على الرغم من أن اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني كان قراراً أميركياً صرفاً جاء من ضمن سياق من التصعيد الأمني الذي تشهده المنطقة منذ أشهر، وفي ظل احتدام الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وفرضه عقوبات اقتصادية صارمة عليها، فإنه لا يمكن تجاهل أن هذا الاغتيال حقق هدفاً كانت إسرائيل تسعى اليه منذ وقت طويل، وقدم خدمة ثمينة لها، وساعدها على التخلص من ألد أعدائها.
سليماني في دائرة الاستهداف الإسرائيلي
كان قاسم سليماني في دائرة الاستهداف الإسرائيلي منذ وقت طويل. فهو في نظر إسرائيل المسؤول الأول عن تعاظم القوة العسكرية لحزب الله، ومحاولة بناء بنية تحتية للحزب في الجولان السوري المحتل وفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل، كما هو القائد الموجه لميليشيات الحشد الشعبي الشيعية في العراق وسورية، والممول والمدرب للمتمردين الحوثيين في اليمن.
كانت إسرائيل ترى بصمات سليماني في كل مكان، وكانت له بالمرصاد، وفكرت أكثر من مرة باغتياله كما روى سليماني نفسه في مقابلة نادرة بثتها قناة التلفزيون الرسمي الإيراني في 1/10/2019، حين روى كيف حاولت إسرائيل استهدافه بالقصف خلال حرب تموز/يوليو 2006، أثناء وجوده مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وعماد مغنية في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي 4/11/2019 أعلن رئيس جهاز الاستخبارات الإيراني عن إحباط مخطط لاغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، واعتقال الخلية التي كانت تعمل على ذلك متهماً أجهزة استخباراتية إسرائيلية وعربية بالتورط في ذلك.
"المعركة بين الحروب" تتوسع إلى العراق
لدى مراجعة مسار تطور الأحداث بين إسرائيل والقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، يبرز تحول مهم في تموز/يوليو السنة الماضية، عندما قررت إسرائيل توسيع عملياتها ضد الوجود العسكري الإيراني في سورية، بحيث تشمل العراق ضمن إطار عقيدة "المعركة بين الحروب". ففي 30/7/2019، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر عربية أن إسرائيل وسعت دائرة هجماتها الى العراق مستهدفة مخازن سلاح وصواريخ إيرانية موجودة في قاعدة عسكرية تقع في شمال شرق بغداد، واستخدمت لهذه الغاية طائرات أف-35، وقد جُرح في الهجوم مستشارون إيرانيون. وفي 21/8/2019 نقلت "يديعوت أحرونوت" اتهام مصادر عراقية إسرائيل بقصف مخازن ذخيرة تابعة لميليشيا الحشد الشعبي في قاعدة "بلد" في محافظة صلاح الدين التي تبعد 300 كيلومترعن بغداد، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى. وفي اليوم التالي أصدر نائب قائد الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، بياناً اتهم فيه القوات الأميركية بمساعدة الإسرائيليين على القيام بعمليات القصف التي استهدفت مقراتهم.
في الشهرين الأخيرين من العام المنصرم، لوحظ تزايد وتيرة التحذيرات الإسرائيلية من احتمال حدوث صدام عسكري مع إيران، كان أهمها التصريحات التي أدلى بها رئيس الأركان أفيف كوخافي في 26/12/2019 ، والتي قال فيها إن الجيش يعمل علناً وسراً في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط لإحباط مخططات إيران حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب، وكذلك تصريحات رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين في 27/12/2019 التي ورد فيها أن مسألة التصدي للخطر الإيراني هي في سلم أولويات جهازه.
في أعقاب اغتيال قاسم سليماني، انتهجت إسرائيل سياسة زاوجت فيها، من ناحية، بين النأي بنفسها عن الحدث ومحاولة الابتعاد قدر الإمكان عما يجري على الأرض، ومن ناحية ثانية رفعت وتيرة التهديدات بأنها سترد بعنف غير مسبوق على أي عملية انتقامية لاغتيال سليماني تتعرض لها. وانقسم المعلقون الإسرائيليون إلى فريقين: فريق رأى في قرار دونالد ترامب خطوة جريئة أصابت أحد أهم أركان النظام الإيراني وأعادت "زمام المبادرة" إلى الولايات المتحدة، وفريق آخر اعتبرها خطوة متهورة سيكون لها تداعيات سلبية على المنطقة بأسرها.
يرصد هذا الملف أهم المقالات التي نشرتها نشرة "مختارات من الصحف العبرية" في هذا الشأن.
مقالات وتعليقات:
- 2/8/2019: تسفي برئيل: جبهة جديدة أم حليف سري؟
- 8/10/2019: يوني بن مناحيم: رسالة من إسرائيل : سليماني مستهدف
- 15/10/2019: أودي أفنتال: سياسة إسرائيل إزاء العراق: التفكير في مسار جديد
- 19/12/2019: عاموس هرئيل: توقعات 2020: المواجهة مع إيران ستتواصل، فقط سيتغير شكلها.
- 2/1/2010: عومر دوستري: اعادة تقييم للمسار: تأثيرات الهجوم الأميركي في العراق.
- 8/1/2020: تسفي برئيل: اغتيال سليماني لن يقلل الخطر الإيراني