"تحية إلى إلياس خوري"
مع صدور العدد 140 لـ "مجلة الدراسات الفلسطينية" يكون قد مضى عام على عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، وما شهده من مجازر طالت الحجر والبشر، وارتقت إلى حد جريمة إبادة جماعية تنظر فيها محكمة العدل الدولية.
ولم تكتفِ إسرائيل بمجازرها في قطاع غزة، وعدوانها المتمادي على الضفة الغربية المتواصل منذ ما يقارب العامين، بل شنت أيضاً حرباً تدميرية على لبنان طالت جنوبه وبقاعه والضاحية الجنوبية لبيروت، والعاصمة نفسها، وسط عجز دولي، بل تواطؤ مع العدوان، وتغذية أميركية له بالمال والسلاح والغطاء السياسي والدعم الدبلوماسي.
طوال العام الذي مضى على "الطوفان" كان رئيس تحرير "مجلة الدراسات الفلسطينية"، الأديب والروائي والصحافي والمناضل أستاذنا الياس خوري يعاني أوجاعاً لا تُحتمل جراء نكسة صحية ألمّت به، وزاد في آلامها مجزرة غزة المتواصلة، حتى فارق هذه الحياة متألماً على ضحايا العدوان الإسرائيلي، ومتأملاً بمستقبل مشرق لفلسطين والمنطقة ما دامت المقاومة باقية ومستمرة.
تكريماً لفقيدنا وأستاذنا الياس خوري، صدر العدد 140 بعنوان "تحية إلى إلياس خوري" الذي لم يُقعده المرض عن التخطيط والتكليف والإشراف على جميع الأعداد التي صدرت خلال مرضه، بل إن العدد 140، صدر مثلما خطط له، مع فارق أن الافتتاحية كانت تحية له بعد رحيله، وقد كتبها رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية الدكتور طارق متري، على أن يتضمن العدد المقبل ملفاً خاصاً تكريماً للفقيد.
بعنوان: "مهما نأيتَ ستدنو"، تناول متري كيف احتلت فلسطين منزلة القلب في فكر الياس خوري ومشاعره، بل كيف رأى في غزة البوصلة إلى الحرية، فهي "سرّة العالم مثلما القدس سرّة العالم"، وأنها لا بد من أن تولد من جديد حاملة إلى العالم معاني يحتاج إليها.
مدخل العدد كتبه جمال زحالقة بعنوان: "إسرائيل في ظل السابع من أكتوبر وحرب الإبادة على غزة"، وقرأ فيه ملامح التغيير الجاري في إسرائيل بعد "طوفان الأقصى"، مشخّصاً حالات الأمن والسياسة والاقتصاد، وراصداً المتغيرات التي حدثت فيها بتأثير الحرب.
ويتضمن العدد 140 ملفاً بعنوان "الأرض، الإنسان والمكان في الإبادة"، وفيه يكتب كل من: عبد الله بياري عن "المكان الفلسطيني في زمن الإبادة: مقدمة في مجالية مقاومة الاستعمار والحرب والإبادة"؛ دراسة لأباهر السقا بعنوان: "كيف نقرأ الحالة الاستعمارية / المستعمرية 1948 و1967"؛ دراسة لمنصور النصاصرة بعنوان: "قضاء بئر السبع والجنوب الفلسطيني: حكاية عقود من النضال والصمود"؛ دراسة لتايزو إمانو بعنوان: "استعمار فلسطين، وجغرافيا وتاريخ عشائر البدو في قضاء بيسان"؛ دراسة لفيروز سالم بعنوان: "روايات من الفروش: العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في سهول نابلس الشرقية بين نكبة ونكسة"؛ مقالة لعلي حبيب الله بعنوان: "عكا.. نموذج من تاريخ بعث العمارة الفلسطينية – الساحلية في التاريخ الحديث"؛ مقالة لسليم البيك بعنوان: "أنا ذلك الآخر لدى فلسطين".
كما يتضمن العدد، الذي تصدّر غلافه رسماً لفقيدنا الياس خوري للرسام بطرس المعرّي، مقالات تحلل ما جرى ويجري في قطاع غزة ووضع الأونروا، لكل من عزام شعث؛ سجود عوايص؛ مجد حثناوي؛ عبد القادر ياسين؛ علاوة على دراستَين، الأولى عن أنفاق غزة للمى سليمان، والثانية عن اتفاقيات أبراهام لعبد العليم محمد. وفي العدد أيضاً شهادة ليامن نوباني؛ قراءة خاصة لساري عرابي؛ مراجعتان لكتابَين أنجزهما كل من جهاد الرنتيسي وليث أبو صبيح.
