وثائق عربية بيان صادر عن اللجنة القطرية لحركة أبناء البلد بصدد الهجرة اليهودية لبلادنا ، 9/2/1990
Full text: 

يا جماهير شعبنا الصامدة:

منذ عام 1882 وحتى يومنا هذا شكلت هجرة، أو قدوم اليهود إلى بلادنا فلسطين ممارسة عملية للمشروع الصهيوني الهادف إلى الاستيلاء على أرض وطننا، وتشريدنا منه. وقد نجحت الحركة الصهيونية بإنشاء كيانها إسرائيل عام 1948 بعد أن شردت الغالبية الساحقة من شعبنا الفلسطيني، هدمت قراه ومدنه، استولت على أرضه وزرعت فيها الكيبوتسات، المستوطنات والمناطر، القرى والمدن اليهودية – وكل ذلك على أنقاض شعبنا الفلسطيني.

وهكذا تميزت الهجرة اليهودية – الصهيونية باستيطانيتها وكولونياليتها، تبني وجودها المادي على أنقاض شعب آخر، بكامل حقوقه الوطنية، السياسية والإنسانية. لهذه الأسباب عارض شعبنا هذه الهجرة، قاومها، وما يزال يناضل من أجل إزالة آثارها العدوانية.

هكذا أيضا تتميز موجة المهاجرين السوفيات الجدد، رغم اختلاف الظروف وتعميق وتوسيع الاحتلال الصهيوني لأرض وشعب فلسطين، ومواجهته حاليا بالانتفاضة الشعبية المستمرة حتى كنس الاحتلال وما انبثق عنها من مبادرة سلام فلسطينية، منسجمة مع طبيعة المرحلة، لإنجاز سلام قائم على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.

على هذه الخلفية، تشكل الهجرة الحالية خطرا داهما على الانتفاضة وعلى تحقيق أهدافها المشروعة. كذلك تشكل خطرا مباشرا على جماهيرنا العربية داخل «الخط الأخضر»، حيث ستمعن السلطات الإسرائيلية بسياسة المصادرة وهدم البيوت العربية وممارسة مخطط الترانسفير الداخلي – بناء على مشروع ماركوفيتش المشؤوم... وكلما يزداد عدد المهاجرين اليهود يزداد خطر طردنا من أرضنا لصالح حل «الأزمة الديموغرافية الحاصلة واستيعاب المواطنين الجدد».

وإذا كان شمير يدعو «لاستيعاب الهجرة الكبرى بأرض إسرائيل الكبرى»، فإن الوزير يعقوب تسور المعراخي يدعو «لاستيعاب الهجرة الكبرى في الجليل والنقب»؟!

ان الآثار السلبية اللاحقة بجماهيرنا العربية على صعيد وطني وإنساني، جراء موجة الهجرة الجديدة لن تقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى الجوانب الاقتصادية، حيث ستتفاقم أزمة البطالة بين العمال العرب واليهود الشرقيين والمسحوقين عموما داخل إسرائيل، لأن توفير عمل للقادمين الجدد سيفاقم أزمة العمال العرب، واليهود القاطنين في أحياء الفقر اليهودية. من هنا بدأنا نسمع مواقف جريئة صادرة عن اليهود الشرقيين تعارض هجرة اليهود السوفيات وتدعو للتصدي لها نضاليا؟

من هنا لا يسعنا إلا استنكار المواقف المائعة أو أنصاف المواقف الصادرة عن أطراف فلسطينية ومحلية، لاعتبارات وهمية متذرعة بالخوف من الاتهام باللاسامية أو معارضة حقوق الإنسان؟!

ان هذه الأعذار قبيحة ولا تصمد أمام عنصرية قانون العودة...* «الكنيستي» لوحده الذي يمنح الحق لأي يهودي في العالم بالقدوم إلى بلادنا، حتى وصل الأمر إلى تحويل الأثيوبيين الفلاشا إلى يهود، وحرمان سكان البلاد الأصليين (الفلسطينيين) من العودة إلى ديارهم ووطنهم؟!

يا جماهير شعبنا المكافح:

لم يتسن لمثل هذا النوع من موجات المهاجرين اليهود، الحصول، دون عقد صفقات بين قادة الحركة الصهيونية والجهات المعنية، سرعان ما تتحول إلى مؤامرات على وجود ومستقبل الشعب الفلسطيني.

فإذا تمت هجرة الفلاشا كثمرة لصفقة بين إسرائيل ورئيس السودان المخلوع نميري، فإن الهجرة اليهودية الجديدة هي ثمرة مباشرة لصفقة بين إسرائيل، الاتحاد السوفياتي وأميركا.

من حق الاتحاد السوفياتي منح حق إنساني أولي لمواطنيه بترك بلادهم والهجرة منها للوجهة التي يريدون، لكن ليس من حقه أن يقمع حق هؤلاء المهاجرين بإجبارهم موضوعيا بالسفر مباشرة من موسكو إلى تل أبيب، وحرمانهم من الهجرة لأميركا التي قامت بدورها بإغلاق بلادها (ولأول مرة في تاريخها) أمام المهاجرين اليهود الذين يرغبون بغالبيتهم شبه المطلقة بالهجرة لأميركا ولباقي دول أوروبا. وقد دلت على ذلك بشكل قاطع أرقام المهاجرين الذين اختاروا أميركا وأوروبا بدلا من إسرائيل في بداية فتح أبواب الاتحاد السوفياتي أمام خروج مواطنيه منه؟!

ان الحكومة السوفياتية والحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة غورباتشوف يتجاهلون ويدوسون حقوق الإنسان الفلسطيني تحت غطاء منح حقوق للإنسان اليهودي السوفياتي بالهجرة. فهل البيريسترويكا تخضع لمفاهيم صهيونية بقضية حقوق الإنسان عوضا عن التمسك بمفاهيم الاشتراكية العلمية لحقوق الإنسان؟! وهل العهد الغورباتشوفي الجديد يقع في مطب الستالينية الذي حصل عام 1947، عندما قبل بتقسيم فلسطين وإنشاء إسرائيل لأنه «راهن أن تكون دولة تقدمية في المشرق المتخلف، ستحمل معها بشائر الثورة الاشتراكية»؟!

على ضوء ما تقدم، فإن حركة أبناء البلد تدعو جماهير شعبنا في الداخل والخارج وقواه المناضلة، لتبني موقف واضح ومبدئي من موجة الهجرة اليهودية السوفياتية الجديدة، ورفضها بشكل مطلق، والدعوة لمواجهتها فعلا لا قولا على أساس أنها تهدد حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل عام، وتحرف حقوق الإنسان اليهودي المهاجر، حيث تفرض عليه الوجهة التي «يجب أن يتجه نحوها»، إضافة إلى أنها تشكل خطرا على الانتفاضة وتحقيق أهدافها الداعية للحرية والاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعودة اللاجئين. كذلك إلى خطر تشريد العرب الذين يعيشون داخل الخط الأخضر من عام 1948، وضرب مصالح العمال العرب واليهود الفقراء في إسرائيل اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

اننا ندعو كافة الأطر السياسية للتحرك الموحد والسريع لمواجهة هذه الهجرة المدمرة لنا جميعا.

ندعوكم لرفع أصواتكم ونقلها رسميا إلى مسامع القيادة السوفياتية وإلى كافة قطاعات الشعب السوفياتي والحزب الشيوعي السوفياتي.

فحقوق الإنسان لا تتجزأ ولا يمكن أن تمارس حقوق إنسان ما على حساب حقوق إنسان آخر....

معا على الدرب

 اللجنة القطرية لحركة أبناء البلد

المصدر: نسخة عن البيان الذي وزعته اللجنة، ويحمل تاريخ 9/2/1990.

* اسم القانون بالعبرية. (المحرر)