في العودة إلى الغيتو: من دولة اليهود إلى دولة الهالاخا (بالعبرية)
بقلم أوري هوفرات. كاف أدوم: منشورات الكيبوتس الموحد، 1989
إذا كانت الغيتوات ومعسكرات تجميع اليهود في أوروبا الشرقية قد سهلت عملية التنكيل بالشعب اليهودي في أثناء الحرب العالمية الثانية، فإن صعود الحركات الأصولية الدينية اليهودية هو، في رأي أوري هوفرات، نوع من العودة إلى الغيتو.
يتناول هذا الكتاب النزاع بين التيارات اليهودية الدينية وبين مؤسسات الدولة الصهيونية في إسرائيل. فيعرض المؤلف، في الفصل الأول، وجهة النظر الدينية الأصولية في السلطة والحكم قياساً بالنظرة الديمقراطية.ويظهر كيفية استغلال المتدينين للنهج الديمقراطي من أجل تحقيق أهدافهم. ويخلص إلى القول "إن الأصوليين مستعدون لتأييد النهج الديمقراطي ما دام يسمح بتشريعات وترتيبات تنسجم مع نظرتهم، لكنهم يعارضون هذا النهج في اللحظة التي يرون أنه لم يعد يخدمهم." وفي رأي هوفرات، فإن هناك تعارضاً عميقاً وكاملاً بين الأيديولوجيا الدينية اليهودية وبين وثيقة الاستقلال الإسرائيلية، الأساس القانوني الوحيد الذي تقوم السلطة والحكم في إسرائيل عليه.
"لا تحب صديقك إنْ لم يكن مثلك" هو عنوان الفصل الثاني المخصص للصراع الذي خاضه ويخوضه المتدينون في إسرائيل من أجل فرض الطابع الديني على الحياة الإسرائيلية، وتحقيق استقلالية كاملة عن باقي شرائح المجتمع. ففي الخمسينات، قامت شركة مقاولات وبناء تابعة للحزب الديني القومي (المفدال) ببناء مساكن وبيعها لأشخاص يلتزمون الحفاظ على حرمة يوم السبت ومراعاة الشعائر والفرائض الدينية. كما ناضل المتدينون من أجل إقامة شبكة تعليم ديني مستقلة لهم. وأنشأوا مجالس دينية يهودية أقرها الكنيست، وأُعطيت حرية العمل في أنحاء إسرائيل كافة. هذه المجالس هي اليوم سلطة محلية منافسة لسلطة المجالس المحلية المدنية والبلديات. في هذا السياق، يتناول المؤلف مسألة الحركة السرية اليهودية، ويعرض نشاط أفرادها الذين اتهموا بالقيام بعمليات تخريب ضد أهداف عربية.
في الفصل الثالث يعالج المؤلف مشكلة "من هو اليهودي"، بدءاً بأبناء الزواج المختلط وانتهاء بيهود إثيوبيا. أما في الفصل الرابع والأخير، فيتحدث عن توتاليتارية دينية أخطر من الأنظمة التوتاليتارية التي عرفها العالم حتى اليوم. وينهي كتابه بالسؤال التالي: هل في استطاعة الديمقراطية في إسرائيل التصدي للتيارات الأصولية والدفاع عن حرية الفرد وتعددية المجتمع؟
يشعر الإسرائيليون أمام الظاهرة الدينية التي تنمو وتتصاعد بينهم بالخطر والخوف. وفي مطلع الكتاب يورد هوفرات شهادة جندي إسرائيلي أُصيب بجروح على يد جماعة من اليهود المتزمتين في أثناء دفاعه عن متنزهي يوم السبت في حي مئاه شعاريم، يقول فيها: "لقد قاتلت ضمن سلاح المظليين في مطار بيروت... لكني في الجحيم اللبناني لم أشعر بالخوف الذي شعرت به يوم السبت في حي مئاه شعاريم في القدس!".