حضرتم إلى موسكو لكنكم لم تحضروا جلسات افتتاح المفاوضات المتعددة الأطراف فهل أنتم راضون عن النتيجة؟
على رغم عدم وجودنا داخل قاعة المؤتمر إلا إن حضورنا كان واضحاً جداً وحضورنا هو الذي سيطر على كل الأجواء. نحن أتينا إلى هنا بروح إيجابية وبرغبة حقيقية في حضور هذا المؤتمر ولنعرف أيضاً ما هي أبعاده النهائية، لكننا في الوقت نفسه لم نكن على استعداد لأن نحول الخيار الذي حصل في مدريد شرطاً يحكم كل عملية السلام. نحن أثبتناها مجدداً أننا لا نملك فرض حل ولكن بإمكاننا وقف أي حل يتجاوز حقوقنا أي أننا أصبحنا في إطار مؤتمر موسكو دولة عظمى.
على أي أساس ارتكز الحضور الفلسطيني إلى موسكو؟
حضورنا إلى موسكو جاء على أساس أننا من خلال رسالة الدعوة ثم من خلال رسالة الضمانات تم التأكيد على أن الفلسطينيين فقط هم الذين يحددون وفدهم ولا يجوز اختيار الوفد الفلسطيني من أي طرف آخر. ما طرح في موسكو عن أن الحضور الفلسطيني ملزم فقط بصيغة مدريد نعتبره خروجاً عن أحد الأسس التي قام عليها هذا المؤتمر وبالتالي نحن ركّبنا الوفد بالطريقة التي نريدها نحن وليس نتيجة أي ظروف أو شروط تفرض علينا. نعم نحن بنينا وفدنا بهذا الشكل كي لا تنسحب إسرائيل من المحادثات الثنائية وإنْ كانت إسرائيل في المحادثات الثنائية استطاعت أن تفرض رأياً بأنها ستنسحب إذا وجد فلسطينيون من القدس أو الخارج، وهي محادثات ثنائية لا يوجد فيها إلا نحن وإسرائيل، لعل هذا مبرر لأن أحاول تركيب وفدي بشكل لا يعطيها الفرصة للانسحاب. أما في مؤتمر متعدد الأطراف تحضره 33 دولة ممثلة بوزراء خارجيتها الذين إما جلسوا معنا أو هم على استعداد للجلوس معنا وكلهم يرون أن من حقنا أن نكون هنا، فإن اعتراض إسرائيل فقط وخضوع الجميع لهذا الرأي هو أمر غير مقبول لا بالنسبة إلينا ولا بالنسبة إلى الذين حضروا هذا المؤتمر.
لم تعارض الولايات المتحدة من ناحية المبدأ إشراك فلسطينيي القدس والشتات في اللجان المختلفة لاحقاً فما هو تفسيرك للتناقض في معارضتها إشراكهم في جلسات موسكو؟
الموقف الأميركي ما زال حتى هذه اللحظة يحاول أن يتصرف على أساس أن الفلسطينيين هم الرابحون من انعقاد المؤتمر وأنهم الخاسرون من عدم حضورهم وبالتالي عليهم أن يقبلوا بما يعرض عليهم مع بعض التحسينات هنا وهناك. لكن الواقع أن ما كان سارياً في مدريد وما كان مقبولاً في مدريد لا يمكن أن يصبح هو القاعدة وهو المفروض في كل مكان.
ونحن لا يمكن أن نستمر في عمل معين نقوم فيه فقط بسبب معرفتنا للعواقب الناتجة عن التصرف بشكل ما من دون أن تتوافر لنا الفوائد المضمونة من هذا العمل.
برأيي أن العملية من الأساس غير قائمة على منطق سليم وإنما هي قائمة على أساس مراضاة إسرائيل. وهذه المراضاة غير قائمة على منطق مقنع وبالتالي نجد من وقت إلى آخر تناقضاً في المواقف بين ما يجب أن يكون وما من شأنه إرضاء إسرائيل.
ما هي التبعات التي قد يخلّفها غيابكم عن محادثات موسكو على المحادثات الثنائية؟
منذ البداية قلنا أننا لا نوافق على عقد المؤتمر المتعدد الأطراف إلا مع تقدم في الثنائية قيل لنا إن لا علاقة بين التقدم هنا والتقدم هناك. ما داموا يعتقدون أن لا علاقة بين الاثنين فيجب أن نستمر على هذا الأساس.
أعرب فلسطينيون في وقت سابق عن خشيتهم من محاولة الأميركيين الانتقام من الغياب الفلسطيني في موسكو عن طريق عدم مساندتهم في المحادثات الثنائية. هل أن هذا التخوف قائم؟
من الواضح أن مؤتمر موسكو تحضره 33 دولة وأظهرت الكلمات التي ألقاها ممثلو هذه الدول أنه إذا أُجري استفتاء بين الحضور حول من المسؤول عما حدث في موسكو لن يكون لدي أدنى شك بأن اللوم لن يوجه إلى الفلسطينيين. فنحن لدينا استعداد للمساهمة في هذه المحادثات في أي مرحلة من مراحلها وفي أي موعد كان إذا أُزيلت الشروط التي وضعت علينا لتقييدنا لدى حضور الافتتاح.
المصدر: "الحياة" (لندن)، 29/1/1992. وقد عُقد المؤتمر في موسكو يومي 28 و29/1/1992.