Mahmoud Darwish: Three Poems
Keywords: 
محمود درويش
الشعر العربي
الشعراء
Full text: 

كان ينقصنا حاضر

لٍنَذْهَبْ كما نَحْنُ:

سيَّدةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً،

لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن

لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن

ومُنْفَصِليْن،

ولا شيءَ يُوجِعُنا

لا طلاقُ الحمام ولا البردُ بين اليَدَيْن

ولا الريحُ حول الكنيسة تُوجِعُنا ...

لم يكن كافياً ما تفتَّح من شَجَر اللوز

فابتسمي يُزْهِرِ اللوزُ أكثرَ

بين فراشات غمَّازَتَيْن

وعمَّا قليلٍ يكونُ لنا حاضرٌ آخرٌ

إن نَظَرْتِ وراءك لن تبصري

غيرَ منفى وراءك:

غُرْفَةُ نومِكِ،

صفصافةُ الساحةِ،

النهرُ خلف مباني الزجاج،

ومقهى مواعيدنا... كُلُّها، كُلّها

تَسْتَعِدُّ لتصبح منفىً، إِذاً

فلنكن طيّبين!

لِنَذْهَبْ كما نَحْنُ:

إنسانةً حُرّةً

وصديقاً وَفيّاً لناياتها،

لم يكن عُمْرُنا كافياً لنشيخ معاً

ونيسرَ الى السينما متعبين

ونَشْهَدَ خاتمةَ الحرب بين أَثينا وجاراتها

ونرى حفلة السلم ما بين روما وقرطاج

عمَّا قليل.

فعمَّا قليلٍ ستنتقل الطَيْرُ من زَمَنٍ نحو آخرَ،

هل كان هذا الطريقُ هباءً

على شَكْل معنى، وسار بنا

سَفَراً عابراً بين أُسطورتين

فلا بُدَّ منه، ولا بُدَّ منا

غريباً يرى نَفْسَهُ في مرايا غريبته؟

"لا، ليس هذا طريقي الى جَسَدي

"لا حُلولَ ثقافيَّةً لهُمُومٍ وُجُوديَّةٍ

"أَينما كنتَ كانت سمائي

حَقِيقيَّةً

"مَنْ أَنا لاُعيد لَكَ الشَمسَ والقَمرَ السابقين

فلنكن طيّبين...

لنذهَبْ، كما نحن:

عاشقةً حُرَّةً

وشاعِرَها.

لم يكن كافياً ما تساقط من

ثلج كانونَ أَوَّلَ، فابتسمي

يندف الثلج قطناً على صلوات المسيحيِّ،

عمَّا قليلٍ نعود الى غَدِنا، خَلْفَنا،

حَيْثُ كُنَّا هناك صغيرين في أوَّل الحب،

نلعب قصة روميو وجولييت

كي نتعلَّم مُعْجَمَ شيكسبير...

طار الفَرَاشُ مِنَ النَوْمِ

مثل سرابِ سلامٍ سريع

يُكَلِّلُنا نجمتين

ويقتلُنا في الصراع على الاسم

ما بين نافذتين

لنذهب، إذاً

ولنكن طيّبين

لِنَذْهَبْ، كما نَحْنُ:

إنسانةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً،

لنذهَبْ كما نحن. جئنا

مَعَ الريح من بابلٍ

ونسيرُ الى بابلٍ...

لم يَكُنْ سَفَرِي كافياً

ليصير الصُنَوْبَرُ في أَثَري

لفظةً لمديح المكان الجنوبيِّ

نحن هنا طَيِّبونَ. شِمَاليَّةٌ

ريحُنا، والأغاني جَنُوبِيَّةٌ

هل أَنا أَنتِ أُخرى

وأَنت أَنا آخر؟

"ليس هذا طريقي الى أرض حُريَّتي

ليس هذا طريقي الى جَسَدي

وأَنا، لن أكون "أنا" مَرَّتين

وقد حلَّ أَمسِ مَحَلَّ غدي

وانقَسَمْتُ الى امرأتين

فلا أَنا شرقيَّةٌ

ولا أنا غربِيَّةٌ،

ولا أَنا زيتونةٌ ظلَّلتْ آيَتَيْن

لِنَذْهَبْ، إذاً.

"لا حلولَ جماعيَّةً لهواجسَ شخصيَّةٍ

لم يكن كافياً أن نكون معاً

لنكون معاً...

كان ينقُصُنا حاضرٌ لنرى

أَين نحن. لنذْهَبْ كما نحن،

إنسانةً حُرَّةً

وصديقاً قديماً

لنذهبْ معاً في طريقين مختلفين

لنذهب معاً،

ولنكن طيِّبين...

طائران غريبان في ريشنا

سمائي رماديَّةٌ. حُكَّ ظهري. وفُكَّ

على مَهَلٍ، يا غريبُ، جدائلَ شعري. وقُلْ

لِيَ في م تُفَكِّرُ. قُلْ لِيَ ما مَرَّ

في بال يُوسُفَ. قل لِيَ بعضَ الكلام

البسيطِ... الكلام  الذي تشتهي امرأةٌ

أَن يُقَالَ لها دائماً. لا أُريدُ العبارةَ

كاملةً. أكتفي بالإشارة تنثُرُني في مَهَبِّ

الفراشاتِ بين الينابيع والشمس. قُل لِيَ

إِنِّي ضروريَّةٌ لَكَ كالنوم، لا لامتلاء

الطبيعة بالماء حولي وحولك. وابسُطْ

عليَّ جناحاً من الأزرق اللانهائيِّ...

 إنَّ سمائي رماديَّةٌ،

ورماديَّةٌ مثل لَوْحِ الكتابة، قبل

الكتابة. فاكتُبْ عليها بحبر دمي أيَّ

شيء يُغيِّرُها: لفظةً... لفظتين بلا

هَدَفٍ مُسْرِفٍ في المجاز. وقُلْ إِنَّنا

طائرانِ غريبانِ في أَرضِ مِصْرَ وفي

الشام. قل إننا طائران غريبان في

ريشنا. واكتُبِ اسميَ واسمَكَ تحت

العبارةِ. ما الساعة الآن؟ ما لَوْنُ

وجهي ووجهك فوق المرايا الجديدةِ؟

ما عُدْت أَملكُ شيئاً ليُشْبِهَني. هل

أحبَّتكَ سيِّدةُ الماء أكثرَ؟ هل راوَدَتْكَ

على صخرة البحر عن نفسِكَ، اعْتَرِفِ

الآن أَنَّكَ مَدَّدْتَ تِيهَكَ عشرين عاماً

لتبقى أَسيرَ يديها. وقُلْ لِيَ في مَ

تُفَكِّرُ حين تصيرُ السماءُ رماديَّة اللون...

إنَّ سمائي رماديَّةٌ

 صرتُ أشْبهُ ما ليس يشبهني.

هل تريدُ الرجوع الى ليل منفاك

في شَعْر حُوريَّةٍ؟ أَم تريد الرجوع

الى تين بيتك. لا عَسَلٌ جارحٌُ للغريب

هنا أو هناك. فما الساعَةُ الآن؟

ما اسمُ المكان الذي نحن فيه؟ وما

الفرق بين سمائي وأَرضك. قل لِيَ

ما قال آدَمُ في سَرِّه. هل تَحَرَّرَ

حين تَذَكّرَ. قل أيّ شيء يُغَيِّر لون

السماء الرماديَّ. قُلْ لِيَ بعضَ الكلام

البسيط، الكلام الذي تشتهي امرأةٌ

أن يُقال لها بين حينٍ وآخرَ. قُلْ

إنَّ في وسع شخصين، مثلي ومثلك،

أن يحملا كل هذا التشابه بين الضباب

وبين السراب، وأَن يَرْجِعَا سالمين. سمائي

رماديَّةٌ، فبماذا تفكِّرُ حين تكونُ السماءُ

رماديَّةً؟

سوناتا [I]

إذا كُنْتِ آخرَ ما قالَهُ اللهُ لي، فليكُنْ

نزولُك نُونَ الـ "أَنا" في المُثَنَّى. وطوبى لنا

وقد نُوَّر اللوزُ في أثَر العابرين، هنا

على ضفتيك، ورفَّ عليك القطا واليمامُ

بقرْنِ الغزال طَعَنْتِ السماء، فسال الكلامُ

ندى في عروق الطبيعة. ما اسمُ القصيدةْ

أمام ثُنَائيَّة الخَلْقِ والحق، بين السماء البعيدة

وأَر}ْزِ سريرك، حين يحنُّ دَمٌ لدمٍ، ويئنُّ الرخامُ؟

ستحتاجُ أسطورةٌ للتشمُّس حولك. هذا الزحامُ

إلهاتُ مَصْرَ وسُومَرَ تحت النخيل يُغيِّرن أثوابهنَّ

وأَسماءَ أَيامهن، ويُكْملن رحلاتهنَّ الى آخر القافية...

وتحتاج أنشودتي للتنفُّس: لا الشعرُ شعرٌ

ولا النثرُ نثرٌ. حلمت بأنَكِ آخرُ ما قالَهُ

لِيَ اللّهُ حين رأيتكما في المنام، فكان الكلامُ...

سوناتا [II]

لعلَّكِ حين تُديرين ظِلَّكِ للنهر لا تطلبين

مِنَ النهر غيرَ الغُمُوض. هُناكَ خريفٌ قليلْ

يَرُشُّ على ذَكَرِ الأَيَّلِ الماءَ من غيمةٍ شاردةْ

هُناكَ، على ما تَرَكْتِ لنا من فُتَاتِ الرحيلْ

غموضُك دَر}ْبُ الحليب. غبارُ كواكبَ لا اسم لها

وَلَيْلٌ غُمُوضُكِ في لُؤْلُؤ لا يُضيءُ سوى الماءِ،

أَمَّا الكلامُ فمن شأنه أن يضيء بمفردةٍ واحدةْ

"أُحبُّكِ"، لَيْلَ المهاجر بين معَلَّقَتَيْن وَصَفَّيْ نخيلْ

أَنا مَنْ رأى غَدَه إذْ رآكِ. أَنا مَنْ رأى

أَناجيلَ يكتبها الوثنيُّ الأخيرُ على سفحِ جلعادَ

قبل البلادِ القديمةِ أو بعدها. وأنا الغيمةُ العائدةْ

الى تِينَةٍ تحملُ اسمي، كما يحملُ السيفُ وَجْهَ القتيلْ

لعلَّكِ، حين تُديرين ظلَّك لي، تمنحين المجاز

وقائعَ معنىً ما سوف يحدث عمَّا قليلْ...

كان ينقصنا حاضر

لٍنَذْهَبْ كما نَحْنُ:

سيَّدةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً،

لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن

لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن

ومُنْفَصِليْن،

ولا شيءَ يُوجِعُنا

لا طلاقُ الحمام ولا البردُ بين اليَدَيْن

ولا الريحُ حول الكنيسة تُوجِعُنا ...

لم يكن كافياً ما تفتَّح من شَجَر اللوز

فابتسمي يُزْهِرِ اللوزُ أكثرَ

بين فراشات غمَّازَتَيْن

وعمَّا قليلٍ يكونُ لنا حاضرٌ آخرٌ

إن نَظَرْتِ وراءك لن تبصري

غيرَ منفى وراءك:

غُرْفَةُ نومِكِ،

صفصافةُ الساحةِ،

النهرُ خلف مباني الزجاج،

ومقهى مواعيدنا... كُلُّها، كُلّها

تَسْتَعِدُّ لتصبح منفىً، إِذاً

فلنكن طيّبين!

لِنَذْهَبْ كما نَحْنُ:

إنسانةً حُرّةً

وصديقاً وَفيّاً لناياتها،

لم يكن عُمْرُنا كافياً لنشيخ معاً

ونيسرَ الى السينما متعبين

ونَشْهَدَ خاتمةَ الحرب بين أَثينا وجاراتها

ونرى حفلة السلم ما بين روما وقرطاج

عمَّا قليل.

فعمَّا قليلٍ ستنتقل الطَيْرُ من زَمَنٍ نحو آخرَ،

هل كان هذا الطريقُ هباءً

على شَكْل معنى، وسار بنا

سَفَراً عابراً بين أُسطورتين

فلا بُدَّ منه، ولا بُدَّ منا

غريباً يرى نَفْسَهُ في مرايا غريبته؟

"لا، ليس هذا طريقي الى جَسَدي

"لا حُلولَ ثقافيَّةً لهُمُومٍ وُجُوديَّةٍ

"أَينما كنتَ كانت سمائي

    حَقِيقيَّةً

"مَنْ أَنا لاُعيد لَكَ الشَمسَ والقَمرَ السابقين

فلنكن طيّبين...

لنذهَبْ، كما نحن:

عاشقةً حُرَّةً

وشاعِرَها.

لم يكن كافياً ما تساقط من

ثلج كانونَ أَوَّلَ، فابتسمي

يندف الثلج قطناً على صلوات المسيحيِّ،

عمَّا قليلٍ نعود الى غَدِنا، خَلْفَنا،

حَيْثُ كُنَّا هناك صغيرين في أوَّل الحب،

نلعب قصة روميو وجولييت

كي نتعلَّم مُعْجَمَ شيكسبير...

طار الفَرَاشُ مِنَ النَوْمِ

مثل سرابِ سلامٍ سريع

يُكَلِّلُنا نجمتين

ويقتلُنا في الصراع على الاسم

ما بين نافذتين

لنذهب، إذاً

ولنكن طيّبين

لِنَذْهَبْ، كما نَحْنُ:

إنسانةً حُرَّةً

وصديقاً وفيّاً،

لنذهَبْ كما نحن. جئنا

مَعَ الريح من بابلٍ

ونسيرُ الى بابلٍ...

لم يَكُنْ سَفَرِي كافياً

ليصير الصُنَوْبَرُ في أَثَري

لفظةً لمديح المكان الجنوبيِّ

نحن هنا طَيِّبونَ. شِمَاليَّةٌ

ريحُنا، والأغاني جَنُوبِيَّةٌ

هل أَنا أَنتِ أُخرى

وأَنت أَنا آخر؟

"ليس هذا طريقي الى أرض حُريَّتي

ليس هذا طريقي الى جَسَدي

وأَنا، لن أكون "أنا" مَرَّتين

وقد حلَّ أَمسِ مَحَلَّ غدي

وانقَسَمْتُ الى امرأتين

فلا أَنا شرقيَّةٌ

ولا أنا غربِيَّةٌ،

ولا أَنا زيتونةٌ ظلَّلتْ آيَتَيْن

لِنَذْهَبْ، إذاً.

"لا حلولَ جماعيَّةً لهواجسَ شخصيَّةٍ

لم يكن كافياً أن نكون معاً

لنكون معاً...

كان ينقُصُنا حاضرٌ لنرى

أَين نحن. لنذْهَبْ كما نحن،

إنسانةً حُرَّةً

وصديقاً قديماً

لنذهبْ معاً في طريقين مختلفين

لنذهب معاً،

ولنكن طيِّبين...

طائران غريبان في ريشنا

سمائي رماديَّةٌ. حُكَّ ظهري. وفُكَّ

على مَهَلٍ، يا غريبُ، جدائلَ شعري. وقُلْ

لِيَ في م تُفَكِّرُ. قُلْ لِيَ ما مَرَّ

في بال يُوسُفَ. قل لِيَ بعضَ الكلام

البسيطِ... الكلام ِ الذي تشتهي امرأةٌ

أَن يُقَالَ لها دائماً. لا أُريدُ العبارةَ

كاملةً. أكتفي بالإشارة تنثُرُني في مَهَبِّ

الفراشاتِ بين الينابيع والشمس. قُل لِيَ

إِنِّي ضروريَّةٌ لَكَ كالنوم، لا لامتلاء

الطبيعة بالماء حولي وحولك. وابسُطْ

عليَّ جناحاً من الأزرق اللانهائيِّ...

    إنَّ سمائي رماديَّةٌ،

    ورماديَّةٌ مثل لَوْحِ الكتابة، قبل

الكتابة. فاكتُبْ عليها بحبر دمي أيَّ

شيء يُغيِّرُها: لفظةً... لفظتين بلا

هَدَفٍ مُسْرِفٍ في المجاز. وقُلْ إِنَّنا

طائرانِ غريبانِ في أَرضِ مِصْرَ وفي

الشام. قل إننا طائران غريبان في

ريشنا. واكتُبِ اسميَ واسمَكَ تحت

العبارةِ. ما الساعة الآن؟ ما لَوْنُ

وجهي ووجهك فوق المرايا الجديدةِ؟

ما عُدْت أَملكُ شيئاً ليُشْبِهَني. هل

أحبَّتكَ سيِّدةُ الماء أكثرَ؟ هل راوَدَتْكَ

على صخرة البحر عن نفسِكَ، اعْتَرِفِ

الآن أَنَّكَ مَدَّدْتَ تِيهَكَ عشرين عاماً

لتبقى أَسيرَ يديها. وقُلْ لِيَ في مَ

تُفَكِّرُ حين تصيرُ السماءُ رماديَّة اللون...

    إنَّ سمائي رماديَّةٌ

    صرتُ أشْبهُ ما ليس يشبهني.

هل تريدُ الرجوع الى ليل منفاك

في شَعْر حُوريَّةٍ؟ أَم تريد الرجوع

الى تين بيتك. لا عَسَلٌ جارحٌُ للغريب

هنا أو هناك. فما الساعَةُ الآن؟

ما اسمُ المكان الذي نحن فيه؟ وما

الفرق بين سمائي وأَرضك. قل لِيَ

ما قال آدَمُ في سَرِّه. هل تَحَرَّرَ

حين تَذَكّرَ. قل أيّ شيء يُغَيِّر لون

السماء الرماديَّ. قُلْ لِيَ بعضَ الكلام

البسيط، الكلام الذي تشتهي امرأةٌ

أن يُقال لها بين حينٍ وآخرَ. قُلْ

إنَّ في وسع شخصين، مثلي ومثلك،

أن يحملا كل هذا التشابه بين الضباب

وبين السراب، وأَن يَرْجِعَا سالمين. سمائي

رماديَّةٌ، فبماذا تفكِّرُ حين تكونُ السماءُ

رماديَّةً؟

سوناتا [I]

إذا كُنْتِ آخرَ ما قالَهُ اللهُ لي، فليكُنْ

نزولُك نُونَ الـ "أَنا" في المُثَنَّى. وطوبى لنا

وقد نُوَّر اللوزُ في أثَر العابرين، هنا

على ضفتيك، ورفَّ عليك القطا واليمامُ

بقرْنِ الغزال طَعَنْتِ السماء، فسال الكلامُ

ندى في عروق الطبيعة. ما اسمُ القصيدةْ

أمام ثُنَائيَّة الخَلْقِ والحق، بين السماء البعيدة

وأَر}ْزِ سريرك، حين يحنُّ دَمٌ لدمٍ، ويئنُّ الرخامُ؟

ستحتاجُ أسطورةٌ للتشمُّس حولك. هذا الزحامُ

إلهاتُ مَصْرَ وسُومَرَ تحت النخيل يُغيِّرن أثوابهنَّ

وأَسماءَ أَيامهن، ويُكْملن رحلاتهنَّ الى آخر القافية...

وتحتاج أنشودتي للتنفُّس: لا الشعرُ شعرٌ

ولا النثرُ نثرٌ. حلمت بأنَكِ آخرُ ما قالَهُ

لِيَ اللّهُ حين رأيتكما في المنام، فكان الكلامُ...

سوناتا [II]

لعلَّكِ حين تُديرين ظِلَّكِ للنهر لا تطلبين

مِنَ النهر غيرَ الغُمُوض. هُناكَ خريفٌ قليلْ

يَرُشُّ على ذَكَرِ الأَيَّلِ الماءَ من غيمةٍ شاردةْ

هُناكَ، على ما تَرَكْتِ لنا من فُتَاتِ الرحيلْ

غموضُك دَر}ْبُ الحليب. غبارُ كواكبَ لا اسم لها

وَلَيْلٌ غُمُوضُكِ في لُؤْلُؤ لا يُضيءُ سوى الماءِ،

أَمَّا الكلامُ فمن شأنه أن يضيء بمفردةٍ واحدةْ

"أُحبُّكِ"، لَيْلَ المهاجر بين معَلَّقَتَيْن وَصَفَّيْ نخيلْ

أَنا مَنْ رأى غَدَه إذْ رآكِ. أَنا مَنْ رأى

أَناجيلَ يكتبها الوثنيُّ الأخيرُ على سفحِ جلعادَ

قبل البلادِ القديمةِ أو بعدها. وأنا الغيمةُ العائدةْ

الى تِينَةٍ تحملُ اسمي، كما يحملُ السيفُ وَجْهَ القتيلْ

لعلَّكِ، حين تُديرين ظلَّك لي، تمنحين المجاز

وقائعَ معنىً ما سوف يحدث عمَّا قليلْ...