مؤتمر صحافي لرئيس الوفد اللبناني في شأن الجولة الثالثة من المفاوضات، بيروت، 23/1/1992
Full text: 

لقد توقفنا في باريس حيث عقدنا اجتماع عمل مطولاً مع وزير الخارجية فارس بويز الذي توجه إلى المغرب العربي للمشاركة في اجتماعات لجنة القدس، وقد وضعناه في الأجواء التي جرت أثناء محادثاتنا الأخيرة في واشنطن. ويؤسفني أن أسجل أن هذه المحادثات قد توقفت بسبب قرار إسرائيلي بإنهائها في وقت لم يتفق فيه على إنهائها، وبالتالي قلنا للجانب الإسرائيلي أننا نعتبر أن القرار بإيقاف المحادثات في الوقت الذي توقفت فيه هو قرار وحيد الطرف ومن جهة واحدة، إذ جرت العادة أن يتفق الوفدان المفاوضان على وقت لإنهاء هذه المحادثات، هذه أول نقطة أود أن أسجلها.

"النقطة الثانية وهي أننا وصلنا إلى الطريق المسدود في ما يتعلق بمقر المحادثات. فالجانب اللبناني كما غيره من الوفود العربية الأخرى، ولكن في هذا الشأن فالجانب اللبناني بصورة خاصة تمسك بشدة بواشنطن. ويسعدني أن أقول إن سائر الوفود العربية قد وقفت الموقف نفسه وذلك نتيجة تنسيق طويل ومعمق بيننا".

" النقطة الثالثة والأهم هي أنه لم يحرز أي تقدم من حيث الأساس الذي بني عليه المؤتمر والذي على أساسه انطلق المؤتمر في مدريد. صحيح أن هناك مساراً فلسطينياً ـ إسرائيلياً قد جرى الاتفاق عليه أثناء هذه الجولة الأخيرة، ولكن كما قلت بعد عودتنا في رحلتنا السابقة من واشنطن، إن المؤشر الأساسي بالنسبة للسلام الشامل في المنطقة، ينطلق بالنسبة للمسار الشامل لها وعلى الخصوص بالنسبة للذين ذهبوا إليها على أساس القرارين 242 و338. ليس هناك من انطلاقة جدية نحو عملية السلام إلا بعد إقرار علني من إسرائيل بقبولها مبدأ الأرض مقابل السلام وهذا بكل أسف أمر لم يحصل".

وتابع: أما بالنسبة إلينا نحن ومع تضامننا مع الوفود العربية فأساس موقفنا بقي ثابتاً ونحن نتمسك بوضع جدول زمني يترجم عملياً الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، وذلك انطلاقاً من قرار الحكومة اللبنانية والحكم اللبناني بطلب تنفيذ القرار 425.

وسئل: هل يمكن القول إن المفاوضات وصلت إلى الطريق المسدود، وما هو موقف الجانب الأميركي؟

فأجاب: بالنسبة للشق الأول، القول أننا وصلنا إلى الطريق المسدود لا ينطبق والواقع. أنا قلت في السابق أن المفاوضات والمحادثات صعبة وطويلة وشاقة، الانفراج فيها له مؤشرات، فمثل هذا الانفراج لم يحصل حتى الآن، ولكن أن تستبق الأمور وتقول إنها وصلت إلى الطريق المسدود، كلا، هذا لا ينطبق والواقع، الطريق لا يزال صعباً وشاقاً وطويلاً، لذلك فهذه المحادثات وهذا التطمين من قبلنا على الاستمرار فيها متحملين ما نتحمل حتى عندما يقتل إثنا عشر مواطناً لبنانياً بريئاً، لم نتخذ قراراً بقطع المحادثات، إنما ذهبنا إليها بجرأة وبشجاعة وبصلابة وطنية وطرحنا على الجانب الإسرائيلي موقفنا ورأينا بالنسبة لهكذا غارة.

"وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فبناء على طلبه، تشرفت بمقابلة وزير الخارجية الأميركية لمدة 40 دقيقة، وما يمكن أن أسجله كرئيس للوفد اللبناني المفاوض وكشخص أجرى الاجتماع، مع وزير الخارجية الأميركية، أن الوزير الأميركي أكد باسم رئيس الولايات المتحدة جورج بوش وباسمه الشخصي تصميم الولايات المتحدة على تنفيذ الالتزامات التي قبلت بها طائعة والتي ترتبت عليها من الدعوة إلى المؤتمر، وبالتالي بما يتعلق باختصاصات المؤتمر كما تضمنت الدعوة التي وجهت إلى الأطراف التي شاركت في مؤتمر مدريد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أكد تصميم الولايات المتحدة على الالتزام بالتأكيدات التي أعطتها للفرقاء المشاركين في هذا المؤتمر، وانطباعي الشخصي أن الولايات المتحدة أكثر من جادة في عملية السلام. وأنها ستواصل جهودها. بالطبع لن يكون ذلك سهلاً وهذا الأمر من "وراء الباب" أي أنك لن تفتح الباب وتجد الحل، وكما قلت العملية صعبة، التعنت الإسرائيلي واضح، الموقف الإسرائيلي يدل حتى الآن أن إسرائيل لم تختمر لعملية السلام، الوفود العربية أظهرت كل استعداد لخوض هذه العملية، فعملية السلام تقتضي أول ما تقتضي توافر مثل هذا الاهتمام، والفارق الأساسي بين الوفود العربية والوفود الإسرائيلية إلى كافة الغرف التي جرت فيها المفاوضات، هو أن الجانب العربي كان جاهزاً لعملية السلام ولكن بكل أسف وأنا مسؤول شخصياً عن كلامي، إسرائيل لم تختمر لمثل هذه العملية، وبالتالي فإن دور راعيي المؤتمر على الأخص الولايات المتحدة كبير، إذ إن عليها أن تقنع الجانب الإسرائيلي بأن هذه فرصة تاريخية يجب أن لا تفوت، وهذا ما ورد في كتاب الدعوة عندما ذهبنا إلى مدريد."

[.......]

 

المصدر: "السفير" (بيروت)، 24/1/1992. وقد عُقدت الجولة الثالثة في واشنطن خلال الفترة 13 ـ 16/1/1992.