اللاجئون الفلسطينيون في سورية: "النكبة الثانية"
Date:
14 avril 2014

 لا تنفصل معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية عن معاناة إخوانهم السوريين بعد أن تحولت المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للهاربين من دائرة العنف الطاحنة، يجد اللاجئ الفلسطيني نفسه مهجراً مرة أخرى مع مستضيفه السوري، في الداخل وفي أكثر من بلد مجاور، مع تضاعف حجم معاناته في ظل ضآلة خياراته وتحكم ظروف سياسية وإغاثية خاصة به في الدول التي نزح إليها.

وفيما تتولى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) مهمة الإشراف على إغاثة الشعب السوري اللاجئ في دول الجوار، تضطلع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بهذه المهمة في الدول التي تعمل فيها، أي الأردن ولبنان، وذلك بحكم قوانين الأمم المتحدة المنشئة لها؛ وهي وكالة لا تتمتع بتمويل كبير، وتعاني أصلاً من ضعف الموارد ونضوب التمويل.

لقد وزعت الأونروا على بعض المنظمات الأهلية ورقة غير رسمية تتضمن الحاجات الضرورية المتوقع أن تقدم للاجئين الفلسطينيين النازحين، وتربط تقديم معظم الخدمات بمدى الاستجابة لنداءات الاستغاثة.

إن اللافت هنا والمثير للتساؤل، هو أن الدول المانحة كانت قد استجابت لنداءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في إغاثة النازحين السوريين، في حين أنها لم تستجب لنداءات الأونروا. والسؤال الذي يرتسم هنا أيضاً، هو: لماذا لم يتم تحويل جزء من ميزانية الإغاثة للأونروا في سورية أو من ميزانية الطوارئ هناك ليتم الاستفادة منها في لبنان والأردن؟ ولماذا لا تتم الاستعانة بصندوق ميزانية الطوارئ المركزي للوكالة؟ ناهيك عن إحجام الأونروا عن إصدار أي بيان أو توضيح بشأن طبيعة خدماتها المقدمة للاجئين النازحين، وعدم تقديمها أي تفسير لعدم توفير خدمات الإغاثة.

تحاول هذه الدراسة الوقوف على معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية منذ بداية الأزمة السورية قبل أن يُضطروا لاحقاً إلى مغادرتها لاجئين في دول الجوار شأنهم شأن مضيفهم السوري، والإضاءة على الجهات المنوط بها التخفيف من آثار هذه المعاناة، وكيفية تعامل الدول المضيفة معهم، وتقييم الدور المنوط بوكالة الأونروا بالذات في هذه المأساة الفلسطينية الجديدة، دون أن ينفي ذلك المسؤولية عن جهات أخرى عليها الاضطلاع بواجبها الإنساني والوطني تجاه اللاجئين الفلسطينيين.

التوزع الجغرافي للاجئين الفلسطينيين في سورية

تعد سورية الدولة الثانية بين الدول العربية من حيث عدد اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها، إذ بلغ عددهم سنة 2011 نحو 510,000 لاجئ مسجل في وكالة الأونروا،[1]  ووفق إحصاء آخر لوكالة الأونروا في 1 كانون الثاني/يناير 2012، تقدم الوكالة خدماتها لما يزيد على 510,444 لاجئ فلسطيني مسجل يعيشون في سورية منذ نكبة فلسطين في سنة 1948.[2]

لكن هذا العدد لا يشمل اللاجئين كلهم، فهناك فئات غير مسجلة لدى الوكالة لأسباب متعددة. وتشير تقديرات مؤسسات المجتمع المدني والعاملين في لجان العودة إلى أن العدد الحقيقي للاجئين الفلسطينيين في سورية يدنو من 600,000 لاجئ، الأمر الذي يعني أن اللاجئين الفلسطينيين يمثلون ما نسبته 2,8٪ من مجموع سكان سورية تقريباً.

وقد وصلت الأغلبية العظمى من هؤلاء اللاجئين إلى سورية كنتيجة لحرب عام 1948، حيث هُجّر إلى سورية نحو 85,000 فلسطيني، ما يشكل 10٪ من مجموع اللاجئين سنة 1948. وتواصلت عمليات ترحيل اللاجئين الفلسطينيين إلى سورية، بصورة محدودة، حتى نهاية النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي، وذلك نتيجة استمرار إسرائيل في اتباع سياسة تهجير الفلسطينيين.[3]

كما شهدت السنوات التالية عمليات لجوء جديدة إلى سورية، سواء من فلسطين أو من دول عربية أخرى، نتيجة ظروف سياسية واقتصادية، كما حصل في السنوات 1956 و1967 و1970 و1971 و1975 و1982 و1987، وكذلك في سنة 2006، حيث قدم اللاجئون الفلسطينيون من الأردن ومن لبنان والعراق.

جدول رقم 1

 

أماكن انتشار اللاجئين الفلسطينيين على امتداد الخريطة السورية[4]

المحــافظة

عــدد اللاجئين

٪ من مجموع اللاجئين

دمشق

255,600

42,6

ريف دمشق

223,800

37,3

حلب

37,800

6,3

درعــا

33,000

5,5

حمص

24,000

4

اللاذقية

12,000

2

حماة

10,200

1,7

القنيطرة

1200

0,2

إدلب

600

0,1

طرطوس

600

0,1

الحسكة

600

0,1

الرقة

600

0,1

دير الزور *

/

/

السويداء *

/

/

* هناك فلسطينيون في كل من دير الزور والسويداء، لكن نسبتهم لا تكاد تذكر.

 

تبين دراسة معطيات الجدول، أن الكتلة الأكبر من اللاجئين تتركز في العاصمة دمشق والمناطق المحيطة أو ما يعرف بـ "ريف دمشق"، بحسب التنظيم الإداري للحكومة السورية، حيث يقيم نحو 479,400 لاجئ، أي ما نسبته 80٪ من مجموع اللاجئين. فيما تنتشر بقية اللاجئين على امتداد الخريطة السورية، من درعا على الحدود الأردنية إلى حلب على الحدود التركية، مع أعداد قليلة في المنطقة الشرقية التي تتسم بكثافة سكانية قليلة.

ويتركز اللاجئون الفلسطينيون في سورية في 13 مخيماً و14 تجمعاً، حيث يكون المخيم واقعاً تحت ولاية الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب بالكامل من شؤون إدارية وأحوال مدنية، بينما يتبع التجمع بلدية سورية في شؤونه الإدارية. وبحسب الأونروا، فإن المخيمات الموجودة تنقسم إلى قسمين: قسم معترف به وهو عبارة عن 10 مخيمات، وقسم غير معترف به وهو عبارة عن 3 مخيمات. علماً بأنه لا يوجد فرق بين المخيمات المعترف بها والمخيمات غير المعترف بها في كيفية تعاطي الدولة السورية أو الأونروا معها، باستثناء عدم مسؤولية الأونروا عن جمع النفايات الصلبة من المخيمات غير المعترف بها. وتتوزع المخيمات على النحو التالي:

  • مخيمات دمشق وريفها: اليرموك وهو غير معترف به من قبل الأونروا وفيه التجمع الأكبر للاجئين حيث يزيد عددهم على 000,144 لاجئ؛ السبينة؛ السيدة زينب؛ خان الشيح؛ خان دنون؛ جرمانا.
  • مخيمات حلب: النيرب؛ عين التل أو حندرات وهو غير معترف به.
  • مخيم العائدين في حمص.
  • مخيم العائدين في درعا؛ مخيم درعا الطوارئ القديم والجديد. علماً أنهما متلاصقان.
  • مخيم العائدين في اللاذقية، أو مخيم الرمل، وهو غير معترف به.
  • مخيم العائدين في حماة.

1 محافظة دمشق: يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في مدينة دمشق، باستثناء مخيماتها، بنحو 139,239 لاجئاً فلسطينياً،[5] وهم يعيشون في كل أحياء المدينة وقراها، لكن هناك تمركزاً في مناطق أكثر من مناطق أخرى. ويمكن تصنيف هذه المناطق كما يلي:

  • ركن الدين: يضم أكبر التجمعات الفلسطينية، ويقدر عددهم فيه بـ 25,000 لاجئ، تقوم الأونروا بتخديمه من الناحيتين الصحية والتعليمية.
  • حي الأمين الواقع في ناحية الشاغور القديم، بالقرب من باب مصلى، وكان يوجد فيه في الخمسينيات من القرن الماضي مخيم الأليانس، أو ما كان يطلق عليه مخيم الجورة. تخدم الأونروا هذا التجمع تعليمياً وصحياً، وتشمل الخدمات عبره أيضاً اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في مناطق المليحة وشبعا والغوطة الشرقية.
  • القابون: تجمع كبير أغلبية سكانه من قريتي الطنطورة وغوير أبو شوشة، والتجمع متداخل مع مساكن السوريين، وهو يبعد عن ساحة العباسيين مسافة 3 كم، وتخدمه الأونروا تعليمياً وصحياً.
  • برزة: أو ما يطلق عليه مخيم حطين، وهو تجمع لا بأس به، يبعد عن ساحة العباسيين أيضاً 3 كم، وتخدمه الأونروا.
  • جوبر وزملكا: تجمع ليس مقصوراً على الفلسطينيين، وأغلبية اللاجئين في هذه المنطقة من عشيرة الزنغرية، ومن قرية المجيدل.
  • دوما: تجمع كبير للاجئين الفلسطينيين، متداخل من حيث السكن مع السوريين في تلك المدينة، وسكان هذا التجمع من صفد والطيرة ومن غيرها من القرى والمدن الفلسطينية.
  • دمّر: تجمع كبير للاجئين الفلسطينيين، تقوم الأونروا بتخديمه صحياً وتعليمياً.
  • المزة: تجمع صغير وقديم يسكنه لاجئون من أهالي مدينة صفد وقراها وعشائرها.
  • سعسع: تجمع صغير يقع بالقرب من مدينة القنيطرة.
  • يوجد في هذه المناطق 17 مدرسة ابتدائية وإعدادية، و7 مراكز صحية، ومركزان للمرأة، و3 رياض أطفال. كما يوجد في مدينة دمشق مركز التدريب المهني التابع للأونروا، يدرس فيه نحو 870 طالباً وطالبة من كل تجمعات ومخيمات سورية، ويقع في منطقة المزة.

2 محافظة درعا: يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في محافظة درعا بـ 9838 لاجئاً، وهم موزعون على النحو التالي:

تسلسل

اسم القرية

عدد العائلات

عدد أفرادها

ملاحظات

1

المزيريب

832

4625

 

2

جلين

247

1037

 

3

تل شهاب

77

382

 

4

سحم الجولان

58

310

 

5

طفس

55

310

 

6

الطبريات

52

270

 

7

العجمي

51

295

 

8

نوى

50

276

 

9

المعلقة

47

373

 

10

تسيل

46

258

 

11

عين ذكر

42

305

 

12

المسراته- صيصون- حماطه

28

167

مسراته 19-118 , صيصون 7 -35 , حماطه 2- 14

13

إزرع

22

54

 

14

الدلي

21

100

 

15

خربة غزالة

18

67

 

16

عابدين

15

87

 

17

الشيخ مسكين

15

104

 

18

جاسم

11

64

 

19

الشيخ سعد

10

56

 

20

المال / قيطه

10

67

 

21

مليحة/ بصر الحرير/ صيدا

10

62

 

22

جملة

10

51

 

23

كفر ناسج

9

26

 

24

داعل

9

49

 

25

اليادودة / زيزون

8

61

 

26

الغارية الشرقية

7

38

 

27

بصرى الشام

7

41

 

28

معرية

6

32

 

29

عتمان

5

32

 

30

كفر شمس

3

4

 

31

السويداء(شهبا-الدور-القريّا-السجن)

49

223

موحدون دروز

 

المجموع

1831

9838

 


3
الساحل السوري: يسكن في الساحل السوري، حسب آخر إحصاء جرى في 30/6/2007 في الدوائر الرسمية لمحافظة اللاذقية، قرابة 10,448 لاجئاً فلسطينياً مقسمين على المناطق التالية:

الأعداد

مخيم الرمل

مدينة اللاذقية

جبلة

بانياس

طرطوس

جزيرة أرواد

المجموع

عدد الأسر

1638

780

16

85

167

36

2722

الأفراد

6415

3035

70

332

446

150

10,448

وقد بلغ عدد اللاجئين المسجلين في دائرة اللاجئين في اللاذقية حتى تاريخ 31/12/2010 ما يلي:

المنطقة

اللاذقية

المخيم

جبلة

بانياس

طرطوس

أرواد

الحفة

كسب

صافيتا

عدد الأفراد

3253

6728

684

351

488

168

10

8

1

عدد الأسر

833

1802

162

95

192

40

3

1

1

بلغ المجموع الكلي للسكان 11,691 لاجئاً، وعدد الأسر 3129 أسرة.

4 محافظات حلب وحماة وحمص: يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في محافظة حلب بـ 37,800 لاجئ فلسطيني موزعين على قرى حلب وأحياء المدينة، ويوجد في المدينة وحدها 11,951 لاجئاً، ويتمركزون في منطقتي منبج والباب، وفي أحياء الحمدانية وسيف الدولة وصلاح الدين والميدان وميسلون.

ويقدر عدد اللاجئين في محافظة حمص بـ 24,000 لاجئ فلسطيني، أما في مدينة حمص وحدها فعددهم 17,743 لاجئاً فلسطينياً.

ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في محافظة حماة بـ 10,200 لاجئ. أما في مدينة حماة، فيقدر بـ 6470 لاجئاً، وهم موزعون على 1417 أسرة فلسطينية.

5 – بقية المحافظات: أما توزع اللاجئين في بقية محافظات سورية، فيتلخص بالتالي: محافظة القنيطرة 1200 لاجئ؛ محافظة الرقة 600 لاجئ؛ محافظة السويداء 223 لاجئاً؛ محافظة الحسكة 600 لاجئ؛ محافظة دير الزور 178 لاجئاً؛ في منطقة القامشلي 14 لاجئاً.

أثر التوزع الجغرافي على اللاجئين الفلسطينيين: جعل هذا الانتشار الجغرافي اللاجئين الفلسطينيين يتأثرون بالأحداث التي تحصل في أي منطقة من سورية. وعلى الرغم من وجود الانتماء العام للكل الفلسطيني اللاجئ والاستشعار بالمصير المشترك، فإن هذا لم يمنع من وجود شعور بالانتماء إلى المنطقة، والذي يتفاوت من منطقة إلى أخرى، حيث يبدو جلياً أكثر من غيره عند اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات والتجمعات، مع ضعف تأثير العمل الفصائلي والوطني.

ومع مرور الوقت وبفعل العلاقات التي تتنوع بين عائلية نتيجة التصاهر، وبين علاقات عمل ودراسة، فإن هذا الأمر جعل بعض اللاجئين يشعرون بالانتماء إلى المصير السوري بقدر انتمائهم إلى المصير الفلسطيني، وهذا ما أثر في مدى تفاعلهم مع القضايا السورية.

الهيئات والمؤسسات المعنية باللاجئين الفلسطينيين في سورية

على الرغم من الوضع "المريح" نسبياً للاجئين الفلسطينيين في سورية مقارنة بأوضاع نظرائهم في الدول العربية المجاورة، فإن هذا الوضع "المريح"، إن جاز التعبير، تقابله واجبات غير مترتبة على اللاجئين الفلسطينيين في دول أخرى، كالخدمة العسكرية الإلزامية، وتعرضهم لـ "سيطرة" سياسية وتنظيمية كبيرة من جانب السلطة الحاكمة.

وتنظم شؤون اللاجئين الفلسطينيين في سورية من خلال هيئتين رئيسيتين: الأولى تمثل الدولة المضيفة، وهي "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب"، ومهمتها إدارية تنظيمية بالدرجة الأولى. والثانية تمثل الأمم المتحدة، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ومهمتها إغاثية بالدرجة الأولى.

  • الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب: تم تأسيس الهيئة في 25/1/1949 تحت اسم المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، وقد تم تعديل هذا الاسم فيما بعد بتاريخ 15/2/1974 وفق مرسوم تشريعي لتصبح "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب". وغاية الهيئة كما توضحه على موقعها الإلكتروني "تنظيم شؤون اللاجئين الفلسطينيين العرب ومعونتهم وتأمين مختلف حاجاتهم، وإيجاد الأعمال المناسبة لهم واقتراح التدابير لتقرير أوضاعهم في الحاضر والمستقبل."[6] وللهيئة دور مهم في الجانب الإداري والتنظيمي والأرشيفي، لكن دورها الإغاثي والتعليمي ضعيف.
  • لا تخضع الهيئة لسيطرة الدولة وأجهزتها فحسب، بل هي تمثل أداة من الأدوات الحكومية وتخضع لرئاسة مجلس الوزراء عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وبالتالي، فإن مواقفها لا تخرج عن سياق الموقف الرسمي للنظام السوري، وتعبّر الهيئة من خلال بياناتها أو عبر موقعها الإلكتروني عن هذا الموقف، وقد أصدرت بياناً، على سبيل المثال، في 25 آذار/مارس 2012 جاء فيه: "باسم جميع العاملين في الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب ومعاهدها، نندد ونستنكر بشدة هذه الجرائم الإرهابية المارقة، ونجدد العهد أن نبقى الجند الأوفياء لسورية العروبة والمقاومة بقيادة قائد مسيرة حزبنا وشعبنا، السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد، مقدمين أرواحنا ودماءنا فداء لسورية العظيمة التي ستسقط الحرب الكونية التي تشن ضدها وكما كانت على مر التاريخ، وستبقى رايات العروبة والشرف والمقاومة مرفوعة في سمائها."[7]
  • وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا): تم تأسيس الوكالة بالقرار 302، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8/12/1949، ونص القرار على أن تقدم الأونروا المساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين إلى حين التوصل إلى حل عادل لقضيتهم، وباشرت الوكالة عملها بتاريخ 1/5/1950.
  • توفر الأونروا في ميادين عملها الجانب الإغاثي للاجئين، وتعنى بجوانب الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. وهي لا تؤدي أي دور سياسي، وإنما يقتصر عملها على الجانب الإغاثي، ولا تأخذ على عاتقها حماية اللاجئين ضمن نطاق عملها، وإنما أقصى ما يمكن أن تفعله هو رفع التقارير إلى الأمم المتحدة والطلب من الدول المضيفة توفير الحماية للاجئين.

تدير الأونروا ما مجموعه 118 مدرسة تعمل كلها بنظام الفترتين، بالإضافة إلى مركز للتدريب المهني والتقني، وتوفر خدمات الرعاية الصحية من خلال 23 مركز رعاية صحية أولية، كما تشرف على 5 مراكز للتأهيل المجتمعي، و5 مراكز للبرامج النسائية. وتنتشر هذه المدارس والمراكز في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وذلك وفق إحصاء لسنة 2010.[8]

قبل بداية الأزمة السورية، كانت الأونروا تصف الوضع في سورية بـ "البيئة السياسية المستقرة"، نظراً إلى حالة الاستقرار السياسي النسبي هناك، إلاّ إن اندلاع الأحداث وبشكل متسارع ألقى بظلاله على نشاط هذه الوكالة وقدرتها على التواصل مع كافة مكاتبها الفرعية في المحافظات. فقد تأثرت الخدمات التي تقدمها الأونروا في بعض المناطق، وخصوصاً في تلك التي تعتبر "ساخنة" نتيجة صعوبة الوصول إليها في ظل العمليات العسكرية. وكانت بوادر هذا التأثر صعوبة الوصول إلى مخيم درعا بعد بدء الحكومة السورية عملية ضد المدينة، فقامت الأونروا بتعليق خدماتها للاجئين الفلسطينيين في درعا وما حولها بتاريخ 9 أيار/مايو 2011.[9]

لا تتدخل الأونروا عادة في الشؤون السياسية للدول التي تعمل ضمن نطاقها، وتكتفي بمناشدة الأطراف الهدوء ورفع تقارير عن الأوضاع إلى الأمم المتحدة، ومن ذلك البيان الصادر بشأن الأوضاع في سورية بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2011، وفيه أن المفوض العام للأونروا "يشعر بالحزن العميق جراء الخسائر في الأرواح والإصابات التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في سورية خلال الأحداث التي جرت مؤخراً [....] وإنها [الأونروا] تناشد وبشدة كافة الأطراف التحلي بالهدوء وضبط النفس. وتدعو كافة المعنيين للحفاظ على قدسية الحياة البشرية وعلى النحو المطلوب بموجب القانون الدولي، ولحماية سلامة وكرامة الجميع ولضمان أن يتم تجنب خسارة المزيد من الأرواح."[10]

كما أن الناطق الرسمي باسم الأونروا، كريستوفر غانيس، أصدر بياناً بتاريخ 14 آب/أغسطس 2011 عبر فيه عن قلق الوكالة البالغ من التقارير التي تفيد "بوقوع إطلاق نار كثيف من قبل السلطات الأمنية السورية داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين في ضاحية الرمل والمناطق المحيطة في اللاذقية." وكذلك دان استخدام القوة ضد المدنيين، ودعا السلطات السورية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وطالب بإتاحة المجال أمام المساعدات الإنسانية للوصول بشكل سريع وميسر، لتقديم العون للمصابين والجرحى.

يذكر أن الأونروا قامت بتوزيع معونات مالية عاجلة على العائلات الفلسطينية في مخيم الرمل بعد أن عاودت نشاطها في إثر دخول الجيش السوري منطقة الرمل الجنوبي التي يقع المخيم ضمنها.

وكما يبدو، فإن تفاعل الأونروا مع الأحداث كان ضمن نطاق رسالتها العامة في إغاثة اللاجئين، فهي تندد بالاعتداء عليهم، وفي الوقت ذاته كانت تطالب بالسماح لها بمزاولة عملها بحرية من دون معوقات، ولم تتحدث عن الأزمة السورية إلاّ من ضمن هذا السياق.

وعلى الرغم من أن الأونروا لا تملك القوة على الأرض لحماية اللاجئين، لكن بالقوة الناعمة التي تتمتع بها، كونها منظمة دولية تتبع الأمم المتحدة، تشكل غطاء للفلسطينيين، وخصوصاً مَن يقطنون في المخيمات. لذلك جرى اعتبار المخيمات الفلسطينية مناطق آمنة أكثر من غيرها، وهو ما حدا بالعائلات السورية في المناطق التي حصلت فيها عمليات عسكرية على اللجوء إلى المخيمات، كما حصل في كل من حمص وحماة ودرعا واللاذقية.

معاناة اللاجئين الفلسطينيين من سورية في الطريق الى النزوح الجديد

على الرغم من طابع "الحياد الإيجابي" الذي التزمه اللاجئون الفلسطينيون في سورية إزاء الأزمة السورية، واستقبال مخيماتهم - وبالذات في مناطق النزاع والتوتر والصراع كدرعا وحمص واللاذقية وريف دمشق ودمشق العاصمة- نازحين سوريين، بحيث تضاعفت أعداد قاطني المخيمات الفلسطينية إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف في بعض الحالات، كما هو الحال في مخيم اليرموك، على سبيل المثال، فإن هشيم النار وعنف المواجهات سرعان ما وصل إلى هذه المخيمات، بحسب قربها من مراكز المدن السورية، درعا وحمص بداية ومن ثم مخيم اليرموك في دمشق.

وتحولت المخيمات التي اختارت طوعاً أن تكون ملاذاً آمناً للاجئين والنازحين السوريين الهاربين من ويلات العنف والصراع الدموي، إلى مناطق توتر وصراع ومواجهات وملاحقات، وسقط عشرات الشهداء في العديد من المخيمات والمناطق السورية. وتتضارب الأرقام في تحديد أعدادهم، إذ تتراوح بين 400 إلى 500 شهيد حتى إعداد هذه الدراسة في أواسط تشرين الأول/أكتوبر 2012، فضلاً عن آلاف الجرحى من المدنيين والمسعفين والأطباء الذين تم استهدافهم خلال الأزمة الحالية، ما جعل الخروج من المخيمات الخيار الأمثل لمئات العائلات الفلسطينية.

ويكفي أن يقوم أي باحث بزيارة لمركز الهجرة والجوازات السوري المخصص للفلسطينيين في منطقة عين الكرش بقلب العاصمة دمشق، للوقوف على موجات من الأسر الفلسطينية التي حسمت أمرها بالخروج من سورية والنزوح إلى دول الجوار أو أبعد، وهو ما يقرع ناقوس الخطر أمام موجات نزوح كبيرة تشابه ما يعرفه المشهد السوري في دول الجوار، مع فارق أساسي ومهم، وهو تعامل دول الجوار مع اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية وفق معايير متشددة وقاسية تتطلب في كثير من الأحيان موافقات أمنية، وتحديداً لمدة الإقامة بما لا يتجاوز الشهر بعد أن كانت لا تتجاوز أسبوعاً في بداية الأزمة، كما هو الحال في لبنان، أو رفضاً تاماً لدخول الفلسطينيين حتى إلى مخيمات اللجوء المقامة، والتعامل بعدائية واضحة معهم، وإرغامهم على العودة من الحدود والممرات غير الشرعية التي يسلكها الهاربون من مناطق النزاع، كما هو الحال في الأردن.

والجدير بالذكر أن معظم حالات النزوح الفلسطيني كانت نحو لبنان والأردن، بحكم القرب الجغرافي والتقارب الأسري مع الدولتين. فقد سجلت الأونروا، في كل من الأردن ولبنان ما يقرب من 5000 لاجئ فلسطيني من سورية، وبما أن البلدين يعتبران موطناً، بالفعل، لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، فإن الوافدين الجدد من اللاجئين أصبحوا يشكلون مشكلة سياسية، وبات الفلسطينيون يشعرون بأنهم يعامَلون بشكل غير عادل.

 

[1] خريطة ميادين عمل الأونروا، صادرة عن وكالة الأونروا في سنة 2011، نقلاً عن دراسة "اللاجئون الفلسطينيون في سورية والثورة السورية"، بحث مقدم إلى أكاديمية دراسات اللاجئين، لندن، 2011-2012، ص 4.

[2] بحسب إحصاءات منظمة ثابت لحق العودة.

[3] دراسة "اللاجئون والنازحون الفلسطينيون في سورية"، نبيل السهلي، المركز الفلسطيني للإعلام:

http://www.palestine-info.info/arabic/qadhya/lajeoon.htm

[4] دراسة بعنوان "السكان المقيمون غير السوريين وخصائصهم"، سمير حسن وسمية سعد الدين، منشورة على موقع المكتب المركزي للإحصاء في سورية، ص23.

[5] الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، 31/12/2002، يستثنى أيضاً مخيم الحسينية لأن الهيئة لا تعترف به كمخيم.

[6] الموقع الرسمي للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب على الإنترنت:

 http://www.gapar.net/ar/index.html

[7]  نشر البيان في جريدة "الفداء" الرسمية السورية، بتاريخ 26 آذار/مارس 2012.

[8] الموقع الرسمي لوكالة الأونروا، صفحة إقليم سورية:

 http://www.unrwa.org/atemplate.php?id=100

[9] بيان صادر عن الناطق الرسمي للأونروا، كريستوفر غانيس، بتاريخ 9 أيار/مايو 2011.

[10] بيان صادر عن الأونروا بشأن الأوضاع في سورية بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2011.