يثير الجدل في إسرائيل بشأن ما يسمى "ما بعد الصهيونية" (Post-Zionism) كثيراً من الفضول، وأحياناً بعض الأوهام، لدى أوساط فلسطينية وعربية معنيّة بما يجري في إسرائيل على جميع الصعد. وهو جدل معقد ومتشعب، وأوسع كثيراً من الجدل الدائر بين المؤرخين التقليديين والمؤرخين "ما بعد الصهيونيين" (بِني موريس، آفي شلايم، إيلان بابِهْ وآخرون) بشأن حرب 1948 ومسؤولية الحركة الصهيونية/إسرائيل عن تدمير الكيان الفلسطيني العربي ونشوء مشكلة اللاجئين، وإدامة الصراع الفلسطيني/العربي - الإسرائيلي إلى الآن.
ويتناول هذا الجدل، بين ما يتناوله، مسائل مثل: الهوية الإسرائيلية والمكونات الدينية والصهيونية الداخلة في تكوينها؛ نمط الدولة والمجتمع الإسرائيلي المرغوب فيهما؛ الموقف من الديمقراطية الليبرالية والقيم الإنسانية العامة، والتعارض القائم بينها وبين القيم اليهودية القَبَلية والدينية؛ السياسة الإسرائيلية تجاه الأقلية الفلسطينية التي تحيا في إسرائيل، وتجاه الشعب الفلسطيني القاطن في المناطق المحتلة، وتجاه مستقبل هذه المناطق ومصيرها؛ نظرة الحركة الصهيونية عامة إلى الجماعات اليهودية التي تحيا خارج إسرائيل، والعلاقة بين إسرائيل وبينهم؛ وغير هذه من المسائل التي لا يتسع المجال للتطرق إليها.
ونظراً إلى أهمية هذا الجدل، وضرورة إلمام القارئ العربي به، قررت هيئة تحرير المجلة تخصيص ملفها في هذا العدد لهذا الموضوع، من خلال اختيار وترجمة مقتطفات من الصحافة الإسرائيلية، من شأنها إلقاء بعض الضوء على هذا الجدل الذي بات يسمى في إسرائيل "ظاهرة ما بعد الصهيونية".
ويتكون الملف من ثلاثة عناصر:
- مقتطفات في التعريف بالظاهرة وأبعادها ومغزاها.
- مقتطفات تمثل نموذجاً لبعض الموضوعات التي يتناولها الجدل، وكيفية تناولها.
- ندوة شارك فيها خصوم "ما بعد الصهيونية" وأنصارها، في مناقشة شاملة للظاهرة.