نظمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في أيار/مايو الماضي، ندوة مشتركة مع دائرة العلوم السياسية /كلية الحقوق والإدارة العامة في جامعة بيرزيت تحت عنوان "الأرشيفات كشاهد: عن إبادة مصادر الرواية الوطنية وسبل مواجهتها".
وهدفت الندوة، التي شارك فيها الباحثان في المؤسسة سليم تماري وأحمد أسعد، إلى الإضاءة على الأرشيف والمصادر الأرشيفية في ظل الاستهدافات الاستعمارية، باعتبارها شاهداً وراوياً للوقائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهدفاً استراتيجياً للسلب والمحو.
تطرق تماري في مداخلته بعنوان: "الحرب العظمى في فلسطين وبلاد الشام: قراءة التاريخ الاجتماعي من أرشيف مذكرات الجنود" إلى محطات من الحرب العالمية الأولى في فلسطين من خلال مذكرات ثلاثة جنود: إحسان الترجمان، وعارف العارف، ومحمود كرديلي. وشرح كيف يمكن للمذكرات واليوميات والأوراق الشخصية أن تكون مصدراً أساسياً لكتابة التاريخ الاجتماعي والسياسي لفلسطين.
وتناول أسعد في مداخلته بعنوان: "محو الأرشيف / محو الذاكرة: الأرشيف الفلسطيني وبدائل التاريخ" عملية محو الشعوب الأصلانية وإرثهم المادي والثقافي، مادياً ورمزياً، باعتبارها المنطق الناظم للاستعمار الاستيطاني، ومنها إبادة الذاكرة ومصادرها التي يشكل الأرشيف فيها مصدراً أساسياً للمعرفة والبحث، كما عرض للجهود التي تبذلها مؤسسة الدراسات الفلسطينية لتوثيق حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
تلا الندوة ورشة عمل لطلاب دائرة العلوم السياسية والعلاقات الدولية على مدار ثلاثة أيام، قدمها فريق وحدة الأرشيف في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وتطرقت إلى الأرشيف كمفهوم، مبينة الغرض من الأرشفة، والفرق بين التوثيق والأرشفة، كما قدمت نبذة تاريخية عن أرشيف مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وجولة في المجموعات الخاصة في الموقع الإلكتروني لأرشيف التاريخ الاجتماعي في فلسطين. وتضمنت الورشة نقاشات تفاعلية بين رئيسة الدائرة الدكتورة غادة المدبوح والطلاب حول أهمية التوثيق والأرشفة في السياق الفلسطيني، وكيف يكون الأرشيف مصدراً للمعرفة وطريقاً للمقاومة والنضال وخاصة في ظل حرب الإبادة الحالية على قطاع غزة.
كذلك ركزت الورشة على الأرشيف كمصدر للبحث العلمي، وبالتحديد للأبحاث في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية. وقدم فريق الأرشيف عروضاً لخمس مجموعات منتقاة من أرشيف التاريخ الاجتماعي، هدفت إلى تسليط الضوء على موضوعات محددة، منها نضال الحركات الطلابية، والحراكات الاجتماعية، والدور السياسي والوطني لمؤسسات المجتمع المدني. وتخلل ذلك نقاش مع الطلاب حول استخدام الوثائق الأرشيفية لاستكشاف موضوعات للبحث، وتدريب عملي لقراءة ووصف وثيقة أرشيفية. وخصصت الورشة يومها الثالث مواضيع بحثية قام الطلاب باختيارها وصياغتها بناء على الوثائق والمجموعات الأرشيفية المستقاة من أرشيف التاريخ الاجتماعي في فلسطين في محاولة لتطوير أسئلة بحثية، ونقاشها مع طاقم الأرشيف والدكتورة غادة المدبوح بهدف تطويرها لمواضيع يمكن للطلاب ربطها بمساقاتهم ومشاريع تخرجهم.
