يُعتبر هذا الكتاب مصدراً لمراجعة تجربة "حركة القوميين العرب" واستخلاص دروسها ومواكبة تطوراتها منذ التأسيس حتى الانحلال وهو عصارة نضال جورج حبش خلال نصف قرن من العمل السياسي. وهنا، في هذا الحوار الذي أجراه الأستاذ محمود سويد، يتخلى جورج حبش عن دوره كسياسي ومناضل، وينصرف إلى نقد التجربة الفلسطينية المعاصرة باضطرابها الهائل وتلاطمها المذهل، ويحاول أن يستخلص منها دروساً وعِبَراً ذات دلالة.
يبدأ هذا الحوار بطفولة "الحكيم" في اللد ويفاعته وشبابه في القدس والجامعة الأميركية في بيروت، لينتقل بعدها إلى المؤثرات التي كوّنت وعيه السياسي وشخصيته العلمية والثقافية. ثم يسرد، بتفصيل وافٍ، رحلته الشائكة والشائقة مع النضال الوطني بدءاً بتأسيس "حركة القوميين العرب" وعلاقتها اللاحقة بالناصرية حتى استقلال التنظيم الفلسطيني في إطار "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وما تبع ذلك من أحداث شتى في مسار طويل مثل: خطف الطائرات، وأحداث أيلول الأسود في الأردن، والحرب الأهلية في لبنان، وخروج المقاومة الفلسطينية منه سنة 1982، والانتفاضة سنة 1987، واتفاق أوسلو سنة 1993، وتبعاته المستمرة حتى الآن.
إن هذا الكتاب هو عصارة تجربة جورج حبش الفكرية والسياسية وخلاصة ما يدور في رأسه الآن. لكن هذا الحوار المسهب، في نهاية المطاف، ليس تأريخاً لحركة القوميين العرب أو للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما أنه ليس مذكرات لها نسيجها الخاص وأسلوبها المأنوس، وإنما هو مراجعة ومكاشفة وخطاب: مراجعة لأهوال الماضي، ومكاشفة في أحوال الحاضر، وخطاب للأجيال الصاعدة وللمستقبل معاً.