الهبّة الشعبية التي تعيشها فلسطين هذه الأيام، تأتي في ظل وضع ذاتي فلسطيني غاية في السوء. سياسياً، تسوية أوسلو انهارت وما من مصلحة في مواصلة السير بها، وهي التي لم تفضِ أصلاً سوى إلى استيلاء إسرائيل على مزيد من الأراضي في الضفة الغربية، وإلى تهويد القدس، وإلى إحكام الحصار على قطاع غزة بعد أربع حروب دموية شُنت عليه، وإلى مزيد من تهميش الشتات الفلسطيني الذي بات شتاتاً في الشتات: المخيمات تُدمّر في سورية ويلجأ ساكنوها، الذين يفترض أن يعودوا إلى وطنهم، إلى البحث عن أوطان أُخرى في أوروبا. أمّا المخيمات في لبنان التي يزداد الضغط عليها، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، فيلجأ شبابها إلى الهجرة أيضاً بحثاً عن أمل بات مفقوداً في هذا البلد.
وما يزيد في طين المأزق الفلسطيني بلّة، أن الحاضنة العربية تأكلت فعلاً، وأنتج "الربيع العربي" ثماراً مرّة، وبات في كل دولة من دوله نكبة تطغى على النكبة الأم؛ أي نكبة فلسطين.
وذاتياً، لا يزال الفلسطينيون منقسمين بعضهم على بعض بين فريقي "فتح" و"حماس" على الرغم من كل الخطر الوجودي على فلسطين وقضيتها وشعبها. ويتداخل مع هذا الانقسام تدخل عربي ودولي يفاقم الأزمة الممنوعة من الانفراج.
أمّا منظمة التحرير، المفترض أنها الكيان السياسي الفلسطيني حتى العودة، فباتت مهمشة وأشبه بهيئة إغاثة من دون أن تملك ما يكفي من أدوات للقيام بمهمة هي لم تُخلق لها أساساً، كون مهمتها قيادة الشعب الفلسطيني سياسياً ونضالياً حتى تحقيق العودة التي انطلقت الثورة الفلسطينية في البداية لتحقيقها.
وقضية الشتات، التي أطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة، أضحت ورقة تفاوضية ضعيفة بعدما تم تهميش اللاجئين وانتزاع حقهم في المشاركة في القرار الوطني، بل ها هي مخيماتهم، رموز حقهم في العودة، ينهار الواحد تلو الآخر.
الموقع الإلكتروني لمؤسسة الدراسات الفلسطينية توجه إلى قيادة الفصائل في لبنان لمعرفة وجهة نظرهم وتقويمهم لما يجري حالياً في فلسطين، وتوقعاتهم بشأن إمكان اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وموقفهم من الانقسام الذي أصبح متجذراً ولا ينتهي على الرغم من الخطر الوجودي على فلسطين، قضية وشعباً، ورؤيتهم بشأن كل من الوضع الاقتصادي والقانوني الصعب للاجئين الفلسطينيين في لبنان ومستقبل هذا الوجود، فضلاً عن مستقبل الوجود الفلسطيني في سورية في ظل الحرب الأهلية الدامية هناك. فماذا يقول قادة الفصائل الفلسطينية في لبنان؟