بواكير الحداثة في "لواء القدس" في كتاب ماهر الشريف
Date:
29 mai 2024

دأب المؤرخ الفلسطيني ماهر الشريف على متابعة قضية الحداثة في العالم العربي، وسبل بلوغها، ورواد الدعوة إليها، وذلك منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي، وأصدر في هذا الصدد أكثر من كتاب ودراسة ومقالة. ولم يكتفِ بمحاولة الإجابة عن سؤال الحداثة في منطقتنا وفي فلسطين تحديداً، فلما توفرت له جريدة "القدس" الموجودة لدى مكتبة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، درسها، وتفحّص محتواها، بحثاً عن إجابات جديدة لسؤاله. وهذا ما كان في كتابه الصادر أخيراً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعنوان "جريدة القدس وبواكير الحداثة في لواء أو متصرفية القدس" (آذار/مارس 2024).

وقد حازت مؤسسة الدراسات الفلسطينية مجموعة كاملة للجريدة التي كانت تصدر "نصف أسبوعية"، بتبرُع كريم من عائلة حنانيا التي صاحبت المجموعة الورقية في القدس. وهم عائلة الكاتب المقدسي جورجي حبيب حنانيا الذي أسس وحرر أول صحيفة عربية في فلسطين، وسمّاها "القدس"، ونشرها بعد إطلاق الدستور العثماني الثاني سنة 1908، فاستمرت في الصدور حتى سنة 1914.

وتَوَفُّرُ هذه الأعداد المهمة جعل الشريف يقدم مادة تحمل جِدَّة في معالجة لواء أو متصرفية القدس من زاوية ونظرة جديدة، وهي تكمن في السؤال الرئيسي لكتابه: "هل تبين محتويات جريدة ʾالقدسʿ، فعلاً، أنها كانت أداة لترويج أسس المجتمع الحديث ولتنوير سبل بلوغه؟ وإن كانت كذلك، فكيف تجلت بواكير الحداثة في لواء القدس على صفحاتها؟"

وقد قادت الإجابة عن هذا السؤال المؤلف، ونحن القراء بعده، إلى رحلة شيقة في رحاب لواء القدس، عبر مقدمة وعشرة فصول وخاتمة، وثبت بالمصادر وفهرس أعلام، وقد وُضِعَت كلها في 379 صفحة، خَلَتْ من صور لأعداد من الجريدة، أو صور تؤشر إلى تمظهرات الحداثة في "اللواء"، ولا سيما أن بعضها ربما يكون متوفراً في أرشيف مؤسسة الدراسات نفسها. 

الصحافة وصعابها

اختار الشريف البحث عن الحداثة في زمن القدس العثمانية، في مطالع القرن العشرين، باللجوء إلى جريدة حملت اسم المدينة، وقد استدعى هذا اللجوء قراءة في مهنة الصحافة في تلك الأيام في فلسطين، ومعاناتها، ومعاناة أصحاب الجرائد، وهنا يذهب القصد إلى صاحب جريدة "القدس"، جرجي حبيب حنانيا (1864 - 1920).

ولِعَرْضِ أزمة الصحافة في فلسطين، في أوائل القرن العشرين، تطرّق المؤلف إلى بعض افتتاحيات "القدس" التي تناولت الأوضاع التي تمر بها الصحافة، والتي تحول دون استمرار مشروعها ورؤيتها، كنقص المال، وعدم التزام المشتركين دفعَ اشتراكاتهم. وقد نشرت "القدس" في عددها 94 "رجاء" (السنة الثانية، الثلاثاء 6 و19 تشرين الأول/أكتوبر 1909، ص 4): "أن يرونا من ألطافهم ما عوّدونا عليه، ويدفعوا لنا بدل الاشتراك ليتسنى لنا أن نقوم بخدمة الأدب التي ألقيناها على عاتقنا، ولم ندرِ أنها عبء ثقيل في مثل بلادنا، وفي مثل هذا العصر، فنغدو لهم من الشاكرين سلفاً" (ص 10). وكانت افتتاحية العدد الأول (315) من سنة صدورها الخامسة (الجمعة في 7 و21 أيلول/سبتمبر 1912، ص1-2) استعراضاً لأبرز ما فعلته الجريدة في السنة الفائتة، وضِمْنَ ذلك أنها أصدرت 314 عدداً منذ انطلاقتها، فقالت: "كان يجب أن يصدر منها أكثر من هذا العدد، إلاّ إنه بسبب المواسم والأعياد التي تقيّد أيادي الأهالي في هذا الطرف، ولعدم دفع عدد كبير من المشتركين قيمة ما عليهم من الاشتراكات، كنا نصدر جريدتنا في المدة الأخيرة مرة واحدة في الأسبوع فقط" (ص12).

أمّا في افتتاحية العدد الأول في سنة صدورها السادسة والأخيرة (العدد 364، السنة السادسة، الثلاثاء 17 و30 أيلول/سبتمبر 1913، ص 1-2)، فكانت خيبة أمل صاحب امتياز الجريدة وناشرها، جورجي حبيب حنانيا، من أن القراء لم يتجاوبوا مع النداءات بشأن صحيفته، والصحافة عموماً، فقال: "ولا يخفى أن أعداد جريدتنا في سنتها الخامسة كانت أقل من أعدادها في الأربع سنوات التي سبقتها، وقد اضطررنا أن نصدرها مرة في الأسبوع لأسباب كثيرة، أهمها عدم دفع عدد كبير من المشتركين ما عليهم من الاشتراكات.. ومَن جرّب تجارة الصحافة في بلادنا، يعلم أنها ليست تجارة رابحة، لأن العادة السيئة عندنا أن يقرأ العدد الواحد نحو 50 شخصاً"، وتساءل: "أوليست منزلة البلاد وترقيها، يظهران من درجة ترقي جرائدها ومعارفها؟ فلماذا لا يكترث الكثير من القراء لهذا الأمر؟" (ص12). 

الارتقاء والحداثة

كانت لدى حنانيا قناعات "بأن للصحافة دوراً كبيراً تضطلع به في تعبئة الرأي العام في بلاده ودفعه إلى الانخراط في المعركة الرامية إلى توفير شروط الارتقاء" (ص12)، وفي سبيل ذلك، كانت تظهر مصطلحات حداثية، كـ "التمدن" و"الترقي" و"المدينة" و"العمران" و"التقدم"، في مقابل ومواجهة "الهمجية" و"التوحش" و"التقهقر" و"الجهالة". وعلى صفحات جريدة "القدس"، انتشرت مقالات ضمن باب "المقالات العمرانية"، في سعي على خطى رواد التنوير العربي للإجابة عن سؤال "لماذا تأخرنا، وتقدم غيرنا؟"، وبحثاً "عن السبل التي سمحت لـ ʾالآخرʿ بالسير على طريق الحداثة" (ص15).

وقد اقتبس الشريف من مقالات، تبلور إجابته عن سؤال بحثه، فنقل عن أنطوان شكري لورنس من مقال بعنوان "حتَّام نرجى العدول عن طريق الخمول" (العدد 19، السنة الأولى، الجمعة 7 و20 تشرين الثاني/نوفمبر 1908، ص 1– 2)، قارن فيه بين أوضاع الشرق وأوضاع الغرب في الماضي، فكتب: "نحن من أصل شريف ونسل قوم كانوا فيما مضى سائدين على العالم"، ومن "البلاد التي بلغت منذ القدم شأواً بعيداً من التمدن"، بينما "كانت أساسات أعظم بلاد أوروبا، التي يتحدث بجمالها كل غاد ورائح، قفاراً قاحلة وآجاماً لا عمران فيها سوى أكواخ الصيادين"، معتبراً أن الأجداد بلغوا تلك الدرجة من التمدن بفضل اتحادهم في المقام الأول: "فالاتحاد أساس العمران ونجاح البلدان، كما أن تفرق الكلمة والتقاطع أساس البلاء والدمار" (ص15).

وفي مقال آخر بعنوان "كيف تمدنوا؟"، يبدو أن كاتبه، وهو محرر الجريدة (العدد 161، السنة الثانية، الجمعة في 2 و15 تموز/يوليو 1910، ص 1– 2)، يشدّد فيه على مسألة الاتحاد والعدل، فيقول: "العاملان الأولان على النجاح، وبهما يتسنى للشرق أن يجاري الغرب ويصل إلى ما وصل إليه من المدنية التي يغبطه عليها العالم أجمع" (ص16). وفضلاً عن الاتحاد والعدل، فقد ركّزت جريدة "القدس" على مساهمة الكتّاب والمثقفين في تحقيق نهضة الغرب، فنشرت مقالة بعنوان "نفثة مصدور أو الشرق والشقاء حليفان" (العدد 159، السنة الثانية، الثلاثاء 22 حزيران/يونيو و5 تموز/يوليو 1910، ص 1– 2)، تشير إلى أن الانقلاب الكبير الذي شهده الغرب، والذي "أجهز على حياة الاستبداديين، ونقّى الدين والسياسة من غطارفة المستبدين وغطارسة المستأثرين"، لم يكن ليتحقق لولا المساهمة التي قدمها كتّاب وعلماء عظماء، مثل "هوغو وفولتير، وغوركي وتولستوي، ودانتي وشكسبير، وإسحق وواشنطن"، بصفتهم "عقل بلادهم وروحها وسيفها" (ص17).

ويشير الشريف إلى نقطة مهمة جداً، وهي أنه "بالتوازي مع دعوة جريدة ʾالقدسʿ إلى اقتباس الوسائل التي مكّنت الغرب من السير على طريق التمدن والحداثة" فإنها ميّزت "بين الاقتباس المفيد، من جهة، والتقليد الأعمى، من جهة ثانية" (ص17). وعلى المنوال ذاته، وفي تحليل الشريف لحياة لواء القدس الثقافية والنقدية، يؤكد أنه بينما كانت جريدة "القدس" تبرز "وجه الغرب المتمدن"، وتدعو إلى "اقتباس الوسائل ʾالحسنةʿ التي مكّنته من السير على طريق الحداثة" فإنها أيضاً كانت تنتقد "بشدة وجهه [الغرب] الاستعماري والاستئثاري، ونزوعه إلى استعباد بلاد الشرق وإبقائها في حالة من التأخر وميله إلى شن الحروب في سبيل تحقيق مطامعه" (ص19).

وفي معرض النقد الذي كانت تتسع له صفحات الجريدة، أشار الشريف إلى مقالات نُشرت سنة 1909، لإسعاف النشاشيبي وأنطوان شكري لورنس، تنتقد "نوم حكام اللواء وتقصيرهم، وعودتهم إلى ما كانوا عليه في عهد الاستبداد، ودعياً الشعب إلى إيقاظهم، والسير على طريق الإصلاح" (ص22). وكما هو الحال بالنسبة إلى دعوة الكاتبَين، كتب محرر الجريدة في مقالة بعنوان "يكون الحاكم كما تكون الأمة" (العدد 66، السنة الأولى، الثلاثاء 23 حزيران/يونيو و6 تموز/يوليو 1909، 2) داعياً أهالي لواء القدس إلى أن "ينهضوا، ويقطعوا دابر الاستبداد، ويوقفوا كل حاكم مستبد متهاون لا يقوم بواجباته الإصلاحية حق القيام عند حده" وقد أخذ المحرر على الشعب نومهم ولهوهم وغفلتهم عن أمور حكامهم، وذلك خلافاً لأهالي بيروت والآستانة، فإنهم "متيقظون، لا يجعلون فرصة لحاكم أن يستبد" (ص23). 

رحلة الكتاب

لقد عرضتُ أعلاه بعض الأشياء من بداية الكتاب وفصله الأول، وقد كانت هذه الرحلة مختلفة بالنسبة إليّ في "لواء أو متصرفية القدس"، ففي فصل الكتاب الثاني، تناول الشريف "مسألة مهمة تتعلق بهوية سكان اللواء"، وبيّن كيف أن هذه الهوية انعكست في صفحات الجريدة، إذ انطوت، من جهة "على ولاء مركزي إلى أمة كبيرة، متمثلة بالأمة العثمانية" ومن جهة أُخرى، "على ولاءات جزئية تمثلت في الولاء إلى ʾشعب فلسطينيʿ، أو إلى ʾقطر فلسطينيʿ." وكذلك أوضح أن الولاء الجزئي "ترافق بضعف الإحساس بالخطر الصهيوني وتجلّى في توجّه الجريدة إلى نشر مقالات تنطوي على مواقف مناهضة للصهيونية ومؤيدة لها في آن واحد، ونزعتها إلى اتخاذ موقف أقرب إلى ʾالحيادʿ لدى عرضها أخبار الحركة الصهيونية ونشاطاتها في فلسطين" (ص3).

أمّا تأسيس متصرفية أو لواء القدس، وأوضاع أقضيته ونواحيه، فتناوله الفصل الثالث من الكتاب، وقد توقف المؤلف "عند المتصرفين الستة الذين وقفوا على رأسه، خلال الفترة التي تغطيها الدراسة [1908 - 1914] ويعرض، بشيء من التفصيل، وقائع انتخابات المجلس العمومي، الذي كان يشبه ʾالبرلمانʿ وتشكّل من عدد من وجهاء اللواء المعيّنين أو المنتخبين عن أقضيته الخمسة الذين يمثّلون أهاليه المسلمين والمسيحيين واليهود" (ص3).

أمّا بالنسبة إلى سكان لواء القدس، فقد أفرد الشريف لشؤونهم الفصل الرابع من كتابه، وعرض خلاله "مشكلات مدينة القدس التي كانت بمثابة عاصمة له، وانتخابات مجلسها البلدي وتركيبته"، كما تطرق إلى "مشكلات بعض مدن اللواء وبلداته ونواحيه، فضلاً عن أوضاع ثلاثة من أقضيته، وهي يافا وغزة وبئر السبع ونواحيها." وفي السياق نفسه، سلط الضوء على "الأوبئة التي عرفها اللواء وسبل الوقاية منها." ومن جهة أُخرى، فقد عالج هذا الفصل "أوضاع اللواء الاقتصادية، واعتماده الكبير على قطاع السياحة بصفته القطاع الاقتصادي الأهم" (ص4).

وفي الفصل الخامس من الكتاب، تناول المؤلف "بعض مظاهر الحياة التعليمية والثقافية والعلمية في لواء القدس"، وأعار اهتماماً كبيراً "لمكانة المدارس الوطنية الحديثة وضرورة الاعتماد عليها في تطوير التعليم، وخصوصاً مدرسة روضة المعارف والمدرسة الوطنية الدستورية في مدينة القدس." كما تطرق في هذا الفصل إلى الأندية الأدبية والمعارض الفنية، علماً بأنه أفرد لهذا الجانب الفصل العاشر والأخير من الكتاب، وقد وسّعه ليشمل "بعض مظاهر الحياة الفنية الحافلة في لواء القدس، والتي شملت فن التمثيل وفرقه المسرحية وأماكن عرضه وتفاعل الجمهور معه، وكان من أبرز الفنون التي انتشرت آنذاك، كما شملت فن الصور المتحركة وأماكن عرضها، والتصوير الفوتوغرافي والرسم، والموسيقى والغناء، وألعاب السيرك والرياضة، وخصوصاً لعبة كرة القدم التي أدخلها أساتذة أميركيون وإنكليز إلى بعض المدارس الخاصة في اللواء" (ص5 - 6).

أمّا الفصل السادس، فقد تم تخصيصه لقراءة "الحياة النيابية الحافلة التي شهدها لواء القدس، والتي خيضت فيها ʾمعاركʿ انتخابية حقيقية بين مرشحين كُثر، كما يبرز الصفات ʾالحسنةʿ التي يجب أن يتصف بها المرشح للانتخابات، ويعرض الحملات الانتخابية الثلاث لمجلس المبعوثان، التي جرت ما بين سنوات 1908 و1914، ومضامين بيانات بعض المرشحين إليها، وأسماء الفائزين فيها" (ص4).

ويتابع الفصل السابع الحديث بإلقاء الضوء على "النشاط السياسي والاجتماعي في اللواء، فيبرز النشاط التعبوي والتنظيمي والسياسي لجمعية الاتحاد والترقي، التي انضم إليها، كما بدا، عدد كبير من أدباء اللواء وكُتّابه ووجهائه، ونشاط الجمعيات المتعددة في اللواء" (ص5).

ويذهب الفصل الثامن والتاسع إلى تناول الحياة الدينية في لواء القدس "والموقف من الدين ورجاله، وقيام الجريدة بالانفتاح على أتباع الديانات والطوائف المتنوعة والدعوة إلى الوئام بينهم، وكيفية مقاربتها المسألة التي شغلت أتباع الطائفة الأرثوذكسية آنذاك، وهي التي عُرفت باسم مسألة ʾالنهضة الأرثوذكسيةʿ" (ص5)، وكذلك الاحتفالات التي كانت تقام فيه خلال أعياد المسلمين ومواسمهم الدينية، وكذلك أعياد المسيحيين، بمختلف طوائفهم، وكذلك الأعياد الوطنية العثمانية. 

خاتمة وخلاصة

لا تتوقف رحلة الكتاب عند فصوله، فبعدها توجد خاتمة وضعها ماهر الشريف، بيّن فيها إجاباته التي خَلُص إليها، وخصوصاً سؤال بحثه الرئيسي. وقد عرضت إجابته عشر خلاصات دسمة، أكدت أن "جريدة ʾالقدسʿ اضطلعت، فعلاً، خلال سنوات صدورها القصيرة، بدور أداة للترويج لأسس المجتمع الحديث والتنوير بسبل بلوغه" (ص316). كما بيّن في الخاتمة سبعة مظاهر تشدّد على بواكير الحداثة في لواء القدس، مع ملاحظة في غاية الأهمية، وهي أن "الاستعمار قضى على بعض مظاهر هذه البواكير، وخصوصاً في الميدان السياسي، عندما حال دون نشوء نظام برلماني تمثيلي حقيقي للعرب الفلسطينيين، وصار يتعامل معهم بصفتهم طوائف ومذاهب دينية" (ص317).

وأخيراً، في خاتمته، أضاف المؤرخ الفلسطيني رداً آخر يضاف إلى قائمة الردود الموجودة على أسطورة الصهيونية القائلة إن الفلسطينيين لم يمتلكوا أي خصائص قومية أو ثقافية مميّزة، وإن ارتباطهم بالأرض التي يعيشون فوقها كان واهياً، فقال: "إن سكان لواء القدس، وخلافاً لهذه الأسطورة الصهيونية التأسيسية، امتلكوا مثل هذه الخصائص. من الصحيح أن وعيهم الهوياتي ظل ملتبساً، في تلك الفترة، وأن هويتهم انطوت على أبعاد متعددة، إلاّ إنهم صاروا يعبّرون عن ʾوطنية فلسطينيةʿ بدئية، تجلت في تماهيهم مع العرب البيروتيين في دعوتهم إلى ʾاللامركزية الإداريةʿ، وفي الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في السلطنة العثمانية، وكذلك تجلت في تطبّع أنماط تعبيرهم الأدبي والفني بطابع ’فلسطيني‘، ضمن الإطار العربي (...) وكذلك في تعبيرهم عن الطموح إلى توحيد المناطق التي ستتشكّل منها بعد سنوات فلسطين الانتدابية، وهو ما ظهر في المضبطة التي عرضها مجلس اللواء العمومي، في مطلع سنة 1914، على نظارة الداخلية في الآستانة" (ص317 - 318).