يتعلق أحد إشكالات التربية والتعليم، في أثناء الأزمات وما بعدها، بالنسبة إلى أطفال اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، بإحدى المسائل الجوهرية في حياة الأسرة والمدرسة والمجتمع، وهي مسألة التعليم وإرث المتعلم. ومنبع الإشكال أن الأطراف المذكورة تشكل أقطاب المعادلة التي تقوم عليها التربية، إذ يُفترض بكل منها أن يكون له دور ووظيفة في أثناء ممارسة العملية التربوية. وبينما كانت مسؤولية كل من المجتمع والأسرة غير ثابتة وتتسم بالمواءمة مع المتغيراتن فإن المؤسسة التعليمية بقيت أكثر ثباتاً في وضع متقلب على الدوام. وقد حاولتُ أن أسجل في هذا التقرير أحد إشكالات علاقة التربية والتعليم لدى الفلسطينيين في لبنان، والذي وقع على عاتق الأونروا، بموضوع الإرث الذي حمله الأطفال اللاجئون عن أهلهم طوال أربعة أجيال؛ ألا وهو الرغبة في حمل هوية واضحة ومميزة والشعور بالانتماء. فقد عاش الأطفال الفلسطينيون، طوال الأعوام الخمسين من اللجوء، أوضاعاً مختلفة في المحيط الذي لجأوا إليه. وعلى الرغم من أن بعض الفلسطينيين الذين لجأوا إلى لبنان عاش في المدن والقرى ولا يزال، فإن الكتلة الكبيرة، التي شكلت وحدة اجتماعية متكاملة، كانت مؤلفة من ساكني المخيمات الذين يمثلون نسبة تتجاوز نصف عدد اللاجئين في لبنان ولهذا فإن مقاربتنا تتجه نحو إحدى مشكلات أطفال هذه الفئة، وهي مشكلة شديدة الخصوصية وتميزهم من أولئك الذين استقروا بالمدن أو بالقرى أو بالمهاجر. لقد شكّل موضوع فقدان الوطن، وما نجم عنه على صعيد محاولة بناء الهوية من جهة، واضطراب العلاقة بالمحيط – بما فيها مسألة الانتماء – من جهة أُخرى، إحدى المعضلات الجوهرية التي واجهها أطفال المخيمات. إن الأجيال المتعاقبة منذ سنة 1948 شهدت فصولاً من الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون الذين كانوا أطفالاً في النكبة وأصبحوا آباء وما زالوا منكوبين. وكل جيل منهم حين يصبح أباً يورث أبناءه إرثاً ثقيلاً من الأعباء على صعيد النضال من أجل البقاء والاستمرار، وتكوين هويته، وتحديد انتماءاته.
إن أجيال الأطفال اللاجئين، وطوال الأعوام الخمسين الماضية، مرت بمرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى هي مرحلة ما بعد اللجوء والتي تمثلت في تجربة العيش والبقاء في المخيم، وهي مرحلة كُمون امتدت حتى سنة 1969. أمّا المرحلة الثانية فهي ما بعد سنة 1969، إذ خرج الأطفال من الفلسطينيين كما الكبار على الموروث، الذي اختُصر في المرحلة السابقة بصفة اللاجىء، بحثاً عن إرث مفقود وخو الوطن أو الهوية. فكيف عايش الأطفال في مدارس الأونروا الأزمات المتعاقبة، الناجمة عن إرثهم وموروثهم؟
لقد كان للأونروا، التي جرى تأسيسها سنة 1949 بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة خصيصاً للاهتمام باللاجئين الفلسطينيين، دور مركزي وجوهري على صعيد التعليم، في الفترات الأولى للجوء. إذ قدمت التعليم على ما عداه من خدمات، عندما تبين أن الحلول السريعة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين غير متوافرة. وترى الأونروا أن "مهمة دائرة التعليم هي تزويد الأطفال الفلسطينيين كما الشباب، واستناداً إلى حاجاتهم التعليمية وهويتهم وإرثهم الثقافي، المعرفة المطلوبة في الميادين المتعددة."[1] وفي حين ترى الأونروا ذلك، فإن الوقائع تثبت أن حمل إرث الهوية والثقافة يتجاوز إمكان الأونروا ولا طاقة لها به. لذا كانت عملية تربية اللاجئين الفلسطينيين وتعليمهم ثمرة للتعاون ما بين الأونروا واليونسكو منذ البدايات الأولى لاستلام الأونروا مهماتها. "ففي سنة 1950، وعقب التماس من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أخذت اليونسكو على عاتقها المهمات نيابة عن اللاجئين الفلسطينيين، وتم توقيع اتفاق بين المفوض العام للأونروا والمدير العام لليونسكو، يجدَّد كل عامين، أكّد دور اليونسكو في متابعة العملية التقنية لبرنامج التعليم، ووضع على عاتق الأونروا المسؤوليات الإدارية والمالية."[2]
والواقع أن برنامج التعليم العام في الأونروا ينسجم، منذ تأسيسه، مع ذلك الموجود لدى الدول المضيفة، إذ "يغطي المرحلة الإلزامية والتأسيسية التي تطبقها الدول المضيفة والسلطة الفلسطينية، وتتألف من 6 أعوام دراسية في المرحلة الابتدائية و3 أعوام دراسية في المرحلة المتوسطة (أربعة أعوام في لبنان)."[3] ومؤخراً، بدأت الأونروا منذ سنة 1993 تقديم تعليم ثانوي من ثلاثة أعوام دراسية في لبنان فقط.[4]
وبغض النظر عن اتهامات بعض الباحثين بأن أهداف الأونروا في تعزيز عملية تعليم الفلسطينيين تنطلق من غايات سياسية، والتي قد يجد بعضهم ما يبررها في التصريحات والتقارير التي تغطي المرحلة الأولى من عمل الوكالة – إذ يشير أحد الكتب الصادرة عنها إلى أنه "لا يمكن تقسيم عمل الأونروا إلى مراحل، لكن من الممكن أن نميز بعض الأطوال، حيث أن تركيز الأونروا منذ سنة 1950 حتى سنة 1955 كان يتم على مشاريع ذات قاعدة واسعة بهدف إعادة توطين اللاجئين"[5] – فإن الأنروا اهتمت بتعليم اللاجئين في فترة قاسية من حياتهم، وأسست لهم على صعيد التعليم ما يعجز بعض الدول عنه؛ فبعد "ثلاث سنوات من النكبة، كانت نسبة التلاميذ من النازحين إلى مجموع فئة عمر (6 – 14) سنة ... 66,7%."[6]
والواقع أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وجدوا أن هناك إمكاناً لتحصيل العلم مجاناً في المرحلتين الابتدائية والتكميلية في كل مدارس الأونروا والحكومة. إلاّ إن تقديمات الأونروا كانت لا تقارَن بتقديمات غيرها المجانبية، بل كانت تتفوق عليها. ولم يفوّت الفلسطينيون مطلقاً هذه الفرصة، إذ توجه اللاجئون "في أغلبيتهم نحو التعليم المجاني في الأونروا، التي أقامت لهم في فترة ما قبل الحرب اللبنانية 87 مدرسة، وكانت تزودهم بالكتب والقرطاسية وبعض الوجبات الغذائية الصحية مجاناً."[7] لقد تعلمت وتربت أجيال تلو أجيال من أطفال اللاجئين الفلسطينيين في مدارس الأونروا في لبنان، وفي غيره من الدول العربية التي لجأ إليها الفلسطينيون بعد نكبتهم سنة 1948. ولا شك في أن الأونروا قدمت إلى أطفال اللاجئين المؤسسة المركزية على الصعيدين التعليمي والتربوي، التي كانت تقدم – وبفعل دوافع متعددة – تعليماً وتربية ينافسان ما تقدمه الدول المضيفة. "أمّا فيما يتعلق بنظام الأونروا التعليم فقد قدم تعليماً نتيجة الحرص والاهتمام الإداري، ونتيجة إنتتاج معلمين لديهم دوافع عالية وكذلت التلاميذ والأهل."[8]
وهذا ليس بالشيء الهين، ذلك بأن النظام التعليمي في أي مجتمع، وفي أي عصر، يشكل "أسلوباً في توجيه الطاقة البشرية نحو الفعالية في خدمة احتياجات المجتمع والتحديات عليه وعلى كل من يعيش فيه."[9] وطبعاً فإن دور المدرسة لم يكن ليلغي دور الأهل، ولا يمكن أن يلغيه إذ "تشكل السرة عالم الطفولة الأول، فتصبح عن طريق ترابطات مستديمة وحميمة وكثيرة ومتنوعة المصدر الرئيسي للتربية ولتحديد السلوك."[10]
إن المواءمة بين حاجات المجتمع وعملية التعليم والتربية في المدرسة لم يكن في الإمكان أن تتم بمعزل عن الشروط الموضوعية التي تعيشها الأسرة، والطفل من ضمنها. إذ ضغطت الأوضاع القاسية على توجهات الأسرة، وبالتالي على توجهات الأطفال كجزء من الأسرة. وقد ساعدت مؤسسة الأونروا التعليمية اللاجئين الفلسطينيين، في مرحلة تاريخية قاسية، على تحقيق أهدافهم القسرية في مواجهة هذه الأوضاع الصعبة. ويدرك الجميع، بما فيه منتقدو الأونروا، أنه لولا هذه المؤسسة لكان وضع اللاجئين الفلسطينيين أكثر تعقيداً وصعوبة في إثر نكبة 1948 وتشتت الفلسطينيين ولجوئهم خارج وطنهم.
فمنذ ذلك التاريخ عمل الفلسطينيون على تعليم أبنائهم باعتباره الخيار الأفضل لمواجهة أعباء الحياة ما بعد النكبة. وكان الفلسطينيون "المقيمون بلبنان فخورين بتحصيلهم العلمي خلال الفترة 1950 – 1982. إذ كانوا، فعلاً، المجتمع الفلسطيني الأكثر تعليماً، كما كانوا أفضل المتعلمين الفلسطينيين."[11]
وعلى الرغم من أهمية هذه المساعدة، فإنها لم تكن ذات دلالة بارزة في حل إشكالاتهم المستعصية، كموضوعي الهوية والانتماء. فلطالما كان "يُنظر إلى اللاجئين الفلسطينيين رسمياً باعتبارهم غرباء، وعلى الرغم من حقيقة أنهم لا يحتاجون إلى إذن إقامة، فإنهم لا يستطيعون العمل من دون الحصول على إذن عمل. ولهذا فإن المصادر الرئيسية للعمل كانت الزراعة والإنشاءات، في حين يهاجر أولئك الذين لديهم كفاءة تعليمية، مثلاً، إلى الدول المنتجة للنفط."[12]
وأمّا الأطفال فأُجبروا على أن يكبروا باكراً وأن تكون لديهم أهداف تتجاوز أهدافهم الخاصة. كان الأقل يهيئون، وكذلك المدرسة والأوضاع، الطفل كي يكون رجلاً، وهذا ما يحرمه الاستمتاع بطفولته. "وفي أثناء الحرب وفي ظل الفوضى والتشرد، كنا نشاهد انفصال الكثيرين من الأولاد عن عائلاتهم واقتلاعهم من جذورهم، الأمر الذي يجعل منهم في سن مبكرة جداً رجالاً مسؤولين عن قدرهم."[13] لقد كان التعليم بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين مخرجاً من أوضاعهم القاسية ولإيجاد فرص عمل من أجل الاستمرار في الحياة، لكن ذلك كان يتم، في الغالب، عن طريق الهجرة لا عن طريق خدمة المحيط الاجتماعي مباشرة كما يُفترض بمهمات التربية ووظيفتها. فالمحيط محروم من أشياء كثيرة، "ففي مخيمات لبنان لم يكن يحق للفلسطينيين ممارسة الحريات المحدودة مثل حرية التجمع، حرية السفر، حرية التنظيم السياسي، حرية الانتماء النقابي، حرية العمل، حرية الإضراب، بل كان يمارَس قمع مباشر على أهالي المخيمات حيث كانت السلطة لقوى الأمن اللبنانية."[14]
إن هذا الوضع لم يكن يسمح للأطفال الفلسطينيين بالنشوء والترعرع في مناخ صحي وسوي، ذلك بأن الطفل الذي نشأ في مجتمع مقموع ومراقَب لا يمكن إلاّ أن يكون مأزوماً. فالطفل "يذهب إلى المدرسة بعد أن يكون قد أخذ قسطاً وافراً من التربية التي استقاها من أسرته ومن جماعة اللعب ومن أصدقائه ومن كل من يحيط به منذ ولادته. لذلك فإن هذا الطفل وغيره لا يترك العالم وراءه حين يدخل باب المدرسة. بل يدخل الصف وفي جعبته بعض الخلفيات الثقافية والاجتماعية التي ينشأ فيها. لذا تراه يشعر ويفكر ويستجيب من خلال خلفيته الثقافية."[15]
وإذا كانت التربية السوية والمثالية تعني عملية تنشيط مختلف الأنظمة المجتمعية، وكذلك العمل على مساعدة "المجتمع على تحقيق أهدافه في مخططات تنمية ومن بينها دون شك التربية على اعتبار أنها الدعامة الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية"،[16] وإذا كانت التربية تشكل قلب هذا الدور، فإن مؤسسة الأونروا التعليمية لم تكن قادرة على القيام به، وليس من ضمن خططها أو مضمون مهمتها القيام بهذا الدور. إن الفلسطينيين بعد اللجوء فقدوا مقومات وحدة مجتمعية مشتركة واعتبروا غرباء عن غيرهم، وخصوصاً من جانب مضيفيهم في لبنان، الأمر الذي يعني أن التربية في المدرسة فقدت مضامينها الاجتماعية. كما أدت عملية فصل الفلسطينيين داخل المخيم إلى حالة لا تنسجم مع غايات التربية، إذ "وُضع الفلسطيني في المخيم أمام خيارين: إمّا الاعتماد على وكالة الغوث والمؤسسات الخيرية إلى ما لا نهاية، أو التعليم الذي تتلوه الهجرة والخيارات لا يستلزمان الحد الأدنى من الشعور والإحساس بأن حل مشاكله يأتي عن طريق قوى خارجية."[17]
ويمكن أن نعرف حجم خدمات الأونروا والجهود المبذولة لمصلحة تعليم أطفال اللاجئين من خلال منشوراتها التي تبيّن عدد الأطفال الذين تعلموا في مدارسها خلال الفترة 1950 – 1996. بيد أن الأعداد الهائلة من الأطفال التي تعلمت في مدارس الأونروا طوال الأعوام السابقة كان يتم إعدادها فنياً وعلمياً بشكل جامد بحيث لا تجد العملية التربوية تجلياتها في الواقع اليومي المعاش. وهذا لا يعني غياب بعض المبادرات الفردية من المدرسين الذين قام بعضهم بتقديم أنشطة لامنهاجية وإعطاء حياة لإطار التعليم المدرسي. وفي حالات لا تحصى كان يتم تجاوز النصوص التعليمية لربط الطفل بتاريخه وواقعه. إن أحد الأمثلة لذلك أن الأطفال لم يعرفوا وطنهم سوى في الأناشيد والأحلام والذكريات، وأما على صعيد فكرة الوطن فقد أدت الأسرة دور المنفاخ الذي يذكّر بالوطن ويؤكد عدم نسيانه.
"أمّا هؤلاء الذين ولدوا في الشتات فقد عرفوا الوطن من خلال عملية السرد الليلي واليومي التي كان الآباء والأمهات والمسنون يحرصون على القيام بها، كما لو كانوا يقدمون لصغارهم 'كشف اعتذار' عن الحياة المريرة التي يعيشونها، وعن الوضع المذل لواقعهم. وليحفروا في ذاكرة الصغار صورة ذلك الوطن الذي لا يشبه المخيمات... حتى صار لدى كل طفل فلسطيني 'فلسطينه الخاصة' التي يحلم بها... كان الطفل يصغي ويحلم بفلسطين... وهكذا أصبح حضور فلسطين في وجدان الصغير حضوراً عاطفياً، ورومانسياً، ومأساوياً في الوقت ذاته."[18] ومع أن الأطفال اضطروا إلى التكيف وفق أوضاع الشتات واللجوء إلاّ إن "ذكريات فلسطين بقيت حادة وكانت تُنقل إلى الأطفال، الذين يولدون في المنفى، بواسطة أهاليهم."[19]
إذاً نستطيع أن نقول إن الطفل كان يشكل هويته الخاصة خارج ما تقدمه المؤسسة التعليمية، حتى قيل إن المجتمع الفلسطيني يفتقر إلى أسس تربية وتعليم فلسطينيَّين، لأن ما هو موجود هو متعلمون فلسطينيون، ذلك بأن وجود تعليم فلسطيني "يتطلب وجود مجتع فلسطيني له تركيبته التي تحدد لهذا التعليم وظيفته النابعة من احتياجات هذا المجتمع."[20]
لقد جرى تطور في المرحلة الثانية بعد سنة 1969 فيما يتعلق بحياة اللاجئين في لبنان، عندما سيطرت منظمة التحرير الفلسطينية على المخيمات فيه ولم يعد اللاجئون الفلسطينيون تحت سيطرة الدولة اللبنانية.
وعلى الرغم من أهمية هذا الوضع بالنسبة إلى المجتمع الفلسطيني، فإن الأطفال الفلسطينيين دفعوا ثمناً باهظاً لهذه الحالة الجديدة. طلقد استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية، خلال السبعينات، إقامة بنية تحتية جوهرية في المخيمات من ضمنها خدمات الإغاثة والصحة والتعليم. في كل حال، وبعبارات عسكرية، إن الهجمات على إسرائيل سواء أكانت على أهداف عسكرية أم مدنية أدت إلى ردود في شكل هجمات جوية وأرضية، خلال السبعينات، أثرت في حياة سكان الجنوب اللبناني وبيروت حيث يتركز معظم الفلسطينيين."[21]
وفي هذه الفترة ازدادت التقديمات إلى الطفل الفلسطيني في مرحلة ما قبل المدرسة وفي مرحلة المدرسة وما بعدها. ومن الجلي أن هذه التقديمات لم تكن ملحوظة في برامج الأونروا التربوية والتعليمية، كالاهتمام بالطفولة المبكرة، وإنشاء الأندية، وتنظيم الرحلات، والقيام بأنشطة ومهارات تتجاوز إطار التعليم الصفي. لقد "جاء الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة، بعد ظهور التنظيمات الفلسطينية في أواسط السبعينات وبخصاة نتيجة لتنافسها للعمل بين الجماهير."[22] وتوسع العمل في هذا الجانب بحيث أحصي سنة 1994 وجود ما نسبته "36,5% من الأطفال من 3 إلى 6 أعوام في رياض تابعة لجمعيات أهلية تعمل في الوسط الفلسطيني في مخيمات وتجمعات لبنان."[23]
غير أن الحقبة الممتدة من سنة 1969 وما تلاها، والتي شكلت حالة جديدة للفلسطينيين كما ذكرنا آنفاً، أدت عملاً إلى تغيير في توجهات اللاجئين، بمن فيهم الأطفال، نحو التعليم. لم يعد التعليم طريقاً للخلاص الفردي، أو لتحسين شروط الأسرة، ولم يعد للتعليم الأهداف السابقة نفسها. وأصبحت فكرة الوطن أكثر قرباً من خلال التماهي مع الرمز الفلسطيني المتمثل، آنذاك، في الفدائي. واعتبر ذلك ترسيماً لهوية وطنية بدلاً من هوية اللاجىء التي كان يشعر الأطفال بوطأتها. فكانت "الأمنية التي ذكرها 100% من الأطفال الفلسطينيين المستفتين، بغض النظر عن مكان إقامتهم، أو مداخيلهم، أو اتجاهاتهم، هي استعادة فلسطين ورؤيتها محررة."[24]
لقد أدت الحرب المفتوحة مع إسرائيل إلى تعرض اللاجئين لأنواع متعددة من التدمير والخسارة تفوق التصور، فضلاً عن اندلاع الحرب الأهلية في لبنان وتعرض المخيمات الفلسطينية الموجودة فيه لصراعات مع المحيط في فترات متفاوتة وبحسب التطورات السياسية.
وقد ساعد على إدخال الفلسطينيين في الصراع رغبتهم في وجود حلفاء يساعدونهم على الحفاظ على وضع أفضل في الصراع الذي ساد لبنان من جهة، وعلى التمسك بالمفهوم الجديد للهوية الفلسطينية من جهة أُخرى. إذ اصبح الفلسطيني ثائراً، لا لاجئاً، وأصبح الطفل شبلاً... إلخ. إن "الأطفال الفلسطينيين في المخيمات تقريباً وبالكامل ألزموا أنفسهم بعهد يربط كل ما يفعلونه ويفكرون فيه بفلسطين."[25]
إن هناك جملة من الأسباب دفعت الفلسطينيين إلى الخروج من النطاق الذي كانوا حُصروا فيه في مخيمات لبنان. "فقد دُفع الفلسطينيون إلى الاشتراك في الصراع اللبناني لعدة أسباب.... من الأسباب الأُخرى كونهم معزولين بلا هوية أو بلا وضع شرعي."[26]
كما شهدت المرحلة الممتدة من سنة 1969 حتى سنة 1982 تسيّساً واسعاً للمجتمع الفلسطيني، بنسائه وشيوخه وأطفاله. ولم تخل عملية التيسّس من السلبيات. إن "مرحلة صعود منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات لبنان شهدت إعادة تأكيد الوعي الوطني والهوية... وأحد التأثيرات المباشرة لذلك هو إعادة النظر في المنهاج المستخدم في مدارس الأونروا... وقد أدى إضراب الطلاب والأساتذة سنة 1974 إلى إدخال مشروع جديد للمنهاج يغطي تاريخ فلسطين وجغرافيتها."[27]
غير أن التقارير المتتابعة للمفوض العام للأونروا خلال هذه المرحلة أشارت، وباستمرار، إلى صعوبة وضع الأطفال وإلى عقم العملية التعليمية في الأوضاع القاسية التي كانت مستمرة ولم تتوقف. "في غارة إسرائيلية بتاريخ 8 أيلول/ سبتمبر 1972 على محيط مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، قُتل 19 طفلاً وهم يلعبون خارج أوقات الدوام المدرسي بين الزيتون، وجُرح 26 طفلاً آخرين، ولحق بإحدى المدارس دمار جزئي. ونتيجة هجوم إسرائيلي على مخيم النبطية، بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر 1972، عطلبت المدرسة بصورة تامة فترة شهر. كما غادر اللاجئون المخيم إلى أماكن أكثر أمناً."[28] وفي "هجوم ليلي بواسطة قوات إسرائيلية على شمال لبنان، في 21 شباط/ فبراير 1973، جرى تعطيل كامل لمدرسة الأونروا – اليونسكو المكونة من 11 صفاً بسبب شظايا الانفجارات. كما جرى تعطيل مدارس الوكالة في بيروت بسبب الأحداث في 2 أيار/ مايو 1973 بين الجيش اللبناني والمنظمات الفلسطينية."[29]
وأيضاً "بحلول سنة 1975 تدهور الوضع نحو حرب أهلية مفتوحة أثرت في معظم لبنان. إن البرنامج التعليمي تأثر بصورة سيئة، وأُغلق معظم المدارس."[30] واستمر الوضع في تراجع، بصورة عامة، على كل الصعد ومنها التعليمي والتربوي. كما جرى خلال هذه الحقبة تدمير مخيمات تدميراً تاماً بما فيها من بشر وحجر كما حدث في مخيم النبطية سنة 1974، وفي مخيمي تل الزعتر وجسر الباشا سنة 1976. فأدى هذا الوضع، طبعاً، إلى تدهور مستوى التعليم، بصورة حادة، خلال مرحلة منتصف السبعينات قياساً بالفلسطينيين في مناطق أُخرى، إذ يشير أحد الباحثين إلى "أن نسبة التعليم للفلسطينيين في الأقطار العربية مرتفعة، وفي لبنان ما زالت منخفضة 18,3%"،[31] قياساً بعدد السكان البالغ 311 ألف نسمة، وذلك نتيجة الوضع الأمني السائد في لبنان.
وبلغ التدهور في وضع اللاجئين ذروته مع غزو إسرائيل للبنان سنة 1982، إذ "لم يكن هنالك شك في أن الدمار الذي أصاب مخيمات اللاجئين التي يوجد منها سنة في جنوب لبنان كان شديداً جداً. فقد أصبح عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين دون مأوى مرة أُخرى... وأصبحوا في حالة بؤس. وفي حالات عديدة ازدادت حالات العائلات سوءاً بسبب غياب الرجال الذين كانوا إما قتلوا، أو جرحوا، أو أخذوا أسرى، أو انسحبوا مع وحدات جيش التحرير الفلسطيني."[32]
والواقع أن وضع الفلسطينيين بعد الاجتياح الإسرائيلي بلغ من السوء درجة لا توصف. فبعد عام على الاجتياح كان وضع اللاجئين الفلسطينيين سيئاً للغاية. إذ "كان المقيمون في لبنان ضحايا بصورة متكررة لأعمال العنف. وفي حين أن الكثير منها أثر على المواطنين الفلسطينيين واللبنانيين دون تمييز، كان الفلسطينيون هم الهدف المحدد لها في كثير من الحالات. ولا تزال حياة الفلسطينيين عرضة للخطر في كل مكان من لبنان."[33]
ويبدو أن الإشكالات التي واجهها الفلسطينيون منذ الاجتياح الإسرائيلي وما بعده شكلت منعطفاً كبيراً في حياتهم وحراكهم الاجتماعي، بل أدت إلى نظرة جديدة إلى التعليم اختلفت اختلافاً كبيراً عن المرحلة السابقة. "فنتائج الحرب، بالنسبة إلى الأطفال الفلسطينيين، ممزوجة بعدم أمان يتسم بالديمومة ويطبع مستقبلهم ونظرتهم بطريقة لا يمكن للتعليم العادي أن يعدلها أو يمحوها."[34]
إن النتائج الاجتماعية للأزمات التي عاشتها المخيمات الفلسطينية أثرت في علاقات الفلسطينيين بالمجتمع اللبناني، كما أثرت في توجهات اللاجئين الفلسطينيين بالنسبة إلى مستقبلهم ومصيرهم. وأدى ذلك، عملياً، إلى التقليل من أهمية التعليم، إذ إن المفاهيم الرئيسية المرتبطة بعملية التربية والتعليم أصبحت تشكل انقطاعاً كاملاً عن الواقع المعاش. فقد تعرض المجتمع المدني الفلسطيني، برجاله ونسائه وأطفاله، لمتغيرات سريعة وخصوصاً بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. وتمثلت إحدى صور هذا التغيير في استهداف الفلسطينيين، رجالاً ونساء وأطفالاً، بمجازر صبرا وشاتيلا التي كان الأطفال إحدى ضحاياها المباشرين. كما أن ثمة مَنْ دفع منهم ثمناً لاحقاً كونهم أيتاماً لأهال قتلوا في تلك المذبحة وغيرها من المذابح. "وقد يكون كل من التغييرات بعيدة المدى التي جرت في مجال التوظيف على الصعيد الإقليمي، وكفاح فلسطينيي المخيمات اليائس للبقاء، أضعف الثقة بالتعلم كوسيلة للتقدم."[35] أضف إلى ذلك أن تعرض آلاف الآباء، في وقت لاحق، لمضايقات واعتقالات، وتعرض المنازل في المخيمات وخارجها لغارات مناوئي الفلسطينيين من عناصر الدولة أو من الفئات الأُخرى الخارجة عليها، جعلا الأطفال ينتقلون مع أسرهم من وضع قلق إلى وضع آخر أشد قلقاً تمثل في حروب المخيمات، تارة بين الفلسطينيين، وتارة بين أطراف محلية والمخيمات. كما لم تسلم المخيمات الفلسطينية من نتائج صراعات الأفرقاء اللبنانيين بعد أن وضعت حرب المخيمات أوزارها.
إن غياب المرجعية، المتمثلة في القيادات التي إما رحلت وإمّا اعتقلت وإمّا قتلت، وهي التي كانت تشكل الأب الرمزي للجماعة الفلسطينية، جعل الفلسطينيين يشعرون باليتم وبقلق جذري إزاء خطر الفناء. لقد كان هنالك شعور جماعي هائل بأن زمام أمور الفلسطينيين أفلت من أيديهم.
ومن الثابت أن الأطفال الفلسطينيين، كما الأهالي، تُركوا لمواجهة مصيرهم القاسي بعد حرب 1982. وأدى ذلك الوضع الذي استمر فترات طويلة إلى اضطراب مفاهيمي عند الفلسطينيين، فيما يتعلق بمسألتي الانتماء والهوية، فضلاً عن الاضطراب الشديد في النظام التعليمي نفسه الذي لم يكن ليتواءم مع التغييرات التي عاشها الأطفال. "لقد أدت الأحداث من جهة، وسيطرة التفكير الجامد من جهة أُخرى، إلى شبه شلل في النظام التعليمي في الأونروا... لقد أضحت المشاكل أكبر من قدرته الذاتية على مواجهتها. أصبحت مدارس الأونروا مستسلمة أمام الانخفاض المرعب في المستوى التحصيلي للطلاب... فلا تظهر هذه المدارس أي اهتمام لتنظيم أنشطة خارج الصف تعزز العملية التربوية."[36] بل أكثر من ذلك، فإن الالتحاق بالمدرسة لم يعد من أولويات الأطفال، وتوسع مستوى عدم الاهتمام بمتابعة التعليم التقليدي إذ "انخفض عدد التلاميذ في المرحلة الابتدائية (24% بين أعوام 74/1975 و 85/1986) أي خلال عقد من الزمن، بينما بقيت الأرقام ثابتة نسبة للتلاميذ في المرحلة المتوسطة، مما يعني أن حركة تسرب واسعة أخذت تحصل خلال سنين الحرب."[37]
إن تقارير المفوض العام للأونروا تعطي فكرة عن وضع المدارس في تلك المرحلة. وسنعرض بعضها بإيجاز: "خلال العام الدراسي 1988 – 1989 كان في لبنان 33,000 تلميذ في 76 مدرسة تابعة للوكالة هناك. وقد نقص عدد المدارس سبعاً بالمقارنة مع السنة الماضية وذلك لأسباب عدة، منها تدمير المدارس ونزوح العائلات نتيجة للقلاقل، ودمج بعض الوحدات المدرسية."[38] وفي العام التالي، جاء في تقرير المفوض العام ما يلي: "وكان وضع برنامج التعليم في لبنان صعباً أيضاً. فقد استمرت المدارس في تأدية خدماتها في ظل أوضاع غير مستقرة ودائمة، الأمر الذي كثيراً ما أدى إلى اضطرار السكان إلى الانتقال من مكان إلى آخر وإغلاق المدارس لفترات طويلة. ولم توفر المدارس المدمرة وهجرة التلاميذ واندلاع جولات القتال أجواء مناسبة للتعليم."[39]
واستمر الوضع الفلسطيني في التدهور حتى هدأت الأمور نسبياً في النصف الثاني من سنة 1990 وما بعد، حين بسطت الدولة سلطتها على المناطق التي توجد فيها المخيمات الفلسطينية. إلاّ إن حجم الضرر الذي كان أصاب المؤسسات التعليمية، التي تعتبر الطف الرئيسي لتقديم الخدمات التربوية والتعليمية للأطفال الفلسطينيين، كان كبيراً وهائلاً على الصعد التقنية والفنية والبرامج... إلخ، والأهم على نفسية الأطفال وتوجهاتهم.
فمثلاً، "خلال السنة الدراسية 1993 – 94 [أي بعد توقف الحروب]، كان ما نسبته 58 في المئة من الصفوف الابتدائية و34 في المئة من الصفوف الإعدادية تعمل بنظام الدوامين، مما حرم الطلاب من ممارسة الأنشطة اللامنهاجية، بينما عمل ما نسبته نحو 50 في المئة من الصفوف في مبان مدرسية مستأجرة غير مناسبة، تفتقر إلى المرافق التربوية الملائمة، كالصفوف الواسعة، والغرف المخصصة والملاعب."[40] والواقع الذي لا شك فيه أن عدد الطلاب ومستوى التعليم في مدارسة الأونروا تراجعا، بصورة خطرة، خلال فترات الأزمات والحروب. إننا ندرك استحالة قيام عملية تربوية سليمة في ظل الأوضاع والشروط التي كانت سائدة ولفترات زمنية طويلة، والتي كان من نتيجتها اضطرار أعداد متزايدة من الأطفال وصغار السن إلى الهجرة أكثر من مرة داخل لبنان وخارجه. إن الأسرة الفلسطينيةكانت تتخذ موقف تقدير وتثمين عال تجاه أهمية الدراسة ودورها في الحياة خلال المراحل التاريخية السابقة، ففي مطلب أعوام النكبة كانت الأسرة ترى أن هدف العلم "هو تحصيل وظيفته من خلال المستوى العلمي التي توفر أساسه الأونروا عبر مدارسها. وهذا الاهتمام هو نوع من تأمين الأمن الاجتماعي. كانت هذه المسألة واضحة لدى الفلسطينيين في لبنان."[41] ويبدو أن رؤية الأسرة تحولت من الاهتمام الاستثنائي بالأمن الاجتماعي المتمثل في تأمين الاستقرار المادي ومستقبل الأسرة، والمعتمد أساساً على التعليم، إلى الاهتمام بالحماية الجسدية المباشرة والحفاظ على الأمن الجسدي الذاتي. ولهذا بدأت الأسر في مراحل ما بعد الحروب والأزمات التفكير في خيارات مغايرة، إلى حد كبير، لخيارات المراحل السابقة، من خلال العمل على الهجرة الدائمة واللجوء إلى خارج لبنان. وبالتالي، فإن الكثيرين من الأطفال جرى فصلهم عن أسرهم وتم إرسالهم إلى الخارج بهدف حمايتهم. وهنا نلاحظ أن موضوع عدم توفر الأمن أصبح شاملاً ويتجاوز الهوية الشخصية للأفراد. إن الذعر الجماعي أدى إلى أن تصبح "الهوية الاجتماعية للموضوعات تبرز كذات أهمية أكثر من الهوية الشخصية... إن مناخ غياب الأمل أدى دوراً في هذه الحالة. كما يمكن أن يفسر الهوية الاجتماعية باعتبارها تعبيراً عن طلب الحاجة إلى دعم اجتماعي للمواءمة مع متطلبات المحيط."[42]
وهذا الأمر وجد تجلياته في حالات الاعتداء على الفلسطينيين باعتبارهم يمثلون هوية جماعية، شكّل السكن في المخيم أحد مظاهرها. ولم يُستهدف سكان المخيمات لشخوصهم، وإنما لكونهم شكلوا حالة لها هوية اجتماعية مميزة.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، وإنما تعداه، طبعاً، إلى زوايا مهمة في العلاقات الاجتماعية وتوجهات الأسر وحاجاتها النفسية والاجتماعية. فمن ناحية التنمية التربوية يُجمع معظم المربين وعلماء النفس على حاجة الطفل إلى ما يلي، مع أنهم يختلفون أحياناً في ترتيب أولوياتها.
"1- الحاجة إلى الأمن.
2- الحاجة إلى الحنو والحب.
3- الحاجة إلى الانتماء.
4- الحاجة إلى الإنتاج والنجاح.
5- الحاجة إلى الحرية.
6- الحاجة إلى سلطة ضابطة."[43]
إن اضطراب أوضاع الأسر، مثلاً، جعل من المستحيل على الأب أن يقدم نموذجاً قيادياً وثقافياً إلى أطفاله. فمن المعلوم أن الطفل ينظر إلى الأب باعتباره نموذجاً لما سيصبح عليه. إن صورة الأب الفلسطيني تدهورت، بصورة مريعة، في أثناء الحروب والأحداث. فالأب الفلسطيني "هو بحد ذاته لا يجد مرجعاً يركن إليه، ملاذاً نفسانياً يعتمده في الضراء. وكذلك وضع الأم وبالتالي ستكون حالة الأبناء في دوامة البحث المستديم عن هوية وطنية، اجتماعية ونفسانية."[44]
من الواضح أن الكثير من هذه الحاجات الضرورية لنمو الأطفال لم يكن في الإمكان تأمينه بسبب الأوضاع المأزومة التي عاشها المجتمع الفلسطيني في لبنان، إذ "تسببت الحروب بتفريق (10%) من الأطفال عن أحد والديه أو كليهما."[45]
وحيث "أن أي عملية تربوية أو تعليمية، تفترض وجود علاقة ما بين طرفين غير منعزلين عن البيئة الاجتماعية التي تتم في إطارها التربية"،[46] وهما الأسرة والمدرسة، فإن الأوضاع التي عاشها الفلسطينيون أدت، عملياً، إلى وجود شرخ بين المعطيات النظرية، التي قدمتها وتقدمها التربية ومنها عملية التعليم، وبين الواقع الاجتماعي المعاش. إن هذا الشرخ أدى إلى تصادم بي وظيفة المدرسة ومتطلبات المجتمع المحلي، الأمر الذي ساهم في التدهور المستمر في أعداد الأطفال الملتحقين بمدارس الأونروا وفي مستواهم، كما أدى إلى ارتفاع نسب التسرب. فقد تضرر نمو الأطفال الفلسطينيين التربوي والتعليمي بصورة كبيرة نتيجة الأحداث الأليمة التي جرت، إذ إن "أكثر من ربع الأطفال الفلسطينيين في لبنان سببت الحروب في انقطاعهم عن الدراسة لمدة سنة أو أكثر وتختلف هذه الآثار باختلاف العمر." [47]
والواقع "أن القصف العشوائي والغارات الجوية والاعتداءات المنظمة... إلخ في المخيمات الفلسطينية أدت إلى خسارة عالية في الأرواح وتدمير جماعي للأملاك وتهجير منظم في أغلب الأحيان، وإلى تعطيل في الدراسة وتدمير في البنية التحتية. إن الأضرار النفسي وضغوطات ما بعد الحرب أثرت جدياً في نمو الكثيرين من الأطفال الفلسطينيين، وفي تطورهم."[48]
إن تعرض الأطفال لتأثيرات الحرب التي استهدفتهم كان مباشراً. فالأطفال الذين تعرضوا لإصابات جسدية وإعاقة نتيجة الحروب "كانت نسبتهم 14% من أطفال مخيمات بيروت و4% من أطفال الجنوب."[49]
كما فقد الكثيرون من الأطفال أشخاصاً مقربين جداً إليهم، إذ "أصبح أكثر من (8%) من الأطفال الفلسطينيين بدون أب أو أم أو كليهما نتيجة وفاتهم إثر الحروب والاقتتال هذا بالإضافة إلى فقدان أكثر من (7%) من الأطفال لأحد إخوانهم أو أخواتهم نتيجة تلك الحروب."[50]
إضافة إلى أن الكثيرين من الأطفال تعرضوا لصدمات أُخرى تمثلت في اختفاء أو اختطاف أفراد أسرهم، كما أن "أكثر من (10%) من الأطفال اختفى أو خطف أحد أفراد أسرته خلال الحروب والاقتتال في لبنان بالإضافة إلى (8,4%) من الأطفال خطف أحد أقاربه."[51]
إن الحالة التي سادت لدى الأسر الفلسطينية نتيجة الحروب والأزمات أفقدت الطفل الفلسطيني ما يعزز حالته النفسية والاجتماعية. فقد جرى تهميش دور الأسرة وتعطيله نتيجة الوضع الذي ذكرناه، كما جرة تعطيل المدرسة وإضعاف دورها على مختلف الصعد. والحق يقال إنه "منذ الحرب الأهلية، وخلال 1975 – 1976، أصبح الأطفال والنساء هدفاً محدداً للاعتداءات."[52]
وأدت الحرب، في حالات كثيرة، إلى تحول الأطفال إلى رجال محاربين في وقت مبكر حين قاموا أحياناً بمهمات الدفاع عن المخيمات. وهذا ما يفسر انتشار ظاهرة أطفال الـ أر. بي. جي في مخيمات لبنان بعد اجتياح إسرائيل للبنان سنة 1982 وفي أثناء حروب المخيمات.
كما قامت الحرب بـ"اختراق المؤسسات، ففي المدارس حيث تتراتب سلطات هرمية دقيقة... تستبطن القيم في المجال اللاشعوري الجمعي والفردي عنصر شبط وقمع، تتلاشى معه الهيبة وتسقط القوانين. فلا تربية ولا تعليم بعد اليوم، تنفرط مهام التربية ولا تكاد تجد في المدرسة بكاملها من يفك الحرف."[53]
أضف إلى ذلك التأثيرات الهائلة في نفسية الأطفال، ذلك بأن "أكثر من ربع أطفال بيروت وحوالي خمس أطفال الجنوب أصيبوا بحالة اكتئاب جراء الحروب والاقتتال في حين عاش حوالي (40%) من أطفال بيروت بكوابيس أثناء الحروب."[54] وقد اثر كل ذلك تأثيراً شديداً في علاقة الأطفال بالمدرسة من حيث تدهور مستوى الاهتمام بالتعليم، سواء من التلاميذ أو الأسر إذ "انخفض المستوى التعليمي لأكثر من 57% من أطفال بيروت في حين انخفض هذا المستوى لحوالي 23% من أطفال الجنوب."[55]
هذا فضلاً عن التسرب. فقد أشارت دراسة حديثة إلى أن "نسبة المتسربين إلى المنتظمين في سن الدراسة الأساسية (6 – 18 سنة) تبلغ 24% وأمّا معدل التسرب العام الذي يحسب بقياس نسبة المنتظمين بالدراسة إلى مجموع السكان في الفئة العمرية 6 – 18 نجده يبلغ 18%."[56]
وفي الفترة الأخيرة، هناك ما يشير إلى أنه "في المستوى المدرسي المحضن ثمة دليل على أن هناك نسبة من الأطفال في مختلف فئات الأعمار موجودة في المدارس حالياً."[57]
إن الأوضاع جميعها ساهمت في إغلاق المنافذ أمام الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى "تدني الاهتمام بأصحاب الكفاءات وعدم وجود مكان لهم في المجتمع الأمر الذي حولهم إلى عاطلين عن العمل ودفعهم إلى الهجرة [هذه الأوضاع] كانت ولا زالت جميعها من العوامل التي أدت إلى تسرب الأطفال من المدارس وتوجههم إلى سوق العمل."[58]
من المؤكد أن الحروب أثرت، بصورة هائلة، في الأطفال الفلسطينيين وستؤثر لمرحلة طويلة قادمة. ومن جهة أُخرى، فإن وقف الحروب في لبنان لم يوقف القلق على المصير بالنسبة إلى الفلسطينيين وأطفالهم بعد أن عملت الحروب على فصل الأسر الفلسطينية وقطع أوصالها. فقد جاء في تقرير عن الأيتام والأرامل في مخيم برج البراجنة أن "147 أرملة من الأرامل الـ 247 في المخيم أرسلت أطفالها إلى الخارج بين الخليج وأوروبا... هناك 87 طفلاً في أوروبا، منهم 55 طفلاً في الدانمارك."[59]
إن اتفاق أوسلو وما بعده لم ينه مأساة الأطفال الفلسطينيين في لبنان وعائلاتهم. إذ إنه على الرغم من التحسن البطيء الذي طرأ على التعليم عبر توسيع الخدمات للأطفال الفلسطينيين، الذي شمل تأسيس مدارس ثانوية في لبنان تستطيع أن تستوعب الشباب من سن 16 عاماً حتى سن 18، فإن عدم إشراك لاجئي لبنان في المفاوضات زاد في قلقهم على هويتهم ومستقبلهم.
"وفي حين أن اتفاق أوسل افتأت على حقوق اللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا، فإن اللاجئين في لبنان يعانون القلق على المستقبل إلى حد لا مثيل له في أي مكان آخر، لأنهم مرفوضون من إسرائيل ومن لبنان على السواء."[60]
وتزداد الأمور تعقيداً مع عدم استعداد الدولة اللبنانية المضيفة لتقديم ضمانات وحقوق مدنية للاجئين الفلسطينيين، بل على العكس من ذلك، فإنها قامت بممارسة مزيد من التشدد تجاه مخيمات اللاجئين في الجنوب، كما طالبت اللاجئين بتأشيرة خروج وعودة من وإلى لبنان اعتباراً من أيلول/ سبتمبر 1995، الأمر الذي زاد في مخاطر تفريق الأسر الفلسطينية وشعورها بأخطار تهدد مستقبلها ووجودها وهويتها.
إن مستقبل الأطفال الفلسطينيين في لبنان يكتنفه الغموض والريبة، ويتجاوز هذا الوضع إمكانات المؤسسة المدرسية التي تديرها الأونروا، كما يتجاوز حدود صلاحياتها وسلطاتها، بل جوهر انتدابها الذي أخذ منذ البداية صفة تقديم الخدمات الإنسانية الضرورية للاجئين لا حمايتهم.
إن مدارس الأونروا لا تستطيع، وكذلك الأونروا نفسها، تقديم ما يحتاج الطفل الفلسطيني إليه من حماية وأمن وحرية وهوية، فضلاً عن أنها لا تستطيع تقديم جوهر ما يعتبره الأطفال حقاً من حقوقهم التربوية بسبب ارتباط العملية التعليمية ببرامج الدول المضيفة، حيث أن غاية التربية عند الفلسطينيين يجب أن تكون العمل لـ"الحفاظ على الهوية الفلسطينية ويكون ذلك كما يلي: تحقيق غايات وأهداف خاصة بالفلسطينيين تسير حسب تطلعاتهم الوطنية والثقافية والسياسية والاجتماعية وضرورة تحقيقها عن طريق العمل اليومي في الأسرة وفي المدرسة وفي المجتمع."[61]
ومن الجبي أن العملية التربوية في الأونروا، أو خارجها، لا يمكن أن تتم بنجاح في الوضع القلق الذي تعيشه الأسرة الفلسطينية. فالطفل جزء من المجتمع ويعاني ما يعانيه. وعليه، ففي الوقت الذي يعيش مجتمع المخيم فيه الآن، "حالة قلق نفسي وحالة عدم استقرار عالية نتيجة لعدم وضوح مصيره السياسي"،[62] فإن "هنالك خشية حقيقية من أن يتحول هذا المجتمع إلى محيط معزول مغلق وسط المجتمع اللبناني في حال استمرار عزلته وحصاره داخلياً وعربياً."[63]
في هكذا وقت لا نتوقع من الطفل أن ينصرف إلى الدراسة والاهتمام بالتعليم. فالقلق يتركز على المصير، وعلى الهوية التي ترمز إلى الوطن المفقود؛ "الحياة في المنفى صعبة؛ لا هوية لي. أنا أرغب في العودة إلى وطني، كي أشعر بدفئه وحنانه."[64]
إن فلسطينيي لبنان وأبناء المخيمات فيه مهمشون في الأوضاع القائمة حالياً، إذ "يقوم الفلسطينيون بدور ضئيل في لبنان 'الجديد' هذا، وهم مهمشون سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؛ 'طائفة' ليس لها مكان معترف به في نظام طائفي."[65]
في هذه الحالة، فإن ما ورثه الأطفال من أزمات سينقلهم مع موروثهم المتمثل في فقدان الهوية إلى آفق مجهولة لا يمكن تفادي نتائجها الكارثية إلاّ عبر العمل لمساعدة هؤلاء الأطفال من خلال المحاور التالية:
1- دعم برنامج الأونروا وجعله قادراً على توفير مناخ تربوي وتعليمي نشيط لمصلحة أطفال اللاجئين الفلسطينيين، وذلك عبر مساعدات نقدية تساعد في توفير مدارس أكثر، وصفوف أكثر لتفادي نظام الدفعتين، وكذلك تقديم تجهيزات فنية وتربوية لتوسيع آفاق التلاميذ التربوية بحسب حاجات المجتمع الفلسطيني وآماله وطموحاته.
2- العمل لتوأمة بعض المدارس التي فيها أطفال فلسطينيون مع المدارس في المخيمات للحفاظ على مستوى مقبول من التواصل لما فيه مصلحة الأطفال النفسية، وللحفاظ على تواصلهم مع تراثهم وهويتهم. وهذا ينسجم مع الفقرة "ج" من المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الطفل. فقد ورد في تلك الفقرة أن تعليم الطفل يجب أن يكون موجهاً نحو "تنمية احترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه الطفل والبلد الذي نشأ فيه في الأصل."[66]
3- تقديم المساعدة من كل الهيئات المختصة وفي كل المحافل لتطبيق الفقرة 2 من المادة 8 المتعلقة بحقوق الطفل والتي تقول: "إذا حُرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته تقدم الدول الأطراف المساعدة والحماية المناسبين من أجل الإسراع بإعادة تثبيت هويته."[67]
إضافة إلى ذلك، العمل لتوفير الحماية لهؤلاء الأطفال الفلسطينيين "الذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية ومعالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى إيجاد مثل هذه الظروف"،[68] كما ورد في الفقرة "و" من الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل.
[1] UNRWA-UNESCO, “Education Programme: Facts & Figures 1997-1998,” p. 1.
[2] UNRWA, Department of Education, “Annual Report 1996-1997,” pp. 1, 2.
[3] UNRWA-UNESCO, “Education Programme…,” op.cit., p. 2.
[4] Ibid.
[5] UNRWA, A Brief History (Vienna: UNRWA HQs, 1983), p. 288.
[6] نبيل بدران، "التعليم والتحديث في المجتمع العربي الفلسطيني 1948 – 1967"، ج 2 (بيروت: مركز الأبحاث، م.ت.ف.، 1979)، ص 48.
[7] عبد السلام عقل، "الفلسطينيون في لبنان: الرتبية والتعليم"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 29، شتاء 1997، ص 163.
[8] Dr. Bassem Sirhan, “Education & the Palestinians in Lebanon” (paper presented at the Palestinians in Lebanon conference organized by the Center for Lebanese Studies & the Refugee Studies Programme. Oxford, Queen Elizabeth House 27th – 30th September 1996), p. 2.
[9] مصطفى حجازي، "التفكير الابتكاري ما بين حرية التعبير وتحديات المستقبل"، مجلة "الفكر العربي"، حزيران/ يونيو – تموز/ يوليو 1981، ص 366.
[10] Hayes Waland, “The Family & Education,” Encyclopedia of Educational Research (New York: Macmillan Company, 1950), p. 433.
[11] Sirhan, op.cit., p. 2.
[12] “Study on the Reconstruction Needed in Palestinian Camps in Lebanon, Report of Executive Director for Commission on Human Settlements, United Nations (Columbia, 24 April-19 May, 1989), p. 4.
[13] Edouard Gerardet, “Les enfants perdus de la guerre,” Magazine du movement international de la Croix-Rouge et du Croissant-Rouge (Geneve), No. 3, 1994, p. 4.
[14] فتحية السعودي، "أحوال الفلسطينيين الصحية والاجتماعية في لبنان" (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979)، ص 48.
[15] د. توما جورج خوري، "المناهج التربوية: مرتكزاتها، تطويرها وتطبيقاتها" (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط 1، 1983)، ص 40.
[16] محمد منير مرسي وعبد الغني النوري،" "تخطيط التعليم واقتصادياته" (القاهرة: دار النهضة العربية، 1977)، ص 136.
[17] نزيه قوره، "تعليم الفلسطينيين: الواقع والمشكلات" (بيروت: مركز الأبحاث، م. ت. ف.، 1975)، ص 18.
[18] علي زين العابدين الحسيني، "الأشبال وعبور الحلم الفلسطيني"، مجلة "شؤون فلسطينية"، العدد 41/42، كانون الثاني/ يناير – شباط/ فبراير 1975، ص 441.
[19] Julien Peteet, Gendar in Crisis: Women and the Palestinian Resistance Movement (New York: Columbia University Press, 1991), p. 26.
[20] قوره، مصدر سبق ذكره، ص 43.
[21] Sarah Graham-Brown, The Palestinian Situation (Geneva: World Alliance of Young Men’s Christian Associations, 1989), p. 32
[22] عليا شناعة، "منهج الروضة وأثره على التحصيل الدراسي في المرحلة اللاحقة: دراسة ميدانية" (بيروت: دار الريجاني، 1996)، ص 43.
[23] Preliminary Study by Ghasan Kanafani Research & Training Center, issued in April 1995.
[24] Bassem Sirhan, Palestinian Children: The Generation of Liberation (Beirut: Palestine Research Center, 1970), p. 43.
[25] Ibid.
[26] Sarah Graham-Brown, Education, Repression & Liberation: Palestinians (London: World University Service, 1984), p. 108.
[27] Ibid., p. 114.
[28] UNRWA, “Annual Report of the General Director,” July 1972-1973, pp. 34-35.
[29] Ibid.
[30] UNRWA, A Brief…, op.cit., p. 276.
[31] سمير جربوع، "التعليم المهني وموقعه في تطور تعليم الفلسطينيين"، كجلة "صامد الاقتصادي" العدد 21، تشرين الأول/ أكتوبر 1980، ص 59.
[32] تقرير المفوض العام للأونروا، 1 تموز/ يوليو 1981 – 30 حزيران/ يونيو 1982، ص 7.
[33] تقرير المفوض العام للأونروا، 1 تموز/ يوليو 1984 – 30 حزيران/ يونيو 1985، ص 7.
[34] Graham-Brown, Education…, op.cit., p. 128.
[35] Ibid.
[36] جمعية التنمية المهنية الاجتماعية، "الاحتياجات التربوية لتشغيل المرأة وعملها لحسابها الخاص داخل المجتمع الفلسطيني في لبنان"، دراسة معدة بطلب من منظمة اليونسكو (بيروت، 27 شباط/ فبراير 1989)، ص 23).
[37] المصدر نفسه، ص 7.
[38] تقرير المفوض العام للأونروا، 1 تموز/ يوليو 1988 – 30 حزيران/ يونيو 1989، ص 26.
[39] تقرير المفوض العام للأونروا، 1 تموز/ يوليو 1989 – 30 حزيران/ يونيو 1990، ص 7.
[40] تقرير المفوض العام للأونروا، 1 تموز/ يولي 1993 – 30 حزيران/ يونيو 1994، ص 34.
[41] محمود العلي، "تربية الطفل بين المؤسسة الأسرية والمؤسسة التعليمية"، دراسة أعدت لنيل شهادة دبلوم الدراسات المعمقة في علم الاجتماع التربوي (بيروت: الجامعة اللبنانية، معهد العلوم الاجتماعية، الفرع الأول، 1983)، ص 53.
[42] Abdel Wahab Mahjoub, Approche psychosociale des traumatismes de guerre chez les enfants et adolescents palestiniens (Tunis: Faculté des Science Humaines et Sociales, 1995), p. 102.
[43] د. رضوان أبو الفتوح وآخرون، "المدرسون في المدرسة والمجتمع" (القاهرة: دار الثقافة، لا تاريخ)، ص 6؛ أحمد يوسف، "أسس التربية وعلم النفس" (القاهرة: المطبعة الأنجلو مصرية، 1958)، ص 84.
[44] عباس مكي، "تأثير الأزمة الراهنة على النبى النفسانية والاجتماعية في الجنوب"، في: "نتائج العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان" (بيروت: منشروات المجلس الثقافي للبناني الجنوبي، 1979)، ص 73.
[45] يوسف الماضي وحاتم صادق، "آثار الحروب على الأوضاع النفسية للطفل الفلسطيني في مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في لبنان: دراسة ميدانية" (دمشق: المكتب المركزي للإحصاء والمصادر الطبيعية الفلسطيني، 1993)، ص 14.
[46] د. هيام المولى، "طبيعة العلاقة بين العالم والمتعلم في نماذج من الفكر التربوي الإسلامي"، مجلة "الفكر العربي"، 24 تموز/ يوليو 1981، ص 28.
[47] الماضي وصادق، مصدر سبق ذكره، ص 13.
[48] UNICEF, “Programme Recommendations, Palestinian Children & Women in Lebanon” (Beirut, 1991), p. 2.
[49] الماضي وصادق، مصدر سبق ذكره، ص 21.
[50] المصدر نفسه، ص 16.
[51] المصدر نفسه، ص 15.
[52] Peteet, op.cit., p. 26.
[53] د. محمد وهبة، ود. ماجد كنج، "الحرب والآثار النفسية والاجتماعية"، الندوة التي أقيمت في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي بتاريخ 3/1/1986.
[54] الماضي وصادق، مصدر سبق ذكره، ص 22.
[55] المصدر نفسه.
[56] باسم سرحان، "تعليم الفلسطينيين المقيمين في لبنان: الواقع والمشكلات 1996 – 1997"، دراسة أعدتها لجنة الأبحاث الاجتماعية الفلسطينية" (دراسة غير منشورة)، ص 30.
[57] روز ماري صايغ، "الفلسطينيون في لبنان: الوضع العام والمشهد من عين الحلوة"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 23، صيف 195. ص 84.
[58] د. حسين شعبان، "الأطفال الفلسطينيون في سوق العمل اللبنانية" (بيروت: اليونيسف ومؤسسة التعاون، 1997)، ص 2.
[59] Helen Mecue, “Widows & Orphanage of Peace,” Report on Widows & Orphans in Burj El Barajneh Palestinian Refugee Camp (Beirut-Lebanon, 1994), p. 19.
[60] صايغ، مصدر سبق ذكره، ص 64.
[61] موسى النمر، "دراسة النشاطات التربوية للأندية والاتحادات الفلسطينية من أجل القضية الوطنية في مخيم عين الحلوة ما بين 1986 – 1992"، رسالة أعدت لنيل شهادة الجدارة في علم الاجتماع التربوي (صيدا: الجامعة اللبنانية، الفرع الثاني، 1993)، ص 15.
[62] سرحان، "تعليم الفلسطينيين..."، مصدر سبق ذكره، ص 2.
[63] المصدر نفسه.
[64] Shahnaz, “Save The Children” (UK), Poster on the occasion of 50 Years of Exile (Nakbeh).
[65] صايغ، مصدر سبق ذكره، ص 72.
[66] "اتفاقية حقوق الطفل"، اليونيسف والمجلس الأعلى للطفولة – لبنان (نيويورك، 1990)، ص 82.
[67] المصدر نفسه.
[68] المصدر نفسه، ص 53.