طرحت الحكومة الإسرائيلية، في مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، أمام الكنيست مشروع ميزانية سنة 1993 لإقراره. قبل طرح المشروع، ومنذ انتخابات الكنيست الأخيرة، روَّجت وسائل دعاية الأحزاب الائتلافية، وخصوصاً حزب العمل، أن الحكومة الجديدة بزعامة الحزب ستنتهج "نظام أولويات قومياً جديداً" يأخذ في الاعتبار أهمية مواجهة مظاهر الأزمة الاقتصادية، وخصوصاً البطالة الواسعة، ومجاراة العملية السلمية في الشرق الأوسط والتكيّف إزاءها عن طريق التوفير في المبالغ الطائلة التي تنفق على الاستيطان الكولنيالي وتوجيهها لمصلحة التنمية الاقتصادية ومواجهة القضايا الاجتماعية المتفجرة في إسرائيل.
والواقع الذي تعكسه معطيات الميزانية وبنيتها الهيكلية، في بابي المداخيل والنفقات، أنه يمكن اعتبار الميزانية الجديدة، من ناحية الجوهر، استمراراً للسياسة الاقتصادية – الاجتماعية منذ أيام حكم الليكود، مع مظاهر تغيّرات تكتية تمليها علاقات التبعية بواشنطن، وبرنامج حزب العمل والحكومة للتسوية السلمية، والسياسة المنتهجة في مجال الاستيطان الكولونيالي. ويعترف بهذه الحقيقة الكثيرون من المسؤولين في الحكومة وفي الأوساط الاقتصادية. فعلى سبيل المثال: في أثناء مناقشة الميزانية في الحكومة، صرّح نائب الوزير ران كوهين أن "الميزانية التي كان من الواجب أن تبشّر بانقلاب، تشير إلى خيبة أمل."[1] وفي جلسة الحكومة ذاتها، انتقد المدير العام لبنك إسرائيل (البنك المركزي] الميزانية الجديدة، وأكد "أن الميزانية الجديدة لا تبشّر بحل لمشكلة البطالة، ولا تساعد في التنمية الاقتصادية."[2]
على الرغم من ذلك، ما هي السّمات الأساسية للميزانية الجديدة، وأهدافها المركزية، وسبل إنجازها، ومدلولاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟
المنطلقات الأساسية
في هذه السنة قدمت وزارة المال، لإقرار الحكومة والكنيست، مشروعاً مفصلاً لميزانية سنة 1993، مرفقاً بخطوط عامة لبرنامج اقتصادي لسنتي 1994 و1995. وبحسب مشروع وزارة المال الذي أقرته الحكومة، يبلغ حجم الميزانية الجديدة 97,5 مليار شيكل* . وقد بُنيت الميزانية على أساس الأخذ في الاعتبار وصول 120 ألف مهاجر جديد سنة 1993. وقياساً بميزانية سنة 1993، فإن الميزانية الحالية أقل بنحو 10 مليارات شيكل. وجاء هذا الانخفاض في حجم الميزانية، قياساً بالميزانية السابقة، بسبب انخفاض عدد المهاجرين الجدد من 200 ألف مهاجر – كما كان متوقعاً سنة 1992 – إلى 80 ألف مهاجر فقط، وانخفاض العدد المتوقع وصوله سنة 1993 إلى 120 ألف مهاجر، وهذا يوفر على الحكومة 4,3 مليارات شيكل، وكذلك بسبب توقع توفير 1و1 مليار شيكل مما تدفعه الحكومة على الديون جراء توقع تخفيض الفائدة وغير ذلك.
بموجب الميزانية الجديدة، وضعت الحكومة ثلاثة أهداف مركزية تُبنى عليها الآمال بالخروج من دوامة الأزمة، وهي:**
- زيادة التشغيل في الاقتصاد عن طريق ضمان تنمية اقتصادية ثابتة. ووفقاً للاقتراح، فإن الهدف هو تخفيض في نسبة البطالة من 11,1% من قوة العمل سنة 1992 (الواقع أن النسبة أكثر من 12,2%) إلى 10,7% سنة 1993، و9,8% سنة 1994، و9,1% سنة 1995. ويتم تحقيق هذا "الإنجاز" عن طريق زيادة الاستثمارات في الاقتصاد سنة 1993 بنسبة 25%، وزيادة التصدير بنسبة 10%، والتوصل إلى زيادة في النمو الاقتصادي بنسبة 4,8% - 5% سنة 1993، ولا أقل من 7,5% في كل من سنتي 1994 و1995.
- استيعاب المهاجرين الجدد من خلال تأمين دخل حد أدنى، وتوفير الخدمات الاجتماعية الضرورية والسكن.
- تقليص نشاط وتدخل الدولة في الاقتصاد (أحد الشروط الأميركية لتقديم ضمانات قروض بمقدار 10 مليارات دولار لإسرائيل).
ولتحقيق هذه الأهداف المركزية تقترح الحكومة ووزارة المال، وفقاً للميزانية الجديدة، انتهاج الوسائل التالية: إحداث تغييرات بنيوية للارتفاع بمستوى عملية التنمية والتشغيل، وتقليص العجز في الميزانية الحومية، وزيادة التوظيفات الاستثمارية في البنية التحتية والتعليم، وتخفيض الضرائب، وتشجيع القطاع التشغيلي والتأهيل المهني.
إن مدى نجاعة هذه الوسائل في تحقيق الأهداف المرجوّة أمر مشكوك فيه، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار معطيات الميزانية الجديدة وتركيبتها البنيوية في بابي المداخيل والنفقات. كما أن هذه الوسائل تكشف الهوية الحقيقية لمعالم ما يسمى بـ"نظام أفضليات قومي جديد". ونبني تقويمنا هذا استناداً إلى الحقائق والمعطيات التالية:
أولاً: في باب
النفقات من الميزانية
وفقاً لمشروع الميزانية الجديدة، تتوزع البنود الرئيسية في باب النفقات من الميزانية على النحو التالي، وقياساً بتوزيع النفقات سنة 1992:
إن المعطيات الواردة في الجدولين (1) و(2) تشير إلى المدلولات التالية:
1- في مجال التنمية والتشغيل: تنطلق الحكومة في ميزانيتها من أهمية زيادة وتيرة النمو الاقتصادي لاستيعاب أعداد من سوق البطالة. ففي سنة 1993 يُنتظر إضافة 65 ألف عامل جديد إلى سوق العمل. ويبرز من معطيات الميزانية:
( أ ) رصد 2,08 مليار شيكل (أكثر بـ 430 مليون شيكل مما في ميزانية 1992)[3] للاستثمار في البنية التحتية (1,1 مليار في شق الطرق وتعبيدها) وفي التعليم. وبهذا المبلغ الإضافي توهم الحكومة الرأي العام في إسرائيل بأنه يمكن إحداث تحوّل في مواجهة البطالة.
(ب) تشجيع القطاع التشغيلي بتخصيص 2,6 مليار شيكل له. ويبين الجدول التالي توزيع الدعم الحكومي الذي سيذهب، في الأساس، لمصلحة أرباب العمل ورأس المال.
(ج) يتبوأ بند النفقات على الإسكان المرتبة الثالثة من حيث الحجم بعد الأمن والمنقولات من المالية (التي تقدم للصحة والتعليم والسلطات المحلية وغيرها). والجديد في الميزانية الجديدة يتلخص في: تقليص بمبلغ 1,6 مليار شيكل في بند الإسكان بسبب انخفاض عدد المهاجرين اليهود الجدد؛ تخصيص 2,08 مليار شيكل لشراء شقق سكنية من متعهدي البناء بُنيت بناء عشوائياً أيام حكم الليكود، وتعهدت الحكومة بشرائها؛ تخصيص 4,2 مليارات شيكل لتوفير السكن للمهاجرين الجدد. أما البارز والجديد فيكمن في السياسة الجديدة في مجال الإسكان؛ فتمشياً مع سياسة تقليص تدخل ونفوذ الدولة في العملية الاقتصادية والتوجه نحو تسليم القطاع الخاص مفاتيح المبادرة والهيمنة على الاقتصاد، يُعطى هذا القطاع – بحسب الميزانية الجديدة – مسؤولية النشاط في البناء وإيجاد أماكن عمل جديدة، في مقابل أن تعمل الدولة على تخفيض تكاليف الإنتاج (من المواد الخام)، وتخفيض مستوى الأجور (كما سنرى).
(د) إنفاق 11,497 مليار شيكل على استيعاب 120 ألف مهاجر جديد (7,208 مليارات شيكل للإسكان، 1,369 مليار شيكل لاستيعاب مباشر، 1,175 مليار شيكل خدمات اجتماعية، 1,094 مليار شيكل مدفوعات لمرة واحدة للمهاجرين، 651 مليون شيكل لتدريس المهاجرين).
الجدول رقم 3
مجمل النفقات والتسهيلات
لتشجيع القطاع التشغيلي لسنة 1993
(بملايين الشيكلات، وبأسعار ميزانية 1992)
المجموع |
2,619 |
1) تأمين السعر |
470 |
2) قانون تشجيع استثمارات رأس المال – الصناعة |
640 |
3) قانون تشجيع الاستثمار – السياحة |
96 |
4) قانون تشجيع الاستثمار – الزراعة |
105 |
5) تشجيع الأبحاث والتطوير |
380 |
6) صندوق التسويق الصناعي |
85 |
7) تشجيع التسويق – السياحة |
14 |
8) تسهيلات في الضريبة بحسب قانون تشجيع استثمارات رأس المال |
260 |
9) تشجيع التصدير والاستثمارات الأجنبية |
36 |
10) تأمين مخاطر التجارة الخارجية |
38 |
11) ضمانات الدولة، إصلاح 39 |
700 |
12) إرشاد في الزراعة |
99 |
13) استيعاب علماء من المهاجرين الجدد في القطاع التشغيلي |
47 |
14) صناديق مساعدة أُخرى |
8 |
15) دعم الأجور |
154 |
المصدر: وزارة المال، مشروع ميزانية الدولة لسنة 1993، "نشرة معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية"، 8/9/1992، ص 5.
(هـ) تخفيض العجز في الميزانية من أجل "تحرير" مصادر واقعية لمصلحة القطاع التشغيلي، وزيادة الاستثمارات بواسطة الانخفاض المرتقب في سعر الفائدة المصرفية سنة 1993. فبحسب الميزانية الجديدة، تبرمج الحكومة عجزاً صافياً في الميزانية: من دون القروض بنسبة 3,2% من الناتج القومي المحلي (5,5 مليارات شيكل)، ومع القروض بنسبة 5,2% من الناتج (7,7 مليارات شيكل). وخطة الحكومة في هذا المجال تنطلق من أن الحكومة، بسبب عدم تدخلها كما في السابق، وبسبب تقليل النفقات (الدعم) لفروع عديدة، ستعمل على تقليص حجم سندات الدين الحكومية التي تنفقها للتداول في السوق من أجل سد ديونها، ولدعم بعض القطاعات. وبهذه الطريقة توفر، من ناحية، عدم دفع ديون مستحقة وفوائدها (ديون داخلية)، وتتسبب بتخفيض سعر الفائدة المصرفية لأن الحكومة أكبر زبون في السوق المالية التسليفية، وتقليص الطلب الحكومي يؤدي إلى زيادة العرض على الطلب، ويؤدي إلى تخفيض سعر القروض؛ وهذا بدوره يعتبر محفزاً على الاستثمار في الاقتصاد. كما أن تقليص الطلب الحكومي يؤدي إلى تخفيض وتيرة التضخم المالي.
إن هذه الوسائل كافة، في هذا البند، لن تكون حصيلتها سوى تخفيض البطالة من 11,1% سنة 1992 إلى 10,7%، أي تخفيض بنسبة 0,4%. كما أن وتيرة النمو المتوقعة ستكون 5% في مقابل 4,6% سنة 1992، وهذا أيضاً مشكوك في أمره. وفي اعتقادي أن تقليص ميزانية الإسكان ونقل النشاط إلى القطاع الخاص والعديد من العوامل الأخرى، مثل فتح الأسواق الإسرائيلية أمام البضائع الأجنبية من مجموعة السوق المشتركة والولايات المتحدة بعد إزالة الحواجز الجمركية والضريبية، ستؤدي إلى زيادة البطالة وتخفيض وتيرة النمو قياساً بسنة 1992.
وفي مقابل هذه الامتيازات التي تقدمها الحكومة لأرباب العمل ورأس المال وللمهاجرين اليهود الجدد، فإن معطيات باب النفقات من الميزانية تشير إلى دلائل أخرى تناقض بنود التنمية والتشغيل والاستيعاب. وأبرز هذه الدلائل:
- تقليص 55 مليون شيكل من ميزانية النفقات الحكومية في بند "مدفوعات منقولة"، عن طريق تشديد مقاييس "التعويض من البطالة"، وتصعيب شروط دفع التعويض من البطالة لمن يحال على التقاعد في سن مبكرة.
- تقليص 55 مليون شيكل من أموال الدعم التي تدفعها الحكومة لتشجيع الزراعة في الجليل، وخصوصاً لتشجيع تربية الدجاج (قانون الجليل).[4]
- تقليص خدمات المجتمع – صحة، مواصلات عامة، وغيرهما. فتقليص حصة المدفوعات والدعم الحكومي سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها وتحميل أصحاب الدخل المحدود المزيد من الأعباء جراء تخفيض مستوى المعيشة.
- عدم توفير الميزانيات اللازمة لمواجهة الأزمة الخانقة التي تعانيها السلطات المحلية، وخصوصاً العربية منها. فوفقاً للميزانية الجديدة، توجَّه السهام نحو المواطن عن طريق زيادة الضرائب المحلية التي تجبيها المجالس المحلية، وإلغاء بنود الإعفاءات والتسهيلات في الضرائب عن المحتاجين.
2- الإنفاق العسكري: تبلغ حصة "الأمن" في بند "نفقات الأمن – النفقات المباشرة"، في الميزانية الجديدة، 18% من مجمل نفقات الميزانية. وإذا أخذنا في الاعتبار أن الديون وفوائدها هي لتسديد الديون المترتبة عن المشتريات العسكرية في الأساس، وأضفنا النفقات العسكرية غير المباشرة (التي تدخل في الميزانيات المدنية وفي البناء والمواصلات والأغذية والنسيج وغيرها)، فالحصيلة هي أن أكثر من 66% من مجمل نفقات الميزانية مخصص للأمن والأغراض العسكرية.
إن هذه الحقائق تشير إلى أن أي حديث عن "نظام أولويات قومي جديد"، لمواجهة مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، لا يستقيم مع هذا الإنفاق العسكري الهائل، الذي هو السبب الأساسي في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. كما أن تخصيص هذه الحصة الكبيرة من "كعكة" الميزانية للإنفاق العسكري لا يستقيم أيضاً مع "حسن النية" الإسرائيلية في العمل من أجل التسوية العادلة التي تفترض الحد من سباق التسلح، لا تصعيده. وللتمويه على الرأي العام، أعلنت الحكومة أن "ميزانية الأمن" قُلِّصت، في الميزانية الحالية، بمقدار 200 مليون شيكل. والواقع يؤكد أنه قياساً بميزانية سنة 1992 لم يتم أي تقليص في الميزانية الأساسية المقررة. فخلال سنة 1992 استلمت وزارة الدفاع مبلغاً إضافياً على المقرر بلغت قيمته 900 مليون شيكل لقمع الانتفاضة الفلسطينية، ودفع رواتب إضافية لقادة الجيش، وتحديث بعض العتاد الحربي.[5] ونتيجة العتاد الحربي الأميركي المجاني بعد حرب الخليج، لم تعد هنالك ضرورة لزيادة الميزانية العسكرية؛ ولهذا أمكن، من جهة، إجراء تقليص بمقدار 200 مليون شيكل، ومن جهة أُخر زادت حصة ما تدفعه الحكومة لـ"الصناعة العسكرية" 250 مليون شيكل تحت يافطة مواجهة الأزمة الخانقة التي تعانيها "تاعاس" (مجمّع الصناعات العسكرية)، و"رفائيل" (هيئة تطوير الوسائل القتالية). وتجدر الإشارة إلى أنه خلال العقد الأخيرة، وخصوصاً منذ توقيع الاتفاق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية سنة 1985، فإن النزعة البارزة على السطح تتمحور حول تقليص حصة "الاستهلاك الأمني" من الناتج القومي المحلي سنوياً.
الجدول رقم 4
الاستهلاك الأمني في % من الناتج القومي
السنة |
الاستهلاك الأمني العام* |
الاستهلاك الأمني المحلي |
1985 |
21,5% |
12,7% |
1986 |
15,9% |
11,0% |
1987 |
19,4% |
11,0% |
1988 |
16,3% |
10,5% |
1989 |
13,6% |
10,2% |
1990 |
13,5% |
9,9% |
1991 |
12,7% |
8,9% |
1992 تقدير |
11,6% |
8,3% |
1993 تقدير |
12,1% |
9,0% |
المصدر: "تقرير بنك إسرائيل – 1992" (أنظر مشروع ميزانية 1993 في: "ممون"، 24/8/1992).
* يشمل أيضاً المساعدة العسكرية الأميركية.
تعطي المعلومات الواردة في الجدول الانطباع بأنه تجري في إسرائيل عملية تقليص للنفقات العسكرية. وهذا غير صحيح. فما يجري في الواقع هو تغيير في السياسة العسكرية الإسرائيلية بصورة تتلاءم مع دور إسرائيل في التحالف الاستراتيجي مع واشنطن، وتخدم المخطط الاستراتيجي الأميركي لإقامة نظام ترتيبات أمنية جديد في الشرق الأوسط، تؤدي إسرائيل من خلاله دور "مخلب القط" الأميركي. وهذا يتجسم في التغيرات البنيوية النوعية في إطار الميزانية الأمنية. وفي إطار السياسة العسكرية الجديدة تجدر الإشارة إلى الأمور التالية، التي تعكس بصماتها على الميزانية الحالية أيضاً:
- أنه منذ توقيع اتفاقية التحالف الاستراتيجي مع واشنطن، فإن كل المساعدة العسكرية، البالغ مقدارها 1,8 مليار دولار، تحولت من 70% هبة و30% قروض إلى 100% هبة "مجانية".
- تقديم السلاح مجاناً من الولايات المتحدة لإسرائيل، الأمر الذي يخفض حصة النفقات الأمنية من الناتج القومي. فبعد حرب الخليج استلمت إسرائيل، مجاناً، عتاداً حربياً أميركياً بلغت قيمته نحو 700 مليون دولار. ووفقاً للاتفاق الذي تم بين رئيس الحكومة الإسرائيلية يتسحاق رابين، والرئيس الأميركي جورج بوش. في أثناء زيارة الأول لواشنطن في منتصف آب/أغسطس الماضي، تسلمت إسرائيل، لضمان تفوقها النوعي العسكري على الدول العربية مجتمعة، "هدية" في عيد رأس السنة العبرية، هي عبارة عن 24 طائرة مروحة من نوع "أباتشي" و10 مروحيات "بلوك هوك"، وتعهدا بأن تخزن الولايات المتحدة في إسرائيل وتضع في تصرفها آلاف الصواريخ من نوع "ن – ت" المتطورة، وصواريخ "باتريوت"، وقنابل ذكية، وعتاداً حربياً بكميات هائلة.[6] كما أنه تم الاتفاق على توثيق العلاقة بين أجهزة الأمن في البلدين، وتطوير التعاون في المجال التكنولوجي العسكري المتطور.[7]
والواقع أنه تم مؤخراً، في الولايات المتحدة، تشريع رسمي يلزم الولايات المتحدة بضمان تفوق إسرائيل العسكري على العرب. فوفقاً لمراسل صحيفة "عال همشمار"[8] في واشنطن، كيرن نويباخ، أقرت "اللجنة الفرعية للمخصصات الخارجية" في الكونغرس الأميركي تعديلاً على قانون المساعدة الخارجية لسنة 1993، تلتزم الولايات المتحدة بموجبه "المحافظة على التفوق النوعي لدولة إسرائيل في المجال العسكري." ووفقاً لهذا الإصلاح، "يُلْزَم البنتاغون بتقديم تقرير سنوي عن نشاطه للمحافظة على التفوق النوعي لإسرائيل على جاراتها." وانطلاقاً من هذا الالتزام الرسمي، كشف جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي السابق ورئيس الطاقم الانتخابي للرئيس بوش، في لقائه ممثلي لجنة رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا، أنه بناء على الاتفاق بين بوش ورابين، ولضمان تفوق إسرائيل عسكرياً، تم في المحادثات العسكرية التي أجراها طاقم رفيع المستوى من الجهاز العسكري الإسرائيلي مع البنتاغون، الاتفاق على خمسة موضوعات هي: "التخزين المسبق للسلاح الأميركي المتطور في إسرائيل؛ توسيع إمكانات إسرائيل لأخذ عتاد حربي من مخازن الجيش الأميركي في أوروبا؛ ضم إسرائيل إلى شبكة الأقمار العالية [التجسسية] للدفاع ومواجهة الصواريخ؛ نقل تكنولوجيا جديدة في المجال العسكري؛ مراقبة سباق التسلح في الشرق الأوسط بالتنسيق مع أوروبا."[9]
- توجيه المساعدة الأميركية العسكرية بحيث ينفق منها 90% على المشتريات العسكرية من احتكارات السلاح الأميركية، والـ 10% الباقية لمصلحة تطوير أبحاث علمية – تقنية حديثة خدمة للاحتكارات الأميركية، ولمصلحة "التحالف" الاستراتيجي بين البلدين. وهذا أدى إلى نشوء ظاهرتين رئيسيتين في السنوات الأخيرة، ستستمران أيضاً في السنة المقبلة؛ الأولى، زيادة تبعية إسرائيل في المجال العسكري، وتوثيق ربطها بعجلة "حرب النجوم – المخطط الاستراتيجي الأميركي." فوفقاً للتحالف الاستراتيجي، وفي إطار "حرب النجوم"، طورت إسرائيل المرحلة الثانية من صاروخ "حيتس" المضاد للصواريخ، وأطلقته بنجاح في 23 أيلول/ سبتمبر 1992.[10] وتمول واشنطن 72% من تكلفة أبحاث هذا الصاروخ وإنتاجه. عملياً، فإنه عن طريق بيع إسرائيل أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية ستواصل إسرائيل، بدعم من واشنطن، سباق التسلح بوتيرة كبيرة. وهذا يضع أكثر من علامة سؤال على ماهية وآفاق عملية السلام التي ترعاها واشنطن، وأي سلام تريده إسرائيل. والثانية، أنه نتيجة إلزام إسرائيل بشراء العتاد الحربي الأميركي – بحسب الاتفاق الاستراتيجي – وبسبب جرّ إسرائيل إلى سباق التسلح العصري، حدثت أزمة خانقة في الصناعة العسكرية الإسرائيلية، بسبب تقليص الطلبيات الحكومية، وبسبب الأزمة في أسواق السلاح العالمية. كما حدثت تغيرات نوعية في بنية الصناعة العسكرية (الفروع والمجمّعات المربوطة بمخطط "حرب النجوم" وبسباق التسلح العصري، لم تطالها أنياب الأزمة، كما حدث بالنسبة إلى النصاعة العسكرية التقليدية). فعلى سبيل المثال، جاء في التقرير الذي نشرته "دائرة الشركات الحكومية" بتاريخ 15 أيلول/ سبتمبر 1992، "أن الصناعة العسكرية سجلت خسائر خلال سنة 1990 (حتى رأس السنة العبرية) تقدر بـ 548 مليون شيكل"،[11] وخلال سنة 1991 خسائر تقدر بـ 561 مليون شيكل، وأنه تم تسريح 2000 عامل خلال سنة 1991، وأنه حتى نهاية السنة سيسرِّح مجمّع "تاعاس"، الذي يواجه أزمة مزمنة، 700 عامل (10% من مجمل العاملين). وفي سنة 1991، خسر "تاعاس" 239 مليون شيكل، وتقدر خسائرة هذه السنة بـ 100 مليون شيكل. وقدمت الحكومة لهذا المجمّع 100 مليون شيكل، وستقدم 200 مليون شيكل في السنة المقبلة.[12] في مقابل ذلك ازداد التصدير الأمني بسبب الوضع الأفضل في "الصناعة الجوية العسكرية" وغيرها من الصناعات المحكمة بنسبة 24% وبلغت قيمته 1,615 مليار دولار.
وبسبب الركود الاقتصادي في إسرائيل، تزداد صعوبات المجمّعات العسكرية في تحويل قسم من نشاطها إلى الاقتصاد المدني.
3- الإنفاق الكولونيالي: بحسب الميزانية الجديدة تواصل الحكومة توجيه الاستثمارات الكولونيالية إلى المناطق الفلسطينية المحتلة. وقياساً بحكومة الليكود التي بنت سياستها الاستيطانية استناداً إلى مبدأ "أرض إسرائيل الكبرى" وخلق الوقائع الجغرافية والديموغرافية لضم المناطق الفلسطينية المحتلة ونسف الحقوق القومية الفلسطينية في التحرر والسيادة وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن منطلق الحكومة الجديدة في رسم السياسة الاستيطانية الكولونيالية يحتلف من حيث التكتيك، ويتوافق مع الحكومة السابقة من حيث الهدف المركزي، وهو العمل على خلق وقائع تمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. فالحكومة الجديدة تنتهج سياسة انتقائية في مجال الاستيطان، تحت يافطة التصنيف الوهمي: "الاستيطان السياسي" و"الاستيطان الأمني"، الذي يتفق مع برنامج حزب العمل السياسي للتسوية على أساس "برنامج آلون" واقتطاع أراض من الدولة الفلسطينية وضمها إلى إسرائيل. فوفقاً لبرنامج الحكومة بشأن السياسة الانتقائية الاستيطانية، ستوجه الاستثمارات من أجل الاستيطان إلى مناطق "الاستيطان الأمني" التي تشمل كل منطقة القدس الشرقية وضواحيها، والمنطقة الواقعة بين القدس ورام الله، والمنطقة التي يطلق عليها الاحتلال اسم "غوش عتسيون" والواقعة بين الخط الأخضر وبيت لحم، وكذلك منطقة غور الأردن؛ أي أن نحو 40% من أراضي الضفة المحتلة يعمل الاحتلال على تهيئتها للضم، وخلق وقائع "تهويدها". فعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال أعلنت تجميد الاستيطان وعدم توجيه استثمارات لدعمه، فإنها بناء على تصنيفها للاستيطان وتحت هذه المظلة، تخطط في الميزانية الجديدة من أجل إكمال بناء 11 ألف شقة سكنية لاستيعاب 50 ألف مستوطن كولونيالي جديد، بحجة أن هذه الشقق هي في مرحلة البدايات من البناء، وتوجد بشأنها اتفاقات أبرمتها الحكومة مع متعهدي بناء وشركات بناء. وستكلف هذه العملية خزانة الدولة مبلغ 2,7 مليار شيكل.[13] ومن هذا المنطلق السياسي صرح وزير الصناعة والتجارة، ميخا حريش، لمراسل صحيفة "معاريف" أنه وفقاً للميزانية الجديدة "ستلغى التسهيلات والامتيازات التي كانت تقدم للمستوطنات في المناطق في إطار منطقة التطوير ( أ )، وستعطى الأفضلية للمستوطنات في منطقة غور الأردن ومنطقة القدس."[14] ومن هذا المنطلق أيضاً لم تلغ الحكومة "قسم الاستيطان" في وزارة المال، وإنما قلصت حصته في الميزانية من 40 مليون شيكل إلى 20 مليون شيكل، بهدف تشجيع الاستيطان في المناطق المذكورة.[15] هذا بالإضافة إلى تكاليف الاحتلال العسكرية لقمع الانتفاضة؛ فقد خصّصت الحكومة 335 مليون شيكل في سنة 1992 لمعالجة الانتفاضة.[16] ولا توجد بوادر، في الميزانية الجديدة، لتقليص هذه النفقات في السنة المقبلة انطلاقاً من مواصلة القمع الإرهابي والدموي والعقوبات الجماعية ضد شعب الانتفاضة. وإذا اضفنا إلى ذلك النفقات الكولونيالية الأخرى، مثل حماية المستوطنات وشق الطرق والإنارة وغيرها، فإن مجمل النفقات الكولونيالية في الميزانية الجديدة، والتي تدخل في إطار ميزانيات البناء والمواصلات والتعليم والصناعة والتجارة والأمن يبلغ، بحسب تقديري، 6 – 8 ميارات شيكل.
إن مواصلة هذا النهج تتناقض مع مصلحة إنجاز التسوية العادلة للطرح الفلسطيني – الإسرائيلي، وتعرقل إمكان التوصل إلى حل واقعي يلبي المطالب العادلة للشعب الفلسطيني في التحرر والسيادة، وتهدّد بنسف العملية السلمية كلها. وتشير الميزانية الجديدة إلى أن حكومة إسرائيل لا تطرح برنامجاً واقعياً للتسوية، وإنما تعمل على الانتقاص من ثوابت الحق الفلسطيني في التحرر والسيادة.
ثانياً: في باب
المداخيل من الميزانية
وفقاً للميزانية الجديدة، فإن الحكومة تخطط من أجل:
(أ) تخفيض مداخيلها من الضرائب بمقدار 800 مليون شيكل. ومن المقترحات المقدمة تخفيض ما يدفعه أصحاب المداخيل في الدرجتين المتوسطة والعليا (30% - 40%) من سلم المداخيل لمصلحة ضريبة الدخل.
(ب) إلغاء ضريبة استيعاب المهاجرين الجدد البالغ مقدارها 5% من الدخل، والتي كانت تجبى من أصحاب المداخيل المتوسطة والعليا.
(ج) تقليص المداخيل عن طريق إلغاء ضريبة السفر إلى الخارج (عملياً، إن الذين يسافرون إلى الخارج هم، في أغلبيتهم، من الميسورين).
(د) زيادة المداخيل بمقدار 50 مليون شيكل عن طريق زيادة المدفوعات للتأمين الوطني، التي يدفعها المتقاعدون والطلاب وربات البيوت (غير العاملات)، بنسبة 4,3%.
(هـ) بيع أسهم الشركات الحكومية والمصارف الحكومية وغيرها من الأملاك الحكومية إلى القطاع الخاص، لرأس المال الخاص المحلي والأجنبي، وإدخال 2,5 مليار شيكل في الخزينة في سنة 1993. وحتى قبل إقرار الميزانية في مكتب رئيس الحكومة، أُقر تأليف لجنة دعيت باسم "لجنة تسريع بيع أسهم الشركات والممتلكات الحكومية". وهذا التسريع في إقامة هذه اللجنة وطرح بيع الممتلكات الحكومية في الميزانية الجديدة يتفقان والإملاء الأميركي الذي ربط تقديم الضمانات المالية بقية 10 مليارات دولار لإسرائيل بقيود وشروط اقتصادية. إن الهدف من بيع أسهم المصارف الحكومية والشركات الحكومية ليس موازنة عجز الميزانية العامة في الأساس، وإنما وضع مفاتيح التطور الاقتصادي في يد القطاع الخاص، وتحويل الاقتصاد الإسرائيلي إلى "اقتصاد السوق الحرة" على النمط الأميركي. والحديث يدور هنا عن قطاع يشمل 170 شركة، تستخدم 72 ألف عامل، ويبلغ حجم إنتاجها 17% من الناتج الإجمالي في إسرائيل (من دون الإنتاج العسكري). ووفقاً لمعطيات "دائرة الشركات الحكومية"،[17] بلغت أرباح شركة "بيزك" للاتصال 170,5 مليون شيكل سنة 1991، و"كيمياليم" 141,7 مليون شيكل، و"أل عال" للطيران 88,8 مليون شيكل. وبلغت أرباح الشركات الحكومية الإجمالية من دون مجمّع الصناعات العسكرية "تاعاس" 542,8 مليون شيكل، في حين بلغت خسائر مجمّع "تاعاس" 548,3 مليون شيكل سنة 1991.
إن الحديث عن بيع الممتلكات والشركات الحكومية لا يدور في شأن "تاعاس" وغيرها من الشركات غير المربحة، وإنما في الأساس في شأن الشركات المربحة. فأسهم قسم من الشركات الحكومية، مثل "كيمياليم" و"شيكم" و"شيكون وبتوح" (البناء) و "تسيم" للسفن، مطروحة للبيع في البورصة الإسرائيلية وفي البورصات العالمية.[18] وأسهم شركات مثل "مبني هتعسيا" (هيكل الصناعة)، و"الشركة لتحسين البيئة" و"تيلم" و"تاهال" و"افريدر"، أصبحت معروضة للبيع للقطاع الخاص وللأفراد. كما أن أسهم بنك ليئومي وبنك طفحوت مطروحة للبيع أيضاً.
الخلاصة
تمتاز الميزانية الجديدة بثلاثة مؤشرات أساسية: الأول أن معطياتها تؤكد أن سنة 1993 لن تحمل في طياتها بشائر التنمية الاقتصادية والخروج من دوامة الركود الاقتصادي، وخصوصاً مواجهة البطالة. فزيادة وتيرة النمو بمقدار 4% - 5% لن تمكن من استيعاب الزيادة في عدد العاملين الجدد أو مواجهة العجز في ميزاني التجارة والمدفوعات الذي سيتفاقم أكثر. ووفقاً لتقويمات المحرر الاقتصادي لصحيفة "ممون:، جدعون عيشت، فإن العجز في ميزان المدفوعات سنة 1993 سيزداد في الميزانية الجديدة، وذلك بسبب فائض الاستيراد على التصدير بنسبة 70%، وزيادة الديون الخارجية.[19]
والثاني أن طابع الميزانية العام لم يتغير. فلا تزال النفقات على الأمن والهجرة والديون العسكرية – وليس التنمية الاقتصادية وتحسين الأوضاع الاجتماعية – تشكل حجر الزاوية في السياسة الاقتصادية. والثالث أن معطيات الميزانية في بابي المداخيل والنفقات تؤكد أن الميزانية الحالية ستساهم في زيادة حدة الاستقطاب والتوتر الاجتماعي في إسرائيل (لم أتوسع في الأبعاد الاجتماعية لضيق المجال)؛ فوفقاً لمعطيات مصلحة التأمين الوطني، التي نشرت في مطلع السنة الجارية، فإن الفارق في المداخيل لعائلة أجير يدخل في إطار العشر الأعلى في سلم المداخيل، قياساً بمداخيل عائلة عامل بأجر يقبع في أسفل درجة من سلم المداخيل، ازداد من 8,9: 1 في سنة 1990 إلى 10: 1 سنة 1991، ويتوقع أن يصل إلى 11,2: 1 في السنة الجارية، وإلى 12: 1 في السنة المقبلة. وبحسب رأي الدكتور يوسي دهان فإن "الحقائق تعزّز مسار ما يحدث منذ أكثر من عقد، من تقسيم المجتمع الإسرائيلي إلى اثنين، إلى أُمتين: الأمة الأولى تشمل وسطاً ضيقاً جداً من أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب المداخيل العالية وأصحاب الأملاك، والذين يتعاظم ويقوي مركزهم باستمرار. وإلى جانبها الأمة الأخرى، التي تشمل الأغلبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي، أغلبية العاملين والمتقاعدين والعائلات الأحادية (من دون أب) والمهاجرين الجدد وذوي العاهات ومجموعات ضعيفة أُخرى، والتي تضعف باستمرار قدرتها على إكفاء نفسها وأولادها بالحاجات الضرورية للمعيشة."[20]
وفي النهاية، نستطيع التأكيد أن الميزانية الجديدة التي يطرحها الحكم الجديد، والذي تسلم مقاليد السلطة قبل أكثر من ثلاثة أشهر بقليل، لا تقدم البديل الجذري من حكم الكوارث السابقة بقيادة الليكود وائتلافه اليميني، لمواجهة القضايا المركزية، لا في مجال التنمية الاقتصادية، ولا في المجال الاجتماعي، ولا في مجال الموقف من الاستيطان الكولونيالي وإنجاز التسوية السلمية المبنية على مبادئ رأس الشرعية الدولية وقراراتها باحترام حق الشعوب في التحرر والسيادة الوطنية.
تشرين الأول/أكتوبر 1992
[1] "معاريف"، 7/9/1992.
[2] المصدر نفسه.
* كل 2,47 شيكل يساوي دولاراً أميركياً واحداً.
** أُخذت المعلومات الواردة أدناه – إذا لم يُذكر مصدر آخر – من معلومات وزارة المال الواردة في: "نشرة معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية"، 8/9/1992؛ والمصدر نفسه، 10/9/1992.
[3] "دافار"، 7/9/1992.
[4] "حداشوت"، 7/9/1992.
[5] المصدر نفسه، 2/9/1992.
[6] أنظر: "يديعوت أحرونوت"، 27/9/1992.
[7] المصدر نفسه.
[8] "عال همشمار"، 14/6/1992.
[9] المصدر نفسه، 25/9/1992.
[10] "يديعوت أحرونوت"، 24/9/1992.
[11] "عال همشمار"، 16/9/1992.
[12] "ممون"، 24/9/1992.
[13] "عال همشمار"، 26/8/1992.
[14] "معاريف"، 13/9/1992.
[15] "حداشوت"، 7/9/1992.
[16] "عال همشمار"، 24/8/1992.
[17] "ممون"، 16/9/1992.
[18] المصدر نفسه.
[19] "يديعوت أحرونوت"، الملحق الاقتصادي، 1/9/1992.
[20] "حداشوت"، 7/8/1992.