هذا كتاب عن رجال من فلسطين عاشوا في وطنهم فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، وكانوا في طليعة النخب السياسية والعلمية والأدبية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، ومنهم أيضاً من لا يذكرهم سوى الأقرباء والجيران، غير أن المؤرخ توقف عندهم، ذلك بأن غمار الناس كانت لهم أيضاً أياديهم البيضاء.
القسم الأول: "حَمَلة مشاعل النهضة الفكرية الوطنية في فلسطين العربية"، كتبه المؤرخ خلال الفترة 1961-1962، في سلسلة من المقالات الأسبوعية في جريدة "الأنوار". ويحتوي على تراجم لأكثر من مئتي فلسطيني كان المؤرخ يعرفهم، وقد كتب عن بعضهم فقرات مطولة، وعن آخرين فقرات موجزة، وأطلق على هذه "التراجم" أوصاف اللُمَع أو القبسات أو الشذرات، وهي في جوهرها نتاج الوجدان والقلب والعقل والذاكرة. أمّا فلسطين، فهي الغاية التي سعى إلى تأريخ صروحها الثقافية، ومعاهدها التربوية، وإنجازات علمائها، وبطولات شهدائها من خلال هذه اللُمَع. وقال المؤرخ أنه لم يتبع نهجاً معيناً لاختيار أصحاب اللُمَع، غير أن "فلسطين تبقى هي القلب من وراء ذلك كله."
القسم الثاني: "هؤلاء كما عرفتهم: حياتهم، عطاؤهم، تراثهم"، يشتمل على تراجم لواحد وعشرين من رجالات فلسطين، ولكل منهم فصل مستقل. وتستند مصادر هذه الفصول إلى الأوراق الخاصة للمؤرخ، وإلى مذكراته: "ستون عاماً مع القافلة العربية"، وإلى مقالاته في الدوريات العربية منذ النكبة حتى مطلع الثمانينيات. وهي لم تكتب بناء على تخطيط مسبق. غير أن المؤرخ كان شديد الوفاء لأصدقائه، فعندما يرحل أحدهم إلى دنيا البقاء كان يكتب عنه مقالاً أو سلسلة مقالات. وأمّا رجالات هذا القسم فمنهم قادة الثورات والشهداء، وزعماء القيادات السياسية العليا والقيادة المعارضة، ورؤساء الأحزاب، ومنهم المؤرخون ورجال الدين والتربية والصحافة والأعمال.
هذا كتاب مضمونه أكثر شمولاً وأبعد مدى من عنوانه. فهو في حقيقته ليس عن رجال من فلسطين كما عرفهم المؤرخ فحسب، بل هو أيضاً عن فلسطين وعبق تاريخها وأصالة شعبها وعدالة قضيتها، وعن رجالاتها الذين أدركهم المؤرخ وعرفهم.