حديث صحافي للرئيس جورج بوش في شأن ترتيبات الأمن في الخليج بعد الحرب، واشنطن، أوائل آذار/مارس 1991
Full text: 

          [. . . . . . .]

  • محمد الرميحي (صوت الكويت): [...] ان التحالف قد كسب الحرب، ولكن أمامنا معركة كبرى هي نكسب السلام. فما هي الترتيبات الأمنية ـ في تقديرك ـ التي تقوم بها الولايات المتحدة ودول التحالف، أي دول الخليج والعرب بطبيعة الحال، بالنسبة للخليج وبالنسبة للدول العربية؟
  • اعتقد ان الوقت قد حان، كما قال أبراهام لنكولن في تاريخنا، لأن نفكر مجددا.

            ولقد شرعنا في التفكير مجددا بارسالنا وزير خارجيتنا إلى المنطقة.

            لن يكون هناك مشروع أميركي لإِحلال السلام في لبنان او في الخليج او بالنسبة للمسألة الاسرائيلية ـ الفلسطينية، لن يكون هناك مشروع أميركي منفرد. نحن نريد ان نكون جزءا مؤثرا (في أي مشروع سلام).. وبالنظر لما حدث في الخليج فانني اعتقد أننا نحظى بمصداقية أكبر لنكون جزءا من ذلك المشروع.

            وعندما  كنت اتحدث في الجلسة المشتركة للكونغرس، قبل أيام، تكلمت عن رغبتنا في ان نكون قوة محركة للسلام. ذلك هو ما يقوم به بيكر الآن هناك. انني أتطلع بشغف إلى اليوم الذي تنتهي فيه حالة العداء بين إسرائيل والعرب. وهذا امر يتطلب حلا توفيقيا بين الطرفين. ومن ناحيتنا فنحن مرنون تماما في ما يتصل بأسلوب التوصل إلى ذلك الحل.

            وعندما تكلمت عن الأرض مقابل السلام لم آت بجديد.

            فقط ظللنا لوقت طويل من المنادين بتطبيق القرار 242 وبالقرار 338. مثلنا في ذلك مثل دول اخرى عديدة، او مثل معظم دول العالم، ولكن بعض الدول تخلى عن الالتزام بهذين القرارين. ولذلك فسنمضي قدما في محاولة التوصل إلى ارضية مشتركة بعد التشاور مع شركائنا في التحالف ثم مع إسرائيل وغيرها بغرض دفع الأمور في كل تلك الجبهات الثلاث. أما بالنسبة لأمن الخليج فهو ـ كما هو واضح ـ موضوع مختلف تماما.

            اود ان أكرر ـ ولا اريد إلقاء محاضرة على احد هنا ـ انه ليس لدينا الرغبة في وجود طويل المدى للقوات البرية. الايرانيون ـ على سبيل المثال ـ يتمهوننا، او قل لا يتهموننا ولكنهم مهتمون كثيرا بهذا الأمر، وكذلك آخرون. سنعطي الذرائع سائغة لمنتقدينا لو أننا ألمحنا إلى رغبتنا في إبقاء قوات أميركية برية ضخمة هناك. نحن لا ننوي ذلك.. فالعائلات الأميركية تريد لأبنائها وبناتها العودة إلى البلاد.

            ولكن من الجهة الأخرى فقد اوضحت قبل أيام بعض المتطلبات الأمنية بالنسبة للخليج. كما اوضحت ما نعتقد انه قد يمثل ترتيبات جديدة كفيلة بضمان استقرار أكثر وأمن أكثر بالنسبة للخليج. أما مسألة لبنان ومسألة فلسطين فيمكن النظر فيهما بعد مشاورات بيكر.

 

  • سعيد سنبل (الأخبار المصرية): سيدي الرئيس.. دعا الرئيس مبارك مجددا إلى نزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط بما فيه إسرائيل، هل تتفق مع هذه المبادرة والمقترحات الأخرى الرامية إلى الحد من شحنات السلاح إلى المنطقة، بما في ذلك إسرائيل؟
  • لقد سمعتني اتحدث عن نشر الأسلحة.. لا اعتقد بأنك ستستطيع نزع السلاح من مصر واسرائيل والسعودية والكويت وسوريا او أي بلد آخر.. سيكون ذلك أمرا غير واقعي.. ولا اقصد الاشارة هنا إلى ما قاله صديقي العزيز الرئيس مبارك.. على انني ارجو ان ينتج عما نحن فيه تخفيض كبير في الأسلحة في هذه المنطقة المضطربة من العالم.

            ولقد كانت شحنات الأسلحة تلك مصدرا لاهتمامنا الكبير، وكنا طرفا في ذلك الأمر بالنسبة لبلاد مختلفة بينها البلاد التي تصدر منها صحفكم وبينها إسرائيل.

            بيد انني عندما اشرت قبل أيام إلى مسألة الحد من انتشار الأسلحة.. فهذه مسألة يمكن التحدث عنها في إطار هذا المفهوم الشامل للأمن والاستقرار.. ليس فقط بالنسبة لمنطقة الخليج، ولكن بالنسبة لمناطق الشرق الأوسط الأخرى، أيضا.

            وعليه، فلست متأكدا مما سيرسو عليه الأمر.. ولست متأكدا من الكيفية التي تأتي عليها الترتيبات النهائية.. ولكننا نتكلم بعقل منفتح ونفعل ما نقول بعقل منفتح في ما يختص بتقليص حجم الأسلحة التي تصل إلى تلك المنطقة.

 

  • عثمان العمير (الشرق الأوسط): هل تتصور، يا سيدي الرئيس، أي دور للعراق وإيران مستقبلا في تلك الترتيبات الأمنية؟
  • دور للعراق وإيران؟ حسنا.. في المكان الأول اود ان أقول انه ليس من مصلحة الخليج او من مصلحة الولايات المتحدة خلق فراغ في العراق، كما أننا لا نريد عراقا غير مستقر.. ان العراق مواجه بمهمة إعادة الإِعمار وليس على العراقيين إلا ان تكون لهم حكومة تعبر عن نيتها أما دول العالم في ان تعيش داخل حدودها الاقليمية وأن تتخلى عن العدوان.. وفي الواقع فقد تخلوا عن ضم ما كانوا قد اسموه في صلف المحافظة التاسعة عشرة.

            لقد دانوا ضم الكويت، التي أُطلق عليها في صلف المحافظة التاسعة عشرة.

            لذا عليهم ان يشيروا للعالم انهم راغبون في التعايش ضمن ما نسميه اسرة الدول المحبة للسلام وبكل أمانة؟ هذا (ليس بالسهل) وواحدة من القضايا التي سيتشاور فيها جيمس بيكر مع شركائنا هي إذا كان من الصعب عليهم قبول بقاء صدام في السلطة، فنحن نريد للعراق ان يكون مستقرا ومحتفظا بحدوده في احترام لجيرانه، وقد تخلى عن حقه المدعى في الكويت وكذلك نريد بقاءه جزءا مهما من المنطقة.

            ان العراق قطر مؤهل ليكون دولة مزدهرة جدا لو قدر له صرف أمواله في مصلحة أهله ولم تنفق هذه الأموال على التسليح وإرهاب جيرانه.. وهو ما جر البلاد أولا للحرب ضد إيران، ثم صار "الرجل" يغير جلده مرارا، وعندما انتهت تلك الحرب، عاوده الغرور والاستبداد وهمّ بالكويت.

            والسبيل الأفضل، في تقديرنا، ومع احترامنا لرأي شركائنا (أصدقائنا) (وأنا اريد معرفة ما يرون بالضبط) هو ان يعيش العراق داخل حدوده ويستعيد الاحترام الذي يستحقه شعبه ذو التاريخ والحضارة والتقاليد العريقة. فنحن على استعداد للتقبل، رغم ان هذا تصور صعب بعض الشيء استنادا للوضع الراهن.

            أما إيران فقد كانت علاقاتنا بها متأزمة جدا. لقد أعلنت قبلا ـ وأعيد ذلك لأن هذه فرصة فريدة للاعادة ـ أننا نرغب في علاقات أفضل مع إيران. نحن لا نضمر عداء من جانبنا. صحيح ان هناك مشاعر كثيرة في بلادنا نتيجة لمسألة الرهائن وما أصاب سفارتنا، كما ان هناك مثلها في إيران بسبب إسقاط الطائرة ـ وهو حادث محض ـ وغيرها.

            ولكن عندما تترسب خلافات عميقة ربما تحتاج لشيء من الوقت لإِزالتها لذلك نحن لا نضغط على إيران في موضوع العلاقات المشتركة. ولكن إيران دولة كبيرة، ولا اعتقد انه من الصواب معاملتها كعدو دائم من قبل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وأرى ان تغيرا مطردا يحدث هنا في النظرة لإِيران، وإذا قدر لإِيران ان تخطو ـ كما آمل ـ نحو دور أكثر اتزانا او أقل تطرفا، فان الدول الأخرى في المنطقة سترحب بعودتها.

            وإيران دولة مهمة أيضا ولها اعتداد بذاتها. ونحن نهتم بذلك ونبحث عن وسائل استيعابه واحترامه في إطار الدور الرئيسي لكل من إيران والعراق في المنطقة كدولتين لهما حجم ووجود ومقدرات اقتصادية وتاريخية وعليهما مسؤولية في الحفاظ على امن الخليج. ولكن هناك مشاكل ثنائية بينهما، فكيف يمكن لنا ان نضع الأسس لتحقيق أهدافنا. هل سيمكن تقديم قوة حفظ السلام العربية هناك لكل الدول في المنطقة، وإقناعها بأنها لا تمثل خطرا على هذه الدول بل هي لضمان أمنها واستقرارها أيضا؟

            فنحن نريد هذا، وتذكرون ما دار في بداية الأزمة عن "الحل العربي"، لقد كان الملك حسين يردد انهم يفضلون "حلا عربيا". وعندما بدأوا اجتماعاتهم مع الذين يطالبون بحل عربي بحت تفهمنا نحن ذلك ( وما أردنا نحن أيضا ـ مثلهم ـ حل "اليانكي" للأزمة) ـ ضحك. اعني تماما أننا لم نرغب في حل أميركي.

            والآن هذه فرصة لأصدقائنا في العالم العربي ـ وهم كثيرون ـ وأرجو ان يزدادوا عددا ـ ليقولوا ان علينا ان نمسك بالكرة ونشرع بتولي القيادة متمسكين بمبادئنا والتزامنا، ونحن مستعدون لتوفير اية مساندة بحرية ربما لمياه الخليج. ارى في ذلك مساهمة في حفظ امن الخليج، وأراها نوعا من المشاركة في بناء مستقبل آمن. ولا أحفظ في قلبي حقدا ولا ضغينة لإِيران، ولا لشعب العراق، لأننا نشعر بالأسى والألم عندما نرى طفلا لا يملك ما يكفي من الطعام او لا يشرب إلا ماء ملوثا.. او أي شيء من هذا القبيل.. وأعتقد انهم في السعودية وفي الكويت وفي المغرب يحملون المشاعر نفسها عندما يرون طفلا عراقيا.

            لهذا، يجب علينا ان نتناول الأمر بشهامة وتعاطف.. ولكن دع أصدقاءنا العرب يعلنون ما يوصون به وما هم مستعدون للقيام به، عندئذ سنكون راغبين في ان نضع قواتنا المسلحة وكل ما يريدون في خدمة ذلك الهدف. وهكذا فان امن الخليج ـ بما فيه إيران والعراق ـ هو، في ما يبدو لي، مسألة أسهل من مسألة لبنان ومسألة فلسطين حيث ان كلا منهما تتصل باسرائيل.

            لقد اسهبت في القول ولكنني اود ان اشير إلى أننا هنا أًصبنا بخيبة أكل كبيرة في منظمة التحرير الفلسطينية اعني ان المنظمة قد جرى اعتمادها في الرباط قبل سنوات متحدثا وحيدا.. وقد كانوا مخيبين للآمال، وانحازوا إلى صف صدام حسين، وراهنوا على ان التحالف لن يتماسك وراهنوا على ان الولايات المتحدة لن تقوم بما قامت به فعلا. وخسر الرجل (عرفات) الرهان.

            ولقد كان (عرفات) رجلا له مكانة في هذا البلد ـ رغم العمليات الارهابية الأخيرة ـ ولا أعلم شيئا عن مكانته في بلاد العالم الأخرى، ولكنه فقد تلك المكانة هنا. ولا يعني هذا ان نقول ان كل متعاطف مع منظمة التحرير الفلسطينية هو رجل رديء.. لا ليس كذلك.. ولكن عدد المتعاطفين تقلص بسبب ذلك..

            لذلك فان دورهم ـ في موضوع الأمن ـ على الأقل في الوقت الحالي قد تقلص ـ في نظري ـ لأنهم راهنوا على الحصان الخطأ للأسباب الخطأ والدوافع الخطأ. اعني انهم لم يعلنوا إدانتهم لذلك العدوان، وأعتقد ان ذلك سبّب ألما لبعض الفلسطينيين في الكويت الذين كانوا يعاملون معاملة طيبة جدا هناك، وفجأة عندما وقع غزو الكويت انحاز العديد من الفلسطينيين إلى صف الغزاة العراقيين.. وهذا لم يرفع من سمعتهم ومكانتهم في الولايات المتحدة، وأنا لا أستطيع ان أتكلم باسم أي بلد آخر.

 

  • نادر يعته:

            ماذا تقصدون، في خطابكم، بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني؟

  • الحقوق السياسية؟ اسمعني: لن يكون هنالك سلام حتى نعالج مسألة الأرض، او الدولة كما يقول البعض، التي يحق لفلسطينيين ان يكونوا فيها بكاملها.. وموقفنا نحن لا يحبّذ الدولة الفلسطينية، وهنا نختلف مع أصدقائنا العرب. المهم هو حل المسألة الفلسطينية. وكما هو واضح فان الإِطار يجب ان يكون المواقف التي اتخذتها هيئة الأمم المتحدة، او ـ على الأقل ـ لا يلزم ان يكون ذلك هو الجواب الوحيد، ولكن هناك بعض الأرضية المشتركة.. إذ ان إسرائيل وافقت عليها، كما ان الدول العربية وافقت عليها أيضا، وهي قرارات يخضع تفسيرها لمشكلات عديدة، ولكنها تشكل ارضية مشتركة يمكن الانطلاق منها. على انه يجب ان تكون هنالك مناقشات، حيث انه لا يمكننا ان نعيش في حالة حرب إلى الأبد.. اعني أننا الآن في مرحلة تضميد الجراح، ونحن نود ان نضمد الأن بعض الجراح.. كما نود ان نكون قوة دافعة تساعد في التغلب على العداوات القديمة.

            وربما يكون هذا تصورا مثاليا أكثر مما ينبغي، ولكن مهما كان الأمر، فيجب التوصل إلى حل للمسألة الفلسطينية. نحن نعلم ذلك ولنا اهتمام كبير بالأمر، كما نحن على استعداد لأن نلعب دورا مفيدا في هذا الصدد. على انه ـ كما سبق لي ان قلت ـ يجب علينا التحرك على جبهات تلك المسألة، فالوضع كما هو عليه الآن، لن يصل بنا إلى الحل.

 

  • عثمان العمير (الشرق الأوسط):

       كانت لسيادتكم محادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية، هل لديكم الرغبة في مواصلة تلك المحادثات؟

  • لا اود أن أقول شيئا الآن. انهم يأتون الينا في الوقت الخطأ. ولا اعتقد أنهم طلبوا ذلك (موصلة المحادثات)، لقد انقطعت تلك المحادثات ـ على ما أذكر ـ بسبب بعض الارهابيين.. ما نسميه إرهابا يسونه شيئا آخر..

            لا، لكنني سأكون مستعدا للظروف وأنا الشخص الذي أراد لتلك المحادثات ان تستمر.. وحافظت على هذا الموقف لأطول مدة ممكنة، ولكن المحادثات فقدت جدواها. وبالنسبة لنا هنا فقد كان واضحا انهم تصرفوا بطريقة سيئة جدا حتى نحو إخوانهم في العقيدة.

            وهذا لا يمكن على كل قيادات وأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، فأنا متأكد ان هناك فلسطينيين كثيرين يختلفون عن قيادتهم التي تنكرت للأصدقاء وسارت في ركب العدوان. ولكنني أتعجل في هذا الصدد فالأمر قد يحتاج بعض الوقت.

            [. . . . . . .]

  • محمد الرميحي (صوت الكويت):

       اعتقد يا سيدي ان كل من بالكويت وكثيرين في دول مجلس التعاون الخليجي ينظرون إلى الرئيس بوش على انه رجل عظيم.. وهذه هي أول مرة في التاريخ تكتب فيها مقالات بهذه الغزارة تمجيدا للولايات المتحدة ولكم شخصيا وليس همسا كما كان يحدث سابقا فما هي طبيعة العلاقة التي تتصور قيامها بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية؟

  • حسنا.. اعتقد أنها تلك العلاقة التي تستند إلى الاحترام البناء وامتلاك الارادة للدفاع عن سيادة هذه الدول، وقيام هذه العلاقة مرتبط بعملية التقدم في مسيرة السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، لأنه في منطقة الخليج لا يكفي ان تكون علاقاتنا الثنائية مع دولها جيدة، فهذه الدول تطالبنا لإِنجاح علاقاتنا بها ان نبذل جهدنا في سبيل حل القضية الفلسطينية.

       وهنا فنحن نواجه تجربة الامتحان لمدى قدرتنا على خدمة قضية السلام عمليا، ليس فقط على مستوى الخليج، ولكن الأمر يتعدى ذلك إلى لبنان والنزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

       ونحن نسير في هذا الاتجاه بشكل إيجابي نظرا لالتزاماتنا في هذا الشأن والتي تمخضت بعد مشاورات مكثفة مع امير دولة الكويت والملك فهد والرئيس المصري حسني مبارك، وأيضا مع المغرب رغم خلافنا البسيط معه، وآمل ان يرى هؤلاء القادة أننا أصدقاء حقيقيون يمكن الوثوق بهم، وهذا في حد ذاته امر مهم بالنسبة لنا لتأكيد المصداقية الأميركية.

       وهذه نقطة مهمة ترتبط بالكيفية التي ستتناول بها السياسة الأميركية معالجة الأوضاع في الشرق الأوسط بدءا من الآن، في إطار التزامنا والتزام الأطراف العربية بالعمل على تنفيذ ما قاله كل طرف.

       ورغم تشكك البعض في احتمال الالتزام من جانبنا، إلا ان مصداقيتنا تتحقق فاعليتها بالتعاون الوثيق مع الأطراف العربية باعتبارنا أصدقاء وحلفاء موثوقين.

            [. . . . . . .]

  • عثمان العمير: لقد اقدمت على خطوة لإِقامة علاقات طيبة مع سوريا، كيف ترى الآن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا خاصة في ما يتعلق بالقضية اللبنانية؟
  • لقد كانت لدينا خلافات مع سوريا، وتكلمنا مع السوريين بصراحة حول الارهاب وأشياء اخرى. ولأننا استطعنا ان نعمل مع سوريا بنجاح، إضافة إلى تلقينا العديد من النصائح من شركائنا في التحالف، فقد تشجعت لاتخاذ خطوات اخرى تجاه دعم العلاقات مع سوريا.

            ولهذا اعتقد ان لدينا فرصة أفضل بكثير للعمل مع السوريين لإِحلال السلام في لبنان.

            وسوريا لديها مصالح في لبنان. ونحن لا ندعي بغير ذلك، ولكن اتفاقيات الطائف ما زالت سارية، والخطوات التي اتخذها القادة العرب في الطائف بشأن خروج كل القوات من لبنان، وخلق تمثيل أفضل لكل الفئات اللبنانية داخل الحكومة اللبنانية، هذه كلها أشياء جيدة.

            مع ذلك، اعتقد ان النقطة الرئيسية في سؤالك تتعلق باعتبار ان عملنا مع السوريين خلال ازمة الخليج، وإزاحة بعض الشكوك التي كانت قائمة بيننا، من شأنه ان يتيح لنا فرصة أفضل الآن للعمل مع السوريين تجاه حل المشكلات الأخرى.

            ولعلك تعرف ان حولنا مع السوريين تناول باستضافة مسألة إسرائيل، وقد قالوا اننا كنا متحيزين بشكل كبير لاسرائيل. وعلى الأقل بدأ الحوار بيننا، وقد عمل السوريون ما وعدوا به، ومن جانبنا فقد عملنا ما وعدنا به.

            وبالنسبة للقضية اللبنانية، فنحن الآن فتحنا بابا كبيرا وليس نافذة فقط، يمكن ان نمر من خلاله ونناقش الأشياء بطريقة أفضل. وهذا ما اشعر به تجاه علاقتنا مع السوريين، ويشاركني في ذلك وزير الخارجية، ولا اريد الإِدعاء بأنه ليست لدينا مشاكل مع سوريا او اية دولة اخرى، ولكنها مشاكل يمكن ان نناقشها بصراحة أكبر دون غلق للأبواب، وهذا من شأنه المساعدة في حل القضية اللبنانية.

 

  • عثمان العمير: سيادة الرئيس..

            كيف ترى علاقتكم مع ما يسمى بدول الحل العربي؟

  • طيبة وأفضل من طيبة، وهذا يتوقف على من تعنيهم، فالمغرب كان احدى دول الحل العربي، وأنا اشعر باحترام عميق وصداقة مع العاهل المغربي، ولكن الموقف يختلف إذا كنت تقصد الأردن.

 

  • عثمان العمير: حادثة عمان؟
  • نعم.. عمان.. دعها تبرد وتهدأ بمرور الوقت، هناك إحساس بجرح بسيط للمشاعر وإحباط قائم الآن في الولايات المتحدة تجاه الأردن، ولكن هناك إدراكا بأن استقرار الأردن هو لمصلحة جميع الأطراف، ولا اريد ان ازيد على ذلك.

            أعتقد ان كثيرا مما حدث في الأردن لم يكن فقط موجها ضد الولايات المتحدة، بل كان أيضا موجها ضد بعض الدول المجاورة في المنطقة.

            وهذا ما حدث، وأنا اريد ان اعرف ما يشعر به الملك فهد او حسني مبارك او امير الكويت تجاه الأردن.

            ونحن يمكننا ان نساعد في تجاوز هذه المشاعر من خلال علاقتنا الجيدة مع العاهل الاردني، ولكنني عبرت عن إحباطي العام تجاه التجاوز الأردني في هذه القضية.

            وأنا أقول ان هذه أخطاء العاهل الأردني، لأن هناك بعض الناس في شوارع الأردن يصرخون ضدي بشكل شخصي وضد الولايات المتحدة، وإنْ كنت الهدف الرئيسي لهذه الحملة.

            ولكن رؤيتي للأمر هو انه علينا جميعا ان نعيش في سلام، لهذا فان علينا ان نترك الأمر يمر في وقت قصير ثم نحل هذه المشكلة.

            نحن لا نريد ان نرى اتجاها متطرفا للأردن، وما زلت اعترف باحباطي من الموقف الأردني، وإحباطي من موقف بعض الصحف الأردنية الذين لا يكتبون ما يعرفونه جيدا.

            ولكنني تعلمت في حياتي الطويلة، فأنا عجوز أبلغ السادسة والستين من العمر، ان علينا ان نأخذ وقتا كي تهدأ فيه الأمور، وبعد ذلك نحاول معا بناء سلام أكثر استقرارا في الشرق الأوسط.

            ولذلك ليست لديّ ضغينة او مرارة، ولكن مرة اخرى، هناك منطقة لنترك زعماءها العرب يمارسون قدراتهم السحرية هناك، دعنا نصل إلى ما تقوله عن الحل العربي.

            دعهم جميعا بما فيهم الأردن يأتون لي ويقولون ان هذا هو الطريق الذي علينا ان نسير فيه معا، وليست الولايات المتحدة هي التي تملي إرادتها، فتقول للملك فهد "عليك ان تفعل هذا". فهو لن يفعل ذلك على اية حال، وهو شخص يملك إرادة قوية ويعرف المنطقة.

            [. . . . . . .]

  • محمد الرميحي (صوت الكويت):

            وماذا كان الموقف مع السوفيات؟

  • حسنا.. لقد وقف السوفيات معنا في الأمم المتحدة. وفي نهاية المطاف بدأوا يتحدثون عن خطة سلام، ولكننا كنا نعرف تماما ما يجب علينا عمله وكذلك كان يعرف جنودنا.

          وأعتقد ان غورباتشوف اقدم على هذا الخطأ لأنه شعر بأنه لم يعد له دور في ما يجري بالخليج، ولكنني أيضا اعتقد انه أراد التقليل من ضحايا الحرب، ولم يكن السوفيات وحدهم الذين اختلفوا معي، بل هناك من اختلف معي في داخل الولايات المتحدة، ولكن هذا الاختلاف لم يشكل ازمة على الاطلاق، لأننا كنا نعرف جيدا ما يجب علينا عمله.

 

  • الرميحي: افهم ذلك جيدا.
  • وقد كان يمكن لغورباتشوف ان يتشدد ويحاول عرقلة عملنا، في إطار محاولة قيادة العالم الثالث ضدنا، كان يمكنه فعل ذلك، ويحدث لنا مشكلة، ولكنه عالج الأمر بشكل جيد، فقد بذل جهده من أجل السلام، ذلك السلام الذي اعتقد بأنه عادل وفي إطار الالتزام بقرارات الأمم المتحدة.

            ولكنني كنت أقول له ليس هذا هو السلام العادل، فالطرف الآخر المعتدي يضع شروطه، ولقد قطعنا شوطا كبيرا لا يمكننا معه ان نقبل شروطا.

            مع ذلك، فان الجدل مع السوفيات لم يخلق بيننا ازمة حقيقية [...]

            [. . . . . . .]            

 

المصدر:

"صوت الكويت الدولي" (لندن)، 10/3/1991. ونشر الحديث أيضا في الصحف التالية: "الأخبار" المصرية، و"البيان" المغربية، و"الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن