا قوانين تعارضت مع مبادئ دستورية تضمنتها قوانين الأساس.81 ولم تسلم المحكمة من النقد ومن التهديد بتقليص صلاحياتها بتشريع ما يسمى «فقرة التَغَلُّب»/«التخطي» («فِسْكاتْ هَهِتْغبروتْ») على قرارات المحكمة العليا في حال ألغت قانوناً سنه الكنيست. وقد برزت في هذا الشأن عضو الكنيست أيليت شاكيد التي طرحت مذكرة مشروع قانون «متخطي العدل العليا» سنة 2014 بعد أن قامت محكمة العدل العليا في قضية جبري سيلاسي بإلغاء تعديل قانون منع التسلل (مخالفات ومحاكمات) (تعديل رقم 4 وقانون موقت) لسنة 2013 لتعارضه مع قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته.82 لكن النجاح لم يكن حليفها. وتوالت بعدها مشاريع قوانين خاصة طرحها أعضاء كنيست آخرون بهدف تقليص صلاحية المحكمة العليا بواسطة تعديل قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته وإضافة مادة جديدة بعد المادة 8 منه (التي تسمى «فقرة التقييد» («فِسكاتْ هَهَجْبلاهْ») ولا تجيز مساً بحق من الحقوق الدستورية التي يحتويها القانون إلاّ إذا كان المس يتلاءم وقيم دولة إسرائيل، بدرجة غير مبالغ فيها، لهدف نبيل وبنص صريح في القانون)، «تشرعن نص قانون يمسّ بقانون الأساس هذا حتى إن لم يتلاءم وتعليمات المادة 8، إذا ورد (النص) في قانون شُرّع بأغلبية أعضاء الكنيست وجاء فيه صراحة أنه ساري المفعول على الرغم مما جاء في قانون الأساس هذا.»83
وبعد سن قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي، وتقديم التماسات تطالب بإلغائه أو تعديله، تجدد الوعيد والتهديد بتقليص صلاحية المحكمة العليا بما يتعلق بإلغاء قوانين أصدرها الكنيست. فأعلنت وزيرة العدل آنذاك وعضو الكنيست عن البيت اليهودي حالياً، أيليت شاكيد، موقفها مجدداً مبرزة أن القانون هذه المرة هو قانون أساس وعليه: «ليس من حق المحكمة العليا ولا من سلطتها إلغاء قوانين أساس.»84 وبعد مرور سنتين، أعلنت أنها ستطرح مشروع قانونها المشابه لمشاريع قوانين سابقة، للقراءة التمهيدية بهدف منع إمكان إلغاء قوانين يسنها الكنيست من المحكمة العليا الإسرائيلية.85 وبتاريخ 5/8/2020 رفض الكنيست مشروع قانون أساس: القضاء (تعديل– فقرة التغلُّب) التي قدمها أعضاء الكنيست أيليت شاكيد، وأوفير سوفير، ومتان كاهانا بأغلبية 71 عضواً في مقابل 5 مؤيدين.86 ويقترح مشروع القانون المذكور ألا تستطيع المحكمة العليا إلغاء قانون سنه الكنيست إلاّ إذا عُقدت بطاقم مؤلف من 11 قاضياً وأيد القرار ثلثاهم. ويمكن التغلب على قرار محكمة يلغي قانوناً بتشريع مجدد ينص على أن القانون ساري المفعول على الرغم من قرار المحكمة شرط أن يحظى بتأييد 61 عضواً ويبقى ساري المفعول مدة 5 سنوات فقط.87 ومن جهة أُخرى، قدمت عضو الكنيست عن حزب الليكود ماي جولان، لرئيس الكنيست بتاريخ 4/5/2020 مشروع قانون أساس: فقرة التغلّب (تعديل قوانين) لطرحه للنقاش في قراءة تمهيدية.88 وجاء في المادة 1 من مشروع القانون المعدلة للمادة 15 من قانون أساس: القضاء، أن الصلاحية بإصدار قرار حكم أو قرار آخر بتعديل قانون، بإلغائه أو بتحديد سريانه هي للمحكمة العليا فقط. ولا تستطيع المحكمة العليا اتخاذ قرار كهذا إلاّ بطاقم يشمل كل قضاة المحكمة، وإذا وافق ثلثا الطاقم على أن القانون موضوع البحث يناقض صراحة نصاً حصّنه قانون أساس. أمّا المادة 2 من مشروع القانون والتي جاءت لتعدل قانون أساس: الكنيست وإضافة مادة 25أ، فقد جاء فيها أن قانوناً يمس بقانون أساس يبقى ساري المفعول إذا جاء فيه صراحة أنه يسري على الرغم مما ورد في قوانين الأساس وتم تشريعه بأغلبية أعضاء الكنيست. ولم يُطرح هذا المشروع للقراءة التمهيدية بعد. ويبدو أن أياً من مشاريع القوانين هذه لن تجد دعماً ولن تتحول إلى قانون، طالما أن المركبات الحزبية للائتلاف الحكومي الحالي (وخصوصاً حزبي الليكود وكاحول لفان) ترى في بقائه هدفاً أسمى يتغلب على مواقفها المتباينة من المحكمة العليا وصلاحيتها في مراجعة تشريعات الكنيست.
وفي ضوء الوضع القانوني والقضائي القائم اليوم، إذ لا يوجد قانون أساس يحدد الصلاحية الدستورية للمحكمة العليا من جهة، ولا يوجد قانون أساس يتناول كيفية تعديل وتحديث وإلغاء قوانين أساس ومبادئ دستورية قائمة من جهة أُخرى، أثير السؤال عن صلاحية المحكمة العليا في بتّ الالتماسات المرفوعة ضد قانون أساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي بصورة خاصة، والذي جاء ليحدد دستورياً ماهية الدولة وصبغتها. وقد أجاب عليه بعض فقهاء القانون في إسرائيل مبدئياً بالإيجاب، لكن بتعليل مختلف. إذ يعتقد إريك كرمون، مؤسس المركز الإسرائيلي للديمقراطية، أنه وفي ضوء الواقع الإسرائيلي غير العادي «من الضروري فحص مدى ملاءمة كل قانون أساس، وخصوصاً ذلك الذي يحاول تعريف الهوية الجمعية الإسرائيلية، مع إعلان الاستقلال.... وليس هناك أي جهة، سوى المحكمة العليا، قادرة على فحص هذه الملاءمة.»89 أمّا البروفسور يوفال شاني، فلا يرى فرقاً جوهرياً عند قيام المحكمة العليا في إسرائيل بتفعيل صلاحية الرقابة وفحص دستورية وشرعية القوانين الصادرة عن الكنيست، بين قانون أساس وقانون عادي إذا كان القانون الخاضع لرقابة المحكمة العليا «يمس مساً حرجاً بدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.»90
ويبقى السؤال الأهم: هل تملك المحكمة العليا في إسرائيل الشجاعة على إلغاء قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي؟ ليس سهلاً الإجابة عن السؤال، ونكتفي بالإشارة إلى قرار المحكمة العليا ذاتها في المركز الأكاديمي للقانون ولإدارة الأعمال،91 فقد امتنعت المحكمة من إلغاء قانون أساس موقت سُنّ ليعدل قانون أساس: اقتصاد الدولة الذي يلزم بإعداد ميزانية سنوية ويجيز للحكومة إعداد وإقرار ميزانية لسنتين. واكتفت المحكمة بتحذير من عدم تكرار استعمال قانون موقت لتعديل قانون أساس مستقبلاً، وإلاّ فستلغي القانون الموقت.92 ومن المتوقع أن تتطرق المحكمة عند بتّ دستورية قانون أساس: إسرائيل– الدولة القومية للشعب اليهودي، إلى العلاقة بينه وبين قوانين أساس سبقته، وإلى مدى التغيير الذي يُدخِله على الوضع الدستوري في الدولة وإسقاطاته على حقوق الانسان ومبدأ المساواة. وقد تتطرق في قرارها إلى نظرية «التعديل الدستوري غير الدستوري» («unconstitutional constitutional amendment») التي تتناول مسألة صلاحية المحكمة في فحص دستورية تعديلات على الدستور، علماً بأن هذه النظرية لم تطبق حتى الآن في القانون/القضاء الإسرائيلي.93 وعبّر رئيس المحكمة العليا السابق، البروفسور أهرون براك، عن رأيه في أنه لا مكان لهذه النظرية بمعناها الواسع في القانون الإسرائيلي، وذلك لأن الدستور في إسرائيل لم يكتمل والحديث عن «تعديل الدستور» سابق لأوانه.94 وفي الوقت نفسه يقول البروفسور براك إن صلاحية الكنيست كجمعية تأسيسية ليست غير محدودة. وعندما تسن قانون أساس جديداً أو تعدل قانون أساس قائماً، عليها القيام بذلك من دون المساس بالمبادئ الأساسية والقيم الدستورية الأساسية لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.95 فهل وكيف ينطبق هذا الموقف إزاء الحالة التي ولّدها سن قانون أساس: إسرائيل– الدولة القومية للشعب اليهودي الذي لا يذكر كون إسرائيل «دولة يهودية وديمقراطية» ولا يشير إلى «إعلان قيام دولة إسرائيل» وليس سهواً؟ وهل ستجد المحكمة الطريق لإعادة قيمة «ديمقراطية» إلى تعريف الدولة؟
تضاف إلى الأسئلة أعلاه أسئلة فرعية مهمة أيضاً: كيف ستؤثر تركيبة المحكمة الحالية، رؤية قضاتها لعلاقتها مع السلطة التشريعية، ورؤيتها لماهية الدولة وعلاقة الأخيرة مع مواطنيها في اتخاذ موقفها؟ أسئلة ستجيب عنها المحكمة العليا من خلال قرارها الذي ستصدره في الالتماسات المطروحة أمامها، والتي من المتوقع أن يتم النظر فيها مجتمعة أواخر السنة الحالية (2020).
***
يخلص هذا القسم إلى أن تضمين مبدأ «دولة يهودية وديمقراطية» في قوانين الأساس التي تتعلق بحقوق الإنسان لم يمنع من انتهاك حقوق الأقليات غير اليهودية، ويؤكد التوجه القائم في تفضيل يهودية الدولة على ديمقراطيتها. والمصطلح «دولة يهودية وديمقراطية» فيه انحراف واضح عن مبدأ «الديمقراطية السياسية» التي يدعمها مبدأ المساواة.96 وعلى الرغم من النقاشات الحادة في شأن ماهية التفسير الصحيح لهاتين القيمتين، فإن في الإمكان الجزم أن التقييد التشريعي والقضائي بشأن القيمة اليهودية هو خاص بدولة إسرائيل، وأنه كان سبباً في انتهاك حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من الأوجه المتعددة ليهودية الدولة، فإن ثمة تخوفاً ساد من انعكاسها سلباً على بقية المجالات القانونية. وقد عبّرت اللجنة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، في تعليقاتها على التقرير الذي قُدم إليها عن دولة إسرائيل سنة 1998، عن قلقها إزاء يهودية الدولة بقولها: «تعبّر اللجنة عن قلقها أن يؤدي التركيز المفرط على كون الدولة ‹دولة يهودية› إلى التمييز، وإلى إعطاء مكانة الدرجة الثانية لمواطنيها غير اليهود.»97
ويتبيّن أن تخوف اللجنة الدولية المذكورة وقلقها كان في محله، مشروعاً ونابعاً من معرفتها وإلمامها بواقع سياسي ودستوري وحياتي يعيشه المواطنون العرب في إسرائيل لا تميزه المساواة، بل المعاناة المستمرة جراء سياسات التمييز والإقصاء. هذا الواقع وهذه السياسات أفرزت مشروع قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي سنة 2011 وتشريع قانون أساس: إسرائيل– الدولة القومية للشعب اليهودي سنة 2018. وكما يتضح من نصوص قانون الأساس هذا، فإنه يكرس سياسات وممارسات كانت قائمة كما ذكرنا سابقاً، تتعلق بماهية الدولة وتعريفها ونهجها ويبرز فيها تغليب يهوديتها على ديمقراطيتها، ويمنح هذه السياسات والممارسات مكانة دستورية ضمن دولة القومية التي تحصر حق تقرير المصير في «الشعب اليهودي» وحده. ويضمن القانون طابع إسرائيل كدولة دينية، ويمنح امتيازات لليهود فقط ويرسخ التمييز العنصري ضد الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، ويشرعن الإقصاء والعنصرية وعدم المساواة بين جميع السكان. وعليه، ليس غريباً أو غير دقيق القول: «يشرعن القانون الفوقية لليهود في إسرائيل على جميع الفئات والأقليات الأُخرى ويعلن إسرائيل وطناً قومياً لليهود فقط، ويكرس النظام في إسرائيل كنظام عنصري مع ملامح أبارتهايد.»98 كما يلقي قانون القومية بظله القاتم على إمكان حل عادل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية حتى في جزء من المناطق المحتلة سنة 1967. إذ يحدد «أرض إسرائيل»/فلسطين التاريخية وطناً تاريخياً لليهود فقط مقتصراً حق تقرير المصير فيها على «الشعب اليهودي» من دون غيره.
على الرغم من اختلاف الباحثين بشأن عدد الأنظمة القانونية وطبيعتها وتسميتها،99 فإن هناك نظامين قانونيين سائدين متعارف عليهما: 1) النظام القانوني الروماني – جرماني الذي يمنح التشريع المكتوب أهمية خاصة، والذي ينطوي في معظم الدول التي تطبقه على سن مدونات قانونية شاملة، كالقانون المدني والجزائي ويسود في قارة أوروبا؛ 2) النظام الأنغلو– سكسوني ويعرف أيضاً بالقانون «العام» (Common Law) ويسود في الجزر البريطانية وفي الدول التي خضعت لها في إطار الإمبراطورية البريطانية العظمى. وللقاضي في هذا النظام مكانة تفوق مكانته في النظام الروماني – جرماني؛ فهو ليس مجرد آلة تطبق القانون، وإنما يضع بنفسه القانون من خلال القرارات التي يصدرها. فالقرارات الصادرة عن المحاكم الأعلى درجة تتمتع بمكانة قانونية ملزمة كسوابق قضائية، وعلى جميع المحاكم الأدنى درجة التقيد بها. أمّا المحكمة الأعلى درجة فهي غير ملزمة بالتقيد بقراراتها السابقة. والتطور التقليدي للقانون في النظام الأنغلو– سكسوني يتم من قضية إلى قضية لا وفق النظريات القانونية الأكاديمية.
وقد تعايش هذان النظامان في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني، فما هو وضعهما في إسرائيل بعد إعلان قيامها؟ سيتم عرض هذا الموضوع في ثلاثة أقسام: الأول يبيّن الخلفية التاريخية لاستيعاب الأنظمة القانونية السابقة، والثاني يتناول مكانة النظامين القانونيين الروماني – جرماني والأنغلو – سكسوني، ويتطرق الثالث إلى أثر القانون الديني في النظام القانوني.
أ) الخلفية التاريخية لاستيعاب الأنظمة القانونية السابقة
خلال عهد الحكم العثماني حتى أواسط القرن التاسع عشر، كانت الشريعة الإسلامية تشكل أساس النظام القانوني في فلسطين، وفي سائر أقطار الإمبراطورية العثمانية. ومع توجه هذه الأخيرة نحو الإصلاحات ذات الطابع الغربي (فيما سمي «التنظيمات»)، اعتُمد بالتدريج النظام القانوني الروماني – جرماني، ولا سيما من ناحية تقنين التشريعات. وصدرت في إثر ذلك تشريعات، مثل قانون التجارة العثماني، والقوانين المتعلقة بتشكيل المحاكم النظامية التي استقيت أحكامها من القانون الفرنسي، أو قانون الأراضي الذي استُمد من الأعراف السائدة ومن القوانين الغربية (الفرنسية والألمانية). وحتى عندما استقيت الأحكام من الشريعة الإسلامية، مثل «مجلة الأحكام العدلية» (وهي بمثابة القانون المدني)، أو قانون العائلة العثماني (المنظم للمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية)، فقد أصبحت القوانين الجديدة بمثابة القانون الوضعي الواجب التطبيق، وقد رتبت محتوياتها في مواد تحمل أرقاماً متسلسلة.
وبعد انتهاء الحكم العثماني وإقامة الانتداب البريطاني على فلسطين، سنّ البريطانيون مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922. وفي المادة 46 منه تم تحديد النظام القانوني في البلد. فقد بيّنت هذه المادة القوانين التي سيتم تطبيقها لدى المحاكم، من عثمانية وبريطانية، ومدى تطبيقها وشروطه. وبموجب هذه المادة، وُجد في فلسطين في الحقبة الانتدابية قوانين من الحقبة العثمانية تعكس النظام القانوني الروماني – جرماني. وفي الوقت ذاته، أصبح للسوابق القضائية قيمة قانونية إلزامية كما في النظام الأنغلو– سكسوني، وهذا إضافة إلى سن قوانين جديدة ألغت بعض القوانين العثمانية لتسهيل استيعاب النظام الأنغلو – سكسوني، كالقوانين المتعلقة بتنظيم المحاكم.
وفي أعقاب انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وإعلان قيام دولة إسرائيل، تم إصدار «أمر أصول الحكم والقانون» في 19 أيار/مايو 1948، الذي نص في المادة 11 منه على إبقاء سريان مفعول القوانين التي كانت قائمة عشية 14 أيار/مايو 1948، وذلك إن لم يكن فيها تناقض مع هذا الأمر أو مع قوانين أُخرى كان سنّها مجلس الدولة الموقت أو بحسب أوامره، مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الناتجة من إقامة الدولة وسلطاتها. وبموجب هذه المادة، فإن القوانين التي كانت قائمة عشية 14 أيار/مايو 1948 ما زالت تحافظ على مكانتها، لكن وفق شروط معينة:
- عدم تناقض القوانين السابقة مع الأوامر أو القوانين الأُخرى الصادرة عن مجلس الدولة الموقت أو بحسب أوامره. ولهذا، فقد نص «أمر أصول الحكم والقانون» في المادة 15/أ منه على أن تحل كلمة «إسرائيل» كلما وردت كلمة «فلسطين». ونصت المادة 15/ب على إلغاء كل تشريع يُلزم باستعمال اللغة الإنكليزية كلغة رسمية. إلاّ إنه لم يتم إلغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، لذلك بقيت لغة رسمية في إسرائيل حتى سنة 2018 حين سنّ الكنيست قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي فأبقى على العبرية فقط لغة رسمية (المادة 4 (ب)). ويُلاحَظ أحياناً اختلافات وعدم وضوح في الأحكام القضائية في موضوع إبقاء الأوامر الانتدابية، أو إلغائها، كمسألة استمرارية نفاذ مرسوم الأماكن المقدسة لسنة 1924 حتى بعد سن قانون المحافظة على الأماكن المقدسة لسنة 1967،100 و«قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل».101
- استيعاب قوانين الانتداب بعد إجراء تعديلات عليها لتتلاءم مع إقامة الدولة وسلطاتها. والتعديلات المعنية هنا هي التعديلات التقنية، مثل تبديل أسماء السلطات البريطانية بأسماء سلطات ملائمة للدولة الجديدة. وعلى سبيل المثال، الأمر بشأن القانون الجنائي لسنة 1936 الذي بقي ساري المفعول حتى استبداله بقانون العقوبات لسنة 1977. أمّا التعديلات الجوهرية التي قد تنبع من تغيير السلطة، فتتعدى الإطار الذي تسمح به المادة 11 من «أمر أصول الحكم والقانون». فقد رفضت محكمة العدل العليا، مثلاً،102 أن تلغي أنظمة الدفاع (الطوارئ) الانتدابية، بحجة أن ذلك يستلزم تفعيل وجهة النظر الخاصة بالقاضي، على عكس التعديلات التقنية التي لا تتطلب اجتهاداً خاصاً منه.
ب) نظام قانوني مختلط: روماني –جرماني وأنغلو – سكسوني
يحمل النظام القانوني في إسرائيل في طياته بعض مميزات النظام الأنغلو – سكسوني والنظام الروماني – جرماني. والسبب المركزي في ذلك هو الإرث القانوني من الحقبتين العثمانية والانتدابية، واختلاف المصادر التي اقتبس منها المشرع الإسرائيلي فيما بعد في فترة التقنين في إسرائيل. لهذا سنتكلم على ملامح النظامين في قسمين، الأول يتناول التقنين وملامح النظام الروماني – جرماني، ويبيّن الثاني هيمنة النظام الأنغلو – سكسوني.
(1) التقنين وملامح النظام الروماني – جرماني:
إن عملية التقنين المكثفة التي قامت بها إسرائيل منذ قيامها تشير إلى أنها اعتمدت إلى حد كبير النظام القانوني الروماني – جرماني. ففي الستينيات، بدأت إسرائيل عملية تقنين القانون المدني، وكانت تطبق، حتى تلك الفترة، «مجلة الأحكام العدلية» الموروثة من الحقبة العثمانية حتى الانتدابية. ومن المعلوم أن «مجلة الأحكام العدلية» تنظم المجالات التي ينظمها القانون المدني عادة، مثل البيوع، والإجارة، والوكالة، والشركات، وغيرها. واختار المشرع الإسرائيلي ألاّ يلغي المجلة بكاملها مرة واحدة ويُحل قانوناً مدنياً جديداً مكانها، بل قرر أن يجري التقنين على مراحل بحيث يتم في كل مرحلة سنّ مجال واحد من مجالات القانون المدني كقانون مستقل. وبعد قيامه بسن ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين قانوناً في المجال المدني، ألغى المشرع الإسرائيلي المجلة سنة 1984 بقانون إلغاء المجلة103 من دون أن يمس ذلك بنفاذ نصوص قانونية تُطبِق، لغرض محدد، مادة عينية من مواد المجلة.104
لم تهدف القوانين الجديدة المتعلقة بالقانون المدني إلى «إصلاح أو تحسين القانون المحلي، وإنما سعت لتغيير النظام القانوني القديم الأجنبي، بواسطة تبديله بنظام قانوني إسرائيلي أصلي وحديث. والهدف من سن القوانين المتعددة في مجال القانون المدني الإسرائيلي بحسب رغبة المشرع هو توحيد هذه القوانين في مجلد قانوني كامل. ومن الممكن أن نلاحظ اليوم أنه يمكن اعتبار هذه القوانين فصولاً من مجلد قانوني مدني لا قوانين فردية فقط من دون قواسم مشتركة بينها.»105 غير أن الأمر الذي يشوه مغزى عملية التقنين هو دمج موضوعات متعددة في العملية، واستعمال آلية خاصة بالنظام الروماني – جرماني مع إعطاء معانٍ أنغلو– سكسونية.106
وقد ذكر أهرون براك في كتابه «قانون الوكلاء» ما يلي: «من الممكن أن نتكلم على مدونة قانونية على الطريقة الإسرائيلية. والاختلاف بين المدونة الأوروبية والمدونة الإسرائيلية هو أن للثانية صفاتها الخاصة المنبثقة من طرق سنها ومن مبناها ومن مضمون ترتيباتها، وبالتالي تؤثر هذه الاختلافات في إكمالها وتطويرها.» وعلى سبيل المثال، نجد في قانون العقود لسنة 1973 تأثيرات من عدة مذاهب قانونية،107 إذ إن بعض الترتيبات نُقل عن القانون الألماني، وبعضها عن القانون العام الأنغلو– أميركي، كما أن بعض المصطلحات أُخذ عن القانون العبري.108 فقواعد «الضرر المعنوي» مأخوذة عن القانون العبري والقانون الفرنسي، وقواعد «عقد لمصلحة طرف ثالث» مأخوذة عن القانون الألماني والقانون العبري، ومبدأ «سلامة النية في المفاوضات لإبرام العقود» مأخوذ عن القانون الألماني.109 كما يوجد تأثير للقانون الإنكليزي في القواعد المتعلقة بالعقود، كالقاعدة التي تقضي بأن مسبب الضرر يدفع تعويضات إذا تنبأ، أو استطاع أن يتنبأ، بالضرر قبل حدوثه. وقد تأثر قانون المبيعات لسنة 1968 باتفاقية لاهاي بشأن القانون الموحد للبيع الدولي للبضائع، والقوانين الموحدة للتجارة الدولية. وهذه الاتفاقية نفسها تأثرت بالقانون الأوروبي.110
ومنذ سنة 1958 حتى سنة 1984 تم تشريع ثلاثة وعشرين قانوناً يمكن اعتبارها من صلب القانون المدني. ومن المفروض في المستقبل أن تُجمع هذه التشريعات المدنية المبعثرة لتشكل مدونة مدنية واحدة. والأمر شبيه بالمجال الدستوري الذي تعتمد فيه إسرائيل على قوانين أساس متعددة من المفروض أن تُجمع وأن تؤلف الدستور المكتوب في المستقبل. لقد مكن تقنين التشريعات المتنوعة في المجال المدني من تحديث عدد من الأحكام القانونية في فترة زمنية قصيرة. لكن من جهة أُخرى، لا تخلو عملية التقنين على هذا النحو من بعض السلبيات، مثل عدم التناسق بين العبارات والمصطلحات وغياب الفلسفة القانونية الواحدة. وأدى هذا الوضع إلى تكليف أوري يدين، الذي كان يشغل منصب مساعد المستشار القانوني للحكومة، تجميع القوانين ذات العلاقة التي سُنت بين سنة 1967 وسنة 1986 في قانون رئيسي واحد. غير أن يدين توفي بعد فترة قصيرة ولم يكمل عمله، فجرى إنشاء لجنة خاصة ترأسها أهرون براك الذي كان قاضياً في محكمة العدل العليا الإسرائيلية (أصبح رئيساً للمحكمة في سنة 1995). وأنهت اللجنة عملها سنة 2004 بالتوصل إلى نص متكامل اعتمدته وزارة العدل.
وكان الخط الموجه للجنة هو تقنين القوانين السارية مع الحرص على تعديل السلبيات. وكان هناك مجالات احتاجت إلى تعديلات طفيفة، إلاّ إنه كان هناك مجالات احتاجت إلى تعديلات جذرية، بحسب ما أتى في مذكرة اقتراح التقنين وأعيد تأكيده في مقدمة مشروع قانون أحكام المعاملات المالية لسنة 2011:111 «أُعد اقتراح قانون أحكام المعاملات المالية من أجل أن يكون تقنيناً للقانون المدني في إسرائيل. فالاقتراح ليس تجميعاً لعدة قوانين في مجال القانون المدني فحسب، وليس ‹كونفدرالية› لأحكام مستقلة، بل تمت عملية تخطيط وبلورة اقتراح القانون، وكذلك صوغه ليكون بمثابة مدونة مدنية. ويطمح مشروع القانون إلى تنظيم العلاقات القانونية في مجالات القانون المدني بشكل متكامل، وذلك من دون الإبقاء قصداً على مجالات غير معالجة. ومشروع القانون هو بمثابة ‹فدرالية› لأحكام مترابطة تخضع لسياسة شاملة.»112 ويشمل مشروع القانون المجال المدني، إلاّ إنه لا يشمل المجال الجنائي أو المجال التجاري أو قوانين الأحوال الشخصية باستثناء أحكام الوراثة. ويقع مشروع القانون في 996 مادة ويتكون من ستة أقسام جوهرية مركزية : القسم الأول يشمل مبادئ وأهداف القانون الأساسية ومنها: «تحقيق العدل والإنصاف والمعقولية» (المادة 1 (1))؛ «ملاءمة بين ترتيبات القانون المدني» (المادة 1 (2))؛ «حماية الحقوق المكتسبة» (المادة 1 (3)). القسم الثاني يتضمن خطوات قانونية وأهلية قانونية. القسم الثالث يحتوي أحكام الديون والالتزامات والعقود. القسم الرابع يشمل أحكام الأملاك المنقولة وغير المنقولة. القسم الخامس يتضمن أحكام الميراث. القسم السادس يحتوي على أحكام التقادم الزمني.113 ولم يجتز مشروع القانون هذا حتى الآن القراءات المطلوبة ليصبح قانوناً ملزماً.
وبالنسبة إلى قوانين الشركات، فقد طُبق لغاية سنة 2000 أمر بشأن قانون الشركات لسنة 1929، الذي سُن في عهد الانتداب البريطاني، والمستمد من التشريع الإنكليزي المتعلق بالشركات، بما في ذلك السوابق القضائية. وفي سنة 1999، صدر قانون شركات جديد دخل في حيز التنفيذ بتاريخ 1/2/2000.114 وهذا القانون لا يلغي جميع بنود قانون الشركات القديم (الانتدابي)، أي أن تأثير التشريع الإنكليزي يبقى قائماً فيه. وهناك ثلاثة أسباب أساسية دفعت المشرع الإسرائيلي إلى تنظيم شامل لقوانين الشركات في إسرائيل: السبب الأول هو التطورات في العالم الغربي، فدول كثيرة، مثل بريطانيا (التي أخذ عنها القانون)، وفرنسا، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، قامت بسن قوانين حديثة تتماشى مع المستجدات العالمية. والسبب الثاني هو قصور تنظيم قانون الشركات لسنة 1929 في موضوعات كثيرة في هذا المجال.115 والسبب الثالث هو ضرورة ملاءمة قوانين الشركات وفق الواقع الاقتصادي ومبنى السوق الإسرائيلية.116 وقد تأثر القانون الجديد بالقانون الأميركي، الأمر الذي يعكس عملية الأمركة التي تحدث في المجتمع الإسرائيلي بصورة عامة، وداخل الحوار القانوني بصورة خاصة.
القانون الجنائي لسنة 1977، هو الآخر مأخوذ عن أنظمة ومذاهب قانونية متعددة. وقد أدخل في جعبته كثيراً من الجرائم الموجودة في الأمر بشأن قانون العقوبات لسنة 1936117 الصادر في عهد الانتداب البريطاني. وفي تعديل أُجري عليه سنة 1994، أدخل على الفصل الأول تأثيرات من القانون الجنائي الألماني.
(2) هيمنة النظام الأنغلو– سكسوني:
على الرغم من كون النظام القانوني الإسرائيلي نظاماً مختلطاً، فإن ملامح النظام الأنغلو – سكسوني تبدو واضحة فيه بسبب العمل بمبدأ السوابق القضائية الذي يتعين، بموجبه، على كل المحاكم ألاّ تنحرف عن القرارات الصادرة عن المحكمة العليا، بصفتها الاستئنافية وبصفتها محكمة عدل عليا. أمّا المحكمة العليا فهي غير ملزمة بتطبيق القرارات السابقة الصادرة عنها. وتؤدي هذه المحكمة دوراً مركزياً، فهي إذ تضع سوابق مُلزمة، تقوم بتطوير النظام القانوني وتحديثه. وإضافة إلى هذه الصبغة الأنغلو – سكسونية، ففي كتابة القرارات القضائية يحق لقضاة الأقلية الرافضين لرأي الأكثرية أن يسجلوا ملاحظاتهم.
إن القضاة، وخصوصاً قضاة محكمة العدل العليا، يتحلون بقدرة كبيرة على «صنع القانون» من خلال صلاحيتهم في مراجعة التشريعات (Judicial Review) التي تتناقض مع قوانين الأساس، والتي أصبحت تحتل مكانة دستورية أعلى من القوانين العادية، ومن خلال تفسير القوانين القديمة باللجوء إلى روح العصر من دون الاعتماد على المصادر التي أُخذت عنها. وقد ورد في قرار للمحكمة العليا ما يلي: «التشريعات التي وضعت في فترة الانتداب.... كانت أُعطيت تفسيراً مختلفاً عن التفسير المعطى إياها بعد قيام الدولة، ونحن في غنى عن القول إن مبادئ دولة إسرائيل – دولة يهودية، وحرة، وديمقراطية – مختلفة جوهرياً عن المبادئ التي فرضها المنتدب على هذه الأرض. ومبادئنا الأساسية هي مبادئ دولة ديمقراطية تسعى وراء الحرية والعدالة، وهذه المبادئ هي التي ستبعث روحاً في تفسير هذه القوانين وفي تفسير بقية القوانين.... كذا كان منذ قيام الدولة وبالتأكيد فإن هذا ما سيكون بعد سن قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، الذي يتخذ قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية أساساً له.»118
ج) تأثير القانون الديني في النظام القانوني
من التشريعات التي استمر نفاذها في إسرائيل منذ الحقبة العثمانية هي التي تنظم مسائل الأحوال الشخصية. فالمواطنون الذين ينتمون إلى طائفة دينية معترف بها، يطبَق عليهم القانون الديني الخاص بهم في مجال الأحوال الشخصية. وحتى الوقت الراهن، فإن المحاكم الدينية التي كانت موجودة في الحقبتين العثمانية والانتدابية لا تزال قائمة، وذلك على الرغم من إنشاء محكمة شؤون العائلة التي سلبت المحاكم الدينية كثيراً من صلاحياتها في مجال الأحوال الشخصية.
وعلى الرغم من كون مصدر القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية مصدراً دينياً، فإن القانون الديني المفروض ليس قانوناً دينياً صرفاً، لأنه يخضع لنظام الدولة القانوني ولقيم حقوق الإنسان، ولا سيما بعد «الثورة الدستورية» سنة 1992، والتي تتمثل في «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته». وقد قلصت الجهات التشريعية والمحكمة العليا سطوة القانون الديني بالتدريج. وفيما يتعلق بالتنظيم الطائفي، فقد قامت المحكمة العليا بفرض مبدأ الديمقراطية على هذا الموضوع. وهذه التعديلات المركزية، التي كان لها تأثير في تفسير التشريعات الدينية العثمانية، أدت إلى بلورة النظام القانوني الديني وتطبيقه بشكل يختلف عمّا كان عليه الأمر في السابق، إذ إن ماهية هذه القوانين أُلبست زياً يتلاءم مع الواقع الدستوري الإسرائيلي. لكن، ما زال القانون الديني لكل طائفة هو الذي يحكم شرعية الزواج والطلاق اللذين يتمان في إسرائيل، إذ لا يتيح القانون الإسرائيلي الزواج المدني وإن كان يُعترف به لأغراض تسجيل الحالة الشخصية في سجل السكان، إذا تم في دولة تجيزه قوانينها.
لإبراز خصائص أي نظام قضائي، يقتضي تناول عدة موضوعات، منها: أنواع المحاكم وهيكليتها واختصاصها؛ توزيعها الجغرافي؛ الإجراءات المتبعة فيها؛ المسائل المتعلقة بالقضاة (تعيينهم، ونقلهم، وندبهم، وعزلهم، وتدريبهم، واستقلالهم)؛ نظام النيابة العامة وأشخاصها، وأعوان القضاة (المحامون، وموظفو المحاكم واختصاصاتهم كافة)؛ علاقة المحاكم بعضها ببعض وبالسلطات الأُخرى. وبسبب محدودية حجم الفصل، سيقتصر هذا القسم على إبراز خصائص النظام القضائي في إسرائيل من خلال التركيز على استقلالية القضاء، وتعيين القضاة، وأنواع المحاكم من ناحية تركيبتها واختصاصاتها، والهرمية التي تحكم علاقتها ومكانة كل منها.
أ) استقلالية القضاء وتعيين القضاة
تحدد المادة 1 من قانون أساس: القضاء المحاكم والهيئات التي لها صلاحية القضاء، وتنص المادة 2 منه على أن لا سلطة على من في يده صلاحية القضاء سوى سلطة القانون. ويكون بتّ القضايا علنياً إلاّ إذا نص القانون على غير ذلك، أو إذا قررت المحكمة إغلاق الجلسة مع تبيان الأسباب وفقاً للقانون.119 ويتم اختيار القضاة بواسطة لجنة تتكون من 9 أعضاء هم: رئيس المحكمة العليا وقاضيان من قضاتها؛ وزيران أحدهما وزير العدل؛ عضوا كنيست وممثلان عن نقابة المحامين. ويرأس اللجنة وزير العدل.120 وعملية الاختيار بحسب القانون لا تُفرق بين قاضٍ يهودي وآخر عربي يحمل الجنسية الإسرائيلية. وسنتطرق إلى الشروط التي يجب أن تتوفر في المرشح لمنصب قاضٍ عند التطرق إلى أنواع المحاكم ودرجاتها أدناه. ويمكن تصنيف المحاكم في إسرائيل بنوعين: محاكم عادية ومحاكم خاصة، وسيتم تناولهما فيما يلي.
هي المحاكم التي تختص بالنظر في القضايا المدنية والجزائية والإدارية. وتتدرج في مستواها لتوفر درجتين من التقاضي: محاكم الدرجة الأولى تنظر في القضايا أول مرة (بدايةً)، ومحاكم الدرجة الثانية تنظر في القضايا ثاني مرة (استئنافاً). وتحتل المحكمة العليا الدرجة الأعلى في هرمية المحاكم في إسرائيل، تليها المحاكم المركزية، ثم محاكم الصلح. وفيما يلي توضيح لتركيبة كل منها واختصاصها. وتعمل هذه المحاكم بموجب قانون المحاكم (نص مدمج) لسنة 1984121 (فيما يلي: «قانون المحاكم») وقانون المحاكم للقضايا الإدارية لسنة 2000.122
هي المحكمة الأعلى درجة في هرم المحاكم. وسيقتصر التعريف بها على تركيبتها واختصاصها بصورة عامة، مع التركيز على دورها في الرقابة على مؤسسات الدولة.
أ– تركيبة المحكمة: تتكون المحكمة من قضاة من ذوي الخبرة يحدد الكنيست عددهم بقرار.123 ويبلغ عدد قضاة المحكمة اليوم 15 قاضياً.124 وعادة، تبتّ هيئة مكونة من ثلاثة قضاة القضايا المطروحة أمامها. أمّا في المسائل الأكثر أهمية، كالقضايا الدستورية والقضايا التي تتميز بكون القرارات التي ستصدر بشأنها تشكل سوابق قضائية، فيتم توسيع الهيئة إلى عدد فردي أكثر من ثلاثة. ويمكن عقد المحكمة من قاض واحد للنظر في طلبات الأوامر الموقتة والانتقالية والمشروطة، وفي استئناف قرار موقت لمحكمة مركزية، وفي استئناف قرار قاض واحد في محكمة مركزية كان بتّ، بدوره، استئناف قرار محكمة صلح، وفي المداولة الأولية لاستئناف ما. ويترأس هيئة القضاة رئيس المحكمة العليا، وإذا غاب، فنائبه، فإذا غاب، فالأقدم في الخدمة، وإذا تساوى قاضيان في مدة الخدمة، فيترأس المحكمة الأكبر سناً.
ويجب أن يتمتع قضاة المحكمة العليا بمؤهلات عالية. وبحسب المادة 2 من قانون المحاكم، يُشترط لتولي منصب قاض في المحكمة، أن يكون المرشح قد عمل قاضياً مدة خمسة أعوام في المحكمة المركزية، أو كان محامياً مسجلاً في سجلات نقابة المحامين عمل مدة عشرة أعوام على الأقل، خمسة منها (على الأقل) في إسرائيل في أحد المجالات التالية: المحاماة أو القضاء، أو في أي وظيفة قانونية أُخرى في خدمة الدولة، أو في أي خدمة أُخرى تقرر في أنظمة لهذا الغرض، أو في تدريس القانون في الجامعات، أو في معاهد عالية لتدريس القانون تقرر في أنظمة لهذا الغرض، أو في أي عمل قانوني واضح آخر.
ب – اختصاص المحكمة كمحكمة استئناف وعدل عليا: تعقد المحكمة العليا بصفتين: الأولى بصفتها الاستئنافية للنظر في القضايا الجزائية والمدنية المستأنفة إليها من المحاكم الأدنى درجة (المركزية)، والثانية بصفتها محكمة عدل عليا للنظر في الأمور التي ترى أن من واجبها أن تصدر بها أمراً من أجل تحقيق العدالة، شرط ألاّ تكون هذه الأمور من اختصاص أي محكمة أُخرى.125 ومع مراعاة هذه الشروط، تكون المحكمة بصفتها محكمة عدل عليا مخولة ما يلي:126
- إعطاء أوامر بالإفراج عن أشخاص معتقلين أو محبوسين من دون وجه حق.
- إعطاء أوامر لسلطات الدولة، وللسلطات المحلية وموظفيها، وللأشخاص والهيئات والمؤسسات ذات الوظائف الاجتماعية وفقاً للقانون، بتنفيذ عمل معين، أو الامتناع من تنفيذ عمل معين، أو التوقف عن أداء مهماتهم إذا كان تعيينهم أو انتخابهم غير قانوني.
- إعطاء أوامر للمحاكم والأشخاص والهيئات ذات الصلاحيات القضائية أو شبه القضائية وفقاً للقانون – ما عدا المحاكم التي يتناولها هذا القانون، وما عدا المحاكم الدينية – ببتّ موضوع معين أو عدم بتّه، وإعطاء أوامر بإلغاء مداولات تمت خلال انتهاك القانون.
- إعطاء أوامر للمحاكم الدينية بأن تقوم ببتّ، أو تمتنع من بتّ، موضوع معين وفقاً لصلاحية هذه المحاكم؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن محكمة العدل العليا لن تنظر في طلب الملتمس إذا كان هذا الأخير امتنع من ذكر موضوع الصلاحية أمام المحكمة الدينية في أول فرصة سنحت له. أمّا إذا لم تسنح له فرصة معقولة لإعلاء مشكلة الصلاحية حتى صدور القرار من المحكمة الدينية، فمحكمة العدل العليا مخولة أن تلغي مداولات تمت أو قرارات اتخذتها المحكمة الدينية من دون صلاحية.
اختصاصات محكمة العدل العليا هي اختصاصات محكمة قضاء إداري. فالنظام القضائي في إسرائيل هو قضاء موحد يجمع بين القضاء العادي والإداري، متأثراً بذلك بالنظام القضائي الأنغلو – سكسوني، وعلى خلاف النظام الفرنسي الذي يفصل بين القضاءين.
وقد ارتفعت مكانة محكمة العدل العليا في إسرائيل مع مرور الوقت، إذ قامت بتعريف حدود ومجالات صلاحياتها وتوسيعها وأصبح لها دور حاسم في قضايا مفصلية. وحتى حين وُضعت العراقيل أمام الرقابة القضائية، فإن محكمة العدل العليا قامت بتوسيع حدود القانون ليتسنى لها مراقبة أعمال السلطات والهيئات في الدولة. مثلاً، عندما يعطي المشرع إحدى سلطات الدولة حرية مطلقة في اتخاذ القرار، فإنها لا تحظى بحصانة أمام محكمة العدل العليا.127 وفيما يتعلق بحق المثول أمام المحكمة، تم توسيع هذا الحق إلى أن أصبح فضفاضاً بحيث يسمح لأعداد كثيرة من المتضررين بالمثول أمام محكمة العدل العليا. فاليوم تسمح محكمة العدل العليا بتقديم الالتماسات حتى لو كان السبب عقائدياً، إلى درجة أن المبدأ القائل إن المحاكم تمتنع من بتّ الموضوعات المختلف بشأنها اجتماعياً تم تقليصه إلى درجة إلغاء مفاعيله.128
كما وسعت محكمة العدل العليا قائمة الأجهزة الخاضعة لرقابتها. فالرقابة القضائية لا تشمل الدولة وسلطاتها المحلية فقط، بل تمتد لتطال الشركات الحكومية التي أخذت على عاتقها وظائف ذات أهمية للجمهور أيضاً. على سبيل المثال، طالت الرقابة القضائية شركة الكهرباء التي تُعتبر شركة حكومية.129 وقامت محكمة العدل العليا أيضاً بصوغ معايير جوهرية في المجتمع الإسرائيلي، ومن هذا الموقع ترتفع الأصوات المؤيدة لتدخل محكمة العدل العليا ووضعها لمبادئ جوهرية، أو المستنكرة لهذا الأمر.130 وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسعت المحكمة صلاحية الرقابة لتشمل قرارات يتخذها وصلاحيات ينفذها القائد العسكري للمنطقة وفتحت أبوابها أمام التماسات قدمها ويقدمها سكان المناطق الفلسطينية المحتلة ضد سلطات الجيش. وكان ذلك نتيجة مباشرة لتصريح إسرائيل بواسطة المستشار القانوني للحكومة آنذاك، مئير شمغار، الذي أصبح رئيساً للمحكمة العليا، بأنها ستفتح أبواب محاكمها وعلى رأسها محكمتها العليا أمام سكان «المناطق المدارة».131 وقد تناولت الالتماسات: قرارات إبعاد فلسطينيين إلى الأردن ولبنان؛ اعتقالات إدارية؛ هدم بيوت لأسباب أمنية وهدم مبان بنيت من دون ترخيص؛ مصادرة أراض ووضع اليد عليها لأغراض حكومية (لبناء مستوطنات)، أو لـ «أغراض عسكرية» كإقامة «جدار الفصل» وغيرها. وقد اختلفت الآراء بشأن جدوى توجه الفلسطينيين إلى المحكمة العليا الإسرائيلية : فهناك مَن رأى أنها جزء من الجهاز القضائي للمحتل ويجب مقاطعتها، وهناك مَن رأى أنه يجب التوجه إلى المحكمة مع توخي الحذر من عدم المساهمة في صدور قرارات تدعم موقف القائد العسكري والإدارة المدنية. ويبدو أن محصلة تقييم الجدوى من رفع الفلسطينيين التماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تشير إلى أنها في معظم قراراتها المتعلقة بموضوعات مفصلية ومهمة قد حكمت في غير مصلحة الفلسطينيين كمجموعة تعيش تحت الاحتلال. فقد امتنعت من تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين في زمن الحرب وأجازت، على سبيل المثال، الإبعاد على الرغم من أنه محظور تماماً بموجبها، كما أجازت مصادرة الأراضي وتغيير معالم الواقع، وصدّقت في عشرات إن لم يكن مئات القرارات على الاعتقال الإداري لناشطين فلسطينيين عندما لم تتوفر أدلة لمحاكمتهم، كما لم تتدخل في معظم قرارات هدم البيوت عندما اتهم أحد أفراد العائلة الساكنة في البيت بارتكاب مخالفة أمنية. وفي كتاب بروفسور دافيد كرتشمر النقدي The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories 132 كان ادعاؤه الرئيسي أن المحكمة العليا في قراراتها، ما عدا قلة منها، قد شكلت غطاء قانونياً يشرعن نهج السلطة العسكرية على الرغم من تعارض كثير من خطواتها ومواقفها مع تعليمات القانون الدولي الإنساني.133 وبالتالي، فإن الشكل الذي فعّلت فيه المحكمة الرقابة القضائية منح شرعية لسلطة الاحتلال أكثر مما كانت أداة لحماية حقوق الإنسان المنصوص عليه في القانون الدولي بصورة عامة وفي أحكام الاحتلال بصورة خاصة.134
وقد أثار ميل المحكمة العليا إلى توسيع صلاحياتها نقاشاً حاداً في إسرائيل، إذ بدا أن توسع هذه الصلاحيات يأتي في اتجاه مضاد للتحولات الاجتماعية (تقوية التيارات اليمينية والحريدية) التي انعكست في انتصار الليكود في انتخابات سنة 1977 وتعمقت في السنوات اللاحقة. وبهذا الصدد، يعرض مناحم ماوطنر كيف تشكل المحكمة العليا الملجأ الأخير بالنسبة إلى «المهيمنين السابقين»، أي المنتمين إلى النخبة الأشكنازية الليبرالية الذين فقدوا سيطرتهم الحصرية على تحديد قيم المجتمع الإسرائيلي. ويشرح ماوطنر أن هذا الدور الذي تؤديه المحكمة العليا عرضة للاهتزاز، إذ من الصعب لقضاة غير منتخبين من الجمهور أن يظلوا مسيطرين على تحديد قيم الدولة والمجتمع في حين يعطي الناخبون أصواتهم لممثلين يعطون قواعد الشريعة اليهودية الأولية على حساب المبادئ العلمانية والليبرالية الغربية. وقد كانت المحاولة التي قام بها وزير العدل الإسرائيلي دانيال فريدمان (2007–2009) لتعديل إجراءات تعيين قضاة المحكمة العليا تعبيراً عن استياء اليمين من توجهات المحكمة.135 كما ولدّت نزعة المحكمة العليا إلى توسيع صلاحياتها صداماً مستمراً مع السلطة التشريعية ومع الأحزاب اليمينية بصورة خاصة، دار ويدور أبرزه، كما رأينا في القسم الأول من هذا الفصل، على صلاحية المحكمة بإلغاء تشريعات يسنها الكنيست.
جـ– دور المحكمة في الرقابة على مؤسسات الدولة
1– الرقابة على أعمال الكنيست الإدارية والتشريعية: تأخذ المحكمة العليا، بصفتها محكمة عدل عليا، على عاتقها عملية مراقبة أعمال الكنيست وانتقادها. وهذه المراقبة تتم على مستويين: الأول يتعلق بمراقبة محكمة العدل العليا لفعاليات الكنيست، والثاني لمراقبة أعمال الكنيست في المهمات التشريعية.
بالنسبة إلى المستوى الأول من الرقابة والمتعلق بفعاليات الكنيست، فمحكمة العدل العليا تدخلت في قرارات الكنيست، كقراره بإبعاد عضو كنيست عن منصبه،136 وقرارات برفع الحصانة عن أعضاء فيه.137 كما تدخلت في ترتيبات العمل الداخلية للكنيست، لكنها لم تقم بالتدخل إذا كان من شأنه أن يشكل انتهاكاً لـِ «نسيج الحياة البرلمانية»، أو لـِ «قيم جوهرية في نظامنا الدستوري.»138
وبالنسبة إلى المستوى الثاني من الرقابة، والمتعلق بدور الكنيست في التشريع، فقد نظرت المحكمة العليا، بصفتها محكمة عدل عليا، في دستورية القوانين التي تصدر عنه من ناحية توافقها مع قوانين أساس، وذلك على الرغم من أنه الهيئة التي تعبّر عن رغبات الشعب، وبالتالي سيادته. وقد رأينا في القسم الأول من هذا الفصل كيف أخذت المحكمة العليا على عاتقها صلاحية الرقابة على قوانين تنتهك تشريعات حصينة في قوانين الأساس، وكيف قامت بإلغاء قوانين تنتهك حقوقاً منصوصاً عليها في «قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته»، و«قانون أساس: حرية العمل». واعتماداً على القرار القضائي «بنك همزراحي»،139 قامت المحكمة العليا بإلغاء قوانين،140 منها: تعديل قانون خدمات الاتصال السريعة (بيزيك) لسنة 1982، الذي تم استيعابه في إطار قانون تعزيز الإنماء والتشغيل لتحقيق أهداف الميزانية لسنة 1998. وأعطى هذا التعديل رخصة بث إذاعي لكل مَن قام بتشغيل محطة إذاعة قطرية مدة خمسة أعوام، ويُلتقط بثها في معظم أنحاء إسرائيل. ومن الادعاءات المتنوعة في القضية، قام الملتمسون بالادعاء أن هذا التعديل ينتهك «قانون أساس: حرية العمل». فالمادة 3 منه تنص على أن: «لكل مواطن أو مقيم بالدولة حرية القيام بأي عمل أو مهنة أو تجارة.» وقد استنتجت المحكمة أن المساس بالقدرة على التنافس يُعتبر انتهاكاً لحرية العمل.141 وبعد أن قررت المحكمة وجود انتهاك لحرية العمل، قامت بفحص التعديل وفقاً لفقرة التقييد الموجودة في المادة 4 والتي تنص على التالي: «لا مساس بحرية العمل إلاّ بواسطة قانون ملائم لقيم دولة إسرائيل، والذي يبغي نيل هدف نبيل، وبدرجة غير مبالغ فيها، أو بحسب تخويل مفصل للقانون.» وتوصلت المحكمة إلى النتيجة أن تعديل القانون لا يتلاءم مع فقرة التقييد المنصوص عليها في قانون الأساس، لذلك قامت بإعلان إلغاء تعديل قانون خدمات الاتصال السريعة (بيزيك).142
مثال آخر لرقابة المحكمة على التشريعات التي يصدرها الكنيست نجده في قرارها الصادر بتاريخ 16/9/2013 في قضية «آدم وآخرين»143 إذ ألغت المحكمة قانون منع التسلل (مخالفات ومحاكمات) (تعديل رقم 3 وقانون موقت) لسنة 2012 الذي أتاح إمكان اعتقال/حجز متسللين من مهاجري عمل وطالبي لجوء من إريتريا والسودان مدة 3 سنوات. وقد قررت المحكمة أن التعديل يمس بحق الإنسان في الحرية بدرجة مبالغ فيها. لذلك، فهو غير دستوري لتعارضه مع المادة 8 من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته. وعادت المحكمة في قضية «جبري سلاسي وآخرين»144 إلى إلغاء قانون منع التسلل (مخالفات ومحاكمات) (تعديل رقم 4 وقانون موقت) لسنة 2013 الذي خفف المس بالمتسللين بحيث استبدل الحجز في السجن بالحجز في معسكر/مركز (متكان) يثبتون وجودهم فيه ثلاث مرات يومياً، كما قصّر فترة حجزهم في معتقل حولوت في النقب لتصبح سنة بدلاً من ثلاث. لقد رأت المحكمة أن التعديل الحالي كسابقه ليس دستورياً ويمس بحرية الإنسان بدرجة تتعارض وقانون أساس: كرامة الإنسان وحريته. ومنحت المحكمة السلطات المعنية 90 يوماً لإغلاق معسكر حولوت الذي احتُجز فيه نحو 2200 إنسان من طالبي اللجوء من السودان وإريتريا.145
من جهة أُخرى، امتنعت المحكمة العليا من إلغاء قانون أساس: ميزانية الدولة للسنتين 2017 و2018 (تعليمات خاصة) (قانون موقت)، الذي عدل قانون أساس: الاقتصاد بحيث سمح للحكومة بإعداد ميزانية لسنتين بدلاً من ميزانية سنوية. واكتفت المحكمة بإصدار تحذير من أنها ستلغي مثل هذا القانون الموقت إذا أعاد الكنيست سنّه مستقبلاً.146 لذلك ليس من السهل التوقع ماذا ستقرر المحكمة العليا عندما تبتّ الالتماسات المقدمة ضد دستورية قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي.147
2– الرقابة على بقية المحاكم
- الرقابة على المحاكم الدينية: وفقاً للمادة 15 (2) (4) من «قانون أساس: القضاء»، فإن محكمة العدل العليا قادرة على تفعيل الرقابة على قرارات المحاكم الدينية، وذلك عند خروجها عن نطاق الصلاحية. وفسرت محكمة العدل العليا معنى الخروج عن الصلاحية بشكل واسع. فمثلاً، انتهاك «قوانين العدل الطبيعي» يُعتبر خروجاً عن الصلاحية.148 وهنا يجب السؤال: هل يُعتبر انتهاك محكمة دينية أمراً موجهاً إليها مباشرة خروجاً عن الصلاحية يستدعي تدخل محكمة العدل العليا وفقاً للمادة 15 (2) (4)؟149 أو أن الخروج عن مبادئ القانون المدني يُعتبر موضوعاً يوجب تدخل محكمة العدل العليا كي تمنح عوناً عادلاً كالمنصوص عليه في المادة 15 من «قانون أساس: القضاء»؟150
في الخيار الأول، أي إذا اعتُبر انتهاك محكمة دينية أمراً موجهاً إليها مباشرة خروجاً عن الصلاحية يوجب تدخل محكمة العدل العليا وفقاً للمادة 15 (2) (4) من «قانون أساس: القضاء»، فإن قرار المحكمة الدينية يُعتبر لاغياً من أصله. أمّا إذا اعتُبر انتهاك محكمة دينية أمراً موجهاً إليها بشكل غير مباشر – الخروج عن القانون المدني– موضوعاً يوجب تدخل محكمة العدل العليا كي تمنح عوناً عادلاً كالمنصوص عليه في المادة 15 من «قانون أساس: القضاء»، فيكون القرار قابلاً للإلغاء، وذلك وفقاً لما ترتئيه محكمة العدل العليا.
وعلى الرغم من الحذر والتأني اللذين يميزان عمل المحكمة العليا في هذا الشأن، فإنها، عندما دعت الحاجة، تدخلت في قرارات المحاكم الدينية على أنواعها: ربانية،151 وشرعية،152 وكنسية،153 ومذهبية (درزية).154 وتميزت قرارات المحكمة العليا بتدخل في مسألة الصلاحية وفي القانون الجوهري على حد سواء، وإدخال القوانين المدنية والجنائية إلى ساحة المحكمة الدينية.155 وعلى سبيل المثال، قررت أن قانون الأهلية القانونية والوصاية لسنة 1962 يسري على المحاكم الشرعية.156 كما قررت المحكمة العليا أن القانون الجنائي يسري على مجال عمل المحكمة المذهبية الدرزية. وعندما يطلِّق رجل زوجته تعسفاً فذلك يُعتبر مخالفة للمادة 181 من قانون العقوبات إضافة إلى عدم نفاذ قرار الطلاق.157
- الرقابة على محكمة العمل القطرية: تُعتبر العلاقة المباشرة بين محكمة العدل العليا ومحكمة العمل القطرية، من حيث محاولات الأولى للتأثير في بلورة سياسة قرارات الثانية، علاقة طويلة. فمحكمة العدل العليا أخضعت محكمة العمل القطرية رويداً رويداً لرقابتها. وقد جرت نقاشات حامية بشأن هذا الموضوع في المجال الأكاديمي.158
كانت درجة تدخل محكمة العدل العليا في قرارات محكمة العمل القطرية مثيرة للجدل حتى في محكمة العدل نفسها. ففي قرار للأكثرية159 كتبَت ما يلي: «هنالك أهمية دستورية وشعبية عليا بألاّ يكون لأي جهاز أو شخص في الدولة يشغل منصباً قضائياً أو إدارياً وفقاً للقانون حصانة من الرقابة القضائية على أعماله أو إغفالاته الممكنة. والكنيست قادر، طبعاً، على تشريع العكس، لكن حتى ذلك الحين يجب ألاّ تُفترض مثل هذه النية، إلاّ إذا عبِّر عنها بلغة واضحة وقاطعة لا تُبقي مجالاً للشك. والرأي السائد هو أنه عند إلغاء أو تقييد صلاحية محكمة العدل العليا في مجال معين، فإنه من غير الكافي القول إن القرار في هذه القضية نهائي أو غير قابل للاستئناف أو للاستئناف الإضافي، وبقية الأمور على هذا النحو. فمحكمة العدل العليا مسؤولة عن الحفاظ على قانونية وسلامة أفعال السلطات العامة في الدولة، ولهذه الوظيفة أهمية دستورية وشعبية من الدرجة الأولى. وقد يؤدي أي مساس بهذا الدور إلى ضعضعة الأسس التي تقوم عليها سطوة القانون في الحياة العامة في الدولة، وإلى المساس بصميم الجهاز القضائي فيها. لذا، علينا أن نقرر أن أي إلغاء أو تقييد لصلاحية النقض القضائي لمحكمة العدل العليا يجب أن يتم وفقاً لقرار واضح وصريح من المشرع في الدولة.»
وعبّر القاضي حاييم كوهين عن رأي الأقلية في القضية نفسها أعلاه قائلاً:160 «حذار من أن تحسب محكمة العدل العليا أن لها صلاحية القضاء في قرار اتُخذ ضمن الصلاحية المطلقة لمحكمة العمل، إلاّ إذا كشف الالتماس عن خروج عن الصلاحية، أو عن مساس بقواعد العدل الطبيعي.» ثم أضاف أن المشرع صرح عن نيته، بشكل غير قابل للتأويل، أن الموضوعات الخاضعة للصلاحيات الوحيدة لمحكمة العمل القطرية يتم تداولها فقط في مجلسه. وفي قضية أُخرى أمام محكمة العدل العليا،161 قال حاييم كوهين، وهو يعبّر أيضاً عن رأي أقلية، إنه «حتى لو أخطأت محاكم العمل بمختلف درجاتها خطأً قانونياً واضحاً، فليس من صلاحية محكمة العدل العليا تقديم العون إلى الطرف الذي خسر القضية بسبب هذا الخطأ. كذلك ليس من صلاحية هذه المحكمة تقديم العون له، لأن الموضوع يتعلق بصلاحية محكمة أُخرى، هي محكمة العمل.» لكن حين يكون في الموضوع خروج عن الصلاحية، فإن حاييم كوهين انضم إلى رأي بقية الهيئة في أن لمحكمة العدل العليا صلاحية التدخل في القرار.162
لقد وُضحت قاعدة تدخل محكمة العدل العليا في قرارات محكمة العمل القطرية وأُقرت في القرار القضائي «خطيب»،163 ثم تم التصرف وفق هذه القاعدة في قرارات قضائية لاحقة كثيرة. فعلى سبيل المثال، قررت محكمة العدل العليا في قضية «شلمة نكاش» ضد محكمة العمل القطرية وثلاثة آخرين164 التالي: «تدخُّلنا في قرارات محكمة العمل القطرية مفهوم ضمناً. والقاعدة المأخوذ بها اليوم هي التي تم إقرارها في قرار محكمة العدل العليا ‹خطيب›، والتي تفرض علينا التدخل في قرارات محكمة العمل عند تحقق شرطين متراكمين: الأول، اكتشاف خطأ قانوني جوهري في القرار القضائي. والثاني، تحقيق العدل الذي يفرض تدخل محكمة العدل العليا في ضوء أوضاع القضية.»
تقوم محكمة العدل العليا بالتدخل أيضاً حين يبرز سؤال عن انعدام صلاحية محكمة العمل القطرية.165 من هنا فإننا نرى الأسلوب الواضح الذي تتصف به محكمة العدل العليا في بسط ذراعيها على كل مجال من أجل فرض رقابتها من جهة، ومن أجل فرض هيمنتها القضائية من جهة أُخرى.
وهي أدنى درجة من المحكمة العليا. وتقام بأمر من وزير العدل الذي يحدد مناطق صلاحية. واليوم هناك محكمة مركزية في كل لواء من ألوية الدولة الستة: الشمال؛ حيفا؛ تل أبيب؛ المركز؛ القدس؛ الجنوب. وتعقد بصفتين: بصفتها الابتدائية للنظر في قضايا أول مرة، وبصفتها الاستئنافية للنظر في الاستئنافات المرفوعة إليها من محاكم الصلح. وفيما يلي تعريف بها من ناحية تركيبتها، ومن ناحية اختصاصها.
أ– تركيبة المحكمة: تتألف من عدد من القضاة، ويقرر وزير العدل العدد في كل محكمة مركزية بأمر صادر عنه ينشر في «الجريدة الرسمية» (المادة 35 من قانون المحاكم). وبموجب المادة 37 من قانون المحاكم، تفتتح المحاكم المركزية جلساتها بهيئة من ثلاثة قضاة في القضايا الجزائية التي عقوبتها الإعدام أو السجن مدة تزيد على عشرة أعوام، وفي الاستئنافات بشأن قرارات محكمة الصلح، وفي أي قضية أمر قاضي المحكمة المركزية بأن يتم تداولها في هيئة من ثلاثة قضاة. أمّا بقية القضايا، فتتم مداولتها أمام قاض واحد. ويقع على عاتق رئيس المحكمة المركزية أو نائبه تعيين الهيئات والقضاة المرفوعة أمامهم مختلف القضايا (المادة 38 من قانون المحاكم).
وبموجب المادة 3 من قانون المحاكم، يُشترط في قاضي المحكمة المركزية أن يكون خدم مدة أربعة أعوام قاضياً في محكمة الصلح، أو زاول مهنة المحاماة مدة سبعة أعوام على الأقل، وكان مسجلاً في سجلات نقابة المحامين.
ب– اختصاص المحكمة: تباشر المحاكم المركزية صلاحياتها في جميع القضايا المدنية والجزائية التي ليست ضمن صلاحية محاكم الصلح، وتشمل: في القضايا الجزائية كل تهمة عقوبتها أكثر من سبع سنوات، وفي القضايا المدنية دعاوى قيمتها أكثر من 2,500,000 شيكل جديد، يضاف إلى ذلك قضايا تتعلق بملكية الأراضي، ولها أيضاً أن تنظر في الاستئنافات بشأن قرارات محاكم الصلح. كما يعود إليها بتّ الالتماسات الإدارية وفي الدعاوى والاستئنافات الإدارية وفق قانون المحاكم للقضايا الإدارية لسنة 2000 الذي نص على نقل صلاحيات من محكمة العدل العليا إلى المحكمة المركزية من أجل خفض الضغط عن الأولى، الناتج من كثرة القضايا المرفوعة أمامها، وخصوصاً أنها كانت تقوم ببتّ القضايا الإدارية في مجلس هو الأول والأخير. وتنظر محكمة القضايا الإدارية في القضايا المطروحة أمامها وفقاً للعلل، وللصلاحيات والعلاجات التي بموجبها تعمل المحكمة العليا بصفتها محكمة عدل عليا (المادة 8 من قانون المحاكم الإدارية). وقد عرَّفت المادة 2 من القانون القضايا الإدارية بأنها «القضايا المتعلقة بالخلافات بين الإنسان والسلطات.» وتشمل صلاحيات المحاكم الإدارية ما يلي:
- بموجب المادة 5 (1) من قانون المحاكم للقضايا الإدارية، النظر في التماس ضد قرار سلطة في قائمة طويلة من القضايا المفصلة في الذيل الأول للقانون ومنها القضايا التالية: ضرائب المجالس المحلية؛ إباحة المعلومات؛ التعليم؛ مجالس دينية؛ مناقصات عمومية وحركات اجتماعية؛ ترخيص مصالح؛ قضايا صلاحية وعدم صلاحية إشغال مناصب في المقاعد المنتخبة في المجالس المحلية؛ قضايا الخدمات السياحية وفقاً لقانون الخدمات السياحية لسنة 1975/1976؛ قضايا التخطيط والبناء وفقاً لقانون التخطيط والبناء لسنة 1965 (عدا الفصول الخامس والثامن والعاشر)؛ استملاك أراض بموجب قانون استملاك الأراضي لسنة 1943؛ قرار بموجب المادة 78 من قانون الشرطة لسنة 1971؛ قرار سلطة بموجب قانون الحفاظ على صحة الجمهور (غِذاء) لسنة 2015؛ قرارات هيئات عاملة بموجب قانون الجنسية لسنة 1952؛ قانون الدخول إلى إسرائيل لسنة 1952؛ قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل (قانون موقت) لسنة 2003.
- ومنذ سنة 2018 أُجري تعديل إضافي على قانون المحاكم الإدارية وأضيفت المادة 5أ وأصبح للمحكمة الإدارية في القدس صلاحية النظر في التماسات إدارية ضد قرارات تصدرها الهيئات المتعددة في الضفة الغربية في قضايا إباحة المعلومات، والتخطيط والبناء، والدخول إلى المنطقة والخروج منها (تفصيل في الذيل الرابع للقانون).
- النظر في الاستئنافات بشأن موضوعات متعددة مفصلة في الذيل الثالث للقانون منها: استئناف قرار مسجل الجمعيات التعاونية وفقاً لقانون الجمعيات التعاونية، ما عدا قضايا تفكيك الجمعيات التعاونية؛ التحكيم في الخلافات؛ مصادرات أملاك بصورة موقتة؛ استئناف وفق المادة 28 (ب) (7) من قانون سوق الغاز الطبيعي لسنة 2002؛ استئناف وفق المادة 11 (د) من قانون تخطيط سوق الحليب لسنة 2011؛ استئناف وفق المادة 56 (ب) (2) من قانون مراقبة حضانات الرضع لسنة 2018.
ومن الجدير ذكره أن الاستئناف فيما يتعلق بقرارات المحكمة المركزية، كمحكمة للقضايا الإدارية، يُرفع إلى محكمة العدل العليا في مجلسها كمحكمة استئناف في الموضوعات الإدارية. إضافة إلى ذلك، فإن لقاضي المحكمة المركزية، في مجلسه كقاض في الأمور الإدارية، أن يحول أمراً رُفع أمامه إلى محكمة العدل العليا لتنظر فيه إذا اعتقد أن الأمر ذو أهمية خاصة، ويتطلب قراراً سريعاً، وأن يكون في غاية الحساسية. وفي الإمكان استئناف القرارات الصادرة عن المحاكم المركزية، كمحكمة قضاء إداري، أمام محكمة العدل العليا من دون حاجة إلى إذن من الأخيرة، إلاّ في حالة بتّت المحكمة الإدارية استئنافاً إدارياً؛ ففي هذه الحالة يجب الحصول على إذن من محكمة العدل العليا.
ومن أجل أن تغطى الموضوعات القانونية جميعها تحت غطاء القضاء، أُعطيت المحاكم المركزية صلاحية بتّ كل القضايا التي ليست ضمن صلاحية أي من المحاكم الأُخرى، عادية كانت أو خاصة. وقبل سن قانون محاكم القضايا الإدارية، قامت محكمة العدل العليا بنقل صلاحيات كثيرة بواسطة القرارات القضائية، فمثلاً تم نقل قضايا المناقصات العامة إلى المحكمة المركزية.166
هي المحكمة الأدنى درجة في هرم المحاكم. وتنظر في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصها بداية. وفيما يلي تعريف بتركيبتها واختصاصها.
أ– تركيبة المحكمة: يختلف عدد القضاة من محكمة صلح إلى أُخرى، وذلك وفق ما يرتئيه وزير العدل. ويتم التداول في محاكم الصلح في هيئة مكونة من قاض واحد، لكن في إمكان رئيس محكمة الصلح، بطلب من القاضي الذي يجلس للقضاء، أو من أحد الأطراف، أن يقرر بتّ قضية معينة في هيئة مكونة من ثلاثة قضاة (المادة 47 من قانون المحاكم). ويتم تعيين الهيئات القضائية في القضايا المتعددة من رئيس محكمة الصلح أو نائبه (المادة 48 من قانون القضاء). ويشترط فيمَن يعيَّن قاضياً في محكمة الصلح أن يكون مواطناً إسرائيلياً مسجلاً في سجلات نقابة المحامين، وأن يكون عمل خمسة أعوام على الأقل في مهنة المحاماة (المادة 4 من قانون المحاكم).
ب– اختصاص المحكمة: بموجب المادة 51 من قانون المحاكم، تنظر هذه المحاكم في القضايا الجزائية والمدنية. فهي تبتّ القضايا الجزائية التي عقوبتها غرامة مالية أو سجن مدة لا تزيد على 7 أعوام، باستثناء القضايا المتعلقة بالشركات، وهي: جرائم رشوة؛ سرقة من مدير؛ سرقة من مسؤول؛ الاستيلاء على أشياء بالخداع؛ تسجيل كاذب في وثائق شركة؛ مساس المدير العام للشركة بقدرتها على تنفيذ تعهداتها. فهذه الجرائم يُطبق عليها قانون القيود التجارية (1988)، وربما تكون عقوبتها 5 أعوام أو أكثر، وقد يقرر النائب العام للواء تقديم لائحة اتهام فيها إلى المحكمة المركزية لا إلى محكمة الصلح. كما أن محكمة الصلح مخولة بتّ القضايا المذكورة في الملحق الثاني لقانون المحاكم والتي تقدر عقوبتها بأكثر من سبعة أعوام، مثل الجرائم بحسب أمر المخدرات الخطرة لسنة 1973، الذي يمنع زراعة المخدرات وإنتاجها وتحضيرها، وحيازتها، وتصديرها، واستيرادها، والتجارة بها، والسمسرة، والنقل، ودفع قاصر إلى تعاطيها.
وتنظر محكمة الصلح في القضايا المدنية التالية: 1) الدعاوى التي تقل قيمتها عن 2,500,000 شيكل، ما عدا الدعاوى المتعلقة بالعقارات. لكن إذا قُدمت دعوى مضادة للدعوى الأصلية، فالمحكمة المركزية مخولة بتّ القضية مهما تكن قيمة الدعوى المضادة. 2) الدعاوى المتعلقة باستعمال عقارات، أو حيازتها أو توزيعها، أو توزيع حقوق استعمالها. ومن الجدير ذكره أن محاكم الصلح غير مخولة بتّ قضايا الاستئجار طويل الأمد، وأنها تمارس صلاحياتها أيضاً في عملها كمحكمة شؤون العائلة، وكمحكمة سير وسنتطرق إليهما فيما يلي ضمن «المحاكم الخاصة».
تشمل هذه المحاكم: المحاكم الدينية، ومحكمة شؤون العائلة، ومحاكم العمل، والمحاكم العسكرية، ومحاكم السير. وفيما يلي تعريف بكل نوع من هذه المحاكم على التوالي.
توجد في إسرائيل أربعة أنواع من المحاكم الدينية: لليهود تدعى المحاكم «الربانية»، وللدروز تدعى «مذهبية»، وللمسلمين تسمى «المحاكم الشرعية»، وللمسيحيين يُطلق عليها «المحاكم الكنسية». وفيما يلي عرض لهذه الأنواع.
أ– المحكمة الدينية لليهود «الربانية»: تعمل هذه المحكمة بموجب قانون القضاء في المحاكم الربانية (زواج وطلاق) لسنة 1953168 (فيما يلي : قانون القضاء في المحاكم الربانية). ويكون التقاضي فيها على درجتين: ابتدائية من خلال المحكمة الربانية اللوائية، واستئنافية من خلال المحكمة الربانية العليا. أمّا تركيبتها وتعيين القضاة فيها وسير عملها فيتم بموجب قانون القضاة الربانيين لسنة 1955.169
1– تركيبة المحكمة: عادة، يعقد القضاة اللوائيون جلساتهم في هيئة من ثلاثة قضاة إلاّ إذا تقرر غير ذلك (المادة 8 (هـ) من قانون القضاة الربانيين). ويتمتع القاضي الرباني باستقلالية قضائية، إذ لا سيادة عليه سوى سيادة القانون (المادة 12 من قانون القضاة الربانيين). ويوجد مجلس حاخمين أعلى يقوم بتأهيل القضاة. أمّا شروط التأهيل وترتيباتها، فيقررها وزير الأديان ويوافق عليها المجلس الرباني الأعلى (المادة 3 من قانون القضاة الربانيين). ويُشترط فيمَن يرغب في أن يكون قاضياً ربانياً أن يكون مواطناً في دولة إسرائيل، وإن كان يحمل أكثر من جنسية، عليه أن يتنازل عن الجنسية الأُخرى (المادة 3أ من قانون القضاة الربانيين).
وثمة لجنة لتعيين القضاة الربانيين مكونة من أحد عشر عضواً هم: الحاخامان الأكبران لإسرائيل؛ قاضيان من المحكمة الربانية العليا ينتخبهما قضاة المحكمة ويمارسان هذه الصلاحية مدة ثلاثة أعوام؛ وزير الأديان؛ وزير آخر تنتدبه الحكومة؛ عضوا كنيست ينتخبهما الكنيست بانتخاب سري، ويزاولان هذه الصلاحية ما داما عضوين فيه، وإذا انتهت ولاية الكنيست يواصلان هذا العمل حتى ينتخب الكنيست الجديد عضوين مكانهما؛ محاميان تنتخبهما نقابة المحامين، ومرافِعة ربانية يختارها وزير العدل.170 ويكون الحاخامان الأكبران في دولة إسرائيل، وأيضاً عدة حاخامين محليين، قضاة بحكم وظائفهم. ويحضر وزير الأديان قرار التعيين، ويوقّعه رئيس الدولة.
لدى الجهاز الديني اليهودي إمكان تأثير كبير في تعيين القضاة الربانيين. فرئيس المحكمة الربانية العليا يكون الحاخام الأكبر لإسرائيل. لذلك توجد روابط بين تدرج المناصب الدينية، وتدرج المناصب القضائية الربانية.
2– اختصاص المحكمة: تتمتع المحاكم الربانية بصلاحية مطلقة في قضايا الزواج والطلاق لليهود في إسرائيل، وتطبق القانون التوراتي على هذه القضايا (المادة 1 من قانون القضاء في المحاكم الربانية). وتتضمن صلاحية المحاكم الدعاوى المرافقة لدعاوى الطلاق، كنفقة الزوجة والأولاد. وتناقش المراجع القانونية سباق الصلاحيات بين المحاكم الربانية والمدنية في مسألة النفقة، إذ قد يتوجه الزوج إلى محكمة ربانية ويقدم دعوى طلاق، ويضم مسألة النفقة إلى الدعوى، لأنه يعلم بأن المحكمة الربانية تحكم بنفقة أقل من المحكمة المدنية. والزوجة أيضاً تستطيع رفع دعوى أمام محكمة ربانية أو مدنية في موضوع النفقة، إلاّ إن الزوجات، عادة، يفضلن المحاكم المدنية للسبب المذكور.
تصنف صلاحية المحاكم الربانية في قضايا الزواج والطلاق والأمور المتعلقة بهما بأنها صلاحيات مطلقة. ويوجد نوع آخر من الصلاحيات، وهو صلاحيات مختارة ممنوحة للمرأة، بحيث تستطيع أن تختار بين تفعيل هذه الصلاحية أو عدم تفعيلها. وهنالك نوع ثالث من الصلاحيات، يعترف القانون فيه بصلاحية المحاكم الربانية أن تقوم بتداول الأمر، شرط أن تكون الدعوى متعلقة بأحد الموضوعات المذكورة في المادة 51 من دستور فلسطين لسنة 1922، أو في أمر الإرث الانتدابي، وشرط أن يوافق جميع الأطراف على ذلك.
ب– المحكمة الدينية الدرزية: تعمل هذه المحكمة بموجب قانون المحاكم الدينية الدرزية لسنة 1962171 (فيما يلي : «القانون»). ففي هذه السنة، تكونت أول محكمة دينية خاصة بالدروز، ويكون التقاضي فيها على درجتين: بدائية واستئنافية. وقبل إقامة هذه المحاكم، كان الدروز يتوجهون إلى المحاكم الشرعية الخاصة بالمسلمين للنظر في قضايا الزواج والطلاق.172 وفيما يلي تعريف بتركيبة المحكمة واختصاصها.
1 – تركيبة المحكمة: تعقد المحكمة الدينية الدرزية جلساتها في هيئة من ثلاثة قضاة. فإذا تعذر ذلك، يمكن التداول في هيئة ناقصة (المادة 8 من القانون). ويكون مؤهلاً للتعيين كقاض درزي مَن توفرت فيه الشروط التالية: 1) تلقى تأهيلاً ملائماً في المذهب الدرزي؛ 2) يتلاءم سلوكه مع مكانة قاض مذهبي درزي؛ 3) يبلغ من العمر ما لا يقل عن ثلاثين عاماً، وهو متزوج أو كان متزوجاً (المادة 9 من القانون).
ويعيِّن رئيس الدولة القاضي المذهبي الدرزي، وبحسب توصيات لجنة تعيينات تضم تسعة أعضاء هم: رئيس المجلس الديني الدرزي؛173 رئيس محكمة الاستئناف الدرزية (وإذا كان هو نفسه رئيس المجلس الديني الدرزي، يُستبدل بقاضي مذهب تنتخبه هيئة القضاة مدة ثلاثة أعوام)؛ قاضيان مذهبيان تنتخبهما هيئة القضاة المذهبيين مدة ثلاثة أعوام؛ وزير العدل، وزير آخر تعيّنه الحكومة؛ عضو كنيست درزي ينتخبه الكنيست بانتخابات سرية، ويمارس صلاحياته ما دام بقي عضواً فيه. وإذا لم يكن في الكنيست أي عضو درزي، يتم استبداله بشخصية درزية أُخرى ينتخبها الكنيست بانتخابات سرية، وتمارس صلاحياتها ما دام الكنيست لم ينتخب شخصية أُخرى (المادتان 9–10 من القانون).
2 – اختصاص المحكمة: للمحكمة الدينية الدرزية صلاحية مطلقة للنظر في قضايا الزواج والطلاق للدروز(المادة 4 من القانون). وصيغة صلاحيات هذه المحكمة شبيهة بصيغة صلاحيات المحاكم الربانية. كما أن المشرع منح هذه المحكمة صلاحية متوازية مع المحاكم المدنية في الموضوعات المذكورة في المادة 51 من دستور فلسطين وفي قانون الإرث. وتُمنح المحكمة الصلاحية في هذه الحالة إذا عبّرت الأطراف المتنازعة كلها عن موافقتها على مثل هذا التخويل (المادة 5 من القانون).
جـ– المحكمة الدينية للمسلمين (المحكمة الشرعية الإسلامية): في قضايا الأحوال الشخصية، حافظت إسرائيل على الوضع الذي كان قائماً في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، وذلك من ناحية الإبقاء على المحاكم الشرعية الإسلامية لتنظر في قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالمسلمين، ومن ناحية استمرارية العمل بقانون العائلة العثماني لسنة 1917. ويتم التقاضي في المحاكم الشرعية الإسلامية على درجتين: إذ توجد محاكم تنظر في القضية أول مرة، ومحاكم تنظر في القضية بصفتها محكمة استئناف، وقرارها يُعتبر نهائياً. وتُعقد المحكمة الشرعية بدرجتها الأولى بقاضٍ واحد. أمّا محكمة الاستئناف الشرعية فتعقد بثلاثة قضاة وإذا كان عدد قضاة المحكمة أقل من ثلاثة أو لم يستطع أحدهم الانضمام، فيمكن أن تُعقد بقاضيين.174 وقضاة هذه المحاكم هم مواطنون إسرائيليون من المسلمين العرب الذين تتوفر فيهم الشروط التالية : يحمل شهادة جامعية في الشريعة أو التعاليم الإسلامية من إحدى الجامعات أو المؤسسات المعترف بها؛ يتلاءم سلوكه ومكانة قاضٍ شرعي؛ عمره ثلاثون عاماً على الأقل؛ اجتاز امتحاناً خطياً تعيّنه لجنة فحص برئاسة رئيس محكمة الاستئناف، وعضوية عضو كنيست مسلم، وعضو آخر كان قاضياً شرعياً أو يزاول مهنة المحاماة.175 وتعيِّنهم لجنة تعيين خاصة تتكون من تسعة أعضاء هم: رئيس محكمة الاستئناف الشرعية؛ قاضٍ شرعي آخر؛ وزير العدل؛ وزير آخر؛ ثلاثة أعضاء كنيست، اثنان منهم على الأقل مسلمان؛ ممثلان عن نقابة المحامين، واحد منهم مسلم. واللجنة برئاسة وزير العدل.176
وحتى صدور التعديل رقم 5 على قانون محكمة شؤون العائلة في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، كان اختصاص المحاكم الشرعية الإسلامية يشمل جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية: الزواج والطلاق والنفقة والحضانة والوصاية، إضافة إلى صلاحيتها في النظر في قضايا الإرث والوصايا إذا وافقت الأطراف على ذلك. لكن التعديل المذكور قلص صلاحياتها، بحيث أصبحت تقتصر على قضايا الزواج والطلاق فقط. أمّا باقي القضايا، كالنفقة والحضانة، فأصبحت ضمن اختصاص محكمة شؤون العائلة.177
وإضافة إلى التعديل رقم 5 لقانون محكمة شؤون العائلة، ثمة قوانين أُخرى تهدف إلى تقليص صلاحيات المحاكم الدينية بصورة عامة، وضمنها المحاكم الشرعية الإسلامية. فقانون سن الزواج، وقانون الإرث، وقانون الأسماء مثلاً، نقلت صلاحيات النظر فيها إلى المحاكم المدنية. وعلى الرغم من هذا التوجه فإن المحاكم الشرعية ما زالت تتمتع بصلاحيات واسعة ومطلقة أيضاً، أي أنها هي فقط تستطيع الجزم بشأن القضايا التي ذكرها قانون أصول المحاكمات الشرعية.
د– المحاكم الدينية للمسيحيين (المحاكم الكنسية): لكل طائفة مسيحية معترف بها في إسرائيل محكمة خاصة بها. ويعيِّن الرؤساء الروحيون لهذه الطوائف قضاة المحاكم الكنسية.178 وقد حُدد اختصاص هذه المحاكم في مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922 ليشمل قضايا الزواج والطلاق والنفقة، إضافة إلى قضايا الإرث والوصايا إذا وافقت الأطراف على ذلك،179 وفي حال عدم الموافقة يتم الذهاب إلى محكمة شؤون العائلة. وقد قلص التعديل رقم 5 لقانون شؤون العائلة صلاحيتها، لتقتصر فقط على مسائل الزواج والطلاق.
بناء على قانون محكمة شؤون العائلة لسنة 1995،180 تم إنشاء محكمة مدنية تختص بالنظر في مسائل معينة تتعلق بالأحوال الشخصية من خلال انتزاع بعض صلاحيات المحاكم الدينية وبالنظر في قضايا مدنية بين أفراد العائلة. وخول القانون وزير العدل بتأهيل محكمة صلح لتُعقد كمحكمة شؤون عائلة والنظر في قضايا العائلة،181 وبتعيين قضاة محكمة شؤون العائلة من قضاة محكمة الصلح بتوصية من رئيس المحكمة العليا.182 ويصلح أن يكون قاضياً في محكمة شؤون العائلة مَن هو صاحب معرفة وتجربة مهنية في هذا المجال.183
وفيما يلي تعريف بالأسباب التي أدت إلى إنشائها، وتعريف باختصاصها :
أ– أسباب تأسيس المحكمة: دفعت المشكلات التالية التي كانت تعتري النظام القديم (بحسب وصف القاضيين دان أربل ويهوشواع غيفمن)184 إلى تأسيس محكمة شؤون العائلة:
- انشغال عدد كبير من القضاة في دعاوى نابعة من خلاف عائلي واحد.
- ارتفاع التكلفة المالية للدعاوى، ومماطلة في الدعاوى نتيجة كثرة القضايا وكثرة الجلسات في المحاكم، والتي يتم تداولها أمام هيئات قضائية متعددة.
- الحلول التي وفرتها المحاكم لم تكن شاملة، وإنما جزئية.
- التأثير المدمر لطول مدة المحاكمات في الزوجين وأولادهما.
- الكفاءة المتدنية للمحامين في الخلافات العائلية.
- جباية رسوم عالية في المحاكم في عمليات توزيع الأملاك بين الزوجين، وذلك وفقاً لمعايير معقدة وغير معروفة للأطراف.
- عدم واقعية ما يتطلبه قانون أصول المحاكمات من أدلة صارمة بالنسبة إلى الخلافات الزوجية.
- انتهاك الحياة الشخصية للمتخاصمين، فقضايا الطلاق مفتوحة أمام الجمهور، كما أنها تُنشر في وسائل الإعلام، الأمر الذي يضر بأبناء الزوجين.
- نقص الوسائل الحديثة لحل مشكلات الزوجين.
- صعوبات في تنفيذ الحكم القضائي النهائي.
ب– اختصاص المحكمة: لمحكمة شؤون العائلة صلاحية بتّ الخلافات العائلية. وقد تضمن القانون الجديد تعريفاً بالأحوال الشخصية أوسع من الذي كان في فترة الانتداب.185 فقد نص القانون على ثلاثة أنواع من
الصلاحيات:186
- صلاحيات في قضايا الأحوال الشخصية كما ورد تعريفها في مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922، بما في ذلك دعاوى النفقة والسكن وتوثيق أبوة أو أمومة، والدعاوى المتعلقة بإعادة طفل مخطوف، باستثناء إدارة أملاك أشخاص مفقودين. وقد أضيفت هذه الصلاحيات إلى صلاحية المحكمة بموجب قانون محكمة شؤون العائلة (تعديل رقم 5) لسنة 2001،187 الذي أضاف المادة 3 (ب1). وهكذا لم تبقَ للمحاكم الدينية للطوائف المتعددة صلاحية خاصة سوى بتّ قضايا الطلاق والزواج بين زوجين من الطائفة نفسها.
- صلاحيات في قضايا مدنية بين أفراد العائلة. ويعرّف القانون أفراد العائلة كما يلي: زوج/زوجة (يشمل أزواج غير متزوجين)؛ ابن (يشمل ابن الزوج أو الزوجة)؛ أهل (يشمل أهل الزوجين وإخوة الزوجين).
- صلاحيات في قضايا محددة بموجب قوانين معينة: قانون جيل الزواج لسنة 1950، وقانون الأسماء لسنة 1956، وقانون الإرث لسنة 1965، وقانون القضاء في موضوعات فسخ الزواج (حالات خاصة) لسنة 1969، وقانون العلاقات المالية بين الزوجين لسنة 1973، وقانون تبنّي أطفال لسنة 1981، وقانون منع العنف في العائلة لسنة 1991، وقانون اتفاقيات لحمل الأجنة (تصديق الاتفاقية ومكانة الطفل) لسنة 1996.
وتنفذ إجراءات موازنة الموارد بين الزوجين، أو إجراءات توزيع الأملاك بينهما، أو في دعوى متعلقة بقاصر – عدا دعاوى متعلقة بأملاك قاصر– بالتوافق مع قرار محكمة شؤون العائلة، وتحت رقابتها، إلاّ إذا أمر القاضي بأن يتم التنفيذ بحسب الطرق الاعتيادية في دوائر تنفيذ الأحكام القضائية.
وتوجد تسهيلات في الإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة، إذ تعفي من القيود المعروفة في أصول المحاكمات وعلى صعيد الأدلة إن لم تُقرر المحكمة غير ذلك. فهي مطالبة بأن تتصرف في الطرق التي تحقق القانون والعدل بالشكل الأمثل. وبالإضافة إلى ذلك فإنها مخولة أن تسمع شهادة القاصر من دون حضور أي شخص، أو في حضور الأشخاص الذين تسمح لهم المحكمة، وهي مخولة أيضاً أن توقف سماع شهادة قاصر أو أن تمنع استجوابه إذا رأت أن ضرراً ربما يحدث نتيجة هذا الاستجواب.188
وقد طرح مناشيه شوا،189 المختص بقوانين العائلة، تبريرات موضوعية ضد التعديل رقم 5 لقانون محاكم شؤون العائلة. وفي رأيه، فإن التعديل يسبب سباق صلاحيات بين المحاكم الدينية والمحاكم المدنية بشأن قضايا النفقة. فكل جانب سيرغب في استباق الجانب الآخر في رفع الدعوى. والزوج سيفضل التوجه إلى محكمة دينية باعتبارها تحكم بنفقة أقل، والزوجة ستفضل المحاكم المدنية لأنها تتوقع أنها ستراعي مصالحها. وسباق الصلاحيات هذا سيؤدي إلى تطويل المداولات، لأن محاكم متعددة ستناقش موضوعات تتعلق بأصول المحاكمات والصلاحيات بدلاً من القضايا الجوهرية. وهذا السباق يؤدي إلى رفع تكلفة الدعاوى، ثم ترجيح كفة الطرف الأقوى في ربح الدعوى باعتباره يمتلك الموارد المالية التي تمكنه من مواجهة الطرف الآخر. وسيخلق سباق الصلاحيات جواً من الشك بين الزوجين، وبدلاً من أن يطمح الجهاز القضائي إلى تحقيق الهدوء العائلي، سيسبب توترات وفرقة بين الزوجين نتيجة تخوف كل طرف من أن يقوم الطرف الآخر بتقديم دعوى ضده.
وعلى الرغم مما ساقه ويسوقه المعترضون على توسيع صلاحيات محكمة شؤون العائلة على حساب المحاكم الدينية من ادعاءات لصبغها بالسلبية، فإنهم يغفِلون أمراً مهماً إيجابياً وهو أن قانون محكمة شؤون العائلة بتعديلاته قد فتح أمام المرأة بصورة عامة والعربية بصورة خاصة مجالاً وجواً أكثر حرية من ذلك المتاح في المحاكم الدينية على أنواعها، ووفر لها إمكاناً معقولاً للحصول على مساواة غير مضمونة في المحاكم الدينية، وخصوصاً فيما يتعلق بحضانة الأطفال والميراث. وحتى عندما تضطر المحكمة إلى معرفة القانون الديني الخاص بكل طائفة في موضوعات معينة تثار في القضية المطروحة أمامها، فيمكنها التغلب على النقص في المعرفة والاطلاع على جوهر القانون الديني ذي العلاقة، بواسطة رأي خبير يمكنها تعيينه لهذا الغرض. وعليه، ليس هناك أساس متين للادعاء أن عدم إلمام القضاة باللغات التي كتبت بها المراجع القانونية الأصلية (معوقات اللغة)، وصعوبة الإلمام بالمسائل الدينية، تجعل من الصعب على القضاة المدنيين إصدار أحكام صحيحة. ونذكر بأن قرارات محكمة العائلة خاضعة للاستئناف، وفي حال حدوث خطأ قضائي، أو خروج عن الصلاحية، يمكن التوجه إلى محكمة العدل العليا.
في ضوء أهمية قوانين العمل وخصوصيتها، ارتأى المشرع أن يقيم محكمة متخصصة في هذا المجال. وقد قيل عن هذه الأهمية ما يلي: «الفرع المسمى قوانين العمل هو فرع جديد نسبياً في جهازنا القضائي، وهو مبني على مبادئ اجتماعية واقتصادية خاصة به، تكونت وفُسِّرت من داخل واقعنا المميز. وهذا الفرع بحاجة إلى جهاز قضائي خاص به، من أجل تجسيد الخبرة العملية والقضائية التي تراكمت حتى اليوم الحاضر، ولتفسير قوانين العمل القائمة والمستقبلية.»190 وتعمل محكمة العمل بموجب قانون محكمة العمل لسنة 1969،191 ويكون التقاضي فيها على درجتين: محكمة لوائية للدرجة الأولى، ومحكمة قطرية للاستئناف،192 ولعدد من القضايا يحددها القانون. ويعيِّن رئيس الدولة القضاة في المحكمتين القطرية واللوائية، بناء على توصية من لجنة تعيين القضاة التي تعمل بموجب المادة 4 (ب) من قانون أساس: القضاء، ويرأسها وزير العدل.193 وفيما يلي تعريف بمحكمة العمل من ناحية تركيبتها ومن ناحية اختصاصها.
أ– تركيبة المحكمة: تتألف المحكمة اللوائية من قضاة محترفين وممثلي جمهور. وتعقد المحكمة جلساتها بطاقم يتألف من قاضٍ محترف وممثلين عن الجمهور هما: ممثل عن العمال، وممثل عن أصحاب العمل.194 والشخص المؤهل لتعيينه قاضياً في المحكمة المركزية بموجب قانون المحاكم، يكون مؤهلاً للتعيين في محاكم العمل.195 ويُشترط فيه أن يكون ذا خبرة في مجال العمل والعمال، أو بالبحث والتدريس في مجالات القضاء أو القانون أو الاقتصاد، أو أن يكون عضواً في نقابة المحامين وعمل في مجال القانون، أو في خدمة الدولة في مجال قضائي مدة خمسة أعوام على الأقل. أمّا ممثلا العمال وأصحاب العمل في المحكمة، فيعيَّنان مدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وذلك بعد التشاور مع نقابة العمال ونقابة أصحاب العمل، وبموجب توصيات منهما. وبعد التعيين لا يجوز أن يرتبط القاضي وممثلا الجمهور بأي منظمة تمثل العمال أو أصحاب العمل، ولا سلطة عليهم إلاّ سلطة القانون والضمير. وتُعقد المحكمة برئاسة القاضي المحترف، الذي يحق له أن يقضي أحياناً بمفرده.196
وتتألف المحكمة القطرية من قضاة محترفين ومن ممثلي جمهور يتم تعيينهم وفق الطريقة التي يُعين فيها قضاة المحاكم اللوائية. وتعقد محكمة العمل القطرية جلساتها بخمسة أعضاء: ثلاثة قضاة وممثليْن عن الجمهور. لكن لرئيس المحكمة أو نائبه صلاحية توسيع الطاقم بحيث يجلس فيه عدد أكبر من القضاة وممثلين عن الجمهور، أو أربعة ممثلين عن الجمهور وهم: ممثلان عن العمال وممثلان عن أصحاب العمل إذا رأى أن أهمية أو صعوبة مسألة قانونية مطروحة أو ما ربما تثيره من تجديد، يتطلب ذلك.197 وعندما تُعقد المحكمة للاستماع إلى استئناف قرار محكمة العمل اللوائية، فهي تتكون من ثلاثة قضاة محترفين. أمّا عندما تُعقد لسماع قضايا بين أطراف في اتفاق عمل جماعي بشأن مفعوله أو تفسيره أو تنفيذه أو الإخلال به، فتتألف من سبعة أعضاء، ثلاثة منهم قضاة محترفون.198
ب– اختصاص المحكمة
1– اختصاص محكمة العمل اللوائية:199 لهذه المحكمة صلاحية مطلقة لسماع الدعاوى بين العامل أو مَن يحل محله، وبين صاحب العمل أو مَن يحل محله، وذلك في كل ما يتصل بعلاقات العمل وشروطه، باستثناء الدعاوى بحسب أمر الأضرار (صيغة جديدة). كما للمحكمة صلاحية النظر في دعاوى نزاعات العمل والإضرابات، وفي دعاوى مَن يحق لهم أن يكونوا أطرافاً في اتفاق عمل جماعي خصوصي كمفهومه في قانون الاتفاقات الجماعية لسنة 1957 (قانون الاتفاقات الجماعية)، وفيما يتعلق بسريان مفعول هذا الاتفاق أو تفسيره أو تنفيذه أو الإخلال به، أو أي ترتيب جماعي آخر. وللمحكمة أيضاً صلاحية النظر في دعاوى العمال وأصحاب العمل ضد صناديق التوفير والتقاعد العمالية، وبالعكس، وفي دعاوى المخصصات الناجمة عن علاقات عامل برب عمل بحسب قانون التأمين الوطني والقوانين الأُخرى. كما يحق لها أن تفرض عقوبات على من يخالف قوانين العمل.
2– اختصاص محكمة العمل القطرية:200 لمحكمة العمل القطرية صلاحية مطلقة في سماع القضايا الناشئة بين مَن يحق لهم أن يكونوا أطرافاً في اتفاقات عمل جماعية عامة، وذلك في موضوعات تتعلق بسريان مفعولها، وتفسيرها، وتنفيذها أو نقضها، أو بتنظيم عمل وكل ما يتفرع منه بشأن سريان مفعوله أو تفسيره أو تنفيذه أو انتهاك لكل تشريع آخر. كما تنظر في الدعاوى بين منظمة عمالية وأُخرى، وذلك إذا انبثقت الدعاوى من قضايا تتعلق بعلاقات العمل. وإضافة إلى ما سبق، للمحكمة صلاحية النظر في الاستئنافات المرفوعة إليها بشأن قرارات محكمة العمل اللوائية. ويجدر هنا التذكير بأن محكمة العدل العليا أخضعت محكمة العمل القطرية بالتدريج لرقابتها.201
تعمل هذه المحاكم، بصورة عامة، بموجب قانون القضاء العسكري لسنة 1955.202 وتوجد عدة أنواع منها في إسرائيل: لوائية؛ بحرية؛ خاصة؛ ميدانية؛ لقوانين السير.203 ويتم استئناف قرارات جميع هذه المحاكم في محكمة الاستئناف العسكرية. وفيما يلي تعريف بهذه المحاكم من ناحية تركيبتها واختصاصها. وكان هناك محكمة عسكرية عملت حتى بداية القرن الحالي بموجب أنظمة (الدفاع) الطوارئ لسنة 1945.
أ– تركيبة المحكمة: تُعقد المحاكم العسكرية من الدرجة الأولى في هيئة مكونة من ثلاثة قضاة،204 وفي قضايا السير وعند النظر في مخالفات، مثل التهرب من الخدمة العسكرية أو حيازة سموم، تُعقد بقاضٍ منفرد.205 أمّا محكمة الاستئناف العسكرية فتُعقد في هيئة من ثلاثة،206 وفي حالة خاصة من خمسة قضاة.207 ويُشترط في القاضي العسكري أن يكون ضابطاً في الجيش الإسرائيلي، وأن يكون عمل في المجال القانوني مدة خمسة سنوات لمن يُعيَّن في محكمة لوائية، وسبع سنوات لمَن يُعيَّن في محكمة الاستئناف العسكرية. ويجري انتخاب القضاة العسكريين من لجنة خاصة،208 ويعيّنهم رسمياً رئيس الدولة.209 ولكل محكمة عسكرية رئيس ونائب رئيس يعينهما وزير الدفاع. وبعكس المحاكم العادية، فإن مدة خدمة القضاة العسكريين محددة زمنياً وليست مدى الحياة.
ب– اختصاص المحكمة: يمكن تصنيف اختصاص المحاكم بحسب الأشخاص الذين تتم محاكمتهم وهم: أفراد الجيش، أو المدنيون.
1– اختصاص المحكمة بقضايا الجيش: تعمل المحاكم العسكرية الخاصة بأفراد الجيش بموجب قانون القضاء العسكري لسنة 1955 وقانون العقوبات العام. وصلاحياتها محصورة في مقاضاة أفراد الجيش الذين هم في الخدمة الفعلية أو في الاحتياط، وذلك بشأن المخالفات التي يرتكبونها ضد أنظمة الجيش وقوانينه وتعليماته، وفي قضايا أُخرى مع أنها غير عسكرية. كما تسري صلاحيات هذه المحكمة على كل مَن تسلم من الجيش سلاحاً ليستخدمه في مهمة أُوكلت إليه، وعلى كل مَن هو في حماية الجيش، أو يعمل في الجيش أو في المصانع العسكرية أو مبعوث من الجيش، وعلى أسرى الحرب. ولهذه المحاكم صلاحية فرض عقوبات منوعة، مثل: التوبيخ؛ الغرامة؛ الحبس؛ الطرد من الجيش؛ خفض الرتبة؛ دفع تعويضات؛ سحب أو منع رخصة السوق، ولها أيضاّ صلاحية فرض عقوبة السجن المؤبد.210
2– اختصاص المحكمة بقضايا المدنيين:211 عملت في مدينة اللد محكمة عسكرية اختصت بمحاكمة المدنيين من الفلسطينيين ممن يتمتعون بحق الإقامة أو المواطنة الإسرائيلية بتهمة ارتكاب مخالفات ضد أمن الدولة. وعلى الرغم من أن هذه المحكمة تبعت إدارياً إلى وحدة المحاكم العسكرية التي تحاكم الجنود الإسرائيليين فقط لا المدنيين، فإنها أقيمت بموجب أنظمة الدفاع (الطوارئ) التي سنت في عهد الانتداب البريطاني سنة 1945 للهدف المحدد المذكور أعلاه. وبناء عليه، لهذه المحكمة صلاحية فرض عقوبات الحبس المؤبد والإعدام. ويحق للمتهم أمام هذه المحاكم أن يوكل محامياً مدنياً. وللمحكمة صلاحية الاعتقال والإفراج بكفالة، ويجب أن تصدر قراراتها بالإجماع، وقد توقف عملها سنة 2000.212
أمّا المدنيون الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة فيحاكمون بتهمة ارتكاب «مخالفات أمنية» في المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1967 أمام محاكم عسكرية أقيمت بموجب الأمر العسكري بشأن التعليمات الأمنية (رقم 378) لسنة 1970،213 وعملت داخل المناطق الفلسطينية المحتلة. وما زالت هذه المحاكم تعمل اليوم بدرجتين: أولى واستئناف في المناطق الواقعة خارج نطاق السلطة الفلسطينية وولايتها. وينظم عملها وتركيبتها وصلاحياتها اليوم الأمر العسكري بشأن التعليمات الأمنية (نص مدمج) (يهودا والسامرة) (1651) لسنة 2009214 والذي استبدل الأمر رقم 378 لسنة 1970.
تختص بالنظر في قضايا حددتها المادة 25 من أمر قانون السير(نص مجدد) لسنة 1961215 وتشمل: مخالفات سير؛ مخالفات محددة في قانون تأمين المركبات لسنة 1970؛ مخالفات لقانون مراقبة المواد الاستهلاكية والخدمات لسنة 1957 المتعلقة بالسير وبالمركبات؛ مخالفات لقانون معدل لقانون العقوبات (استعمال مركبة من دون إذن) لسنة 1964؛ مخالفات لقانون منع المكارِه الصحية لسنة 1961 والمتعلقة بالمركبات؛ مخالفة المادة 304 من قانون العقوبات (التسبب بموت إنسان نتيجة الإهمال) إذا ارتُكبت خلال استعمال مركبة؛ مخالفات لقانون خدمات النقل لسنة 1997؛ مخالفة للمادة 23 (ب) (5) من قانون السياقة الرياضية لسنة 2005 (سباق في مسار غير معد للسباق)؛ مخالفات لقانون الهواء النقي لسنة 2008 إذا كانت تتعلق بمركبة؛ مخالفات لقانون ترخيص خدمات ومهن في فرع المركبات لسنة 2016.
وكل مَن هو مؤهل لإشغال منصب قاضي محكمة صلح بموجب المادة 4 من قانون المحاكم، يمكن تعيينه لمنصب قاضي سير.216 وتسري على تعيين قاضي السير وعلى منصبه جميع التعليمات المنصوصة في قانون المحاكم والمتعلقة بتعيين ومنصب قاضي محكمة الصلح.217 ومحكمة السير هي الدرجة الأولى وتُعقد بقاضٍ واحد، كما تنظر في استئنافات على قرار ضابط شرطة السير بسحب رخصة سائق مركبة إدارياً. وتنظر المحكمة المركزية في الاستئنافات المرفوعة على قرارات محكمة السير وتُعقد بقاضٍ واحد.218
تبيّن هذه الدراسة أن لكل من النظام الدستوري والقانوني والقضائي في إسرائيل تعقيداته الخاصة به. والتعقيد في النظام الدستوري ليس ناجماً عن غياب وثيقة دستورية مكتوبة، وإنما عن تبنّي مبادئ دستورية متناقضة مستقاة من إعلان قيام الدولة (إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية)، ومن قوانين أساس ذات مكانة دستورية. إذ كيف يمكن توفر الديمقراطية بمفهومها العالمي المتعارف عليه إذا كان يُشترط في تطبيقها إقرانها بمبدأ «يهودية الدولة»؟ وازداد الوضع الدستوري تعقيداً والسؤال حدة بعد سن قانون أساس: إسرائيل– الدولة القومية للشعب اليهودي سنة 2018 الذي أسقط من نصه ذكر قيمة «ديمقراطية»، ولم يشر إلى «إعلان الدولة» ومبدأ المساواة من قريب أو من بعيد وتعامل مع مواطني الدول العرب كأغراب في وطنهم، فقصر حق تقرير المصير على الشعب اليهودي، وجعل «الاستيطان اليهودي» هدفاً قومياً، وألغى المكانة الرسمية للغة العربية.
ويتعلق التعقيد الظاهر في النظام القانوني بكونه نظاماً مختلطاً؛ روماني – جرماني وأنغلو – سكسوني. فالتشريع في إسرائيل متأثر بالنظام الروماني – جرماني لناحية إعطاء عملية التقنين أهمية من جهة، ومتأثر بالنظام الأنغلو – سكسوني لناحية إعطاء السوابق القضائية أهمية من جهة أُخرى. غير أنه لا يمكن القول إن لهذا النوع من التعقيد أثراً سلبياً في النظام بمجمله في الدولة.
أمّا التعقيد في النظام القضائي، فهو ناجم عن ذلك الموجود في النظام الدستوري لا عن هيكلية المحاكم أو اختصاصها. فالتقاضي في جميع أنواع المحاكم، بما في ذلك اختصاصها الإداري، يتم على درجتين، الأمر الذي يوفر أرضية معقولة لتحقيق العدالة فيما يتعلق بمواطني الدولة اليهود. وعلى الرغم من سعي محكمة العدل العليا لفرض سيطرتها على سائر المحاكم، فإن هذا التدخل يبقى محكوماً بإطار تحقيق العدالة. هذا الوصف لا ينطبق على الفلسطينيين الذين يرفعون التماساتهم ضد سلطة الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1967، إذ لم يجد الملتمسون في معظم القضايا العدالة المتوخاة، وتبيّن أن المحكمة منحت الشرعية لتصرف سلطة الاحتلال أكثر مما كانت أداة لحماية حقوق الإنسان المنصوص عليه في القانون الدولي بصورة عامة وفي أحكام الاحتلال بصورة خاصة.
أولاً: باللغة العربية
– «جمعية حقوق المواطن في إسرائيل». الموقع الرسمي.
– الخوري، شحادة ونيقولا الخوري. «إيجاز تاريخ الكنيسة المقدسية الأرثوذكسية». القدس: بيت المقدس، 1925.
– شقور، أنيس. «النظام القانوني». في: صبري جريس وأحمد خليفة (تحرير)، «دليل إسرائيل العام». بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط3، 1997.
– «عدالة» – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل. الموقع الرسمي.
ثانياً: باللغة العبرية
– أبو رمضان، موسى. «تطورات أخيرة بشأن حضانة الأطفال في المحاكم الشرعية»، «مشفحاه بمشفاط»، العدد 2 (2009)، يمكن الاطلاع عليه على الموقع التالي.
– أربل، دان ويهوشواع غيفمن. «قانون محكمة شؤون العائلة، 1995». «هبركليت»، المجلد 43، العدد 3 (1997).
– أريآف–فريرا، روعي. «مقالة المستشار القضائي شمغار عن القانون الساري في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وزارة العدل، مشروع جذور في القانون، 25/3/2019». نُشر على موقع وزارة العدل بتاريخ 25/3/2019: (دخول بتاريخ 19/8/2020).
– ألموغ، شولاميت. «قانون أساس: حرية الامتهان، وكرامة الإنسان وحريته». «مشباط وممشال»، المجلد الأول (1992/1993).
– براك، أهرون. «نقد قضائي ومسؤولية رسمية: مدى انتقاد المحكمة العليا لقرارات محكمة العمل القطرية». «هبركليت»، المجلد 38، العدد 1 (1988).
– ______. «تعديل غير دستوري للدستور». كتاب باخ. القدس، 1991، ص 361.
– ______. «تفسير قانوني: تفسير دستوري». المجلد الثالث. القدس: نبو للنشر، 1994.
– ______. «قانون الوكلاء». المجلد الأول. القدس: نبو للنشر، 1995.
– حلبي، أسامة. «التمييز القومي في التشريعات الإسرائيلية». رسالة ماجستير. القدس: كلية الحقوق، الجامعة العبرية، 1987
– رايخمان، أمنون. «رقابة قضائية، إدارة قتالية وحوار أكاديمي عن كتاب بروفسور دافيد كرتشمر». The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories «مشباط وممشال»، المجلد 8 (2005).
– روبنشتاين، أمنون وبراك مدينه. «القانون الدستوري لدولة إسرائيل». القدس: شوكِن، ط4 موسعة، 1996.
– زلتنر، زئيف. «قانون المبيعات 1968». في: ج. تدسكي (تحرير). «تفسير قوانين العقود». القدس: الجامعة العبرية، معهد الدراسات القانونية، 1975.
– زمير، أيال. «قانون عقد تعهد 1974». في: ج. تدسكي (تحرير). «تفسير قوانين العقود». القدس: الجامعة العبرية ، معهد الدراسات القانونية، 1994.
– زوسمان، يوئيل. «سلامة النية في العقود: الارتباط بالقانون الألماني». «عيوني مشباط»، المجلد الأول، العدد 1 (1979).
– سبان، إيلان. «تأثير المحكمة العليا في موقع العرب في إسرائيل». «مشباط وممشال»، المجلد الثالث (1995/1996)
– سموحا، سامي. «فجوات طبقية، طائفية، قومية، والديمقراطية في إسرائيل». في: أوري رام (تحرير). «المجتمع الإسرائيلي: جوانب ناقدة». تل أبيب: بريروت، 1993.
– سيغال، إيريت حبيب. «قوانين الشركات بعد إصدار قانون الشركات الجديد». المجلد الأول. تل أبيب: ألـ – طر للإنتاج، 1999.
– شاحر، يورام. «أصول أمر قانون العقوبات، 1936». «عيوني مشباط»، المجلد السابع، العدد 1 (1979/1980).
– شاني، يوفال. «ما هكذا يبنون دستوراً»، الموقع الإلكتروني للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 15 آب/أغسطس 2018 (دخول بتاريخ 25/7/2020).
– ______. «بيد مَن الصلاحية لإلغاء قانون القومية؟» المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 28/11/2019. نُشر على موقع المعهد الإلكتروني (دخول بتاريخ 27/7/2020).
– شوا، مناشيه. «مشروع قانون محاكم شؤون العائلة (تعديل رقم 4) (مساواة صلاحيات القضاء) 1998، نعمة أم نقمة على النساء المسلمات والمسيحيات». «هبركليت»، المجلد 44، العدد 1 (1998/1999).
– غبيزون، روت ومردخاي كريمنتسر ويوآب دوتان. «رقابة قضائية، مع وضد: مكانة محكمة العدل العليا في المجتمع الإسرائيلي». القدس: يديعوت أحرونوت وماغنس، 2000.
– غولدبرغ، مناحم. «نقد قضائي ومسؤولية رسمية: مدى انتقاد المحكمة العليا لقرارات محكمة العمل القطرية». «هبركليت»، المجلد 38، العدد 1 (1988).
– فروكاتشه، غوالتيرو. «مبادئ تفسير القانون الإسرائيلي وخصوصاً قوانين العقود في ضوء القانون الإنكليزي». «عيوني مشباط»، المجلد الثالث، العدد 1 (1973).
– فريشتيك، غيدي. «حقوق الإنسان في يهودية القدس». القدس: معهد سنهدرين، 1992.
– فلدمان، أفيغدور. «الدولة الديمقراطية في مقابل الدولة اليهودية: فراغ من دون أماكن، زمن من دون تعاقب». «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3
(1995).
– فنكلشتاين، مناحم. «القضاء في زمن القتال»، «مشباط فتسفاه»، العدد 16 (2002)، ص 15–21؛ يمكن الاطلاع على المقالة في موقع (دخول بتاريخ 14/8/2020).
– «قرارات قضائية». القدس: نقابة المحامين.
– «قرارات قضائية». الموقع الرسمي للمحكمة العليا.
– قوانين الأساس لدولة إسرائيل. ملخصات القوانين ونصوص كاملة، الصفحة الرسمية للكنيست (دخول 4 آب/أغسطس 2020).
– كارب، يهوديت. «بعض الأسئلة عن كرامة الإنسان وفق قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته». «مشباطيم»، المجلد 25، العدد 1–3 (1995).
– كرمنيتسر، مردخاي، عمير فوكس، رأي خبير بعنوان: «مشروع قانون أساس: دولة إسرائيل– الدولة القومية للشعب اليهودي»، موجهة إلى أعضاء الكنيست، المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 28 نيسان/أبريل 2018. (دخول بتاريخ 25/7/2020).
– كرمون، إريك. «هل مسموح للمحكمة العليا بتّ الالتماسات ضد قانون القومية؟» صحيفة «غلوبس»، 11/11/2019. نُشر في موقع الصحيفة الإلكتروني (دخول في 27/7/2020)
– كوهين، حاييم. «قيم الدولة اليهودية والدميقراطية: تأملات في قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته». في: أرنون غبريئيلي وميغال دويتش (تحرير)، «‹هبركليت›، كتاب اليوبيل: 50 عاماً (1943–1993)». تل أبيب: نقابة المحامين في إسرائيل، 1994.
– كيشت، موشيه. «تفسير قوانين الشركات». تل أبيب: سدان، 2001.
– لرنر، يوئيل. «المفرِّق بين شعب إسرائيل وبقية الشعوب». القدس: معهد سنهدرين، 1992.
– لفونتين، أفيغدور. «يهودية وديمقراطية – أحاديث شخصية». «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3 (1995).
– ماوطنر، مناحم. «القانون والثقافة في إسرائيل على أبواب القرن الحادي والعشرين». تل أبيب: جامعة تل أبيب، 2008.
– مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»). القدس : الكنيست.
– معوز، أشير. «قيم دولة يهودية وديمقراطية». «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3 (1995).
– «نيبو»: موقع لنشر القوانين والأنظمة وقرارات المحاكم الإسرائيلية.
– هفنونغ، مناحم. «إسرائيل – أمن الدولة في مقابل سيادة القانون». القدس: نبو للنشر، 1991.
صحف
– «هآرتس»،
– «معاريف»،
– «يديعوت أحرونوت»،
ثالثاً: باللغة الإنكليزية
– Abrams, Norman. «Interpreting the Criminal Code Ordinance, 1936: The Untapped Well.» Israel Law Review, vol. 7 (1972).
– Al–Haj, Majed. «The Attitude of the Palestinian Arab Citizens in Israel towards Soviet Jewish Immigration.» International Journal of Refugee Law, vol. 2 (1993).
– Kretzmer, David. The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories. New York: State University of New York Press, 2002.
– Massad, Joseph. «Zionism’s Internal Others: Israel and the Oriental Jews.» Journal of Palestine Studies, vol. xxv, no. 100 (Summer 1996).
– Shalev, Gabriella and Shael Herman. «A Source Study of Israel’s Contract Codification.» Louisiana Law Review, vol. 35, no. 3 (Spring 1975).
-الصفحة الرسمية للأمم المتحدة – المسألة الفلسطينية–الانتداب–دستور فلسطين
– Vatikiotis, P.J. «The Greek Orthodox Patriarchate of Jerusalem between Hellenism and Arabism.» Middle Eastern Studies, vol. 30, no. 4 (October 1994).
– Zureik, Elia, Fouad Moughrabi and Vincent F. Sacco. «Perception of Legal Inequality in Deep Divided Societies: The Case of Israel.» International Journal of Middle East Studies, vol. 25, no. 3 (1993).
رابعاً: باللغة الفرنسية
– Abou, Sélim. Cultures et droits de l’homme. Paris: Hachette, 1992.
– David, René et Camille Jauffret–Spinosi. Les grands systèmes de droit contemporains. Paris: Dalloz, 1988.
– De Schutter, Olivier. «Égalité et différence: le débat constitutionnel sur la discrimination positive aux États–Unis.» Revue trimestrielle des droits de l’homme (1991).
– Duhamel, Olivier. Les démocraties: régimes, histoire, exigences. Paris: Seuil, 1993.
– Rigaux, François. «La conception occidentale des droits de l’homme face à l’Islam.» Revue trimestrielle des droits de l’homme (1990).
– Rivero, Jean. Les libertés publiques: les droits de l’homme. Paris: PUF, 1987.
– Woehrling, José. «La Cour Suprême du Canada et la problématique de la limitation des droits et libertés.» Revue trimestrielle des droits de l’homme (1993).
1 كتَب هذا الفصل سنة 2011 الدكتور موسى أبو رمضان بمساعدة أمين رباح، وقمت بتحديثه سنة 2020 بإدخال تعديلات على النص وإضافة مواد جديدة، علماً بأن المسؤولية التامة عن مضمونه تقع على عاتق الأستاذ أبو رمضان وعلى عاتقي بعد تحديثه.
2 سنتطرق إلى هذا القانون وإسقاطات تشريعه على تعريف «دولة إسرائيل» وحقوق سكانها «غير اليهود» ضمن وصف الوضع الدستوري في إسرائيل ص 10–11 ؛ ص 17–30.
3 استعملت كلمة «أمر» في هذه الدراسة في مفهومين مختلفين: الأول هو تشريع بدرجة قانون (ordinance) صادر عن المندوب السامي الانتدابي أو عن السلطات الإسرائيلية في مرحلة ما قبل تشكيل الكنيست الأول، والثاني هو أمر صادر عن المحاكم (warrant).
4 نُشر في «الجريدة الرسمية» («عيتون رشمي»)، رقم 2، بتاريخ 21 / 5 / 1948، الذيل الأول، ص 1. ويمكن الاطلاع على نص الأمر / القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 22 / 8 / 2020. وقد صدر هذا القانون عن «مجلس الدولة الموقت» الذي تشكل في أعقاب إعلان قيام دولة إسرائيل من شخصيات يهودية. وقد وردت أسماء أعضاء المجلس في الذيل الملحق بالقانون. وورد في المادة 1(أ) أن ممثلين لسكان عرب يعترفون بدولة إسرائيل يتم إشراكهم وفق ما يقرره المجلس، لكن عدم مشاركتهم لا يمس بصلاحياته.
5 أنيس شقور، «النظام القانوني»، في: صبري جريس وأحمد خليفة (تحرير)، «دليل إسرائيل العام» (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط3، 1997)، ص 8.
6 قوانين الأساس لدولة إسرائيل، ملخصات القوانين ونصوص كاملة، الصفحة الرسمية للكنيست (بالعبرية)، دخول 4 آب / أغسطس 2020.
7 في تموز / يوليو 2009 سن قانون أساس: ميزانية الدولة لسنة 2009 وسنة 2010 (تعليمات خاصة) (قانون موقت). وتكرر النهج في السنوات التي تلت.
8 محكمة عدل عليا، 8260 / 16، المركز الأكاديمي للقانون والمشاريع التجارية ضد الكنيست وآخرين، صدر بتاريخ 6 / 9 / 2017 بإجماع طاقم موسع مؤلف من 7 قضاة، نشر على الموقع الرسمي للمحكمة العليا؛ اطلع عليه بتاريخ 4 / 8 / 2020. ويدور هذه الأيام نقاش بين حزب الليكود الذي يريد ميزانية لسنة واحدة وبين حزب كاحول لفان الذي يريد ميزانية لسنتين. ولم يطرح الموضوع للنقاش والتصويت أمام الكنيست حتى الآن.
9 نشر في كتاب التشريعات الإسرائيلية لسنة 2018، رقم 2743، في 26 / 7 / 2018، ص 898.
10 «أخبار الكنيست»، الموقع الرسمي، 13 الصفحة الرئيسية، آذار / مارس 2018: اطلع عليه بتاريخ 18 / 7 / 2020.
11 ويؤسس هذا المرسوم هيكلية ونظام الحكم الانتدابي البريطاني في فلسطين تنفيذاً لقرار عصبة الأمم ومعروف أيضاً بـ «دستور فلسطين»؛ اطلع عليه في 18 / 7 / 2020.
12 استئناف مدني 6821 / 93، بنك همزراحي همئوحاد م. ض. ضد المجدل قرية تعاونية، «قرارات قضائية» 49 (4) (بالعبرية)، ص 221 (من الآن فصاعداً: «بنك همزراحي»).
13 محكمة عدل عليا، 69 / 98، برغمن ضد وزير المالية، «قرارات قضائية» 23 (1) (بالعبرية)، ص 649؛ محكمة عدل عليا، 246 / 81، أغودا درخ ضد مؤسسة الإعلام، «قرارات قضائية» 35 (4) (بالعبرية)، ص 1؛ محكمة عدل عليا، 141 / 89، روبنشتاين ضد رئيس الكنيست، «قرارات المحكمة» 37 (3) (بالعبرية)، ص 141؛ محكمة عدل عليا، 142 / 89، تنوعه لأور ضد رئيس الكنيست، «قرارات قضائية» 44 (3) (بالعبرية)، ص 529.
14 محكمة عدل عليا، 107 / 73، «نجب» –تحت شيروت لاوتو موفيل م. ض. ضد دولة إسرائيل، «قرارات قضائية» 28 (1) (بالعبرية)، ص 640.
15 محكمة عدل عليا، 77 / 60، كسلر ضد رئيس لجنة الانتخابات المركزية للكنيست، «قرارات قضائية» 31 (2) (بالعبرية)، ص 556، 560.
16 الفقرتان 60، 61 من القرار في قضية «بنك همزراحي»، مصدر سبق ذكره.
17 المصدر نفسه، الفقرة 27.
18 أمنون روبنشتاين وبراك مدينه، «القانون الدستوري لدولة إسرائيل» (القدس: شوكِن، ط4 موسعة، 1996) (بالعبرية).
19 لمزيد من المعلومات عن القانونين وعن التساؤل «من هو اليهودي؟» انظر: شقور، مصدر سبق ذكره، ص 6–8.
20 عن الدين اليهودي ومبدأ المساواة بين اليهودي وغير اليهودي، انظر: يوئيل لرنر، «المفرِّق بين شعب إسرائيل وبقية الشعوب» (القدس: معهد سنهدرين، 1992) (بالعبرية). انظر أيضاً: أفيغدور لفونتين، «يهودية وديمقراطية – أحاديث شخصية»، «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3 (1995)، ص 521–546، وخصوصاً ص 532. لكن انظر أيضاً نقداً لمقالة لفونتين وصورة أُخرى لليهودية في: أشير معوز، «قيم دولة يهودية وديمقراطية»، «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3 (1995)، ص 547–630.
21 سامي سموحا، «فجوات طبقية، طائفية، قومية، والديمقراطية في إسرائيل»، في: أوري رام (تحرير)، «المجتمع الإسرائيلي: جوانب ناقدة» (تل أبيب: بريروت، 1993) (بالعبرية)، ص 187–197. وبالنسبة إلى نظرة مؤسسي الصهيونية إلى اليهود الشرقيين، ومنها في الإمكان استنتاج النظرة إلى غير اليهود، راجع:
Joseph Massad, «Zionism’s Internal Others: Israel and the Oriental Jews,» Journal of Palestine Studies, vol. xxv, no. 100 (Summer 1996), pp. 53–68.
22 Olivier Duhamel, Les démocraties: régimes, histoire, exigences (Paris: Seuil, 1993), p. 284.
23 Ibid.
24 Elia Zureik, Fouad Moughrabi and Vincent F. Sacco, «Perception of Legal Inequality in Deep Divided Societies: The Case of Israel,» International Journal of Middle East Studies, vol. 25, no. 3 (1993), p. 423.
25 «بنك همزراحي»، مصدر سبق ذكره.
26 المادة 1 من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته؛ المادة 1 من قانون أساس: حرية العمل.
27 المادة 1 / أ من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته؛ المادة 2 من قانون أساس: حرية العمل. لمفهوم جديد للمصطلح انظر: شولاميت ألموغ، «قانون أساس: حرية الامتهان، وكرامة الإنسان وحريته»، «مشباط وممشال»، المجلد الأول (1992 / 1993)، ص 188، 192. في الملاحظة 29 تقول المؤلفة أنه بحسب رأيها، من الممكن أن نُدخل قيماً أُخرى إلى قيم دولة إسرائيل، وهي تقدم الصهيونية مثالاً لقيم كهذه.
28 Sélim Abou, Cultures et droits de l’homme (Paris: Hachette, 1992).
29 «مداولات الكنيست» (1995)، ص 1241. عضو الكنيست شيفح فايس أضاف قائلاً: «نحن نتكلم على إعلان حقوق إنسان عالمية. لو كتب مثلاً في أي دستور أن هدفه حماية كرامة الإنسان من أجل تبجيل أميركا كدولة أميركية لانتقدناه بشدة.» المصدر نفسه، ص 1243.
30 محكمة عدل عليا، 114 / 88، بوركان ضد وزير المالية وآخرين، «قرارات قضائية» 32 (2) (بالعبرية)، ص 809. وبسبب الضجة الإعلامية بشأن القرار، انتقد القاضي حاييم كوهين محامي بوركان، وطلب من النيابة العامة أن تقدم بحقه شكوى بسبب خرقه قواعد نقابة المحامين التي تمنع نشر تفصيلات المحاكمات. للمقارنة بين تعامل المحكمة مع الحلم الصهيوني ومع بوركان العربي، انظر: أفيغدور فلدمان، «الدولة الديمقراطية في مقابل الدولة اليهودية: فراغ من دون أماكن، زمن من دون تعاقب»، «عيوني مشباط»، المجلد 19، العدد 3 (1995)، ص 717–727. الحكم في قضية بوركان يبرهن المعايير المزدوجة من محكمة العدل العليا. وبشأن الادعاء بعدم تفعيل معايير مزدوجة بالنسبة إلى العرب في إسرائيل، انظر: إيلان سبان، «تأثير المحكمة العليا في موقع العرب في إسرائيل»، «مشباط وممشال»، المجلد الثالث (1995 / 1996)، ص 541، 569.
31 محكمة عدل عليا، 200 / 80، محمد وتد ضد وزير المالية وآخرين، «قرارات قضائية» 28 (3) (بالعبرية)، ص 113. في هذه القضية تم الاعتراف بأن الانتماء الديني يشكل فارقاً ذا أهمية في عملية تخصيص الموارد.
32 François Rigaux, «La conception occidentale des droits de l’homme face à l’Islam,» Revue trimestrielle des droits de l’homme (1990).
33 على سبيل المثال: استئناف مدني 92 / 52، رام مهندسيم ضد بلدية الناصرة العليا، «قرارات قضائية» 47 (5) (بالعبرية)، ص 189، 803.
34 أهرون براك، «تفسير قانوني: تفسير دستوري»، المجلد الثالث (القدس: نبو للنشر، 1994) (بالعبرية)، ص 327.
35 المصدر نفسه.
36 انظر مثلاً: يهوديت كارب، «بعض الأسئلة عن كرامة الإنسان وفق قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته»، «مشباطيم»، المجلد 25، العدد 1–3 (1995)، ص 129.
37 براك، مصدر سبق ذكره، ص 338–341.
38 القاضي زوسمان في: استئناف مدني 481 / 73، إلزه ههجنه ضد زتسل، «قرارات قضائية» 25 (1) (بالعبرية)، ص 505، 516.
39 براك، مصدر سبق ذكره.
40 انظر: أهرون براك، «قانون الوكلاء»، المجلد الأول (القدس: نبو للنشر، 1995) (بالعبرية)، ص 60–61، إذ ينقل عن قاضي محكمة العدل العليا مناحم إلون قوله إن كلمة «يهودية» ذكرت قبل كلمة «ديمقراطية»، وإن معنى الكلمة الأولى يعلمنا معنى الكلمة الثانية.
41 المصدر نفسه.
42 استئناف مدني 506 / 88، يعل شيفر، قاصر ضد دولة إسرائيل، «قرارات قضائية» 48 (1) (بالعبرية)، ص 168.
43 كارب، مصدر سبق ذكره، ص 129.
44 قانون أساس: الميزانية (تعديل رقم 40) لسنة 2011، نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 2286، بتاريخ 22 / 3 / 2011، ص 686. وقد عرف هذا القانون بـ «قانون النكبة» لأن المادة 3 ب (ب) (4) منه خولت وزير المالية أن يقتطع من الميزانية المخصصة لأي هيئة ممولة من ميزانية الدولة مبلغاً من المال كعقاب لها إذا وجد أن تلك الهيئة حددت يوم الاستقلال أو إقامة الدولة كيوم نكبة. ويطال هذا التعديل السلطات المحلية والمسارح والمراكز الثقافية والمدارس.
45 قانون التنظيم والبناء (تعديل رقم 116)، نشر في مجموعة التشريعات الاسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 2635، بتاريخ 25 / 4 / 2017، ص 884. يعرف التعديل بـ «قانون كمينتس» نسبة إلى نائب المستشار القضائي للحكومة إيرز كمينتس الذي كان وراء صوغ التعديل والتشديد في العقوبات المفروضة على البناء من دون استصدار رخصة بناء. ويشكل هذا التعديل أداة لإثقال كاهل مَن يبني بيتاً من دون ترخيص اقتصادياً، إضافة إلى الأدوات العقابية المتوفرة وضمنها هدم البيوت غير المرخصة ومنع إيصالها بالبنية التحتية.
46 على سبيل المثال، عملتُ خلال الفترة 1986 – 1987 على رسالة الماجستير في القانون بعنوان: «التمييز القومي في التشريعات الإسرائيلية» (كلية الحقوق، الجامعة العبرية، 1987) لأثبت بجهد وتحليل وأرقام ما ينص عليه هذا القانون بكل بساطة: الدولة دولة الشعب اليهودي وهو وحده صاحب الأرض وخيراتها ولغتها لغته وله امتيازات دون غيره.
48 «أخبار الكنيست»، 19 تموز / يوليو 2018، الموقع الرسمي للكنيست اطلع عليه بتاريخ 18 / 7 / 2020.
49 ورد في: مردخاي كرمنيتسر، عمير فوكس، رأي خبير بعنوان: «مشروع قانون أساس: دولة إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي»، موجهة إلى أعضاء الكنيست، المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 28 نيسان / أبريل 2018 (باللغة العبرية) نشر في موقع المركز: اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
50 «الكنيست الإسرائيلي يصادق على قانون الدولة القومية اليهودية»، الموقع الرسمي لقناة BBC بالعربية، 19 تموز / يوليو 2018، اطلع عليه بتاريخ 23 تموز / يوليو 2020.
51 موقع BBC ا19 تموز / يوليو 2018، مصدر سبق ذكره.
52 المصدر نفسه.
53 «نتنياهو يحرّض على تظاهرة تل أبيب ضد قانون القومية»، قناة مساواة، 12 آب / أغسطس 2018، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
54 راجع على سبيل المثال: تغطية قناة فرانس 24، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
55 راجع على سبيل المثال: بكري قاسم، «غداً: إضراب عام إحياء لهبّة القدس والأقصى ولإسقاط (قانون القومية)»، موقع «عرب 48»، 30 أيلول / سبتمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
56 المصدر نفسه.
57 كرمنيتسر وفوكس، مصدر سبق ذكره.
58 المصدر نفسه (فقرة 1).
59 المصدر نفسه (فقرة 2).
60 المصدر نفسه (فقرة 3).
61 المصدر نفسه.
62 «ريفلين ضد قانون القومية: لا يقوّي الصبغة اليهودية لدولة إسرائيل»، «يديعوت أحرونوت»، 26 تشرين الأول / أكتوبر 2014 (بالعبرية). نشر في الموقع الإلكتروني للصحيفة، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020
63 أرنس موشيه، «قانون القومية لا حاجة له ومضر»، صحيفة «هآرتس»، 24 تشرين الأول / أكتوبر 2014 (بالعبرية). نشر في الموقع الإلكتروني للصحيفة، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
64 مقابلة مع قناة «كان 11» الإسرائيلية بتاريخ 17 آب / أغسطس 2018. نشرت في موقع «يوتيوب»، اطلع عليه بتاريخ 27 / 7 / 2020.
65 «الأمم المتحدة تقدم شكوى لإسرائيل حول «قانون القومية»، موقع «عرب 48»، 21 تشرين الأول / أكتوبر، 2018. اطلع عليه في 25 / 7 / 2020:
66 المصدر نفسه.
67 «لجنة المتابعة والقائمة المشتركة ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية تقدم التماساً ضد قانون القومية بواسطة مركز «عدالة»، ملخَّص نشره مركز «عدالة» بُعيْد تقديم الالتماس، موقع «عدالة» الإلكتروني، 6 آب / أغسطس 2018، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
68 المصدر نفسه.
69 المصدر نفسه.
70 المصدر نفسه.
71 محكمة عدل عليا، 5866 / 18 لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في إسرائيل وآخرون ضد الكنيست وآخرين، قدم للمحكمة بتاريخ 7 / 8 / 2018؛ للاطلاع على الالتماس المفصل.
72 محكمة عدل عليا، 9027 / 18 جمعية حقوق المواطن ضد الكنيست وآخرين، قدم للمحكمة بتاريخ 23 / 12 / 2018؛ «التماس ضد قانون القومية»، الموقع الإلكتروني لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، 23 كانون الأول / ديسمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
73 محكمة عدل عليا، 6552 / 19 بروفسور ميخا أُلمان وآخرون ضد الكنيست، قدم الالتماس للمحكمة بتاريخ 6 / 10 / 2019؛ وديع عواوده، «أربعون مثقفاً إسرائيلياً يقدمون التماساً للمحكمة العليا ضد قانون القومية العنصري»، «القدس العربي»، 6 تشرين الثاني / نوفمبر 2018. الموقع الإلكتروني
لـ «القدس العربي»، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
74 المصدر نفسه.
75 المصدر نفسه. المقارنة بدستور كرواتيا وردت أيضاً في مقالة بروفسور يوفال شاني، «ما هكذا يبنون دستوراً»، الموقع الإلكتروني للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 15 آب / أغسطس 2018 (بالعبرية). اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
76 محكمة عدل عليا، 5851 / 18، حسن الهيب وآخرون ضد الكنيست وآخرين، قدم الالتماس للمحكمة بتاريخ 7 / 8 / 18؛ انظر أيضاً: ستيوارت ويز، «ضابطان في الجيش من البدو يقدمان التماساً ضد قانون الدولة القومية»، «تايمز أوف يسرائيل»، 6 آب / أغسطس 2018، موقع «تايمز أوف يسرائيل» بالعربية، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
77 محكمة عدل عليا، 5555 / 18 عضو الكنيست أكرم حسون وآخرون ضد كنيست إسرائيل وآخرين، قدم الالتماس للمحكمة بتاريخ 22 / 7 / 2018؛ انظر أيضاً : أمير خنيفس، «منتدى دروز ضد قانون القومية يقدم التماساً لمحكمة العدل العليا»، موقع «هُنا»، 24 تموز / يوليو 2018. اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
78 محكمة عدل عليا، 6066 / 18 رفيق حلبي وآخرون ضد الكنيست وآخرين، قدم الالتماس للمحكمة بتاريخ 19 / 8 / 2018؛ انظر أيضاً: رفيتال حوفيل، «التماس سابع ضد قانون القومية: خروج حاد عن صلاحية الكنيست»، صحيفة «هآرتس» (بالعبرية)، 19 تموز / يوليو 2018. نشر في الموقع الإلكتروني، اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2018.
79 الموقع الإلكتروني لـ «مكان» هيئة البث الإسرائيلي، بالعربية، 19 تشرين الثاني / نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 25 / 7 / 2020.
80 الموقع الرسمي للمحكمة العليا؛ اطلع عليه بتاريخ 2 / 8 / 2020.
81 «بنك همزراحي»، مصدر سبق ذكره.
82 عمري نحمياس، «شاكيد: (متخطي العدل العليا) سيصادق عليه رقم النقد المتوقع»، موقع «وللا» الإخباري، 25 / 10 / 2014 (بالعبرية)، اطلع عليه بتاريخ 2 / 8 / 2020. سنتطرق إلى هذا القرار في القسم الثالث من هذا الفصل. انظر الحاشية رقم 144.
83 انظر، على سبيل المثال: مشروع قانون أساس: كرامة الانسان وحريته (تعديل– «فقرة التغلّب»)، قدمه عضو الكنيست ميخائيل ملكيئيلي من حزب شاس لرئيس الكنيست، في دورته العشرين، لطرحه للنقاش في قراءة تمهيدية بتاريخ 12 / 3 / 2018. نشر على الموقع الرسمي للكنيست، «مجمع التشريعات الوطنية» بتاريخ 12 / 3 / 2018: اطلع عليه بتاريخ 2 / 8 / 2020.
84 «شاكيد تهدد: إلغاء قانون القومية سيؤدي إلى حرب بين السلطات»، موقع عرب 48، 5 آب / أغسطس؛ اطلع عليه في 2020/7/25.
85 يهونتان ليس، «امتحان للاتفاق بين كاحول لفان والليكود : شاكيد تخطط لطرح فقرة التغلّب للتصويت»، «هآرتس»، نشر على الموقع الإلكتروني للصحيفة بتاريخ 1 / 8 / 2020؛ اطلع عليه بتاريخ 2 / 8 / 2020.
86 «اقتراح قانون فقرة التغلب رفضت في التمهيدية»، أخبار الكنيست، 5 / 2020/8، الموقع الرسمي للكنيست (بالعبرية)؛ اطلع عليه بتاريخ 7 / 8 / 2020.
87 المصدر انفسه.
88 نشر على الموقع الرسمي للكنيست، «مجمع التشريعات الوطنية»، بتاريخ 4 / 5 / 2020 (بالعبرية)؛ اطلع عليه بتاريخ 2 / 8 / 2020.
89 إريك كرمون، «هل مسموح للمحكمة العليا بتّ الالتماسات ضد قانون القومية؟» صحيفة «غلوبس»، 11 / 11 / 2019. نشر في موقع الصحيفة الإلكتروني؛ اطلع عليه في 26 / 7 / 2020.
90 يوفال شاني، «بيد مَن الصلاحية لإلغاء قانون القومية؟» المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، 28 / 11 / 2019. نشر على موقع المعهد الإلكتروني؛ اطلع عليه بتاريخ 27 / 7 / 2020.
91 المصدر نفسه.
92 المصدر نفسه.
93 المصدر نفسه، ص 17، فقرة ك ح.
94 أهرون براك، «تعديل غير دستوري للدستور»، كتاب باخ (القدس، 1991)، ص 361، 379.
95 المصدر نفسه.
96 سموحا، مصدر سبق ذكره.
97 E/C.12/1/Add. 27, 4 December 1998, par. 10.
98 «قانون أساس – القومية»، عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، الموقع الإلكتروني، بتاريخ 2 / 8 / 2018؛ اطلع عليه بتاريخ 18 / 7 / 2020
99 René David et Camille Jauffret–Spinosi, Les grands systèmes de droit contemporains (Paris: Dalloz, 1988).
100 محكمة عدل عليا، 22 / 68، حوغيم لئوميم ضد وزير الشرطة، «قرارات قضائية» 24 (2) (بالعبرية)، ص 141.
101 محكمة عدل عليا، 537 / 81، شتنغر ضد حكومة إسرائيل، «قرارات قضائية» 32 (4) (بالعبرية)، ص 673.
102 محكمة عدل عليا، 5 / 48، لفين ضد غوبرنيك، «قرارات قضائية» 1 (1) (بالعبرية)، ص 58.
103 مجموعة التشريعات الإسرائيلية، رقم 1119، 20 / 6 / 1984، ص 1956 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 22 / 8 / 2020.
104 المصدر نفسه، مادة 1.
105 براك، «قانون الوكلاء»، مصدر سبق ذكره، ص 60–61.
106 غوالتيرو فروكاتشه، «مبادئ تفسير القانون الإسرائيلي وخصوصاً قوانين العقود في ضوء القانون الإنكليزي»، «عيوني مشباط»، المجلد الثالث، العدد 1 (1973)، ص 112، 118، 119.
107 Gabriella Shalev and Shael Herman, «A Source Study of Israel’s Contract Codification,» Louisiana Law Review, vol. 35, no. 3 (Spring 1975), pp. 1091–1115.
108 براك، «قانون الوكلاء»، مصدر سبق ذكره، ص 60–61.
109 يوئيل زوسمان، «سلامة النية في العقود: الارتباط بالقانون الألماني»، «عيوني مشباط»، المجلد الأول، العدد 1 (1979)، ص 485–489.
110 زئيف زلتنر، «قانون المبيعات 1968»، في: ج. تدسكي (تحرير)، «تفسير قوانين العقود» (القدس: الجامعة العبرية، معهد الدراسات القانونية، 1975) (بالعبرية)، ص 9–10.
111 انظر: مشاريع قوانين الحكومة رقم 595، 15 / 6 / 2011، ص 700 (بالعبرية):
https://www.knesset.gov.il/committees/heb/material/data/H06–07–2011_11–33–01_595.pdf اطلع عليه بتاريخ 7 / 8 / 2020.
112 المصدر نفسه، ص 701.
113 المصدر نفسه، ص 707. وللاطلاع على التقسيمات الثانوية للأقسام الستة يمكن مراجعة «المحتويات» ص 706– 711.
114 نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 1711، 27 / 5 / 1999، ص 198 (بالعبرية) ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 1 / 2 / 2000؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 22 / 8 / 2020.
115 موشيه كيشت، «تفسير قوانين الشركات» (تل أبيب: سدان، 2001) (بالعبرية)، ص 10–12.
116 إيريت حبيب سيغال، «قوانين الشركات بعد إصدار قانون الشركات الجديد»، المجلد الأول (تل أبيب: أل – طر للإنتاج، 1999) (بالعبرية)، ص 10–12.
117 يورام شاحر، «أصول أمر قانون العقوبات، 1936»، «عيوني مشباط»، المجلد السابع، العدد 1 (1979 / 1980)، ص 75–113. يحتوي هذا المصدر على وصف مشوق وصوري لكيفية انتقال القانون الجنائي من أماكن متعددة في العالم إلى فلسطين. انظر أيضاً:
Norman Abrams, «Interpreting the Criminal Code Ordinance, 1936: The Untapped Well», Israel Law Review, vol. 7 (1972), pp. 25–64.
118 محكمة عدل عليا، 2722 / 92، العمارين ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، «قرارات قضائية» (10) (بالعبرية)، ص 105.
119 المادة 3 من قانون أساس: القضاء.
120 المادة 4 من قانون أساس: القضاء.
121 نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 1123، 31 / 8 / 1984، ص 198 (بالعبرية). يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 7 / 8 / 2020.
122 نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 1739، 11 / 6 / 2000، ص 190. يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 7 / 8 / 2020.
123 المادة 25 من قانون المحاكم.
124 تم تحديد عدد القضاة بقرار من لجنة الدستور، القانون والقضاء في الكنيست بتاريخ 16 / 12 / 2003 وأصبح ساري المفعول بعد إقراره في بداية سنة 2004. ولم يقبل رأي رئيس المحكمة آنذاك براك بالإبقاء على العدد الذي كان قائماً وهو 14 قاضياً منهم 12 قاضيا مثبتاً واثنان موقتان يقرر مصيرهما بقرار من رئيس المحكمة ووزير العدل. انظر: إيلان مارتسيانو، «عدد القضاة في العليا يصبح 15»، «يديعوت أحرونوت»، 16 / 12 / 2003، الموقع الإلكتروني؛ اطلع عليه بتاريخ 15 / 8 / 2020.
125 المادة 15 / ج من قانون أساس: القضاء.
126 المادة 15 / د من قانون أساس: القضاء.
127 مداولة إضافية 16 / 61، مسجل الشركات ضد كردوش، «قرارات قضائية» 16 (2) (بالعبرية)، ص 1209.
128 محكمة عدل عليا، 910 / 86، ربلر ضد وزير الشرطة، «قرارات قضائية» 42 (2) (بالعبرية)، ص 441، 447.
129 محكمة عدل عليا، 731 / 86، ميكرو داف ضد شركة الكهرباء الإسرائيلية م. ض. وآخرين، «قرارات قضائية» 41 (2) (بالعبرية)، ص 449.
130 روت غبيزون ومردخاي كريمنتسر ويوآب دوتان، «رقابة قضائية، مع وضد – مكانة محكمة العدل العليا في المجتمع الإسرائيلي» (القدس: يديعوت أحرونوت وماغنس، 2000) (بالعبرية).
131 روعي أريآف–فريرا، «مقالة المستشار القضائي شمغار عن القانون الساري في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وزارة العدل، مشروع جذور في القانون، 25 / 3 / 2019». نشر على موقع وزارة العدل بتاريخ 25 / 3 / 2019؛ اطلع عليه بتاريخ 19 / 8 / 2020.
132 David Kretzmer, The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories (New York: State University of New York Press, 2002).
133 Ibid., pp. 2–3, 187–188.
134 أمنون رايخمان، «رقابة قضائية، إدارة قتالية وحوار أكاديمي عن كتاب بروفسور دافيد كرتشمر The Occupation of Justice: The Supreme Court of Israel and the Occupied Territories، «مشباط وممشال»، المجلد الثامن (2005)، ص 731، 733؛ اطلع عليه بتاريخ 15 / 8 / 2020.
135 مناحم ماوطنر، «القانون والثقافة في إسرائيل على أبواب القرن الحادي والعشرين» (تل أبيب: جامعة تل أبيب، 2008) (بالعبرية)، ص 218–225.
136 محكمة عدل عليا، 308 / 81، فلاتو شارون ضد لجنة الكنيست، «قرارات قضائية» 35 (4) (بالعبرية)، ص 118.
137 محكمة عدل عليا، 1843 / 93، بنحاسي ضد لجنة الكنيست وآخرين، «قرارات قضائية» 45 (4) (بالعبرية)، ص 494.
138 محكمة عدل عليا، 482 / 88، رايسر، رئيس لجنة الكنيست ضد شلومو هيلل، رئيس الكنيست، «قرارات قضائية» 45 (4) (بالعبرية)، ص 142.
139 «بنك همزراحي»، مصدر سبق ذكره.
140 مثل القرار: محكمة عدل عليا، 1715 / 97، دائرة مديري الاستثمارات في إسرائيل ضد وزير المالية وآخرين، «قرارات قضائية» 51 (4) (بالعبرية)، ص 367.
141 الفقرة 26 من القرار: محكمة عدل عليا 1030 / 99، كابل وآخرون ضد رئيس الكنيست وآخرين، 26 / 3 / 2002 (بالعبرية).
142 للتوصل إلى النتيجة، قامت المحكمة بالتركيز على الوسائل لتحقيق الهدف عندما يكون الهدف نفسه هدفاً نبيلاً (الفقرة 36 للحكم القضائي). ويتم فحص ذلك وفقاً لثلاثة أسس فرعية: الأول، ملاءمة منطقية بين الهدف والوسيلة؛ وفقاً لهذا الأساس، يتم الفحص إن كانت الوسيلة تقود بشكل منطقي إلى الهدف؛ الثاني، التأكد من عدم وجود طرق أُخرى للتوصل إلى الهدف والتي تنتهك الحق بدرجة أدنى؛ الثالث، تفحص الربح النابع من الانتهاك في مقابل الخسارة الناتجة من عدم انتهاك الحق.
143 محكمة عدل عليا، 7146 / 03، آدم وآخرون ضد الكنيست وآخرين (16 / 9 / 2013) (بالعبرية). نشر في الموقع الرسمي للمحكمة العليا بتاريخ 16 / 9 / 2013؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
144 محكمة عدل عليا، 8425 / 13، جبري سلاسي وآخرون ضد الكنيست وآخرين (22 / 9 / 2014) (بالعبرية)؛ نشر في الموقع الرسمي للمحكمة العليا بتاريخ 22 / 9 / 2014؛ اطلع عليه بتاريخ 2020/8/8.
145 المصدر نفسه. انظر أيضاً : إيلان ليؤر، «محكمة العدل العليا تلغي تعديل قانون التسلل وتأمر بإغلاق معسكر حولوت»، صحيفة «هآرتس»، 22 / 9 / 2014؛ نشر في الموقع الإلكتروني للصحيفة بتاريخ 22 / 9 / 2014: اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
146 «المركز الأكاديمي للقانون والمشاريع التجارية» (همركاز هآكاديمي لمشباط ولعساكيم)، مصدر سبق ذكره.
147 تطرقنا إلى هذه الالتماسات في القسم الأول من هذا الفصل. راجع الحواشي 66–78.
148 محكمة عدل عليا، 7 / 83، بياريس ضد المحكمة الربانية اللوائية في حيفا وآخرين، «قرارات قضائية» 38 (1) (بالعبرية)، ص 673، 683.
149 محكمة عدل عليا، 1842 / 92، بلوغروند ضد المحكمة الربانية العليا، «قرارات قضائية» 46 (3) (بالعبرية)، ص 423.
150 محكمة خاصة 1 / 81، نجار ضد نجار، «قرارات قضائية» 38 (1) (بالعبرية)، ص 365. أقوال القاضي إلون في: براك، «قانون الوكلاء»، مصدر سبق ذكره، ص383.
151 محكمة عدل عليا، 5227 / 97، ميخال دافيد وآخرون ضد المحكمة الربانية الكبرى وآخرين (11 / 11 / 1998) (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على القرار في الموقع الرسمي للمحكمة العليا الإسرائيلية؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
152 محكمة عدل عليا، 11230 / 05، حنان مواسي ضد محكمة الاستئناف الشرعية وآخرين (7 / 3 / 2007) (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على القرار في الموقع الرسمي للمحكمة العليا الإسرائيلية؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
153 محكمة عدل عليا، 450 / 74، عفاف الياس مطلق ضد المحكمة الكنسية للطائفة الكاثوليكية الملكية في الناصرة وآخرين، 2 / 1 / 1975 (بالعبرية)، يمكن الاطلاع عليه في موقع «فساكيم»؛ اطلع عليه بتاريخ 16 / 8 / 2020.
154 محكمة عدل عليا، 2829 / 03، فلانة ضد محكمة الاستئناف المذهبية الدرزية وآخرين (16 / 1 / 2006) (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على القرار في الموقع الرسمي للمحكمة العليا الإسرائيلية؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
155 انظر: موسى أبو رمضان، «تطورات أخيرة بشأن حضانة الأطفال في المحاكم الشرعية»، «مشفحاه بمشفاط»، العدد 2 (2009)، ص 69؛ يمكن الاطلاع عليه على الموقع التالي؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
156 محكمة عدل عليا، 9740 / 05، فلانة ضد محكمة الاستئناف الشرعية وآخرين (5 / 2 / 2006) (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على القرار في الموقع الرسمي للمحكمة العليا؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020؛ محكمة عدل عليا، 1129 / 06، فلان وآخرون ضد محكمة الاستئناف الشرعية وآخرين (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على القرار في الموقع الرسمي للمحكمة العليا؛ اطلع عليه بتاريخ 2020/8/8؛ انظر أيضاً: أبو رمضان، مصدر سبق ذكره.
157 محكمة عدل عليا، 2829 / 03، مصدر سبق ذكره.
158 أهرون براك، «نقد قضائي ومسؤولية رسمية: مدى انتقاد المحكمة العليا لقرارات محكمة العمل القطرية»، «هبركليت»، المجلد 38، العدد 1 (1988)، ص 245. وانظر أيضاً: مناحم غولدبرغ، «نقد قضائي ومسؤولية رسمية: مدى انتقاد المحكمة العليا لقرارات محكمة العمل القطرية»، المصدر نفسه، ص 263.
159 محكمة عدل عليا، 403 / 71، الكدوري ضد محكمة العمل القطرية، «قرارات قضائية» 26 (2) (بالعبرية)، ص 66.
160 المصدر نفسه.
161 محكمة عدل عليا، 254 / 73، تساري ضد محكمة العمل القطرية، «قرارات قضائية» 28 (1) (بالعبرية)، ص 372، 387.
162 محكمة عدل عليا، 319 / 78، شمن ضد محكمة العمل القطرية، «قرارات قضائية» 34 (2) (بالعبرية)، ص 75، 77.
163 محكمة عدل عليا، 525 / 84، نبيل خطيب وآخرون ضد محكمة العمل القطرية، «قرارات قضائية» 40 (1) (بالعبرية)، ص 673.
164 محكمة عدل عليا، 6194 / 97، شلمة نكاش ضد محكمة العمل القطرية وثلاثة آخرين، «قرارات قضائية» 53 (5) (بالعبرية)، ص 433، 457.
165 محكمة عدل عليا، 1214 / 97، الحاخام يتسحاق حلميش ضد محكمة العمل القطرية، «قرارات قضائية» 53 (2) (بالعبرية)، ص 647، 671.
166 محكمة عدل عليا، 91 / 991، فاسترناك ضد وزير الإعمار والإسكان، «قرارات قضائية» 47 (4) (بالعبرية)، ص 371.
167 اصطلاح «المحاكم الخاصة» المحاكم التي تنشأ على سبيل التخصص، مثل المحكمة الدينية، ومحكمة شؤون العائلة، ومحكمة العمل، كما يشمل المحاكم التي توجد كاستثناء عن أصل من أجل غاية معينة، كالمحاكم العسكرية.
168 نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 134، 4 / 9 / 1953، ص 165 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
169 نشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 179، 25 / 5 / 1955، ص 68 (بالعبرية). يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
170 المادة 6 من قانون القضاة الربانيين التي أضيفت بموجب قانون القضاة الربانيين (تعديل رقم 26) لسنة 2013. نُشر التعديل في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 2398، 13 / 6 / 2013، ص 83. يمكن الاطلاع على التعديل في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 19 / 8 / 2020. وقد جاء في شرح أسباب التعديل أن النساء يشكلن 50٪ من المتقاضين أمام المحاكم الدينية. وجميع القضاة من الرجال، ولذلك هناك أهمية بأن يُعطى لهن تمثيلاً ملائماً في اللجنة.
171 نُشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 383، 3 / 1 / 1963، ص 20 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ جرى الاطلاع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
172 سنة 1957، اعترفت حكومة إسرائيل بالطائفة الدرزية، وهذه أول مرة يتم فيها الاعتراف بالدروز كطائفة دينية مستقلة عن سائر المسلمين في فلسطين.
173 أقيم المجلس الديني الدرزي بموجب أنظمة الطوائف الدينية (تنظيمها) (الطائفة الدرزية) لسنة 1995. يمكن الاطلاع على نص الأنظمة على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 20 / 8 / 2020. وبموجب المادة 2 من هذه الأنظمة يتألف المجلس من: 1) ستين رجل دين درزياً، منهم ثلاثون سائساً يزاولون أعمالهم في الخلوات الدرزية، وإذا ارتفع عدد السُوَّاس (جمع سائس) عن ثلاثين، يعيِّن وزير الأديان ثلاثين سائساً من الخلوات ذات عدد المصلين الأكبر، وذلك بعد التشاور مع السواس الذين يزاولون أعمالهم؛ 2) خمسة عشر عضواً هم مرشحو المجالس المحلية الدرزية؛ 3) خمسة عشر عضواً ينتخبهم الوزير بعد تشاور مع المجالس المحلية والسواس الفاعلين. وللمجلس الدرزي الصلاحيات التالية: معالجة جميع القضايا الدينية؛ تمثيل الطائفة الدرزية في القضايا الدينية أمام سلطات الدولة ومؤسساتها المتعددة؛ القيام بتعليم الدين وبفعاليات أُخرى؛ تطوير الأماكن المقدسة وإدارتها؛ إقامة مؤسسات دينية، ومبان دينية ومبان جماهيرية ذات طابع ديني. ومن المهم ذكره أنه كي يكون الدرزي مؤهلاً ليصبح عضواً في المجلس، عليه أن يكون مواطناً إسرائيلياً ومقيماً بشكل دائم بإسرائيل. هذا الطلب يُخرج الدروز السوريين من الجولان المحتل عن أهليتهم لمثل هذا التعيين، بسبب رفضهم قبول الجنسية الإسرائيلية.
174 المادة 6أ من قانون القضاة الشرعيين لسنة 1961، وتتناول تركيبة محكمة الاستئناف؛ نُشر القانون في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 339، 31 / 5 / 1961، ص 118 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
175 المادة 2 من قانون القضاة الشرعيين.
176 المادة 4 من قانون القضاة الشرعيين لسنة 1961.
177 نصّ التعديل رقم 5 الوارد في قانون شؤون العائلة على أن تكون محكمة شؤون العائلة مؤهلة لبتّ دعاوى عائلية في الموضوعات التي تقرر أن تكون تحت صلاحية مطلقة في المادة 52 أو المادة 54 من دستور فلسطين (1922 / 1947)، ما عدا قضايا الزواج والطلاق.
178 شقور، مصدر سبق ذكره، ص 26.
179 المادة 54 من مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922.
180 نُشر القانون في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 1537، 7 / 8 / 1995، ص 393 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 8 / 8 / 2020.
181 المادة 2(أ) من قانون محكمة شؤون العائلة.
182 المادة 2(ب) من قانون محكمة شؤون العائلة.
183 المادة 2(ج) من قانون محكمة شؤون العائلة.
184 دان أربل ويهوشواع غيفمن، «قانون محكمة شؤون العائلة، 1995»، «هبركليت»، المجلد 43، العدد 3 (1997)، ص 432.
185 المصدر نفسه.
186 المادة 3 من قانون محكمة شؤون العائلة تحدد صلاحية المحكمة. أمّا تعريف «شؤون العائلة» فتعرفها المادة 1 من القانون.
187 نُشر في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم») رقم 1810، 14 / 11 / 2001 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على التعديل على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 15 / 8 / 2020.
188 المادة 8 من قانون محكمة شؤون العائلة.
189 مناشيه شوا، «مشروع قانون محاكم شؤون العائلة (تعديل رقم 4) (مساواة صلاحيات القضاء) 1998، نعمة أم نقمة على النساء المسلمات والمسيحيات»، «هبركليت»، المجلد 44، العدد 1 (1998 / 1999)، ص358. عندما كتب شوا مقالته عن مشروع القانون المعدَّل كان التعديل يحمل الرقم 4، لكنه حمل الرقم 5 لدى إقراره في الكنيست.
190 مشروع قانون 748 (1968)، ص 24.
191 نُشر القانون في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 553، 27 / 3 / 1969، ص 70 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 11 / 8 / 2020.
192 المادة1 من قانون محكمة العمل.
193 المادة 4 من قانون محكمة العمل
194 المادة 2 من قانون محكمة العمل.
195 المادة 3 من قانون محكمة العمل.
196 المادة 18 من قانون محكمة العمل.
197 المادة 20 (أ) من قانون محكمة العمل.
198 المادة 20 (أ1) من قانون محكمة العمل.
199 المادة 24 من قانون محكمة العمل.
200 المادة 25 من قانون محكمة العمل.
201 اانظر الحواشي 150–157.
202 نُشر القانون في مجموعة التشريعات الإسرائيلية («سيفر هحوكيم»)، رقم 189، 20 / 7 / 1955 (بالعبرية)؛ يمكن الاطلاع على نص القانون وتعديلاته على موقع «نيبو»: اطلع عليه بتاريخ 11 / 8 / 2020.
203 المادة 183 من قانون القضاء العسكري.
204 المادة 201 من قانون القضاء العسكري.
205 المادة 203 من قانون القضاء العسكري.
206 المادة 214 من قانون القضاء العسكري.
207 المادة 215 من قانون القضاء العسكري.
208 المادة 187 من قانون القضاء العسكري.
209 المادة 186 من قانون القضاء العسكري.
210 المواد 21 و22 و27 من قانون القضاء العسكري؛ شقور، مصدر سبق ذكره، ص 27–28.
211 شقور، مصدر سبق ذكره، ص 28–29.
212 مناحم فنكلشتاين، «القضاء في زمن القتال»، «مشباط فتسفاه»، العدد 16 (2002)، ص 15 – 21؛ اطلع عليه بتاريخ 14 / 8 / 2020.
213 شقور، مصدر سبق ذكره، ص 20.
214 نُشر الأمر في مجموعة التشريعات العسكرية («كوبتس همنشريم») رقم 234، كانون الأول / ديسمبر 2009، ص 5902 (بالعبرية). وبدأ العمل وفق النص المدمج بتاريخ 2 / 5 / 2020؛ يمكن الاطلاع على الأمر رقم 1651 في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 14 / 8 / 2020.
215 يمكن الاطلاع على نص قانون السير وتعديلاته في موقع «نيبو»؛ اطلع عليه بتاريخ 15 / 8 / 2020.
216 المادة 26 (أ) من قانون السير.
217 المادة 26 (د) من قانون السير.
218 المادة 37 (ب) (4) من قانون المحاكم.