[.......]
إسرائيل والأراضي المحتلة
ألقت السلطات الإسرائيلية القبض على ما لا يقل عن 1600 فلسطيني لأسباب أمنية. وعلى مدى العام اعتُقل إدارياً ما لا يقل عن 600 فلسطيني وخمسة إسرائيليين يهود. وكان في عداد سجناء الرأي ما لا يقل عن ثلاثة من المعترضين على الخدمة العسكرية بدافع من الضمير. كما كان من بين السجناء السياسيين الآخرين ما لا يقل عن 65 مواطناً لبنانياً، من بينهم 22 ظلوا معتقلين دون تهمة أو محاكمة، أو رغم انقضاء مدد الأحكام الصادرة عليهم. وحوكم ما لا يقل عن 1000 فلسطيني أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وكانت إجراءات محاكماتهم قاصرة عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وعلى مدى العام، تم إطلاق سراح 1155 سجيناً فلسطينياً في إطار اتفاقات السلام، وإن كان أكثر من 3500 آخرين قد ظلوا رهن الاعتقال حتى نهاية العام؛ وكان 2000 منهم قد حُكم عليهم بالسجن في السنوات الماضية. وظل تعذيب المعتقلين الفلسطينيين وإساءة معاملتهم أثناء التحقيق معهم أمراً معتاداً تدأب عليه السلطات وتجيزه رسمياً. وقتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 80 فلسطينياً، من بينهم 60 مدنياً؛ وكانت الملابسات التي اكتنفت مصرع بعضهم توحي بأنهم أُعدموا خارج نطاق القضاء، أو قُتلوا بصورة أُخرى غير مشروعة. وقامت السلطات الإسرائيلية بهدم سبعة منازل على الأقل للفلسطينيين على سبيل العقاب. ومن ناحية أُخرى، ارتكبت الجماعات الفلسطينية المعارضة لعملية السلام أعمال قتل عمد وتعسفي أودت بحياة ما لا يقل عن 56 مدنياً إسرائيلياً.
أجرت الحكومة الإسرائيلية بعض التعديلات على مشروع قانون كانت صياغته الأصلية تضفي شرعية على التعذيب (راجع تقرير منظمة العفو الدولية لعام 1996)؛ وفي فبراير/شباط، سحبت الحكومة مشروع قانون يمنح أفراد جهاز الأمن العام حصانة من العقاب، وذلك لإعادة النظر فيه. وفي مارس/آذار، عُقد مؤتمر دولي للقمة في شرم الشيخ بهدف معارضة "الإرهاب"، في أعقاب عمليات التفجير الانتحارية التي قام بها فلسطينيون خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار (أنظر ما يلي).
[.......]
وظلت السلطات الإسرائيلية تمعن في استخدام أسلوب إغلاق الحدود، ضاربة بذلك حصاراً على الفلسطينيين في قطاع غزة والمنطقتين أ وب من الضفة الغربية (وهما من المناطق الخاضعة لولاية السلطة الفلسطينية وحدها، أو بالاشتراك مع السلطات الإسرائيلية، وفقاً لاتفاقية أوسلو الثانية). وتعرض الفلسطينيون من سكان المنطقة ب في الضفة الغربية للتوقيف والاعتقال على أيدي كل من قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية. وفي ظل الحكومة الجديدة، تم توسيع المستوطنات الإسرائيلية القائمة في الضفة الغربية؛ واستمر المستوطنون الإسرائيليون المسلحون في شن الهجمات على الفلسطينيين، كما استمرت هجمات الفلسطينيين المسلحين على المستوطنين.
وعلى مدى العام، أُلقي القبض على ما لا يقل عن 1600 فلسطيني لأسباب أمنية؛ وكان ما يزيد على 1000 منهم قد اعتُقلوا في أعقاب عمليات التفجير الانتحارية التي وقعت خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار.
وصدرت على أكثر من 600 فلسطيني أوامر بالاعتقال الإداري لمدد متفاوتة أقصاها سنة قابلة للتجديد؛ وكان بعضهم من سجناء الرأي أو ممن يُحتمل أن يكونوا كذلك؛ واحتُجز المعتقلون إدارياً دون تهمة ولا محاكمة. وكثيراً ما قاطع المعتقلون جلسات الطعن في أوامر الاعتقال، التي كانت تُعقَد بعد الاعتقال ببضعة أسابيع، والتي لم يكن يُكشَف فيها عن الأدلة المقدمة ضدهم. وكان من بين سجناء الرأي صحفية تُدعى وسام رفيدي، قُبض عليها في أغسطس/آب 1994. أمّا أحمد قطامش الذي قيل إنه من كبار المسؤولين في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" فقد ظل هو الآخر معتقلاً طوال العام؛ وكان في نهاية العام ينفذ أمر الاعتقال الإداري السابع الصادر عليه، بعد أن ظلّ رهن الاعتقال منذ عام 1992 (راجع تقارير منظمة العفو الدولية السابقة). كما أودع خمسة إسرائيليين من سكان المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة رهن الاعتقال الإداري لمدة شهرين أو أقل؛ وكان من بينهم أريا فريدمان الذي قُبض عليه في يناير/كانون الثاني بتهمة تهديد أمن الدولة، ثم أُفرج عنه في مارس/آذار.
واعتُبر في عداد سجناء الرأي ثلاثة على الأقل من المعترضين على تأدية الخدمة العسكرية بدافع من الضمير؛ ففي أكتوبر/تشرين الأول، على سبيل المثال، أُلقي القبض على أحد دعاة السلم يُدعى إران أفيزكار، وحُكم عليه بالحبس لمدة 45 يوماً.
وكان من بين المعتقلين السياسيين أكثر من 65 مواطناً لبنانياً سُجنوا خلال العام في إسرائيل. فقد نُقل إلى إسرائيل ما لا يقل عن 12 مواطناً لبنانياً ممن وقعوا في الأسر في جنوب لبنان خلال العام؛ وكان من بينهم ثلاثة لبنانيين ورابعٌ يحمل الجنسيتين الإسرائيلية واللبنانية اختُطفوا في جنوب لبنان في فبراير/شباط، ثم اعتُقلوا سراً في إسرائيل حتى قُدِّموا للمحاكمة في حيفا، في أكتوبر/تشرين الأول، بعدة تهم من بينها التآمر مع العدو. كما ظل رهن الاعتقال 20 لبنانياً كانوا قد اختُطفوا من لبنان، ثم احتُجزوا في إسرائيل لمدد متفاوتة بلغ أقصاها تسع سنوات، دون تهمة أو محاكمة، أو بعد أن أمضوا مدد الأحكام الصادرة عليهم. ومن بين هؤلاء الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني، حيث اختُطف الأول عام 1989 والثاني عام 1994 من لبنان، ثم احتُجزا في مكان غير معروف بمعزل عن العالم الخارجي، دون السماح لمندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتصال بهما؛ وفي فبراير/شباط، ذكر نائب وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك لمنظمة العفو الدولية أنهما معتقلان ريثما تتكشف معلومات عن مكان وجود رون أراد، وهو طيار إسرائيلي اعتُبر في عداد المفقودين في لبنان منذ عام 1986 (راجع تقارير منظمة العفو الدولية للأعوام من 1994 إلى 1996؛ أنظر أيضاً باب لبنان).
وظل ما لا يقل عن 130 سجيناً رهن الاعتقال دون تهمة ولا محاكمة في سجن الخيام الواقع في منطقة من جنوب لبنان تسيطر عليها إسرائيل و"جيش لبنان الجنوبي" (أنظر باب لبنان).
وقُدِّم ما لا يقل عن 1000 فلسطيني للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية بتهم من قبيل رشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة، أو الانتماء لمنظمات غير مشروعة، ثم تم نقلهم إلى إسرائيل أو المنطقة ج من الضفة الغربية (وهي المنطقة التي تنص اتفاقية أوسلو الثانية على بقائها خاضعة لولاية إسرائيل وحدها). ولم تف هذه المحاكمات بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، حيث قبلت المحاكم اعترافات زُعم أنها انتُزعت من المتهمين تحت وطأة التعذيب أو سوء المعاملة، باعتبارها الأدلة الرئيسية التي يستند إليها حكم الإدانة.
وفي يناير/كانون الثاني، أفرجت إسرائيل عن 1155 سجيناً فلسطينياً في إطار اتفاقات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؛ بيد أن أكثر من 3500 فلسطيني ظلوا في السجن حتى نهاية العام بتهمة ارتكاب جرائم أمنية؛ وكان من بينهم نحو 260 من المعتقلين إدارياً، و2000 ممن صدرت عليهم أحكام بالسجن في الأعوام السابقة.
وظل تعذيب وسوء معاملة الفلسطينيين أمراً معتاداً تجيزه المبادئ التوجيهية السرية التي تبيح لأفراد جهاز الأمن العام استخدام قدر "معتدل" من الضغط البدني والنفسي. وما برحت اللجنة الوزارية المكلفة بالإشراف على جهاز الأمن العام تصدر تراخيص استثنائية، مدتها ثلاثة شهور، تسمح باستخدام "قدر زائد من الضغط البدني"، وظل معنى هذا أمراً سرياً. كما سُمح باستخدام أسلوب الهز العنيف بتصريح من رئيس جهاز الأمن العام (راجع تقريري منظمة العفو الدولية للعامين 1995 و1996).
وأصدرت المحكمة العليا عدة قرارات تسمح باستخدام القوة البدنية ضد المعتقلين المشتبه في أن لديهم معلومات عن الهجمات المسلحة. فقد ذكر عبد الحليم بلبيسي أنه تعرض للهز العنيف، والحرمان من النوم، لمدة ثلاثة أيام، وظلت يداه آنذاك مقيدتين ورأسه مغطّى بأكياس قذرة؛ كما أُرغم على القفز مراراً وهو جاثم على الأرض. وبعد أن اعترف بمساعدة منفذي الهجمات الانتحارية التي أدت إلى مصرع 21 مواطناً إسرائيلياً عام 1995، قضت محكمة العدل العليا في يناير/كانون الثاني بإلغاء أمر صادر في ديسمبر/كانون الأول 1995 يحظر استخدام القوة البدنية. كما تم في نوفمبر/تشرين الثاني إلغاء أوامر مماثلة في حالتين أخريين، منهما حالة محمد عبد العزيز حمدان الذي قال إن رأسه غُطِّي بكيس قذر، وحُرم من النوم فترات طويلة، وتعرض للهز العنيف ثلاث مرات.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت وزارة العدل أن أحد المحققين الذين قاموا بهز عبد الصمد حريزات، الذي توفي من جراء الهز العنيف في أبريل/نيسان 1995 (راجع تقرير منظمة العفو الدولية لعام 1996)، قد برأته إحدى المحاكم التأديبية من معظم التهم الموجهة إليه، وقضت بعودته إلى وظيفته. وقيل إنه أُدين "بالتقاعس عن القيام بواجبه"، ولكن لم ترد أي معلومات تبين العواقب المترتبة على هذه الإدانة.
[.......]
وقُتل ما لا يقل عن 80 فلسطينياً، من بينهم 60 مدنياً، برصاص القوات الإسرائيلية؛ حيث سقط بعضهم قتلى في غمار المواجهات المسلحة مع القوات الإسرائيلية، بينما لقي آخرون مصرعهم في ظروف توحي بأنهم أُعدموا خارج نطاق القضاء، أو بغير ذلك من أشكال الاستخدام غير المشروع للقوة المفضية للموت. ففي يناير/كانون الثاني، قُتل المهندس يحيى عياش، الذي قيل إنه كان يصنع القنابل الانتحارية، عندما انفجر فيه هاتف نقال مفخخ؛ وقيل إن جهاز الأمن الإسرائيلي هو الذي قام باغتياله، غير أن الحكومة الإسرائيلية لم تقر بمسؤوليتها عن هذا الحادث ولم تنفها. وفي سبتمبر/أيلول، قُتل 65 فلسطينياً (من بينهم 37 من أفراد قوات الأمن الفلسطينية) و16 إسرائيلياً (جميعهم من أفراد قوات الأمن) ومواطن مصري، عندما فتحت قوات الأمن الإسرائيلية النار على المتظاهرين، فرد عليها بعض رجال الأمن الفلسطينيين بنيرانهم. ولجأت القوات الإسرائيلية إلى استخدام الطائرات المروحية المزودة بالمدفعية، التي عمدت إلى إطلاق نيرانها على الجماهير في بعض الأحيان، حسبما ورد. وكان من بين الفلسطينيين الذين قُتلوا بصورة غير مشروعة أيمن أدكيدك، وإبراهيم أبو غنام، وجواد البزلميط، الذين قُتلوا بالطلقات المطاطية أو الذخيرة الحية التي أطلقتها عليهم قوات الأمن الإسرائيلية خارج المسجد الأقصى في القدس، في ظروف لم يكن فيها ما يهدد أرواح الجنود الإسرائيليين.
وظلت قوات الأمن تنعم بحصانة فعلية من المساءلة والعقاب على ما ارتكبته في الماضي من انتهاكات حقوق الإنسان. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، فُرضت على أربعة من أعضاء إحدى الوحدات السرية التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلي غرامة قدرها أغورا واحدة لكل منهم (ما يعادل نصف سنت أميركي)، وذلك عقاباً لهم على "التسبب في وفاة إياد أمالي من خلال الإهمال" عام 1993؛ وكان ضمن ركاب سيارة استوقفها الجنود الأربعة عند إحدى نقاط التفتيش.
وفي مارس/آذار، قام الجيش الإسرائيلي بهدم ما لا يقلّ عن سبعة منازل لفلسطينيين، اتُّهموا بالتورط في عمليات التفجير الانتحارية، وذلك على سبيل العقاب. وكان من بين هذه المنازل منزل زوجة يحيى عياش في قرية رافات؛ وكان قد قُتل في يناير/كانون الثاني. كما أغلقت السلطات الإسرائيلية منازل أُخرى عقاباً لسكانها.
ومن ناحية أُخرى، قامت الجماعات الفلسطينية المعارضة لعملية السلام بأعمال القتل العمد والتعسفي؛ فقد أسفرت الهجمات المسلحة التي شنتها هذه الجماعات عن مصرع ما لا يقل عن 70 مواطناً إسرائيلياً، من بينهم 56 مدنياً على الأقل. كما لقي 59 شخصاً مصرعهم في القدس وتل أبيب وبالقرب من مجدل عسقلان، من جراء أربع عمليات تفجير انتحارية قامت بها حركة "حماس" ومنظمة "الجهاد الإسلامي" في فبراير/شباط ومارس/آذار.
وفي فبراير/شباط، قابل وفد من منظمة العفو الدولية بعض المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، من بينهم وزير العدل ونائب وزير الدفاع. وعلى مدى العام، أدانت المنظمة ما وقع من انتهاكات حقوق الإنسان، مثل التعذيب والقتل غير المشروع، ونادت بالإفراج عن المعتقلين الإداريين أو تقديمهم لمحاكمة عادلة. وفي يوليو/تموز، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً بعنوان: إسرائيل/لبنان: أعمال القتل غير المشروع خلال عملية "عناقيد الغضب"؛ وفي أغسطس/آب، نشرت المنظمة تقريراً آخر بعنوان: "تحت الإشراف الطبي المستمر": التعذيب وسوء المعاملة والمهن الطبية في إسرائيل والأراضي المحتلة، أعربت فيه عن قلقها بشأن دور المهنيين الطبيين في مراكز التحقيق حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب.
وفي بيان شفوي ألقته منظمة العفو الدولية أمام لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس/آذار، أكدت المنظمة أن السلام والاستقرار الدائمين لا يمكن إرساؤهما إلا على عمد من احترام حقوق الإنسان. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، دعت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة إسرائيل إلى تقديم تقرير خاص عن العواقب المترتبة على القرار الذي أصدرته محكمة العدل العليا في الشهر نفسه، والذي يسمح باستخدام القوة البدنية.
كما استنكرت منظمة العفو الدولية أعمال القتل العمد والتعسفي التي ارتكبتها جماعات المعارضة المسلحة ضد المدنيين، ودعت هذه الجماعات إلى احترام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني.
[.......]
السلطة الفلسطينية
(المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية)
أُلقي القبض على ما لا يقل عن 1200 شخص لأسباب أمنية، وقد أُفرج عن معظمهم دون تهمة بعد أن احتجزوا فترات تصل إلى 11 شهراً. وكان من بينهم سجناء رأي فعليون ومحتملون. وقُدم ما لا يقل عن 20 سجيناً إلى محاكمات بالغة الجور أمام محاكم أمن الدولة. وكان تعذيب المعتقلين متفشياً. وتوفي أربعة من المحتجزين، منهم ثلاثة من جراء التعذيب. وقُتل ما لا يقل عن 10 أفراد على يد أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية، وقد لقي بعضهم حتفه في ملابسات توحي بأنهم قُتلوا خارج نطاق القضاء أو على نحو آخر غير مشروع. وحكم بالإعدام على 11 شخصاً، ثم خُفف فيما بعد الحكم على اثنين منهم.
جرت في يناير/كانون الثاني انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية وانتخابات المجلس التشريعي، وانتُخب ياسر عرفات بأغلبية ساحقة لمنصب الرئاسة، بينما فاز "حزب فتح" بأغلبية مقاعد المجلس. وأجاز المجلس التشريعي القراءة الأولى لمشروع النظام الدستوري الذي يعلن عن احترام السلطة الفلسطينية للمعايير التي حددتها الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لكن السلطة التنفيذية لم تكن قد انتهت من دراسة هذا المشروع عند نهاية العام. وتأخر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995، التي كان من المقرر أن تشمل الانسحاب الإسرائيلي من مناطق معينة، وذلك بعد الهجمات الانتحارية بالقنابل التي جرت في فبراير/شباط ومارس/آذار وانتخاب حكومة إسرائيلية جديدة يرئسها بنيامين نتنياهو في مايو/أيار.
وقبضت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على أكثر من 1200 شخص لأسباب أمنية، كان من بينهم سجناء رأي فعليون ومحتملون. وكان من بين المعتقلين أكثر من 900 شخص قبض عليهم بعد هجمات القنابل الانتحارية التي نفذتها في إسرائيل في فبراير/شباط ومارس/آذار جماعات فلسطينية معارضة لعملية السلام، وقد أسفرت هذه العمليات عن مصرع 63 شخصاً (راجع باب إسرائيل والأراضي المحتلة). وقلما اتهم المعتقلون بارتكاب أية جريمة أو عرضوا على قاض خلال المدة التي حددها قانون السلطة الفلسطينية لذلك. وفي أغسطس/آب، قضت محكمة رام الله العليا بعدم شرعية اعتقال عشرة من طلاب جامعة بير زيت كانوا قد احتجزوا منذ مارس/آذار دون تهمة أو محاكمة. ومع هذا فلم يتم الإفراج عنهم بعد صدور هذا الحكم، وكان اثنان منهم ما زالا قيد الاعتقال عند نهاية العام. وقد تقاعد رئيس المحكمة العليا عقب صدور الحكم.
وكان من بين سجناء الرأي الذين قبض عليهم خلال العام دعاة لحقوق الإنسان، ومنهم باسم عيد، وهو باحث ميداني يعمل لحساب منظمة إسرائيلية معنية بحقوق الإنسان تسمى "بِتْسِيلِمْ"، وقد احتجز في رام الله لمدة 24 ساعة في يناير/كانون الثاني. كما اعتقل الدكتور إياد السراج، المفوض العام لـ "الهيئة الفلسطينية لحقوق المواطن"، وهي هيئة مستقلة معنية برصد حقوق الإنسان كان الرئيس ياسر عرفات قد أسسها في عام 1993. وجاء اعتقاله بعد أن أدلى بتصريحات انتقد فيها السلطة الفلسطينية. وقد احتجز في سجن غزة المركزي ثمانية أيام في مايو/أيار، ثم قبض عليه من جديد في يونيو/حزيران حيث اتهم بحيازة مخدرات. وتعرض للضرب بعد القبض عليه، ثم اتهم بالتعدي على رجال الشرطة بعد أن هرَّب رسالة خارج السجن ذكر فيها أنه تعرض للضرب. وقد أسقطت محكمة الصلح عنه تهمة حيازة المخدرات، لكن محكمة أمن الدولة أمرت بحبسه، ثم أفرج عنه بعد 16 يوماً. وفي أغسطس/آب، اعتقل لمدة 15 يوماً محمد دهمان، مدير "منظمة الضمير"، وهي منظمة معنية بحقوق الإنسان، وذلك بتهمة التحريض عن طريق نشر معلومات غير دقيقة بعد أن نشرت منظمته بياناً يوحي بأن أحد المعتقلين توفي من جراء التعذيب. ومثل محمد دهمان أمام محكمة أمن الدولة ولكن تم الإفراج عنه قبل أن تُجرى محاكمته. وليس من الواضح حتى الآن إذا ما كانت التهم الموجهة ضد الدكتور إياد السراج ومحمد دهمان قد أسقطت أم ما زالت قائمة.
ونال ما لا يقل عن 20 شخصاً محاكمات جائرة أمام محكمة أمن الدولة التي يرئسها قضاة عسكريون، وعادة ما يتولى أمر الادعاء والدفاع فيها محامون تختارهم السلطات من العاملين في أجهزة الأمن، وكثيراً ما تكون إجراءات المحاكمات مقتضبة، ولا يحق للمتهم أن يستأنف الحكم الصادر ضده.
وتفشى استخدام التعذيب ضد المعتقلين، وكان من بين أساليبه الحرق بأدوات مكهربة، والضرب، والتعليق من السقف، وصب البلاستيك المصهور على الجلد، وإطفاء السجائر المشتعلة في الجسم، والحرمان من النوم. وقد توفي ثلاثة سجناء من جراء التعذيب أثناء احتجازهم. ففي يوليو/تموز، توفي محمود جميل في سجن الجنيد بنابلس حيث تعرض للجلد بالأسلاك الكهربائية وهو معلق في وضع مقلوب على يد رجال الشرطة البحرية. وكان قد قبض عليه في ديسمبر/كانون الأول 1995، واحتجز في أريحا قبل نقله إلى سجن الجنيد في يوليو/تموز. وقد أمرت السلطة التنفيذية والمجلس التشريعي بإجراء تحقيق في مصرعه، وأشار المجلس بعدة توصيات منها تشديد الرقابة على قوات الأمن. واتهم ثلاثة من رجال الشرطة البحرية بالتسبب في وفاة عن غير قصد وحكم عليهم بالسجن مدداً تصل إلى 15 عاماً بعد محاكمة إجراءاتها مقتضبة أمام محكمة أمن الدولة في أريحا. وكانت محاكمتهم جائرة، فلم ينهض المحامون العسكريون الذين عينتهم السلطات للدفاع عنهم بمهمتهم على وجه حق، ولم يستدعوا شهوداً للنفي، ولم يكشفوا عن الأشخاص الذين أصدروا أوامر التعذيب.
ولم تنشر النتائج التي توصلت لها أي من التحقيقات الأُخرى التي أعلنت السلطة الفلسطينية عن إجرائها، ومنها التحقيق في جريمة القتل العمد التي راح ضحيتها عزام مصلح (راجع تقرير منظمة العفو الدولية لعام 1996). وقيل إن أحكاماً بالسجن لمدد تصل إلى سبعة أعوام صدرت على ثلاثة من أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية لضلوعهم في مصرعه، لكن لا توجد أية معلومات متاحة عن محاكمتهم.
وقد لقي عشرة أشخاص على الأقل مصرعهم في حوادث يحتمل أن تكون عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وضرباً آخر من ضروب القتل غير المشروع على أيدي قوات الأمن الفلسطينية خلال العام. ففي فبراير/شباط، قُتل اثنان من نشطاء "حركة الجهاد الإسلامي" في بيتهما في غزة، وهما أيمن الرزاينة وعمار الأعرج، وذلك عندما اقتحم أفراد قوات الأمن الفلسطينية المنزل. ولا يوجد أي دليل يشير إلى أنهما قد قاوما القبض عليهما. وقد أمرت السلطات بإجراء تحقيق في مصرعهما، لكنها لم تعلن أي نبأ عنه حتى نهاية العام. وقتل آخرون أثناء مظاهرة نتيجة لانطلاق الرصاص من بندقية عرضاً وفي اشتباكات بالأسلحة النارية بين فروع قوات الأمن المتنافسة.
وحُكم على أحد عشر شخصاً بالإعدام في غزة بتهمة القتل، وخفف حكمان بالإعدام. وكان من بين المحكوم عليهم بالإعدام ثلاثة من أفراد القوات الخاصة اتهموا بتنفيذ عملية قتل ثأرية في أكتوبر/تشرين الأول. وقد حوكموا أمام محكمة أمن الدولة دون أن يسمح لهم فيما ورد بتوكيل محامين للدفاع عنهم.
والتقى وفد منظمة العفو الدولية بالرئيس ياسر عرفات وناقش معه بواعث قلق المنظمة بشأن إفلات مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان من العقاب، ومن بينهم المسؤولون عن ممارسة التعذيب. وأكد الوفد على ضرورة أن تكفل السلطات لمنظمات حقوق الإنسان حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها وحرية التعبير. وقال الرئيس ياسر عرفات بأنه لا يجب أن يكون هناك أحد فوق القانون، بما في ذلك قوات الأمن، كما أعلن في مؤتمر صحفي عُقد في أوسلو في نوفمبر/تشرين الثاني التزامه بوضع نهاية للتعذيب.
وعلى مدار العام ظلت المنظمة تدعو إلى تخفيف أحكام الإعدام وتعلن بواعث قلقها بشأن التعذيب واعتقال الأفراد لفترات طويلة لأسباب سياسية دون محاكمة. وقد تلقت من السلطات ومسؤول الأمن والمسؤولين المحليين ردوداً على بعض حالات التعذيب التي أبلغت عن وقوعها.
ونشرت المنظمة تقريراً بعنوان "السلطة الفلسطينية: وفاة محمود جميل في الحجز" في سبتمبر/أيلول، وتقريراً آخر في ديسمبر/كانون الأول بعنوان "السلطة الفلسطينية: الاعتقال السياسي لفترات طويلة والتعذيب والمحاكمات الجائرة".
[.......].