س - أتنظر جدياً إلى أقوال أعضاء كنيست من الليكود بشأن انضمام حزبهم إلى الحكومة؟
ج – إذا كان الأمر يتعلق بمواقف تتناول جوهر الأشياء، فَلَسْت بحاجة إلى الليكود لتنفيذ المواقف الخمسة. فأنا شخصياً أعارض قيام دولة فلسطينية بيننا وبين الأردن. وأنا أيضاً أعارض "حق العودة". إذ ليس ثمة في "اتفاق المبادئ" الذي تم توقيعه أي شيء يتعلق بـ"حق العودة". وهذا لم يكن مصادفة. أما فيما عنى وحدة القدس، فقد تم التوصل إلى اتفاق مع شريك عربي، وإنما فقط بشأن اتفاق مرحلي، يوافق فيه على أن القدس ستكون تحت سلطة إسرائيل خلال فترة الاتفاق وعلى أن الطرف الفلسطيني الذي سيدير المناطق [المحتلة] في هذه الفترة لن يكون له أي نفوذ في القدس. أما فيما عنى المسؤولية عن أن أمن المستوطنين الإسرائيليين في المناطق، فإن شؤون أمن المناطق الخارجي سيكون في يدي إسرائيل. والأمر الأخير الباقي هو وجود المستوطنات. والحقيقة إننا أبرمنا اتفاقاً، لا يتضمن اقتلاع أية مستوطنة. وهذه المواقف الخمسة هي في برنامج حزب العمل للانتخابات. والآن، أنا لا اهتم بائتلافات، فيما خلا الحفاظ على الائتلاف القائم، لأنني لا أعتقد أن الليكود مستعد، بمواقفه الحالية، لأن يرى في م. ت. ف. شريكاً وأن يقبل بـ"اتفاق المبادئ" [....]
[.......]
س – بعد أسبوعين تبدأ المفاوضات بيننا وبين م. ت. ف. بشأن غزة وأريحا أولاً. هل تتوقع مفاوضات سهلة أم مفاوضات حافلة بالعقبات والانفجارات؟
ج – كما أرى المفاوضات فينبغي أن تجري على مستويين، كنتيجة لـِ"وثيقة المبادئ". الأمر العامل والمباشر هو غزة وأريحا أولاً [....] في المرحلة الأولى يجب التوصل إلى إقامة الشرطة الفلسطينية في غزة. وعليها أن تتحمل مسؤولية النظام العام للفلسطينيين وأمنهم فيما بين أنفسهم. وعلينا أن نهتم بألاّ تنطلق من صفوفهم اعتداءات على إسرائيل. كما أن المسؤولية الشاملة عن أمن الإسرائيليين الذين يعيشون في القطاع ستكون على عاتق الإسرائيلي.
والمستوى الثاني هو مواصلة المفاوضات، في إطار الجولات في واشنطن، إذ إننا مهتمون بالحفاظ على إطار المفاوضات مع الأردن، ومع سوريا، ومع لبنان، وكذلك مع الفلسطينيين. وفي المفاوضات مع الفلسطينيين في هذا الإطار ينبغي الاتفاق بشأن الأشياء التي ظلت مفتوحة في الرؤية الشاملة للحكم الذاتي (نحن نسميها أتونوميا، لكن كلمة "اتونوميا" لا تظهر في رسالة الدعوة إلى "مؤتمر مدريد"، ولا في الأوراق التي أعدتها حكومة الليكود للمحادثات أيضاً. والمصطلح الذي يرد هناك هو "ترتيبات سلطة ذاتية للفلسطينيين في المناطق"). وينبغي تقرير تركيبة المجلس الذي سيدير الحياة في الحكم الذاتي، وتحديد بنيته على نحو أدق، وعدد أعضائه وطريقة انتخابه. صحيح أننا وافقنا في المقابل على نقل صلاحيات مبكرة إلى الفلسطينيين في يهودا والسامرة في خمسة مجالات – التعليم، والصحة، والسياحة، والزراعة، والضرائب المباشرة – لكن هذا لا يلغي إطار الحكم العسكري والإدارة المدنية في يهودا والسامرة، ما عدا أريحا. ولن تُلغى الإدارة المدنية إلاّ بعد الانتخابات، عندما يتولى المجلس مهمته.
[.......]
س - سيدير الياكيم روبنشتاين المفاوضات في واشنطن ويدير اللواء عوزي دايان المفاوضات بشأن غزة وأريحا أولاً؟
ج – لا أعرف بعد بالضبط التركيب الشخصي [للوفدين]. وينبغي الفصل بين العمل التحضيري لـ"غزة وأريحا أولاً"، الذي ينسّقه الجيش هذه الأيام، والاستعدادات في المجال الاقتصادي والمجال السياسي. سيتعين علينا العمل كهيئة مختلطة، ذات ممثلين لكل الأجهزة. لكن ليس لدي بعد موافقة من الطرف الآخر على أن يدار الأمر على هذا النحو. وفيما عن سؤالكما بشأن ما إذا كنت أتوقع بروز تعارضات في المفاوضات، أنا مقتنع بأن الإجابة هي نعم. ومن زاوية التنفيذ، تحددت مبادئ. والتطبيق على الأرض هو المهم. إن الاختبار الأساسي في نظر إسرائيل هو الأمن. وعندما أقول الأمن إزاء الفلسطينيين فهو ليس أمن دولة إسرائيل أو الأمن الوجودي. فالفلسطينيون لم يشكلوا قط، ولا يشكلون ولن يشكلوا، خطراً على أمن وجود إسرائيل. الفلسطينيون شكلوا، ويشكلون، وسيشكلون خطراً على الأمن الشخصي لجزء من مواطني إسرائيل، بواسطة العنف والإرهاب. وم. ت. ف. لم تلتزم وقف الإرهاب وإدانته فقط، بل التزمت أيضاً العمل بوسائل تأديبية ضد أعضائها الذين ينتهكون هذه الالتزامات. وفي رأيي، إن المشكلة الأساسية التي تواجه م. ت. ف.، إلى جانب تحقيق التوقعات بشأن سلطة ذاتية، وإنْ بصورة محدودة حقاً، ستكون في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وخصوصاً في غزة [....]
س – كيف تضمن ألاّ يتحول الحكم الذاتي إلى دولة فلسطينية؟
ج – ثمن خطر في أي حكم ذاتي، بما في ذلك الحكم الذي اقترحه بيغن، وفي تركيبة الترتيبات الانتقالية الحالية أيضاً. ينبغي أن نصر على رأينا. وعندما ضمّنا في "وثيقة المبادئ" أن القدس ليست مشمولة في سلطة الحكم الذاتي، والمستوطنات تظل قائمة، والجيش الإسرائيلي يبقى منتشراً في المناطق، كما أكّدنا أن الخيارات كافة مفتوحة في التسوية الدائمة (جاء في الاتفاق: "يوافق الطرفان على أن نتيجة المفاوضات بشأن الوضع الدائم لن تتأثر أو تتضرر جراء الاتفاقات التي يتم التوصل إليها للفترة الانتقالية") – فإننا فعلنا أقصى [جهودنا] من ناحيتنا إزاء المحادثات بشأن التسوية الدائمة.
س – عرفات يعلن أن دولة فلسطينية ستقوم خلال ثلاثة أعوام في المناطق، وعاصمتها القدس.
ج – كما كان المرحوم إشكول يقول: "هو قال ذلك". ونحن نقول: القدس ستظل دائماً موحدة تحت سيادة إسرائيل. وموقفنا يعارض إقامة دولة فلسطينية بيننا وبين الأردن. لقد توصلنا إلى اتفاق بشأن التسوية الانتقالية فحسب. وكان معروفاً منذ البداية أن ثمة خلافات في الرأي بيننا بشأن صورة التسوية الدائمة وتركيبتها.
س – كيف ترى التسوية الدائمة؟
ج – أراها نوعاً من الاندماج بين دولتين، إسرائيل والأردن، وكياناً فلسطينياً، هو أقل من دولة. ومن أجل القبول بهذا الرأي، ينبغي الحصول على موافقة كل من الأردن والفلسطينيين. وينبغي أيضاً رؤية كيف يسير التكامل بين إسرائيل والأردن، كدولتين، وبين الكيان الفلسطيني، الذي هو أقل من دولة، لكنه يشارك في الأمر ككيان.
س – هل تتحدث عن كونفيدرالية؟
ج – لم أتحدث عن كونفيدرالية. فالكونفيدرالية هي وحدة بين دول مستقلة، وينبغي الحذر في [استخدام] التعابير. أنا لا أستعمل تعريفاً معيناً للفكرة التي أعرضها.
س – وماذا ستكون عاصمة الكيان الفلسطيني؟
ج – أريحا، إذا أرادوا. نابلس، إذا أرادوا. هذه مشكلتهم.
س – هل ترى حتى في إطار التسوية الدائمة إمكان عدم نقل أية مستوطنة من مكانها؟
ج - إنني أتطلع إلى التعايش.
س – عقدت محادثة طويلة مع الرئيس كلنتون في البيت الأبيض. هل من المتوقع، عقب الاتفاقات مع الفلسطينيين، التوصل إلى تفاهمات جديدة بيننا وبين الولايات المتحدة؟
ج – أجل. في لقائنا المنتظر في تشرين الثاني/ نوفمبر، سنطرح عدداً من المشكلات في المجال الأمني، في كل ما يتعلق بتعزيز قوة الجيش الإسرائيلي. لقد كان كلنتون نفسه اقترح في حينه رفع مستوى التعاون الاستراتيجي. طبعاً، سنناقش البحث عن طريق للتعاون أيضاً في تطوير مشاريع، واستمرار التطوير، أو تحقيق القدرة التكنولوجية لمشروع "حيتس"، على سبيل الافتراض، وكذلك في مجالات أخرى [....]
س – ما مدى الأهمية والإلحاحية التي تعطيها الآن للمفاوضات مع سوريا؟
ج – أعتقد أن المفاوضات مع أية دولة عربية هي مهمة، لكن المفتاح اليوم في نظري هو تطبيق اتفاق "إعلان المبادئ". ذلك بأنه إذا بدأ هذا [الاتفاق] بقدم يُمنى، وأنا أقصد فترة نصف عام، ثمانية شهور أولى، فإنني سأرى في ذلك إيجاد مناخ يمكّن من التقدم في مجالات أُخرى أيضاً. لكنني أريد أن أقول شيئين: مقبولاً لدى العالم، سواء كان صحيحاً أو لم يكن، أن لب الصراع الإسرائيلي – العربي هو المشكلة الفلسطينية. وها قد تم توقيع اتفاق أول بين إسرائيل والفلسطينيين، اتفاق علني، ورد فيه أننا نعترف بـ م. ت. ف. ممثلاً للشعب الفلسطيني، لا الممثل الوحيد. ونحن نحاول أن نبدأ بحل هذه المشكلة معاً. وأتوقع أن يرد العالم العربي بإيجابية، لا بالكلام فقط، بل بالفعل أيضاً، سواء في موضوع المقاطعة، أو في موضوع تحسين العلاقات مع دول عربية أقامت معنا حتى اليوم علاقات سرية أو علنية، لكنها لم تكن رسمية، أو في موضوع تحسين العلاقات مع دول لم توافق على إجراء اتصالات معنا، حتى ولو سرية.
الشيء الثاني هو أنني لا أتوقع من الرئيس الأسد أن يسلك طريقاً كالذي سلكه الرئيس السادات بمجيئه إلى القدس. إن إسرائيل دولة ديمقراطية. لا يجب فقط أن أكون مقتنعاً بأن أحداً ما يريد السلام. ينبغي عليه أن يقنع الجمهور الإسرائيلي. لكنني أنتظر منه حقاً ألا يسمح باستعمال الأراضي السورية لنشاط تحريضي متواصل ولنشاط تنظيمي إرهابي تقوم به عشر منظمات فلسطينية تشكل جبهة رفض السلام ومفاوضات السلام والاتفاق مع م. ت. ف. وأنتظر أن يسمح للحكومة اللبنانية بالتعامل مع حزب الله، الذي تهدف أنشطته ضد المنطقة الأمنية إلى عرقلة مسار السلام أساساً. تسأل نفسك: هل هو حقاً يريد السلام؟ إذا كان الأمر كذلك، فليتوقف عن عرقلة م. ت. ف.، وليتوقف عن عرقلتنا، في تطبيق الاتفاق. وإلاّ يُطرح السؤال، هل هو يريد سلاماً حقيقياً، أم إنه يريد هضبة الجولان فقط؟
س – ثمة انطباع بأنك، منذ توقيع الاتفاق مع م. ت. ف.، تصلبت في موقفك من سوريا.
ج – هذا ليس تصلباً، بل هو نظام لتنفيذ الأشياء. فقد توصلنا إلى اتفاق مع الفلسطينيين، فالأمر المهم، في رأيي، هو إثبات أنه قابل للتطبيق.
س – هل أنت خائب الرجاء من المغرب، الذي لم يُقِم علاقات معنا، ومن الدول العربية التي لم توقف المقاطعة؟
ج – سمعتُ تصريحات فلسطينيين، بمن فيهم أبو مازن، قالوا للدول العربية إن عليها ألاّ تقيم علاقات مع إسرائيل قبل الانسحاب من المناطق كلها. إذا كانت هذه هي مقاربة الفلسطينيين على المستوى العربي، فهذه ستكون خيبة رجاء. ذلك لا يعني أنهم التزموا شيئاً آخر، لكنني كنت آمل بوجود إرادة طيبة لديهم، عدا من الالتزامات. وثمة أمر آخر، هو أنني أعتقد أن التطورات ستكون أبطأ، لكنني آمل بأن يقيم المغرب أيضاً، عندما يحين الأوان، علاقات طبيعية مع إسرائيل. وأنا آمل بأن تفعل ذلك أيضاً دول عربية أُخرى.
[.......]
س – هل وجدت مفاجأة جميلة في التعاطف الذي استقبلت به أكثرية الجمهور الساحقة الاتفاق مع م. ت. ف.؟
ج – لا. أنا سعيد لذلك [....] كانت ردة فعل الجمهور الإسرائيلي دائماً إيجابية، إزاء أي اتفاق تم التوصل إليه. حتى عندما كان حزيناً، كما كان الأمر عندما عقد مع مصر الاتفاق، الذي استلزم إعادة السنتيمتر الأخير، وإزالة المستوطنات، وتهديم [مستوطنة] ياميت. الجمهور الإسرائيلي يريد السلام. إنه يريد السلام الذي يمنح الأمن.
س – بالنسبة إليك شخصياً، هل كان صعباً الانتقال من المعارضة التامة لـ م. ت. ف. إلى مصافحة عرفات؟
ج – حتى منذ 14/5/1989، عندما قدمتُ في حكومة الوحدة مبادرة السلام، قلت إننا سنجري مفاوضات مع وفد فلسطيني، وأضفت أنني أعرف أن هذا غير ممكن من دون ضوء أخضر من تونس. وكنت أقول أكثر من ذلك، إن الأساس في ذهاب الفلسطينيين إلى مؤتمر السلام في مدريد، في تشرين الأول/ أكتوبر 1991، كان وفقاً للقرار الذي اتخذه المجلس الوطني الفلسطيني قبل ذلك بفترة قصيرة. إن قرار المجلس الوطني الفلسطيني قد فوّض الوفد، وهو في الحقيقة حدّد تركيبته، وحدد مضامين الانتداب الممنوح له. وأمَلي بأن يكشف الوفد عن أية قوة صمود ذاتية قد باء بخيبة رجاء، أسبوعاً بعد أسبوع. فقد تم إملاء المواقف من تونس، حتى الفاصلة الأخيرة. وافقت على محادثات أوسلو، إن لم أكن مخطئاً، في شباط/ فبراير. كنت ضد الإعلان: "لنذهب للتحادث مع م. ت. ف." لدى الإعلان تخسر القدرة على المساومة. أعتقد أننا لو قلنا منذ البداية "نوافق على التحادث مع م. ت. ف."، ولم نقم بذلك بصورة سرية، لما كنا أنجزنا ما أنجزناه. وفي مقابل الموافقة، حصلنا على رسالة عرفات، التي تتخلى م. ت. ف. فيها، في الحقيقة، أقله بحسب التأكيدات على الورق، عن كل ما كان سبباً في معارضتنا لها. وفي هذه الأثناء، فإن التأكيدات بشأن العنف والإرهاب قائمة على الأرض أيضاً. وفي مقابل الموافقة، قالت م. ت. ف. لنا "مستعدة للتوصل معكم إلى اتفاق إعلان المبادئ"، الذي يضمن لنا الأمور الخمسة الأساسية التي أصررنا عليها. والخيارات المستقبلية مفتوحة لمفاوضات بشأن الحل الدائم.
[.......]