يعتبر السوق التجاري في مخيم عين الحلوة، شريان الحياة ومصدر الرزق الوحيد للكثير من العائلات، حيث يختلط سوق الملابس بسوق الخضار والفواكه واللحوم بمعظم أنواعها. خلال بدء حالة الحجر الصحي في لبنان، بقيت الحركة داخل المخيم على حالها وبقي سوقه مكتظاً بالمتسوقين والباعة، وكأن الناس في هذا المخيم تخشى الجوع والفقر أكثر مما تخشى كورونا، حتى أنهم أخذوا يسخرون من الوباء، ويضحكون حين ينطق أحد ما به.
لكن بعد أيام من عدم المبالاة، جابت سيارة الدفاع المدني الفلسطيني مطالبة الأهالي التزام المنازل وإغلاق سوق الخضار ومنع التجمعات، وذلك حرصاً على سلامة المخيم وأهله.
وفي استطلاع لرأي مجموعة من شباب المخيم في العشرينيات من أعمارهم، في هذا الإجراء، شدد بعضهم على أهمية الحرص على السلامة وأخذ كافة الإجراءات الوقائية، ومن بينها إغلاق المخيم، بينما اعترض بعض آخر على إغلاق المحلات التجارية وسوق الخضار. فأحدهم قال ساخراً: "عم يسكروا ]أبواب[ أرزاقهم خايفين من الموت بالفايروس، مفكرين حالهم كانوا عايشين قبل ظهور الفايروس."
الأونروا بقيت ملتزمةً برامجها الاعتيادية: الاستشفاء والصحة البيئية، وساهمت بتعقيم أحياء المخيم بالشراكة مع متطوعين من الدفاع المدني بواقع مرتين في الأسبوع. أما في مجال التعليم، فقد أقامت شبكة خاصة للتعليم عن بعد، تحت اسم (self-learning)، يتعاون خلالها الطلاب والأساتذة، وذلك لمدة 5 ساعات يومياً، بالإضافة إلى برنامج خاص بكل معلم. ويذكر أن الأونروا سبقت المدارس اللبنانية الخاصة والرسمية باتباع هذا البرنامج.
ومساهمة في تعزيز العمل التطوعي لتعقيم المخيم، تبرع أحد رجال الأعمال في مدينة صيدا بـ 10 آلاف دولار للدفاع المدني، وذلك لدعم الجهد الطوعي الذي قام به أعضاء الفريق، بأخذ الإجراءات الوقائية ومحاولة الحرص على سلامة أهالي المخيم، على الرغم من قلة الإمكانيات. كما ساهمت اللجان العمالية الفلسطينية، وقوات الأمن الوطني الفلسطيني، والعديد من الجهات، بإشراف عدد من القيادات داخل المخيم، في تنظيف وتعقيم العديد من أحياء المخيم، فيما أقفل عدد من أصحاب المطاعم محلاتهم لتعقيمها، كي يستمروا في عملهم خلال فترة الحجر.
ونظمت مؤسسات من المجتمع المدني حملات توعية، مباشرة وعبر تعليق يافطات تتضمن الإرشادات اللازمة للوقاية، وعملت مؤسسات أُخرى على توزيع حصص غذائية وتقديم المساعدات لبعض الحالات الصعبة داخل المخيم، وذلك حرصاً منها على تشجيع الالتزام بقواعد الوقاية وعدم فك الحجر المنزلي.
بيد أن المشكلة الأكبر التي تواجه أهالي المخيم هي الأزمة الاقتصادية التي بدأت مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، وأزمة العمل وصرف العاملين أثناء الثورة، وصولاً للأزمة الصحية حالياً، وغلاء أسعار المنظفات وبعض المواد الطبية، ناهيك عن الغلاء المضاعف لمجمل الأسعار منذ إعلان التعبئة العامة في الأيام السابقة، في ظل غياب أي نوع من أنواع الرقابة على أسعار السلع والمواد الغذائية.
ويتذمر الكثير من أهالي المخيم من هذا الوضع الاقتصادي، ويناشدون أصحاب المحلات والمولدات الكهربائية والمنازل بإعفائهم من تكاليف الإيجار المفروضة عليهم شهرياً أو خفضها على الأقل، إلا أن بعض أصحاب المحال التجارية والمنازل يرفض ذلك على اعتبار أن الإيجارات هي مصدر الدخل الوحيد لأصحابها. ونذكر هنا أن جميع مصادر الدخل التي تقدمها منظمات وجمعيات إغاثة، والأونروا، تم تأخيرها بسبب الارتباكات المتعلقة بعمل المصارف اللبنانية والتحويلات المالية.