يأتي مؤلَّفي هذا استكمالاً لمساهماتي البحثية السابقة في حقل الدراسات الثقافية وهو مبني، بصورة رئيسية، على منهج وصفي؛ ذلك بأنني اخترت عينة من المثقفين والمثقفات الفلسطينيين النقديين من مشارب متعددة، أبدعوا في ميادين الفكر والتاريخ والأدب، وانتموا بصورة عامة إلى مشروع منظمة التحرير الفلسطينية، لكنهم اتخذوا، وخصوصاً بعد التوصل إلى اتفاق أوسلو، مواقف نقدية من قيادتها وإزاء عملية السلام وتداعياتها. وهكذا، رجعتُ إلى كتاباتهم كي أعرض، استناداً إليها، ملامح خطابهم النقدي، ومواقفهم من مفهوم التحرر، ومضامينه وسبل بلوغه.
وأنا إذ أنبّه إلى أن اختياري هذه العينة من المثقفين والمثقفات لا يعني مطلقاً أن حقل الثقافة النقدية الفلسطينية اقتصر عليهم. ولذا، أود أن أتوقف عند عاملين ربما يكونان حكما عملية الاختيار هذه: أولهما، يتمثّل في أن هذا الكتاب كان في الأصل ورقة قدمتُها إلى مؤتمر "الثقافة الفلسطينية اليوم: تعبيرات وتحديات وآفاق"، الذي نظمته مؤسسة الدراسات الفلسطينية بالتعاون مع كلية الفنون والموسيقى في جامعة بيرزيت خلال الفترة 22 -24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ولقيت أصداء إيجابية حفزتني على العمل على توسيعها؛ ثانيهما، يتمثّل في أن الحالات الدراسية التي اخترتها كانت قد توسعت أكثر من غيرها، بحسب رأيي، في مقاربة مفهوم التحرر ومضامينه وسبل بلوغه، وكنت على معرفة جيدة بنتاجها في هذا المضمار.