تستعد حكومة نتنياهو-غانتس للإعلان رسمياً عن ضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت إلى إسرائيل، علماً أن سلطات الاحتلال تسيطر، منذ سنة 1967، بصورة كلية على هذه المنطقة الشاسعة، التي تمتدّ على طول الضفة الغربية لنهر الأردن، وتتحكم بمن تبقى من سكانها وبسبل عيشهم، وهي عملياً قامت بضمها بحكم الأمر الواقع.
وتشغل منطقة الأغوار وشمال البحر الميت ما يقرب من 29 % من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها حالياً نحو 65.000 فلسطيني، فضلاً عن بضعة آلاف من البدو العرب، كما يقطن فيها أكثر من 11.000 مستوطن موزعين على 37 مستوطنة. وتصنّف نسبة 90 % من مساحتها ضمن المنطقة ج، بينما تصنّف المساحة المتبقية منها ضمن المنطقتين أ و ب. ومع أن سلطات الاحتلال تتذرع بذرائع أمنية لإبقاء سيطرتها على هذه المنطقة، إلا أن العامل الرئيسي الذي يدفعها إلى ذلك هو في الواقع ما تجنيه من فوائد اقتصادية منها، بلغت 650 مليون دولار في سنة 2012، فضلاً عن كونها مصدراً مهماً للحصول على المياه. وقد سعت إسرائيل إلى عزل هذه المنطقة عن بقية الضفة الغربية، وذلك عبر إقامة الحواجز العسكرية والخنادق والسواتر الترابية على الطرق الرئيسية المؤدية إلى الأغوار، وعدم السماح بالمرور عبرها سوى للسيارات العائدة إلى مقيمين في المنطقة، الأمر الذي حال دون وصول عدد كبير من الفلسطينيين الذين لا يقيمون في المنطقة إلى أراضيهم الزراعية فيها.
وسائل السيطرة الإسرائيلية
لجأت إسرائيل إلى وسائل عدة لضمان سيطرتها على نحو 85 % من مساحة منطقة الأغوار وشمال البحر الميت. فهي أصدرت مئات الأوامر العسكرية التي مكّنتها من الاستحواذ على مساحات واسعة من أراضي معظم سكان هذه المنطقة الذين اضطروا، خلال فترة حرب 1967، إلى اللجوء إلى الأردن، وسخّرت هذه الأراضي المصادرة لبناء المستوطنات الأولى منذ سنة 1968 وطوال عقد السبعينيات. وقامت، بواسطة التلاعب القضائي، بتوسيع سجل "أراضي الدولة"، بحيث صار أكثر من 50 % من مساحة المنطقة مصنفاً ضمن أراضي الدولة، كما صنّفت نسبة كبيرة من الأراضي مناطق عسكرية مغلقة، ومحميات طبيعية. وعندما شرعت في بناء جدار الفصل العنصري، صادرت في الأغوار الشمالية نحو 2500 دونم من أراضي قريتَي بردلة وعين البيضا. وخصصت سلطات الاحتلال نسبة 12 % من مجموع الأراضي، التي استولت عليها، لإقامة المستوطنات.
كما استولت سلطات الاحتلال، بعد سنة 1967، على موارد المياه الرئيسية في المنطقة، فسيطرت على الأراضي التي توجد فيها آبار وينابيع، وشرعت في حفر مئات الآبار الجديدة، التي صارت توفر لها ملايين الأمتار المكعبة من المياه في العام، يخصص معظمها لتلبية احتياجات المستوطنات. وفضلاً عن ذلك، تستفيد المستوطنات من مياه نهر الأردن، ومن إعادة معالجة مياه الصرف الصحي. ويستشهد أحمد حنيطي في كتابه: "السياسة الإسرائيلية تجاه الأغوار وآفاقها" بدراسة أعدّها "مركز أريج" في بيت لحم في سنة 2011 تبيّن أن الإسرائيليين يستهلكون 072، 50 مليون متر مكعب من المياه في وادي الأردن، موزعة على المجلسين الإقليميين للمستوطنات، وهما مغليوت وغور الأردن، وذلك في مجالي الاستخدام المنزلي والزراعة. وهذا كله يتم على حساب الفلسطينيين، الذين تحدد سلطات الاحتلال لهم كميات المياه التي يمكنهم سحبها من آبارهم، وتمنعهم من حفر آبار جديدة أو تحسين حالة الآبار القائمة. ونتيجة قلة مياه الأمطار وعمليات الحفر الإسرائيلية، تناقصت القدرة الاستخراجية للآبار الفلسطينية، ولم يعد في وسع الفلسطينيين الحصول سوى على كميات قليلة من مياه الشرب ومن المياه المستعملة في الزراعة. فبينما يبلغ متوسط استهلاك المستوطن في مستوطنة نيران، التي تقع إلى الشمال من أريحا، 433 ليتراً مكعباً، يبلغ متوسط استهلاك الفلسطيني في قرية العوجا المجاورة أقل من خمس هذه الكمية، أي نحو 82 ليتراً مكعباً. ويضطر سكان الأغوار الفلسطينيون في أحيان كثيرة إلى شراء المياه بأثمان مرتفعة، التي تنقل إليهم عبر الصهاريج.
وقد أقامت إسرائيل منذ سنة 1967 37 مستوطنة في منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، يعيش فيها حالياً 11679 مستوطناً. وتتميّز هذه المستوطنات بكونها معزولة عن بعضها بعضاً، وموزعة على مناطق واسعة، وهي الأكثر بعداً عن الخط الأخضر، كما أن عدد المستوطنين في كل مستوطنة هو الأقل بين جميع المستوطنات. ويغلب الطابع الزراعي على معظم هذه المستوطنات، باستثناء مستوطنة معاليه أفراييم المدينية، التي أقيمت سنة 1978 .
وأقيمت أولى هذه المستوطنات، وهي مستوطنة "محولا"، في مطلع سنة 1968، ثم أطلقت الحكومة في مطلع الثمانينيات حملة استيطان وبناء واسعة في المنطقة. وتم تحويل معظم الأراضي التي صودرت لأغراض عسكرية إلى مستوطنات يهودية، مرتبطة بصورة مباشرة بشبكتَي توزيع المياه والكهرباء الإسرائيليتين. وخلال الثمانينيات، تبنت الحكومة تدابير ترمي إلى تشجيع المدنيين الإسرائيليين على الانتقال إلى هذه المستوطنات، بما في ذلك تحمل تكلفة الخدمات العامة والسكن. وهكذا شهدت هذه المستوطنات تطوراً، في منتصف التسعينيات، على مستوى الحجم وعدد السكان، الذين تزايد عددهم في سنة 2005 بعد "فك الارتباط" مع قطاع غزة، إذ نقل بعض المستوطنين من مستوطنات القطاع التي فككت إلى الأغوار. وتم توظيف ملايين الدولارات في "زراعات استراتيجية" مثل التمور، لتعزيز تنافسية إسرائيل كمصدر لهذه الزراعات.
ويعيش معظم سكان مستوطنات الأغوار على زراعة النخيل، والأزهار، والخضار، والموز، والأعشاب الطبية، وعلى تربية الطيور والأبقار، كما يقومون بتربية الأسماك والتماسيح في برك اصطناعية، ويبيعون جلود التماسيح، وينتجون سنوياً 6350 طناً من اللحوم، وتستهلك هذه المستوطنات أكبر كمية مياه بين جميع مستوطنات الضفة الغربية. ويلجأ المستوطنون أحياناً إلى تشغيل بضعة آلاف من الفلسطينيين في جني المحاصيل، وخصوصاً التمور، إذ بيّنت دراسة نشرها "مركز العمل التنموي/ معاً"، يستشهد بها أحمد حنيطي، في كتابه المذكور، أن نحو 1800 فلسطيني، إناثاً وذكوراً، يعملون في مستوطنات الأغوار ويتوزعون على محافظات نابلس وأريحا وطوباس.
وفضلاً عن المياه، تستغل إسرائيل في الأغوار وشمال البحر الميت مقالع الحجارة، والمعادن، كما تستفيد من العديد من المواقع الأثرية، وخصوصاً في المنطقة المحيطة بأريحا، مثل كهوف قمران، ومحمية عين الفشخة، ووادي اللقط. وتشكّل المحميات الطبيعية التي أقامتها في المنطقة ستاراً للسيطرة على الأراضي، إذ تقوم سلطات الاحتلال باستحواذ مساحة من الأرض، وتعلنها محمية طبيعية، يمنع الفلسطينيون من دخولها. وهو ما حدث، على سبيل المثال، مع مؤيد دراغمة الذي يمتلك هو وأخوته 47 دونماً في ضواحي طوباس في شمال الضفة الغربية، إذ استولى الجيش على أرضه وحوّلها إلى محمية طبيعية ولم يعد يحق لمالكيها الفلسطينيين زراعتها. وبحسب "حركة السلام الآن"، تحدد السلطات الإسرائيلية عادة موقعاً ليكون محمية طبيعية، ثم تمنع أي بناء أو زراعة فلسطينية فيه، ثم يظهر موقع استيطاني متقدم في المنطقة نفسها.
وتلجأ هذه السلطات إلى وسيلة سيطرة أخرى هي إعلان مساحات من الأراضي مناطق إطلاق نار وتدريبات عسكرية، وتطالب السكان المقيمين عليها بإخلائها مؤقتاً لفترة تتراوح بين ساعات معدودة وأيام، وتحذرهم بأنهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجري إخلاؤهم بالقوّة ومصادرة مواشيهم وتغريمهم تكاليف الإخلاء. ويستشهد حنيطي بتقرير يذكر أن عدد التجمعات في مناطق إطلاق النار والمناطق العسكرية المغلقة بلغ 35 تجمعاً يقيم بها نحو 5990 فلسطينياً، كذلك يوجد 45 تجمعاً بالقرب من مناطق إطلاق النار يقيم فيها 11118 فلسطينياً.
السعي إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في المنطقة
يعيش الفلسطينيون الذين بقوا في منطقة الأغوار في ظل نظام أبرتهايد، ويعانون التمييز على مستوى الخدمات الأساسية، كالكهرباء، والمياه، والسكن، والعمل، والتنقل. وتبذل سلطات الاحتلال كل جهودها من أجل إنهاء الوجود الفلسطيني في هذه المنطقة؛ فهي تمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة أراضيها، وتقيّد وصولهم إلى مصادر المياه، وتمنعهم من بناء المنازل وتصدر الأوامر بهدم أي بناء يتم بناؤه من دون ترخيص منها، كما تسعى إلى جعل حياتهم مستحيلة كي تجبرهم على الهجرة.
وبحسب معطيات تقرير نشره "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة- بتسيلم"، هدمت الإدارة المدنية الإسرائيلية، في الفترة ما بين سنة 2006 وأيلول 2017، 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها 2948 فلسطينيًّا بينهم على الأقل 1334 قاصرين. ومنذ بداية 2012 وحتى نهاية أيلول 2017، هدمت الإدارة المدنيّة على الأقلّ 806 مبانٍ لغير أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة. ويضيف تقرير بتسيلم أن منع البناء والتطوير الفلسطيني في منطقة الأغوار يمسّ على وجه الخصوص نحو 10.000 فلسطينيّ يسكنون في أكثر من 50 تجمّعٍ سكّانيّ (مضارب) في المنطقة المصنفة ج، إذ تسعى السلطات الإسرائيلية بشتّى الطرق لترحيل سكانها عن منازلهم وأراضيهم، وتمنع هذه التجمّعات من أيّة إمكانيّة للبناء القانوني وفق احتياجاتها، وترفض ربطها بشبكتَي الماء والكهرباء، الأمر الذي يضطر سكانها إلى الاعتماد على مياه الأمطار القليلة، وعلى مياه تُنقل في صهاريج يشترونها من مقاولين في السوق الخاصّ بأثمان مرتفعة. ويتابع التقرير أنه منذ كانون الثاني 2013 إلى أيلول 2017 فرض الجيش الإخلاء على مختلف التجمّعات في منطقة الأغوار 140 مرّة، وجرى إخلاء بعض التجمّعات مرّتين وأحيانًا بفارق أسبوع واحد.
أهمية الأغوار بالنسبة للفلسطينيين
نظراً لخصوبة أراضيها ورطوبة مناخها وتوفر المياه فيها، توفر منطقة الأغوار فرصاً كبيرة للفلسطينيين في مجالَي التنمية الزراعية والصناعية، فضلاً عن السياحة والنقل. ونظراً لقلة عدد سكانها، وضعف الكثافة السكانية فيها، يمكن لمنطقة الأغوار أن تستوعب النمو الديموغرافي الطبيعي لسكان الضفة الغربية، وأن تكون مؤهلة لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين من البلدان المجاورة، في حال قيام دولة فلسطينية مستقلة. كما يمكن أن تقام فيها مدن نموذجية، ومطار فلسطيني حديث في جزئها الشمالي.
بيد أن الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين قلصا مساحة الأراضي التي يمكن للفلسطينيين استثمارها إلى نحو 7 ، 4 % من مساحة المنطقة، وحالا دون تمكينهم من القيام بأي مشروع اقتصادي مهم، في ظل سيطرتهما على معظم أراضيها. وحتى مدينة أريحا، التي تقع في المنطقة المصنفة أ، كان خضوعها للسلطة الفلسطينية صورياً إلى حد كبير، إذ كانت ضحية اعتداءات إسرائيلية مرات عدة خلال الانتفاضة الثانية، شملت هدم منازل وتدمير طرق وبنى تحتية. كما أن الطريقين اللذين يوصلان إلى المدينة وإلى خارجها يخضعان لحواجز جيش الاحتلال، ولا يمكن القيام بأي مشروع بناء كبير في المدينة، بما في ذلك شبكات السقاية ومياه الشرب، من دون موافقة السلطات الإسرائيلية. وهذه الممارسات الإسرائيلية نفسها، تعاني منها قرية العوجا، الواقعة هي أيضاً في المنطقة المصنفة أ.
مواقف متباينة تجاه مخطط الضم
نشرت جمعية التضامن الفرنسية مع الشعب الفلسطيني، "جمعية فرنسا-فلسطين تضامن"، في 3 شباط/فبراير 2020 ، تقريراً يظهر أن معظم الفلسطينيين في منطقة الأغوار يعارضون مخطط ضم هذه المنطقة إلى إسرائيل، بينما يؤيده بعض الفلسطينيين الذين يتوهمون أن تنفيذه سيوفر لهم "المساواة" مع المستوطنين الإسرائيليين، ويجعلهم يتمتعون ببعض حقوقهم. كما يبيّن التقرير أن عدداً من مستوطني الأغوار يفضلون استمرار الضم الفعلي القائم، ويعارضون مشروع الضم الرسمي، خوفاً من أن يفضي إلى المساواة بين الجميع.
فينقل معد التقرير عن خالد، وهو واحد من سكان قرية فصايل، الواقعة بالقرب من مدينة أريحا، والبالغ عددهم نحو 1700 نسمة، ويعمل في زراعة النخيل في مستوطنة تومر المجاورة ، ينقل عنه قوله: "أنا أدعم الضم...فأنا أكسب 100 شيكل في اليوم، و 90 % من رجال قرية فصايل يعملون في مستوطنة تومر المجاورة، مقابل أجر يومي ضئيل مثل أجري. أعمل من الخامسة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر، وأتدبر أمري في الحد الأدنى. أعمل لدى صاحب العمل نفسه منذ 15 عاماً، من دون ترخيص رسمي ومن دون التمتع بأي حق...وبعد الضم، سأحصل على الجنسية أو على حق الإقامة، ويمكنني المطالبة حينها بالحد الأدنى من الأجور. أما اليوم، فإن مطالبتي بذلك ستعني طردي من العمل". وعندما قلت له إن الضم سينهي حل الدولتين، أجاب: "هذه الأرض ليست قابلة لقيام دولتين في جميع الأحوال، فهي أرض واحدة، وأنا أرغب في حل متكافئ، بحيث يتم اقتسام هذه الأرض بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
ويتابع معد التقرير، فيكتب: "على بعد أقل من دقيقة في السيارة من فصايل، أقيمت مستوطنة تومر في سنة 1976 من جانب حركة الموشافيم الزراعية التعاونية. وخلافاً لخالد، لم أجد أحداً من سكان هذه المستوطنة مؤيداً لضم الأغوار إلى إسرائيل. فيافا، وهي واحدة من المبادرين إلى تأسيس هذه المستوطنة، قالت لي: "طالما لا يتحدث أحد عن إعادة غور الأردن [إلى الفلسطينيين]، فأنا ليس لدي أي مشكلة مع الوضعية الحالية...لقد كنت قد استدعيت من محكمة إسرائيلية، وأدفع الضرائب [إلى الدولة]، وأتسلم غرامات، كما لو كنت أعيش في تل أبيب. فلماذا أحتاج، والحالة هذه، إلى الضم؟". أما أوسنات مسؤول المال في تومر الذي يعرّف نفسه بأنه يساري، فيقول لي: "أنت الآن في مستوطنة علمانية أقامها المزارعون التعاونيون الأعضاء في حزب العمل...يمكنك نقل هذا الموشاف إلى أي مكان في البلد، ولن تلحظ أي فرق. فليس هناك أي أحد من سكانه يتحدث عن الضم عندما يلتقي بالآخرين مساء. إنه موضوع لرجال السياسة، أما نحن فما يهمنا هو التمور وحالة الطقس". ويعارض أحد مشغلي العمال الفلسطينيين في تومر، واسمه يائير، مخطط الضم بشدة، "الذي لن ينتج عنه أي شيء جيد –كما يقول- فإذا قاموا بضمنا، سيكون من الصعب على المزارعين تصدير منتجاتهم بسبب المقاطعة. وهذا سيشعل النار، وسيقوم الأردنيون بإلغاء اتفاق السلام. وماذا سنفعل حينها بالعمال الفلسطينيين العاملين في المستوطنة؟ هل سيكون علينا ضم العرب الذين سيتجولون هنا، وهم يحملون بطاقات هوية زرقاء مثلهم مثل سكان القدس الشرقية؟".
ويلحظ معد التقرير أن معظم الفلسطينيين في المنطقة ج، لا يرون في الضم سيناريو نظرياً، بل يرون فيه سيرورة تدريجية انطلقت منذ سنوات، وهي سيرورة استعمارية هدفها وضع أسس الضم الرسمي الذي يجبر السكان على ترك قراهم وبلداتهم. ويضيف: "يقول لي أحد سكان قرية فروش بيت دجن أن إسرائيل دمرت بيته مرتين، وهو يعيد بناءه للمرة الثالثة؛ وعندما سألته عن الضم أجاب: "أفضل أن أعيش في خيمة على أن يتم ضمي إلى إسرائيل". وعندما أخبرته أن بعض سكان قرية فصايل يؤيد الضم، رد علي بعصبية قائلاً: "كيف يمكنك أن تقول شيئاً كهذا؟ كيف؟ لا يمكنني مطلقاً أن أقبل بالضم؟ ولعلك لم تتحدث مع الأشخاص الطيبين [في فصايل]. ويتوجب عليك أن تسأل الناس المتعلمين". وتابع قائلاً: "إن الضم سيخنقنا. فأنا أقضي حالياً نصف يومي في مدينة نابلس، وكل عائلتي اضطرت إلى ترك القرية والانتقال إلى نابلس؛ وكيف يمكنني أن أكون واثقاً من أن الإسرائيليين سيسمحون لي بالذهاب إلى نابلس، بعد ضم القرية إلى إسرائيل؟ انظر ماذا حصل لفلسطينيي القدس، لقد تم ضمهم، وماذا حصل؟ هل تعتقد أن منازلهم لا تُدمر؟ هل تعتقد أن كل شيء حسن بالنسبة إليهم؟". وبعد فترة من الصمت، عاد ليقول: "ليس هناك أي معنى للتساؤل عن حسنات او سيئات الضم. فأنا لا أطرح مطلقاً هذا السؤال. وبالنسبة لي، الأمر بسيط، فأنا ضد الضم لأنني فلسطيني، وأرفض الضم لأن إسرائيل تريد الأرض من دون الفلسطينيين الذين يعيشون عليها. هذه هي المسألة، فمع ضم او من دون ضم، هذه هي المسألة الحقيقية".
وفي تقرير آخر نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، في 6 نيسان/أبريل 2014، عن خربة عين كرزلية في شمال الأغوار، الواقعة وسط منطقة “اطلاق نار” يستخدمها الجيش الاسرائيلي في تدريبات عسكرية، والتي وجد سكانها أنفسهم من دون مأوى للمرة الثالثة في ذلك العام، بعد ان قامت جرافات اسرائيلية بهدم الخيم التي يقيمون فيها، يتساءل أحد سكان الخربة، وهو عطية بني منة: "ماذا تريد اسرائيل منا؟ فنحن لا نضر أحداً، فلماذا يطاردوننا في الجبال؟ هذه منطقة خالية، ولكنهم يجلبون دبابات وجرافات وقوى من الجيش لإزالة البيوت من هذا الوادي". ويؤكد بني منة أنه سيبقى في المنطقة حتى لو اضطر هو وعائلته الى النوم في العراء، مضيفا “بعد عملية الهدم الأولى نمنا في العراء لمدة عشرة أيام، وهذا أمر طبيعي. نحن معتادون على ذلك ولا مشكلة لدينا في النوم في العراء". ويتابع: "لن نترك الارض مهما حاولوا طردنا، وسنبقى شوكة في حلق الاسرائيليين. هذا وطننا، وهذه أرضنا ولن نتركها، ليس لنا وطن آخر".
المراجع
أحمد حنيطي. السياسة الإسرائيلية تجاه الأغوار وآفاقها. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2016.
https://www.btselem.org/arabic/jordan_valley
https://www.20minutes.fr/monde/1344085-20140406-20140406-sort-etat-palestinien-joue-vallee-jourdain
Rapport complet : "Dispossession and Exploitation - Israël's policy in the Jordan Valley & northern Dead Sea", May 2011, B'Tselem. http://www.ism-france.org/analyses/Depossession-et-exploitation-la-politique-d-Israel-dans-la-Vallee-du-Jourdain-et-le-nord-de-la-Mer-Morte-article-15576
« Pourquoi la Vallée du Jourdain? », Par Ali Hussein
https://middleeast-business.com/pourquoi-la-vallee-du-jourdain/
https://fr.timesofisrael.com/le-role-strategique-de-la-vallee-du-jourdain/
« Pourquoi les colons de la vallée du Jourdain craignent plus l’annexion que les Palestiniens »