Menuhin, ed., On Democracy and Obedience
Reviewed Book
Full text: 

عن الديمقراطية والطاعة (بالعبرية)

تحرير يشاي منوحين. القدس: حركة يش غفول وسيمان كريا، 1990.

 

"عمل الجنود الذين كانوا في امرتي وفق الأوامر التي أصدرتها إليهم، والتي كانت تقضي في تلك الفترة بالضرب بالهراوات على أرجل وأيدي كل من كان متورطاً في انتهاك النظام لتكسيرها... أجل، سمعت هذه  الأوامر شخصياً في مناقشات جرت في حضور وزير الدفاع رابين... وهو نفسه قال بتكسير أيدي المشاغبين وأرجلهم."

"الفكرة كانت محو قرية بيتا عن وجه الأرض بنسف بيوتها كلها... كان ذلك، كما هو معروف، بعد مقتل ترتسا بورات التي كانت ضمن مجموعة من الطلاب الذين كمن لهم بعض سكان بيتا. وتبين بعد وقت قصير... أن ترتسا قُتلت، على ما يبدو، برصاصة طائشة انطلقت ممن كان من المفروض أن يحميها، وأن قسماً من سكان القرية قام بحماية الطلاب حتى وصول النجدة. لكن الجيش الإسرائيلي نسف 16 بيتاً في القرية، بينها بيت أحد الذين وفروا الحماية للشبان...".

"ليس هناك ما يخجل بأن يقولوا عنا 'يطلقون النار ويبكون'. فعندما تُرغم، في وضع عصيب  إلى هذا الحد، على تنفيذ أمور تتعارض مع ضميرك وتربيتك ونظرتك إلى العالم، وعندما تكون في شك فيما إذا كنت ستنجح في تنفيذ المهمة من الناحية العسكرية، فإنه من غير المخجل أن تبكي. هذا أمر أشرف كثيراً من أمر الذين 'يطلقون النار ويضحكون'."

هذه بعض الشهادات التي أوردتها مقدمة هذا الكتاب عن السلطة والقانون، عن الرفض السياسي والضميري، عن العدالة والواجب وحدود الطاعة، الذي رعت إصداره حركة "يش غفول" (يوجد حدود) الإسرائيلية، داعية رفض الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة باعتبار أنها ترسخ احتلالاً يجب أن ينتهي وليست ممارسة واجب الدفاع عن سلامة إسرائيل وأمنها. "فعلى الرجال الصالحين ألا يطيعوا القوانين طاعة زائدة." وهذه القلة النشيطة التي تحمل هذه الوصية الحادية عشرة من رالف أمرسون "في السياسة" وتبشر بها وسط الجيش الإسرائيلي، بدأت تنظم نفسها منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران/يونيو 1982، عندما راح جنود إسرائيليون يرفضون أوامر الذهاب إلى ساحة القتال في لبنان بعدما تجاوز الاجتياح خط الأربعين كيلومتراً داخل الأراضي اللبنانية الذي عينته حكومة مناحم بيغن، في حينه، حدوداً للاجتياح تُبعد مستعمرات شمال إسرائيل عن مدى مدفعية المقاومة الفلسطينية في لبنان. فالأمر، في رأي طلائع هذه الحركة، كان يتعلق برفض الخدمة العسكرية، عندما لا تعود تعني "الدفاع عن سلامة إسرائيل وأمنها" – "لقد احتللنا ودمرنا وخرّبنا أكثر من اللزوم. لماذا ولأية غاية؟... تريدون فرض نظام جديد على أنقاض لبنان، وسفك دمائنا ودماء الآخرين نيابة عن الكتائب. وهذا ما لم نتجنّد في الجيش الإسرائيلي من أجله..." – وفق ما جاء في أول بيان للحركة.

بعد حرب إسرائيل في لبنان واصلت الحركة نشاطها في حث الجنود الإسرائيليين على رفض الخدمة في المناطق المحتلة، وتشجيع المترددين منهم على اتخاذ القرار بين إطاعة القانون وبين حق الفرد في رفض الطاعة عندما يتنافى هذا القانون مع الضمير والقناعات.

ويتضمن كتاب "عن الديمقراطية والطاعة" عشرة نصوص ومحضر ندوة، تناقش كلها نواحي مختلفة للعلاقة بين القانون والقيم والرفض الاختياري وحدود الطاعة. وهو إذا كان يصدر باسم حركة "يوجد حدود" إلا إن المواقف التي تعكسها النصوص لا تمثل، بالضرورة، الاتجاهات الأيديولوجية والسياسية لأعضاء الحركة ككل؛ إذ إن تلاقيهم هو، في الأساس، على حق الرفض باسم الضمير أو القناعات السياسية. فقد نشأ جدل داخل الحركة بعد نشوب الانتفاضة الفلسطينية، ضد الاحتلال، نتج منه تغلّب التيار الذي يعتبر أن الاحتلال الإسرائيلي سبب العلة، وأن استمراره قد يورط إسرائيل في حرب أخرى، "وأن الحاجة ملحة إلى تصفية الاحتلال وتحقيق تسوية سياسية" بين إسرائيل والفلسطينيين".

صحيح أن الحركة لا تستطيع أن تدعي إنجازات باهرة على صعيد حث الجنود الإسرائيليين على رفض الخدمة العسكرية في المناطق، والمشاركة – بالتالي – في قمع الانتفاضة الفلسطينية، لكنها نجحت في تحويل موضوع هذه الخدمة إلى موضوع مفتوح قابل للنقاش وليس واجباً مقدساً تعتبر مناقشته من باب الهرطقة. وصحيح أن الحركة ليست حركة جماهيرية وينحصر نشاطها التعبوي داخل الجيش الإسرائيلي، لكنها تمارس نشاطات إعلامية مفيدة، وتشارك مع الحركات السلمية الإسرائيلية الأخرى في نشاطات مناهضة للاحتلال.