النص الكامل لكلمة الدكتور نواف سلام،
رئيس محكمة العدل الدولية، في الدورة الخامسة والسبعين للجنة القانون الدولي
17 تموز/يوليو 2024
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
أيها الزملاء والأصدقاء،
إنه لشرف عظيم لي أن أخاطب لجنة القانون الدولي اليوم، وأن أفعل ذلك للمرة الأولى بصفتي رئيس محكمة العدل الدولية. في البداية، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئ السيد مارسيلو فاسكيز بيرموديز على انتخابه رئيساً للجنة في دورتها الخامسة والسبعين المهمة، وأهنئ جميع أعضاء المكتب المنتخبين حديثاً أيضاً.
وأود أيضاً أن أعتذر عن التأجيل المتكرر لهذا الاجتماع معكم، بسبب ازدحام جدول أعمال المحكمة بشكل خاص خلال الأشهر القليلة الماضية.
في كلمتي إليكم هذا الصباح، وجرياً على العادة، سأركز على تقديم تحديث للقضايا التي عُرضت على المحكمة خلال العام الماضي والقرارات التي أصدرتها منذ خطاب الرئيس دونوهيو أمامكم في تموز/ يوليو 2023. وأنا أعلم أنني أتحدث نيابة عن جميع زملائي أعضاء المحكمة عندما أقول إننا نولي أهمية كبيرة لهذا التبادل السنوي للآراء بين مؤسستينا. ومن ناحية ثانية، أشير أيضاً إلى أن لدينا حالياً ستة زملاء مرموقين في هيئة المحكمة هم أعضاء سابقون في لجنة القانون الدولي.[1]
*
هناك حالياً 24 قضية مدرجة على جدول أعمال المحكمة، منها 21 قضية منازعات و3 قضايا استشارية. وتغطي المنازعات بين الدول قضايا قانونية متنوعة وواسعة النطاق، مثل تعيين الحدود البرية والبحرية، ونطاق الولاية القضائية وحصانات الدول، والانتهاكات المزعومة للالتزامات بموجب مجموعة من الاتفاقيات الثنائية والدولية. هناك سؤالان قدما من الجمعية العامة لطلب الرأي الاستشاري ويتعلقان بالحالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتغير المناخ؛ أمّا السؤال الثالث فقد قدمته منظمة العمل الدولية ويتعلق بالحق في الإضراب بموجب اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87.
ومنذ تموز/يوليو 2023، أضيفت خمس قضايا خلافية جديدة إلى جدول أعمال المحكمة تتعلق بدول من أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وأوروبا[2]، بالإضافة إلى طلب الرأي الاستشاري المذكور أعلاه المقدم من منظمة العمل الدولية.[3] وكانت آخر الدعاوى الخلافية التي رفعتها إكوادور ضد المكسيك في 29 نيسان/أبريل 2024 بشأن إساءة استخدام مزعومة لمقر بعثة دبلوماسية. وعقدت المحكمة جلسات استماع تتناول طلبات للإشارة بتدابير تحفظية واعتراضات أولية على الاختصاص في سبع دعاوى تنازعية، كما عقدت جلسات استماع بشأن إحدى المسألتين اللتين قدمتهما الجمعية العامة لإصدار رأي استشاري من المحكمة.[4] وفي أعقاب هذه الجلسات، أصدرت المحكمة بالفعل قرارها في خمس من القضايا الثماني[5] التي سأعرض تفاصيلها بعد قليل، أمّا القضايا الثلاث الأُخرى فهي قيد المداولات حالياً. تتداول المحكمة، بصورة خاصة، في سياق وظيفتها الاستشارية، بشأن مسألة الآثار القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي سياق إجراءاتها التنازعية، بشأن الاعتراضات الأولية على الاختصاص في مجموعتين منفصلتين من الدعاوى بين أرمينيا وأذربيجان بشأن الانتهاكات المزعومة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وفي مراجعة للقرارات التي أصدرتها المحكمة، سأبدأ بالأحكام التي أصدرتها،[6] قبل أن أنتقل إلى الأحكام الموضوعية العديدة التي صدرت خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
في 13 تموز/يوليو 2023، أصدرت المحكمة حكمها بشأن الأسس الموضوعية في القضية المتعلقة بمسألة تعيين حدود الجرف القاري بين نيكاراغوا وكولومبيا فيما وراء 200 ميل بحري من ساحل نيكاراغوا (نيكاراغوا ضد كولومبيا). في قضية سابقة بين هاتين الدولتين، كانت المحكمة قد أصدرت حكماً في سنة 2012 يقضي بجملة أمور منها تعيين حدود بحرية واحدة ترسم الجرف القاري والمناطق الاقتصادية الخالصة لنيكاراغوا وكولومبيا حتى حد الـ200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها البحر الإقليمي لنيكاراغوا. وفي 16 أيلول/سبتمبر 2013، أودعت نيكاراغوا طلباً لإقامة دعوى جديدة.
وبعد إيداع المذكرات الخطية بشأن الأسس الموضوعية، أصبحت القضية جاهزة للنظر فيها. وفي هذا السياق، قررت المحكمة أنه في ظل ظروف القضية، وقبل الشروع في أي نظر في المسائل التقنية والعلمية المتعلقة بتعيين حدود الجرف القاري بين نيكاراغوا وكولومبيا فيما وراء 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي لنيكاراغوا، كان من الضروري بت بعض المسائل القانونية بعد الاستماع إلى الطرفين بشأنها. وبناءً على ذلك، وجهت المحكمة بموجب أمرها المؤرخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2022، إلى نيكاراغوا وكولومبيا لتقديم حججهما في الإجراءات الشفوية في القضية فيما يتعلق بمسألتين قانونيتين حصراً. كانت المسألة الأولى تتعلق بما إذا كان يجوز، بموجب القانون الدولي العرفي، أن يمتد حق دولة ما في جرف قاري يتجاوز مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض بحرها الإقليمي ضمن مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس لدولة أُخرى. أمّا السؤال الثاني فيتناول المعايير المنصوص عليها في القانون الدولي العرفي لتقرير حدود الجرف القاري وراء 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي، وما إذا كانت الفقرات 2 إلى 6 من المادة 76 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تعكس القانون الدولي العرفي.
عقدت المحكمة إجراءات شفوية بشأن هذه المسائل القانونية في ديسمبر/كانون الأول 2022 وأصدرت حكمها في يوليو/تموز 2023. في ذلك الحكم، خلصت المحكمة إلى أنه، بموجب القانون الدولي العرفي، لا يجوز أن يمتد استحقاق دولة ما لجرف قاري يتجاوز 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض بحرها الإقليمي ضمن مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس لدولة أُخرى. وذهبت المحكمة إلى أنه في حالة عدم وجود استحقاقات متداخلة على المناطق البحرية نفسها، لا يمكن للمحكمة أن تمضي في تعيين الحدود البحرية.
وذكرت المحكمة كذلك أنه، في حدود 200 ميل بحري من خطوط الأساس لساحل كولومبيا الرئيسي والجزر الكولومبية، لم تكن هناك منطقة استحقاقات متداخلة ليتم تعيين حدودها في هذه القضية. بالإضافة إلى ذلك، نظرت المحكمة في مسألة الاستحقاقات البحرية لبعض المعالم البحرية في المنطقة.
*
في 31 كانون الثاني/يناير 2024، أصدرت المحكمة حكمها بشأن الأسس الموضوعية في القضية المتعلقة بتطبيق الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي). أقيمت الدعوى في هذه القضية من جانب أوكرانيا في أعقاب الأحداث التي وقعت منذ أوائل سنة 2014 في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وتجدر الإشارة في البداية إلى أن المحكمة رفضت تذرع الاتحاد الروسي بمبدأ "الأيدي النظيفة" كدفاع في الأسس الموضوعية، مشيرةً إلى أنها اعتبرت أن هذا المبدأ لا يمكن تطبيقه في نزاع بين الدول، حيث يتم إثبات اختصاص المحكمة، ويكون الطلب مقبولاً.
وفيما يتعلق بمزاعم أوكرانيا بموجب الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، التي سأشير إليها باسم "الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب"، أوضحت المحكمة أن الموارد النقدية أو المالية المقدمة أو التي تم جمعها لاستخدامها في تنفيذ أعمال إرهابية هي وحدها التي يمكن أن تشكل أساساً لجريمة تمويل الإرهاب. أمّا بالنسبة إلى الادعاء بعدم امتثال الاتحاد الروسي لالتزاماته بموجب مواد محددة من الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب بتجميد أموال معينة، ومحاكمة أو تسليم المجرمين المزعومين في جرائم تمويل الإرهاب، ومساعدة الدول الأطراف الأُخرى في تحقيقاتها في تمويل الإرهاب، واتخاذ تدابير عملية لمنع نقل "الأموال" إلى أوكرانيا لأغراض تمويل الإرهاب، فقد اعتبرت المحكمة أن المدعي لم يثبت أن الاتحاد الروسي قد انتهك التزاماته بموجب الاتفاقية. غير أن المحكمة خلصت إلى أن الاتحاد الروسي قد انتهك التزاماته بالتحقيق في ادعاءات ارتكاب جرائم تمويل الإرهاب من جانب الجناة المزعومين الموجودين في أراضيه.
وفيما يتعلق بادعاءات أوكرانيا في إطار الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التي سأشير إليها بـ "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، أشارت المحكمة إلى أنها لم تدع إلى تحديد ما إذا كانت انتهاكات الالتزامات بموجب الاتفاقية قد وقعت في حالات فردية، بل ما إذا كان يمكن إثبات وجود "نمط سلوك".
نظرت المحكمة بالتفصيل في الانتهاكات المزعومة من الاتحاد الروسي لمختلف أحكام الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري فيما يتعلق بحالات الاختفاء والقتل والاختطاف والتعذيب، وتدابير إنفاذ القانون، بما في ذلك التدابير المتخذة ضد المجلس، وهو الهيئة التي تمثل مجتمع التتار في شبه جزيرة القرم. وعلاوة على ذلك، نظرت المحكمة في التدابير المتعلقة بالجنسية، والتدابير المتخذة فيما يتعلق بالتجمعات ذات الأهمية الثقافية، والتدابير المتعلقة بالتراث الثقافي والمؤسسات الثقافية لتتار القرم والأوكرانيين في القرم. وجدت المحكمة أنه لم يثبت أن الاتحاد الروسي انتهك التزاماته بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وأخيراً، نظرت المحكمة فيما إذا كان سلوك الاتحاد الروسي فيما يتعلق بالتعليم المدرسي في القرم يُعتبر تمييزاً عنصرياً بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وبعد النظر في الممارسات التشريعية وغيرها من ممارسات الاتحاد الروسي فيما يتعلق بالتعليم المدرسي باللغة الأوكرانية في القرم، خلصت المحكمة إلى أن الاتحاد الروسي انتهك التزاماته بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بالطريقة التي نفذ بها نظامه التعليمي في القرم بعد سنة 2014 فيما يتعلق بالتعليم المدرسي باللغة الأوكرانية. وبصورة خاصة، لم يثبت الاتحاد الروسي أنه امتثل لواجب حماية حقوق الأوكرانيين الإثنيين من الأثر السلبي المتباين على أساس أصلهم الإثني باتخاذ تدابير للتخفيف من الضغط الناتج من "إعادة توجيه النظام التعليمي في القرم نحو روسيا" [انتهى الاقتباس] على الآباء الذين كان أطفالهم حتى سنة 2014 يتلقون تعليمهم المدرسي باللغة الأوكرانية.
ثم نظرت المحكمة في دفع أوكرانيا بأن الاتحاد الروسي قد انتهك أمر المحكمة الصادر في 19 نيسان/أبريل 2017 الذي يشير إلى التدابير المؤقتة. وخلصت المحكمة إلى أن المدعى عليه قد انتهك ذلك الأمر بالإبقاء على الحظر المفروض على المجلس، مع الإشارة إلى أن هذا الاستنتاج قد تم التوصل إليه بشكل مستقل عن استنتاج المحكمة بشأن الأسس الموضوعية بأن الحظر المفروض على المجلس لا ينتهك التزامات الاتحاد الروسي بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. أمّا بالنسبة إلى إتاحة التعليم باللغة الأوكرانية، فقد خلصت المحكمة إلى أنه على الرغم من أن أوكرانيا أثبتت حدوث تراجع حاد في التعليم باللغة الأوكرانية بعد سنة 2014، فإنه لم يثبت أن الاتحاد الروسي قد تصرف بشكل ينتهك الأمر المتعلق بالتدابير المؤقتة. وأحاطت المحكمة علماً، بصورة خاصة، بتقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن حالة حقوق الإنسان في جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول المحتلتين مؤقتاً خلال الفترة المعنية، والذي أكد أن التعليم باللغة الأوكرانية كان متاحاً بعد اعتماد الأمر. وأخيراً، اعتبرت المحكمة أن الاتحاد الروسي باعترافه بما يُسمى "جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوهانسك الشعبية" كدولتين مستقلتين وبشنه ما سماه "عملية عسكرية خاصة" ضد أوكرانيا قد قوض بشدة أساس الثقة والتعاون المتبادلين، وبالتالي جعل النزاع أكثر صعوبة في الحل، في انتهاك لأمر المحكمة الصادر في 19 نيسان/أبريل 2017.
في 2 شباط/فبراير 2024، أصدرت المحكمة حكمها بشأن الدفوع الابتدائية التي أثارها الاتحاد الروسي في القضية المتعلقة بادعاءات الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي: 32 دولة متداخلة). لعلكم تتذكرون أنه في 26 فبراير/شباط 2022، قدمت أوكرانيا طلباً ضد الاتحاد الروسي بشأن نزاع بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية. في 3 أكتوبر 2022، أثار الاتحاد الروسي اعتراضات أولية على الاختصاص والمقبولية. أوضحت المحكمة في حكمها أن النزاع بين الطرفين اشتمل على جانبين. يتعلق الجانب الأول بطلب أوكرانيا إعلاناً بعدم ارتكاب إبادة جماعية منسوبة إليها في دونباس؛ أمّا الجانب الثاني فيتعلق بتوافق أفعال الاتحاد الروسي، بما فيها استخدام القوة في أوكرانيا وضدها، مع التزاماته بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وخلصت المحكمة إلى أنها مختصة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية للنظر في الجانب الأول من النزاع، وأن طلب أوكرانيا لإصدار إعلان بأنها غير مسؤولة عن خرق التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية مقبول. وتجدر الإشارة بشكل خاص في هذا الصدد إلى ما خلصت إليه المحكمة من أن المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية لا تستبعد إمكانية أن تطلب دولة ما إعلاناً بأنها غير مسؤولة عن ارتكاب الإبادة الجماعية. ولدى تقييم إمكان قبول طلب أوكرانيا في هذه القضية، أخذت المحكمة في الاعتبار حقيقة أن الطلب قُدم في سياق نزاع مسلح بين الطرفين، وأن الاتحاد الروسي اتخذ التدابير التي اشتكت منها أوكرانيا بهدف معلن هو منع الإبادة الجماعية التي يُزعم أن أوكرانيا ارتكبتها في منطقة دونباس والمعاقبة عليها. وفي مثل هذا السياق الخاص، اعترفت المحكمة بالمصلحة القانونية لأوكرانيا في الحصول على إعلان بأنها لم تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وقضت المحكمة بقبول طلبها.
ومع ذلك، وجدت المحكمة أنها غير مختصة بالبت في الجانب الثاني من النزاع بين الطرفين، أي ادعاءات أوكرانيا بأن استخدام الاتحاد الروسي للقوة في أوكرانيا وضدها ابتداءً من 24 شباط/فبراير 2022 واعترافه بما يسمى "جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوهانسك الشعبية" في 21 شباط/فبراير 2022، يشكل انتهاكاً للمادتين الأولى والرابعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية. ورأت المحكمة أنه حتى لو ثبتت أفعال الاتحاد الروسي التي اشتكت منها أوكرانيا ثبوتاً تاماً، فإنها لا تشكل انتهاكاً للالتزامات بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وبالتالي لا يمكن أن يكون للمحكمة اختصاص بموجب تلك الاتفاقية. وأوضحت المحكمة أن أوكرانيا لم تدّعِ أن الاتحاد الروسي امتنع عن اتخاذ تدابير لمنع الإبادة الجماعية أو المعاقبة عليها، وأنه في هذه الظروف، من الصعب التحقق كيف يمكن أن يشكل السلوك المشكو منه انتهاكاً للالتزامات بمنع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية. كما لم تقتنع المحكمة أيضاً بأن التذرع المزعوم بسوء نية باتفاقية منع الإبادة الجماعية من جانب الاتحاد الروسي يمكن أن يشكل انتهاكاً للالتزامات بموجب المادتين الأولى والرابعة. كما أن الانتهاك المزعوم من جانب الاتحاد الروسي لقواعد دولية أُخرى، مثل القواعد المتعلقة باستخدام القوة، لا يمكن أن يشكل انتهاكاً لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، لأن تلك الاتفاقية لم تتضمن قواعد أُخرى من هذا القبيل من قواعد القانون الدولي.
وأود أن أضيف أن من خصوصيات هذه القضية أن 33 دولة أودعت إعلانات تدخل بموجب المادة 63 من النظام الأساسي. وسأشرح بمزيد من التفصيل الإجراء الذي قررت المحكمة بموجبه قبول هذه الإعلانات. ويكفي أن أقول إن المحكمة رفضت في حكمها الاعتراض الأولي الذي قدمه الاتحاد الروسي على قبول إعلانات أوكرانيا استناداً إلى إساءة استخدام الإجراءات. وبهذا الاعتراض، دفع المدعى عليه، في جملة أمور، بأن أوكرانيا سعت إلى حشد الدول لترتيب تدخل جماعي تعسفي في القضية، في محاولة للضغط على المحكمة.
*
سأنتقل الآن إلى بعض الأوامر المهمة التي أصدرتها المحكمة.[7]
وأشير في هذا الصدد، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن هناك زيادة ملحوظة في عدد الإجراءات العارضة التي تقدم إلى المحكمة، ولا سيما طلبات الإشارة بالتدابير المؤقتة، التي تعطى الأولوية على القضايا الأُخرى. وبينما تتفهم المحكمة أهمية وقيمة هذا الإجراء المعجل، الذي يهدف إلى توفير الإنصاف المؤقت العاجل للأطراف عندما يكون هناك خطر التصعيد، فإنها تود أيضاً أن تشدد على أنه إجراء لا يجب استخدامه كتكتيك تقاضٍ لدفع الدفوع بشأن الأسس الموضوعية.
بالعودة إلى الأوامر الموضوعية قيد المراجعة، سأبدأ بالعودة إلى إقرارات التدخل خلال مرحلة الاعتراضات الأولية للقضية المتعلقة بادعاءات الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي: تدخل 32 دولة). وبموجب أمر صادر في 5 حزيران/يونيو 2023، بتت المحكمة في مقبولية إعلانات التدخل هذه التي، كما أذكر، قُدّمت بموجب المادة 63 من النظام الأساسي. ويمنح هذا الحكم الدول الأطراف في اتفاقية ما الحق في التدخل في قضية ما عندما يكون بناء تلك الاتفاقية موضع تساؤل. وقد سعت هذه الدول الـ33، وجميعها أطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية، إلى التدخل لتقديم ملاحظات بشأن تفسير المادة التاسعة، وهي البند التوفيقي لذلك الصك، وبشأن الأحكام الأُخرى ذات الصلة باختصاص المحكمة. كما سعت بعض هذه الدول إلى تقديم ملاحظات بشأن أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية.
وكان الاتحاد الروسي قد أثار اعتراضات على مقبولية جميع إعلانات التدخل. وبموجب أمرها المؤرخ 5 حزيران/يونيه 2023، نظرت المحكمة في هذه الاعتراضات وقررت أن إعلانات التدخل المقدمة من 32 دولة مقبولة في مرحلة الاعتراضات الأولية من الإجراءات بقدر ما تتعلق بتفسير المادة التاسعة وغيرها من أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية ذات الصلة بتحديد اختصاص المحكمة. وأوضحت المحكمة، على وجه الخصوص، أن مهمتها في تحديد مقبولية إعلان التدخل بموجب المادة 63 من النظام الأساسي تقتصر على التأكد مما إذا كان ذلك الإعلان يتعلق بتفسير الأحكام المعنية في المرحلة ذات الصلة من الإجراءات. ورأت المحكمة أنه، في القضية قيد النظر، كان تفسير المادة التاسعة وغيرها من الأحكام المتعلقة بالاختصاص الموضوعي للمحكمة موضع تساؤل في مرحلة الاعتراضات الأولية من الإجراءات، وبالتالي فإن أجزاء الإعلانات التي تتناول تفسير هذه الأحكام مقبولة في تلك المرحلة. وأضافت المحكمة أنها لن تأخذ بعين الاعتبار، في مرحلة الاعتراضات الأولية، أي جزء من الملاحظات الخطية أو الشفوية للدول المتدخلة التي تتجاوز تفسير الأحكام موضع البحث في تلك المرحلة.
في الأمر الصادر في 5 حزيران/يونيو 2023، أيدت المحكمة أيضاً اعتراضاً قدمه الاتحاد الروسي فيما يتعلق بمقبولية إعلان التدخل الذي قدمته الولايات المتحدة، على أساس أن الولايات المتحدة قد أبدت تحفظاً على المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية. رأت المحكمة أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل فيما يتعلق بتفسير المادة التاسعة من الاتفاقية في حين أنها غير ملزمة بذلك الحكم. كما أنه لا يمكنها التدخل فيما يتعلق بتفسير أي حكم آخر يمكن أن يكون، في مرحلة الاعتراضات الأولية، ذا صلة فقط باختصاص المحكمة بموجب المادة التاسعة. وبناءً على ذلك، فقد تبين أن إعلان تدخل الولايات المتحدة غير مقبول من حيث صلته بمرحلة الاعتراضات الأولية من الإجراءات.
بعد صدور أمر المحكمة في 5 حزيران/يونيو 2023، فإن معظم الدول التي اعتُبرت إقرارات تدخلها مقبولة في مرحلة الاعتراضات الأولية استفادت من حقها، عملاً بلائحة المحكمة، في تقديم ملاحظات خطية وتقديم ملاحظات شفوية خلال جلسات الاستماع بشأن الاعتراضات الأولية للاتحاد الروسي.
*
وأنتقل الآن إلى الأمرين المتعلقين بالتدابير المؤقتة الصادرين في 6 تموز/يوليو 2023 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 في القضية المتعلقة بتطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (أرمينيا ضد أذربيجان). يدعي المدعي في هذه القضية وقوع انتهاكات لهذه الاتفاقية، التي سأشير إليها مرة أُخرى باسم "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، فيما يتعلق بالأشخاص من أصل قومي أو عرقي أرميني، والتي ارتكبت خلال وبعد الأعمال العدائية في منطقة ناغورني كاراباخ التي اندلعت في خريف سنة 2020.
ويتعلق الأمر الأول بطلب أرمينيا تعديل أمر سابق مؤرخ 22 شباط/فبراير 2023 أمرت فيه المحكمة أذربيجان باتخاذ جميع التدابير المتاحة لها لضمان حركة الأشخاص والمركبات والبضائع من دون عوائق على طول ممر لاتشين الذي يربط بين ناغورني كاراباخ وأرمينيا. وادعت أرمينيا، تحديداً، أن هذا الأمر بحاجة إلى تعديل بسبب ما وصفته بأنه عائق جديد كبير أمام الحركة على طول ممر لاتشين نتيجة لما زعمت أذربيجان من إنشاء نقطتي تفتيش عسكريتين. في أمرها الصادر في 6 تموز/يوليو 2023، اعتبرت المحكمة أنه حتى لو أمكن القول، في ضوء هذه التطورات، أنه قد طرأ تغيير في الوضع الذي كان قائماً عندما أصدرت المحكمة أمرها الصادر في 22 شباط/فبراير 2023، فإن طلب أرمينيا لا يزال يتعلق بادعاءات بتعطيل الحركة على طول ممر لاتشين. إن العواقب المترتبة على أي تعطيل من هذا القبيل بالنسبة إلى الأشخاص من أصل قومي أو عرقي أرميني ستكون هي نفسها التي أشارت إليها المحكمة في أمرها السابق. ولذلك، خلصت المحكمة إلى أن الظروف لم تكن بالقدر الذي يتطلب ممارسة سلطتها لتعديل ذلك الأمر.
في 29 أيلول/سبتمبر 2023، قدّمت أرمينيا طلباً جديداً للإشارة بتدابير مؤقتة[8] زعمت فيه أن أذربيجان شنّت هجوماً عسكرياً على ناغورنو كاراباخ في 19 أيلول/سبتمبر 2023، مما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من الأرمن قسراً. وبالتالي طلبت أرمينيا اتخاذ تدابير مؤقتة عاجلة لحماية هؤلاء السكان. أشارت المحكمة في أمرها الصادر في 17 نوفمبر 2023 إلى ثلاثة تدابير مؤقتة. أولاً، صدرت توجيهات لأذربيجان بأن تضمن، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أن الأشخاص الذين غادروا ناغورنو كاراباخ بعد 19 أيلول/سبتمبر 2023 والذين يرغبون في العودة إلى ديارهم يمكنهم القيام بذلك بطريقة آمنة وسريعة ومن دون عوائق؛ وأن الأشخاص الذين بقوا في ناغورنو كاراباخ بعد ذلك التاريخ والذين يرغبون في المغادرة تمكنوا من القيام بذلك بالطريقة الآمنة نفسها؛ وأن الأشخاص الذين يرغبون في البقاء في ناغورنو كاراباخ كانوا في مأمن من استخدام القوة أو التخويف الذي قد يدفعهم إلى الفرار. ثانياً، صدرت توجيهات لأذربيجان بحماية وحفظ وثائق وسجلات التسجيل والهوية والملكية الخاصة والسجلات التي تتعلق بالأشخاص المتضررين من أحداث 17 نوفمبر 2023. ثالثاً، صدرت تعليمات لأذربيجان بتقديم تقرير إلى المحكمة بشأن الخطوات المتخذة لتنفيذ التدابير المؤقتة المشار إليها.
أنتقل الآن إلى الأمر بشأن التدابير المؤقتة الصادر عن المحكمة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (كندا وهولندا ضد الجمهورية العربية السورية). أقام المدعيان المشتركان هذه الدعوى في 8 حزيران/يونيو 2023، زاعمين أن الحكومة السورية مسؤولة، على الأقل منذ سنة 2011، عن الانتهاكات المنهجية لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. وأرفق الطلب بطلب للإشارة بتدابير مؤقتة. وبصورة خاصة، ذكرت كندا وهولندا أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة من أجل حماية حياة الأفراد الذين يتعرضون للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو يتعرضون لخطر وشيك بالتعرض لمثل هذه المعاملة داخل سورية.
أمرت المحكمة في أمرها الصادر في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، الجمهورية العربية السورية، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، باتخاذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وضمان عدم ارتكاب موظفيها، وكذلك أي منظمات أو أشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، أي أعمال تعذيب أو غيرها من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأمرت المحكمة كذلك بأن يتخذ المدعى عليه تدابير فعالة لمنع إتلاف أي أدلة تتعلق بادعاءات ارتكاب أفعال تدخل في نطاق اتفاقية مناهضة التعذيب وضمان الحفاظ عليها.
*
بعد فترة وجيزة من صدور هذا الأمر، في 1 كانون الأول/ديسمبر 2023، أصدرت المحكمة أمراً آخر بشأن التدابير المؤقتة في القضية المتعلقة بقرار التحكيم الصادر في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1899 (غيانا ضد فنزويلا). وعلى سبيل التذكير، اسمحوا لي أن أشير إلى أن هذه القضية رُفعت في سنة 2018 وأنها الآن في مرحلة النظر في الأسس الموضوعية، وقد سبق للمحكمة أن أصدرت حكمها في المسائل المتعلقة بالاختصاص والمقبولية. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أودعت غيانا طلباً للإشارة بتدابير تحفظية بسبب قلقها إزاء ما أعلنته حكومة فنزويلا عن نيتها إجراء ما يسمى "الاستفتاء الاستشاري" في 3 كانون الأول/ديسمبر 2023 بشأن ما يُزعم من إنشاء دولة "غوايانا إسيكيبا" من جانب واحد داخل فنزويلا، التي تضم الإقليم موضوع الدعوى الحالية.
وذكرت المحكمة، في أمرها المؤرخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2023، أنه في ضوء التوتر الشديد الذي اتسمت به العلاقات بين الطرفين، رأت المحكمة أن سلوك فنزويلا - في تنظيم هذا الاستفتاء والتأكيدات التي صدرت عنها بأنها ستتخذ إجراءات ملموسة على أساس نتائج ذلك الاستفتاء - ينطوي على خطر جسيم يتمثل في استحواذ فنزويلا على الإقليم محل النزاع وممارستها السيطرة والإدارة على الإقليم المتنازع عليه، والذي تديره غيانا في مجمله في الوقت الراهن. ولذلك أصدرت المحكمة توجيهاتها إلى فنزويلا بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء، ريثما يصدر قرار نهائي في القضية، من شأنه أن يعدل الوضع السائد حالياً في الإقليم محل النزاع. وأمرت المحكمة كذلك كلا الطرفين بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع أو توسيع نطاقه أو يزيد من صعوبة حله.
*
أنتقل الآن إلى ثلاثة أوامر أصدرتها المحكمة في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل).
رفعت جنوب أفريقيا هذه القضية في 29 كانون الأول/ديسمبر 2023، مدعيةً أن إسرائيل، بتنفيذها عمليات عسكرية في غزة وضدها في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قد انتهكت ولا تزال تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. ووفقاً لجنوب أفريقيا، فإن التدابير المؤقتة كانت ضرورية من أجل الحماية من المزيد من الأضرار الجسيمة وغير القابلة للجبر التي لحقت بحقوق الشعب الفلسطيني، ولضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية. في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024، لاحظت المحكمة بقلق بالغ أن السكان في غزة كانوا في حالة ضعف شديد، مشيرةً إلى أن العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قد أسفرت، ضمن جملة أمور، عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من السكان وتدمير المنازل والمدارس والمرافق الطبية وغيرها من البنى التحتية الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع. وأعربت المحكمة عن انزعاجها من حقيقة أن العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة لم يتمكنوا من الحصول على أبسط المواد الغذائية الأساسية أو المياه الصالحة للشرب أو الكهرباء أو الأدوية الأساسية أو التدفئة.
ووجهت المحكمة في البند التنفيذي من أمرها إسرائيل بأن تتخذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، وأن تكفل بأثر فوري عدم ارتكاب جيشها لأي من الأفعال الموصوفة في الفقرة الأولى من البند؛ وأن تتخذ جميع التدابير التي في وسعها لمنع التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بأفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة والمعاقبة عليها، وأن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها لمعالجة الأوضاع المعيشية السيئة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة؛ وأن تتخذ تدابير فعالة لمنع تدمير الأدلة المتعلقة بادعاءات ارتكاب أفعال تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية ضد أفراد المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة وضمان الحفاظ عليها؛ وأن تقدم تقريراً إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لإنفاذ هذا الأمر في غضون شهر واحد من تاريخ الأمر.
وبموجب رسالة مؤرخة في 12 شباط/فبراير 2024، قدمت جنوب أفريقيا إلى المحكمة ما أشارت إليه على أنه "طلب عاجل لاتخاذ تدابير إضافية بموجب الفقرة 1 من المادة 75 من لائحة المحكمة". وعلى وجه الخصوص، دفع مقدم الطلب بأن الأوضاع المستجدة في رفح تتطلب من المحكمة ممارسة سلطتها بموجب هذا الحكم. وبموجب رسالة من رئيس قلم المحكمة مؤرخة في 16 شباط/فبراير 2024، تم إبلاغ الطرفين بقرار المحكمة. وذكرت المحكمة أن التطورات الأخيرة في قطاع غزة، وفي رفح خصوصاً، تتطلب التنفيذ الفوري والفعال للتدابير المؤقتة التي أشارت إليها المحكمة في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024، والتي كانت سارية في جميع أنحاء قطاع غزة، بما فيها رفح، ولم تتطلب الإشارة إلى تدابير مؤقتة إضافية. كما شددت المحكمة على أن إسرائيل لا تزال ملزمة بالامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والأمر المذكور، بما في ذلك ضمان سلامة وأمن الفلسطينيين في قطاع غزة.
في 6 آذار / مارس 2024، قدمت جنوب أفريقيا طلباً آخر للإشارة بتدابير مؤقتة إضافية و/أو تعديل التدابير التي سبق أن أشارت بها المحكمة في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني / يناير 2024، استناداً إلى التغير المزعوم في الوضع في غزة منذ الإشارة بالمجموعة الأولى من التدابير المؤقتة. في أمرها الصادر في 28 آذار/مارس 2024، وجدت المحكمة أن المستوى البائس لانعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة وحقيقة أن المجاعة قد بدأت في الظهور تشكل تغيراً في الوضع الذي كان قائماً عندما اعتمدت المحكمة أمرها في كانون الثاني/يناير. وبما أن التدابير المؤقتة المشار إليها في الأمر لم تعالج بشكل كامل العواقب الناجمة عن هذا التغيير في الوضع، فإن تعديلها كان مبرراً. وفي فقرة البند التنفيذي، أعادت المحكمة التأكيد على التدابير المؤقتة المشار إليها في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024، وأشارت إلى تدابير إضافية. وأوعزت المحكمة إلى إسرائيل، على وجه الخصوص، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وبالنظر إلى تفاقم ظروف الحياة التي يواجهها الفلسطينيون في غزة، ولا سيما انتشار المجاعة، باتخاذ جميع التدابير اللازمة والفعالة التي تكفل، من دون تأخير، وبالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها جميع المعنيين من دون عوائق على نطاق واسع، والتي يحتاج إليها الفلسطينيون في غزة على وجه السرعة، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومتطلبات النظافة الصحية والصرف الصحي، وكذلك الإمدادات الطبية والرعاية الطبية للفلسطينيين في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك زيادة سعة وعدد نقاط العبور البرية وإبقائها مفتوحة طالما كان ذلك ضرورياً. كما أمرت اللجنة إسرائيل بأن تكفل على الفور عدم ارتكاب جيشها أي أعمال تشكل انتهاكاً لأي من حقوق الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك منع إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون في غزة من خلال أي إجراء. وبالإضافة إلى ذلك، أُمرت إسرائيل بتقديم تقرير إلى المحكمة بشأن جميع تدابير الامتثال المتخذة، وذلك في غضون شهر واحد من تاريخ صدور الأمر.
في 10 أيار/مايو 2024، قدمت جنوب أفريقيا إلى المحكمة طلباً عاجلًا آخر لتعديل التدابير المؤقتة والإشارة إليها بهدف، ضمن جملة أمور، وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح وضمان وصول موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من الموظفين العاملين في تقديم المساعدات الإنسانية والمعونات إلى غزة من دون عوائق. وفي أمرها الصادر في 24 أيار/مايو 2024، أعادت المحكمة التأكيد على التدابير المؤقتة المشار إليها في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024 و28 آذار/مارس 2024، وأشارت إلى تدابير إضافية. وجهت إسرائيل على وجه الخصوص، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وبالنظر إلى تدهور ظروف الحياة التي يواجهها المدنيون في محافظة رفح، إلى الوقف الفوري لهجومها العسكري وأي عمل آخر في محافظة رفح، والذي قد يلحق بالمجموعة الفلسطينية في غزة ظروف حياة قد تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً. كما تم توجيه إسرائيل بالإبقاء على معبر رفح مفتوحاً من أجل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها على نطاق واسع من دون عوائق؛ واتخاذ تدابير فعالة لضمان وصول أي لجنة تحقيق أو بعثة لتقصي الحقائق أو أي هيئة تحقيق أُخرى مكلفة من الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة للتحقيق في ادعاءات الإبادة الجماعية إلى قطاع غزة من دون عوائق. وأخيراً، أُمرت إسرائيل بتقديم تقرير إلى المحكمة بشأن جميع تدابير الامتثال المتخذة، وذلك في غضون شهر واحد من تاريخ صدور الأمر.
وفي الأوامر الثلاثة، أعربت المحكمة عن قلقها البالغ إزاء مصير الرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم الذي وقع في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واحتجزتهم حماس وجماعات مسلحة أُخرى منذ ذلك الحين، ودعت إلى إطلاقهم فوراً ومن دون شروط.
*
أنتقل الآن إلى أمر المحكمة الصادر في 30 نيسان/أبريل 2024 بشأن طلب الإشارة بتدابير تحفظية الذي قدمته نيكاراغوا في 1 آذار/مارس 2024، مشفوعاً بطلبها الذي تقيم بموجبه دعوى ضد ألمانيا في القضية المتعلقة بالانتهاكات المزعومة لالتزامات دولية معينة فيما يتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة. يذكر المدعي في هذه القضية أن كل طرف متعاقد في اتفاقية منع الإبادة الجماعية يقع عليه واجب بموجب تلك الاتفاقية ببذل كل ما في وسعه لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية، ويدعي أن ألمانيا، من خلال تقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري لإسرائيل ووقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، تسهل ارتكاب الإبادة الجماعية ولم تفِ بالتزامها ببذل كل ما في وسعها لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية. ودفعت نيكاراغوا في طلبها للإشارة بتدابير مؤقتة بأن هناك حاجة ماسة إلى تدابير مؤقتة للحماية لضمان تعليق ألمانيا مساعداتها العسكرية لإسرائيل بقدر ما تستخدم هذه المساعدات، أو يمكن أن تستخدم لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تحدث في قطاع غزة، واستئناف دعمها للأونروا، بعد أن أعلنت قرارها بتعليق مساهماتها المالية في 27 كانون الثاني/يناير 2024. وللتوصل إلى قرارها بشأن طلب نيكاراغوا، أخذت المحكمة في أمرها في الاعتبار مجموعة من العوامل، بما في ذلك تأكيدات ألمانيا بشأن إطارها القانوني الوطني الذي يحكم تصنيع وتسويق وتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية الأُخرى، وكذلك الانخفاض الواضح منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 في قيمة المواد التي منحت الحكومة الألمانية بموجبها تراخيص لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. وفيما يتعلق بقرار ألمانيا بتعليق دعمها للأونروا فيما يتعلق بعملياتها في غزة، لاحظت المحكمة، أولاً، أن التبرعات المقدمة للأونروا كانت طوعية بطبيعتها. وثانياً، لاحظت المحكمة أنه وفقاً للمعلومات التي قدمتها لها ألمانيا، لم يكن هناك أي مدفوعات جديدة مستحقة للأونروا في الأسابيع التي تلت إعلان قرارها. وأخيراً، لاحظت المحكمة أن ألمانيا ذكرت أنها دعمت المبادرات الرامية إلى تمويل عمل الوكالة، فضلاً عن تقديم الدعم المالي والمادي للمنظمات الأُخرى العاملة في قطاع غزة.
وفي الختام، واستناداً إلى المعلومات الوقائعية والحجج القانونية التي قدمها الطرفان، خلصت المحكمة إلى أن الظروف في الوقت الحاضر ليست من الخطورة بحيث تتطلب ممارسة سلطتها بموجب المادة 41 من النظام الأساسي للإشارة بتدابير تحفظية.
لكن قبل القيام بذلك، أشارت المحكمة إلى أنها أشارت في أمرها بشأن التدابير التحفظية الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024 في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل إلى أن العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل في أعقاب الهجوم الذي شنّته في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قد أسفرت عن [أقتبس] "سقوط عددٍ كبير من القتلى والجرحى، فضلًا على تدمير المنازل على نطاق واسع، والتهجير القسري للأغلبية العظمى من السكان، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية المدنية" [انتهى الاقتباس]. وذكرت المحكمة كذلك، في أمرها في قضية نيكاراغوا ضد ألمانيا، أنها لا تزال تشعر بقلق عميق إزاء الأوضاع المعيشية الكارثية للفلسطينيين في قطاع غزة. وأشارت المحكمة إلى أنه عملاً بالمادة 1 المشتركة من اتفاقيات جنيف، فإن جميع الدول الأطراف ملزمة "باحترام وضمان احترام" الاتفاقيات "في جميع الظروف". ويترتب على ذلك الحكم أن كل دولة طرف في هذه الاتفاقيات، [أقتبس] "سواء أكانت طرفاً في نزاع محدد أم لا، ملزمة بضمان الامتثال لمقتضيات الصكوك المعنية" [انتهى الاقتباس]. وعلاوة على ذلك، اعتبرت المحكمة أن من المهم بشكل خاص تذكير جميع الدول بالتزاماتها الدولية المتعلقة بنقل الأسلحة إلى أطراف النزاع المسلح، وذلك لتجنب خطر استخدام هذه الأسلحة في انتهاك الاتفاقيات المذكورة أعلاه. وقد كانت جميع هذه الالتزامات تقع على عاتق ألمانيا كدولة طرف في الاتفاقيات المذكورة أعلاه في توريدها للأسلحة إلى إسرائيل.
*
والآن، أنتقل إلى أمر المحكمة المؤرخ 23 أيار/مايو 2024 بشأن طلب الإشارة بتدابير تحفظية الذي قدمته المكسيك، مشفوعاً بطلبها المؤرخ 11 نيسان/أبريل 2024، في القضية المتعلقة بسفارة المكسيك في كيتو (المكسيك ضد إكوادور). تتعلق هذه القضية بالأحداث التي وقعت في 5 نيسان/أبريل 2024، عندما دخل أفراد مسلحون من قوات الأمن الإكوادورية إلى السفارة المكسيكية دون إذن من رئيس البعثة، وقيدوا نائب رئيس البعثة وأخرجوا بالقوة من المبنى السيد غلاس إسبينيل، نائب رئيس الإكوادور السابق، الذي منحته المكسيك حق اللجوء السياسي. وطلبت المكسيك في طلبها من المحكمة، في جملة أمور أُخرى، أن تأمر إكوادور بالامتناع عن التصرف ضد حرمة مباني البعثة والمساكن الخاصة لموظفي المكسيك الدبلوماسيين، واتخاذ التدابير المناسبة لحمايتها واحترامها، وكذلك الممتلكات والمحفوظات الموجودة فيها. وقد أخذت المحكمة في الاعتبار، عند نظرها في الطلب، التأكيدات التي قدمتها إكوادور إلى المكسيك خطياً وأيضاً خلال جلسة الاستماع التي عقدت في 1 أيار/مايو 2024 أنها، وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وغيرها من قواعد القانون الدولي ذات الصلة، ستوفر الحماية والأمن الكاملين لمباني وممتلكات ومحفوظات البعثة الدبلوماسية للمكسيك في كيتو، وستسمح المكسيك بإخلاء مباني تلك البعثة والمساكن الخاصة لموظفيها الدبلوماسيين. واعتبرت المحكمة أن الضمانات التي قدمتها إكوادور تشمل الشواغل التي أعربت عنها المكسيك في طلبها. وفيما يتعلق بتلك التأكيدات، كررت المحكمة التأكيد أن الإعلانات الانفرادية يمكن أن تنشئ التزامات قانونية، وأنه يجوز للدول المعنية أن تضع ثقتها فيها، ويحق لها أن تطلب احترام الالتزام الذي نشأ عنها. وأكدت المحكمة كذلك أنه بمجرد أن تتعهد دولة ما بالتزام من هذا القبيل فيما يتعلق بسلوكها، يفترض حسن نيتها في الامتثال لذلك الالتزام.
في ضوء ما سبق، رأت المحكمة أنه لم يكن هناك في ذلك الوقت أي ضرورة ملحة، بمعنى أنه لم يكن هناك خطر حقيقي ووشيك للإضرار بالحقوق التي يطالب بها المدعي.
ولاحظت المحكمة أن شروط الإشارة بالتدابير التحفظية المحددة في اجتهادها القضائي هي شروط تراكمية. ولذلك، وبعد أن خلصت المحكمة إلى أن أحد هذه الشروط لم يستوفَ، لم يكن مطلوباً منها أن تنظر فيما إذا كانت الشروط الأُخرى مستوفاة.
وخلصت المحكمة إلى أن الظروف، كما كانت معروضة عليها في ذلك الوقت، لم تكن من النوع الذي يتطلب ممارسة سلطتها بموجب المادة 41 من النظام الأساسي للإشارة بالتدابير التحفظية.
ومع ذلك أكدت المحكمة على الأهمية الأساسية للمبادئ المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وأشارت على وجه الخصوص إلى أنه لا يوجد شرط أساسي لسير العلاقات بين الدول أكثر من حرمة المبعوثين الدبلوماسيين والسفارات.
*
وأخيراً، أنتقل إلى أمر المحكمة الصادر في 3 تموز/يوليو 2024 بشأن مقبولية إعلانات التدخل التي قدمتها سبع دول بموجب المادة 63 من النظام الأساسي في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (غامبيا ضد ميانمار).
اسمحوا لي أن أذكر أن القضية رفعتها غامبيا ضد ميانمار في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بسبب الانتهاكات المزعومة من جانب الأخيرة لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية من خلال الأفعال التي اعتمدتها حكومتها واتخذتها وتغاضت عنها ضد أفراد من جماعة الروهينغا. أشارت المحكمة إلى اتخاذ تدابير مؤقتة في سنة 2020، وبموجب حكم صادر في 22 يوليو 2022، وجدت المحكمة أنها مختصة على أساس المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية للنظر في الطلب المقدم من غامبيا، وأن الطلب المذكور مقبول.
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أودعت ملديف إعلاناً بالتدخل في القضية، بالإشارة إلى المادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة. وفي التاريخ نفسه، أودعت ألمانيا والدنمارك وكندا وفرنسا وكندا وهولندا والمملكة المتحدة وهولندا إعلان تدخل مشترك، عملاً بالحكم نفسه. واعترضت ميانمار على مقبولية إعلانات التدخل هذه.
وبموجب أمرها المؤرخ 3 تموز/يوليو 2024، قررت المحكمة أن إعلانات التدخل بموجب المادة 63 من النظام الأساسي المقدمة مقبولة بقدر ما تتعلق بتفسير أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وأشارت المحكمة إلى أن التدخل بموجب المادة 63 من النظام الأساسي ينطوي على ممارسة حق من جانب دولة طرف في اتفاقية كان بناؤها محل نظر المحكمة، وأن موضوع هذا التدخل يقتصر على بناء الاتفاقية المحددة قيد النظر في قضية معينة. وقد خلصت المحكمة إلى أن إعلانات التدخل المقدمة في قضية غامبيا ضد ميانمار تتعلق أساساً بتفسير المواد الأولى والثانية والرابعة والخامسة والسادسة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية - وهي أحكام محل نظر في المرحلة الحالية من الدعوى من حيث الموضوع. ولاحظت المحكمة أنه على الرغم من أن هذه الإعلانات تناولت في بعض الحالات مسائل أُخرى غير تفسير أحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية، مثل الوقائع والقيمة الإثباتية لفئة معينة من الوثائق، فإنها لن تنظر في هذه المسائل وتتوقع من المتدخلين الامتناع عن تناولها أكثر من ذلك.
*
السيد الرئيس، بهذا أختتم عرضي الموجز للقرارات الأخيرة للمحكمة خلال عام من النشاط القضائي المكثف. وإنه لشرف لي أن أخاطبكم اليوم للمرة الأولى منذ انتخابي رئيساً للمحكمة، والذي يتزامن لحسن الحظ مع الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء المحكمة.
وأتطلع الآن إلى المشاركة في مناقشة ثرية مع أعضاء اللجنة. وإنني أعتقد مخلصاً أن هذا التقليد السنوي، الذي يتيح لمؤسستينا تبادل الأفكار في إطار جماعي، هو أمر أساسي للحفاظ على روابطنا الوثيقة، حيث نسعى جاهدين، بطريقة تكاملية، إلى المضي قدماً بأهداف الأمم المتحدة وتعزيز سيادة القانون الدولي.
أشكركم على اهتمامكم الكريم.
[1] القضاة تومكا وشوي ونولتي وغوميز روبليدو وأوريسكو وتلادي.
[2] تموز/ يوليو 2023: أفيا {ذكره الرئيس دونوهيو بإيجاز}؛ كانون الأول/ ديسمبر 2023: SAI؛ آذار/ مارس 2024: NG؛ نيسان/أبريل 2024: ME وEM.
[3] تشرين الثاني/ نوفمبر 2023: منظمة العمل الدولية.
[4] أيلول/ سبتمبر 2023: URB (اعتراضات أولية)؛ تشرين الأول/ أكتوبر 2023: الاتحاد الأوروبي (اعتراضات أولية)؛ تشرين الأول/ أكتوبر 2023: CNLS (تدابير مؤقتة)؛ كانون الثاني/ يناير وأيار/مايو 2024: هيئة الرقابة الإدارية العليا (تدابير مؤقتة)؛ شباط/ فبراير 2024: البروتوكول الاختياري (إجراءات استشارية)؛ نيسان/أبريل 2024: NG (تدابير مؤقتة) وARAZ وAZAR (اعتراضات أولية)؛ نيسان/أبريل وأيار/مايو 2024: الشرق الأوسط (تدابير مؤقتة).
[5] أمر هيئة الرقابة الإدارية العليا الصادر في 26 كانون الثاني/ يناير 2024 بشأن طلب التدابير المؤقتة المؤرخ 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023؛ حكم مجلس الاستعراض الدوري الشامل بشأن الاعتراضات الأولية المؤرخ 2 شباط/ فبراير 2024؛ أمر المجلس الوطني للضمان الاجتماعي بشأن طلب التدابير المؤقتة المؤرخ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023؛ أمر حكومة هولندا المؤرخ 30 نيسان/ أبريل 2024 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة؛ أمر وزارة العدل في 23 أيار/مايو 2024 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة؛ أمر هيئة الرقابة الإدارية العليا المؤرخ 24 أيار/مايو 2024 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة وتعديلها المؤرخ 10 أيار/ مايو 2024.
[6] الحكم الصادر في 13 تموز/يوليو 2023 بشأن الأسس الموضوعية؛ والحكم الصادر في 31 كانون الثاني/يناير 2024 بشأن الأسس الموضوعية؛ والحكم الصادر في 2 شباط/فبراير 2024 بشأن الاعتراضات الأولية الصادر في 2 شباط/فبراير 2024.
[7] أمر URB المؤرخ 5 حزيران/ يونيو 2023 بشأن مقبولية إقرارات التدخل بموجب المادة 63 من النظام الأساسي؛ أمر ARAZ المؤرخ 6 تموز/يوليو 2023 بشأن طلب تعديل الأمر المؤرخ 22 شباط/فبراير 2023 بشأن الإشارة إلى تدبير مؤقت؛ أمر CNLS المؤرخ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 بشأن طلب الإشارة إلى التدابير المؤقتة؛ أمر ARAZ المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة؛ أمر GV المؤرخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2023 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة؛ أمر SAI المؤرخ 28 آذار/ مارس 2024 بشأن طلب تعديل الأمر المؤرخ 26 كانون الثاني/يناير 2024 الذي يشير إلى تدابير مؤقتة؛ أمر NG المؤرخ 30 نيسان/أبريل 2024 بشأن طلب الإشارة بالتدابير المؤقتة.
[8] وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لأرمينيا في هذه القضية أن قدمت مع طلبها طلباً أول للإشارة بتدابير تحفظية في 16 أيلول/سبتمبر 2021 (تم الفصل فيه بأمر من المحكمة بتاريخ 7 كانون الأول/ديسمبر 2021)، تلاه طلب آخر في 16 أيلول/سبتمبر 2022 لتعديل الأمر الصادر في 7 كانون الأول/ديسمبر 2021 للإشارة بتدابير تحفظية (تم الفصل فيه بأمر من المحكمة بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2022)، تلاه طلب آخر للإشارة بتدابير تحفظية في 27 كانون الأول/ديسمبر 2022 (تم الفصل فيه بأمر من المحكمة بتاريخ 22 شباط/فبراير 2023).