بيان للمجلس المركزي الفلسطيني يحدد ثوابت الموقف الفلسطيني من مسيرة السلام، تونس، 10/5/1992
Full text: 

إن المجلس المركزي يحيّي من الأعماق جماهير الانتفاضة، جماهير شعبنا الفلسطيني البطل في صموده المنقطع النظير في وجه الاحتلال الصهيوني الاستيطاني، ويؤكد لأبناء شعبنا أن منظمة التحرير الفلسطينية عاقدة العزم [في]* توفير كل الدعم والإسناد للانتفاضة الوطنية الكبرى وللشعب الذي يصنع أسطورة الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي [....]

إن المجلس المركزي، والذي اتخذ قراره قبل خمسة [شهور]** بالمشاركة في عملية السلام وبالتعامل الإيجابي مع الجهود الدولية، يقدر عالياً الدور النضالي الذي يضطلع به الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام. إن وفدنا الفلسطيني قد قلب حسابات العدو ومن يقف وراءه رأساً على عقب، ووقف مدافعاً عن وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، مؤكداً على الثوابت الوطنية وعلى قرارات المجلس الوطني في جميع الجولات التفاوضية، وفي اللقاءات الرسمية مع الجانب الأميركي والروسي وغيرهما.

[.......]

وانطلاقاً من قرارات المجلس الوطني ومن ثوابتنا الوطنية يؤكد المجلس المركزي على ما يلي:

أولاً: إن المبادرة الفلسطينية التي أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة في العام 1988 هي الأساس الذي ننطلق منه في تعاملنا مع مسيرة السلام. وإن الهدف المركزي لشعبنا هو تجسيد قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على أرض فلسطين وتمكين شعبنا من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير والعودة إلى أرض وطنه.

ثانياً: إن المجلس المركزي يؤكد تمسكه بمبدأ الأرض [في]* مقابل السلام، وبالفهم الدولي والعربي لقراري مجلس الأمن [الدولي]* 242 و338، اللذين يقومان على عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة والعدوان. والمجلس المركزي يرفض الفهم الإسرائيلي المشوّه للقرار الأممي المذكور، ويؤكد أن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من [على]* جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في عدوان العام 1967 والمتمثّلة بالضفة [الفلسطينية]* وقطاع غزة والقدس الشريف وهضبة الجولان وجنوب لبنان هو التجسيد الوحيد للقرار 242 ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة كافة [....]

ثالثاً: يؤكد المجلس المركزي على ضرورة تأمين الحماية الدولية وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 ومعاهدة لاهاي للعام 1907، ووقف ممارسات إسرائيل الإرهابية كافة ضد شعبنا ومعتقلينا في الأراضي المحتلة، ووقف مصادرة الأملاك والأوقاف الإسلامية والمسيحية ومحاولة تغيير معالمها ووقف انتهاك الأماكن المقدسة المستمر ووقف الحفريات والعبث بها [....]

رابعاً: إن وقف النشاط الاستيطاني لكونه غير شرعي ويتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ومواثيقها هو الخطوة الرئيسة لنجاح عملية المفاوضات، ولا يمكن الانتقال إلى معالجة أية قضية جوهرية قبل وقف الاستيطان [....] ويؤكد المجلس المركزي أن وقف الاستيطان يشكّل حجر الزاوية في مسيرة السلام كلها؛ فإمّا السلام وإمّا الاستيطان والاحتلال، ولا مجال لأية مناورات للقفز فوق هذه الحقيقة [....]

خامساً: إن المجلس المركزي يدعو الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين واليابان ودول المجموعة الأوروبية والدول الأُخرى المعنيّة إلى ممارسة دورها لإنجاح مسيرة السلام في الشرق الأوسط. وهذا يتطلب عدم إعطاء أية ضمانات قروض أو مساعدات اقتصادية للعدو الإسرائيلي لبناء المزيد من المستوطنات ولاستمرار الاحتلال، لأن هذه القروض والمساعدات إنما توظفها حكومة العدو لتدمير عملية السلام من أساسها [....]

سادساً: إن المجلس المركزي يرفض، مجدداً، رفضاً قاطعاً ونهائياً قرار العدو الإسرائيلي بضم القدس إلى الكيان الإسرائيلي. فالقدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة وينطبق عليها ما ينطبق على هذه الأراضي التي احتلها العدو الإسرائيلي في عدوانه العام 1967.

سابعاً: إن المجلس المركزي يعتبر أن المرحلة الانتقالية بحكم طبيعتها واستناداً إلى كتاب الضمانات ونص الدعوة والمشروع الذي قدمه الوفد الفلسطيني داخل المفاوضات هي مرحلة مؤقتة ومحدودة، يجري، من خلالها، نقل للسلطة من حكومة الاحتلال وإدارته المدنية إلى الشعب الفلسطيني تحت الإشراف الدولي والحماية الدولية، ولفتح الطريق أمام شعبنا لممارسة حقه في تقرير مصيره بالطريقة الديمقراطية بعيداً [من]* الاحتلال والقمع والاستيطان والعدوان وجرائم حقوق الإنسان، فالفترة الانتقالية ليست إلاّ محطة توقف قصيرة محدودة [في]* طريق الاستقلال الوطني [....]

ثامناً: إن المجلس المركزي، وبعد اطلاعه على سير المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، يدين المواقف والممارسات الإسرائيلية المتكررة التي لا زالت تنتهك باستمرار الشرعية الدولية وقراراتها. ويدعو المجلس المركزي راعيي المؤتمر إلى التدخل العاجل لإنقاذ المفاوضات من الفشل بسبب التعنت الإسرائيلي [....] وسيعود المجلس المركزي إلى مراجعة الموقف من العملية التفاوضية، برمتها، في حال مرور المدة المقررة لإنجاز ترتيبات الفترة الانتقالية، وهي عام واحد، [من]* دون تحقيق تقدم ملموس يضع حداً للاحتلال الإسرائيلي والعودة بها إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.

تاسعاً: توقّف المجلس المركزي عند مسألة الانتخابات البلدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي دعت لإجرائها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً [....]

إن المجلس المركزي إذ يؤكد على موقفه المبدئي الثابت بتأييد ودعم كل ممارسة ديمقراطية لشعبنا باعتبارها حقاً طبيعياً له، إلاّ إنه يرى أن توقيت هذه الدعوة الآن، بالذات، وبعد أن طرح وفدنا مشروع انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ونقل السلطة إليه، فإن المشروع الإسرائيلي إنما يقصد منه التمهيد لإقامة مجلس الحكم الذاتي ـ الإداري، وفق خطة [رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق] * شمير إلى جانب أهداف الاحتلال الأُخرى المكشوفة والمشبوهة والمعروفة. وعليه، فإن المجلس المركزي يؤكد بأن الانتخابات البلدية يجب أن تتم بعد انتخابات المجلس التشريعي ونقل السلطة ووفق القانون الفلسطيني وليس قانون الاحتلال.

عاشراً: يؤكد المجلس المركزي ثقته التامة بالوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام والذي جسّد التزامه بالثوابت الوطنية وبقرارات مجلسنا الوطني وبالمبادرة الفلسطينية وبإعلان الاستقلال كما يدعو إلى مساندة الوفد الفلسطيني، وإلى تأمين الإمكانيات التي تطور دوره وفاعليته.

حادي عشر: يؤكد المجلس المركزي ضرورة تثبيت حق منظمة التحرير الفلسطينية في تشكيل الوفود الفلسطينية من الداخل والخارج والقدس خلال عملية السلام ووفق قرارات المجلس الوطني.

ثاني عشر: إن المشاركة في مؤتمر السلام بشقيه، الثنائي والمتعدد، إنما تهدف إلى تأمين إحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية وتوفير أوسع دعم دولي لشعبنا في كفاحه ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا. وعلى هذا الأساس، فإن المشاركة الفلسطينية في المفاوضات المتعددة [الطرف]·*، حيث تشارك فيها أربعون دولة، إنما تقوم على وحدة الشعب الفلسطيني والسعي الدائب، من خلال هذه المفاوضات، لإسقاط الشروط الإسرائيلية التي تنال من دور شعبنا ومن حقوقنا الوطنية الراسخة.

والمجلس المركزي وهو يتعامل إيجابياً، مع العملية السياسية بشقيها، الثنائي والمتعدد، يعتبر الاستجابة الدولية لوحدة التمثيل الفلسطيني في الداخل والخارج في لجنة التنمية ولجنة اللاجئين إنما هي مقدمة ومؤشر للاعتراف الدولي الكامل بمشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في جميع اللجان المنبثقة عن المؤتمر المتعدد [الطرف]*.

[.......]

ثالث عشر: إن المجلس المركزي يؤكد على الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ويدعو اللجنة إلى العمل الحثيث لرصّ الصفوف وتوحيد القوى والفصائل وتكريس الجهد والوقت لتعزيز وحدتنا الوطنية سلاحنا الأقوى في مواجهة إسرائيل. إن الإجماع الوطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وعلى قاعدة قرارات مجلسنا الوطني هو الأساس الصلب لوحدتنا الوطنية [....]

إن المجلس المركزي يدعو جميع القوى الفلسطينية المكافحة ضد الاحتلال إلى أخذ موقعها تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وفي رحاب وحدتنا الوطنية على الأسس الجبهوية والديمقراطية [....]

[.......]

لقد وافق المجلس المركزي على المشاركة في مؤتمر السلام وعلى التعامل الإيجابي مع العملية التفاوضية بشقيها، الثنائي والمتعدد، انطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية واستناداً إلى وحدة الهدف والمصير العربي، فما يصيب فلسطين تمتد آثاره إلى الجسم العربي، وما يصيب الجسم العربي لا بد وأن يصيب فلسطين. ومن هنا، فالمفاوضات المتعددة [الطرف]* يجب أن ترتبط، ارتباطاً كاملاً، بالمفاوضات الثنائية ونتائجها وتقدّمها، لأن العدو الإسرائيلي يريد تطبيع علاقاته بالدول العربية [من]* دون أن يعترف بحقوق شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، و[من]* دون الانسحاب من [على]* جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في العام 1967 [....]

إن المجلس المركزي يؤكد على ضرورة الالتزام العربي في هذه المفاوضات بالأسس والأهداف التالية في إطار المؤتمر المتعدد [الطرف]* وقطعاً للطريق على محاولات العدو الإسرائيلي لتحقيق التطبيع على حساب هذه الأهداف.

أولاً: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من [على]* جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في العام 1967، بما فيها القدس الشريف.

ثانياً: تنفيذ قراري مجلس الأمن [الدولي] 242 و338 وفق المفهوم والتفسير الدوليين لهما.

ثالثاً: حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه السياسية والوطنية المشروعة.

رابعاً: نزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة وخاصة السلاح النووي الإسرائيلي.

يعبّر المجلس المركزي عن اعتزازه بالعلاقات الخاصة المميّزة التي تربط الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني. وفي هذا المجال، يؤكد المجلس المركزي تمسّكه التام بقرارات مجالسنا الوطنية المتعاقبة والتي تؤكد على هذه العلاقة الخاصة والمميّزة والتي تقوم مستقبلاً على أساس كونفدرالي بين دولتي فلسطين والأردن، وبالاختيار الطوعي والحر للشعبين الشقيقين، ويؤكد على استمرار التنسيق القائم بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير وتعميقه (...)*.

[.......]

 

المصدر: "شؤون فلسطينية" (نيقوسيا)، العدد 229 ـ 230، نيسان/أبريل ـ أيار/مايو 1992، ص 134 ـ 138. وقد عقد المجلس دورة اجتماعاته العادية خلال الفترة 7-10 /1992/5.

*  في الأصل.