كلمة وزير الخارجية السوري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يتهم فيها إسرائيل بمحاولة تقويض إطار مؤتمر السلام ويؤكد رغبة بلده في السلام الكامل في مقابل الانسحاب الكامل، نيويورك، 28/9/1992
Full text: 

[. . . . . . .]

السيد الرئيس

إن منطقة الشرق الأوسط لم تشهد الأمن والاستقرار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب استمرار الصراع العربي ـ الإِسرائيلي ومضاعفاته غير أن انعقاد مؤتمر مدريد في العام الماضي أتاح لأول مرة فرصة تاريخية ونادرة باعتراف الجميع لتحقيق سلام عادل وشامل يستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وخصوصاً قرارات مجلس الأمن 242 و338 و425 وهي قرارات ملزمة وواجبة التنفيذ بموجب ميثاق الأمم المتحدة لجميع أطراف الصراع.

لقد مر عام تقريباً على مؤتمر مدريد وتبين للعالم أجمع بعد عشرة شهور أن محادثات السلام بين الجانبين العربي والإِسرائيلي كانت عقيمة بسبب تعنت ومماطلة رئيس الحكومة الإِسرائيلية السابق الذي اعترف علناً بعد هزيمته في الانتخابات بأنه كان يخطط لإِطالة أمد المفاوضات لعشر سنوات.

ومن المؤسف أيضاً أن تنتهي الجولة الأخيرة من محادثات السلام في واشنطن دون أن يغير الجانب الإِسرائيلي من جوهر معالجته لمسألة الانسحاب الكامل من الجولان وبقية الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس على الرغم من استعداد سوريا والأطراف العربية للالتزام بكل ما هو مطلوب منها بموجب قراري مجلس الأمن 242 و338 ويبدو أن الادعاء بتغير سياسات حكومة رابين وأولوياتها بالمقارنة مع حكومة شمير يفتقد حتى الآن إلى المصداقية والممارسة الفعلية.

والواقع أن ما رافق الجولة الأخيرة من توقعات كبيرة وزخم ملحوظ إنما جاء بفضل المساهمة الجادة للجانب العربي والصدى الواسع في الساحتين الإِقليمية والدولية اللذين أحدثتهما الوثيقة السورية هذه الوثيقة التي تضمنت بشموليتها أسس ومبادئ التسوية السلمية للصراع العربي ـ الإِسرائيلي وفق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي عقد على أساسها مؤتمر السلام في مدريد.

لقد أكد المجتمع الدولي أن تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط كان وما زال يستند إلى حتمية انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها بواسطة القوة والحرب وضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

ويخطئ كثيراً من يعتقد في إسرائيل أنه يمكن تحقيق سلام كامل دون انسحاب إسرائيل التام من جميع الأراضي العربية المحتلة كما يخطئ أولئك الذين يعتقدون أن ترسانة إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل وتفوقها العسكري النوعي يجعلانها بمنأى عن التداعيات الناجمة عن انتهاء الحرب الباردة.

[. . . . . . .]

إن الطريق إلى السلام الشامل العادل والدائم واضح ومعروف إذا اختارت إسرائيل فعلاً هذا الطريق وإن أية مناورة لانسحابات جزئية أو خطوات مرحلية لن تجلب السلام للمنطقة ولا إسرائيل نفسها كما أن اللقاءات على مستوى أعلى التي تطالب بها إسرائيل هي محاولة لتقويض الإِطار والآلية التي التقت بموجبها الأطراف العربية والإِسرائيلية في مؤتمر مدريد للسلام.

لقد أعلنت سوريا على لسان قائدها الرئيس حافظ الأسد أنها تريد سلاماً مشرفاً تقبل به شعوبنا سلاماً لا تفريط فيه بحبة رمل من أرض الوطن ولا تنازل فيه عن حق من حقوقنا ولا تهاون فيه بكرامة الأمة... نحن نريد سلام الشجعان السلام الذي يعيش ويستمر ويضمن مصالح الجميع.. أما إذا كانت هناك ألعاب وكمائن فإن أحداً لا يستطيع إخراج سوريا عن مواقفها الوطنية والقومية والاستسلام ليس وارداً في قاموسها.

لقد قلنا ونؤكد مجدداً إرادتنا في سلام كامل مقابل الانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة هذا هو التحدي الذي نطرحه أمام إسرائيل من على هذا المنبر والذي بقي حتى الآن دون جواب.

[. . . . . . .]

 

المصدر: "البعث" (دمشق)، 29/9/1992. وقد ألقى الشرع هذه الكلمة في الدورة السابعة والأربعين للجمعية العامة.

* وزير الخارجية السوري: فاروق الشرع.