تعرضت الرياضة الفلسطينية في قطاع غزة خلال الحرب التي يشنها الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 للتدمير والتخريب، وكانت هذه المرافق أماكن مهمة تخدم قطاع الشباب الفلسطيني، إذ يمارسون فيها هواياتهم المفضلة، عبر النشاطات الرياضية والبطولات الرسمية لكل الألعاب الرياضية، فأصبح بعضها الآن مراكز للإيواء.
وضمن سياسة الاحتلال الإسرائيلي المتعمدة لتدمير الرياضة الفلسطينية، فقد تم تدمير أهم الملاعب، منها ملعب اليرموك التاريخي، وهو أحد أبرز الملاعب الفلسطينية، ويُعد أحد أقدم الملاعب في تاريخ فلسطين، إذ تأسس سنة 1951. كما دمرت هذه السياسة ملعب فلسطين غربي مدينة غزة، وملعب بيت حانون البلدي، وملعب بيت لاهيا شمالي مدينة غزة، وملعب التفاح شرقي مدينة غزة، وكانت هذه هي الملاعب الأساسية التي تحتضن مباريات الدوري العام في غزة بكل درجاتها، وتم تحويل بعضها إلى مراكز تعذيب واعتقال. وذكر المجلس الأعلى للشباب والرياضة أن من أبرز الملاعب التي دُمرت في المحافظة الوسطى والجنوب ملعب خان يونس البلدي والمدينة الرياضية، إلى جانب تضرر ملعب النصيرات البلدي.[1]
كما دمر الاحتلال عدداً من الملاعب التدريبية، منها ملعب نادي اتحاد الشجاعية الرياضي الذي تم تجريفه تماماً، كما تم تجريف ملاعب نادي خدمات الشاطئ غربي مدينة غزة، وتحويل ملعب رفح البلدي إلى مستشفى ميداني، ناهيك بتدمير أكثر من 300 ملعب خماسي في كل أنحاء غزة وتجريفها.
صورة استخدمت بإذن من اللجنة الأولمبية الفلسطينية توثق فيها تدمير مقر نادي الشجاعية في نيسان/ أبريل 2024
مقرات وملاعب الأندية
وفيما يتعلق بمقرات الأندية، فإنها لم تسلم هي الأُخرى من الحرب، إذ تشير التقديرات إلى تدمير 30 نادياً بالكامل، سواء أكان عبر القصف الجوي والمدفعي، أم بعد الدخول البري لمختلف مناطق قطاع غزة. وفي محافظة غزة، سُويت مقرات 12 نادياً في الأرض من دون أي أثر لها، على غرار 7 أندية في شمال القطاع، والتي اختفت أماكنها تماماً جرّاء تجريفها. أمّا في الوسطى، فقد تعرضت مقرات 5 أندية للقصف الهمجي بصورة مباشرة، بينما دمرت آليات الاحتلال 6 مقرات أندية في خان يونس خلال الاجتياح البري للمحافظة.[2]
ومن الأندية التي تضررت في غزة نادي غزة الرياضي وملاعبه والصالة المغطاة، ونادي خدمات جباليا، والصداقة الرياضي الذي يحتوي على أكبر حمامات سباحة، وصالة مغطاة، وكذلك اتحاد الشجاعية وملاعبه التي دُمرت بصورة كلّية، وكانت مسرحاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية، ونادي المجمع الإسلامي الذي دُمر كلّياً، وكذلك نادي المشتل الذي تعرض لدمار كامل، وأندية اليرموك، والرضوان، والأهلي، والنصر العربي، وخدمات البريج، والمصدر أيضاً تعرضت لدمار كبير وهائل بسبب القصف الإسرائيلي، كما حوّل الجيش الملاعب الرياضية إلى مقابر جماعية ومسرح عمليات عسكرية، وبذلك، فإن قطاع غزة يحتاج إلى سنوات طويلة لبناء ما تم تدميره في البنية التحتية الرياضية.
وبحسب تصريحات المجلس الأعلى للشباب والرياضة،[3] فقد "طال الدمار الذي سببه الاحتلال الإسرائيلي نحو 70% من المنشآت الرياضية في غزة، سواء أكان كلّياً أم جزئياً، ومنها صالات رياضية، ونحو 40 مركز تدريب كمال الأجسام (GYM)، فضلاً عن تدمير 4 صالات مغطاة في بيت حانون، وخدمات جباليا، والصداقة، وغزة الرياضي، والأهلي، وهو ما يعني أنه من كل 5 صالات مغطاة، دُمرت 4 كلّياً. كما دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقرَي اللجنة الأولمبية، واتحاد كرة القدم الفلسطيني، واستهدف كذلك مقر المجلس الأعلى للشباب والرياضة الذي دُمر كلّياً، وكذلك مبنى اللجنة البارالمبية."
صورة استخدمت بإذن من اللجنة الأولمبية الفلسطينية توثق فيها تدمير مقر نادي الشجاعية في نيسان/ أبريل 2024
الشهداء الرياضيون
وارتقى عشرات الرياضيين الفلسطينيين شهداء، وأصيب المئات منهم، وتم تسجيل حالات بتر لعدد من اللاعبين، ولعل أبرزها ما حدث للاعبة الكاراتيه نغم أبو سمرة، التي استشهدت بعد إصابتها بأيام قليلة. كما يشكل لاعبو كرة القدم أغلبية في صفوف الشهداء الذين ارتقوا في القصف الإسرائيلي، ولم تتمكن أي جهة رسمية فلسطينية من توثيق أعداد الشهداء ورصدها بدقة في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت. لكن آخر إحصاء[4] نشره الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم كان بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2024، وأفاد باستشهاد 445 رياضياً؛ 305 منهم من لاعبي كرة القدم، منهم 84 طفلاً، و221 شاباً. كما سقط 51 شهيداً من الحركة الكشفية، و89 شهيداً من الاتحادات الرياضية، وأفادت بأن هناك 46 منشأة رياضية دُمرت بالكامل، في تنويه إلى أن العدد ليس نهائياً في ظل المفقودين واستمرار العدوان.
وكان قد أكد إحصاء للجنة الأولمبية الفلسطينية[5] أن أكثر من 400 رياضي استشهدوا في الحرب المستمرة على غزة، فضلاً عن إصابة الآلاف منهم واعتقالهم وتشريدهم، وكانت عشرات الأندية الغزية قد نعت كوادرها ولاعبيها ومدربيها، وهو ما أحدث حالة من التعاطف الرياضي العربي، وخصوصاً من جانب نادي الوحدات الأردني[6] الذي نعى الشهيد محمد بركات لاعب الأهلي الفلسطيني، ناهيك بتكريم خاص للشهيد هاني المصدر، المدرب المساعد للمنتخب الأولمبي الفلسطيني في جمهورية مصر العربية.
الخسائر المادية
بالنسبة إلى الخسائر المادية التي لحقت بالقطاع الرياضي في قطاع غزة في أثر الحرب، فقد كشف المجلس الأعلى للشباب والرياضة[7] أنها وصلت إلى نحو 20 مليون دولار، عقب تدمير الملاعب والمرافق الرياضية المتعددة.
وأسفر توقف النشاط الرياضي عن فقدان أكثر من 6000 لاعب ومدرب وكادر رياضي مصدر رزقهم الوحيد، وتساهم الرياضة في إعالة الآلاف من الأسر، غير أنهم أصبحوا بلا مصدر رزق بسبب الحرب على قطاع غزة، وهو ما يعني عدم قدرتهم على توفير متطلبات الحياة في ظل الأزمة الإنسانية الكبيرة التي يعيشها المواطنون جرّاء نقص الغذاء والدواء. كما حرمت الحرب لاعبي الأندية ومدربيها وكوادرها تمثيل فلسطين في البطولات العربية والدولية الأخيرة، واقتصرت المشاركة على زملائهم في المحافظات الشمالية والمحترفين في الخارج. ويُشار إلى أن آلاف الرياضيين نزحوا من مناطق سكنهم بعد تعرُض منازلهم للتدمير الكلي في مختلف مناطق قطاع غزة، الأمر الذي يعكس حالة التشرد وانعدام الأمن في ظل العدوان الهمجي والإبادة الجماعية.
[1] أحمد جمعة ومروة الياس، "هنا جثث الأحلام وأشلاء الأبطال.. الاحتلال يحول ملاعب الرياضة بغزة لمقابر جماعية ومراكز اعتقال وتعذيب.. الطفل ’عاصف‘ حلم بأن يصبح حارس مرمى فقطعت إسرائيل ساقه.. واستهدف ’نغم‘ أسطورة الكاراتيه بصاروخين.. صور وفيديو"، "اليوم السابع"، 14/1/2024.
[2] المجلس الأعلى للشباب والرياضة.
[3] جمعة، مصدر سبق ذكره.
[4] الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم. "آخر إحصائية حول الشهداء والخسائر في قطاع غزة." 16 أيلول/ سبتمبر 2024.
[5] "ارتفاع عدد شهداء الحركة الرياضية لأكثر من 400 شهيد"، "فلسطين أون لاين"، 19/8/2024.
[6] تصريح رسمي بنعي الشهيد محمد بركات لاعب الأهلي الفلسطيني على صفحة نادي الوحدات الأردني الرسمية على "فيسبوك"، 11/3/2024.
[7] انظر في موقع المجلس الأعلى للشباب والرياضة.