في ذكرى مرور سبعين عاماً على سقوط اللد والرملة، حاور موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية الفنانة التشكيلية منال ديب التي تعود بأصلها إلى قرية دير طريف التي رسمتها في لوحة رقمية (ديجيتال).
ربما لم يخطر على بال مؤسسي إسرائيل الأوائل، أنه وبعد 70 عاماً على طرد سكان فلسطين من أرضهم: إلى خارجها وفيها، ستحافظ الأجيال الفلسطينية بطرق مختلفة على ذاكرة الوطن على الرغم من أن أماكن ولادة أجدادهم وسكنهم قد أُزيلت معالمها، ولم يبق منها سوى بعض أحجار أو شجرة زيتون أو معلم ديني.
وإذا كانت إسرائيل قد نجحت، عبر العدوان، في الهيمنة على كل فلسطين، فإنها لم تنجح بعد – ولن تنجح- في إزالة الذاكرة الفلسطينية وبناء ذاكرة جديدة تنفي من خلالها التاريخ كلّه.
إلى قرية دير طريف، الواقعة على بعد 3 كيلومترات من مطار مدينة اللد التي احتُلت قبل 70 عاماً في مثل هذه الأيام، تنتمي الفنانة التشكيلية الشابة منال ديب، وقد هُجّر أهلها من دير طريف سنة 1948، إلى رام الله، حيث ولدت. وبما أن الترحال الأبدي للفلسطينيين لا ينتهي، فقد قادتها الأقدار، مثلها مثل الكثير من الفلسطينيين، إلى منفى جديد، إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث درست الفن التشكيلي في جامعة إلينوي في مدينة شيكاغو، وعلم النفس والفن في جامعة جورج ميسن في مدينة فيرفاكس واستقرت في ضواحي العاصمة واشنطن.
وعلى الرغم من هذا الترحال، وبُعد المسافتين: المكانية والزمانية، بقيت ذاكرة جيل ما بعد النكبة من فلسطين، حيّة، فترسم منال "دير طريف" في لوحة تعبّر عن هذه الذاكرة.
تشرح منال ديب، أن لوحة "دير طريف" هي "لوحة رقمية بمعنى أنني أستخدم الكمبيوتر لإنتاجها. والمعلم الموجود في اللوحة هو آخر معلم في قرية دير طريف، والذي بقي قائماً لعدة سنوات، بعد أن تم تدمير القرية بكاملها. وهو عبارة عن مزار أو مقام ديني."
تضيف: "العيون في اللوحة تتآلف مع تاريخ القرية التي جاء أجدادي منها. ففي العيون حزن دفين. وبنظرات فيها إصرار الانتماء، تتداخل العيون بالمعلم القديم وشجرة الزيتون الراسخة والتي أبت أن تموت."
لوحة "دير طريف" أنتجتها منال ديب في 2016، "وكان لها صدى كبير في وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تمثل الكثير من القرى الفلسطينية المشابهة التي دُمّرت بعد النكبة،" كما تقول.
وعن رسالتها الفنيّة، تجيب منال ديب، عبر طرح أسئلة على نفسها: "هل أنا الذي أعتقد بأنني أنا، أو الذي كنت أعتقد بأنني أنا؟ هل فعلت الأشياء التي يبدو أنني أتذكر القيام بها أو لم آتِ إلى الوجود سوى قبل لحظة فقط؟".
وفي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة، تقدم منال "طرقاً استثنائية وخلاّقة من الأفكار القائمة على الفن والتحديات المحيطة."
لم تُصّنف أعمالها ضمن مدرسة من المدارس الفنية، في حين اتفق النقاد على اعتبارها "استفزازات مثيرة للتفكير":
-تم اختيار 30 لوحة فنية من أعمال منال ديب وتم عرضها في صالة عرض مقر الأمم المتحدة في نيويورك في سنة 2012؛
-نالت جائزة تقدير كفنانة عربية أميركية سنة 2013؛
-اعتبرت فنانة فلسطين لشهر واحد سنة 2014؛
-اختارت لجنة نقاد فنيين أميركيين مجموعة من أعمالها لتكون ضمن مجموعة مرموقة في متحف أميركي سنة 2016؛
-تم اختيار أعمالها لافتتاح أول متحف فلسطيني في الولايات المتحدة سنة 2018؛
أقامت منال، وشاركت في، معارض شخصية وجماعية. في أميركا: نيويورك، وواشنطن، وبوسطن، ودالاس، وشيكاغو، ولوس انجلوس، وسبوكين، ودينفر، ولورتن، وسانتافي، وفيرفاكس، وريجموند؛ بريطانيا: لندن، وبرايتن؛ فرنسا: باريس؛ إيطاليا: روما؛ مصر: القاهرة؛ الأردن: عمّان؛ قطر: الدوحة؛ الهند: نيودلهي؛ باكستان: إسلام أباد؛ إسبانيا: مالقا؛ فلسطين: بيت لحم.
والمواضيع التي تتطرق لها أعمال منال، هي: "القضية الفلسطينية والهوية؛ السلام والإنسانية؛ المرأة ومكانتها؛ الديانات والفلسفة الحياتية."