نظّمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بالتعاون مع جامعة دار الكلمة، يوم الثلاثاء 14 آذار/ مارس 2023، في مسرح جامعة دار الكلمة في بيت لحم، وعبر زوم، أمسية إطلاق كتاب "كنيسة المهد في بيت لحم: أقدم كنائس فلسطين: دارسة في العمارة والفنون والتاريخ"، للمؤرخ نظمي الجعبة، والصادر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية. ويُعد الكتاب الأول باللغة العربية الذي يتناول مجمل تاريخ الكنيسة الروحي والمعماري والفني، ويتتبع مختلف المراحل التي مرت بها، ويرافق أعمال الترميم الأخيرة التي كان المؤلف أحد المشرفين عليها.
وبدوره، رحب القس متري الراهب مؤسس ورئيس جامعة دار الكلمة، بأول نشاط مشترك ما بين الجامعة ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، مبدياً أمله بأن يكون ذلك بداية تعاوُن أعمق وأشمل في المستقبل. كما أشاد بدور اللجنة الرئاسية التي شُكِّلت لترميم كنيسة المهد برئاسة زياد البندك، والتي حافظت على المبنى من خلال أعمال الترميم الأخيرة.
مدير عام مؤسسة الدراسات الفلسطينية خالد فراج أكد أنه يتطلع إلى برنامج تعاوُن مشترك ما بين المؤسستين، أساسه النشر. ونوّه بأن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، التي تحتفل هذا العام بمرور 60 عاماً على تأسيسها، مرت بمتغيرات عديدة خلال السنوات الماضية، لكنها تمكنت من الحفاظ على استقلاليتها على الرغم من كافة الظروف، رافضةً التمويل المشروط، ومؤكدةً الالتزام بصرامة بحثها العلمي. وأشار إلى أن هذا الكتاب هو الأول في نوعه باللغة العربية، وأن المؤسسة سبق أن نشرت للجعبة أعمالاً مختلفة، تناول فيها التاريخ والتراث الثقافي والمعماري لعدد من القرى والمدن الفلسطينية، مضيفاً أن هناك حاجة دائمة إلى البحث والنشر بشأن مختلف القضايا، وخصوصاً الراهنة منها.
وقال مؤلف الكتاب نظمي الجعبة في مداخلته إن فكرة الكتاب جاءت في أثناء الجائحة، بعد أن طلبت منه مجلة الأيسسكو العربية كتابة مقالة عن جهود ترميم كنيسة المهد. وبعد اطّلاعه على عشرات المراجع المتعلقة بالكنيسة بلغات مختلفة، فوجئ بندرة المصادر العربية. وبإصدار هذا الكتاب يأمل بأنه يسد ثغرة بحثية، آملاً أن الكتاب سيتيح للشعوب الناطقة بالعربية إمكانية الوصول إلى معلومات مفصلة عن تاريخ الكنيسة وهذا المعلَم التراثي الإنساني. تحدث الجعبة عن فرادة كنيسة المهد وأصالة معمارها، فالهيكل والأعمدة والجدران وتيجانها وقواعدها تُعد الأقدم التي ما زالت قائمة حتى اليوم من دون أي تغيير، وأن الفسيفساء الأرضية الموجودة داخل الكنيسة تُعد أول زخارف فسيفساء أرضية كنسية اكتُشفت في العالم حتى هذا اليوم.
بدورها، تحدثت خلود دعيبس عضو اللجنة الرئاسية لترميم كنيسة المهد، ووزيرة السياحة في السلطة الوطنية وسفيرة دولة فلسطين السابقة في ألمانيا، عن عملية ترميم الكنيسة، والتي تشكل نموذجاً متميزاً من التعاون الرسمي والشعبي والعالمي، مشيرةً إلى أن الكتاب يكشف عن اعتراف طال انتظاره بالقيمة العالمية والبارزة للتراث الفلسطيني والإنساني، وأنه يُبرز الجمال الفني والأهمية التاريخية والرسالة الروحية لكنيسة المهد، كما يسرد قصة الحفاظ على موقع التراث العالمي الأول، مؤكدةً أنه الموقع الأثري الوحيد الذي تم حذفه من قائمة المواقع المهددة بالخطر نتيجة الترميمات التي أُجريت في الأعوام الأخيرة.
وأشار إيهاب بسيسو، نائب رئيس جامعة دار الكلمة للاتصال والعلاقات الدولية، والذي أدار الندوة، إلى أهمية البحث الذي قام به الجعبة طوال السنوات الماضية كأحد "أهم مؤشرات الاحتفاء بالعمارة التاريخية والروحية في فلسطين، وأن الحديث عن كنيسة المهد يحمل في طياته الكثير من الأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية والتاريخية." وعرج بسيسو على محطات مهمة مرت بها مدينة بيت لحم خلال العشرين عاماً الماضية، بدءاً من تشكُّل هيئة بيت لحم 2000 للاحتفال بالألفية الثانية للميلاد، مروراً باجتياح الضفة الغربية وحصار كنيسة المهد سنة 2002، الذي امتد إلى عدة أسابيع تضررت خلالها الكنيسة نتيجة رصاص الاحتلال الإسرائيلي، متطرقاً إلى إصدار القرار الرئاسي بتشكيل اللجنة الرئاسية لترميم كنيسة المهد، ثم إدراج بيت لحم على قائمة اليونسكو للمواقع التراثية العالمية، واختيارها لتكون عاصمةً للثقافة العربية في فترة لاحقة.