“We Are Moving From a Violent Conflict To a Political Rivalry in the Land of Israel”: An Interview With Professor Itamar Rabinovich
Keywords: 
إسرائيل
المفاوضات الإسرائيلية – السورية
اتفاق أوسلو 1993
اليهود الأميركيون
مقابلات
Full text: 

س – كيف تبدو في نظرك لحظة التوقيع التاريخية على الاتفاق؟

ج – لحظة معقدة جداً. فكل لحظة هي مرآة لفترة زمنية أطول. وهذه اللحظة هي مرآة للواقع الإسرائيلي المملوء بدوره تناقضات وتوترات. فليس فيه أمور ذات بعد واحد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى هذه اللحظة. كما أن المشاعر ليست ذات بعد واحد، ويوجد فيها مستويات متعددة وتناقضات. ومن الواضح أن هذه اللحظة بالغة الدلالة لأنها لا تشكل فقط خلاصة لشهور عملية السلام [....] بل لأكثر من مئة عام مما كان يسمى الصراع اليهودي – العربي في أرض – إسرائيل، الذي كان أيضاً صراعاً على أرض – إسرائيل.

من ناحية أخرى، فالصراع لم ينته بعد، يخطىء من يظن أن هذه هي لحظة النهاية أو لحظة الانتصار والإنجاز. إنها – أي اللحظة – تمثل محطة مهمة جداً على الطريق – لكن تبقى مجرد محطة فقط [....]

وبوصفي مستشرقاً يعمل منذ أعوام غير قليلة في درس النزاع العربي – الإسرائيلي، محاولاً فهمه، فإني أرى ما أُنجز اتفاقاً مرحلياً بين دولة إسرائيل والحركة الوطنية الفلسطينية، التي تمثلها اليوم، وقد اعترفنا بذلك، منظمة التحرير الفلسطينية. هذا اتفاق اعترفت إسرائيل فيه بمنظمة التحرير الفلسطينية، بمكانتها وبدورها. وهذه أيضاً أول مرة توقع إسرائيل فيها اتفاقاً بشأن الحكم الذاتي للفلسطينيين [....] وعملياً، وقد أوجدت إسرائيل بذلك إطاراً لمواصلة ما أسميه تنافساً على أرض – إسرائيل، فإن الاتفاق يمثل انتقالاً من صراع عنيف إلى صراع سياسي، إلى تنافس. فعلى سبيل المثال، قلنا إنه ليس لدينا مشاعر وأحاسيس قوية تجاه غزة. لم نتنازل عنها، لكن في اللحظة التي ميزنا فيها بين غزة والضفة الغربية، أعلنّا أيضاً أن مشاعرنا إزاء غزة أقل شدة.

كما أننا نعترف وندرك أن الصراع على الضفة الغربية سيتواصل. ففي العام الثالث سنبدأ محادثات بشأن الوضع الدائم. ونحن نعرف أن الفلسطينيين سيسعون من خلالها لإقامة دولة خاصة بهم. وندرك أيضاً أننا نعارض ذلك، ونؤمن بقدرتنا على منع إقامة دولة فلسطينية. وفي نهاية المطاف، فالمفاوضات يجب أن تنتهي إلى اتفاق، ولا يستطيع أحد ليّ ذراعنا وإرغامنا على توقيع اتفاق لا نريده. ونظراً إلى أننا لا نريد قيام دولة فلسطينية، ففي إمكاننا منع ذلك. وخلافاً لادعاءات موجهي الانتقادات، فالاتفاق ليس وصفة لإقامة دولة فلسطينية بل إنه ينشىء إطاراً لمؤسسة تنافس ذي طابع سياسي ويدور ضمن الأطر التي حددناها: انتخابات، ومجلس [منتخب]، ومفاوضات، وتوزيع صلاحيات.

س – الاتفاق يفتح منفذاً لعودة مئات الآلاف من الفلسطينيين؟

ج – الشتات الفلسطيني مسألة بالغة الأهمية. فالمجتمع الفلسطيني تحطم بعد سنة 1948، ثم عاد فتبلور في عدد من الكيانات المحددة أكثر. وهناك عرب إسرائيل، وهناك سكان المناطق – الضفة الغربية وغزة – وهنالك الفلسطينيون في الأردن، والشتات الفلسطيني في العالم العربي، وخارجه، وبين كل هؤلاء أيضاً من يصنّفون كـ"لاجئين" في حين أن الجزء الأكبر منهم ليس كذلك. وحتى الآونة الأخيرة، كانت عملية السلام مبنية على مفاوضات مع سكان المناطق بشأن شكل الحكم في تلك المناطق. وما حدث في الأسابيع الأخيرة هو أننا قررنا بدء الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية بشأن المناطق – الأمر الذي كان يشكل من ناحية منظمة التحرير الفلسطينية إغراء كبيراً لها، وكان في صلب دوافعها لتقديم جزء من التنازلات التي تقدمها من خلال الاتفاق.

إن أحد أكبر تلك التنازلات هو أن الاتفاق محصور في المناطق. وفيه بند يتحدث بلهجة ضعيفة عن عودة جزء من اللاجئين الذين غادروا المناطق عقب حرب 1967. لكن نظراً إلى أن الاتفاق يتحدث عن لاجئي 1967 لا لاجئي 1948، فمعنى ذلك أن منظمة التحرير تخلت عن مطلبها بحق العودة، الذي كان في صلب معتقداتها وأشكال أنشطتها، وشكل هذا المطلب، من ناحيتنا علامة استفهام كبيرة بالنسبة إلى حقيقة التحول الذي أقدمت منظمة التحرير الفلسطينية عليه في نهاية سنة 1988. وهذا التخلي عن حق العودة يشكل إنجازاً لنا بالغ الدلالة في هذه المفاوضات، التي قبلنا بمنظمة التحرير الفلسطينية فيها طرفاً محاوراً، لكن هذه المنظمة أصبحت منظمة تتعاطى موضوع المناطق، وتتحدث باسم سكانها إلى حد بعيد.

س – إن أحد الأسئلة التي يطرحها الشتات الفلسطيني والانتقادات التي توجه إلى الاتفاق، هو ما الذي سيتقرر بالنسبة إلى هذا الشتات، الذي يفوق عدد سكانه عدد سكان المناطق؟ أما الانتقادات من الجانب الآخر للمتراس، فترى في صيغة الاتفاق الحالي منفذاً لمطالبة فلسطينية بتحقيق حق العودة على نطاق واسع. هل تكمن في صيغة الاتفاق الحالي فعلاً فتحة لهذا المطلب، أو تطرحه للجدل، أم إنها تشكل نهاية له؟

ج – إذا أرادت منظمة التحرير الفلسطينية إثارة هذا الجدل في سياق المحادثات بشأن المكانة الدائمة للمناطق، فإنها تدرك أنها بذلك تصدر حكماً بالفشل على المحادثات. إن أحد الجوانب الجذابة من ناحية سياسية في هذا الاتفاق، هو أنه نظراً إلى أن فيه مفاوضات بشأن الوضع الدائم، ولدى منظمة التحرير الفلسطينية دافع قوي كي نتقدم نحوها في هذه المفاوضات، فإنه يتوجب عليها أن تضع في عين الاعتبار ما هو مقبول من ناحيتنا وما ليس مقبولاً – أكان ذلك في سياق المفاوضات أم في سلوكها العام.

إن الكثيرين من الناس يطرحون أسئلة بالنسبة إلى الترتيبات الأمنية: ما الذي سيحدث إذا أقدمت خلية أو مجموعة من غزة على تنفيذ عملية داخل إسرائيل، ثم فرت وعادت إلى غزة، فلم ينفذ الفلسطينيون الاتفاق ولم يعاقبوا تلك المجموعة؟ وبعيداً عن كل الترتيبات الأمنية القائمة، هناك الغطاء السياسي. فبالنسبة إلى هذا الأمر، تدرك المنظمة أنها إذا لم تتقيد بهذا الجانب من الاتفاق، فإنها ستُضعف كثيراً مكانتها وقدرتها على المحاججة في أثناء المفاوضات المتعلقة بالترتيبات الدائمة. إن إطار الاتفاق بجوانبه كافة سيخضع باستمرار للمتابعة والمراقبة. والقدرة على إلغاء أو فرض عقوبات متوفرة لنا دائماً.

س – ما هو إحساسك كسفير؟

ج – ممتاز. فهذه إدارة أميركية نعمل معها بصورة جيدة في إطار شبكة علاقات حميمة جداً. وعملية السلام هي دائماً في بؤرة هذه العلاقات. كذلك فإن حقيقة عملنا سوياً في إطار عملية السلام تساهم في تحسين علاقاتنا الثنائية. وحقيقة أن الجهد المشترك أثمر ثمرة أولى تشكل تطوراً ممتازاً. ومن الممكن الإحساس بالحماسة التي انضم الرئيس بها إلى الاتفاق، وبشكل تبنّيه حفل التوقيع. ومرة أُخرى، فالمسألة لم تعد بيننا وبين الموظفين في الإدارة، بل إن جزءاً من التيار المركزي في الحياة الوطنية في أميركا يتبنى عملية السلام.

[.......]

س – ما الذي سيكون عليه دور الأميركيين في مراحل العملية اللاحقة التي توصلنا إليها بقوانا الذاتية؟

ج – صحيح أننا توصلنا إلى الاتفاق بقواتنا الذاتية، وصحيح أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن نشيطة في مسار أوسلو، لكنها كانت تعلم به، كذلك أدركت أن هناك ميزة إيجابية لتجربة هذه المسار. ولم يكن في وسع الولايات المتحدة أن يكون لها قسط فيه بسبب القيود القانونية التي وضعها هي بالنسبة إلى الاتصالات بمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى الأيام الأخيرة.

من الصعب علينا أحياناً التفكير بمصطلحات دولة كبرى، إذ إننا دولة صغرى. فدولة كبرى ذات رؤية عالمية، ترى نفسها راعية لعملية السلام، تستطيع أن تسمح لنفسها باتخاذ قرار بعدم إبداء نشاط في أحد مقاطع الطريق. إنها ترى الصورة العامة، وتعتمد على أولئك الذين يديرون المفاوضات، ويمكنها أن تنضم ثانية إلى جهود السلام في اللحظة الملائمة من خلال حفاظها طوال الوقت على الإطار الذي يمكن للأمور أن تُجرى داخله. لقد أُدير مسار أوسلو وأثمر النتائج التي أثمرها. لكن تم أيضاً الحفاظ على إطار عملية السلام الشامل، الذي ما كان للمسار الموازي من دونه أن يتقدم – هذا الإطار حافظت الولايات المتحدة عليه طوال الوقت.

س – هل لدى المنظمة من القوة وهيبة القيادة، والصلاحية ما يكفي لمواصلة العملية، أم أن هناك حاجة إلى مساعدة أو عون من جانب الأميركيين أو الأسرة الدولية؟

ج – في اللحظة التي يدخل الطرفان عملية السلام، تنتهي بينهما قواعد اللعبة القائمة على انتصار أحدهما على الآخر، وتنشأ مصالح مشتركة ومتبادلة بالنسبة إلينا جميعاً، من الصعب التفكير في مصطلحات المصالح المشتركة مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكن، إذا فكرنا بشكل سياسي واقعي فالأمر قائم.

ومن ناحية أُخرى، لن يكون المسار الإسرائيلي – الفلسطيني ما يستدعي أن تقدم إسرائيل للشريك الفلسطيني عكازين يتوكأ عليهما. فالمنظمة يتعين عليها أن تثبت أنها قادرة على حمل العبء. وإحدى الوسائل لفعل ذلك هي توسيع صفوفها. لقد قلنا دائماً إنه إذا انضمت منظمة التحرير الفلسطينية إلى عملية السلام، بشروطنا، وتخلت عن الإرهاب واعترفت بإسرائيل – فإنها لن تكون المنظمة التي عرفناها في الماضي، لكن المسألة لا تتوقف على هذا التحديد الفني لها. فهذه الجماعة من الأشخاص الذين يفصلهم عن المناطق الكثير من الأعوام والكثير من الكيلومترات، لا يمكنها أن تدير المناطق وكأن شيئاً لم يكن، وكأن ليس هناك زعامات محلية. لذا ستجد نفسها مضطرة إلى توسيع صفوفها، ولإيجاد شركاء، ولبناء شبكات علاقة، تساعد فعلاً في تحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى شيء آخر مغاير.

ومن ناحيتي، فالاسم لم يعد ملائماً. ففي اللحظة التي وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية ما وقّعته، وأعلنت ما أعلنته، فإنها لم تعد تمت إلى منظمة التحرير الفلسطينية بصلة. فهي ربما المنظمة الوطنية الفلسطينية لكنها، عملياً غيرت جوهرها. وإذا قامت المنظمة بعمل الأمور الصحيحة، ففي استطاعتها أن تكون شريكاً فعالاً في العملية. وإذا اتضح أنها ليست كذلك، وأقول ذلك بأسف، ففي حوزتنا الكثير من شبكات الأمان الجلية في صلب العملية، وفي إمكاننا استخدامها. ونستطيع آنذاك أن نعلن، وأن نقول بأسف، أن ليس هناك شريك على ما يبدو. نقول ذلك لا ككلام نظري، بل بعد أن بذلنا وحاولنا كل ما هو مستطاع.

لا أعتقد أن هذا هو ما سيحدث. كما لا أعتقد أنه من الجائز من ناحية فلسفية – سياسية دخول مسار مع الافتراض أنه لن يتحقق. يجب افتراض النجاح، وفي الوقت نفسه تأمين جميع صمامات وشبكات الأمان التي يمكن تأمينها.

س – ما هي قدرة منظمات الرفض على التخريب وهدم المسار؟

ج – لديهم قدرة على التخريب لا بأس فيها. لكن مواجهة هذه القدرة ستكون من اختصاص شركائنا الفلسطينيين. إن مجرد التفكير في أن من سيضطر إلى خوض المواجهة مع حركة حماس هم فلسطينيون آخرون لا جنود الجيش الإسرائيلي، هو أمر مشجع في حد ذاته. ونحن من جانبنا لن نفكك أية هيئة من هيئات الأمن أو أية وسيلة أمنية في حوزتنا. فما هو متعلق بنا سنقوم به. ويجب أن نكون واثقين من أن الفلسطينيين سيقومون بما هو مطلوب منهم.

س – هل هناك حشد للإمكانات استعداداً للتحدي الاقتصادي الهائل؟

ج – طبعاً، وبصورة إيجابية غير متوقعة. فقد أصبح معلوماً بأن الدول الاسكندنافية تعهدت بمبلغ يقارب 160 مليون دولار. كما أن دول السوق المشتركة على أتم الاستعداد لتقديم العون، وكذلك اليابان. لقد التقيت مؤخراً دبلوماسياً يابانياً رفيع المستوى، يُعنى بشؤون الشرق الأوسط، وهذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها مسؤولاً يابانياً بارزاً يتبرع بمقترح مساهمة مالية. والبنك الدولي، الذي لدينا صلات جيدة بإدارته، يسعى للقيام بدور نشيط جداً. وسمعنا كذلك من اتجاهات عدة أن الدول العربية المنتجة للنفط في الخليج ستكون سخية في مساعداتها. وتوجد هنا فرصة هائلة، ومن المفهوم أن من الأمور الأولية التي يجب القيام بها بعد توقيع الاتفاق، هو الانصراف إلى هدف تحويل هذه الفرصة إلى عمل حقيقي.

س – من خلال لقاءاتك الكثيرة مع الجمهور، ما هي المخاوف الأساسية التي تعكسها أسئلة الجمهور؟

ج – القلق نابع من أمور ثلاثة. بادىء ذي بدء موضوع الأمن، ويليه مستقبل المستوطنات، ثم الخشية من حرب أهلية في إسرائيل.

س – وما هو ردك على هذه المخاوف؟

ج - بالنسبة إلى المستوطنات، فالرد حاسم فيما يتعلق بالأعوام الخمسة المقبلة، ومواقف الجانب الإسرائيلي في المفاوضات بشأن التسوية الدائمة.

وبالنسبة إلى الأمن أشرح طبيعة الأجهزة والأنظمة الأمنية التي يتضمنها الاتفاق، وكذلك بقاء المسؤولية عن الأمن العام في أيدينا، وحقيقة أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أيضاً.

أما في ما يتعلق بالحرب الأهلية فإنني أوضح أنه ليس هناك تناظر بيننا وبين الفلسطينيين. إن وسائط الإعلام الأميركية تحب اختراع مثل هذا التناظر، حتى لو لم يكن له أساس. إنها تتحدث عن "المتطرفين بين الفلسطينيين والمتطرفين بين اليهود." لكنني أوضح دائماً أن ما يسمى "المتطرفين بيننا"، المعارضة والمعارضين، هو قبل كل شيء، معارضة برلمانية، تعمل ضمن أطر سياسية مشروعة. والحكومة تتقبل انتقادات المعارضة بالروح التي يجب أن تتقبلها بها، وهناك أيضاً تهديدات باللجوء إلى العنف، لكنها تصدر عن جهات هامشية. كذلك أذكّر في هذا الصدد بردات الفعل على اتفاق كامب ديفيد والسلام في نهاية السبعينات، حيث صدرت تهديدات وحدثت مظاهر عنف. لكن في نهاية المطاف، بقيت هذه الأمور كلها هامشية. ومن منظور تاريخي عمره أربعة وعشرون عاماً، احتلت المكان الملائم لها.

س – ألا تتخوف من نشوب حرب أهلية؟

ج – أنا لا أتخوف من ذلك، لكنني بالتأكيد آخذ في الحسبان إمكان حدوث صراع سياسي عنيف. علينا أن نتذكر أن عملية السلام التي تمت في نهاية السبعينات، ثم تطبيق بنودها من جانب حكومة الليكود، في ظل معارضة أيدت بأغلبيتها الكبيرة العملية، خلافاً لموقف بعض أعضاء كتل الائتلاف. لكن في الوضع الحالي، حيث تيار الوسط في الخريطة السياسية والقوى التي تقف إلى يساره، هو الذي يقود عملية السلام، وحيث توجد معارضة للحكومة من جانب قوى اليمين، فمن المفهوم أن الحكومة الحالية لن تحظى بهذه الميزة البرلمانية - السياسية التي كانت من نصيب حكومة الليكود في أواخر السبعينات.

[.......]

س – لقد أكد الرئيس كلنتون، وكذلك وزير خارجيته، في الأيام التي تلت إنجاز الاتفاق ضرورة حدوث تقدم، حتى "نهاية هذا العام" في القناة السورية. ما الذي يمكن أن يحدث في هذه القناة؟

ج – من الواضح أن ما سيحدث في محادثات واشنطن، أو على مستوى المعالجة الأميركية – في خلال رحلات كريستوفر إلى المنطقة.

س – ألن يكون هناك مسار على غرار مسار أوسلو؟

ج – بحكم كوني من يُفترض أن مسار أوسلو التف حوله، من المؤكد أنني لن أعلن أنه سيكون هناك مسار كهذا.

لكن في أية حال، فنحن نأمل بأن يحدث تحرك على صعيد المحادثات مع سوريا مع نهاية هذا العام. لكن العقبة الأساسية لا زالت المطلب السوري الحازم بانسحاب كامل من الجولان، قبل أن يقوم السوريون من جانبهم بطرح تفصيلات جوهر "السلام الكامل" الذي يقترحونه، أو قبل تناول الجوانب التي نعتبرها نحن حيوية، مثل العمل الدبلوماسي العلني، واتخاذ خطوات لبناء الثقة، وما إلى غير ذلك. وكي تزال هذه العقبة يجب أن تحدث أمور معينة.

س – إلى أي حد، وكيف يمكن للسوريين أن يتسببوا في تخريب الاتفاق مع الفلسطينيين؟ وبالعكس – هل أدى الاتفاق إلى تخريب مسارات معينة على الصعيد السوري؟

ج – إن الاتفاق مع الفلسطينيين لم يخرب أي شيء. فزيارة كريستوفر إلى المنطقة أوجدت روحاً جديدة، بالمعنى المتواضع لهذه الكلمة، في المسار الإسرائيلي – السوري. لقد انجرفنا قليلاً إلى الوراء في الجولتين التاسعة والعاشرة، لكن الوزير كريستوفر أعاد المفاوضات إلى مسار تقدم متواضع حقاً، لكنه يبقى تقدماً – أكان ذلك على صعيد الصيغ أم على صعيد الأجواء - في الجولة التي انتهت الآن.

لا أريد دخول بحث تفصيلي بشأن هل يمكن للسوريين أن يخربوا على الفلسطينيين وكيف. فهذا ليس موضوعاً أرغب في تقديم نصائح بشأنه، أو التشجيع عليه. في كل اتفاق معقد وهش من السهل جداً الجلوس جانباً، وتعطيل البهجة. التخريب دائماً أسهل. وسوريا ليست دولة قليلة الشأن، وإذا أرادت الإضرار بالاتفاق ففي إمكانها فعل ذلك. لذلك سعدت كثيراً عندما زفت البشرى بأن السفير السوري في واشنطن سيشارك في حفل توقيع الاتفاق مع الفلسطينيين، الأمر الذي يشكل تعبيراً علنياً عن أن السوريين ينظرون إليه نظرة استحسان.

س – كان للأميركيين دور مركزي في قرار الرئيس الأسد بإرسال السفير السوري إلى حفل التوقيع. كم سيكون دورهم مركزياً في مواصلة المفاوضات مع سوريا؟

ج – سيكون للأميركيين دور مركزي.

س – عندما وصلت إلى السفارة في واشنطن، هل تصورت أننا سنتوصل، في فترة خدمتك كسفير هناك، إلى اتفاق مع الفلسطينيين؟

ج – كنت أؤمن بأن انطلاقة ستحدث. ومن المؤكد أنني لم أكن أعلم بالضبط كيف سيكون ذلك.

س – وما هو شعورك الشخصي الآن؟

ج – جيد بالتأكيد، وبخاصة عشية رأس السنة العبرية. لكن الشعور الجيد غير خال من التعقيدات.

 

المصدر: "دافار"، 15/9/1993. أجرت المقابلة دروره بيرل.

* تتمحور المقابلة حول جوهر الاتفاق مع الفلسطينيين، ونظرة يهود الولايات المتحدة إليه، كما تتمحور حول نظرة سوريا إلى الاتفاق وفرص التقدم في المفاوضات الثنائية معها.

Author biography: 

إيتمار رابينوفيتش: سفير إسرائيل في واشنطن ورئيس الطاقم الإسرائيلي في المفاوضات مع سوريا.