Self-Rule: Security Problems and Possible Solutions
Keywords: 
اتفاقيات كامب ديفيد 1978
الحكم الذاتي الفلسطيني
الضفة الغربية
قطاع غزة
الأمن الداخلي
النظام العام
Full text: 

[.......] 

المشكلات الأمنية

ليس في صيغة الدعوة إلى مؤتمر السلام أي تطرق إلى موضوع الأمن. وفي المقابل، فإن اتفاق كامب ديفيد تطرق لماماً إليه. وهناك ثلاثة مجالات متضمنة في مشكلات الأمن، ويوجد ترابط معين بينها، وخصوصاً بين النظام العام والأمن الداخلي:

أ ـ الأمن في مواجهة الخارج، أي الأمن في مواجهة أخطار محتملة من شرق الضفة الغربية، وفي حال قطاع غزة ـ من مصر والبحر المتوسط.

ب ـ النظام العام، أي معالجة المشكلات الجنائية والمدنية بين السكان الفلسطينيين، بما في ذلك حوادث العنف (التي لا تتعلق بالإسرائيليين) ومنع التظاهرات (تُعرّف القوة الفلسطينية التي تتولى النظام العام بـِ "الشرطة").

ج ـ الأمن الداخلي، أي توفير الأمن في مواجهة أعمال الهجمات التخريبية المعادية وأعمال العنف الذي تُنفَّذ ضد إسرائيل والإسرائيليين في المناطق، وضد سلطة الحكم الذاتي. (فيما يلي، ستُسمَّى، القوة الفلسطينية التي تتولى معالجة هذه المشكلات "القوة الأمنية".)

الأمن الخارجي

هذا هو الموضوع الأقل تعقيداً من بين الثلاثة. إذ يمكن أن يُفهم من اتفاق كامب ديفيد أن المسؤولية عن الأمن الخارجي، على حدود الضفة الغربية وقطاع غزة مع الدول العربية، ستكون تحت سلطة إسرائيل وجيشها. وينص اتفاق كامب ديفيد أن "تشترك القوات الإسرائيلية والأردنية في دوريات مشتركة وفي تقديم الأفراد لتشكيل مراكز مراقبة لضمان أمن الحدود"، وهذا يعني أن المسؤولية عن أمن الحدود على طول نهر الأردن ستكون في أيدي الأردن وإسرائيل بالتعاون بينهما. كما يحدد الاتفاق أن قوات إسرائيل العسكرية ستنسحب و"ستكون هناك إعادة توزيع للقوات الإسرائيلية التي ستبقى في مواقع أمنية معينة"، أي في مناطق معينة سيجري تحديدها، بدلاً من الانتشار في المنطقة كلها.

إن الممثلين الفلسطينيين في المفاوضات التي بدأت في مدريد يقبلون مبدأ انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى مواقع على طول حدود الضفة الغربية وغزة، على الرغم من أنهم لا يرون في اتفاق كامب ديفيد أساساً للمفاوضات. وفي المقابل، فإن إسرائيل لا تعرض أي تغيير في انتشار الجيش الإسرائيلي في المناطق (المحتلة) في الفترة الانتقالية.

مشكلات ممكنة

1 ـ يجب [التوصل إلى] اتفاق بشأن المنطقة الأمنية التي ستكون الصلاحيات فيها في يد الجيش الإسرائيلي وبشأن القوة التي ستنتشر هناك. ومن المعقول أن تشمل هذه المنطقة الجزء الشرقي من الضفة الغربية ومنطقة الحدود مع الأردن، فضلاً عن بضع قطع عالية من الأرض على ظهر الروابي، يقام فيها نظام للإنذار.

2 ـ من أجل أغراض الأمن الجاري ولمنع تسلل مجموعات من المخربين، سيكون ثمة حرية حركة يومية لقوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة الممتدة حتى نهر الأردن.

3 ـ يجب [التوصل إلى] اتفاق بشأن مصير وحدات مخازن الطوارئ التابعة للجيش الإسرائيلي المقامة في الضفة الغربية.

4 ـ هل ستظل مناطق التدريب الخاصة بقوات الجيش الإسرائيلي قائمة في الضفة الغربية وغزة؟

حل وسط ممكن

يتضمن اتفاق كامب ديفيد، فيما يتعلق بموضوع الأمن الخارجي، موافقة مبدئية على أن الجيش الإسرائيلي هو الذي سيتولى الصلاحية والتطبيق. ويبدو أن هذا الأمر لن يشكل حجر عثرة جدياً. صحيح أن الممثلين الفلسطينيين سيتطلعون إلى أن تكون قوات الجيش الإسرائيلي التي ستظل خلال فترة التسوية المرحلية في المناطق صغيرة قدر المستطاع، ومنتشرة في مناطق مقلّصة، في حين ترفض إسرائيل أي تقليص لقواتها في فترة التسوية المرحلية، غير أن هذا الموضوع يتصل، في حقيقة الأمر، بالأمن الداخلي لا بالأمن الخارجي، وهذا ما سنناقشه لاحقاً.

النظام العام

في المفاوضات بشأن التسوية المرحلية التي بدأت في مدريد في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 1991، طالب ممثلو إسرائيل بأن تكون إسرائيل مسؤولة عن النظام العام في المناطق، في حين طالب ممثلو سكان المناطق (الفلسطينيون) بأن تتحمل السلطة الذاتية للفلسطينيين هذه المسؤولية، في إطار مطالبتهم بتولي المسؤولية العامة عن الأمن. وأبدت إسرائيل لاحقاً استعدادها لمناقشة نقل صلاحية الحفاظ على النظام العام في المناطق المأهولة بالفلسطينيين إلى الشرطة المحلية.

ستكون قوة جدية من الشرطة مطلوبة للحفاظ على النظام العام وتحمل مسؤولية حماية القانون. ومن أصل كادر قوامه 750 شرطياً، في المنطقتين معاً، لم يبق غير 100 شرطي. وحتى هؤلاء فإنهم لا يخدمون خارج المكاتب. وستكون ثمة حاجة إلى إنشاء الشرطة مجدداً، عبر الاعتماد على ضباط ورجال شرطة مستقيلين.

حل وسط ممكن

1 ـ تكون السلطة الفلسطينية المحلية مسؤولة، من خلال شرطة قوية، عن النظام العام وعن معالجة الجرائم المدنية والجنائية في المناطق التي يوجد فيها سكان عرب. وسيكون ثمة حاجة إلى إنشاء قوة من الشرطة لهذا الغرض مؤلفة من نحو 1000 شرطي، وإلى تأهيل سلك الضباط الذين سيقودونها. ويمكن أن يكون الزمن المطلوب لذلك ـ بجهد معزز وعبر الاستعانة بإسرائيل والأردن ـ من ستة أشهر إلى عام واحد، لتجنيد القوة البشرية وبنائها وتأهيلها وتحويلها إلى هيئة فاعلة. وربما كان ممكناً البدء بذلك قبل بضعة أشهر من توقيع الاتفاق على إقامة سلطة الحكم الذاتي.

2 ـ تعمل الشرطة الإسرائيلية في المناطق التي يوجد فيها سكان يهود، وتكون مسؤولة عن الحفاظ على النظام العام وتولي أمر الجنايات هناك.

3 ـ تمتنع إسرائيل عن تولي مسؤولية النظام العام لدى السكان الفلسطينيين، لأن ذلك سيؤدي إلى احتكاك مفرط بالفلسطينيين، ويحول، خلال الفترة الانتقالية، دون إمكان اختبار قدرة الحكم الذاتي على السيطرة على السكان وقدرته على الحفاظ على الهدوء الداخلي.

4 ـ يجب قيام تعاون بين شرطة الحكم الذاتي الفلسطينية والشرطة الإسرائيلية، وربما شرطة الأردن أيضاً.

الأمن الداخلي

ينص اتفاق كامب ديفيد أن تقام قوة من الشرطة المحلية قوية تضم مواطنين أردنيين بل ورد فيه أن "الشرطة ستقيم صلات دائمة فيما عنى شؤون الأمن مع ضباط إسرائيليين وأردنيين ومصريين يتم تعيينهم لهذا الغرض". ولا يحدد الاتفاق الجهة التي ستكون مسؤولة عن الأمن الداخلي، أي، في المقام الأول، الجهة التي ستواجه العمليات التخريبية المعادية. وفرضيتنا هي أنه، علاوة على الصراع العنيف الداخلي ـ الفلسطيني، ستتواصل محاولات الاعتداء على إسرائيل والإسرائيليين حتى بعد توقيع التسوية المرحلية، وذلك من جانب قطاعات من السكان الفلسطينيين تعارض التسوية المرحلية.

لقد طالب الممثلون الفلسطينيون في المفاوضات بأن تكون المسؤولية عن الأمن الداخلي في يد السلطة الذاتية الفلسطينية، بواسطة قوة أمنية فلسطينية محلية قوية. ويقبل الفلسطينيون بأن تُنقل هذه المسؤولية إليهم تدريجاً بعد أن يُنشئوا قوة مناسبة يمكنها أن تتحمل مسؤولية الأمن الداخلي، وأن من المطلوب، في ضوء الانتشار الواسع للمستوطنات اليهودية ومن أجل ضمان أمنها، ألاّ ينسحب الجيش الإسرائيلي من المدن إلى مناطق متفق عليها (وذلك خلافاً لما ورد في اتفاق كامب ديفيد). ولو حصل مثل هذا الانسحاب لنشأ فراغ يمكن أن يستغله معارضون عنيفون للإدارة الذاتية. 

مشكلات ممكنة

1 ـ لعل موضوع الأمن الداخلي هو الأكثر استعصاء على الحل. فمن الصعب إجراء مساومات بشأنه، إذ من دون الأمن، لن تتم تسوية مرحلية ولن يتقدم السلام.

2 ـ من يكون مسؤولاً عن الأمن الداخلي؟ إسرائيل؟ سلطة الحكم الذاتي؟ قوة دولية؟

3 ـ من يكون مسؤولاً عن العمل الاستخباري المطلوب لمعالجة مشكلات الأمن الداخلي؟

4 ـ من يكون مسؤولاً عن الاعتقالات، والاحتجاز في السجون، والتحقيق والتقديم إلى المحاكمة فيما عنى الذين ينتهكون الأمن الداخلي؟ وأمام أية محاكم يمثلون؟

5 ـ من يكون مسؤولاً عن ضمان أمن السكان اليهود في المناطق، بما في ذلك تأمين تنقلهم وتنقل الإسرائيليين على كافة الطرق؟

قبل تفحص الحلول الممكنة، يجب الأخذ في الحسبان أنه حتى لو كانت إسرائيل مستعدة لنقل المسؤولية عن الأمن الداخلي إلى السلطة الذاتية لدى توقيع الاتفاق بشأن التسوية المرحلية، فإن الفلسطينيين ما يزالون يفتقرون إلى عنصرين أساسيين، لا يستطيعون من دونهما تحمل هذه المسؤولية: استخبارات داخلية (جهاز أمن) وقوة أمنية جدية.

وكما قلنا، هذا موضوع اختبار مركزي: إذا لم يُحافظ على الهدوء في فترة التسوية المرحلية، يغدو وجود الاتفاق كله موضع شك، وتنتفي فرصة تطوره إلى تسوية شاملة.

وحتى بافتراض أن القيادة الفلسطينية ومعظم السكان مهتمون بوجود تسوية مرحلية، وأن ثمة فرصة للانتقال إلى تسوية دائمة خلال بضعة أعوام، فإنه قد توجد، كما قلنا، أوساط ستعارض التسوية. ويمكن الافتراض أن هذه الأوساط ستكون على استعداد لممارسة العنف في اتجاهين: ضد هيئات وأشخاص فلسطينيين يؤيدون التسوية المرحلية، وضد إسرائيل والإسرائيليين. ويمكن لمثل هذه المجموعات أن تحظى أيضاً بدعم بعض الدول العربية أو الإسلامية مثل إيران. وسيكون من الضروري لجمها بالقوة. من سيتحمل هذه المسؤولية؟ إن للفلسطينيين مصلحة في تأكيد أن هذا الموضوع لن يشكل عقبة تفجّر فرصتهم في التوصل إلى حل سياسي. وفي المقابل، من المرغوب فيه أن تضع إسرائيل هذا الموضوع على محك الاختيار في فترة التسوية المرحلية لاختبار قدرة السلطة الفلسطينية الموقتة على ضمان الهدوء ومنع الاعتداءات.

حلول ممكنة

1 ـ تكون المسؤولية عن الأمن الداخلي خلال الفترة الانتقالية كلها في يد إسرائيل. ومعنى ذلك أن يستمر تفويض قوات الأمن الإسرائيلية باعتقال المشبوهين بجرائم أمنية والتحقيق معهم وتقديمهم إلى المحاكمة، على أن تصدر المحاكم العسكرية أحكامها عليهم، وكذلك احتجاز المحكومين في السجون. كما تتضمن الصلاحيات ممارسة إجراءات وقائية كالتوقيف، وإغلاق المناطق وجسور الانتقال إلى الأردن وما إلى ذلك بيد أنه لن يكون للجيش الإسرائيلي، في هذه الحال، وجود بارز في المدن العربية في أثناء إجراء انتخابات سلطة الحكم الذاتي، وكذلك خلال فترة قصيرة قبل الانتخابات وبعدها.

إن الميزة التي توفرها هذه التسوية لإسرائيل هي منح أمن معقول لإسرائيل ولسكانها في المناطق. أما العثرات فتتمثل في أن ذلك سيؤدي، لا محالة، إلى احتكاكات كبيرة ومستمرة. حيث أن الأمر يستوجب نشاطاً، بل وجوداً دائماً للجيش الإسرائيلي في المدن. وبذلك فإن التنفيذ أكثر صعوبة مما هو الأمر عليه الآن (مثلاً، في أثناء القيام بتوقيف مشتبه بهم في قصبة نابلس ستكون الشرطة الفلسطينية مضطرة إلى الوقوف جانباً). وذلك لن يتيح أيضاً، في الفترة الانتقالية، اختبار قدرة السلطة الذاتية على منع العنف ضد إسرائيل.

ستكون هذه التسوية مريرة على الفلسطينيين، فهم يفهمونها منذ الآن على أنها استمرار لسلطة إسرائيل، وعلى أنها تحويل لسلطتهم إلى حكومة دُمْية في يد إسرائيل. وفي هذه الحال، يتضرر دعم السكان الفلسطينيين للسلطة الذاتية وللاتفاق. والبدائل هي:

2 ـ  تعاون بين إسرائيل والأردن، في الفترة الانتقالية، للحفاظ على الأمن الداخلي. وهذه الفكرة ليست واقعية بعد رفض الأردن أن يأخذ على عاتقه هذه المسؤولية، وبعد المعارضة الفلسطينية لها.

3 ـ تقع المسؤولية المشتركة عن الأمن الداخلي خلال الفترة الانتقالية على عاتق إسرائيل والسلطة الذاتية بعد أن تبني هذه لنفسها، بمساعدة إسرائيل والأردن، الوسائل اللازمة لذلك (جهاز أمن عام وقوة أمنية من نحو 5000 رجل في الضفة الغربية، ومثل هذا العدد في غزة). وتُقدر الفترة الزمنية اللازمة لذلك نحو ثلاثة أعوام. وسيكون هذا التعاون مركّباً ومعقّداً. في المبدأ، تقع المسؤولية خلال الأعوام الثلاثة الأولى على عاتق إسرائيل، بالتعاون مع الجهاز المحلي. وفي هذه الأعوام الثلاثة، يمكن جهاز الأمن الإسرائيلي أن ينشط على الأرض، بصورة منظمة ومقبولة من السلطة المحلية، لمنع قيام تنظيمات تخريبية، ومنع إدخال وسائل قتالية أو تنفيذ نشاط تخريبي معادٍ وما إلى ذلك. وتنسحب قوات الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية قبل فترة وجيزة من انتخابات سلطة الحكم المحلي، لكنها تواصل القيام بمهمات الأمن الداخلي في المنطقة كلها بحسب الاحتياجات وعبر التنسيق مع سلطة الحكم المحلي. وبعد مرور ثلاثة أعوام تنتقل المسؤولية بالتدريج إلى السلطة المحلية، وذلك، وفقاً لقدرتها على إثبات كفاءتها. وفي أي حال، تكون المسؤولية عن أمن السكان اليهود في المناطق، في أماكن سكناهم وفي تنقلهم حتى في هذه المرحلة المبكرة، على عاتق الجيش الإسرائيلي، باستثناء حركة المرور في المدن الفلسطينية، حيث تقع مسؤولية الأمن على عاتق السلطة المحلية.

كما يمكن أن يتضمن هذا الإطار الممكن اتخاذ إسرائيل إجراءات لكي لا تضطر قوات الجيش الإسرائيلي إلى الانتشار في المدن الفلسطينية الأساسية (نابلس والخليل ورام الله). ولذلك يجب على السكان اليهود والجيش الإسرائيلي الامتناع عن التنقل على الطرق التي تخترق هذه المدن. وتصبح هذه الخطوة ممكنة من خلال شق طرق تتفادى المدن الكبرى كلها.

السجون

ثمة اليوم في المناطق ستة سجون تديرها مصلحة السجون. خمسة منها في الضفة الغربية وواحد في غزة. ويبلغ عدد الموقوفين والسجناء فيها نحو 10 آلاف. وجلهم سجناء أمنيون وقلة منهم جنائيون. ويتكون الجهاز كله، بمن في ذلك السجانون، من إسرائيليين فقط، وليس ثمة سجّان محلي واحد. ويقع معظم السجون في مدن عربية. وعلاوة على ذاك، هناك عدد كبير من الموقوفين والسجناء محتجز في إسرائيل.

حل ممكن

ستضطر السلطة الذاتية إلى إنشاء مصلحة سجون وتأهيلها. وحتى إذا كان النطاق ضيقاً في البداية، فإنه يتطلب عاماً من الزمن تقريباً.

ما دامت المسؤولية عن الأمن الداخلي في يد إسرائيل، والمسؤولية عن النظام العام وعن القضاء المدني والجنائي في يد السلطة الذاتية، تُصنَّفُ السجون إلى نوعين:

1 ـ تنقل الإدارة المدنية سجناً واحداً في الضفة الغربية وآخر في غزة، إلى سلطة الحكم المحلية لاستعمالهما في حبس المجرمين الجنائيين.

2 ـ تظل بقية السجون في يد إسرائيل، لحبس الموقوفين والسجناء الأمنيين. ولكن إذا بقيت قوات الأمن الإسرائيلية مقيمة فعلاً في المدن لوجود السجون فيها، فإن الاحتكاك سيستمر. وإحدى الطرق الممكنة للتغلب على هذه العقبة هي إقامة سجون بديلة خارج المدن الفلسطينية، خلال العام الأول من الإدارة الذاتية، تحبس إسرائيل الموقوفين والسجناء الأمنيين فيها، لتفادي وجود عسكري إسرائيلي في المدن.

وعندما تُنقل المسؤولية عن الأمن الداخلي إلى سلطة الحكم الذاتي:

1 ـ تُنقل جميع السجون في الضفة الغربية وغزة، بالتدريج، إلى سلطة الحكم الذاتي، التي ستوسع مصلحة السجون الخاصة بها وفقاً للاحتياجات.

2 ـ يتم حينها حل مشكلة مصير السجناء المحكومين الذين لا يزالون في السجون. ويُتّخذ القرار بهذا الشأن قبل تحويلهم إلى سلطة الحكم الذاتي. ومن الصعب الافتراض أن إسرائيل يمكن أن توافق على إطلاق سراح الأشخاص الذين نفذوا جرائم خطرة ضد الإسرائيليين. وفي المقابل، سيكون من الصعب (لأسباب داخلية) على سلطة الحكم الذاتي مواصلة احتجاز هؤلاء السجناء بعد أن تصبح سجونهم خاضعة لها. وأحد الحلول الممكنة هو إجراء إحصاء مشترك للسجناء وتقسيمهم إلى ثلاث فئات:

  • القتلة والمجرمون الخطرون الآخرون، الذين يُنقلون إلى سجون في إسرائيل.
  • أولئك الذين سيظلون في السجون في الضفة الغربية وغزة، إلى حين تحقيق تسوية دائمة للقضية الفلسطينية.

ج) أولئك الذين يُطلق سراحهم.

عبور جسور نهر الأردن

كما قلنا، ستظل قوات الجيش الإسرائيلي، في مختلف الترتيبات الأمنية البديلة، منتشرة في الجزء الشرقي من الضفة الغربية، بما فيها منطقة غور الأردن، من أجل صد أي هجوم محتمل من الأردن.

ويمكن الافتراض أن مرور السكان الزائرين والبضائع عبر جسور نهر الأردن سيتواصل، بل سيزداد خلال فترة السلطة الذاتية. في المقابل، يُحتمل أيضاً أن تبذل عدة منظمات تخريبية جهدها لإدخال وسائل قتالية ومقاتلين عبر هذا الطريق، من أجل العمل في الضفة الغربية وإسرائيل.

ومع أنه، في أية حال، سيكون ثمة أسلحة خفيفة بصورة شرعية في أيدي قوات الأمن الفلسطينية، وربما الأردنية، في الضفة الغربية وغزة، خلال فترة الحكم الذاتي، سيكون حيوياً لإسرائيل إجراء أعمال تفتيش أمنيّة مشددة على جسور نهر الأردن لمنع إدخال وسائل قتالية إلى الجماعات التي ستعارض الاتفاق الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وفي المقابل، يطالب الفلسطينيون بأن تُنقل صلاحية الأمن عند المعابر الحدودية إليهم، وبأن يجري إدخال تسهيلات واسعة على ترتيبات حركة الفلسطينيين عند معابر الحدود.

حل وسط ممكن في صدد المسؤولية

1 ـ تكون المسؤولية عن أعمال التفتيش الأمنية لدى عبور جسور نهر الأردن في الاتجاهين، في يد إسرائيل أو بالاشتراك مع الأردن، ويشارك الأخير في أعمال التفتيش الأمنية أيضاً.

2 ـ في مرحلة انتقال المسؤولية عن الأمن الداخلي إلى سلطة الحكم الذاتي، تشترك هذه السلطة،

بالتدريج، في أعمال التفتيش الأمنية أيضاً، إلى جانب إسرائيل والأردن.

في صدد الأسلوب

1 ـ تُخفف، بالتدريج، شدة أعمال التفتيش الأمنية للداخلين من الأردن ومصر كلما تحسن حال الأمن.

2 ـ يبدو أن من غير الممكن استمرار الأسلوب الحالي، الذي يمنع استيراد البضائع والمواد الأولية من الأردن والتي لا يمكن إجراء تفتيش أمني لها باللمس. وستكون ثمة ضرورة لإيجاد حلول تكنولوجية للتفتيش، لأن المواد الأولية ستكون مطلوبة لإنعاش الصناعة في المناطق. 

في صدد صلاحيات الترخيص للعبور

1 ـ يكون للفلسطينيين سكان الضفة الغربية وغزة الحق في الخروج إلى الأردن ومصر والعودة منهما من دون الحاجة إلى ترخيص خاص، إلا على أساس بطاقات هوياتهم. ولا تكون الرقابة الإسرائيلية على الجسور، وعند الحدود مع مصر، مفوَّضة بمنع شخص ما من الخروج أو الدخول إلاّ في حال وجود تهمة أمنية ضده.

2 ـ يكون فرض قيود دائمة أو طويلة على خروج السكان أو دخولهم من صلاحية لجنة أمنية إسرائيلية ـ أردنية ـ فلسطينية مشتركة.

3 ـ يكون فرض قيود فورية بعد حادث أمني (عمل تخريبي) كجزء من الجهود المبذولة لاعتقال المنفذين، من صلاحية إسرائيل أو اللجنة الإسرائيلية ـ الأردنية ـ الفلسطينية المشتركة.

4 ـ في أية حال، تكون صلاحية منح التراخيص للزائرين من الدول العربية للجنة المشتركة التي تضم ممثلين عن إسرائيل والأردن والفلسطينيين.

 

المصدر: آرييه شاليف، "الحكم الذاتي: مواضيع أساسية وحلول ممكنة" (بالعبرية). (تل أبيب: مركز يافي للدراسات الاستراتيجية، شباط/فبراير 1993). والنص المنشور أعلاه هو جزء من الدراسة بعنوان: "مشكلات أمنية"، ص 12-17.

Author biography: 

آرييه شاليف: باحث كبير في مركز يافي للدراسات الاستراتيجية منذ عام 1978. وكان قائداً عسكرياً لمنطقة الضفة الغربية بين 1974 و1976.